أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
49471 79917

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-26-2013, 08:40 AM
أم مسعود أم مسعود غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 52
افتراضي التعليق على القواعد الأربع

التعليق على القواعد الأربع




للشيخ محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله تعالى _
(1115_1206) من الهجرة .



علق عليها : أبو مسعود عبد الله بن محمد أحمد بن إبراهيم












بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلِّم تسليماً كثيراً .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) ) [آل عمران : 102] ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ) [النساء : 1 ، 2] ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ) [الأحزاب : 70 - 72] ([1]).
أما بعد : فهذا تعليق مختصر على متن : "القواعد الأربع" لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله _ وأصله هذا التعليق دروس قمت بإلقائها على بعض الأخوات , وقامت بكتابتها زوجتي أم عبد الرحمن جزاها الله خيرا , فقرأت ما كتبته وزدتُّ عليه زيادات , ثم رأيت أن أكتبه وأنشره رجاء أن ينتفع به المسلمون , والله أعلم وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه : أبو مسعود عبد الله بن محمد بن إبراهيم الطالب بمرحلة الدكتوراه بقسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في : 11/8/ 1434من الهجرة .

(الدرس الأول)

أولا : تذكير بمؤلف المتن : هو المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله , (المجدد) : التجديد نوعان : الأول : محمود : وهو المذكور في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( عن أبي هريرة فيما أعلم : عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ))([2]) , والتجديد المحمود يكون بتعليم الناس دين الإسلام , والمجددون في الأمة كثير , ومنهم : عمر بن عبد العزيز , والشافعي , وشيخ الإسلام ابن تيمية , والشيخ محمد بن عبد الوهاب , وفي عصرنا الحاضر : الشيخ ابن باز والألباني وابن عثيمين .
الثاني : التجديد المذموم : كمن يأتي بدين جديد ويقول نريد إسلام جديد فالإسلام الذي كان عليه الصحابة لا يصلح في هذا الزمان , ونريد غناء وموسيقى إسلامية ومسلسلات وأفلام إسلامية .
(محمد) : هو المحمود على خصاله الطيبة , وهو اسم مشهور بين العرب في الجاهلية قبل الإسلام .
(رحمه الله) : جرت عادة العلماء إذا ما ذُكر عالم من العلماء أن يقولوا : رحمه الله , وهذا الصنيع منهم يبين أهمية طلب العلم الشرعي , فكلما ذُكر العالم ترحم عليه الناس , أفلا نُريد أن يترحم علينا الناس , وذلك بسلوك طلب العلم الشرعي , ولا يحقر المسلم نفسه ويقول : العلماء كثر ولا يحتاج الناس إليّ الآن , ولكن انظر ما إذا مات العلماء فمن الذي يخلفهم ؟ ([3])
وأما مقام الصحابة فأرفع فإذا ذُكروا فإن العلماء يترضون عنهم , ورضى الله تعالى أرفع من الرحمة .
فالشيخ رحمه الله تعالى مجدد لما اندرس : أي انمحى , من معالم الدين الإسلامي في الجزيرة العربية , في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري , أي : بعد اثني عشر قرنا من موت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم , فالشيخ عاش في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري .
التعريف بالمتن : القواعد الأربع رسالة مستقلة لشيخ الإسلام رحمه الله , ولكنها تطبع مع ثلاثة الأصول من أجل الحاجة إليها لتكون في متناول أيدي الطلبة .
أهمية المتن : قال أهل العلم : من فهم هذه القواعد فهما جيدا فقد فهم دين المسلمين ودين المشركين , والذين لم يفهموا هذه القواعد التبست عليهم الأمور فعبدوا القبور والأحجار وأصحابها كالقباب إلى يومنا هذا , وتجدهم يحلفون بغير الله تعالى , ويحسبون أنهم على شيء , لجهلهم بحقيقة التوحيد وحقيقة الشرك .
أهمية معرفة التوحيد والشرك : هذا أمر مهم جدا , وهو ألزم من معرفة أحكام الصلاة والزكاة ؛ لأنها لا تقوم إلا على هذا الأساس , فالأعمال لا تكون صحيحة إلاّ إذا بُنيت على هذا الأساس , وهو االتوحيد , والقواعد الأربع مضمونها معرفة التوحيد والشرك .
معنى القواعد : جمع قاعدة , وهي الأصل الذي يتفرع عنه مسائل كثيرة , أو فروع كثيرة , والقواعد في كل فن مهمة , فبها يُضبط الفن , ومن ثَمَّ قال بعض العلماء : من حُرم الأصول حُرِم الوصول .
من أين تُأخذ القواعد ؟ الواجب في التقعيد هو الرجوع إلى الكتاب والسنة حتى يكون التقعيد صحيحا .

