أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
32384 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > ركن الإمام المحدث الألباني -رحمه الله- > الدفاع والذب عن الإمام الألباني -رحمه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-20-2011, 10:10 AM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي الرد على سالم بن محمد العرجاني في ما افتراه على الإمام الألباني

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
هذا رد على مجمل المؤاخذات التي ذكرها العرجاني في كتـابه (الأقوال الخفية للمرجئة المعاصرة) والتي تتعلق بحق الإمام الألباني رحمه الله وقد اعتمد على شريط باشميل المغرض المحترق فأوقعه في خربة وصدق من قال:
ومن جعل الغراب له دليلا***يمر به على جيف الكلاب
ومعظم هذه المؤاخذات قد رد عليها وهي موجودة في هذا المنتدى المبارك فقمت بجمعها هنا بعد أن رد بها على غلاة التكفير والجهاد من أمثال أبي بصير الطرطوسي ومن على شاكلته ولا تعجب من هذه الموافقة والمشابهة بين غلاة التبديع وغلاة التكفير فالقاسم المشترك بينهما هذا الانحراف في باب عظيم من أبواب الدين وهي مسألة الأسماء والأحكام كما أنهم انحرفوا في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعامل بين أصناف الناس فغلاة التبديع انحرفوا في تعاملهم مع المخالفين من أهل القبلة وغلاة التكفير في تعاملهم مع الكفار والمنافقين وكلاهما حرب على رموز الأمة وعلمائها الراسخين برميهم بالعمالة والإرجاء أو البدعة والتمييع وإن تمسح بهم البعض في الظاهر في مايوافق أهوائهم ولهذا اجتمعوا في عدم الرجوع إليهم في القضايا الكبرى المصيرية التي تخص أمة الإسلام عامة أو التي تخص سير الدعوة السلفية خاصة وأكبر مثال على ذلك ثناء علماء الأمة الراسخين على الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله والدفاع عن وموقف هذا المغرض منه وسؤ الأدب معه ورميه بما برئه منه العلماء ولا حول ولاقوة إلا بالله.
والآن مع المؤاخذات:
اقتباس:
قال الألباني بصوته: (... الآن مثالنا: إبليس الرجيم فهو باتفاق الجميع كان مؤمناً ثم كفر باستنكاره حكم الله في مثل قوله: ﮋﮎﮏﮐﮑﮊ كفر أي لم يكن مؤمناً ولكني أقول أيضاً لم يبق مصدقاً لأنه لو كان مصدقاً وبقي مصدقاً لسجد ... أنا لا أعلم في حدود ما علمت وفوق كل ذي علم عليم أن العلماء يفرقون بين الإيمان والتصديق ... إذا أردنا من هذا الجانب أن نرد على المرجئة وكنا مخطئين في التفريق بين التصديق والإيمان ما يكون إلا خربنا بيوتنا بأيدينا) من شريط عقيدة الشيخ الألباني في الإيمان لعبداللطيف باشميل.
فقول الإمام الألباني :" لم يبق مصدقاً لأنه لو كان مصدقاً وبقي مصدقاً لسجد ..." فيه دلال واضحة على أن الإيمان عند الألباني هو التصديق المستلزم للقبول الإذعان وهذا هو تعريف العثيمين رحمه الله.
وأما قوله:
اقتباس:
" وقد فسر السلف الإيمان بمعنى التصديق ولا يعني هذا أنه مرادف له"
أقول: وهكذا الإمام الألباني لم يخرج عن ذلك بينته لك.

وقد َنَقلَ الإمامُ مُحمَّد بن نَصر المروزيّ عن طائفةٍ مِن أهلِ السُّنـةِ : ((والإيمانُ في اللغةِ : هوَ التصديقُ وَمَعنى التَّصديق : هُوَ المعرفةُ باللهِ والاعترافُ لَهُ بالربوبيةِ بِوَعدهِ ووعيدهِ وَوَاجِبِ حَقِّهِ وَتََحقيقِ مَا صَدَّقَ بِهِِ مِن القَولِ والعَمَلِ )). تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي 2/695 .
