أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
108623 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله > منبر شهر رمضان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-09-2014, 02:42 PM
أبو عبد الله يربح أبو عبد الله يربح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 73
Lightbulb القول المفيد في مسائل رمضان و العيد لأبي سعيد بلعيد

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدّمة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحدهُ لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله.أمّا بعد فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمّد د ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار ، وبعد : فهذه مسائل يكثر البحث فيها والسؤال عنها في بلادنا بمناسبة صيام رمضان، وبعض أحكام زكاة الفطر ويوم العيد، أحببت بيانها بإيجاز واختصار لإخواني المسلمين، حتى يعبدوا الله تعالى على علم، ويتفرّغوا للعبادة وتلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك، هذا الضيف الكريم الذي يقدم علينا مرة كلّ سنة، وهو مدرسة يتدرّب فيها المسلم على فعل الخيرات واجتناب المناهي والمنكرات، لكي يتخرّج في تلك المدرسة بجائزة عظيمة وهي التقوى]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ[ [البقرة: 183] ، فهنيئا لمن صام هذا الشهر وقامه إيمانا واحتسابا، واجتنب كل ما يفسد هذه العبادة من أقوال وأفعال، والله المستعان.
1- حكم صيام النصف الثاني من شعبان: يكره ذلك لمن لم يكن معتادًا على الصيام في أثناء العام كصوم الإثنين والخميس، وصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو صوم يوم وإفطار يوم، فعن أبي هريرة ا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" [ رواه أبو داود (2337)، وغيره، وهو حديث صحيح، كما في صحيح الجامع الصغير للألباني (397) ] .
وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَقَدَّموا صوم رمضان بيوم ولا يومين، إلا أن يكون صومٌ يصومه رَجُلٌ فليصم ذلك الصوم" [رواه البخاري (1914)، ومسلم ( 1082)، وأبو داود (2335) ]، وأما من كان عليه صوم نذر أو كفارة يمين، أو قضاء رمضان سابق، ونحو ذلك مما هو فرض فليصُم ولو بعد النصف من شعبان.
2- لا يجوز صوم يوم الشك، وهو اليوم الذي لا يعلم هل هو اليوم الأول من رمضان أو اليوم الأخير من شعبان؟ لحديثي أبي هريرة السابقين، ولقول عمار بن ياسر م: "من صام اليوم الذي يُشَكُّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم"] رواه أبو داود (2334) وغيره، وهو حديث صحيح[. .
3- ولا مانع من إقامة صـلاة التراويـح في المسجـد إذا ثبـت أن غـدًا مِـنْ رمضان لرؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ، لأن تلك الليلة تُعتبر من رمضان ، وإذا كانت ليلة شك فلا تراويح حينئذ لأنه ليس من رمضان. وهذا قول طائفة من العلماء رحمهم الله تعالى.
4- ومن كان لا يصلي لكنه يصوم رمضان، فإنه يُنصح بإقام الصلاة، ولا يُقال له اترك الصيام فتكون ظلمات بعضها فوق بعض، وكذلك النساء الكاسيات العاريات اللاتي يصُمن، يُنصحن بالستر مع الصيام.
5- ولا غسل خاص لرمضان، بل المسلم يغتسل لرفع الجنابة متى أصابته، والمرأة إذا طهرت من الحيض أو النفاس تغتسل.
6- اعتاد كثير من النسوة على تنظيف البيوت والفُرش قُبيل رمضان، أو شراء أواني جديدة للطبخ، فهذا لا بأس به للحَاجَة وبدون إسراف ولا تبذير، و إلا فليُترك.
7- والواجب على المسلم تطهير قلبه من أمراض الشهوات والشبهات، والاستعداد لرمضان بتعلم فضائله وأحكامه حتى يغفر الله له ما تقدّم من ذنبه، وهذه المغفرة لا ينالها الصائم إلا بشرطين مذكورين في قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه"] رواه البخاري (38)، ومسلم (759).[. فالمسلم يصوم رمضان إيمانا بأن الله فرضه وأنه الركن الرابع من أركان الإسلام، وليس تقليدًا للمجتمع أو اتباعًا لعادات بلاده. ويصومه "احتسابا" ومعناه: طلبا للثواب من الله تعالى، غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه، فلا يشكو إلى الناس ما يصيبه من ألم الجوع والتعب، كما يفعل كثير اليوم، حيث يشتكون من الصيام ومما ينالهم من تعب، ولو علم هؤلاء فوائد هذه العبادة في الدنيا والآخرة لما اشتكوا، لأن الله لا يُشرِّع حكما إلا وفيه مصلحة ورحمة.
8- وعلى المسلم أن يحافظ على تأخير السحور إلى ما قبل الفجر، وعلى تعجيل الفطور بدخول وقت المغرب، وعلى الاعتدال في تناول الطعام، وترك السّهر المضرّ، وعلى ترك الغضب، والابتعاد عن السّب والشّتم والصخب والجهل والاقتتال (كما يفعل كثير من الناس في بلادنا خاصّة المبتليين بشرب الدّخان والشّمّة والإسراف في تناول القهوة، فهؤلاء يصيرون في رمضان عنيفين جدًّا)، ثم يتّهِم الناس رمضان بأنّه هو السبب، والواقع أنهم هم السبب لأنهم يصومون صياما تقليديا، وليس صياما نبويًّا مبنيًا على العلم والهُدَى.
قال الله تعالى ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ [البقرة: 183]. فالصيام مدرسة يدخلها المسلم مرّة كلّ سنة لمدّة شهر، ليخرج منها بشهادة التقوى، فتتغيّر أعماله وأخلاقه إلى أحسن، فيزيد في الطاعة، ويبتعد عن المعصية، أما من صار بالصيام وحشًا يسبّ ويشتم ويضرب ويكسر، فهذا صام عن الطعام والشراب فقط، ولم يَصُم عمّا حرّم الله تعالى، فعن أبي هريرة ا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، ولا يجهل، فإن شاتمه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني صائم" رواه البخاري ](1904)، ومسلم (1151).[.