أسئلة الدرس الأول :
س1: من أين نأخذ القواعد الشرعية ؟
س2: ما معنى القواعد ؟
س3: ما هي أهمية معرفة التوحيد والشرك بالنسبة للمسلم والمسلمة ؟
س4: ما هي أهمية رسالة القواعد الأربعة ؟
س5: لماذا تطبع رسالة القواعد الأربع أحيانا مع ثلاثة الأصول وهل هما شيء واحد ؟
س6: ما هو التجديد في الإسلام ؟

(الدرس الثاني)
المتن : ( أسأل الله الكريم ربّ العرش العظيم أن يتولاّك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مبارَكًا أينما كنت، وأن يجعلك ممّن إذا أُعطيَ شكر، وإذا ابتُلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإنّ هؤلاء الثلاث عنوان السعادة ) .
التعليق : هذه مقدمة عظيمة فيها الجمع بين الدعاء بالتوفيق والإفادة للطالب :
( أسأل الله الكريم ) : فيه توسل إلى الله تعالى باسمه الكريم المتضمن لصفة الكرم , ( ربّ العرش العظيم ) : فيه توسل إلى الله عز وجل بربوبيته للعرش فالعرش أكبر المخلوقات وأعظمها وأثقلها .
( أن يتولاّك في الدنيا والآخرة ) : فيه دعاء لطالب العلم بأن يتولاه الله تعالى في الدنيا والآخرة , بأن لا يصيبه مكروه في دينه ودنياه . وهذا من النصح : أن يهتم العالم بطلابه , ويدعو لهم , وإذا استجاب الله تعالى لهذا الدعاء فقد تمت سعادة هذا الطالب , والدارس لهذا الكتاب والمتن يدخل في هذا الدعاء , ولا يدخل فيه غيره ؛ لأن بعض العلماء يدعون لمن يدرس كتبهم .
كيف يتولى الله تعالى العبد : إذا تولى الله عز وجل العبد في الدنيا والآخرة فلا سبيل إلى وصول المكاره إليه لا في الدين ولا في الدنيا : فالأشياء التي يكرهها الإنسان نوعان : 1/ مكاره في دينه : مثل المعاصي والبدع والرجوع عن الاستقامة . 2/ مكاره في الدنيا : مثل المصائب , إلا ما قدره الله تعالى عليه .
ومن ثمرات تولي الله تعالى اعبده : هدايته للصراط المستقيم , والسير على المنهج السليم , فيكون بعيدا عن المناهج المنحرفة , وإذا تولى الله جل وعلا عبده أدخله الجنة .
( وأن يجعلك مبارَكًا أينما كنت ) : أي : تكون مباركا في كل شيء : في عمرك ورزقك وولدك وأهلك , والبركة من الله تعالى كما قال رسولنا عليه الصلاة والسلام : (( وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللهِ ))([4]) , والبركة في العمر: بأن ينجز أشياء كثيرة أوقات قليلة : مثل الشيخ حافظ حكمي رحمه الله مات وعمره أربع وثلاثين سنة أو خمس وثلاثين , وترك علما ومؤلفات كثيرة . والبركة في الرزق ك بأن يكون الرزق قليلا ولكنه مبارك , وهذا أفضل من الرزق الكثير الذي لا بركة فيه . ولذلك يدعو المسلم بهذا الدعاء : (( وبارك لنا فيما أعطيت ))([5]) وهو جزء من دعاء قنوت الوتر . والبركة في العلم : بأن ينتفع بالعلم في نفسه وولده وينفع به الناس من غير مباهاة ولا قصد للشهرة والتكبر , قال الشافعي رحمه الله : ( وددتُ أنَّ النَّاسَ تعلَّموا هذا العلمَ ، ولم يُنْسَبْ إليَّ منه شيء )([6]) , وقال الإمام أحمد : ( ابتلينا بالشهرة) . والبركة في العمل : أن يكون خالصا لله تعالى وعلى السنة : ( فاقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة )([7]) . والبركة في الذرية : بأن تعلمها تعاليم الإسلام وأن يكونوا بارين بوالديهم , وأن ينفعوا الناس , ويدعوا لوالديهم بعد الموت .
( وأن يجعلك ممّن إذا أُعطيَ شكر ) : يشكر الله على فعل أوامره , وترك نواهيه , وشكر النعم يكون بطاعة الله تعالى , قال ربنا جل وعلا : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) ) [إبراهيم : 7] .ومن أعظم الشكر : 1/ فعل الأوامر وترك النواهي .2/ الشكر على نعمة الهداية والرخاء والنعم : بصرف النعم في طاعة الله تعالى : فمن رزقه الله مالا تصدق منه , ومن رزقه علما علمه لغيره ويبدأ بأهله وإخوانه ووالديه وأبنائه , وثمرة الشكر هو الزيادة من النعم (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (7) ) [إبراهيم : 7] ,(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) [الطلاق : 2].
( وإذا ابتُلي صبر) : المسلم والمسلمة لا يخلو من البلاء بالخير أو الشر ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) ) [الأنبياء : 35] , فإذا ابتلي بالنعم أنفقها في الطاعة , وإذا ابتلي بالنقم صبر , قال رسولنا عليه الصلاة والسلام : (( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ))([8]) : فيصبر عند النقم والمصائب ولا يتجزع ولا يتسخط , والصبر يكون عند الصدمة الأولى كما قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم : ((ِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى ))([9]) , فالدنيا لا تكون دائما نعيما مترفا ومسرات , لا بد أن يبتلى المؤمن , فليشكر عند السراء ويصبر عند الضراء والفرج قريب .
( وإذا أذنب استغفر ) : إذا أذنب رجع إلى الله تعالى واستغفر , هذا حال المؤمن , فهو ليس بمعصوم ولكنه يتوب ,( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) ) [آل عمران : 135] , والله تعالى يفرح بتوبة عبده كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه فنام فاستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده طعامه وشرابه فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ))([10]) , فالإنسان إذا لم يتب من ذنوبه فهذا من علامات الشقاء ؛ لأن الذنوب سبب لدخول النار .

