أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
57150 151323

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 10-23-2013, 02:48 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي وانقضى الحج فماذا بعد ؟؟ -3- لفضيلة الشيخ : صالح آل طالب

3.

وانقضى الحج فماذا بعد ؟؟ .

لفضيلة الشيخ : صالح آل طالب
خطبة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة

بتاريخ : 17- 12-1425هـ
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، الحمد لله أسدى فضله وأولى، وأعظم خيره فنِعم المولى، له الحمد في الآخرة والأولى، توالت نعمه، وعظمت مِنَنُه، وعمَّ الخلائق بِرًا ونَوْلاً.

خصَّنا بالإسلام ويسَّر حج البيت الحرام، أحمده تعالى وأشكره وأثني عليه وأستغفره، وأسأله المزيد من فضله والإنعام.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، من دعاه لبَّاه، ومن أخلص له العبادة نجَّاه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخليله ومصطفاه، بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد :

فاتقوا الله تعالى ـ أيها المسلمون ـ بفعلِ أوامرِه واجتنابِ نواهيه والحَذَر من سخَطِه وعِقابه، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا ۞ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [سورة الأحزاب:70 - 71].

أمّا بعد : أيّها المؤمنون، حجّاجَ بيتِ الله الحرام، أيّامٌ معدودة مرَّت وليالٍ كالأحلام فرّت، تزاحَمت فيها الجموع، وسكِبَت فيها الدموع، كم فيها من توبةٍ ورجوع وإنابة وخضوع، يجلِّل ذلك كرمُ الله بمغفرةِ الذنوب وإجابة الدعاء وكشفِ الكروب، في الصحيحين أنّ النبي قال: ((من حجَّ هذا البيتَ فلم يرفث ولم يفسق رجَعَ كيومِ ولَدته أمُّه)).
أي : نقِيًّا من الخطايا.

وفي الصحيحين أيضًا أنّ النبيَّ قال: ((العمرةُ إلى العمرة كفّارة لما بينَهما، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)). فيا ليتَ شِعري، مَنِ المُجاب مِنّا؟ ومَن المقبولُ فيُهنَّا؟

أيّها المسلِمون، ومعَ الثّقةِ بكرَمِ الله وعفوِه ورجائه وعطفِه إلاّ أنّ المسلم يسأل الله القبولَ ولا يغترّ بعمَله، بل يرجو ويخاف ويأمَل ويخشَى، وفي صِفات المؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [سورة المؤمنون:57-61].

سألت عائشةُ رسولَ الله عن هذهِ الآية: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ : أهُم الذين يشرَبون الخمرَ ويسرِقون؟ قال: ((لا يا بنتَ الصديق، ولكنّهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدّقون وهم يخافون أن لا يُقبَل منهم، أولئك الذين يسارِعون في الخيراتِ)) رواه الترمذي بسند صحيح.

وهذه حقيقةُ التقوى أيها المسلمون، والتي ذكرَها الله - تعالى - في آخرِ آياتِ الحجِّ، حيث قال سبحانه: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [سورة الحج:37].

كما قال سبحانَه في الصّيام : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [سورة البقرة:183].

فهل نحقِّق التقوَى في حياتنا مستقبَلاً كنتيجةٍ تحصَّلنها مِنَ الحجِّ ؟؟.
عندما يؤدِّي الحاجّ نُسُكه بنظامٍ وانضباط، ملتزِمًا الحدودَ والمواقيت، ملتزِمًا بمكانِ وزمان كلِّ منسَك مِن مناسك الحجّ، مجتنِبًا المحظورات، صابرًا محتسِبًا وإن لحِقَته مشقة، راجِيًا بذلك ما عند الله، مدرِكًا أنّه يستطيع الاستغناءَ عن كثيرٍ من تَرَف الدّنيا، والتي رأى أنها غيرُ ضروريّة في الحجّ، وأنه يمكِن الاستغناءُ عنها.

ومِن هذا الالتزامِ بالأماكِنِ والأوقات يعلَم أنّ الهوَى يُقيَّد بالشرع، وأنّ أحوالَ الحياة كأحوال الحج، يُسَار بها على مرادِ الله، وليس العكس، وأنَّ التساهلَ في تجاوزِ هذه الحدود يُذهِب أثرَ هذا الالتزام.

فهذه هي التقوى التي يتربَّى عليها الحاجّ ويسير عليها في حياتِه حتى يلقَى اللهَ متعامِلاً بمقتَضاها مع أوامِرِ الله ونواهيه.

وكما أنّ الحجَّ لا رفثَ فيه ولا فسوقَ ولا جدال، فإنّه تربِيَةٌ وتهذيبٌ للسّلوك ليصبِحَ ذلك خلُقَهُ دائمًا، وليكونَ كما وصَفَ النبيّ : ((ليس المسلِم باللّعان ولا الطّعان ولا الفاحش البذيء)).

هذه بعض معالمِ التقوى في الحجّ، فليستَحضِرها المسلمُ مع قولِ الله عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ [سورة المائدة:27]، وليضَع نفسَه في الميزان.


يُتبع – إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.