أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
23542 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-12-2010, 02:22 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي بين منهجين (16) : النصيحة لآحاد المسلمين بين ضبط العلماء , وإطلاقات الأدعياء .

بين منهجين (16) : النصيحة لآحاد المسلمين بين ضبط العلماء , وإطلاقات الأدعياء .


النصيحة –كما قال ابن الصلاح فيما حكاه عنه الحافظ ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم (ص\80)- : هي "كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا".
قال النووي –رحمه الله- : "قالوا : مدار الدّين على أربعة أحاديث، وأنا أقول : بل مداره على حديث [الدّين النّصيحة]" كما حكاه عنه الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز (5\64) .
قلت : وما ذاك إلا لعظم مكانة النصيحة في الإسلام , وتعلقها بصلاح المسلمين أفرادا وجماعات , ولهذا جاء الأمر بها والترغيب على فعلها في نصوص الكتاب والسنة , وتواترت الآثار السلفية في التحريض على التزامها , وترجمتها إلى واقع عملي .
ولأن النصيحة من أفضل الأعمال فقد ادعاها كل أحد , وانتسب إليها كل فرد , وسعى من لم يكن أهلا لها لأن يقال فيه (الناصح الأمين) وإن كان أحق بضد هذا الوصف -عند التحقيق- .
وجعل البعض الآخر من لاناس (النصيحة) بمثابة المقدمة والمُسَوِّغ (للفضيحة) .
بل قد وجدنا من يرمي الناس بمختلف ألوان المعايب , ويجرحهم بمختلف عبارات القدح ؛ يتذرع لفعله ذاك بأنه قد ناصح من اتهمهم وجرحهم سنوات وسنوات ثم لما لم تؤت نصيحته أكلها ؛ أبدلها بضدها , والله المستعان .
ولأجل ما تقدم من صنيع –وغيره- أحببت أن أخصص هذه الحلقة من سلسلة (بين منهجين) لبيان أهم الضوابط التي اعتبرها العلماء لنصيحة آحاد المسلمين , وكيفية تعاملهم بعضهم مع البعض الآخر في باب التناصح والتواصي , جاعلا الكلام في محاور ؛ فأقول مستعينا بالله :


المحور الأول : النصيحة لآحاد المسلمين فرض على الكفاية .
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن بذل النصيحة للمنصوح (فرض على الكفاية) إن قام به البعض سقط عن الباقين ؛ كما :

قال ابن حزم –رحمه الله- في الأخلاق والسير (ص\45) : "النصيحة مرتان : فالأولى فرض وديانة , والثانية تنبيه وتذكير , وأما الثالثة فتوبيخ وتقريع ".
وقال ابن بطال فيما حكاه عنه النووي في شرحه على مسلم (2\39) : "والنصيحة فرض يجزي فيه من قام به , ويسقط عن الباقين".
وقال العلامة العيني في عمدة القاري (1\322) : "النصيحة فرض على الكفاية لازمة على قدر الطاقة : إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه ؛ فإن خشي فهو في سعة".
وقال ملا علي القاري في مرقاة المفاتيح (9\181) : "وقالوا : النصيحة فرض كفاية إذا قام به واحد سقط عن الباقين".
قلت : فلا وجه للذم –بعد هذا التقرير- لمن ترك نُصْحَ من قد نُوصِحَ ؛ فقارن بين تقرير أهل العلم لحكم النصيحة واعتبارهم إياها من باب (فروض الكفاية) التي تسقط ببذل الواحد لها ؛ ليتبين لك فساد صنيع (بعض الناس) ممن :
- يوجبون على غيرهم نصح من قد قاموا هم بواجب نصحهم ؛ فأسقطوا الفرض الكفائي عن الآخرين .
- يذمون أناسا أمسكوا عن بذل النصيحة لأناس قد بذلت النصح الواجبة لهم من قبل غيرهم.
- يتعنتون في بذل النصيحة لغيرهم مرارا وتكرارا طمعا في موافقتهم على ما كان اجتهاديا محضا .


المحور الثاني : من صور النصيحة لعموم المسلمين .

مع أن كلامنا في هذا المقال متوجه لضوابط توجيه النصح لآحاد المسلمين ؛ إلا أنه يستحسن بنا التنبيه إلى بعض صور النصح لعموم الأمة مما قد استخف بها بعض من لم يفقه المقصود من النصح لعامة المسلمين ؛ فاستشنع الرد على المخطئين ومقالاتهم الضعيفة , والتحذير من المنحرفين ؛ وما أدرك هذا المسكين ؛ أن هذا من تمام النصح لعموم الأمة ؛ كما قرره أهل العلم الأكابر , ومن أبرز صور النصح لعموم الأمة ؛ صورتان :

الصورة الأولى : رد المقالات الضعيفة التي قالها بعض أفاضل العلماء وانتشرت عنه .
قال الحافظ ابن رجب في كتاب الفرق بين النصيحة والتعيير : "رد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه .
فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية فلو فرض أن أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك فإن كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته .
وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله إذا تأدب في الخطاب وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه وإن صدر منه الاغترار بمقالته فلا حرج عليه وقد كان بعض السلف إذا بلغه قول ينكره على قائله يقول : ( كذب فلان ) ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : [كذب أبو السنابل] لما بلغه أنه أفتى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً لا تحل بوضع الحمل حتى يمضى عليها أربعة أشهر وعشر .
وقد بالغ الأئمة الوَرِعون في إنكار مقالات ضعيفة لبعض العلماء وردِّها أبلغ الردِّ كما كان الإمام أحمد ينكر على أبي ثور وغيره مقالات ضعيفة تفردوا بها ويبالغ في ردها عليهم هذا كله حكم الظاهر .
وأما في باطن الأمر : فإن كان مقصوده في ذلك مجرد تبيين الحق ولئلا يغتر الناس بقالات من أخطأ في مقالاته فلا ريب أنه مثاب على قصده ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم .
وسواء كان الذي بين الخطأ صغيراً أو كبيراً فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها وأُنكرت عليه من العلماء مثل المتعة والصرف والعمرتين وغير ذلك .ومن ردَّ على سعيد بن المسيِّب قوله في إباحته المطلقة ثلاثاً بمجرد العقد وغير ذلك مما يخالف السنة الصريحة ، وعلى الحسن في قوله في ترك الإحداد على المتوفى عنها زوجها ، وعلى عطاء في إباحته إعادة الفروج ، وعلى طاووس قوله في مسائل متعددة شذَّ بها عن العلماء ، وعلى غير هؤلاء ممن أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ومحبتهم والثناء عليهم .
ولم يعد أحد منهم مخالفيه في هذه المسائل ونحوها طعناً في هؤلاء الأئمة ولا عيباً لهم ، وقد امتلأت كتب أئمة المسلمين من السلف والخلف بتبيين هذه المقالات وما أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث وغيرهما ممن ادعوا هذه المقالات ما كان بمثابتها شيء كثير ولو ذكرنا ذلك بحروفه لطال الأمر جداً .
وأما إذا كان مرادُ الرادِّ بذلك إظهارَ عيب من ردَّ عليه وتنقصَه وتبيينَ جهله وقصوره في العلم ونحو ذلك كان محرماً سواء كان ردُّه لذلك في وجه من ردِّ عليه أو في غيبته وسواء كان في حياته أو بعد موته وهذا داخل فيما ذمَّه الله تعالى في كتابه وتوعد عليه في الهمز واللمز وداخل أيضاً في قول النبي صلى الله عليه وسلم : [يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته] .
وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين فأما أهل البدع والضلالة ومن تشبه بالعلماء وليس منهم فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم".
وجاء في جواب الشيخ عبد العزيز بن باز في لقاء أجرته معه جريدة الإصلاح , ونشر في العدد (17-241) بتاريخ (23\6\1993) , تفصيل لطيف يضبط هذه المسألة ؛ وهو :
"السؤال : متى -حفظكم الله- تكون النصيحة سراً ومتى تكون علناً ؟ .
الجواب : يعمل الناصح بما هو الأصلح ، إذا رأى أنها سراً أنفع نَصَحَ سراً ، إذا رأى أنها في العلن أنفع فعل لكن إذا كان الذنب سراً لا تكون النصيحة إلا سراً ، إذا كان يعلم من أخيه ذنباً سراً ينصحه سراً لا يفضحه ، ينصحه بينه وبينه ، أما إذا كان الذنب معلناً يراه الناس مثلاً في المجلس قام واحد بشرب الخمر ينكر عليه أو قام واحد يدعوا إلى شرب الخمر وهو حاضر أو إلى الربا يقول يا أخي لا يجوز هذا ، أما ذنب تعلمه من أخيك تعلم أن أخاك يشرب الخمر أو تعلم أنه يتعاطى الربا تنصحه بينك وبينه سراً تقول يا أخي بلغني كذا .. تنصحه ، أما إذا فعل المنكر علانية في المجلس وأنت تشاهد المنكر أو شاهده الناس تنكر عليه ، إذا سَكتَّ معناه أنك أقرَّيت الباطل ، فإذا كُنَّا في مجلس ظهر فيه شرب الخمر تنكره إن استطعت ، وكذلك ظهر فيه منكر آخر من الغيبة تقول يا إخواني ترى ما تجوز الغيبة أو ما أشبهه من المعاصي الظاهرة ، إذا كان عندك علم تنكرها لأن هذا منكر ظاهر لا تسكت عليه من باب إظهار الحق والدعوة إلية".

