أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
51494 | 62592 |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
هل يجوز الاستمرار في القتال إذا كان العدو أكثر من الضعف وغلب على الظن الهلاك؟
معلوم أن الشرع أجاز للمسلمين التولي عن القتال إذا كان العدو أكثرَ من الضعف؛ لقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
ويستحب لهم الاستمرار في القتال في هذه الحال إذا غلب على ظنهم النصر. لكن هل يجوز لهم الاستمرار في القتال في هذه الحال إن غلب على ظنهم الهلاك؟ يقول الإمامُ ابنُ قدامةَ، رحمه الله، في " المغني": وإذا كان العدو أكثرَ من ضعف المسلمين، فغلب على ظن المسلمين الظفرُ، فالأولى لهم الثباتُ؛ لِما في ذلك من المصلحة، وإن انصرفوا جاز؛ لأنهم لا يأمنون العطبَ، والحكم عُلق على مظِنَّته، وهو كونهم أقلَّ من نصف عددهم؛ ولذلك لزمهم الثباتُ إذا كانوا أكثر من النصف وإن غلب على ظنهم الهلاكُ فيه. ويحتمل أن يلزمهم الثباتُ إن غلب على ظنهم الظفر؛ لما فيه من المصلحة. وإن غلب على ظنهم الهلاكُ في الإقامة، والنجاةُ في الانصراف فالأولى لهم الانصراف، وإن ثبتوا جاز؛ لأن لهم غرضا في الشهادة، ويجوز أن يَغلبوا أيضا. وان غلب على ظنهم الهلاكُ في الاقامة والانصراف فالأولى لهم الثبات؛ لينالوا درجة الشهداء المقبلين على القتال محتسبين، فيكونون أفضل من الموَلِّين؛ ولأنه يجوز أن يغلبوا أيضا؛ فإن الله يقول: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} ولذلك صبر عاصمٌ وأصحابُه فقاتلوا حتى أكرمَهم الله بالشهادة.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#2
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا و نفع بك
|
#3
|
|||
|
|||
قصةُ عاصمٍ وأصحابِه، التي أشار إليها ابنُ قدامةَ، هي ما رواه البخاري عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال:
[بعث رَسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وأَمَّرَ عليهم عَاصِمَ بنَ ثَابِتٍ الأنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَانْطَلَقُوا حتَّى إذَا كَانُوا بالهَدَأَةِ -وهو بين عُسْفانَ ومكةَ- ذُكِروا لِحيٍّ مِن هُذَيْلٍ، يُقَالُ لهمْ: بَنُو لَحْيَانَ، فَنَفَرُوا لهمْ قَرِيبًا مِن مِئَتَيْ رَجُلٍ، كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حتَّى وجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ، فَقالوا: هذا تَمْرُ يَثْرِبَ. فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وأَصْحَابُهُ لَجَؤُوا إلى فَدْفَدٍ (مكان مرتفع) وأَحَاطَ بهِمُ القَوْمُ، فَقالوا لهمْ: انْزِلُوا وأَعْطُونَا بأَيْدِيكُمْ، ولَكُمُ العَهْدُ والمِيثَاقُ، ولَا نَقْتُلُ مِنكُم أحَدًا، قَالَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ أمِيرُ السَّرِيَّةِ: أمَّا أنَا فَوَاللَّهِ لا أنْزِلُ اليومَ في ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ. فَرَمَوْهُمْ بالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا في سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إليهِم ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بالعَهْدِ والمِيثَاقِ، منهمْ خُبَيْبٌ الأنْصَارِيُّ، وابنُ دَثِنَةَ، ورَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا منهمْ أطْلَقُوا أوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فأوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هذا أوَّلُ الغَدْرِ، واللَّهِ لا أصْحَبُكُمْ، إنَّ لي في هَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً. يُرِيدُ القَتْلَى، فَجَرُّوهُ وعَالَجُوهُ علَى أنْ يَصحَبَهُمْ، فأبَى، فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بخُبَيْبٍ وابْنِ دَثِنَةَ حتَّى بَاعُوهُما بمَكَّةَ...] فذكر الحديثَ بطوله. فعاصمٌ وأصحابُه، رضي الله عنهم، كانوا عشرةً فاختاروا مواجهةَ مائتين من المشركين، رغم أنهم أعطَوهم العهدَ ألا يقتلوهم، فأَبَوا أن يُسلموا لهم أنفسَهم واختاروا الموتَ بعزةٍ، حتى قُتل عاصمٌ في سبعةٍ من أصحابه. ثم لما أعطى المشركون العهدَ والميثاقَ للثلاثة الباقين نزلوا، فلما شعر أحدُهم بالغدر أَبى أن يصحبَهم، فقاومهم ما استطاع، مع أنه مُوثَقٌ عاجزٌ عن فعل أيِّ شيءٍ، إلا أنه أبى إلا أن يَغيظَهم ويُريَهم عِزةَ المسلم، فعزم أَلا يَصحبَهم؛ ليموت شهيدا أسوةً برفاقه. رضي الله عنهم جميعا.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#4
|
|||
|
|||
قال الإمام الشافعي في "الأم":
فإذا غزا المسلمون أو غُزوا فتهيئوا للقتال، فلقوا ضعفَهم من العدو، حرم عليهم أن يولوا عنهم، إلا متحرفين إلى فئة. فإن كان المشركون أكثرَ من ضعفهم لم أحبَّ لهم أن يولوا.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#5
|
|||
|
|||
قال ابن تيمية في "قاعدة في الانغماس في العدو":
فإن قيل: قد قال الله تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) إلى قوله: (الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ). وقد قالوا: إنَّ ما أَمَرَ به من مُصابرةِ الضعف في هذه الآية ناسخٌ لما أَمَرَ به قبل ذلك من مُصابرةِ عشرةِ الأمثال. قيل: هذا أكثر ما فيه أنه لا تجب المُصابرةُ لِما زاد على الضِّعفِ، ليس في الآية أنّ ذلك لا يُسْتَحَبُّ ولا يجوز. وأيضًا فلفظُ الآية إنما هو خبرٌ عن النَّصر مع الصَّبر، وذلك يتضمن وجوبَ المُصابرةِ للضَعف، ولا يتضمَّن سقوطَ ذلك عما زاد عن الضِّعف مطلقا، بل يقتضي أنّ الحكمَ فيما زاد على الضعفين بخلافِه، فيكون أكملَ فيه. وقد تجب المصابرةُ كما وجبت عليهم المُصابرة يوم أُحد ويوم الخندق، مع أنَّ العدوَّ كانوا أضعافَهم. وذَمَّ الله المُنْهَزِمين يوم أُحد والمُعْرِضين عن الجهاد يوم الخندق في سورة آل عمران والأحزاب، بما هو ظاهر معروف. وإذا كانت الآية لا تنفي وجوبَ المُصابرةِ لِمَا زاد على الضِّعفين في كل حال، فأنْ لا تنفِي الاستحبابَ والجوازَ مُطلقًا أوْلَى وأحْرَى.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|