أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
25959 169036

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-07-2014, 08:30 AM
غنى ابو الكاس غنى ابو الكاس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2014
الدولة: يوماً ما سأرحل دون أمتعة فيارب اجعل وجهتي الجنة
المشاركات: 28
افتراضي إهداء إلى معلمتي الغالية ....

معلمتي الغالية.....
المعلم/ المعلمة:هي كلمة مع صغر حجمها إلا أنها مهما كُتبت وتغنى بها الكتّاب فلن يوفوها حقها.
فالمعلمة كنزُ لا يفنى أبداً , من خلالها أدركت أهمية التعليم, معلمتي سامحيني لأن هذه الكلمات لا تفي حقك وفضلك.
معلمتي هي للفضيلة مرآة...هي منجمٌ حقيقي للعلم والمعرفة... هي نهرٌ متجدد للوصايا الحسنة...هي للتسامح عنوان...هي من علمتني أن أعرف معنى التسامح هي التي تسامحنا إذا قصرنا، ومن توجِّهنا للصواب إذا أخطأنا، هي جسرٌ تعبر عليه الأجال من الظلمات إلى النور، هي شخصٌ نادر قلَّما نجد مثلها.
فالسلام عليك يا معلمتي في حضورك وفي غيابك، السلام على من لم ولن تبخل بيومٍ من الأيام على طالباتها بشيءٍمن العلم الوفير والمعرفة الغزيرة.
علمتنا أن ثمار الأرض تُجنى في كل موسم، ولكن ثمار العلم والمعرفة لا تنتهي وتُجنى في كل لحظة.
أخبرتنا بروعة الأبتسامة التي تقول للحزن لن تغلبني، وبتلك المحاولة التي تقول للفشل لن تتمكن مني، وبذلك الطموح الذي يقول للإحباط لن تسيطر علي.
نصحتنا بأن التفاؤل يمنح النجاح قبل إكتماله، وأن نبتعد عن التشاؤم لأنه يذيق مرارة الفشل قبل حدوثه، ترجمت أقوال السعادة إلى أفعال لتسعدنا، لم تبخل بيومٍ من الأيام في إٍسعادنا فجزاها الله كل خير وأسعدها وأسكنها فسيح جنانه.
أجل إستقبلتنا بثقة وصافحتنا بحب، رأيت همومنا في ملامح وجهها حين كانت تشاطرنا أحزاننا.
معلمتي الفاضلة.....
شكراً لك لدعمك ومؤازرتك ومساندتك لنا ، فكان لا بد أن نقول لك جزاك الله خير بملء أفواهنا ومن صميم قلوبنا وأعماقنا فلك الشكر الغالي والأعز.
علمتني كيف أبحث عن أمل أشق به طريقي نحو التفاؤل
معلمتي أنت أسمى وأعمق من كونك معلمة، انت سعادة
أنت طهارة... أنت وفاء... انت مشاعر تضحية...
نظرت إلى قلوبنا قبل النظر إلى عيوننا لتعرف ما نريد،
هي من تعطي حلولاً...تعطي أملاً...تعطي حياة...
أسألك إلهي أن ترزق معلمتي ضعف ما تتمناه وأن ترضى عنها رضاءاً لا سخط بعده وزادك الله علماً وإيماناً وألبسك رداء الصحة والعافية والتقوى آمين.
علمتني أن أتذوق لذة أخذ العلم لأشعر بحلاوة حياتي ،فتحت أمامي محطات كثيرة من الآمال الجميلةالتي ستتحقق بإذن الله .
علمتني أن أحب ، علمتني أن أجمل حب هو حب {الله جل وعلا}
كما علمتني أن أحب أعظم شيء على وجه الأرض وجعلتني أزداد تعلقاً به أجل أحب كتاب الله
وها هي في طريقها لتجعلني من حافظات كتاب الله،أخبرتني أن كلام الله سبحانه وتعالى علاجٌ لكل همومي ومشاكلي ومرضي .
كما أنها لم تنسى أن تخبرني عن أهمية حُسن الخلق وقالت لي:يا بُنيتي المرض لا يكون في الجسم فقط وإنما الأخلاق تمرض أحياناًفلذلك تجمّلي بالخلق الحسن الجميل والأدب الرفيع تصبحين أجمل ما رأت عيون الناس، بالفعل فقد احتوتنا بصدق .
صدقاً يا معلمتي أن أجمل أوقاتي هي حين أكون بقربك أرتشف من ينابيع معرفتك لا حرمني الله صدق محبتك.
معلمتي...أنت شعاعٌ من نور ينبع من القلب ويقودنا نحو الجنان.
معلمتي الفاضلة والمميزة إليك مني كل الإحترام والشكر والتقدير.
أسأل الله العلي العظيم أن يهبك عفواً يكفيك، وعافية تغنيك،وعتقاً من النار ينجّيك، ومقاماً عالياً في الفردوس يعليك،ونظرة لوجهه الكريم يا سميع يا مجيب الدعاء