الصورة الثانية : النصيحة ببيان أحوال الرجال.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في رسالة الفرق بين النصيحة والتعيير : "اعلم أن ذِكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص .
فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم بل مندوب إليه .
وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه .
ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين من تقبل روايته منهم ومن لا تقبل ، وبين تبيين خطأ من أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتمسك بما لا يتمسك به ليُحذِّر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه ، وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضًا .
ولهذا نجد في كتبهم المصنفة في أنواع العلوم الشرعية من التفسير وشروح الحديث والفقه واختلاف العلماء وغير ذلك ممتلئة بالمناظرات وردِّ أقوال من تُضَعَّفُ أقواله من أئمة السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم .
ولم يترك ذلك أحد من أهل العلم ولا ادعى فيه طعناً على من ردَّ عليه قولَه ولا ذمَّاً ولا نقصاً اللهم إلا أن يكون المصنِّف ممن يُفحش في الكلام ويُسيءُ الأدب في العبارة فيُنكَر عليه فحاشته وإساءته دون أصل ردِّه ومخالفته ، إقامةً للحجج الشرعية والأدلة المعتبرة .
وسبب ذلك أن علماء الدين كلُّهم مجمعون على قصد إظهار الحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ولأنْ يكون الدين كله لله وأن تكون كلمته هي العليا ، وكلُّهم معترفون بأن الإحاطة بالعلم كله من غير شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم ولا ادعاه أحد من المتقدمين ولا من المتأخرين فلهذا كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيراً ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير قولهم" .

المحور الثالث : مراتب النصيحة للغير .


رغبت الشريعة ببذل النصيحة ؛ وقد تكلم أهل العلم في تقرير مراتب النصيحة وكيفيتها حتى تكون محققة لمقصودها على جهة الكمال ؛ فقال الشيخ عبد العزيز السلمان –رحمه الله- في موارد الظمآن في دروس الزمان (4\25-27):

"قال بعض العلماء : النصيحة على مراتب :
أولا : أن لا يبادر الإنسان إلى تصديق ما يقال له عن قريب أو صديق أو جار أو زميل أو أحد من الناس بل يتثبت في ذلك حتى يستيقن لأن أكثر الناس في وقتنا اعتادوا إشاعة السوء وأكثر الناس إلى الإساءة يسرعون ، ويندر منهم من يحسن الظن ، فلا تصدق فورا بكل ما سمعته حتى تسمعه ممن حضره وشاهده وتتأكد من ثبوته وبراءته وخلوه من الهوى والأغراض .
وإذا رأيت أمرا أو بلغك عن صديقك كلام يحتمل وجهين فاحمله محملا حسنا .
قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمن بن عوف -وكان أجود الناس في زمانه- : (ما رأيت قوما ألأم من إخوانك , قال لها : ولم ذلك ؟! قالت : أراهم إذ أيسرت لزموك وإذا أعسرت تركوك ؛ فقال لها : هذا والله من كرم أخلاقهم ؛ يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم , ويتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقهم) .
فانظر كيف حمل فعلهم على هذا المحمل الحسن .
وثانيا : أن يكون على بالك مستحضرا أن الناس ليسوا معصومين بل لهم هفوات وأخطاء , وتصور ذلك في نفسك لتعذرهم... .
ثالثا : أن تنظر إلى الأمر من وجهة نظرك ومن وجهة نظر صاحبه أيضا ، فقد يكون مجتهدا فيما اعتقده من رأي , متحريا للخير فيما سلكه من سبيل ، فلا تسارع إلي الإنكار عليه , وتخطئته ما دام من المحتمل أن يكون له وجه من الحق ؛ فإن تأكدت من الخطأ والانحراف ؛ فتقدم بالنصيحة سرا بينك وبينه ، لا عند ملأ من الناس كما يفعله بعض الناس ، فإنه أحرى لقبول النصيحة .
رابعا : لا يترتب على النصيحة ما هو شر منها" .
وبنحو هذا قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- مبينا مقدمات النصيحة للمعين وصفتها حيث قال –رحمه الله- في كتاب العلم (50-52) : "ومن أهم الآداب التي يجب أن يتحلى بها طالب العلم التثبت فيما ينقل من الأخبار والتثبت فيما يصدر من الأحكام، فالأخبار إذا نقلت فلابد أن تتثبت أولاً هل صحت عمن نقلت إليه أو لا، ثم إذا صحت فتثبت في الحكم ربما يكون الحكم الذي سمعته مبنياً على أصل تجهله أنت، فتحكم أنه خطأ، والواقع أنه ليس بخطأ , ولكن كيف العلاج في هذه الحال ؟
العلاج: أن تتصل بمن نُسب إليه الخبر وتقول نقل عنك كذا وكذا فهل هذا صحيح؟ , ثم تناقشه فقد يكون استنكارك ونفور نفسك منه أول وهلة سمعته لأنك لا تدري ما سبب هذا المنقول، ويقال إذا علم السبب بطل العجب، فلابد أولاً من التثبت في الخبر والحكم، ثم بعد ذلك تتصل بمن نقل عنه وتسأله هل صح ذلك أم لا؟ ثم تناقشه: إما أن يكون هو على حق وصواب فترجع إليه أو يكون الصواب معك فيرجع إليه.... .
أيضاً التثبت أمر مهم؛ لأن الناقلين تارة تكون لهم نوايا سيئة، ينقلون ما يشوه سمعته المنقول عنه قصداً وعمداً ، وتارة لا يكون عندهم نوايا سيئة ولكنهم يفهمون الشيء على خلاف معناه الذي أريد به، ولهذا يجب التثبت، فإذا ثبت بالسند ما نٌقل أتى دور المناقشة مع صاحبه الذي نقل عنه قبل أن تحكم على القول بأنه خطأ أو غير خطأ، وذلك لأنه ربما يظهر لك بالمناقشة أن الصواب مع هذا الذي نٌقل عنه الكلام.
والخلاصة أنه إذا نقل عن شخص ما ترى أنه خطأ فاسلك طرقا ثلاثة على التريب:
الأول : التثبت في صحة الخبر.
الثاني: النظر في صواب الحكم، فإن كان صواباً فأيده ودافع عنه، وإن رأيته خطأ فاسلك :
الطريق الثالث وهو : الاتصال بمن نسب إليه لمناقشته فيه وليكن ذلك بهدوء واحترام".
قلت : فقارن بين تقريرات أهل العلم لمراتب النصيحة ومقدماتها , مع صنيع (بعض الناس) الذين يتعجلون في الطعن والتشكيك عبر المقالات والصوتيات ؛ بمجرد ما يبلغهم من أخبار عن المعينين من غير تثبت ولا تحقق .
ولو أن كلّ رافع لراية النصح من المنتسبين للدعوة السلفية سار على هذه المراتب والمنازل في نصحه ؛ لجنِّبت الدعوة العديد من المشاكل التي كانت شرارتها عدم تجاوب بعض المنصوحين لنصح بعض الناصحين الذين لم يعتبروا لما تقدم من مراتب ,ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا.


المحور الرابع : الضوابط العلمية للنصيحة الشرعية .