والشيخُ الألبانيُّ لَم يَخرُج في تَعريفِهِ للإيمانِ لُغةً عَن تَعريفِ هؤلاء السَّلف ، بَل تَبِعَ السَّلَفَ على هذا التَّعريفِ ، فَقَالَ : ((إنَّ الإيمانَ لغةً بمعنى التصديق ، وهذا ما تَدُلُّ عَلَيهِ لُغَةُ القُرآنِ )). من الوجه الأول من الشريط الثاني من شريطي (التحرير لأصول التكفير)رقم (856) من (سلسلة الهدى والنور). من كتاب جهود الشيخ الألباني في بيان عقيدة السلف في الإيمان بالله

اقتباس:
قال الألباني بصوته: (أن العمل جزء من الإيمان لكنه جزء كمال وليس جزء صحة ... السلف فرقوا بين الإيمان وبين العمل فجعلوا العمل شرط كمال في الإيمان) بصوته من شريط «عقيدة الشيخ الألباني في الإيمان» لعبد اللطيف باشميل
كلام الإمام كان في سياق رده على الخوارج الذين يكفرون بشعب الإيمان أو أفراد الأعمال وليس عن من ترك جميع الأعمال وللأسف فقد حذف عبارة مهمة تدل على ذلك بوضوح.
والسياق هو (السلف فرقوا بين الإيمان وبين العمل فجعلوا العمل شرط كمال في الإيمان ولم يجعلوه شرط صحة خلافاً للخوارج)
ومثل ذلك استدل بعضهم بقوله في "حكم تارك الصلاة"(ص42): ((فأين الجواب عن كون الصلاة شرطًا لصحة الإيمان؟ أي: ليس فقط شرط كمال، فإن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال خلافًا للخوارج والمعتزلة...)).اﻫ.
فهو يتكلم عن الصلاة هل هي شرط صحة في الإيمان أم شرط كمال, ثم قال: ((فالأعمال الصالحة كلها شرط كمال خلافًا للخوارج والمعتزلة)).
أليس السياق يفيد، وكذا لفظ: ((كلها)) أن كلام الإمام هو في شعب عمل الجوارح, أو ((أجزاء))؟ ويؤيده: بعد ذلك، قال: ((خلافًا للخوارج والمعتزلة)).، وخلافهم في أجزاء العمل أو أفراده ، وهذه قرينة صريحة فتأمل.
ويؤكد أنه في آحاد العمل وليس العمل في الجملة ؛ أمور منها:
1) وجد القول الصريح عنه بِرُكْنِيَّةِ العمل.
قال الإمام الألباني في "مقدمة شرح العقيدة الطحاوية"(ص58):
((والكوثري في كلمته المشار إليها يحاول فيها أن يصور للقارئ أن الخلاف بين السلف والحنفية في الإيمان لفظي، يشير بذلك إلى أن الأعمال ليست ركنًا أصليًّا، ثم يتناسى أنهم يقولون: بأنه يزيد وينقص وهذا ما لا يقول به الحنفية إطلاقا.)).اﻫ.
و قال الإمام في "الوجه الثاني" من الشريط (11) من "سلسلة الهدى والنور": ((قال الله تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)، هذه الباء هنا سببيه يعني بسبب عملكم الصالح، وأعظم الأعمال الصالحة هو الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ سأله رجل عن أفضل الأعمال.
قال: إيمان بالله تبارك وتعالى، الإيمان عمل قلبي مُشْ كما يظن بعض الناس أنه لا علاقة لـه بالعمل، لا، الإيمان:
أولًا: لابد من أن يتحرك القلب بالإيمان بالله ورسوله ؛ ثم لابد أن يقترن مع هذا الإيمان الذي وقر في القلب، أن يظهر ذلك على البدن والجوارح لذلك فقوله تبارك وتعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) نص قاطع صريح بأن دخول الجنة ليس بمجرد الأماني…)).اﻫ.
قولـه: ((ثم لابد أن يقترن… أن يظهر ذلك على البدن والجوارح)).