أنا يا معلمتي بك معجبة وكلما سمعتك زاد بي الإعجاب
هل لي بقلبٍ مثل قلبك زاخرٌ فرحاب قلبك رائع خلّاب
يا رب هب لمعلمتي منك رحمة إنك أنت الكريم الوهّاب

أحبك يا معلمتي...
تلميذتك: غنى أبو الكاس
__________________
قال أحد الحكماء:تنفّس بالحمد لله,وتعجّب بسبحان الله, وافرح بالصلاة على رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم, واحزن بإنّا لله وإنّا إليه راجعون, واكسر سُمّ عينك بما شاء الله تبارك الله, وابدأ ببسم الله, واختم بالحمد لله , فليس بعد رضى الله الّا الجنّة جعلنا الله وإياكم من أهلها
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-07-2014, 01:53 PM
ام عبد الله سلفية و افتخر ام عبد الله سلفية و افتخر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 303
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

لماذا يجب على المرء أن يحب الله تعالى؟ أعرف أنه من المفروض علينا أن نحبه سبحانه لكن كيف لي أن أقوم بزيادة هذا الحب وأن أقوم بحب ديني كذلك؟.



الجواب :
الحمد لله
أولاً:
إن السؤال ، بالصيغة المذكورة هنا ، متسغرب حقاً ، فليس العجب في أن نحب الله ، ولا أن نحبه أكثر من أنفسنا ، بل العجب أن يؤمن أحد بأن له رباً خالقاً ، ثم لا يحبه ، ولا يقدم محبته على نفسه وولده ، ووالده ، والناس أجمعين .
فكل جمال يحب لأجله المحبون ، فمن الله وحده ، والله جل جلاله جميل ، وله من الجمال اللائق به المقام الأعلى .
وكل جلال يحب لأجله المحبون ، فالله أكبر من كل كبير ، وأجل من كل عظيم .
وكل كمال ، يحب له المحبون ، فلله تعالى من الكمال القدر الأعلى ، والمقام الأسنى .
وكل إحسان وإفضال ، يحب لأجله المحسنون ، فمن عطاء الله وإحسانه ؛ فكيف لا يُحَبُّ إله هذا شأنه ، ورب هذا مقامه .


