أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
17510 139530

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-18-2022, 09:42 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي معترك المنايا / كتبه: أ.د. أحمد الرضيمان


كان السلف الصالح يُكثرون من ذكر الموت، ويؤكدون على أهمية الاستعداد ليوم المعاد، لأن هذا ما دل عليه الكتاب والسنة ووافقته العقول السليمة، ولكن خَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أضلهم الشيطان، فصاروا يُحذِّرون من ذكر الموت، ويسمون ذلك «ثقافة الموت» من باب التنفير والسخرية، ويُعللون ذلك بتعليلات عليلة، وشبهات واهية، لا علاقة لها بالموضوع، كقولهم: إن ذلك يجعل الإنسان منطويا باكيا، تاركاً نصيبه من الحياة الدنيا، معرضا عن البناء والإنجاز والتقدم وعمارة الأرض.

والصواب: أن تَذَكُّر الموت وتذكير الناس به وفق الطريقة الشرعية الواردة في الكتاب والسنة أمر مطلوب.

ويجاب عن شبهات المانعين من تذَكُّر الموت بما يلي:

01 أن الله تعالى الذي أمر بتذكر الموت، والاستعداد له، وأنه ملاقينا مهما فَرَرْنا منه كما في قوله تعالى {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم} وقوله {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة}، هو الذي أمرنا ألا ننسى نصيبنا من الدنيا كما في قوله تعالى (ولا تنس نصيبك من الدنيا) فديننا دين التوازن والوسطية.

02 أن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الذي صححه ابن حبان والألباني (أكثروا من ذكر هادم اللَّذات) أي: الموت، هو الذي قال (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها) وفي لفظ: (إن قامت على أحدكم القيامة، وفي يده فسيلة فليغرسها) والعجب: أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أكثروا من ذكر الموت، وبعض الناس في زماننا يقولون: لا تذكروه، وهذه مشاقة ومعاندة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

03 أنهم يتوهمون أن معنى تذكر الموت أن ينزوي الإنسان ويبكي ويترك العمل والصناعة والإنجاز، وهذا من جهلهم، والصواب: أن تذكر الموت هو الذي يجعل المسلم نشيطاً يعمل كل خير ينفع الناس والحيوان، وهو الذي يجعل الإنسان يتقن عمله، ويخدم الناس، ولا يعتدي عليهم، وهو الذي يجعل الإنسان يقوم بالصناعات والابتكارات والأعمال التي تنفع الناس، ومع هذا لا يأخذ ريالاً واحداً بغير حقه، مهما كانت الإغراءات، لأنه يعلم أنه سيموت، وسيُسأل عن ماله، من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟

وتذكر الموت: هو المكافح الأول للفساد المالي والإداري والأخلاقي، والمحقق للنزاهة، وهو المانع من ظلم الناس، وتعطيل التنمية، فالذي جعل الموت ولقاء الله على باله دائما وأبداً، لا يأكل مالاً لا يحل له، حتى وإن غُلِّف بفواتير وأوراق ظاهرها أنها نظامية، لأنه يعلم أن الله لا يخفى عليه شيء، وأنه سيموت وسيُسأل عن كل شيء وإن كان قضيباً من أراك، والذي جعل الموت ولقاء الله على باله لا يغش في عمله، ولا يستغل نفوذه في الإضرار بغيره، ولا يُعطّل التنمية، ولا يبغي الفساد في الأرض، ولا ينزع يدا من طاعة، لأنه يعلم أن من مات وليس في عنقه بيعة لإمام المسلمين في دولته مات ميتة جاهلية، والذي جعل الموت ولقاء الله على باله يحسن لكل أحد، بل يحسن حتى للحيوانات، لأنه يعلم أن في كل كبد رطبة أجر، وما حديث البغي التي سقت كلباً كان يأكل الثرى من العطش، منّا ببعيد.

وإذا كان الإنسان مأمورا بتذكر الموت في كل وقت كما قال تعالى (واتّقوا يوما ترجعون فيه إلى اللَّه)، فما بالك بمن دخل معترك المنايا وبلّغه الله ستين عاما؟ وفي الحديث (أعذر الله إلى امرئ أخَّر أجله حتى بَلَّغَه ستين سنة)، مع أن الإعذار يكون قبل هذا، لكنه خصّ الستين لكونها قريبة من معترك المنايا، قال ابن بطال في شرح البخاري: إنما كانت الستون حدًّا لهذا لأنها قريبة من المعترك، وفي الحديث إشارة إلى أن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل، وأصرحُ من ذلك ما أخرج الترمذي بسند حسن إلى أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة – رضي الله عنهم – رفعه: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك).

فاللهم أطل أعمارنا على طاعتك، وبارك لنا فيها، واجعلنا مستعدين لما أمامنا بما يرضيك عنّا.
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.