الأسئلة :
س 1 :كيف كان الشيخ ناصحاً في مقدمة الرسالة ؟ .
س 2 : كيف يكون تولي الله تعالى للعبد ؟ .
س 3 : كيف يكون شكر الله على النعم ؟ .
س 4 : اذكر – ي – الحديث الذي يحكي حال المؤمن ؟
س 5 : ما هو حال المؤمن عند المصائب ؟ .
س 6 : ما هو حال المؤمن إذا اقترف الذنب ؟




الدرس الثالث

المتن : قال المصنف رحمه الله تعالى : ( اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها , قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) [الذاريات : 56] ) .
التعليق : الشيخ رحمه الله يواصل في الدعاء لمن درس هذه الرسالة , وهذا مما يبين فائدة طلب العلم , فهو دعا له بالرشد وهو : ضد الغواية .
نفهم من كلام الشيخ رحمه الله أن الحنيفية هي دين إبراهيم _ عليه السلام _ , وهي : عبادة الله _ عز وجل _ بالإخلاص كما قال تعالى : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) [البينة : 5] وهذا هو الدليل على أن الحنيفية هي عبادة الله _ عز وجل _ بالإخلاص , وكلام الشيخ _ رحمه الله _ هذا يحتوي على نقاط هي :
· فيه الدعاء من الشيخ للطالب , فالعالم يدعو للمتعلم , وهذه النقطة أيضاً تبين نصح الشيخ وهذا النصح والدعاء لا يأتي إلا من قلب سليم .
· الطاعة : لأنه دعا لنا أن نُرْشَد للطاعة وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي .
· الحنيفية : هي ملة إبراهيم _ عليه لسلام _ ذاك النبي الكريم , وأفضل البشر نبينا محمد _ عليه الصلاة والسلام _ ؛ لأن الله جمع له بين الخُلَّة والكلام مع الله , والخلة هي أعلى درجات المحبة , ثم إبراهيم _ عليه الصلاة والسلام _ له الخلة فقط , ثم موسى _ عليه الصلاة والسلام _ له الكلام مع الله فقط .
· الحنيفية أن تعبد الله _ عز وجل _ وحده بالإخلاص وتجتنب الشرك الأكبر والأصغر , والعبادة : هي التي خلق الله تعالى الخلق لأجلها قال تعالى : (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) [الذاريات : 56] , فالواجب أن نفرد الله _ عز وجل _ وحده بالعبادة , فمن عبد غير الله فقد خالف الحكمة من خلقه .
· تعريف بإبراهيم عليه الصلاة والسلام : هو أبو الأنبياء عليهم _الصلاة والسلام _ من بعده قال الله تعالى : (( وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ )) [العنكبوت : 27] , أي الله عز وجل جعل النبوة في ذرية أبنائه , فكل الأنبياء من بعده من إسرائيل وهو يعقوب عليه الصلاة والسلام كانوا من نسله فهو حفيده من ذرية إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام فخرجت منه أنبياء بني إسرائيل , أما إسماعيل عليه السلام خرجت منه أنبياء العرب ومحمد عليه الصلاة والسلام من ذرية إسماعيل عليه السلام .