قال أبو حاتم -رحمه الله- في روضة العقلاء (ص\196) : (النصيحة محاطة بالتهمة) ؛ ولما كان أمرها كذلك ؛ كان لا بد من الاحتياط في توجيهها , وضبطها حتى لا تفضي إلى ضدها وإيغار الصدور بين الناصح والمنصوح ؛ وقد اعتنى أهل العلم ببيان هذه الضوابط , ونحن هنا نذكر أهمها فنقول :
الضابط الأول : التفريق بين مخالفة المنصوح لنصوص الشرع وما أجمع عليه أهل العلم , وبين مخالفته لاجتهاد الناصح .
بذل النصيحة مطلوب على كل حال سواء كان المنصوح مخالفا للنص والإجماع أو معارضا للاجتهاد والرأي الأولى , ولكن الفرق بين الصورتين ؛ أنه في حال مخالفة المنصوح للنص أو الإجماع يتعين بذل النصيحة له ؛ لدخول فعل المنصوح تحت باب المنكر الذي يجب السعي في إزالته كما قال ابن حزم في الأخلاق والسير (ص\45) : " النصيحة مرتان : فالأولى فرض وديانة , والثانية تنبيه وتذكير , وأما الثالثة فتوبيخ وتقريع , وليس وراء ذلك إلا التركل واللطام ؛ اللهم إلا في معاني الديانة ؛ فواجب على المرء ترداد النصح فيها ؛ رضي المنصوح أو سخط , تأذى الناصح بذلك أو لم يتأذ".
وأما في حالة مخالفة المنصوح لاجتهاد الناصح فهنا لا يتعين بذل النصيحة إلا بحدود المذاكرة ببيان الراجح من المرجوح من الأقوال ؛ بل تكرار النصح في مثل هذه الحالة هو كما قال ابن حزم : " النصيحة مرتان : فالأولى فرض وديانة , والثانية تنبيه وتذكير , وأما الثالثة فتوبيخ وتقريع" .
ذلك أن هذه المسألة فرع على قاعدة (لا إنكار في مسائل الاجتهاد) , وفي هذا الباب روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2\80) : قال يحيى بن سعيد الأنصاري : (ما برح أولو الفتوى يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه) .
وقال سفيان الثوري كما في الفقيه والمتفقه (2\69) : (ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً من إخواني أن يأخذ به) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل كما في حاية الأولياء (9\69) : (من أفتى الناس ليس ينبغي أن يحمل الناس على مذهبه ويشدد عليهم) .
وقال -أيضا- فيما حكاه عنه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1\186) : (لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق بن راهويه، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً) .
وقال ابن قدامة المقدسي كما في نفس المصدر السابق : (لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه، فإنه لا إنكار على المجتهدات) .
وحذار من الخلط بين مسائل الخلاف ومسائل الاجتهاد ؛ فمسائل الخلاف المعارضة للنص أو الاجتماع والتي يعبر عنها أهل العلم بـ(ما ضعف فيه الخلاف) يتعين فيها الإنكار ؛ كما قال الماوردي في الأحكام السلطانية (ص\284-285) : "وأما ما اختلف الفقهاء في حظره إباحته ؛ فلا مدخل له في إنكاره , إلا أن يكون مما ضعف الخلاف فيه أو كان ذريعة إلى محظور متفق عليه كربا النقد ؛ فالخلاف فيه ضعيف , وهو ذريعة إلى ربا النساء المتفق على تحريمه ؛ فهل يدخل في إنكاره بحكم ولايته أم لا ؟! على ما قدمناه من الوجهين .
وفي معنى المعاملات , وإن لم تكن منها عقود المناكح المحرمة ؛ ينكرها إن اتفق العلماء على حظرها , ولا يتعرض لإنكارها إن اختلف الفقهاء فيها ؛ إلا أن يكون مما ضعف الخلاف فيه , وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه كالمتعة ؛ فربما صارت ذريعة إلى استباحة الزنا ففي إنكاره لها وجهان".
وقال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص\325) مخبرا عن اختيار الإمام أحمد أنه : "ينكر كل مختلف فيه ضعف الخلاف فيه لدلالة السنة على تحريمه".
قلت : ومن تقرير هذا الضابط تعلم فساد صنيع (بعض الناس) ممن :
- يشنع على المنصوح مخالفته لاجتهاد الناصح في (المسائل , أو الرجال) ؛ لا لمخالفة المنصوح لنصوص الشرع أو إجماع السلف .
- يجعل المسائل الاجتهادية محور تناصح ملزم , يستتبع في حال عدم التزامه بالتشهير والطعن .

الضابط الثاني : النصح سرا .
ينبغي على الناصح أن يتحرى بذل النصيحة لأخيه بأفضل الوسائل والسبل , ومن غير أن يقترن معها ما يكون سببا في الصدّ عنها , ومن أهم هذه الوسائل والضوابط ما أشار إليه الإمام الشافعي بقوله :
تغمدني بنصحك في انفرادي *** وجنبني النصح في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع *** من التوبيخ لا أرضى استماعه
وقد قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص\82) مبينا هدي السلف في الإسرار بالنصيحة : "وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد وعظوه سرا حتى قال بعضهم : (من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة , ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبخه) .
وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله- : (المؤمن يستر وينصح , والفاجر يهتك ويعير).
وقال عبد العزيز بن أبي رواد : (كان من كان قبلكم إذا رأى الرجل من أخيه شيئا يأمره في رفق ؛ فيؤجر في أمره ونهيه , وإن أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره).
ويقول الإمام أبو حاتم بن حبان البستي في روضة العقلاء (ص\196) : "النصيحة تجب على الناس كافة على ما ذكرنا قبل، ولكن إبداؤها لا يجب إلا سراً، لأن من وعظ أخاه علانية فقد شانه، ومن وعظه سراً فقد زانه، فإبلاغ المجهود للمسلم فيما يزين أخاه أحرى من القصد فيما يشينه".
وقال –أيضا- (ص\197) : عن "علي الشقيقي حدثنا أبي عن ابن المبارك قال : (كان الرجل إذا رأى من أخيه ما يكره أمره في ستر , ونهاه في ستر ؛ فيؤجر في ستره , ويؤجر في نهيه ؛ فأما اليوم فإذا رأى أحد من أحد ما يكره أستغضب أخاه وهتك ستره) .
أخبرنا محمد بن سعيد القزاز حدثنا محمد بن منصور حدثني علي بن المديني عن سفيان قال : (جاء طلحه الى عبد الجبار بن وائل وعنده قوم فسارّه بشيء ثم أنصرف ؛ فقال أتدرون ما قال لي؟ قال : رأيتك التفت أمس وأنت تصلي) .
قال أبو حاتم -رضى الله عنه- : النصيحة إذا كانت على نعت ما وصفنا تقيم الألفة وتؤدي حق الأخوة , وعلامة الناصح إذا أراد زينة المنصوح له أن ينصحه سرا , وعلامة من أراد شينه أن ينصحه علانية ؛ فليحذر العاقل نصحه الأعداء في السر والعلانية" .
ويقول الإمام أبو محمد ابن حزم في الأخلاق والسير: (ص\44) : "وإذا نصحت فانصح سراً لا جهراً، وبتعريض لا تصريح، إلا أن لا يفهم المنصوح تعريضك، فلابد من التصريح".
وقال الحافظ ابن رجب في كتابه (الفرق بين النصيحة والتعيير) : "قال الفضيل : (المؤمن يستر وينصح والفاجر يهتك ويُعيِّر) .
فهذا الذي ذكره الفضيل من علامات النصح والتعيير ، وهو أن النصح يقترن به الستر والتعيير يقترن به الإعلان .
وكان يقال : ( من أمر أخاه على رؤوس الملأ فقد عيَّره ) أو بهذا المعنى .
وكان السلف يكرهون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على هذا الوجه , ويحبون أن يكون سراً فيما بين الآمر والمأمور ؛ فإن هذا من علامات النصح ؛ فإن الناصح ليس له غرض في إشاعة عيوب من ينصح له , وإنما غرضه إزالة المفسدة التي وقع فيها .
وأما إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله ورسوله قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} , والأحاديث في فضل السر كثيرةٌ جدَّاً . وقال بعض العلماء لمن يأمر بالمعروف : (واجتهد أن تستر العصاة ؛ فإن ظهور عوراتهم وهن في الإسلام أحقُّ شيء بالستر : العورة) .
فلهذا كان إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير وهما من خصال الفجار ؛ لأن الفاجر لا غرض له في زوال المفاسد ولا في اجتناب المؤمن للنقائص والمعايب ؛ إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن وهتك عرضه ؛ فهو يعيد ذلك ويبديه ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساويه للناس ليُدخل عليه الضرر في الدنيا .
وأما الناصح فغرضُه بذلك إزالة عيب أخيه المؤمن واجتنابه له وبذلك وصف الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم فقال : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} , ووصف بذلك أصحابه فقال : {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} , ووصف المؤمنين بالصبر والتواصي بالمرحمة .
وأما الحامل للفاجر على إشاعة السوء وهتكه ؛ فهو القوة والغلظة ومحبته إيذاء أخيه المؤمن وإدخال الضرر عليه , وهذه صفة الشيطان الذي يزيِّن لبني آدم الكفر والفسوق والعصيان ليصيروا بذلك من أهل النيران كما قال الله : {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}.
وقال بعد أن قص علينا قصته مع نبي الله آدم عليه السلام ومكرَه به حتى توصل إلى إخراجه من الجنة : {يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا}؛ فشتان بين من قصده النصيحة وبين من قصده الفضيحة ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة" .
قلت : ومن تقرير هذا الضابط يتبين لنا صنيع (بعض الناس) ممن يجعل مناصحته لأخيه –فيما لم يشع ويعلن- في كتب أو رسائل أو أشرطة وينشرها على الملأ ويزعم أن هذا من باب النصح لعموم المسلمين , وللمنصوح بخاصة !!!
فكيف بها وهي مشتملة على ألوان من الظلم والعدوان والبغي والتجريح بمختلف الأوصاف والأحكام !!