وقول الإمام هذا قاله في موضع آخر. ففي فقه الحديث رقم (2602) من "الصحيحة" قال: ((واعلم أن هذا الحديث قد يُشْكِلُ على بعض الناس، ويتوهم أنه مخالف لقوله تعالى: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) ونحوها من الآيات والأحاديث الدالة على أن دخول الجنة بالعمل، وقد أجيب بأجوبة: أقربها إلى الصواب: أن الباء في قوله في الحديث: (بعمله) هي باء الثمنيَّة، والباء في الآية باء السببية، أي أن العمل الصالح سبب لا بد منه لدخول الجنة ولكنه ليس ثمنًا لدخول الجنة.. ومافيها من النعيم المقيم والدرجات…)).اﻫ.

2) قوله: ((الإيمان: قول وعمل))، وأيضًا: ((قول واعتقاد وعمل))، وهذا يكون للركنية و لأن ((الحد يقتصر فيه على الأركـان))
3) وجود أقوال للإمام صريحة واضحة جلية منها قوله: أن الإيمان بدون عمل لا يفيد " لابد أن يظهر - أثر الإيمان- على البدن والجوارح" ..الخ.
في الوجه الأول من (الشريط السادس) بيَّـن:
أ - أن الإيمان قول وعمل.
ب- الإيمان يزيد وينقص.
ج- غلَّط الحنفية والماتردية في مخالفتهم لهذا.
د- بيَّن غلَطهم بأن لم يجعلوا الإيمان عملًا وإنما هو عندهم عقيدة جامدة.
وكان مما قاله؛ وله ارتباط ببحثنا:
((لذلك فعلى المسلم حين يحيى في هذه الحياة أن يضع نُصْبَ عينيه هذه الحقيقة حقيقة أن الإيمان قابل للزيادة، وقابل للنقصان والذي يقبل النقص قابل للعدم مطلقا)).اﻫ.
أ) الزيادة تكون بفعل الطاعات، والنقص بفعل المعاصي.
ب) الذي يقبل النقص، قابل للعدم مطلقا.
ثم تكلم عن لماذا يُذكر الإيمان مقرونًا بالعمل الصالح، في غير ما آية؟ فقـال:
((هذا ليدل أن الإيمان بدون عمل لا يفيد، وأن العمل الصالح من الإيمان، فالله حينما يذكر الإيمان يذكره مقرونًا بالعمل الصالح؛ لأننا لا نستطيع نتصور إيمانًا بدون عمل صالح، إلا لإنسان نتخيله خيالًا، آمن مِنْ هنا، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، ومات من هنا، هذا نستطيع نتصوره، لكن إنسان يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويعيش دهرًا مما شاء، ولا يعمل صالحًا؟ فعدم عمله الصالح، هو كدليل أنه يقولها بلسانه، ولمَّـا يدخل الإيمان إلى قلبه، فذكر الأعمال الصالحة بعد الإيمان؛ هو ليدل أن الإيمان النافع هو الذي يكون مقرونًا بالعمل الصالح. على كل حال: فنحن نفرق بين الإيمان الذي هو مقره القلب، وهو كما أفادنا هذا الحديث من عمل القلب، وبين الأعمال التي هي من أعمال الجوارح، فأعمال الجوارح ؛ هي أجزاء مكملة للإيمان ماهي أجزاء أصيلة من الإيمان، إنما كلما ازداد الإنسان عملًا صالحًا ؛ كلما قوي هذا الإيمان الذي مقره القلب…)).اﻫ.
وفيه بيان، ووضوح، بما لا مزيد عليه، أن العمل ركن أصلي في الإيمان، وأجزاء العمل وشعبه، أجزاء مكملة للإيمان وليست أجزاء أصيلة، فمن أهم ما قال، وأصل:
أ) أنه قرن الإيمان بالعمل الصالح، ليدل على أن الإيمان بدون عمل لا يفيد.
وهذا ردّ قويُّ على أصل من أصول المرجئة في استدلالهم على أن العمل ليس من الإيمان

وقال الإمام الألباني في "الوجه الثاني" من (الشريط الثاني) من شرائط (رحلة النور):
((فقول المسلم أَيّ مسلم كان: لا إله إلا الله محمد رسول الله هذا بلا شك ينجيه من عذاب الدنيا ألا وهو القتل. كما قال عليه السلام: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإذا قالوها، فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسا بهم على الله). فمن قال: لا إله إلا الله، نجى بنفسه من الموت، ولكـن لا ينجو أمام الله عزَّ وجلَّ من الخلود في النار، إلا إذا قام بحق هذه الكلمة، وأول حقها هو عبـادة الله عزَّ وجلَّ وحـده لا شريك له)).اﻫ.