· وجعل الله عز وجل إبراهيم إماما للناس . قال تعالى : (( قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا )) [البقرة : 124] . فمن صفاته أن الله جعله إماماً للناس قدوة للناس في الخير .
· إبراهيم عليه السلام دعا الناس إلى عبادة الله لأن الحنيفية هي ملته , وهي دعوة جميع الأنبياء . قال تعالى : (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )) [النحل : 36] , فالأنبياء اتفقوا في دعوة التوحيد واختلفوا في الشرائع , وشريعة الإسلام ناسخة لجميع الشرائع السابقة فلا يجوز العمل بها , والنسخ : هو الرفع , أما التوحيد فلا ينسخ , وأما الشرائع فنعمل بالناسخ ونترك المنسوخ .
· االمتن : قال الشيخ رحمه الله تعالى : (( إذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة , فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة )) .
· التعليق : الله تعالى لم يخلقنا عبثاً ولا سدى إنما خلقنا لعبادته هذا هو سبب خلقنا .
إذا عرفت أنك مخلوق للعبادة ( فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة ) : هذا تشبيه ومثال ضربه الشيخ رحمه الله تعالى والأمثلة الحسية تقرب الفهم , قال تعالى : (( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ))[العنكبوت : 43 ، 44] أي العقلاء هم الذين يفهمونها , فالعبادة من غير توحيد باطلة .
· ( إذا دخل الشرك في العبادة فسدت ) فالذي يذبح لغير الله ويخاف غير الله وينذر لغير الله هذا يُفسد عباداته الأخرى , قال تعالى : (( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) [الزمر : 65] , مثل الإنسان الذي يتوضأ ويُحدث هذا تفسد طهارته .
· قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) [الذاريات : 56] : يعني ما أوجدت الإنس والجن وهما الثقلان إلا للعبادة , فالذي يفعل العبث لا عقل له , والأكل والشرب هما وسيلتان يستعان بهما على طاعة الله عز وجل ولا يُتخذان غاية , والعبد هو الذي ينتفع بالعبادة وهي الغاية من خلقه , والله غني عن عبادة الخلق لا يزيد ملكه عمل عامل ولا يضره تقصير مذنب , والعبادة لا يقبل إلا بشرطين : الإخلاص و المتابعة : أما الإخلاص ضده الشرك وهو من نواقض الإسلام , فالذي يستغيث بالخلق أو يستهزئ بدين الإسلام أو ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو يحلل الحرام أو يحرم الحلال هذا لا يقبل الله له عبادة ولا تصح له عبادة إلا إذا تاب , فالله تعالى يقبل التوبة . فكل هذه الأمور تُبْطِل التوحيد وتبطل العبادة كما إذا توضأ المسلم وأحدث تفسد طهارته . وأما المتابعة بأن يؤدي المسلم العبادة على وفق ما أداها الرسول صلى الله عليه وسلم . فالذي يحج كيف يشاء أو يصلي كيف يشاء فقد ابتدع ولا يقبل الله عبادته .