قال ابن القيم رحمه الله :
" اعْلَمْ أَنَّ أَنْفَعَ الْمَحَبَّةِ عَلَى الْإِطْلاقِ ، وَأَوْجَبَهَا وَأَعْلَاهَا وَأَجَلَّهَا : مَحَبَّةُ مَنْ جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى مَحَبَّتِهِ ، وَفُطِرَتِ الْخَلِيقَةُ عَلَى تَأْلِيهِهِ ، وَبِهَا قَامَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ ، وَعَلَيْهَا فُطِرَتِ الْمَخْلُوقَاتُ ، وَهِيَ سِرُّ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ .
فَإِنَّ الْإِلَهَ هُوَ الَّذِي تَأَلهُهُ الْقُلُوبُ بِالْمَحَبَّةِ وَالْإِجْلالِ ، وَالتَّعْظِيمِ وَالذُّلِّ لَهُ وَالْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ ، وَالْعِبَادَةُ لا تَصْلُحُ إِلَّا لَهُ وَحْدَهُ ، وَالْعِبَادَةُ هِيَ : كَمَالُ الْحُبِّ مَعَ كَمَالِ الْخُضُوعِ وَالذُّلِّ ، وَالشِّرْكُ فِي هَذِهِ الْعُبُودِيَّةِ مِنْ أَظْلَمِ الظُّلْمِ الَّذِي لا يَغْفِرُهُ اللَّهُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يُحَبُّ لِذَاتِهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ ، وَمَا سِوَاهُ فَإِنَّمَا يُحَبُّ تَبَعًا لِمَحَبَّتِهِ .
وَقَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ مَحَبَّتِهِ سُبْحَانَهُ جَمِيعُ كُتُبِهِ الْمُنَزَّلَةِ ، وَدَعْوَةُ جَمِيعِ رُسُلِهِ ، وَفِطْرَتُهُ الَّتِي فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَيْهَا ، وَمَا رَكَّبَ فِيهِمْ مِنَ الْعُقُول، وَمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ ، فَإِنَّ الْقُلُوبَ مَفْطُورَةٌ مَجْبُولَةٌ عَلَى مَحَبَّةِ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهَا وَأَحْسَنَ إِلَيْهَا ، فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ الْإِحْسَانُ مِنْهُ ؟ وَمَا بِخَلْقِهِ جَمِيعِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ) [ سُورَةُ النَّحْلِ : 53 ] .
وَمَا تَعَرَّفَ بِهِ إِلَى عِبَادِهِ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَا ، وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آثَارُ مَصْنُوعَاتِهِ مِنْ كَمَالِهِ وَنِهَايَةِ جَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ .
وَالْمَحَبَّةُ لَهَا دَاعِيَانِ : الْجَمَالُ ، والإجمال [أي: الإحسان والإنعام]؛ وَالرَّبُّ تَعَالَى لَهُ الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، بَلِ الْجَمَالُ كُلُّهُ لَهُ ، والإجمالُ كُلُّهُ مِنْهُ ، فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُحَبَّ لِذَاتِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ سِوَاهُ ...
وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْمَحَبَّةِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ أَنْدَادًا يُحِبُّهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ، قَالَ تَعَالَى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 165 ] .
وَأَخْبَرَ عَمَّنْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْدَادِ فِي الْحُبِّ ، أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي النَّارِ لِمَعْبُودِيهِمْ : ( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) [ سُورَةُ الشُّعَرَاءِ : 97 - 98 ] .
وَبِهَذَا التَّوْحِيدِ فِي الْحُبِّ أَرْسَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ جَمِيعَ رُسُلِهِ ، وَأَنْزَلَ جَمِيعَ كُتُبِهِ ، وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ ، وَلِأَجْلِهِ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، فَجَعَلَ الْجَنَّةَ لِأَهْلِهِ ، وَالنَّارَ لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ فِيهِ .
وَقَدْ أَقْسَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ : لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يَكُونَ هُوَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، فَكَيْفَ بِمَحَبَّةِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ ؟ ...


وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا فِي الْمَحَبَّةِ وَلَوَازِمِهَا أَفَلَيْسَ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ ، أَوْلَى بِمَحَبَّتِهِ وَعِبَادَتِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَكُلُّ مَا مِنْهُ إِلَى عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ يَدْعُو إِلَى مَحَبَّتِهِ ، مِمَّا يُحِبُّ الْعَبْدُ وَيَكْرَهُ - فَعَطَاؤُهُ وَمَنْعُهُ ، وَمُعَافَاتُهُ وَابْتِلَاؤُهُ ، وَقَبْضُهُ وَبَسْطُهُ ، وَعَدْلُهُ وَفَضْلُهُ ، وَإِمَاتَتُهُ وَإِحْيَاؤُهُ ، وَلُطْفُهُ وَبِرُّهُ ، وَرَحْمَتُهُ وَإِحْسَانُهُ ، وَسَتْرُهُ وَعَفْوُهُ ، وَحِلْمُهُ وَصَبْرُهُ عَلَى عَبْدِهِ ، وَإِجَابَتُهُ لِدُعَائِهِ ، وَكَشْفُ كَرْبِهِ ، وَإِغَاثَةُ لَهْفَتِهِ ، وَتَفْرِيجُ كُرْبَتِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهِ ، بَلْ مَعَ غِنَاهُ التَّامِّ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ ، كُلُّ ذَلِكَ دَاعٍ لِلْقُلُوبِ إِلَى تَأْلِيهِهِ وَمَحَبَّتِهِ ، بَلْ تَمْكِينُهُ عَبْدَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَإِعَانَتُهُ عَلَيْهَا ، وَسَتْرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ وَطَرَهُ مِنْهَا ، وَكَلَاءَتُهُ وَحِرَاسَتُهُ لَهُ ، وَيَقْضِي وَطَرَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ ، يُعِينُهُ وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهَا بِنِعَمِهِ - مِنْ أَقْوَى الدَّوَاعِي إِلَى مَحَبَّتِهِ ، فَلَوْ أَنَّ مَخْلُوقًا فَعَلَ بِمَخْلُوقٍ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْ قَلْبَهُ عَنْ مَحَبَّتِهِ ، فَكَيْفَ لا يُحِبُّ الْعَبْدُ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَجَوَارِحِهِ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ بِعَدَدِ الْأَنْفَاسِ ، مَعَ إِسَاءَتِهِ ؟ فَخَيْرُهُ إِلَيْهِ نَازِلٌ ، وَشَرُّهُ إِلَيْهِ صَاعِدٌ ، يَتَحَبَّبُ إِلَيْهِ بِنِعَمِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُ ، وَالْعَبْدُ يَتَبَغَّضُ إِلَيْهِ بِالْمَعَاصِي وَهُوَ فَقِيرٌ إِلَيْهِ ، فَلَا إِحْسَانُهُ وَبِرُّهُ وَإِنْعَامُهُ إِلَيْهِ يَصُدُّهُ عَنْ مَعْصِيَتِهِ ، وَلَا مَعْصِيَةُ الْعَبْدِ وَلُؤْمُهُ يَقْطَعُ إِحْسَانَ رَبِّهِ عَنْهُ.
فَأَلْأَمُ اللُّؤْمِ تَخَلُّفُ الْقُلُوبِ عَنْ مَحَبَّةِ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ ، وَتَعَلُّقُهَا بِمَحَبَّةِ سِوَاهُ !!