وقال في "الوجه الأول" من الشريط رقم (56) من "سلسلة الهدى والنور": ((الإسلام هو الشيء الظاهر، والإيمان هو الشيء المتعلق بالباطن، أي شخص يعيش في الدولة المسلمة فإذا أراد أن يكون له حقوق المسلمين، فيجب أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ثم يلتزم أحكام الإسلام كلًّا أو بعضًا على حسب التفصيل المعروف)).اﻫ
وقال الإمام الألباني في "الوجه الأول" من شريط "الفرقة الناجية": ((كما نسمع ذلك في كثير من الأحيان من بعض الشباب الذين لم يربوا تربية إسلامية، وأخلّوا بكثير من الأركان الشرعية كالصلاة مثلًا، إذا قيل لهم: يا أخي لِـمَ ما تصلي؟ يقول لك: العبرة بما في القلب، كأنه يقول أو كأنه يتصور: أنه من الممكن أن يكون القلب صالحًا، وصحيحًا، وسليمًا، أما الجسد فلا يتجاوب مع الأحكام الشرعية؛ هذا أمر باطل تمام البطلان، فلا بد أن نلاحظ هذه الحقيقة، ألا وهي ارتباط الظاهر بالباطن)).اﻫ.
تأمل، قول الإمام: ((فلا بد أن نلاحظ هذه الحقيقة، ألا وهي ارتباط الظاهر بالباطن)).

والآن نأتي على ما أشكل من كلام للإمام الألباني في هذه المسألة:
1. قوله :" فأعمال الجوارح ؛ هي أجزاء مكملة للإيمان ماهي أجزاء أصيلة من الإيمان".
أقول: قوله هذا في شُعَبِ وآحاد عمل الجوارح ففيه رد على الخوارج الذين يذهب الإيمان عندهم بترك واجب، أو فعل محرم.
بدليل قوله قبل هذا السطر أو العبارة : ((.. الإيمان بدون عمل لا يفيد، وأن العمل الصالح من الإيمان، فالله حينما يذكر الإيمان يذكره مقرونًا بالعمل الصالح؛ لأننا لا نستطيع نتصور إيمانًا بدون عمل صالح، إلا لإنسان نتخيله خيالًا، آمن مِنْ هنا، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ومحمد رسول الله، ومات من هنا، هذا نستطيع نتصوره، لكن إنسان يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويعيش دهرًا مما شاء، ولا يعمل صالحًا؟ فعدم عمله الصالح، هو كدليل أنه يقولها بلسانه، ولمَّـا يدخل الإيمان إلى قلبه..)) (الشريط السادس)
وقولـه هذا :" أعمال الجوارح ؛ هي أجزاء مكملة للإيمان ماهي أجزاء أصيلة من الإيمان". على مذهب من لم يكفر بترك أحد أركان الإسلام العملية الأربعة من أهل السنة، وهو قول معروف للسلف منهم مالك، والشافعي، ورواية عن أحمد كما في "الإيمان" (ص287و354).
قال الإمام ابن تيمية في ((الفتاوى)) [7/610-611] : (( وأما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئاً من هذه الأركان الأربعة ففي التكفير أقوال للعلماء هي روايات عن أحمد :
(أحدها) : انه يكفر بترك واحد من الأربعة حتى الحج 00000 و(الثاني) انه لايكفر بترك شيءٍ من ذلك مع الإقرار بالوجوب 000000 و(الثالث) لا يكفر إلا بترك الصلاة 00000 و(الرابع) : يكفر بتركها، وترك الزكاة فقط . و(الخامس) : بتركها وترك الزكاة إذا قاتل الإمام عليها دون ترك الصيام والحج .))أهـ .
قال ابن تيمية في ((الفتاوى)) [7/302] : ((ونحن إذا قلنا أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور)). أهـ
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ..
(أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة،فالأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً فنحن وإن قاتلناه على فعلها – فلا نكفره بتركها،ولا أكفر أحداً بذنب ولا أخرجه من دائرة الإسلام). (الرسائل الشخصية)(:5/11)
وفي هذا رد على قوله:
اقتباس:
" فكلام الألباني: (فنحن نفرق بين الإيمان الذي هو مقره القلب وهو كما أفادنا هذا الحديث من عمل القلب وبين الأعمال التي هي من أعمال الجوارح فأعمال الجوارح هي أجزاء مكملة للإيمان ما هي أجزاء أصليه (أو أصيله) من الأيمان إنما كلما ازداد الإنسان عملاً صالحاً كلما قوي هذا الإيمان الذي مقره القلب). هذا كلامه واضح في أنه لا يكفر بترك العمل بالكلية لأنه يرى أن أعمال الجوارح أجزاء مكملة للإيمان .... وأما من أراد أول كلامه وباقيه فليرجع إلى كتب أوليائه المبرئين له ومنها كتاب (تبرئة الإمام المحدث من قول المرجئة المحدث) (ص 41) لمؤلفه (إبراهيم بن عامر الرحيلي) الذي حاول جاهداً بكل طريقة تبرئة إمامه إلى درجة أنه يحاول أن يتغابا في كثير من الأحيان".
إضافة إلى ماسبق من بيان أقول:
قال الإمام العلامة ابن القيم الجوزية رحمه الله "من قال بلسانه ما ليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمنا بل كان من المنافقين وكذلك من عرف بقلبه وأقر بلسانه لم يكن بمجرد ذلك مؤمنا حتى يأتى بعمل القلب من الحب والبغض والموالاة والمعاداة فيحب الله ورسوله ويوالى أولياء الله ويعادى أعداءه ويستسلم بقلبه لله وحده وينقاد لمتابعة رسوله وطاعته والتزام شريعته ظاهرا وباطنا وإذا فعل ذلك لم يكف في كمال إيمانه حتى يفعل ما أمر به
فهذه الأركان الأربعة هي أركان الإيمان التي قام عليها بناؤه وهى ترجع إلى علم وعمل" عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين
والشاهد " وإذا فعل ذلك لم يكف في كمال إيمانه حتى يفعل ما أمر به"
هل ستقول هذا كلام واضح في أن ابن القيم لا يكفر بترك العمل بالكلية لأنه يرى أن أعمال الجوارح أجزاء مكملة للإيمان أم ستكيل بمكيالين.
والإمام الألباني كما سبق يقول أن عمل الجوارح ركن أصلي في الإيمان ، " أن الإيمان بدون عمل لا يفيد " لابد أن يظهر - أثر الإيمان- على البدن والجوارح" ..الخ.

فأقوال الإمام، يفسر بعضها بعضًا، ويصدق بعضها بعضًا ويفسر مشتبهه بمحكمه, وليس أقدم هذا وأترك ذاك.

اقتباس:
ثم قال صاحب (مرجئة العصر) في آخر كلامه السابق: (أن أعمال القلوب وأعمال الجوارح تتلازم عند القوة ولا تتلازم عند الضعف) وهذه عقيدة شيخه حين قال: (... سيعودون للدعوى التي لا أصل لها وهي أن الإيمان يستلزم العمل ونحن نقول: الإيمان الكامل يستلزم العمل لكن ليس شرطاً في كل إيمان.الألباني بصوته كما في شريط (عقيدة الشيخ الألباني في الإيمان) لعبد اللطيف باشميل الذي جمع وبيّن أحسن البيان وإن شرق بذلك أهل التبرئة المدانه.
الإمام يرد على من يكفر بالكبائر وبين أن شعب الإيمان لا تتلازم حال الضعف وله كلام صريح في مسألة تلازم الباطن والظاهر كما سبق.
فهو موافق لشيخ الإسلام ابن تيمية في قوله: (إن شعب الإيمان قد تتلازم عند القوة ولا تتلازم عند الضعف فإذا قوي ما في القلب من التصديق والمعرفة والمحبة لله ورسوله أوجب بغض أعداء الله"الفتاوى (7/522).