ومن العادات الموجودة في بلادنا أن المسلم إذا قال لمن شتمه أو أراد أن يقاتله: إني صائم، أن الشاتم يجيبه: كلّنا صائمون ليس أنت فقط! فيشتعل الأول غضبًا وتبدأ المعركة التي قد تؤدي أحيانًا إلى جروح بل إلى قتل، وهذا كلّه جهل، بل على الأول أن يسكت إذا أجابه الثاني، ليغلق باب الشّر. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورُبَّ قائم ليس له من قيامه إلا السّهر" ]( ) رواه النسائي، وابن ماجه، واللفظ له، ورواه غيرهما. وهو حديث حسن صحيح، كما في صحيح الترغيب (1083) [.
وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "من لم يَدَع قول الزّور والعمل
به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" ]رواه البخاري (1903)، وغيره[ ، ومعناه: أن هذه المعاصي تخدش في سلامة الصيام، وأن صاحبها لا يثاب عليه. قال جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما: إذا صمتَ فليصُم سمعك وبصرك، ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع عنك أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء".
9- ما يسمّى بالإمساك قبل الفجر احتياطًا للصيام هو من البدَع المُحدثة، وهو مخالف لسنّة النبيّ صلى الله عليه و سلم الذي كان يؤخّر السحور إلى قبيل الفجر ويأمر بذلك، بل يجوز لمن كان يتسحّر وطلع عليه الفجر أن يأخذ حاجته من الطعام فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إذا سمع أحدكم النداء،والإناء في يده،فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه" ]رواه أبو داود (2333)، وهو حديث صحيح[.
10- من العادات السيّئة عند بعض الصائمين أنّهم إذا رأوا من يرتكب بعض المعاصي وهو صائم، أو يشتكي من الصيام، قالوا له اذهب وكُلْ فإن الله ليس بحاجة إلى صيامك، وهذا خطأ!! بل عليهم أن يأمروه بمواصلة الصيام وترك المعاصي وترك الشكوى، فإن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا واقفا في الشمس، فسأل عنه فقيل له: إنه نذر أن يسكت ولا يتكلم، وأن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يقعد، وأن يصوم، فقال لهم النبي صلى الله عليه و سلم: "مُرُوه فليتكلم، وليستظل وليقعد، وليتم صومه" ]رواه البخاري (6704 )، و أحمد (17532)[. فنهاه عن المنكر، وأمره بمواصلة الخير وهو الصوم.
11- على المسلم أن يكثر في رمضان من أعمال البّر وقراءة القرآن الكريم والدّعاء بالخير، والصدقة بالطعام وغيره، والابتعاد عن اللغو واللهو وتضييع الوقت، وعن كل ما يفسد صيامه أو يُنقِصه، وعليه بالمحافظة على الصلوات الخمس جماعة، والإكثار من ملازمة المساجد ليسلم له صيامُه.
12- وتفطير الصائم الوارد في الحديث يكون بإطعامه وإشباعه، وليس ببلّ ريقه بتمرة أو حسوة ماء فقط، وإن كان في هذه الأخيرة أجرٌ، لكن الأُولى أفضل وأكثر أجرا.
13- وإذا جاء وقت الإفطار فليفطر الصائم على رُطب (التمر الطري)، فإن لم يجد فعلى تَمْر (وهو اليابس)ـ فإن لم يجد فعلى حسوات من ماء، كما كان يفعل النبي د ، ثم يقوم إلى الصلاة، وهذا هو تعجيل الفطور، وليس المقصود أكل كل أنواع الأطعمة قبل صلاة المغرب، فإن هذا مخالف للسُّنّة، وهو مُضرّ جدًّا بالمعدة وفيه خطر على الصّحة.
14- ويكون الدعاء بعد الإفطار ببل الريق بالرطب أو التمر أو الماء وليس قبل ذلك كما يظن بعض النّاس، لأنّك إذا قلت في الدّعاء "وابتلت العروق" ولم تفطر، فأين الحقيقة؟.
15- ولا يفطر المسلم إلا إذا تحقق من دخول الوقت ويكون ذلك بثلاثة شروط: إقبال الليل من المشرق، وإدبار النهار من المغرب، وغروب الشمس، لقول النبي صلى الله عليه و سلم : " إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" ]رواه البخاري (1954)، ومسلم (1100)[ ، فإذا اختفت الشمس خلف جبل أو عمارة مثلا، ولم يُقبِل الليل من المشرق، ولا أدبر ضوء النهار من المغرب، فإن الوقت لم يدخل.
16- وما يفعله بعض الشباب من إفطارهم أَمَامَ الناس في رمضان والوقت لم يدخل في ظنّ أولئك الناس هو خطأ كبير من هؤلاء الشباب وإثارة فتنة، وفيه تهمة لهم في دينهم، وسبب خطئهم هذا راجع إلى أنهم يظنون أنفسهم قدوة حيث إنهم ملتزمون بالسّنّة، وهو خطأ منهم لأن القدوة هو من كان مشهورًا بالعلم ويرجع الناس إليه في الفتوى والأسوة، أما من كان ملتزمًا للسُّنّة في اللحية و القميص فليس هو بقدوة بمجرد ذلك، لأن إعفاء اللحية واجب على العامي، وطالب العلم، والعالم.
17- ويجوز في رمضان إقامة الدروس للوعظ والإرشاد والتعليم في المساجد وغيرها، وأما ما ورد عن السلف أنه كان إذا دخل رمضان تفرّغوا لقراءة القرآن والإكثار من نوافل الصلاة، مثل ما روي عن الإمام مالك خ أنه كان إذا جاء رمضان أوقف التحديث وقال للناس: "في رمضان إنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام"، فإن هدا منهم رحمهم الله تعالى، لأنهم كانوا طول العام يدرسون ويتعلّمون فاحتاجوا إلى هذه العبادة الانفرادية، ويومَ أن يعود المسلمون إلى ذلك فلا مانع من قف الدروس، أَمَا وكثيرٌ -اليومَ- لا يدخلون المساجد ولا يحضرون حلقات العلم إلا في رمضان، فليس من الحكمة تركهم بدون تعليم ]رواه البخاري (1954)، ومسلم (1100)[.