وَأَيْضًا فَكُلُّ مَنْ تُحِبُّهُ مِنَ الْخَلْقِ ، أَوْ يُحِبُّكَ ، إِنَّمَا يُرِيدُكَ لِنَفْسِهِ وَغَرَضِهِ مِنْكَ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُرِيدُكَ لَكَ ، كَمَا فِي الْأَثَرِ الْإِلَهِيِّ : (عَبْدِي كُلٌّ يُرِيدُكَ لِنَفْسِهِ ، وَأَنَا أُرِيدُكَ لَكَ) ، فَكَيْفَ لا يَسْتَحِي الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ رَبُّهُ لَهُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، وَهُوَ مُعْرِضٌ عَنْهُ ، مَشْغُولٌ بِحُبِّ غَيْرِهِ ، قَدِ اسْتَغْرَقَ قَلْبُهُ بِمَحَبَّةِ سِوَاهُ ؟
وَأَيْضًا ، فَكُلُّ مَنْ تُعَامِلُهُ مِنَ الْخَلْقِ إِنْ لَمْ يَرْبَحْ عَلَيْكَ لَمْ يُعَامِلْكَ ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الرِّبْحِ ، وَالرَّبُّ تَعَالَى إِنَّمَا يُعَامِلُكَ لِتَرْبَحَ أَنْتَ عَلَيْهِ أَعْظَمَ الرِّبْحِ وَأَعْلَاهُ ، فَالدِّرْهَمُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ ، وَالسَّيِّئَةُ بِوَاحِدَةٍ وَهِيَ أَسْرَعُ شَيْءٍ مَحْوًا .
وَأَيْضًا هُوَ سُبْحَانَهُ خَلَقَكَ لِنَفْسِهِ ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ لَكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَمَنْ أَوْلَى مِنْهُ بِاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي مَحَبَّتِهِ ، وَبَذْلِ الْجُهْدِ فِي مَرْضَاتِهِ ؟
وَأَيْضًا فَمَطَالِبُكَ - بَلْ مَطَالِبُ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ جَمِيعًا - لَدَيْهِ ، وَهُوَ أَجْوَدُ الْأَجْوَدِينَ ، وَأَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ ، أَعْطَى عَبْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُ فَوْقَ مَا يُؤَمِّلُهُ ، يَشْكُرُ الْقَلِيلَ مِنَ الْعَمَلِ وَيُنَمِّيهِ ، وَيَغْفِرُ الْكَثِيرَ مِنَ الزَّلَلِ وَيَمْحُوهُ : ( يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) ، لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ ، وَلَا تُغْلِِطُهُ كَثْرَةُ الْمَسَائِلِ ، وَلَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ ، بَلْ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ ، وَيُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ ، وَيَغْضَبُ إِذَا لَمْ يُسْأَلْ ، يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ حَيْثُ لا يَسْتَحِي الْعَبْدُ مِنْهُ ، وَيَسْتُرُهُ حَيْثُ لا يَسْتُرُ نَفْسَهُ ، وَيَرْحَمُهُ حَيْثُ لا يَرْحَمُ نَفْسُهُ ، دَعَاهُ بِنِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ وَأَيَادِيهِ إِلَى كَرَامَتِهِ وَرِضْوَانِهِ ، فَأَبَى ، فَأَرْسَلَ رُسُلَهُ فِي طَلَبِهِ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ مَعَهُمْ عَهْدَهُ ، ثُمَّ نَزَلَ سُبْحَانَهُ إليه بنَفْسُهُ ، وَقَالَ : مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ ...
وَكَيْفَ لا تُحِبُّ الْقُلُوبُ مَنْ لا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ ، وَلَا يَذْهَبُ بِالسَّيِّئَاتِ إِلَّا هُوَ ، وَلَا يُجِيبُ الدَّعَوَاتِ ، وَيُقِيل الْعَثَرَاتِ ، وَيَغْفِرُ الْخَطِيئَاتِ ، وَيَسْتُرُ الْعَوْرَاتِ ، وَيَكْشِفُ الْكُرُبَاتِ ، وَيُغِيثُ اللَّهَفَاتِ ، وَيُنِيلُ الطَّلَبَاتِ سِوَاهُ ؟ ... " انتهى من "الداء والدواء" (534- 538) .
ولو كشف الغطاء عن ألطاف الرب تعالى وبره وصنعه لعبده من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه محبة له وشوقا إليه ، ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى عالم الشهوات والتعلق بالأسباب فصدت عن كمال نعيمها وذلك تقدير العزيز العليم ، وإلا فأي قلب يذوق حلاوة معرفة الله ومحبته ثم يركن إلى غيره ويسكن إلى ما سواه ؟ هذا ما لا يكون أبداً "طريق الهجرتين" (ص 281)