وَيَظهَرُ مذهبُ الشيخُ الألبانيُّ - رحمه الله ُ في التلازُمِ بَينَ الظاهرِ والباطنِ واضحاً جَليَّاً في مُناظرتِهِ لِرجُلٍ في مَسائلِ الإيمانِ حَيثُ قَالَ – رحمه الله - : (( ...أنا لا أزالُ أقولُ : إنَّ هناكَ ارتباطاً وَثيقاً جِداً بينَ قَلبِ المؤمنِ وَجَسدهِ ... كما أنَّ صَلاحَ القَلبِ من النَّاحيةِ الماديَّةِ لهُ ارتباطٌ بِصلاحِ البدنِ ، فإنني لا أستطيعُ أن أتصوَّرَ رَجُلاً مَريضَ القلبِ وَيَكون صَحيحَ البدنِ !! لا أستطيعُ أن أتصوَّر هذا ، كذلكَ الأمرُ تَماماً فيما يَتعلَّق بالناحيةِ الإيمانيةِ ، لا أستطيعُ أن أتصوَّر مُؤمناً وَقد كَانَ كافراً ثم آمنَ باللهِ وَرَسولِهِ حَقَّاً ، مُستحيلٌ أن أتَصوَّر أنَّهُ سَيَبقى كَما كانَ ، والسَّببُ أنَّ الإيمانَ –كما قُلنا- يَزيدُ وَيَنقُصُ ))( ) .
وقالَ الشَّيخُ الألبانيُّ مُعلِّقاً على حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ : ( إنَّ الله لا يَنظُرُ إلى أجسامِكُم ولا إلى أحسابكم ولكن يَنظُر إلى قُلوبِكُم، فمن كانَ له قلبٌ صالحٌ تَحنَّنَ الله عَليهِ فإنما أنتُم بنو آدم وأحَبَّكُم إلي أتقاكُم )( ) قالَ – رحمه الله - : ((وزادَ مُسلمُ وغيرُهُ – في روايةٍ - : ( وأعمالِكُم )( ) .... وهذهِ الزِّيادةُ هامَّةٌ جِداً ؛ لأنَّ كثيراً من الناسِ يَفهَمونَ الحديثَ بِدونِها فَهماً خاطِئاً ؛ فإذا أنتَ أمرتَهم بما أمرهُم به الشَّرعُ الحكيمُ مِن مِثلِ إِعفاءِ اللِّحيَةِ ، وَتَركِ التشبُّهِ بالكفَّارِ ، وَنحوِ ذلك من التكاليفِ الشرعيَّةِ ، أجابوكَ : بأنَّ العُمدةَ على ما في القلبِ ، واحتجُّوا على زَعمِهم بِهذا الحديثِ ، دونَ أن يَعلَموا بِهذهِ الزّيادةِ الصحيحةِ الدَّالَّةِ على أنَّ الله – تبارك وتعالى – يَنظُر أيضاً إلى أعمالهم ، فإن كانت صالحةً قَبِلَها وإلا رَدَّها عليهِم ، كما تَدلُّ على ذلك عَديدٌ من النُّصوصِ ؛ كَقولهِ -صلى الله عليه وسلم- : ( من أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ مِنه فهُوَ ردٌّ )( ).
والحقيقةُ أنَّه لا يُمكنُ تَصوُّرُ صَلاحِ القُلوبِ إلا بِصلاحِ الأعمال ، ولا صَلاحُ الأعمالِ إلا بِصلاحِ القُلوبِ .
وقد بيَّن ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أجملَ بيانٍ في حديثِ: (.... ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغةًَ ؛ إذا صَلَحت صَلَح الجسدُ كُلُّهُ ؛ وإذا فَسَدت فَسَد الجسدُ كُلُّهُ ، ألا وهيَ القَلبُ )( ) ، وَحَديثُهُ الآخر : ( لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكُم أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بينَ وُجُوهِكُم )( ) ، أي : قُلوبِكُم... ))( ).