الأسئلة :
س 1 : ماذا نستفيد من قول الشيخ رحمه الله تعالى : اعلم أرشدك الله تعالى ؟
س 2 : ما هي الحنيفية ؟
س 3 : ما هي الحكمة من خلق الجن والإنس ؟ وكيف تكون مخالفتها ؟
س 4 : أذكري تعريفاً مختصراً بإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ؟
س 5 : ما هي دعوة إبراهيم وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟
س 6 : ما الذي تتفق فيه دعوة الأنبياء وما الذي تختلف فيه ؟
س 7 : ما معنى أن شريعة الإسلام ناسخة ؟
س 8 : ما هي العبادة ؟



الدرس الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم

المتن : قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا )) [النساء : 48] . وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه ) .
· التعليق : هذه خاتمة مقدمة الشيخ رحمه الله تعالى : يعني يا طالب العلم إذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وعرفنا في الدرس الماضي أن العمل لا يقبل إلا بشرطي العبادة: الإخلاص والمتابعة , فالعمل إذا فقد شرطي العبادة أو أحدهما فسد , قال الله تعالى : (( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) [الزمر : 65] , لذلك شبه العلماء الإنسان الذي يعمل ويشرك مثل الذي يسافر سفرا طويلاً ويحمل كيساً من الرمل وأثقل به ظهره , أي يُتعِب نفسه بالأعمال في الدنيا التي فيها الرياء ثم يوم القيامة تجعل أعماله هذه هباءً منثورا .
· أخطر نتيجة للشرك : هي الخلود في النار , ولقد ورد في الحديث ما يُبين شدِّة النار وحال أهلها فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت ، و إنهم ليبكون الدم يعني مكان الدمع " ([11]), فهذا هو جزاء المشرك , فالإنسان يُكثر في هذه الدنيا من الأعمال الصالحة ويحذر من الشرك .
· المتن : (( لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة )) :
· التعليق : أي لعل الله أن ينجيك من الشرك إذا عرفت التوحيد وعرفت الشرك , والإنسان يعرف الشر حتى لا يقع فيه كما قال حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه : (( كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ))([12]) لذلك أعلم الناس بالفتن هو حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يسأله عن الفتن .
· وعرَّف الشيخ رحمه الله تعالى الشبكة بأنها الشرك بالله تعالى الذي قال الله تعالى فيه (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا )) [النساء : 48] . (( لا يغفر )) : والمغفرة هي الستر وتغطية الذنوب .. (( أن يشرك به )) : من أشرك فقد ساوى بالله تعالى غيره . .. (( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) : أي ما كان في حق الله تعالى كمن يقصر في حقه الواجب ما دون الشرك , أما إذا كان في حق المخلوق هذا لا يغفره الله لأنه حق غيره , قال ابن القيم رحمه الله : ( والظلم عند الله عز و جل يوم القيامة له دواوين ثلاثة : ديوان لا يغفر الله منه شيئا وهو الشرك به فإن الله لا يغفر أن يشرك به وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئا وهو ظلم العباد بعضهم بعضا فإن الله تعالى يستوفيه كله وديوان لا يعبأ الله به وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز و جل فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محوا فإنه يمحي بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفرة ونحو ذلك بخلاف ديوان الشرك فإنه لا يمحى إلا بالتوحيد وديوان المظالم لا يمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند الله عز و جل حرم الجنة على أهله فلا تدخل الجنة نفس مشركة وإنما يدخلها أهل التوحيد فإن التوحيد هو مفتاح بابها فمن لم يكن معه مفتاح لم يفتح له بابها وكذلك إن أتى بمفتاح لا أسنان له لم يمكن الفتح به )([13]) , فالإنسان يُسلِّم نفسه من الشرك ومن ظلم العباد لأن التقاضي يوم القيامة بالحسنات والسيئات .

الأسئلة :
س1 : ما شرطي قبول العبادة ؟
س2 :ما أهمية معرفة الشرك ؟
س3 : من أين نعرف التوحيد والشرك ؟




بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس الخامس

المتن : (( قال الشيخ رحمه الله تعالى : وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه :
القاعدة الأولى : أن تعلم أنّ الكفّار الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقِرُّون بأنّ الله تعالى هو الخالِق المدبِّر، وأنّ ذلك لم يُدْخِلْهم في الإسلام، والدليل: قوله تعالى : ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) [يونس:31]. )) . :
التعليق : مشركوا قريش معترفين ويقرون بأن الله هو الخالق , قال تعالى : ( الله خالق كل شيء ) , المدبِّر للكون , يحي هذا ويميت هذا وفي الحديث : ((صحيح مسلم ـ تح عبد الباقي - (1 / 161)
إن الله عز و جل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ))([14]) , وقال تعالى : (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) والسنة هي : مقدمات النوم , لكن هل هذه العقيدة نفعت الكفار بأنهم مقرون بأن الله هو الخالق الرازق .. ؟ لم تنفعهم , لأن هذا الإقرار بتوحيد الربوبية فقط , والدليل قوله تعالى :(( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )) [يونس : 31] : أي قل لهم يا محمد صلى الله عليه وسلم : من يرزقكم من السموات والأرض ؟ والرزق من الأرض الزرع والنبات ومن السماء المطر .. (( أَّمنْ يملك السمع والأبصار )) : من الذي يجعلكم تسمعون وتبصرون ؟ وبعض الناس يسمع الحرام مثل الغيبة والنميمة والأغاني , ويبصر الحرام , فهذان لم يشكران نعمة الله _ عز وجل _ أفلا نشكر الله عز وجل على هذه النعم بالعبادة ؟ وطلب العلم وإفادة الناس من أعظم الشكر _ والكفار معترفون بتوحيد الربوبية , ثم قل لهم يا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ مرة ثانية : (( ومن يخرج الحي من الميت ومن يخرج الميت من الحي )) : مثل خروج البيضة من الدجاجة , والكافر من المسلم مثل ابن نوح عليه السلام , والجاهل من العالم , وأسألهم مرة ثانية : (( أفلا تتقون )) : يعني أفلا تتقون الوقوع في الشرك ؟ فهم مقرون بأن الله هو المتوحد بالربوبية , فقال لهم تعالى , ما دام أنكم مقرون بالربوبية فيجب أن تعترفوا لي بالألوهية , والمصيبة أن بعض جهال المسلمين يظنون أن التوحيد هو الربوبية فقط وأنه يكفي وهذا من أجهل الجهل لأن هذا لا يُحَرِّم الدماء والأموال لذلك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم _ قاتلهم وسبى نساءهم وأخذ أموالهم .
· ما هو توحيد الربوبية ؟ هو توحيد الله عز وجل بأفعاله , أن نعتقد أن الله تعالى هو وحده الخالق الرازق المدبر المحي المميت ..
· والشرك ليس هو في الربوبية فقط ولا يوجد أحد يشرك في الربوبية إلاّ عدد قليل من البشر , ومن الذين أشركوا في ربوبية الله تعالى: فرعون , وبعض الصوفية يقواون الكون يُوجد فيه أربعة أقطاب يدبرون الكون والعياذ بالله , ولم يشرك في الربوبية إلا شواذ من الخلق .
· وتوحيد الألوهية : هو صرف العبادة لله وحده دون ما سواه من شجر أو صنم أو قبة أو ضريح ... إلخ لذلك قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يفردوا الله تعالى بالعبادة فكفار قريش كانوا يعبدون الله تعالى ولكن أشركوا معه غيره .