الضابط الثالث : عدم النصح بشرط القبول من الناصح .
قال تعالى مبينا أن وظيفة الرسل هي البلاغ المبين ؛ ثم بعده ليس على الرسل إلا ما حملت ؛ فالمتعين في حق الرسل تبليغ شرع الله وبيانه للناس قال تعالى : [قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا البَلَاغُ المُبِينُ] .
وعلى هذا الهدي سار السلف في مناصحاتهم ؛ ينصحون غيرهم بنية نفعهم وإيصال الحق لهم حتى يسقطوا أن أنفسهم الفرض ؛ كما قال رجاء ابن أبي سلمة فيما رواه عنه الإمام أحمد في كتاب الزهد (ص\388) : (كان ابن محيريز يجيء بالكتاب إلى عبد الملك فيه النصيحة ؛ فيقرِئُهُ إياه , ثم لا يُقِرّه في يده).
فابن محيريز أسقط الذي عليه ببيان النصيحة لعبد الملك ؛ ولم يتكلف أو يتعنت في تكرارها عليه , ولا إلزامه بمضمونها ؛ بل قال له ما أراد وأنصرف .
وهذا الصنيع منه –رحمه الله- يذكرني بما كان الشيخ الألباني –رحمه الله- يقوله : (قل كلمتك وامض) , وقوله : (كلامي معلم وليس بملزم) .
وقال ابن حبان في روضة العقلاء (ص\196) : " النصيحة محاطة بالتهمه وليست النصيحة إلا لمن قبلها , كما أن الدنيا ليست إلا لمن تركها ولا الآخرة إلا لمن طلبها , وليس على كل ذي نصح إلا الجهد , ولو لم يقبل من نصحائه ما يثقل عليه , لم يحمد غب رأيه" .
وقال قال ابن حزم –رحمه الله- في الأخلاق والسير (ص\44) : "ولا تنصح على شرط القبول منك، فإن تعديت هذه الوجوه، فأنت ظالم لا ناصح، وطالب طاعة وملك، لا مؤدي حق أمانة وأخوة، وليس هذا حكم العقل، ولا حكم الصداقة، لكن حكم الأمير مع رعيته، والسيد مع عبده".
وقال –أيضا- (ص\42) : "لا تنصح على شرط القبول , ولا تشفع على شرط الإجابة , ولا تهب على شرط الإثابة ؛ لكن على سبيل استعمال الفضل , وتأدية ما عليك من النصيحة والشفاعة , وبذل المعروف".
وقال –رحمه الله- في نفس المصدر (ص\48) : "وإن نصحت بشرط القبول منك، فأنت ظالم، أو لعلك مخطئ في وجه نصحك، فتكون مطالباً بقبول خطئك، وبترك الصواب".
ورحم الله ابن القيم حيث يقول في الجواب الكافي (ص\69) مبينا خطورة النصح بالباطل : (الناصح المتكلم بالباطل شيطان ناطق , والساكت عن الحق شيطان أخرس) ؛ فكيف بمن يلزم بقبول نصحه الباطل !!!
قلت : وهذا الضابط فرع عن الضابط الأول ؛ وهو متعلق بمسألة الإلزام التي ضبطها شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- بقوله : (لا إلزام إلا بالشرع أو بالتزام العبد) .
وينظر لزاما مقال : بين منهجين (3) : الإلزام بأحكام الرجال المختلف فيهم -جرحا وتعديلا-, على الرابط :
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=7947
وكذلك مقال : (لا إلزام إلا بالشرع أو بالتزام العبد : وقفات مع أحمد بازمول في ثالث حلقاته (1)) وهو على الرابط :
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=1208
قلت : ومن تقرير هذا الضابط تعلم فساد صنيع (بعض الناس) ممن يهتك ستر المنصوح في حال عدم استجابته للنصيحة ؛ ويجعل سابق نصحه دافعا للطعن والتشهير والتسقيط , وكأن المنصوح بإعراضه عن العمل بنصيحة الناصح قد ارتكب الموقبات , واقترف أشنع المحرمات .
وبعضهم يدرك مخالفة هذا الصنيع الفاسد لأصول الشرع وقواعده ؛ فيحتال عليه بأن يتتبع المنصوح فيجمع له الأخطاء والسقطات والزلات ويجعلها ذريعة للطعن الذي دفعه إليه إعراض المنصوح عن العمل بنصيحته , وهو لو وافقه على نصيحته السابقة لكتمت تلك الأخطاء الواقعة , ولبقيت حبيسة الملفات في الأدراج .

الضابط الرابع : عدم الخلط بين النصيحة والتأنيب , وبين الناصح والمؤنِّب .
يخلط كثيرون بين التأنيب والنصيحة , وبين الزاجر المؤنب والناصح المشفق , حتى أننا قد وجدنا من اشتهر بطعنه وفضحه وسوء عبارته في مجالسه يصفه المغترون به بالناصح المشفق الحريص على المنصوحين ؛ أو على عموم المسلمين .
وقد ضبط الفرق بين الصنفين العلامة ابن القيم –رحمه الله- حيث قال في كتاب الروح (ص\257-258) مبينا : "الفرق بين النصيحة والتأنيب :
أن النصيحة إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة له والشفقة عليه والغيرة له وعليه ؛ فهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورقة ومراد الناصح بها وجه الله ورضاه والإحسان إلى خلقه فيتلطف في بذلها غاية التلطف ويحتمل أذى المنصوح ولائمته ويعامله معاملة الطبيب العالم المشفق المريض المشبع مرضا وهو يحتمل سوء خلقه وشراسته ونفرته ويتلطف في وصول الدواء إليه بكل ممكن فهذا شأن الناصح .
وأما المؤنب ؛ فهو رجل قصده التعبير والإهانة وذم من أنبه وشتمه في صورة النصح فهو يقول له يا فاعل كذا وكذا يا مستحقا الذم والإهانة في صورة ناصح مشفق .
وعلامة هذا أنه لو رأى من يحبه ويحسن إليه على مثل عمل هذا أو شر منه لم يعرض له , ولم يقل له شيئا , ويطلب له وجوه المعاذير ؛ فإن غلب قال وإنى ضمنت له العصمة والإنسان عرضه للخطأ ومحاسنه أكثر من مساويه والله غفور رحيم !! ,ونحو ذلك ؛ فيا عجبا كيف كان هذا المن يحبه دون من يبغضه وكيف كان ذلك منك التأنيب في صورة النصح وحظ هذا منك رجاء العفو والمغفرة وطلب وجوه المعاذير .
ومن الفروق بين الناصح والمؤنب :
أن الناصح لا يعاديك إذا لم تقبل نصيحته وقال : قد وقع أجرى على الله قبلت أو لم تقبل , ويدعو لك بظهر الغيب , ولا يذكر عيوبك ولا يبينها في الناس , والمؤنب بعكس ذلك".
قلت : وببيان هذا الفرق يتميز للعاقل المنصف فساد صنيع (بعض الناس) من أدعياء النصيحة الذين يقسون على المنصوحين في العبارات , أو يطالبونهم بالتوقيع على شنيع التوبات والتراجعات .