18-يستحب لأئمة المساجد تأخير العشاء قليلا في رمضان ليتمكن الناس من تناول طعامهم كما ذكر ذلك ابن حبيب المالكي رحمه الله تعالى] العجالة بشرح الرسالة للشيخ ابن حنفية العابدين (2/142)[.
19- وصلاة التراويح سُنّة وهي قيام رمضان، وهي من قيام الليل، فَعَلَها النبي صلى الله عليه و سلم جماعة في مسجده ليلتين أو ثلاث ثم تَرَكَها جماعة خوفًا من أن تُفرض على الأُمّة،واستمر الأمر على ذلك إلى أن جمع عمر بن الخطّاب رضي الله غنه الناسَ في خلافته على إمام واحد في المسجد، فأحيا بذلك سُنَّة ولم يفعل بدعة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"إن الرّجُل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيام ليلة" ]رواه أبو داود (1375)، وهو حديث صحيح.[. وأما قول عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه، فيَقْصد به البدعة اللغوية أي هو شيء جديد على من لم يعرف قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان جماعة، أمّا أنه يقصد بدعة شرعية فحاشاه فإنه ا لم يخترع شيئًا جديدًا في العبادات لم يفعله رسول الله صلى الله عليه و سلم.
20- والأفضل صلاتها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، كما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوم الليل في رمضان وفي غير رمضان، لكن لو صلاها المسلمون أكثر من ذلك فلا مانع كما ذهب إلى ذلك الجماهير من علماء السلف والخلف، قال ابن عبد البّر رحمه الله :"فلا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حدّ محدود وأنها نافلة وفعل خير وعمل بِرّ، فمن شاء استقلّ ومن شاء استكثر" اهـ ]التمهيد (4/151). (2) رواه البخاري (7352)، ومسلم (1716)[.
وأما من ذهب من العلماء المعاصرين الفضلاء إلى عدم جواز الزيادة على إحدى عشرة ركعة، وأن ذلك بدعة، فهو مأجور -إن شاء الله تعالى – أجرًا واحدًا، على حدّ قول النبي صلى الله عليه و سلم :"إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجرٌ واحد" ( ). وقد جمع عمر بن الخطاب ا الناس في خلافته على إحدى عشرة ركعة أَوَّلًا (رواه مالك في الموطأ وإسناده صحيح ) ، فلما لم يُطيقوا ذلك، أمرهم أن يخفّفوا القراءة ويزيدوا عدد الركعات فقاموا بعشرين ركعة، وفي رواية بإحدى وعشرين" ]رواه عبد الرزاق (7730)، وابن الجعد (2926)، ومن طريقه البيهقي (2/496) وإسناده صحيح، كما قال أبو مالك كمال بن السيد في كتابه = =فقه السنة، وانظر فيه بحث هذه المسألة (1/414-416) ومجموع فتاوى ابن تيمية (22/272-273).[

21- فما يفعله بعض الشباب من الخروج من صلاة التراويح بعد عشر ركعات خلف إمام يزيد على إحدى عشرة هو من الخطإ، ومن الزيادة في الخطإ جلوس بعض هؤلاء في مؤخرة المسجد يتكلمون ويشوّشون على المصلّين، فعلى هؤلاء إن أرادوا الانصراف أن يخرجوا من المسجد أو يُصلوا أو يجلسوا فرادى انتظارًا للوتر مع الإمام، وإن كان هذا الانتظار فيه نظر، لكنه أهون من التحلّق والتشويش على المصلّين.
22- وركعتا السّنّة بعد العشاء غير داخلة في التراويح لأنها عبادة مقصودة بذاتها، فعلى الأئمة أن يعطوا الفرصة للمأمومين لأدائهما قبل التراويح ]انظر في معنى العبادة المقصودة بذاتها، كتاب لقاءات الباب المفتوح مع الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله تعالى (2/100).[.
23- فإن لم يمكن ذلك، فلا بأس من أداء الركعتين من التراويح بنية راتبة العشاء، لقول النبي صلى الله عليه و سلم : «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ]رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).[.
24- وليتجنب المسلم حجز أماكن في المسجد قبل الصلاة لنفسه أو لغيره (إلا للضرورة فلا مانع من حجزها لأئمة التراويح والمدرّس الذي سيلقي الدّرس) فإن ذلك من الاعتداء على مكان عامٍّ الحق فيه لمن سبق وجلَس فيه، ثم إنَّ الملائكة تكتب الأول فالأول في الحضور، فمن تأخّر كَتبته مُتأخّرًا وإن صلى في الصفّ الأول.
25- ومن مال السّحت بيع الأماكن المحجوزة في المسجد فلا أربح الله تجارة من يفعل ذلك، وعلى ولاة الأمر معاقبتهم.
26- وينبغي ترك الإعلان عن التراويح أو التهجّد، مثل قول:«قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله» أو قول :«صلاة القيام أثابكم الله» ونحو ذلك، لأنه بدعة ]كما في فتاوى اللجنة الدائمة (7/208-209).[.
27- ومن أخطاء بعض المصلّين في التراويح جلوس بعضهم وسط الصف بدون صلاة حتى إذا قارب الإمام على الركوع قاموا ودخلوا معه في الصلاة، والصواب أن يُكبّر المصلي وهو جالس فيصلي قاعدًا كل الصلاة، أو جُزءًا منها، وفي هذا فائدتان: الأولى: الحصول على أجر الصلاة من أوّلِها، والثانية: تفادي قطع الصّف، لأن في ذلك الجلوس بدون صلاة قطعًا للصف كما قال الإمام السندي خ في تعليقه على سنن النسائي (2/93) .
