أذان عثمان ـ رضي الله عنه ـ بين رأيين !

[أبوالأشبال الجنيدي الأثري]

الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ..
وبعد : إنه من عرف المداخلة وبغيهم على الناس , وتصيدهم للاخطاء والعثرات التي يبنون عليها قصورا وعلالي ليصلوا إلى تبديع من يخالفهم ؛ عرف أن إثارة قضية أذان عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ ما هي إلا تسويغا لإسقاط (مدخلي اليمن) = يحي الحجوري بعد أن رفض السمع والطاعة ـ أخيرا ـ !!
و أنا هنا لست أدافع عن الحجوري ؛ لأنه يحصد ثمن بغيه على إخوانه أهل السنة ,وإنما أردت أن أبين الموقف الشرعي من هذه المسألة بناء على ألفاظ أثر أذان عثمان نفسه !
ولكن مما ينبغي أن يتنبه له طالب العلم أن إثارة المدخلي لهذه المسألة وتحمسه في تتبع أثر عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وتضعيفه له ما هو إلا تسويغ لتبديع الحجوري ,وإلا فإن كلام الحجوري في بدعية أذان عثمان وعدم مشروعيته قديم , منذ أن كان المدخلي يمدحه وينصح به ؛ وقبل أن يقول : الخلاف معه انتهى إلى الأبد !!
ولكن للأسف : الأبد انتهى بسرعة !!
قلت : المتأمل للأثر الذي أخرجه البخاري عن السائب بن يزيد أن الأذان [ الذي ذكره الله في القرآن ] كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر [ وإذا قامت الصلاة ] يوم الجمعة [ على باب المسجد ] في عهد النبي صلى الله عليه وسلم و أبي بكر وعمر فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس [ وتباعدت المنازل ] أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث ( وفي رواية : الأول وفي أخرى : بأذان ثالث ) [ على دار [ له ] في السوق لها الزوراء ] فأذن به على الزوراء [ قبل خروجه ليعلم الناس أن الجمعة قد حضرت ] فثبت الأمر على ذلك [ فلم يعب الناس ذلك عليه وقد عابوا عليه حين أتم الصلاة بمنى ] .[انظرتخريجه مع الزيادات التي فيه "الأجوبة النافعة" (ص8-9 ) ].
يجد أن الأذان هذا لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولا في عهد أبي بكرالصديق ـ رضي الله عنه ـ ولا في عهد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ولا في صدر خلافة عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ , وإنما أحدثه عثمان بعد أن رأى كثرة الناس وتباعد منزلهم و فأقره الناس جميعا بمن فيهم الصحابة الذين كانوا متوافرين في خلافته ؛ فصارإجماعا سكوتيا عليه !
ولو رآه الصحابة والتابعون أنه بدعة في دين الله , ومخالفة لشرع الله لأنكروه عليه كما أنكروا عليه إتمام الصلاة , وهم الأعلم والأحكم والأجرأ !
فلما لم ينكر عليه الصحابة هذا دل على أنه ليس بدعة في الدين , ولا تطلق عليه لفظة البدعة إلا من حيث اللغة !
لماذا ؟!
لأن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أمر بالأذان في السوق على دار له (الزوراء) وليس في المسجد , لينبه الناس على قرب وقت الصلاة حتى يتهيؤوا لها , ولا تفوتهم وهم غافلون كما حدث له وأنكر عليه عمر ـ رضي الله عنه ـ من فوق المنبر!
فلم يلحقه بالصلاة , ولم يلحقه بالمسجد ؛ بل هو بعيد عن المسجد , وبعيد عن وقت الصلاة !
فهذا يلحق بالمصالح المرسلة التي ينظر في مسبباتها , ومقتضياتها ؛ متى ما وجدت وجدت , متى ما انعدمت انعدمت !
وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينادي (بالصلاة جامعة) من أجل الاجتماع لا من أجل الصلاة !
وبما أن الأسباب التي من أجلها امر بالأذان قد زالت بكثرة المساجد حتى أنك تجد في الحي الواحد , أو الشارع الواحد أكثر من مسجد , وبوجود مكبرات الصوت , والساعات والمنبهات وو...
فإن هذا الأذان صار غير مشروع لأن مقتضاه قد زال !
ولو شرع في مكان ما لهذه الظروف نفسها أو ما يشبهها فإنه ينبغي أن يكون خارج المسجد وفي غير وقت الصلاة تأسيا بالخليفة الراشد عثمان بن عفان الذي أقره عليه علماء الصحابة في عصره .
هذا الذي يصدق فيه أنه اقتداء بالخليفة الراشد , أما هذا الأذان المحدث داخل المسجد و بعد دخول وقت الصلاة ؛ فهذا لا شك أنه بدعة ضلالة , فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم , ولم يفعله الشيخان بعده, ولم يفعله عثمان بن عفان !!
فمن هو قدوتهم فيه ؟!
فلا شك أن (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) !
فالمتأمل لهذا الأثر و ألفاظه يجد أن عثمان لم يشرع عبادة جديدة حتى يقال أنه ابتدع أو وقع في بدعة ـ وحاشاه من ذلك ـ ولا يقال أنه بدعة إلا من حيث اللغة ؛ فنعمت البدعة هي !
أما يفعله الناس اليوم من الأذان داخل المسجد فهو بدعة ومخالف لفعل عثمان ـ رضي الله عنه ـ
فأذان عثمان على الوجه الذي فعله لا ينكر , والأذان الذي يفعله الناس اليوم لا يشرع , ولا حجة لهم في فعل عثمان إلا إذا فعلوه على الوجه الذي فعله هو !
إذن فلنأخذ دفاع المدخلي عن أذان عثمان إلى ما فعله عثمان لا إلى ما أحدثه الناس هذه الأزمان ..
ولنأخذ تبديع الحجوري لأذان عثمان إلى ما أحدثه الناس لا إلى ما فعله عثمان ـ رضي الله عنه ـ !
فالأمر بينهما ولله الحمد دفاعا عن عثمان وحفاظا على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ولكن ما يقال إنصافا : أن استغلال المدخلي لهذه المسألة لتبديع الحجوري هو استغلال رخيص ينبئ عن مدى استماتة المدخلي في إسقاط مخالفيه بأي طريقة ,وإلا فإن كلام الحجوري قديم فلماذا لم يتكلم عليه من قبل و ثم الحجوري مسبوق من كثير من أهل العلم !
وهذا ليس دفاعا عن الحجوري فهو مثل المدخلي في الغلو والتجريح , والفجور في الخصومة بل تلميذه النجيب في هذا ...
ولنتأمل حال هذه المدرسة الإنشطارية التي يبدع بعضهم بعضا , ولنسأل الله العافية ..
فقد بدأ إنشطار جديد بين المدخلي والجابري , فاللهم لا شماتة !

