أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
143994 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-11-2016, 11:05 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي مقالة هامة لشيخنا فتحي الموصلي (العلاقة بين السلف والخلف في اللسان والبيان).

العلاقة بين السلف والخلف في اللسان والبيان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فالناظر بعين البصيرة والإنصاف يدرك فقه العلاقة بين المتقدم والمتأخر، وبين السّلف والخلف، وبين الأصل والفرع، وبين المحكوم عليه والمحكوم به؛ فالجهل بهذه العلاقة يفضي غالباً إلى تضييع مقادير السلف والمتقدمين من أهل العلم، أو يفضي إلى تجهيل الخلف والمتأخرين من أهل الفقه والاجتهاد وتعطيل دورهم في باب العلم والبيان.>

وقد يقع الإنسان في البدع أو يخالف طريقة أهل العلم والفقه بسبب الجهل بهذه العلاقة وإلقاء العداوة بين قرون العلم، أو قطع إسناد الفهم والدراية بينه وبين تلك القرون؛ تارة بسبب جهله بعلم السلف ومقاديرهم، وتارة ثانية بسبب جهله بطرق تحصيل العلم عن أهله، وتارة ثالثة بانتقاصه لاجتهاد وجهود الفحول من العلماء الذين تحرو طريقة السلف في العلم والاستدلال وفي الفهم والاستنباط.

ونشأت بسبب هذا القصور أو ذلك التقصير طبقة من المتفقهة وطلبة العلم يجتهدون في فهم علوم السلف من غير أصول صحيحة في التلقي ولا ضوابط دقيقة في الاجتهاد حتى ظهرت التفسيرات الغريبة للنصوص والتنزيلات السقيمة للأحكام والتأصيلات الضعيفة في الاستدلال والاعتقاد والانتقاد؛ فذهبوا يفسرون الكتاب والسنة وكلام السلف بآرائهم وفهمهم لا بأصول العلم وقواعده ولا بفهم السلف ونقولهم إلا بالقدر الذي يكون أحدهم حاطب ليل تارة في طريقة استدلاله بالمرويات في غير بابها، وتارة أخرى في فهمها على غير مراد قائلها؛ فظهرت بسبب ذلك ظواهر خطيرة :



منها: أن مذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أعلم.... في حين أن الصواب من كل وجه هو أن مذهب السلف في كل باب من أبواب الشريعة هو الأسلم والأعلم والأحكم.

ومنها : التفريق بين المتقدمين والمتأخرين في علم الحديث تفريقا ألقى العداوة بينهما ، وعطّل جهد المتأخرين في تفسير منهج المتقدمين وتطبيقه وبيانه بقواعد صحيحة في التصحيح والتضعيف والترجيح.



ومنها: الأخذ بالظاهرية الجامدة في فهم آثار السلف وفي تطبيقها وتنزيلها حتى ذهبوا إلى مقالات السلف في ذم أهل البدع المغلظة ؛ فأنزلوها في كل مخالف من غير معرفة بالفارق والجامع بينهما.

وإني إذ أكتب هذه الكلمات في هذه العجالة( لم يكن في البال الردّ على أحد بعينه أو التعقب على متكلم بشخصه؛ وإنما هو بيان الأصول الصحيحة والقواعد المتينة التي تبيّن العلاقة بين السلف والخلف أو المتقدمين والمتأخرين في اللسان والبيان، وفي علوم التصحيح والتضعيف، وفي منهجية تلقي العلم الشرعي .

*علاقة السلف بالخلف في اللسان والبيان*
وهذه العلاقة تظهر من خلال المقدمات التالية.

المقدمة الأولى:ينبغي مراعاة المعاني الصحيحة في الكلام والتعبير عن هذه المعاني بالألفاظ الشرعية؛ فيكون الحق صحيحاً في نفسه ويعبر عنه بالوجه الشرعي؛ فالخطأ تارة يكون من جهة المعاني وتارة أخرى يكون من جهة الألفاظ.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في الدرء (1/ 254):"فطريقة السلف والأئمة أنهميراعون المعاني الصحيحةالمعلومة بالشرع والعقل، ويراعون أيضاً الألفاظ الشرعية، فيعبرون بها ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، ومن تكلم بما فيه معنى باطل يخالف الكتاب والسنة ردوا عليه، ومن تكلم بلفظ مبتدع يحتمل حقاً وباطلاً نسبوه إلى البدعة أيضاً، وقالوا: إنما قابل بدعة ببدعة، ورداً باطلاً بباطل".



المقدمة الثانية: أن الألفاظ لا تقصد لذاتها ؛ فالعبرة في التعبير عن الحق بأي لفظ كان إلا إذا كان الباب من المأثور أو المنقول أو لا يستقيم المعنى إلا به أو كان من قبيل الألفاظ المجملة أو المبتدعة؛ فيُغتفر في الألفاظ ما لا يغتفر به في غيرها إذا كانت المعاني صحيحة.