28- ولصلاة التراويح فضل كبير وأجر عظيم ولا يحصل على ذلك إلا من صلاها بشرطين مذكورين في قول النبي صلى الله عليه و سلم :"من قام رمضان إيمانًا واحتسابا غُفر له ما تقدّم من ذنبه"]رواه البخاري (37)، ومسلم (759).[ ومعنى "إيمانا" تصديقا بوعد الله بالثواب عليه، ومعنى "احتسابا" طلبًا للثواب من الله تعالى، غير مستثقل لقيامه ولا مستطيل لوقته، فالمسلم يصلي التراويح لذينك الشرطين، وليس لهضم الطعام، ولا من أجل لقاء الأحباب وكثرة الكلام.
29- وسمّيت هذه الصلاة بالتراويح لأن السلف كانوا يرتاحون قليلا بعد كل أربع ركعات ]ولعل الأصل في هذا وصف عائشة ك لقيام رسول الله د في الليل حيث قالت: " يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن" وهو مشعر بالفصل بين كل أربع ركعات.]
، وقيل سمّيت بذلك لأنّهم كانوا يراوحون بين أقدامهم من طول القيام فيقف أحدهم على رِجله اليُمنى ويُرخي قليلا اليسرى ثم يعكس، ويجوز الاعتماد على العِصِيّ، وهذا أفضل من الجلوس، فعن السائب بن يزيد رحمه الله تعالى قال: "...وكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنّا نعتمد على العِصِيّ من طول القيام، وما كنّا ننصرف إلا في فروع الفجر"]أخرجه مالك في الموطأ، وإسناده صحيح[.
30- ولا يشرع في هذه الاستراحة ذِكر معيّن لأن السلف لم يفعلوه ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
31- وعلى المسلم أن لا يكثر الحركة في الصلاة ومنها التراويح، حتى إننا نرى بعض المصلّين ثابتين على الأرض ولكنهم يذهبون بأعلى أجسامهم مرّة إلى الأمام ومرّة إلى الخَلْف، وهذا مُخالف لقول الله تعالى : )وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ( [ البقرة: 238]، ولقول النبي صلى الله عليه و سلم : "اسكنوا في الصلاة" ]رواه مسلم (430).[.
32- وعلى الإمام أن يقرأ بالناس قراءة متوسطة لا تشق عليهم خاصّة إذا كان للمأمومين أشغال وأعمال في النّهار، كما عليه أن يبتعد عن القراءة السريعة التي لا يفهم الناس منها شيئا ولا يتدبرون القرآن، والله تعالى يقول (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا) [الإسراء:106]، ويقول تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [ ص: 29].
33- والأفضل ختم القرآن كلّه في التراويح، وأمّا من وصف ذلك بالبدعة فقد أبعد، لأن القرآن لم يكن قد اكتمل في حياة النبي صلى الله عليه و سلم ، وأما بعده فقد فعله كثير من السلف.
34- ولا يقرأ الإمام من المصحف، بل يُقدَّمُ الحافظ لكتاب الله تعالى، فإن لم يوجد فليقرأ الإمام بما تيسّر، وأما ما ورد عن بعض السلف من القراءة في المصحف فذلك في البيوت خاصة وحالات خاصة، وليس في مساجد الجماعة، ولأن تعميم هذا الأمر يؤدي إلى هجر حفظ القرآن الكريم من المسلمين.
35- كما لا يشرع –من باب أولى- متابعة المأموم للإمام في التراويح بالمصحف ولو خشية إسقاط الإمام لبعض الآيات، فإنّ هذا لم يعهد عن السلف الصالح رحمهم الله تعالى فيما أعلم.
36- ولا يقرأ المأموم ما دام يسمع قراءة الإمام لقول الله تعالى )وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ([الأعراف:204]، وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «إنما جُعل الإمام ليُؤتمّ به...وإذا قرأ فأنصتوا».
37- وإذا أسقط الإمام آية في الصلاة، أو اختلطت عليه القراءة، فإنه يوجهه من خلفه لكن الأقرب، ولا يَرُدُّ عليه من هو في الصفوف الخلفية لما في ذلك من الإزعاج.
38- ويجوز للطفل المميّز الحافظ للقرآن الكريم أن يؤمّ الناس في النافلة حتى عند المالكية، وأما في الفريضة فمنعها أكثر العلماء، وأجازها الشافعي، وهو الراجح لأن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أمَّ قومه وهو ابن ست أو سبع سنوات بعِلم النبي صلى الله عليه و سلم ، لأنه كان أكثرهم قرآنا ]رواه البخاري (4302)، وغيره[.
39- ومع ذلك فالأفضل البحث عن الأكبر ليصلي بالناس في الجمْع الكبير، لأن هذا هو الأصل، وفيه إسكات للمسِنِّين المعارضين، فإن لم يوجد فيُقَدَّمُ الطفل المميّز، لكن بعد تعليم الناس وتوعيتهم بالحكم
40- ويُقدَّم للصلاة بالناس الذي يقرأ قراءة حسنة شرعا، وليس الذي يتكلّف تكلّفا زائدا على قواعد اللغة والتجويد أو الذي يقرأ بالألحان المكروهة. فعن عابس الغفاري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يتخوّف على أمّته ستَّ خصال:"إمرة الصبيان، وكثرة الشُرَط، والرشوة في الحكم، وقطيعة الرحم، واستخفاف بالدّم، ونشو ]معنى نشو: جماعة أحداث السّنّ[ يتخذون القرآن مزامير، يقدّمون الرجل ليس بأفقههم ولا أفضلهم يغنيهم غناء" ]رواه أحمد (16040)، والطبراني في الكبير، وغيرهما وهو حديث حسن بشواهده[.
41- وعل الأئمة ترك إذاعة القرآن والصلاة إلى خارج المسجد بمكبّرات الصوت، لما فيه من إزعاج الناس في بيوتهم وغيرها، وإذا امتلأ المسجد حتى صلّى الناس خارجه فليُقتصر من نشر القراءة على قدر الحاجة.