[إبراهيم بن عمر اليسري]

لماذا لا يطعن- أو لا يرد -على الشيخ مقبل رحمه الله وهو يقول بنفس قول الشيخ يحي!!!

[رأفت صالح]

سلمت يمينك أخي أبا الأشبال
تفصيل جمييييل ورائع!

[ابو العبدين البصري]

بارك الله فيك أخي وجزاك الله خيرا.

وعندي استفسار حول موضوعك القيم.

أولا: هل يفهم من قولك أنه ليس بدعة لأنه خارج المسجد ولم يلحقه بالصلاة وعددته من المصالح المرسلة أن هذا مطرد أم ماذا؟
أي أن كل عبادة كذلك تكون من المصالح إذا كانت خارج الصلاة والمسجد؟

ثانيا: هل صح أن علياً رضي الله عنه أعاد الأذان في خلافته إلى ما كان عليه في عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_.

[لؤي عبد العزيز كرم الله]

بوركت وأحسنت أستاذنا الفاضل وتفرقهم والله أحب إلينا ففيه إضعاف لغلوهم وشغل لهم عن علمائنا ودعاتنا السلفيين دعاة الإصلاح والإجتماع والإئتلاف حتي يمضوا في سبيلهم ودعوتهم فكم ضاعت أزمان وفاتت أعمار بسببهم لا كثرهم الله ‏.‏ ‏

[أبوالأشبال الجنيدي الأثري]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو العبدين البصري

بارك الله فيك أخي وجزاك الله خيرا.

وعندي استفسار حول موضوعك القيم.

أولا: هل يفهم من قولك أنه ليس بدعة لأنه خارج المسجد ولم يلحقه بالصلاة وعددته من المصالح المرسلة أن هذا مطرد أم ماذا؟
أي أن كل عبادة كذلك تكون من المصالح إذا كانت خارج الصلاة والمسجد؟

ثانيا: هل صح أن علياً رضي الله عنه أعاد الأذان في خلافته إلى ما كان عليه في عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_.