الضابط الخامس : لزوم التفريق بين النصيحة والتعيير .
كما خلط الكثيرون بين النصيحة والتأنيب ؛ فقد خلطوا –أيضا- بين النصيحة والتعيير ؛ وقد قال الحافظ ابن رجب في الفرق بين النصيحة والتعيير : "فإذا أخبر أحد أخاه بعيب ليجتنبه كان ذلك حسناً لمن أُخبر بعيب من عيوبه أن يعتذر منها -إن كان له منها عذر- , وإن كان ذلك على وجه التوبيخ بالذنب ؛ فهو قبح مذموم .
وقيل لبعض السلف : أتحبُّ أن يخبرك أحد بعيوبك ؟ فقال : (إن كان يريد أن يوبخني فلا) .
فالتوبيخ والتعيير بالذنب مذموم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُثَرَّبَ الأمة الزانية مع أمره بجلدها فتجلد حداً ولا تعير بالذنب ولا توبخ به... ".
وقال –أيضا- :"ومِن أظهرِ التعيير : إظهارُ السوء وإشاعتُه في قالب النصح , وزعمُ أنه إنما يحمله على ذلك العيوب إما عاماً أو خاصاً , وكان في الباطن إنما غرضه التعيير والأذى ؛ فهو من إخوان المنافقين الذين ذمهم الله في كتابه في مواضع ؛ فإن الله تعالى ذم من أظهر فعلاً أو قولاً حسناً وأراد به التوصل إلى غرض فاسد يقصده في الباطن وعدَّ ذلك من خصال النفاق كما في سورة براءة التي هتك فيها المنافقين وفضحهم بأوصافهم الخبيثة : {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.
وقال تعالى:{لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، وهذه الآية نزلت في اليهود لما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه وأخبروه بغيره وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك عليه وفرحوا بما أتوا من كتمانه وما سألهم عنه .
كذلك قال ابن عباس -رضي الله عنهما- وحديثه بذلك مخرّج في الصحيحين وغيرهما .
وعن أبي سعيد الخدري : أن رجالاً من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الغزو تخلَّفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؛ فإذا قدِم رسول الله اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا فنزلت هذه الآية .
فهذه الخصال خصال اليهود والمنافقين وهو أن يظهر الإنسان في الظاهر قولاً أو فعلاً وهو في الصورة التي ظهر عليها حسن , ومقصوده بذلك التوصل إلى غرض فاسد ؛ فيحمده على ما أظهر من ذلك الحسن , ويتوصل هو به إلى غرضه الفاسد الذي هو أبطنه , ويفرح هو بحمده على ذلك الذي أظهر أنه حسن وفي الباطن شيء وعلى توصله في الباطن إلى غرضه السيء فتتم له الفائدة وتُنَفَّذُ له الحيلة بهذا الخداع .
ومن كانت هذه همته ؛ فهو داخل في هذه الآية , ولا بد فهو متوعد بالعذاب الأليم ، ومثال ذلك : أن يريد الإنسان ذمَّ رجل وتنقصه وإظهار عيبه لينفر الناس عنه ؛ إما محبة لإيذائه , أو لعداوته , أو مخافة من مزاحمته على مال أو رئاسة , أو غير ذلك من الأسباب المذمومة ؛ فلا يتوصل إلى ذلك إلا بإظهار الطعن فيه بسبب ديني مثل : أن يكون قد ردَّ قولاً ضعيفاً من أقوال عالم مشهور ؛ فيشيع بين من يعظِّم ذلك العالم أن فلاناً يُبغِضُ هذا العالم , ويذمُّه ويطعن عليه ؛ فيغرُّ بذلك كل من يعظِّمه , ويوهمهم أن بغض الراد وأذاه من أعمال العرب ؛ لأنه ذبٌّ عن ذلك العالم ورفع الأذى عنه , وذلك قُربة إلى الله تعالى وطاعته ؛ فيجمع هذا المظهر للنصح بين أمرين قبيحين محرَّمين :
أحدهما : أن يحمل ردُّ العالم القول الآخر على البغض والطعن والهوى , وقد يكون إنما أراد به النصح للمؤمنين وإظهار ما لا له كتمانه من العلم .
والثاني : أن يظهر الطعن عليه ليتوصل بذلك إلى هواه وغرضه الفاسد في قالب النصح والذب عن علماء الشرع وبمثل هذه المكيدة كان ظلم بني مروان وأتباعهم يستميلون الناس إليهم وينفِّرون قلوبهم عن علي بن أبي طالب والحسن والحسين وذريتهم رضي الله عنهم أجمعين" .
قلت : ومن تقرير هذا الضابط تعلم فساد صنيع (بعض الناس) ممن يشنعون على من خالفهم أو خالف شيوخهم الذين يعظمون في مسائل علمية اجتهادية ؛ ويعتبرون هذا التشنيع من قبيل النصح لعموم الأمة من خلال الحفاظ على مكانة العلماء بالطعن فيمن ردَّ على شيوخهم ومعظميهم بحق!!

المحور الخامس : إخلاص قصد الناصح لله ؛ لا الانتصار لنفسه ولما يهواه .
يجب أن يكون قصد الناصح إصلاح المنصوح , وإرجاعه إلى الحق الذي يظنه الناصح ؛ لا أن يكون قصده وجلّ همه موافقة المنصوح له ؛ كما قال أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين (3\151) : "وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم وتنظر إليه بعين الاستحقار , وتترفع عليه بإيذاء الوعظ .
وليكن قصدك تخليصه من الإثم وأنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخل عليلا نقصان في دينك .
وينبغي أن يكون تركه لذلك من غير نصحك أحب إليك من تركه بالنصيحة .
فإذا أنت فعلت ذلك كنت قد جمعت بين أجر الوعظ , وأجر الغم بمصيبته , وأجر الإعانة له على دينه".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (28\220-221) محذرا الناصحين من عدم سلامة قصدهم: " فإن النصح في الدين أعظم من النصح في الدنيا ؛ فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نصح المرأة في دنياها فالنصيحة في الدين أعظم .
وإذا كان الرجل يترك الصلوات ويرتكب المنكرات وقد عاشره من يخاف أن يفسد دينه : بين أمره له لتتقى معاشرته .
وإذا كان مبتدعا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة أو يسلك طريقا يخالف الكتاب والسنة ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك : بين أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا حاله .
وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى لا لهوى الشخص مع الإنسان : مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية أو تحاسد أو تباغض أو تنازع على الرئاسة ؛ فيتكلم بمساوئه مظهرا للنصح وقصده في الباطن الغض من الشخص واستيفاؤه منه ؛ فهذا من عمل الشيطان و[إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى] ؛ بل يكون الناصح قصده أن الله يصلح ذلك الشخص وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم ويسلك في هذا المقصود أيسر الطرق التي تمكنه".
وذكر الإمام ابن عبد البر في التمهيد (9/237) مثالا سلفيا على أن إخلاص المتناصحين من السلف فقال : "عن ابن طاوس، عن أبيه، أن زيد بن ثابت وابن عباس تماريا في صدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها الطواف بالبيت! فقال ابن عباس: تنفر، وقال زيد: لا تنفر!
فدخل زيد على عائشة، فسألها؟ فقالت: تنفر.
فخرج زيد وهو يبتسم، ويقول: ما الكلام إلا ما قلت..
قال أبو عمر: هكذا يكون الإنصاف؛ وزيد معلم ابن عباس، فما لنا لا نقتدي بهم؟! , والله المستعان".
وقال الشافعي –رحمه الله- كما في سير أعلام النبلاء (10\76) : (ما ناظرت أحدا قط على الغلبة , وبودي أن جميع الخلق تعلموا هذا الكتاب يعني كتبه على ان لا ينسب إلي منه شيء).
فإن كان للنفس حظّ في النصيحة بذلا أو قبولا؛ كان ذلك أدعى لرفضها وعدم قبولها ؛ كما قال الإمام أبو حاتم محمد بن حبان البستي في روضة العقلاء (ص\196) : (وأكثر ما يوجد : ترك قبول النصيحة من المعجب برأيه) .
وحذار حذار من تلبيس إبليس على الناصحين كما نبه إليه ابن الجوزي في كتابه الماتع تلبيس إبليس (ص\105-106) حيث قال : "وأما غيبة العلماء فمنبعها من خدعة النفس على إبداء النصيحة وتأويل مالا يصح من الخبر ولو صح ما كان عونا على الغيبة وهو قوله [أترغبون عن ذكره اذكروه بما فيه ليحذره الناس] , ولو كان الخبر محفوظا صحيحا لم يكن فيه إبداء شناعة على أخيك المسلم من غير أن تسأل عنه ...
وأما منبع الغيبة من القراء والنساك ؛ فمن طريق التعجب يبدي عوار الأخ ثم يتصنع بالدعاء في ظهر الغيب فيتمكن من لحم أخيه المسلم , ثم يتزين بالدعاء له .
وأما منبع الغيبة من الرؤساء والأساتذة ؛ فمن طريق إبداء الرحمة والشفقة حتى يقول مسكين فلان ابتلى بكذا , وامتحن بكذا , نعوذ بالله من الخذلان ؛ فيتصنع بإبداء الرحمة والشفقة على أخيه , ثم يتصنع بالدعاء له عند إخوانه , ويقول : إنما أبديت لكم ذاك لتكثروا دعاءكم له ونعوذ بالله من الغيبة -تعريضا أو تصريحا- ؛ فاتق الغيبة فقد نطق القرآن بكراهتها فقال عز وجل: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } وقد روي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك أخبار كثيرة".