42- من الخطإ ترك بعض الشباب صلاة التراويح في المساجد بحجة أن أهلها يجهرون بالذِّكر الجماعي بين كلِّ ترويحة، والصواب أن يصلّوا مع الجماعة في مسجد ليس فيه تلك البدعة، فإن لم يوجد أو وُجد لكن في الذهاب إليه مشقّة أو فتنة، فليصلوا في تلك المساجد ولا يشاركوهم في البدعة، وأما قول من قال بالتَّرك لأن التراويح سُنّة، والجهر بتلك الأذكار بدعة، فقول بعيد عن الصواب، لأن المسجد مسجد جماعة، والصلاة مع الإمام فضيلة، وباستطاعة المسلم عدم المشاركة في البدعة، كما قال عثمان ابن عفان رضي الله عنه " إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسَن الناس فأحسِن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم" ]رواه البخاري (695).[.
ويشبه ما سبق، خطأ من يترك التراويح في المساجد خوفا من الرياء، وهذا من تلبيس إبليس، فعلى المسلم أن يخلص لله ويجاهد نفسه على ذلك ويسأل الله تعالى الإخلاص.
43- ومن خطإ بعض الأئمة الشباب المحبّين للسُّنّة، قيامهم بتغيير هيئة صلاة التراويح المعتادة بين الناس، فيصلّيها أربعا ثم يسلّم وأربعا ثم يسلّم، ويصلي الشفع والوتر بتسليمة واحدة، وفي هذا خلط على الناس وتشويش على العامة، فماداموا متعوّدين على هيئة موافقة للسُّنّة فليُتركوا عليها، ومن أراد التنويع فليفعل ذلك وحده، فإن النبي صلى الله عليه و سلم لمَّا صلّى بالصحابة في رمضان كان يسلّم من كلّ ركعتين، وكذلك فعلَ الصحابة رضي الله عنهم ، لما جمعهم عمر على إمام واحد.
44- ويستحبّ التسوّك قبل كل ركعتين من التراويح كما ثبت ذلك عن أحد الصحابة رضي الله عنهم في صلاة الليل.
45- والأفضل صلاة التراويح مع الجماعة في المساجد، للحصول على الأجر، وهو أحسن من صلاتها في البيوت مع الأهل والأولاد، وأحسن من صلاتها منفردًا لمراجعة القرآن، فإن في سماعه للقرآن مراجعة ومذاكرة.
46- ولا مانع من صلاة التراويح في أول الليل بعد العشاء والانصراف، ثم العودة إلى المسجد للصلاة أيضًا في آخر الليل، فإن الصلاة التي جازت في أول الليل تجوز في آخره، ثم إن ليالي رمضان ليالي عبادة وقيام، وخاصّة في العشر الأواخر كما قال ابن عبد البرّ، ونقله عنه أحمد بن يحيى الونشريسي] في كتابه المعيار المعرب (1/147-148).[ ، وأما قول بعض الناس: إن السلف لم يفعلوا هذا، فهو نفي، والنفي ليس بعلم، ثم إن السلف كانوا يطيلون القيام إلى قبيل الفجر، فهل نستطيع فعل ذلك اليوم؟.
47- وإذا أوتر الإمام في أول الليل فالأفضل الإيتار معه للحصول على أجر قيام ليلة، ولا مانع من الصلاة بعد ذلك، لأن الأمر بجَعل الوتر آخر صلاة الليل هو على الاستحباب، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بعد الوتر ركعتين. فيجوز للإمام الذي يصلي بالناس في أول الليل بمسجد، وفي آخر الليل بمسجد آخر، أن يفعل ذلك، غير أنه لا يوتر مرتين.
48- والأفضل أن يترك الإمام الإيتار بالناس في التراويح ليوتروا جماعة في آخر الليل في القيام.
49- وإن أراد المأموم أن يقوم بعد سلام الإمام من الوتر، ليضيف ركعة أخرى شفعًا فلا مانع في الحالتين، والأفضل من هذا ما جاء في الفقرة السابقة.
50- ويُكره تتبع المساجد وخاصّة إذا كان من أجل أصوات القُرّاء فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" لِيُصَلِّ الرجُل في المسجد الذي يليه ولا يتبع المساجد" ]رواه الطبراني وغيره، وهو حديث صحيح كما في صحيح الجامع (5456)[.
والحكمة من صلاة الرجل في المسجد الذي يليه تعارفه مع جيرانه، وتعاونهم على الخير، وترك مضايقة الناس في المساجد الأخرى.
51- وإذا كان هناك حاجة للذهاب إلى المسجد البعيد جاز (لكن بدون فتنة ولا مشقّة) ومن الحاجة كون إمامه يقرأ قراءة شرعية حسنة، وكون المأموم يستفيد علما نافعًا، ونحو ذلك من الحاجات.
52- ويجوز مشابهة القراء المشهورين بالقراءة الشرعية الحسنة بشرط عدم التكلّف والمشقّة.
53- ويجوز القنوت في ركعة الوتر بعد التراويح في كلّ رمضان، بعد القراءة وقبل الركوع، ولا بأس من جعله بعد الركوع أحيانا، ويجهر به الإمام ويرفع يديه ويدعو بصيغة الجمع، ويرفع المأمومون أيديهم ويأمّنون، ولا يطيل فيه، ولا يتغنّى به بل يقرأ بخشوع وبصوت عَادٍ، ويبتعد عن الأدعية المخترعة، والمُبَالَغ فيها، وإن زاد على الوارد فليكن بالثابت في الكتاب والسُّنّة من أدعية.
ولا بأس أن يزاد –بعد الدعاء الوارد- في النصف الثاني من رمضان بما ورد عن الأئمة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه من لعن الكفرة الصادّين عن سبيل الله، والدعاء للمسلمين بما استطاع من خير، ولا يمسح وجهه بكفيه بعد الدعاء لأنّ الحديث فيه لا يثبت] للمزيد انظر رسالتي "النصيحة بالرجوع في قنوت الوِتر إلى السنّة الصحيحة"، راجعها: الشيخ علي بن حسن الحَلَبِي حفظه الله تعالى[.
54- والبكاء والتضرّع عند سماع القرآن والدعاء حسن جميل، لكن بدون مبالغة ولا تكلّف ولا رفع للأصوات ولا صياح.