ثانياً:
بين الله تعالى لعباده طريق الوصول إلى محبته سبحانه ، فقال : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) آل عمران / 31 -32.


قال ابن كثير رحمه الله :
" ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) أي : يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه ، وهو محبته إياكم ، وهو أعظم من الأول ، كما قال بعض الحكماء العلماء : ليس الشأن أن تُحِبّ ، إنما الشأن أن تُحَبّ . وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية .
( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) أي : خالفوا عن أمره ( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر ، والله لا يحب من اتصف بذلك ، وإن ادّعى وزعم في نفسه أنه يحب لله ويتقرب إليه ، حتى يتابع الرسول النبيّ الأميّ خاتم الرسل ، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس " انتهى .
"تفسير ابن كثير" (2 / 32)


وقال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية :
"هذه الآية فيها وجوب محبة الله ، وعلاماتها ، ونتيجتها ، وثمراتها ، فقال ( قل إن كنتم تحبون الله ) أي : ادعيتم هذه المرتبة العالية ، والرتبة التي ليس فوقها رتبة فلا يكفي فيها مجرد الدعوى ، بل لا بد من الصدق فيها ، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله ، في أقواله وأفعاله ، في أصول الدين وفروعه ، في الظاهر والباطن ، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى ، وأحبه الله وغفر له ذنبه ، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته ، ومن لم يتبع الرسول فليس محبا لله تعالى ، لأن محبته لله توجب له اتباع رسوله ، فما لم يوجد ذلك دل على عدمها وأنه كاذب إن ادعاها ، مع أنها على تقدير وجودها غير نافعة بدون شرطها .
وبهذه الآية يوزن جميع الخلق ، فعلى حسب حظهم من اتباع الرسول يكون إيمانهم وحبهم لله ، وما نقص من ذلك نقص " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 128)


وقد روى البخاري (6502) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) .
فبين في ذلك الحديث القدسي الجليل أن من أحب الله تقرب إليه بما يحبه ، من أداء الفرائض والنوافل ، وأنه بذلك ينال العبد محبة الله تعالى .