وَقالَ – رَحمه الله – مُعلِّقا على حديث : (أقيموا صُفوفَكُم – ثلاثاً - ، والله لَتُقيمُنَّ صُفوفَكُم أو لَيُخالَِفَنَّ بَين قُلوبِكُم ) ، قالَ – رحمه الله - عَقِبَ إيرادِهِ : ((في الحديثِ دَليلٌ واضِحٌ على أمرٍ لا يَعلَمُه كَثيرٌ من النَّاسِ ، و إن كانَ صَارَ مَعروفاً في عِلمِ النَّفسِ ، وَهو أنَّ فَسادَ الظَّاهرِ يؤثِّرُ في فَسادِ الباطنِ ، و العكسُ بالعكسِ ، و في هــذا المعنى أحاديثُ كَثيرةٌ ، لَعلَّنا نَتَعرَّضُ لجمعِها و تخريجِها في مُناسبةٍ أخرى إن شاءَ الله تعالى)). السلسلة الصحيحة 1/31 .

اقتباس:
"ومن الأمثلة على ذلك الدفاع بالباطل فيقول أحدهم عن إمامه عندما أجاب أن من يسب الرب يضرب بعشر عصيات حيث قال: (أن ساب الله ورسوله ﷺ إذا كان ناتجاً عن جهل أو عن سوء تربية أو عن غفلة فإنه لا يكفر وإنما يكفر إذا كان عن قصد ومعرفة فإن هذا هو الردة الذي لا إشكال فيه) "
أقول : سبُّ الله عزَّ وجلَّ كفر اعتقادي عند الإمام الألباني وسوء التربية ليس مانع للتكفير وإليك البيان:
أ) سبُّ الله عزَّ وجلَّ –عند الإمام ناصر الدين- كُفرٌ مخرج من الملة.
ب) سوء التربية ليس عذرًا عند الإمام ناصر الدين، إنَّما هو سبب لوقوع صاحبه في سبِّ الله عزَّ وجلَّ؛ ودليل ذلك:
ج) قال الإمام ناصر الدين في )الوجه الثاني) من الشريط الأول من شريطي (الكفر كفران) رقم (820) من سلسلة الهدى والنور:
((أمَّا الذي يتكلَّم بكلمة الكفر فقد يكون له وجهة نظر خاطئة، أو من ناحية الجهل أو بأيِّ سبب من هذه الأسباب كما ألمحت أنا آنفًا إلى شيء من ذلك وكررته وهو سوء التربية مثلًا))اهـ.
وقبلُ قال: ((فيه فرق –يا أخي- بين إنسان يعلن الردة عن دينه، وبين إنسان يتكلم بكلمة الكفر، قد يكون له في ذلك عذر كما ذكرنا بالنسبة للجهال آنفًا))اهـ.
وبعدُ قال: ((فهؤلاء نحن نسمعهم اليوم بسبب سوء التربية))اهـ.
فمن أقوال الإمام ناصر الدين هذه الجهل عذر وسوء التربية سبب للسّبِّ وليس عذرًا؛ لأنَّ السبب بوجوده يوجد الحكم حين توجد الشرائط وتنتفي الموانع كما في (الكليات) للكفوي (ص504).
د) وقد فرَّق الإمام ناصر الدين بين العذر وسوء التربية، ففي (الوجه الأول) من الشريط رقم (752) من سلسلة الهدى والنور قال:
((أنت عبدي وأنا ربك) قال هذه الكلمة الكافرة من شدهه وذاك: (أي: سابُّ الله والرسول) قالها من سوء تربيته،فهناك فرق كبير بينهما...))اهـ ملخصًا.
ففي قول: ((أنت عبدي وأنا ربك)) الشَّدَه مانع من الحكم بكفره، والفرق كبير بين الشَّدَه المانع وسوء التربية للسابَّ، وعليه فهل يكون سوء التربية مانعًا –عند الإمام ناصر الدين- وهو يقول بالفرق الكبير بين الشَّدَه المانع وسوء التربية؟.
فهل يكون بين مانع ومانع آخر فرق كبير في إنفاذ الحكم؟. لا فرق فلا يكون.
وهنا أقف وقفة عند: هل الإمام ناصر الدين يعذر الجاهل السابَّ لله أو الرسول الذي لا يعلم ما يجب لله من التوقير والتعظيم والإجلال، أم هو الذي لا يعلم أنَّ هذه اللفظة التي لفظها أو الكلمة التي تكلَّم بها هي سبٌّ وشتم؟.