55- ومن فاتته العشاء ووجد الإمام في التراويح، فليدخل معه بنيّة العشاء، وبعد سلام الإمام يقوم فيتمّ صلاته، لأن أداء الصلاة في جماعة أفضل.
56- والأفضل ترك إعلام الناس بوجود سجدة تلاوة، لأنه غير معهود عند السلف –فيما أعلم-، وبالغ بعض الناس فوصف ذلك بالبدعة، وفيه بُعد لأنه وسيلة ولا يُقصد به التقرّب إلى الله تعالى، لكن تركه أقرب إلى الاتباع.
57- والقول في حكم الإعلان عن الشفع والوتر في ختام التراويح، كالقول في الإعلان عن وجود سجدة التلاوة.
58- ويجوز التكبير جهرة من الإمام في سجود التلاوة، وهذا داخل في عموم تكبير النبي صلى الله عليه و سلم في كل خفض ورفع من صلاته ]رواه أحمد (4/316)، وغيره وهو حديث حسن، وانظر الإرواء (2/36).[ ، وليس عملا بالحديث الضعيف ]الوارد عن ابن عمر رضي الله عنهما عند أبي داود (1413)، وغيره[.
59- ولا تشرع جلسة الاستراحة بعد القيام من سجود التلاوة، لأنها إنما تُشرع عند القيام من وِتر الصلاة.
60- من سجد للتلاوة خطأ من المأمومين، فلم يقم حتى فاته ركوع الإمام، تابَعه، فإذا سلّم قام المأموم فأتى بركعة.
61- ويجوز قبل الصلاة إطفاء بعض مصابيح المسجد لاتّقاء الحرارة المنبعثة منها، خلافًا لمن أنكر ذلك!!
62- ويجوز دعاء ختم القرآن لوروده عن السلف، والأفضل جعله مع دعاء قنوت الوِتر، مع الابتعاد عن التطويل والتكلّف والتَطريب والتمطيط والسّجع، والحذر من جَعل القنوت كأنّه خُطبة خاصّة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، كما قال أحدهم في القنوت: نحن لا نخشى من الدولة الفلانية، نحن لن نركع للعباد...!! والناس خلفَه يقولون: آمين، آمين!!.
63- ولا مانع من تكملة حزب القراءة في الشفع والوتر من صلاة التراويح، والأفضل قراءة ما ورد في السّنة في الوتر، ولكن ذلك ليس على سبيل الوجوب، فإن كان ولا بدّ فالتنويع أفضل، حتى لا تُنْسَى السُّنّة.
64- والاعتكاف سُنّة مستحبّة -خاصة في رمضان- للرجل، وأما للمرأة فمع أمن الفتنة بها وعليها وبإذن زوجها أو وليّها إن لم تكن متزوجة، ولا يكون الاعتكاف إلا في المسجد وتقام فيه الصلوات الخمس، والأفضل كونه جامعا تقام فيه الجمعة إذا كان يومها من اعتكافه لئلا يحتاج للخروج من معتكفه إليها. والقول بأنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، ضعيف، وعلى فرض صحّته فيُحمل على لا اعتكاف كامل إلا في المساجد الثلاثة ]انظر رسالة دفع الاعتساف عن محل الاعتكاف بقلم جاسم بن سليمان الدوسري[.
65- وإحياء ليلة السابع والعشرين من رمضان (التي هي أقرب الليالي إلى كونها ليلة القدر) يكون بالعبادة وقراءة القرآن والصدقة ونحوها كسائر ليالي العشر، وليس بطبخ الطعام وتوزيع الحلوى والجوائز على حفظة القرآن والناجحين في المسابقات، ولا تُخصّص لختان الأطفال، فلم يكن سلفنا الصالح وهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه والتابعون، وأتباعهم رضي الله عنهم يفعلون ذلك، والشيء إذا فُعِل عقب عبادة ومن أجلها وفي وقتها تقربا إلى الله فهو بدعة.
66- وليحذر المسلم من الخرافة القائلة بأن الشياطين تُفَكُّ في ليلة سبع وعشرين، فمن لم يدهن قدميه بالقطران أصابته الشياطين، قال الله تعالى )وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا( [ الإسراء:36].
67- وما يتناقله بعض المسلمين من أنهم رأوا في ليلة القدر أنوارًا في السماء هو أمر غير صحيح، ويقولون: فلان خرجت عليه ليلة القدر، ونتج عن ذلك أن بعضهم يقلب وجهه في السماء، ويصعد على السطح ليرى الأنوار، بدلا من إحياء ليلة القدر بالصلاة والذكر والدعاء، ومن كان صادقا في رؤية الأنوار فإن ذلك في المنام لا في اليقظة.
68- وينبغي الابتعاد عن عادة جمع المال في آخر رمضان للمقرئين الذين صلوا التراويح بالناس، لِما فيه من إدخالهم في نوايا الدنيا، لِـما حدث ويحدث من خصومات في قَسم المال بين الأئمة ولِجان المساجد !! قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "اقرؤوا القرآن [وابتغوا به الله تعالى] قبل أن يأتي قوم يقرؤون القرآن فيسألون به الناس "] رواه أحمد، وغيره. وهو حديث صحيح، كما في صحيح الجامع (1169).[.
69- والقول في عقد مسابقات علمية في القرآن وغيره في رمضان كالقول في دروس رمضان قبل التراويح.
70- وإذا ثبت أن غدًا عيد برؤية الهلال، أو إكمال عدة رمضان، فلا تراويح في تلك الليلة، لأنها ليلة من شوال، وليست من رمضان. أما إن كانت ليلة شك، فالأصل أنها من رمضان، فتُصَلَّى التراويح.
71- وليس من السُّنَّة قيام ليلة العيد، والحديث الوارد في ذلك موضوع.