من علامات سوء قصد الناصح :

ويعرف سوء قصد الناصح بجملة إمارات وعلامات , من أبرزها :
- الإقرار والاعتراف بفساد القصد .
- كثرة بغي وعدوان الناصح على المنصوح .
- قلة الورع وإطلاق اللسان , وكثرة الغيبة والبهتان .
- الامتنان بنصح الناس .
- شدة الحرص على المزاحمة على الرئاسات قبل الأوان .
- إعلان المناصحة وإشهارها بين الناس من غير موجب شرعي لهذا الإشهار . .
- النميمة بنقل أخبار الأخلاء والأصحاب على جهة إظهار المناصحة .
- عدم رضا الناصح بإعانة غيره له في مناصحته , وعدم قناعته بقيام غيره بواجب النصيحة بدله .
- الفرح بالاستتباع , والاستبشار بالحمد والثناء .
وهذه العلامات ؛ هي ما ذكرها أهل العلم الناصحون , ومن ذلك :
قال الحافظ ابن رجب في رسالة الفرق بين النصيحة والتعيير: "ومن عُرف منه أنه أراد بردِّه على العلماء النصيحة لله ورسوله فإنه يجب أن يُعامَل بالإكرام والاحترام والتعظيم كسائر أئمة المسلمين الذين سبق ذكرهم وأمثالهم ومن تبعهم بإحسان .
ومن عرف منه أنه أراد برده عليهم التنقص والذم وإظهار العيب فإنه يستحق أن يقابل بالعقوبة ليرتدع هو ونظراؤه عن هذه الرذائل المحرمة .
ويُعرف هذا القصد تارة بإقرار الرادِّ واعترافه ، وتارة بقرائن تحيط بفعله وقوله ، فمن عُرف منه العلم والدين وتوقير أئمة المسلمين واحترامهم لم يَذكر الردَّ وتبيين الخطأ إلا على الوجه الذي يراه غيره من أئمة العلماء .
وأما في التصانيف وفي البحث وجب حمل كلامه على الأول ومن حمل كلامه على غير ذلك -والحال على ما ذُكر- فهو ممن يَظن بالبريء الظن السوء وذلك من الظن الذي حرمه الله ورسوله وهو داخل في قوله سبحانه : {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ، فإن الظن السوء ممن لا تظهر منه أمارات السوء مما حرمه الله ورسوله فقد جمع هذا الظانّ بين اكتساب الخطيئة والإثم ورمي البريء بها.
ويقوي دخوله في هذا الوعيد إذا ظهرت منه - أعني هذا الظان - أمارات السوء مثل: كثرة البغي والعدوان وقلة الورع وإطلاق اللسان وكثرة الغيبة والبهتان والحسد للناس على ما آتاهم الله من فضله والامتنان وشدة الحرص على المزاحمة على الرئاسات قبل الأوان .
فمن عُرفت منه هذه الصفات التي لا يرضى بها أهل العلم والإيمان فإنه إنما يحمل تَزْمنة العلماء وإذا كان ردُّه عليهم على الوجه الثاني فيستحق حينئذٍ مقابلته بالهوان .
ومن لم تظهر منه أمارات بالكلية تدل على شيء فإنه يجب أن يحمل كلامه على أحسن مُحْمَلاتِهِ ولا يجوز حمله على أسوأ حالاته . وقد قال عمر رضي الله تعالى عنه : (لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً)".
وقال وهب بن منبه كما في حلية الأولياء (4\63) : (من عرف بالكذب لم يجز صدقه , ومن عرف بالصدق ائتمن على حديثه , ومن أكثر الغيبة والبغضاء لم يوثق منه بالنصيحة , ومن عرف بالفجور والخديعة لم يوثق اليه في المحبة , ومن انتحل فوق قدره جحد قدره , ولا يحسن فيه ما يقبح في غيره).
وقال أبو طالب المكي في قوت القلوب (2\188) : "قيل لمسعر بن كدام : (تحب من يخبرك بعيوبك؟ فقال: إنْ نصحني فيما بيني وبينه فنعم، وإنْ قرعني في الملأ فلا) .
ومن أخلاق السلف –قال-: (كان الرجل إذا كره من أخيه خلقاً عاتبه فيما بينه وبينه أو كاتبه في صحيفة) .
وهذا لعمري فرق بين النصيحة والفضيحة ؛ فما كان في السر فهو نصيحة، وما كان على العلانية فهو فضيحة، وقلما تصح فيه النية لوجه اللّه تعالى، لأن فيه شناعة".
وقال ابن حبان البستي في روضة العقلاء (ص\197) : "وعلامة الناصح إذا أراد زينة المنصوح له أن ينصحه سرا .
وعلامة من أراد شينه أن ينصحه علانية .
فليحذر العاقل نصحه الأعداء في السر والعلانية .
ولقد أنشدني ابن زنجي البغدادي :
فكم من عدو معلن لك نصحه ... علانية والغش تحت الأضالع
وكم من صديق مرشد قد عصيته ... فكنت له في الرشد غير مطاوع
وما الأمر إلا بالعواقب إنها ... سيبدو عليها كل سر وذائع
وأنشدني منصور بن محمد الكريزي :
وصاحب غير مأمون غوائله ... يبدي لي النصح منه وهو مشتمل
على خلاف الذي يبدي ويظهره ... وقد أحطت بعلمي أنه دغل
عفوت عنه انتظارا أن يثوب له ... عقل إليه من الزلات ينتقل
دهرا فلما بدا لي أن شيمته ... غش وليس له عن ذاك منتقل
تركته ترك قال لا رجوع له ... الى مودته ما حنت الإبل".
وقال ابن مسكويه في تهذيب الأخلاق (ص\61) : "أن الأشرار يدخلون بين الأخيار في صورة النصحاء فيوهمونهم النصيحة , وينقلون إليهم في عرض الأحاديث اللذيذة أخبار أصدقائهم محرفة مموهة حتى إذا تجاسروا عليهم بالحديث المختلق يصرحون لهم بما يفسد موداتهم ويشوه وجوه أصدقائهم إلى أن يبغض بعضهم بعضا".
وقال ابن حزم في الأخلاق والسير (ص\44-45) مبينا وجه الفرق بين النميمة والنصيحة :"بعض أنواع النصيحة يشكل تمييزه من النميمة ؛ لأن من سمع إنسانا يذم آخر ظالما له أو يكيده ظالما له ؛ فكتم ذلك عن المقول فيه والمكيد كان الكاتم لذلك ظالما مذموما , ثم إن أعلمه بذلك على وجهه كان ربما قد ولد على الذام والكائد ما لم يبلغه استحقاقه بعد من الأذى ؛فيكون ظالما له , وليس من الحق أن يقتص من الظالم بأكثر من قدر ظلمه ؛ فالتخلص من هذا الباب صعب إلا على ذوي العقول والرأي للعاقل في مثل هذا : أن يحفظ المقول فيه من القائل فقط دون أن يبلغه ما قال لئلا يقع في الاسترسال زائد فيهلك .