قال ابن رجب رحمه الله :
" ومحبة الله تنشأ تارة من معرفته ، وكمال معرفته : تحصل من معرفة أسمائه وصفاته وأفعاله الباهرة ، والتفكير في مصنوعاته وما فيها من الإتقان والحكم والعجائب ، فإن ذلك كله يدل على كماله وقدرته وحكمته وعلمه ورحمته .
وتارة ينشأ من مطالعة النعم ، وفي حديث ابن عباس المرفوع : ( أحبوا الله لما يغدوكم من نعمه ، وأحبوني لحب الله ) . خرجه الترمذي في بعض نسخ كتابه [ضعفه الألباني] .
وقال بعض السلف : من عرف الله أحبه ، ومن أحبه أطاعه فإن المحبة تقتضي الطاعة ، كما قال بعض العارفين : الموافقة في جميع الأحوال.


ومحبة الله على درجتين :
إحداهما : فرض ، وهي المحبة المقتضية لفعل أوامره الواجبة ، والانتهاء عن زواجره المحرمة ، والصبر على مقدوراته المؤلمة ، فهذا القدر لابد منه في محبة الله ، ومن لم تكن محبته على هذا الوجه فهو كاذب في دعوى محبة الله ، كما قال بعض العارفين : من ادّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده فهو كاذب ، فمن وقع في ارتكاب شيء من المحرمات ، أو أخل بشيء من فعل الواجبات ، فلتقصيره في محبة الله ، حيث قدم محبة نفسه وهواه على محبة الله ، فإن محبة الله لو كملت لمنعت من الوقوع فيما يكرهه . وإنما يحصل الوقوع فيما يكرهه لنقص محبته الواجبة في القلوب ، وتقديم هوى النفس على محبته ، وبذلك ينقص الإيمان ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ) الحديث .
والدرجة الثانية من المحبة ، وهي فضل مستحب : أن ترتقي المحبة من ذلك إلى التقرب بنوافل الطاعات ، والانكفاف عن دقائق الشبهات والمكروهات ، والرضى بالأقضية المؤلمات ، كما قال عامر بن عبد قيس : أحببت الله حباً هوّن عليّ كلّ مصيبة ، ورضّاني بكلّ بليّة ، فما أبالي مع حبي إياه على ما أصبحت ، ولا على ما أمسيت . و قال عمر بن عبد العزيز أصبحت ومالي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر ، ولما مات ولده الصالح قال : إن الله أحب قبضه ، وأعوذ بالله أن تكون لي محبة تخالف محبة الله . وقال بعض التابعين في مرضه : أحبّه إليّ أحبّه إليه . " . انتهى من " فتح الباري " لابن رجب(1/46-48) .
والله أعلم




الإسلام سؤال وجواب


__________________
يا سامعاً لكل شكوى، ويا عالماً بكل نجوى، يا كاشف كربتنا، ويا مستمع دعوتنا، ويا راحم عَبرتنا، ويا مقيل عثرتنا، يا رب البيت العتيق، اكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نُطيق وما لا نطيق، اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم غم، وأخرجنا والمسلمين من كل حُزن وكرب.
آمين.
- الزواج إذا كان بتعدد وكان الذي عدد الزوجات رجلاً عادلاً مستقيماً، فلا حرج ولا عتب ولا غضاضة على المرأة.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-07-2014, 01:56 PM
ام عبد الله سلفية و افتخر ام عبد الله سلفية و افتخر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 303
افتراضي


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك لك في علمك وعمرك و أطاله بطاعته ، وختم بالباقيات الصالحات أعمالك

قال ابن القيم في بدائع الفوائد
في اقتضاء المحبة إفراد الحبيب بالحب وعدم التشريك بينه وبين غيره فيه
هذا من موجبات المحبة الصادقة وأحكامها فإن قوى الحب متى انصرفت إلى جهة لم يبق فيها متسع لغيرها ومن أمثال الناس ليس في القلب حبان ولا في السماء ربان ومتى تقسمت قوى الحب بين عدة محال ضعفت لا محالة
__________________
يا سامعاً لكل شكوى، ويا عالماً بكل نجوى، يا كاشف كربتنا، ويا مستمع دعوتنا، ويا راحم عَبرتنا، ويا مقيل عثرتنا، يا رب البيت العتيق، اكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نُطيق وما لا نطيق، اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم غم، وأخرجنا والمسلمين من كل حُزن وكرب.
آمين.
- الزواج إذا كان بتعدد وكان الذي عدد الزوجات رجلاً عادلاً مستقيماً، فلا حرج ولا عتب ولا غضاضة على المرأة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.