المقدمة الثالثة:أن لسان السلف لسان بيان وتفسير وتعليم ، ولسان الخلف لسان ترجمة وشرح وتعريف، ولسان المعاصرين لسان توضيح وتفهيم وتقريب.

فلا تعارض بين هذه الألسنة الثلاثة ما دام أنها جميعاً قد دلّت على معاني ثابتة بالنقل والعقل.



المقدمة الرابعة: أن الحجة في كل زمان لا تقوم إلا بلسان ذلك الزمان؛ فلا تكون الحجة بتبليغ المعاني قائمةً إلا بقدر ما يفهمه الناس من الخطاب؛ أي بقدر فهم المخاطب كلام المتكلم وقصده. وهذا راجع إلى اللغات والدلالات واللسان.

المقدمة الخامسة: أن اللسان يطلب طلب وسائل والبيان يطلب طلب مقاصد ؛ واللسان هو من لوازم البيان ووسائله؛ لهذا لا يتحقق المقصود إلا ببيان المتكلم وتمكين المخاطب من الفهم؛ فإذا أحتيج المتكلم إلى تفهيم المخاطب، فله أن يعبر عن مقصوده بأي اصطلاح بشرط أن يكون المعنى صحيحاً.

ولتوضيح ما تقدم أقول:

قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْرَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِلِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.

فالآية ذكرت: الغاية والوسيلة معاً؛ فالغاية هي البيان والوسيلة هي اللسان،وصدرت الآية بالعموم؛ أي في كل أمة ومع كل رسول؛ لتقرير أن الحجة في كل زمان لا تقوم إلا ببيان المعاني الصحيحة بلغة ولسان أهل ذلك الزمان؛ أي: حصول البيان لهم بلسانهم وبلغة تخاطبهم، أو بتعريفهم المعاني بلسان آخر على سبيل الترجمة أو الشرح ؛ فهم يفهمون الخطاب بلغتهم ولسانهم الأول ،أو إذا تعذر عليهم البيان يخاطبون بلسان آخر يكون ترجمة للسان لمعاني اللسان الأول، أو بتقريب معاني اللسان الأول بألفاظ يُفهم منها مقصوده ومعناه.

وإذا كان بالإمكان في وقت إرسال الرسول أن يفهم الناس ما جاء به من المعاني لأنه يخاطبهم بلسانهم ولغتهم ؛ فإنه مه تباعد الأزمان وتغير اللغات وعجمة اللسان لا سبيل إلى فهم معاني كلام الرسول إلا بالترجمة للفظه أو معناه ، أو ببسطه وشرحه وتفصيله، أو بتقريبه للناس بحسب مداركهم ولسانهم واصطلاحاتهم.

لهذا صار اللسان الذي تقو به الحجة ويتحصل به البيان النبوي بعد مبعث النبي صلى الله عليه سلم ثلاثة:

اللسان الأول: وههو لغة النبي صلى الله عليه وسلم ولغة أصحابه؛ وهو لسان البيان والفصاحة كامل في مبناه ومعانيه ومقاصده؛ فكماله في الوسائل والمقاصد وفي المبنى والمعنى.

واللسان الثاني: وهو لسان الخلف والمتأخرين، وهو لسان الترجمة والشرح والتفصيل والتعريف ؛ وهو موضوع لبيان اللسان الأول وترجمة معناه؛ وهو حجة في زمانه وحجة على من لم يتمكن من إدارك مقاصد السلف من كلامهم ومختصراتهم ومروياتهم.

واللسان الثالث: وهو لسان اليوم، وهو اللسان الذي أصابته العجمة وبعد به العهد عن معهود العرب في استعمال ألفاظهم ومقاصد كلامهم ؛ لهذا احتاج الناس في استعماله إلى تفهيم معاني السلف بشروح وتفصيل الخلف وتقريب تلك المعاني بألفاظ يمكن التفاهم والتفهيم بها؛ لهذا يكون اللسان الثالث بمثابة ( التقريب لترجمة الخلف لكلام السلف) وهو أيضاً: ( تفهيم معاني الشرع بلغة العصر) وهو كذلك (توضيح المشكل وتفصيل المجمل لكلام أئمة العلم من المتقدمين والمتأخرين).

يقول شيخ الإسلام رحمه الله في هذا الباب في كتابه الجواب الصحيح:( 2/ 71-72) :" فكذلك بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه وغير قومه، ولكن إنما يبعث بلسان قومه ليبين لهم ثم يحصل البيان لغيرهم بتوسط البيان لهم إما بلغتهم ولسانهم وإما بالترجمة لهم ولو لم يتبين لقومه أولاً لم يحصل مقصود الرسالة لا لهم ولا لغيرهم وإذا تبين لقومه أولا حصل البيان لهم ولغيرهم بتوسطهم وقومه إليهم بعث أولاٍ ولهم دعا أولاً وأنذر أولاً وليس في هذا أنه لم يرسل إلى غيرهم لكن إذا تبين لقومه لكونه بلسانهم أمكن بعد هذا أن يعرفه غير قومه: إما بتعلمه بلسانهم وإما بتعريف بلسان يفهم به .