وأما في الكيد ؛ فالواجب أن يحفظه من الوجه الذي يكاد منه بألطف ما يقدر في الكتمان على الكائد وأبلغ ما يقدر في تحفيظ المكيد ولا يزد على هذا شيئا .
وأما النميمة فهي التبليغ لما سمع مما لا ضرر فيه على المبلغ إليه وبالله التوفيق".
وقال –رحمه الله- في طوق الحمامة (ص\57) : "وهل هلك الضعفاء وسقط من لا عقل له إلا في قلة المعرفة بالناصح من النمام، وهما صفتان متقاربتان في الظاهر متفاوتتان في الباطن، أحدهما داء والأخرى دواء والثاقب القريحة لا يخفى عليه أمرهما، لكن الناقل من كان تنقيله غير مرضى في الديانة، ونوى به التشتيت بين الأولياء، والتضريب بين الإخوان، والتحريش والتوبيش والترقيش .
فمن خاف إن سلك طريق النصيحة أن يقع في طريق النميمة، ولم يثق لنفاذ تمييزه ومضاء تقديره فيما يرده من أموره دنياه ومعاملة أهل زمانه، فليجعل دينه دليلاً له وسراجاً يستضيء به، فحيثما سلك به سلك وحيثما أوقفه وقف. فشارع الشريعة وباعث الرسول عليه السلام ومرتب الأوامر والنواهي أعلم بطريق الحق وأدري بعواقب السلامة ومغبات النجاة من كل ناظر لنفسه بزعمه؛ وباحث بقياسه في ظنه".
قال ابن حزم في الأخلاق والسير (ص\49) :"إذا نصحت في الخلاء وبكلام لين , لا تسند سب من تحدثه إلى غيرك فتكون نماما ؛ فإن خشنت كلامك في النصيحة ؛ فذلك إغراء وتنفير , وقد قال الله تعالى {فقولا له قولا لينا} وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- [لا تنفروا]".
قال أبو حيان التوحيدي في الصداقة والصديق (ص\18) : "قيل لأعرابي: كيف أنسك بالصديق؟ قال: وأين الصديق، بل أين الشبيه به، بل أين الشبيه بالشبيه به؟ والله ما يوقد نار الضغائن والذحول في الحي إلا الذين يدعون الصداقة، وينتحلون النصيحة، وهم أعداء في مسوك الأصدقاء وما أحسن ما قال حضريكم:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق".
وقال أبو حامد الغزالي –رحمه الله- في إحياء علوم الدين (3\413) : "إن كان غرض الناصح خلاص إخوانه المسلمين من النار ؛ فإذا ظهر من أعانه أو كفاه ذلك لم يثقل عليه .
أرأيت لو اهتدوا جميعهم من أنفسهم أكان ينبغي أنه يثقل ذلك عليه -إن كان غرضه هدايتهم- ؛ فإذا اهتدوا بغيره فلم يثقل عليه .
ومهما وجد ذلك في نفسه دعاه الشيطان إلى جميع كبائر القلوب , وفواحش الجوارح , وأهلكه ؛ فنعوذ بالله من زيغ القلوب بعد الهدى ومن اعوجاج النفس بعد الاستواء .
فإن قلت : فمتى يصح له أن يشتغل بنصح الناس ؟
فأقول : إذا لم يكن له قصد إلا هدايتهم لله تعالى , وكان يود لو وجد من يعينه , أو لو اهتدوا بأنفسهم , وانقطع بالكلية طمعه عن ثنائهم , وعن أموالهم ؛ فاستوى عنده حمدهم وذمهم ؛ فلم يبال بذمهم -إذا كان الله يحمده- , ولم يفرح بحمدهم -إذ لم يقترن به حمد الله -تعالى".
وقال ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص\112) : "وقد يكون الواعظ صادقا قاصدا للنصيحة إلا أن منهم من شرب الرئاسة في قلبه مع الزمان فيحب أن يعظم , وعلامته أنه إذا ظهر واعظ ينوب عنه أو يعينه على الخلق كره ذلك , ولو صح قصده لم يكره أن يعينه على خلائق الخلق".
وقال الغزالي في إحياء علوم الدين (4\380-381) : "وكم من أعمال يتعب الإنسان فيها ويظن أنها خالصة لوجه الله ويكون فيها مغرور لأنه لا يرى وجه الآفة فيها ... ؛ وهذا دقيق غامض قلما تسلم الأعمال من أمثاله وقل من يتنبه له إلا من وفقه الله تعالى ... , وأشد الخلق تعرضا لهذه الفتنة العلماء ؛ فإن الباعث للأكثرين على نشر العلم , لذة الاستيلاء , والفرح بالاستتباع , والاستبشار بالحمد والثناء , والشيطان يلبس عليهم ذلك ويقول : غرضكم نشر دين الله , والنضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله -صلى الله عليه و سلم-.
وترى الواعظ يمن على الله تعالى بنصيحة الخلق ووعظه للسلاطين ويفرح بقبول الناس قوله وإقبالهم عليه وهو يدعى أنه يفرح بما يسر له من نصرة الدين ولو ظهر من أقرانه من هو أحسن منه وعظا وانصرف الناس عنه وأقبلوا عليه ساءه ذلك وغمه ولو كان باعثه الدين لشكر الله تعالى إذ كفاه الله تعالى هذا المهم بغيره".
قلت : فإذا استقر عندك هذا الضابط وهذه الإمارات أمكنك الاستعلام بها على فساد قصد (بعض الناس) من أدعياء النصح الذين :
- يكثر فيهم البغي والعدوان على المنصوح بإطلاق اللسان فيهم , وكثرة غيبتهم وبهتانهم .
- يعلنون المناصحة ويشهرونها بين الناس من غير موجب شرعي لهذا الإشهار ؛ ويتناقلون أخبار الأخلاء والأصحاب على جهة إظهار المناصحة .
- لا يرضون بإعانة غيرهم ونصحهم للآخرين ؛ بل لعلهم لا يرضون بتراجع المنصوحين عن أخطائهم إن جاء تراجعهم من غير طريقهم .