72- وزكاة الفطر واجبة على المسلم عن نفسه وعن كل من يَمُون وتُخرج من الطعام وهو قول جمهور العلماء، منهم الإمام مالك رحمهم الله. فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:"فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأَمَرَ بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" ]رواه البخاري (1503)، ومسلم (984)، وغيرهما[. وعن ابن عباس رضي الله عنهم قال: "فرض رسول الله د زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" ]رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827)، وغيرهما وهو حديث حسن[.
73- ويجوز الزيادة على الصاع لمن أراد ويكون نافلة، وينتفع بها المسكين.
74- ويجوز إخراجها نَقْدًا في حالات:
- أن يطلب الفقراء أو الساعي (الذي يجمعها بأمر ولي الأمر) إعطاء القيمة.
- أن يكون ذلك أيسر على المزكّين، وبه عَمِلَ عمر بن عبد العزيز، وقال به أبو حنيفة، وأحمد في رواية، وطائفة من أصحاب مالك، وابن تيمية، والألباني في أحَد قوليه ]الحاوي من فتاوى الشيخ الألباني، إعداد أبي يوسف محمد بن إبراهيم (ص284).[. وهذا مقيّد بالحاجة، والمصلحة الراجحة.
75- من أخرج عنه وليّه أو صاحبُه زكاة الفطر نقودًا، فهي مجزئة إن شاء الله تعالى، والمسألة خلافية، فلا يُطالب بإعادة إخراجها.
76- ومن كان ضيفا عند قوم وهَلَّ عليه العيدُ، وأخرجوا عنه زكاة الفطر أجزأتهُ.
77- ومن عيّد في غير بلده أخرج زكاة فطره حيث يُعَيِّد، ولا يكلّف من يخرجها عنه في بلده.
78- المسكين الذي أعطيت له زكاة الفطر نقودا فليمتلكها، ولا يحوّلها طعاما على نية صاحب النقود كما ظنّ بعض الناس عندنا.
79- وصلاة العيد سنّة واجبة تؤدّى في المصلى خارج البلد، فإن مُنِعت فيه فتُصَلَّى في المسجد.
80- والتكبير سنّة ويكون جهرة في الطريق إلى المصلّى وفي المصلّى حتى يخرج الإمام.
81- والأفضل التزام ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم من صيغة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
82- ويجوز التكبير بأي صيغة أخرى غير ما سبق، بشرط مشروعية ألفاظها كسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
83- ويجوز التكبير الجماعي فقد كان ابن عمر رضي الله عنهم: يكبّر في قبّته (أي خيمته) بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبّرون، ويكبّر أهل الأسواق حتى ترتج منىً تكبيرًا. وكُنّ النساء يُكبّرْنَ خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز رحمهما الله، ليالي التشريق مع الرّجال في المسجد" ]رواه البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم، في كتاب الحج، باب: التكبير أيّام منًى وإذا غدا إلى عرفة[، وقد قال بهذا الإمام الشافعي رحمه الله ]كما في كتاب "الأمّ" (1/384-385)[. ومن فائدة هذا الاجتماع عدم تشويش المكبّرين على بعضهم، فقد ثبت هذا الأمر بالأثر عن السلف، والفتوى عن الشافعي، وبالنظر الصحيح، حيث يُتفادى به التشويش، وهناك من المعاصرين من العلماء الأفاضل من قال ببدعية هذا الاجتماع، ولكن الراجح هو الأول، والمسألة قريبة فما ينبغي النزاع والشقاق والتّفرّق لأجلها خاصة في يوم اجتماع وفرح وسرور.
84- والراجح أن يكون للعيد خطبتان وهو الذي عليه العلماء سلفا وخلفا فينبغي احترام فهمهم للنصوص وإن ظهر لبعض المتأخّرين الأفاضل خلاف ذلك، وقد بوّب الإمام النسائي رحمه الله تعالى في سننه في كتاب صلاة العيدين: الجلوس بين الخطبتين والسكوت فيه.
85- وزيارة الأقارب والأحباب يوم العيد جائزة، لأن الدعاء بالقبول فيه جائز، ولا يتم ذلك في الغالب إلا بالزيارة، لكن ينبغي تعاهدهم بالزيارة والسؤال في السَّنَة كلها وليس في العيد فقط، ولم يُصب من حكم على المعايدة بالبدعة، ويُحمل كلامه على من قطع أرحامه طول العام ولم يزر إلا في العيد، وقد رأينا علماء كثيرين في هذا العصر يزورون ويُزارُون للمعايدة ولا ينكرون.
86- والمصافحة والتهنئة بالعيد جائزة، فقد ثبتت عن الصحابة بقولهم: "تقبّل الله منّا ومنكم" ]وإسناده حسن كما قال الحافظ في الفتح (2/517). [، ولأنّها من مكارم الأخلاق، ومحاسن الأقوال.
87- وتجوز بأي لفظ يُدخل السرور على المسلم، ويشيع البهجة والمحبّة مع الابتعاد عن مشابهة الكفار، ومن العلماء من حمل ألفاظ التحيات على أصل الإباحة ما لم تخالف الشرع، وهو قول وجيه وفيه يُسر. وهو قول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي :.
88- والأفضل - عند التهنئة بالعيد- ترك معانقة الرجال للرجال، والنساء للنساء في الحضر ويجوز فعلها للاشتياق، كما فعل أبو الهيثم ابن التيهان رضي الله عنه حيث عانق الرسول صلى الله عليه و سلم في المدينة ]رواه مسلم (2038)، والترمذي (2369)، وغيرهما[.
89- وليس من حسن الخُلق دفع من يريد معانقتك يوم العيد أو لأمر رشيد، فإنّه يوم فرح وسرور، وخير وحبور، وفيما بَعْدُ يُعَلَّمُ الجاهل بالحكمة.
90- وأما تقبيل الخدود من الرّجال للرّجال، ومن النّساء للنّساء فإنه غير مشروع فيُترك، وليس من التقبيل ما يُفعل عندنا من وضع الخد على الخد، والأفضل تركه مَعَ من يعلم، وتعويضه بالمعانقة بِشَرْطِها.