والرجل يكتب كتاب علم في طب أو نحو أو حساب بلسان قومه ثم يترجم ذلك الكتاب وينقل إلى لغات أخر وينتفع به أقوام آخرون كما ترجمت كتب الطب والحساب التي صنفت بغير العربي وانتفع بها العرب وعرفوا مراد أصحابها وإن كان المصنف لها أولا إنما صنفها بلسان قومه وإذا كان هذا في بيان الأمور التي لا يتعلق بها سعادة الآخرة والنجاة من عذاب الله فكيف يمتنع في العلوم التي يتعلق بها سعادة الآخرة والنجاة من العذاب أن ينقل من لسان إلى لسان حتىيفهم أهل اللسان الثاني بهاما أراده بها المتكلم بها أولا باللسان الأول"



المقدمة السادسة: ينبغي التفريق بين تفسير الشرع ، وبين التعبير عنه؛ فالأول يكون بلغة العرب ولسان قريش واصطلاح السلف، والثاني يكون بترجمة الأول وشرحه وتفصيله وبأي لسان تقوم به الحجة ؛ فتفسير الكلام والنص شيء والتعريف بالمفسَّر شيء آخر؛ فليس كل ما يحسن التعبير به يصلح للتفسير.



المقدمة السابعة: من المقرر المجمع عليه عند العلماء جواز مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ، ومراعاة أعراف الناس في تخاطبهم ؛ مع الحاجة، وهذا النوع من الحاجات يتنزل منزلة الضرورات.



المقدمة الثامنة:مقام التفهيم في الشريعة بحسب الحال؛ فتارة يقتضي الاختصار وتارة يقتضي التطويل وتارة يقتضي التفصيل بحسب الحاجة والمقام؛ فإلزام الخلق باسلوب واحد كالاختصار أو التطويل من التكليف بما لا يطاق.



المقدمة التاسعة ( والأهم): أن كل عالم من العلماء المحققين والأئمة المجتهدين في كل زمان يقوم مقام علماء السلف في عصره وزمانه ومكانه ...فالشريعة أنابت العلماء المتأخرين مكان الأئمة المجتهدين المتقدمين في تبليغ الدين وشرح العلم وتفصيله؛ وأنابت العلماء المعاصرين مكان الأئمة المتأخرين في نفس الغرض والمقصد؛ وإلا انقطع إسناد العلم وانقطعت حجة الله على خلقه في العلم والبيان.



المقدمة العاشرة:يغلب على طريقة السلف التعريف بالمثال ، ويغلب على طريقة الخلف التعريف بالحد ، والتعريف بالمثال أيسر وأوضح ؛ ولكن لا تصلح الأخيرة إلا لمن كانت تصوراته قائمة ومفاهيمه واضحة ودرايته بالمسميات ثابتة ؛ لهذا قد يكون المفضول مع الحاجة في بعض الأزمان وبسبب بعض العوارض والمصالح هو الأفضل.



يتبع عن العلاقة بين المتقدمين والمتأخرين في علم الحديث -إن شاء الله -.
والحمد لله رب العالمين.
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-12-2016, 03:49 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


بوركت أخي الفاضل
أبا العباس
على النقل الموفق
وجزى الله شيخنا خيرا على ما كتب

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-12-2016, 04:21 PM
عثمان الجزائري عثمان الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 330
افتراضي

نعم
بوركت أخي الفاضل
أبا العباس
على النقل الموفق
وجزى الله شيخنا خيرا على ما كتب

__________________
وبالسُّنَّةِ الغَرَّاءِ كُنْ متَمَسِّكًا ... هي العُرْوَةُ الوُثْقَى الَّتي لَيْسَ تُفْصَمُ
تَمَسَّكْ بِهَا مَسْكَ البَخِيْلِ بِمَالِهِ ... وعُضَّ عَلَيْهَا بالنَّوَاجذِ تَسْلَمُ
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-15-2016, 06:21 PM
أحمدعباس الزبيدي أحمدعباس الزبيدي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Mar 2015
المشاركات: 71
افتراضي

جزيت خيرا اخي الموفق ابا العباس وبارك الرحمن لنا في شيخنا اباعبد الله فتحي لهذه التأصيلات النيرات .
__________________
قال الحسن البصري "المؤمن وقّاف متبيِّن" مجموع الفتاوى ( 10 / 382 )
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-19-2016, 01:31 PM
الاستاذ نوري العجيلي الاستاذ نوري العجيلي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
الدولة: العراق/كركوك
المشاركات: 8
Post احتاج قبس من العلم

المقدمة الثالثة:أن لسان السلف لسان بيان وتفسير وتعليم ، ولسان الخلف لسان ترجمة وشرح وتعريف، ولسان المعاصرين لسان توضيح وتفهيم وتقريب.
س/هل يمكن حصر تلك التقسيمات في زمن معين كوقت السلف بداية ونهاية والخلف بداية ونهاية والمتقدمين بداية؟؟؟؟
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:13 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.