المناط فيها ليس لأنها خارج المسجد فقط حتى يقال : "إن كل عبادة من المصالح " وإنما ينظر في تحقق المصلحة يقينا لا توهما , ووجود المقتضي لها الذي لم يكن زمن النبي صلى الله عليه وسلم , أما أن يكون المقتضي قائما زمنه عليه الصلاة والسلام ومع ذلك تركه فهنا لا يكون من المصالح بل من البدع !
وألا يكون المقتضي الحادث بسبب تفريط الناس وتركهم الالتزام بالسنن !
فمثل أذان عثمان ـ رضي الله عنه ـ مقتضاه هو كثرة الناس , وتباعد منازلهم , ولا توجد الأجهزة المنبهة .. فهنا كانت حاجته إليه , واستعمال النداء لتنبيه الناس كان معروفا حتى عند النبي صلى الله وسلم كان يؤذن في الناس بالصلاة جامعة , وكان هذا هو نداء الصلاة فلما جمعهم قال : (فقال يا أيها الناس اني لم أدعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن تميم الداري أخبرني أن نفرا من أهل فلسطين ركبوا البحر فقذف بهم الريح إلى جزيرة من جزائر البحر فإذا هم بدابة أشعر لا يدري ذكر هو أو أنثى لكثرة شعره... )الحديث .
وهذا كثير في حياته صلى الله عليه وسلم كأذانه يوما بالصلاة جامعة فلما جمع الناس أخذ بيد علي وقال :(( ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ ) قالوا بلى . قال ( ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ ) قالوا بلى . قال ( فهذا ولي من أنا مولاه . اللهم وال من والاه . اللهم عاد من عاداه ) ..
فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم نداء الصلاة ـ في ذلك الوقت ـ لجمع الناس لبيان أمر أو موعظة أو أو ... فكذلك فعلها عثمان ـ رضي الله عنه ـ ولكنه لم يلحقها بالصلاة لتكون جزءً منها كما يفعله الناس اليوم !
فأمره خارج عن كونه إحداث في عبادة ,... والله أعلم .
ومما ينبغي أن نتنبه له هو : أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ لم يفرض هذا الأذان على سائر المناطق والأقطار , وإنما في المدينة فقط , و أول من أحدثه في مكة هو الحجاج كما قال عمرو بن دينار !
أما أثر علي فلم أقف عليه مسندا , وإنما ذكره القرطبي عن علي بدون إسناد فالله أعلم , ولعلي أنشط فأبحث عنه .
وقد ثبت عن عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ أنه كان لا يؤذن له حتى يجلس على المنبر ولا يؤذن له إلا أذانا واحدا يوم الجمعة كما قال عمرو بن دينار .

[عمربن محمد بدير]

أذان عثمان رضي الله عنه وأرضاه؛(إن قيل سنّة) ،فليجعله أصحابه في السوق على دار أحدهم ...!!!
فمن حرص على (سنّة عثمان) فلتكن كما فعلها رضي الله عنه ...وإلا فليخلنا مساكتتةً ..

[أبوالأشبال الجنيدي الأثري]

أحسن الله إليكم جميعا .

[أبو مصطفى السلفي]

السؤال المطروح على المداخلة :
لماذا كان المدخلي يوثق (هشام بن الغار) في كتابه (المدخل إلى صحيح الحاكم) (3/359) , والآن يضعفه نكاية في الحجوري لتهمه بتبديع عثمان ـ رضي الله عنه ـ ؟!
وهاكم توثيقه مصورا :

[أبوالأشبال الجنيدي الأثري]

رأيت أحد السحابيين المتعصبين ـ وكلهم كذلك ـ للشيخ ربيع يحاول جهده دفع الاضطراب عن أقوال الشيخ ربيع ,
زاعما أن ما أحدثه الخلفاء الراشدون كله سنة !!!
ولا أدري هل يعني نص حديث "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " إثبات العصمة للخلفاء الراشدين , وأن اجتهاداتهم كلها صواب لا خطأ فيها ؟!
هل يعني الخلفاء الراشدون صاروا بمقتضى هذا الحديث معصومين وسنتهم تتبع ولو خالفت عمل السنة الصحيحة ؟!
وسؤالي لهذا المتعصب : ماذا تقول في إتمام عثمان رضي الله عنه للصلاة هل ستقول كما قلت : "إذ المعلوم أنَّ ما أحدَثه الخلفاء سُنَّةٌ مُتَّبَعة، فكيف يكون بدعة؟." ؟!
على أنني أستغرب كيف يفهمون سنة الخلفاء الراشدين , وهل يختلف فهمها عن فهم قول الله تعالي {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
هل سبيل المؤمنين هنا سنة متبعة كمتابعة الرسول أم كيف يفهمونها ؟!
لا أدري هل عرفوا معنى اتباع السلف , واتباع الصحابة , وهل درسوا يوما حجية قول الصحابي , ومتى يكون حجة عند القائلين بحجيته , ومتى لا يكون و أم أن أعراض العلماء شغلتهم عن تعلم هذه الأمور !
عجيب !