91- والأفضل حضور خطبة العيد، وترك الخروج عندها خاصّة إذا كانت مفيدة، ولا ننسى أنّه يوم عيد، يوم اجتماع، وتراحم، وألفة، وبر، فمن خرج ولم يستمع فلِحكمة وبدون فتنة.
92- وإذا اجتمع العيد والجمعة سقطت الجمعة عمّن صلى العيد، ولكن لابدّ أن يصلي الظهر لأنها بدل عن الجمعة،وهو قول علماء الأمة، وأغرب من قال بسقوطهما عمّن صلى العيد!!.
93- وليس من الحكمة ولا من الفقه ترك سماع خطبة العيد كلّها أو سماع الأولى والخروج في الثانية، بحجة أن الخطيب يخطب خطبتين، لأن القول بأنها خطبة واحدة ضعيف، والقول الآخر أَقْوى، ثم لا ننسى أن هذا يوم فرح وسرور واجتماع وتآلف القلوب ]من الخطإ ما يفعله بعض الشباب الغيور على السّنّة في الجنائز من النهي عن أشياء، ومنع أشياء وهم غير معروفين عند القوم بالعلم والأسوة، وهم أجانب عن الميت، حيث لا يعلّمون الناس قبل تلك المناسبة، فإذا جاءت أحدثوا ضوضاء وكلاما ونزاعا في وقت حزن وألم، مما يولد الأحقاد والبغضاء، والصواب التعليم والتوجيه للناس قبل ذلك مع ترك المشاركة في البدعة لكن بدون إحداث بلبلة وفتنة[.
94- ويجوز التجمّل يوم العيد للرجال والنساء لكن بالحلال الطيّب، ومنه الحنّاء للنساء والبنات، أما للذكور فلا ولو كانوا أطفالا، ومن غرائب الذين يجتهدون وليسوا أهلا للاجتهاد وصفهم حناء الإناث وصناعة الحلوى في العيد بالبدعة، وهذا أمر غريب حقّا!! فعلى هؤلاء أن لا يستعملوا القواعد الأصولية السُّنّية وهم ليسوا بمُفتين فليسألوا أهل الذِّكر، فإنه لا يحق للعامي ولا لطالب العلم المبتدئ الاجتهاد في تنزيل القواعد على الحوادث والنّوازل، ولو كانوا يحفظون قواعد أصولية كثيرة، وضوابط فقهية عديدة.
95- والتجمّل بالملابس الجديدة من السُّنّة للكبار والصّغار وليس للصغار فقط كما يتوهّم بعض الناس، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتجمّل يوم العيد.
96- وتخصيص زيارة المقابر يوم العيد بدعة لأمور:
أ- إنه خلاف هدي النبي صلى الله عليه و سلم.
ب- إن يوم العيد يوم فرح وسرور وليس حزن وبكاء.
ج- أن الزائرين يعتمدون في ذلك على أحاديث أن الموتى يَفْرَحُون بزيارتهم يوم العيد، وهي أحاديث باطلة.
97- ويجوز يوم العيد اللعب الذي لا معصية فيه، ويجوز للبنات الضرب بالدّف والغناء المباح لإظهار الفرح والسرور، فقد أذِن لهن بذلك النبي صلى الله عليه و سلم وقال: "إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا"] رواه البخاري (952)، ومسلم (892).[ ، وقال أيضا: "لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بُعثت بحنيفية سمحة" ]رواه السراج، وسكت عنه الحافظ في الفتح[.
98- وفي صيام ستة من أيام شوال أجر عظيم فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر" ]رواه مسلم (1164)، وغيره [والمقصود بالدّهر: السَّنة لقول النبي صلى الله عليه و سلم :" من صام رمضان، فشهر بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بعد الفطر، فذلك تمام صيام السَّنة" ]رواه أحمد (22412)، وغيره. وهو حديث صحيح[.
99- ويجوز ابتداء صيامها في اليوم الثاني من شوال بعد العيد، لأن الثاني ليس عيدًا.
100- ومن كان عليه قضاء فالأفضل البدء به ثم يصوم الست، ويجوز صيامها قبل القضاء، لأن قضاء رمضان واسع طول السَّنة قبل مجيء رمضان الآخر خاصّة من ضاق عليه شوّال لو قضى، والمرتبة الثالثة: يجوز قضاء رمضان وإدخال نية أيام شوّال، لقول النبي صلى الله عليه و سلم :"إنما الأعمال بالنيّات، وإنّما لكل امرئ ما نوى" الحديث ]رواه البخاري (1)، ومسلم (1907)[ ، ولأن الأصغر يدخل تحت الأكبر، مثل دخول طواف الوداع وهو واجب تحت طواف الإفاضة وهو رُكن.
101- ولا مانع من إهداء شيء من المال للأطفال يوم العيد، لما فيه من إدخال السرور عليهم، مع تنبيههم إلى ترك سؤال الناس، فإن أُعطوا شيئا من غير مسألة فليأخذوا.

الخــاتـــمـــة:
وهذا آخر ما تيسّر جمعه ونشره من بعض مسائل رمضان والعيد، أسأل الله تعالى أن ينفعني وإخواني المسلمين بها، وأن يوفقنا للاجتهاد في فعل الطاعات، واجتناب الخطايا والسيّئات، خاصة في شهر رمضان ومواسم الخيرات، وأن يجعلنا الله تعالى من الفائزين بالحياة الطيّبة في الدّنيا وبعد الممات، قال الله تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [النحل:97].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:"الصيّام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيّام: أَيْ ربِّ منَعْتُه الطعامَ والشهوةَ، فَشَفِّعْنِي فيه، ويقول القرآن: مَنَعْتُه النومَ بالليلِ، فَشَفِّعْنِي فيه. قال: فَيُشَفَّعان "[رواه أحمد، وغيره. وهو حديث حسن صحيح كما في صحيح الترغيب للألباني].

وكتبه أبو سعيد بلعيد بن أحمد
27 شعبان 1428 هـ
09 سبتمـبر 2007 م
وتمت المراجعة للطبعة الثالثة في:
26 شعبان 1430 هـ 17 أوت 2009م.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:14 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.