أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
36791 | 89305 |
#11
|
|||
|
|||
أخو ثقةٍ يُسرُّ بحُسنِ حالِي /// وإن لَم يُدنِهِ مني قَرابهْ |
#12
|
|||
|
|||
كتب أبو النَّفيس إلى صاحبٍ له كان يغشاهُ كثيرًا، ويباثه طويلًا:ليس ينبغي -أبقاكَ الله- أن تغضبَ على صديقِك إذا نصحَ لكَ في جليلِك ودقيقِك؛ بل الأقمنُ بك، والأخلقُ لك أن تتقبَّل ما يقولُه، وتُبدي البشاشةَ في وجهِه، وتشكُره عليه؛ حتى يزيدَك في كل حالٍ ما يجملك، ويَكبِتُ عدوَّك، والصَّديقُ قليل، والنُّصحُ أقلُّ، ولن يرتبطَ الصديقُ إذا وُجد بِمثلِ الثقةِ به، والأخذ بهَديِه، والمصيرِ إلى رأيِه، والكونِ معهُ في سرَّائه وضرَّائه، فمتى ظفرتَ بهذا الموصوف؛ فاعلمْ بأنَّ جدَّك قد سَعِد، ونجمكَ قد صعِد، وعدوَّك قد بَعُد. والسلام. اهـ من "الصداقة والصديق". |
#13
|
|||
|
|||
سئل بعضُهم: من صديقك؟
قال: الذي إذا صرتُ إليهِ في حاجةٍ؛ وجدتُه أشدَّ مسارعةً إلى قضائِها منِّي إلى طلبِها. وسئل آخر: من الصَّديق؟ قال: مَن شهد طرفُه لك عن ضميرِه بالوفاء والوُد، فإنَّ العينَ أنطقُ من اللسان، وأوقدُ من النِّيران. وقال آخر: خيرُ إخوانِك مَن آساكَ، وخيرٌ منه مَن كفاك. وقال العتَّابي: قلتُ لأعرابي قُح: إني أريد أن أتَّخذ صديقًا؛ فابعثْه لي حتى أطلبَه. قال: لا تبعث؛ فإنك لن تجده! قلتُ: فابعثْهُ كيفما كان حتى أتمنَّاه، وإن كنتُ لا ألقاهُ! قال: اتَّخذ مَن ينظر بعينك، ويسمعُ بأذنك، ويبطش بيدك، ويمشي بقدمك، ويحط في هواك، ولا يراهُ سواكَ، اتَّخذ من إن نطقَ فعن فِكرك يستملي، وإن هجعَ فبِخيالك يحلُم، وإن انتبهَ فبِكَ يلوذ، وإن احتجتَ إليه؛ كفاكَ، وإن غبتَ عنه ابتداكَ، يستُر فقرَه عنك؛ لئلَّا تهتمَّ له، ويُبدي يَسارَه لك؛ لئلا تنقبضَ عنه. منتقى من "الصداقة والصديق" -بشيء من التصرف-. |
#14
|
|||
|
|||
وَمَن كَانَ مِنكُمْ ذَا وِدَادٍ وَخُلَّـةٍ /// لِمُرْتَفِعِ الْأخْلَاقِ جَمِّ الْمَنَـاقِبِ |
#15
|
|||
|
|||
قال بعضهم يصف صديقًا: |
#16
|
|||
|
|||
(( وقال أعرابي في صاحبٍ له: |
#17
|
|||
|
|||
( ومن منثور الأخبار والأشعار فيمَن تُؤثَر صُحبتُه...:
ما رُوى عن عمر بن الخطَّاب أنه قال: عليك بإخوان الصِّدق، فعِشْ في أكنافِهم؛ فإنهم زَين في الرَّخاء، وعدَّة في البلاء. وقالت الحُكماء: اعرِف الرَّجلَ مِن فعله لا من كلامِه، واعرِف محبَّته من عَينه لا مِن لسانِه. وقال بعضُ الحُكماء: اصطَفِ من الإخوانِ ذا الدِّين والحسب والرأي والأدب؛ فإنَّه رِدء لك عند حاجتِك، ويدٌ عند نائبتِك، وأُنسٌ عند وحشتِك، وزَينٌ عند عافيتِك. وقال جعفر بن محمد لابنِه: يا بُنيَّ! مَن غضبَ مِن إخوانِك ثلاث مرَّاتٍ فلم يَقل فيكَ سوءًا؛ فاتَّخِذهُ لنفسِك خِلًّا. وقال بعضُ الأدباء: لا تصحب من النَّاس إلا: مَن يكتُم ويستر عَيبك، ويكونُ معكَ في النَّوائب، ويؤثرُك في الرَّغائب، ويَنشُر حسنتَك، ويَطوي سيِّئتَك، فإن لم تجدهُ؛ فلا تَصحَب إلا نفسَك. وقيل لأعرابي: مَن أكرمُ الناسِ عشرةً؟ قال: مَن إن قرُب مَنح، وإن بعُد مَدح، وإن ظُلم صَفح، وإن ضُويِق سَمح، فمَن ظفر به؛ فقد أفلح وأنجح. وقيل لابن السَّمَّاك -محمد بن صُبيح-: أي الإخوان أحقُّ بإبقاء المودَّة؟ قال: الوافرُ دينُه، الوافي عقلُه، الذي لا يَملُّك على القُرب، ولا يَنساكَ على البُعد، إن دنوتَ منه داناكَ، وإن بعُدتَ عنه راعاكَ، وإن استَعنتَ به عضدك، وإن احتجتَ إليه رفدك، وتكونُ مودةُ فِعله أكثرَ مِن مودَّة قَوله. وقيل لخالد بن صفوان التميمي المِنقري: أي إخوانك أحبُّ إليك؟ قال: الذي يسدُّ خَلَّتي، ويغفرُ زلَّتي، ويُقيل عثرتي. وروي عنه -أيضًا- أنه قال: اصحَب مَن يَنسى معروفَه عندك، ويَذكُرُ حقوقَك عليه. وقيل: اصحبْ من إذا صحبتَه زانَكَ، وإذا خدمتَه صانَك، وإذا أصابتْكَ خصاصةٌ مانك، وإن رأى منك حسنَةً سُرَّ بها، وإن رأى منك سَقطةً سترها، ومَن إذا قُلتَ صدَّق قَولك، ومَن هو فَوقك في الدِّين ودونك في الدُّنيا، وكلُّ أخٍ وجليسٍ وصاحبٍ لا تستفيدُ منه في دينِك خيرًا؛ فانبِذ عنكَ صُحبتَه ) "غاية المنوة" (75-78) -بانتقاء-. |
#18
|
|||
|
|||
قال بعضُ الشُّعراء:
لا تحمدنَّ امرءًا حتى تُجرِّبَه /// ولا تذُمَّنَّهُ مِن غيرِ تجريبِ فحمدُكَ المرءَ ما لم تَبلُه خطأٌ /// وذمُّه بعد حمدٍ شرُّ تكذيبِ ولبعضِهم: إذا كنتَ في قومٍ فصاحبْ خيارَهم /// ولا تصحبِ الأردى فتردَى مع الرَّدي وقال بعضُ الشُّعراءِ: وكلُّ أخٍ عند الهُوَينا مُلاطِفٌ /// ولكنَّما الإخوانُ عند الشَّدائدِ وقال آخر: فصاحبْ تقيًّا عالِمًا تنتفعْ بهِ /// فصُحبةُ أهل الخيرِ تُرجَى وتُطلبُ وقال حسَّانُ بن ثابتٍ: أخلَّاءُ الرَّخاءِ همُ كثيرٌ /// ولكنْ في البلاءِ همُ قليلُ فلا يَغرُركَ خلَّةُ مَن تُؤاخي /// فما لكَ عند نائبةٍ خليلُ وكلُّ أخٍ يقولُ أنا وفِيٌّ /// ولكنْ ليس يفعلُ ما يقولُ سِوى خِلٍّ له حسَبٌ ودِينٌ /// فذاكَ لما يقولُ هو الفَعولُ |
#19
|
|||
|
|||
واعلم أن لِقِوام الصُّحبةِ حقوقًا، فبِقدرِ تأديتِها أو الإخلالِ بها؛ تدومُ الأُخوَّةُ أو تنخرم.
وكانت الحُكماءُ تقول: إنَّ مما يجب للأخِ على أخيه: مودَّتُه بِقلبِه، وتَزيينُه بلِسانِه، ورَفدُه بِمالِه، وتقويمُه بأدبِه، وحُسنُ الذَّبِّ والمدافعةِ عنه في غيبتِه. وقد جمع هذه الحقوقَ أبو حامدٍ في "إحيائه"، وهي: الإخلاصُ والوفاءُ، والإعانةُ، وحفظُ اللسانِ بالسُّكوتِ عن المَكارِهِ وإطلاقُه بالنُّطقِ بالمَحابِّ، والعَفوُ عن الزَّلاتِ، والتَّخفيفُ عليه، وإخبارُ صاحبِه بمحبَّتِه له، والدُّعاءُ له. حكي أن رجلًا لقيَ صاحبًا له، فقال له: إنِّي أحبُّك. فقال: كذبت! لو كنتَ صادقًا؛ ما كان لفَرَسِك بُرقعٌ وليس لي عباءة. وقال الشَّاعرُ: وإن كان الصَّديقُ قليلَ مالٍ /// يَضيقُ بذَرعِه ما في يدَيهِ فمِن أسنَى فِعالِ المرءِ أن لا /// يضِنَّ على الصَّديقِ بما لدَيهِ منتقى من "غاية المنوة" (83 وما بعدها). |
#20
|
|||
|
|||
قال عبد الله بنً طاهر الخُراسانيّ:
أميل مع الذِّمام على ابن أمِّيِ ... وأحْمِل للصديق على الشِّقِيقِ وإن ألفيتَني مَلِكاً مُطاعاَ ... فإنك واجدِي عبدَ الصَّديق أفرِّق بين معروفي ومَنِّي ... وأجمع بين مالي والحُقوق وقال حَبيب الطائي: ولقد سَبَرتُ الناس ثم خَبرتُهمِ ... ووصفتُ ما وَصفوا من الأسباب فإذا القرابةُ لا تُقَرِّب قاطعاً ... وإِذا المودَة أقرب الأنساب وللمبرِّد: ما القرْبُ إلا لمن صحَت مَوَدَّته ... ولم يَخُنْك وليس القُرْبً للنسَبِ كم مِن قَريب دَوِيّ الصَّدْر مُضْطَغِن ... ومن بَعيدٍ سَلِيم غير مقترب وقالت الحًكماء: رب أخ لك لم تَلِدْه أمك. وقالوا: رُبّ بعيدٍ أقرب من قَريب. وقال آخر: أخُو ثِقةٍ يُسَر ببعض شانِي ... وِإنْ لم تُدْنِه مني قَرَابهْ أحَبُّ إليَّ من ألْفْي قَريب ... لَبيتُ صُدورهم لي مُسْترابه ابن عبد ربه في العقد الفريد
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ زَوْجَـةُ أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ |
|
|