المحور السادس : موانع قبول النصيحة .
كما أن على الناصح أن يلتزم بضوابط الشرع في نصحه ؛ فكذلك على المنصوح أن يكون متجردا لقبول الحق ؛ متنزها عن موانع العمل بالنصيحة الحقة من (العجب والحقد والحسد والرياء) , كما قال أبو حامد الغزالي –رحمه الله- في إحياء علوم الدين (3\353-354) : "وأما الكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة : سبب في المتكبر , وسبب في المتكبر عليه , وسبب فيما يتعلق بغيرهما .
أما السبب الذي في المتكبر فهو العجب .
والذي يتعلق بالمتكبَرِ عليه هو الحقد والحسد .
والذي يتعلق بغيرهما هو الرياء .
فتصير الأسباب بهذا الاعتبار أربعة : (العجب والحقد والحسد والرياء) .
أما العجب : فقد ذكرنا أنه يورث الكبر الباطن , والكبر يثمر التكبر الظاهر في الأعمال والأقوال والأحوال .
وأما الحقد : فإنه يحمل على التكبر من غير عجب ؛ كالذي يتكبر على من يرى أنه مثله أو فوقه , ولكن قد غضب عليه بسبب سبق منه ؛ فأورثه الغضب حقدا ورسخ في قلبه بغضه ؛ فهو لذلك لا تطاوعه نفسه أن يتواضع له , وإن كان عنده مستحقا للتواضع ؛ فكم من رذل لا تطاوعه نفسه على التواضع لواحد من الأكابر لحقده عليه أو بغضه له , ويحمله ذلك على رد الحق إذا جاء من جهته , وعلى الأنفة من قبول نصحه , وعلى أن يجتهد في التقدم عليه -وإن علم أنه لا يستحق ذلك- , وعلى أن لا يستحله وإن ظلمه ؛ فلا يعتذر إليه وإن جنى عليه , ولا يسأله عما هو جاهل به .
وأما الحسد : فإنه أيضا يوجب البغض للمحسود وإن لم يكن من جهته إيذاء وسبب يقتضي الغضب والحقد , ويدعو الحسد أيضا إلى جحد الحق حتى يمنع من قبول النصيحة , وتعلم العلم ؛ فكم من جاهل يشتاق إلى العلم , وقد بقي في رذيلة الجهل لاستنكافه أن يستفيد من واحد من أهل بلده أو أقاربه حسدا وبغيا عليه ؛ فهو يعرض عنه , ويتكبر عليه مع معرفته بأنه يستحق التواضع بفضل علمه , ولكن الحسد يبعثه على أن يعامله بأخلاق المتكبرين وإن كان في باطنه ليس يرى نفسه فوقه .
وأما الرياء ؛ فهو أيضا يدعو إلى أخلاق المتكبرين حتى إن الرجل ليناظر من يعلم أنه أفضل منه وليس بينه وبينه معرفة ولا محاسدة ولا حقد , ولكن يمتنع من قبول الحق منه , ولا يتواضع له في الاستفادة خيفة من أن يقول الناس إنه أفضل منه ؛ فيكون باعثه على التكبر عليه الرياء المجرد , ولو خلا معه بنفسه لكان لا يتكبر عليه .
وأما الذي يتكبر بالعجب أو الحسد أو الحقد فإنه يتكبر أيضا عند الخلوة به مهما لم يكن معهما ثالث , وكذلك قد ينتمي إلى نسب شريف كاذبا وهو يعلم أنه كاذب , ثم يتكبر به على من ليس ينتسب إلى ذلك النسب , ويترفع عليه في المجالس ويتقدم عليه في الطريق ولا يرضى بمساواته في الكرامة والتوقير , وهو عالم باطنا بأنه لا يستحق ذلك , ولا كبر في باطنه لمعرفته بأنه كاذب في دعوى النسب , ولكن يحمله الرياء على أفعال المتكبرين , وكأن اسم المتكبر إنما يطلق في الأكثر على من يفعل هذه الأفعال عن كبر في الباطن صادر عن العجب والنظر إلى الغير بعين الاحتقار وهو إن سمي متكبرا فلأجل التشبه بأفعال الكبر .
نسأل الله حسن التوفيق , والله تعالى أعلم".

تنبيه : كنت قد ذكرت في مشاركة سابقة : أني سوف أضرب مثالا بانموذج سلفي معاصر في باب المناصحة بنصائح العلماء للشيخ ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-, وكيف كانت نصائحهم له , وكيف كان -حفظه الله- يتعامل مع هذه النصائح ؛ ثم آثرت أن أضرب عن ذكر هذا المثال , سدا للباب على ضعاف العقول أو سيئي المقاصد ؛ ممن قد يتخذ من نصائح العلماء للشيخ ربيع سببا للقدح فيه -حفظه الله- , أو من قد يعتبر أن ضرب هذا المثال هو من قبيل القدح والطعن في الشيخ ؛ مكتفيا بما تقدم من صريح أقوال أهل العلم , وما نقل من أمثلة دالة على فقههم الذي خالفهم فيه الكثيرون من المنتسبين إليهم من المعاصرين , والله المستعان.


__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-12-2010, 06:23 PM
ابو الزبير ابو الزبير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 196
افتراضي

أجدت أستاذنا العزيز

لقد وضحت أمرا كان فيه دخن على الكثير وأستغل الكثير كلمة النصيحة ذريعة للطعن والغيبة

وفقك الله لكل خير
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-12-2010, 06:30 PM
راشد بن عبيد بن إسماعيل راشد بن عبيد بن إسماعيل غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 165
افتراضي

بارك الله فيك وأعزك الله بالسنة
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-12-2010, 09:53 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الحبيب أبا العباس على هذا
البحث الماتع , وجعله في ميزان حسناتك .
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-12-2010, 10:48 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبا العبّاس .
نسأل الله تبارك و تعالى أن يجعل عملك هذا في ميزان حسناتك ، وأن يهدي به خلقا كثيرا ، فيكون لك أجرهم كذلك .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-13-2010, 12:46 PM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي

جزاك الله خيرا شيخي الفاضل أبا العبّاس ونفع الله بك .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-13-2010, 11:49 PM
أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 1,939
افتراضي

جزاك الله خيرا أخانا وشيخنا الفاضل أبا العباس
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-14-2010, 02:51 PM
أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 1,939
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العباس مشاهدة المشاركة
[color="blue"][center]
المحور الخامس : إخلاص قصد الناصح لله ؛ لا الانتصار لنفسه ولما يهواه .
يجب أن يكون قصد الناصح إصلاح المنصوح , وإرجاعه إلى الحق الذي يظنه الناصح ؛ لا أن يكون قصده وجلّ همه موافقة المنصوح له ؛ كما قال أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين (3\151) : "وإذا وعظته فلا تعظه وأنت مسرور باطلاعك على نقصه لينظر إليك بعين التعظيم وتنظر إليه بعين الاستحقار , وتترفع عليه بإيذاء الوعظ .
وليكن قصدك تخليصه من الإثم وأنت حزين كما تحزن على نفسك إذا دخل عليلا نقصان في دينك .

أذكر أنه لما سجلت تلكم الكلمة للشيخ علي حسن وظنوها قدحا في العلماء على إصطلاحهم المعروف
فجاء البازمول بعدهاوقال أبشركم بمعنى يتضمن انتكاسة الشيخ علي حسن على حد زعمه فردت عليه امرأة أو فتاة عاقلة وقالت له في معنى كلامها :المفروض أنك تحزن ولا تفرح.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-15-2010, 01:44 PM
فتح الرحمن احمد فتح الرحمن احمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 1,108
افتراضي

جزاك الله خيرا اخي ابو العباس

وزادك الله علما وفقها في الدين

فقد ابنت واوضحت وعن الحق نافحت

فلقد استغل كثير من الناس كلمة النصيحة للتشهير وهتك الاستار واسقاط حرمة المسلم

فالي الله المشتكي من هذا الظلم والجور وعند الله تجتمع الخصوم

واسال الله ان يهدي من ظلم وعلي اخيه نقم ولحقه هضم

وما اجمل كلماتك هذه

( ومن تقرير هذا الضابط تعلم فساد صنيع (بعض الناس) ممن يهتك ستر المنصوح في حال عدم

استجابته للنصيحة ؛ ويجعل سابق نصحه دافعا للطعن والتشهير والتسقيط , وكأن المنصوح بإعراضه

عن العمل بنصيحة الناصح قد ارتكب الموقبات , واقترف أشنع المحرمات .

وبعضهم يدرك مخالفة هذا الصنيع الفاسد لأصول الشرع وقواعده ؛ فيحتال عليه بأن يتتبع المنصوح

فيجمع له الأخطاء والسقطات والزلات ويجعلها ذريعة للطعن الذي دفعه إليه إعراض المنصوح عن

العمل بنصيحته , وهو لو وافقه على نصيحته السابقة لكتمت تلك الأخطاء الواقعة , ولبقيت حبيسة

الملفات في الأدراج . )
__________________
قال العَلامَةَ ابْنَ دَقِيقِ العِيد رحمه الله[SIZE="5"][/SIZE] فِي «الاقْتِراح» (ص302):

«أَعْرَاضُ المُسْلِمين حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّار؛ وَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا طَائِفَتَانِ مِنَ النَّاس: المُحَدِّثُونَ، وَالحُكَّام».
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-15-2010, 09:48 PM
ابو الزبيرالموصلي ابو الزبيرالموصلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: العراق الموصل
المشاركات: 734
افتراضي

جزاك الله خير الجزاء شيخنا ابو العباس ونفعنا الله بعلمك نسال الله تعالى ان يحفظك ويرعام برعايته ويبعد عنك شر كل حاسد وحاقد ومعاند انه القوي على ذلك والقادر على كل شي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.