الدرس السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
المتن : (القاعدة الثانية: أنّهم يقولون: ما دعوناهم وتوجّهنا إليهم إلا لطلب القُرْبة والشفاعة، فدليل القُربة قوله تعالى ?وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ?[الزمر:3].
ودليل الشفاعة قوله تعالى: ?وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ?[يونس:18]، والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفيّة وشفاعة مثبَتة:
فالشفاعة المنفيّة ما كانت تٌطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلاّ الله، والدليل: قوله تعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ?[البقرة:254].
والشفاعة المثبَتة هي: التي تُطلب من الله، والشّافع مُكْرَمٌ بالشفاعة، والمشفوع له: من رضيَ اللهُ قوله وعمله بعد الإذن كما قال تعالى: ?مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ?[البقرة:255] ) .
التعليق : هذا هو حال من وقع في الشرك عندما يُسأل : يقولون : ما دعونا الأضرحة ولا المشاهد ولا القباب , ففي اعتقادهم أن الشرك عبادة الصنم فقط , ومع هذا فالأصنام لم تنعدم فهي موجودة في بعض الدول كالصين واليابان :هناك صنم بوذا , وفي قولهم : ( ما دعوناهم إلا لطلب القربة والشفاعة) : أي ما قلنا : يا شيخ فلان , المدد يا جيلاني , المدد يا ستِّ نفيسة إلا لطلب القربة والشفاعة , فلم نطلب منهم الرزق ولكن هم أفضل منا وعندهم وجاهة عند الله تعالى : فيُقال لهم : السيئة تجرُّ أختها ؛ فهم ظنوا بالله تعالى ظنَّ السوء , وأنه لا يُجيب دعاءهم فوقعوا في الشرك به , فهذه الشفاعة التي ذكروها هي الشفاعة الشركية.
واستدل الشيخ رحمه الله على القربة بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ?[الزمر:3]). فهم يصرفون للأولياء الصلاة والذبح والنذر والسجود كالرافضة الشيعة فهم يسجدون لمشايخهم وطواغيطتم , وغير ذلك من أنواع العبادة , يصرفونها لهم ليتخذوهم وسائط , فهم بظنهم السيئ يقولون : إن الله لا يستجيب دعاءنا , لأننا مذنبون وهؤلاء الأولياء يقربوننا إلى الله , قال الله تعالى ردّا عليهم : (إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) . فسماهم الله عز وجل كذبة كفرة .
في هذا المتن فوائد :
الأولى : المشركون الذين بُعث فيهم رسولنا عليه الصلاة والسلام لم يُشركوا في الربوبية ولكن في الألوهية , وفي هذا الزمان توجد بعض الطوائف كالصوفية : منهم من يقول : يُوجد في هذا الكون أناس يُدبرون الكون مع الله , ومنهم من يعتقد بأن شيخه يخلق ويرزق .
الثانية : سبب وقوع المشركين في الشرك : الشفاعة الباطلة : فاتخذوا الأولياء شركاء ووسطاء ليقضوا لهم الحوائج .
الثالثة : قوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) : سماهم الله تعالى : كفرة : لأنهم عبدوا غيره بأنواع العبادة من ذبح وغيره , وسماهم كذبة : لقولهم : إن الأولياء يقربونا إلى الله .



([1]) هذه خطبة الحاجة التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يفتتح بها غالب خُطَبِه, وقد أخرج مسلم بعضها وهو : ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله , أما بعد : ) "صحيح مسلم" (2/497) ح868 , ك : الجمعة , باب : تخفيف الصلاة والخطبة , وانظر تخريجها في جزء "خطبة الحاجة" للألباني , المكتب الإسلامي , بيروت , ط /1400هـ .

([2]) رواه أبو داود في "سننه" (2 / 512) ح4291 , وقال الشيخ الألباني : صحيح .

([3]) وهنا قصة مفيدة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في مسيره في طلب العلم : عن ابن عباس قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم قلت لرجل من الأنصار : هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فإنهم اليوم كثير فقال : و اعجبا لك يا ابن عباس أترى الناس يفتقرون إليك و في الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من فيهم ؟ قال : فتركت ذاك و أقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و إن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه و هو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب فيخرج فيراني فيقول : يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جاء بك ؟ هلا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : لا أنا أحق أن آتيك قال : فأسأله عن الحديث فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني و قد اجتمع الناس حولي يسألوني فيقول هذا الفتى كان أعقل مني . رواه الحاكم في " المستدرك على الصحيحين" (1 / 188) ح363 , وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري و هو أصل في طلب الحديث و توقير المحدث , وقال الذهبي : على شرط البخاري .



([4])صحيح البخاري ح 3579.

([5]) رواه ابن حبان في "صحيحه" ح720.([5]) رواه ابن حبان في "صحيحه" ح720.
قال الشيخ الألباني : صحيح ـ ((الإرواء)) (2074) ، ((المشكاة)) (2773) .

([6]) أخرجه : أبو نعيم في " الحلية " 9/119 .

([7]) أخرجه الهروي في "ذم الكلام وأهله" (3/70) ح429.

([8]) صحيح مسلم (4 / 2295) ح2999 .

([9]) صحيح البخاري (2 / 100) ح1283.

([10]) صحيح مسلم (4 / 2103) ح2744


· ([11]) السلسلة الصحيحة للألباني(2 / 423)

([12]) رواه البخاري صحيح البخاري ح 3606.

([13]) الوابل الصيب (ص24)

([14]) رواه مسلم (1 / 161) ح293
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.