الظاهر هو الجهل بالمعنى الثاني، أي: يجهل أنَّ اللفظة أو الكلمة هي سبٌّ وشتم، والدليل على ذلك:
أ) الإمام ناصر الدين يستحيل –عنده- أن يسبَّ المؤمن الشيء الذي آمن به:
في (الوجه الثاني) من الشريط رقم (297) من سلسلة الهدى والنور اعتبر سبَّ الله عزَّ وجلَّ كفرًا اعتقاديًّا أي: كفر أكبر مخرج من الملة، ثمَّ علَّل لماذا هذا السبُّ هو كفرٌ اعتقادي؟. فقال: ((إنَّ الإنسان إذا آمن بشيء على حقيقته يستحيل أن يُسبَّه))اهـ.
وذلك لأنَّ السبَّ والشتم ضد الإيمان الذي فيه تعظيم وإجلال ومحبة الذي آمن به المؤمن، وقطعًا لا يجهل المؤمن أنَّه يجب عليه تعظيم وإجلال ومحبة الذي آمن به ولهذا يستحيل أن يسبَّه.
ب) تصريح الإمام ناصر الدين وتفصيله متى يكفر مَنْ قال كلمة الكفر، أي: سبُّ اللهِ والرسول؟.
جاء في (الوجه الأول) من الشريط رقم (743) من سلسلة الهدى والنور:
((سؤال: هناك أناس يشتمون الذات الإلهية ورسولَ الله ﷺ والدين، فهل يخرج هؤلاء من ملة الإسلام؟. وما التصرف الذي ينبغي أن يكون؟.
الإمام: أمَّا هل يخرج من ملة الإسلام مَنْ يسبُّ الذات الإلهية، هذا بلا شك ما يحتاج إلى سؤال فضلًا عن جواب؛ لأنَّه هو الكفر الذي ذرَّ قرنَه، ولكن الذي يمكن أن يُقال في مثل هذه المناسبة: أنَّ مَنْ صدرت منه كلمة الكفر له حالة من حالتين: إمَّا أن يعني ما يقول، وإمَّا أنَّه لا يدري ما يقول، ففي الحالة الأولى الجواب السابق أنَّه كافر مرتد عن دينه....، أمَّا إنْ كان لا يعني ما يقول فهذا لا بُدَّ من شيء من التفصيل: إمَّا أنْ يكون أعجميًّا يقول كلمة عربية لا يفقه معناها وهي كفر، أو أنْ يكون عربيًّا مْسْتَعجمًا نسي اللغة العربية ومعاد يفقه؛ فيتكلَّم بكلمة الكفر وهو لا يفهم أنَّها كلمة الكفر...، فمَنْ نطق بكلمة الكفر وهو يدري ما يقول فهو المرتدُّ وحكمه القتل، ومَنْ كان لا يدري لسبب أنَّه لم يعرف الدِّقَة في المعنى الذي تضمنه كلامه كما سبق في حديث ابن عباس، أو قال كلمة الكفر وهو يدري ما يقول ولكنَّه قالها وهو مضطرًّا –هذه صورة أخرى- فهو لا يكفر...، إذن كلمة الكفر لا يدان بها القائل إلا بهذا التفصيل))اهـ.
فمن قول الإمام ناصر الدين المُفَصَّل:
1) سبُّ الله تعالى أو سبُّ الرسول ﷺ أو سبُّ الدين، كفر مخرج من الملة.
2) في حالة المعيَّن:
أ) سبَّ وهو يدري ويعي ما يقول؛ فهو كافر مرتد.
ب) سبَّ وهو لا يفقه معنى ما يقوله ولا يدري دقة المعنى الذي تضمنه قوله، أي: لا يعلم أنَّ الكلام الذي تكلَّم به هو سبٌّ وشتم؛ فهو لا يكفر.
ج) سبَّ وهو يدري أنَّ كلامه سبٌّ وشتم، ولكنَّه تكلَّم بهذا السبِّ والشتم وهو مضطرٌّ أي: تكلَّم وهو مُكره؛ فهو لا يكفر.
د) من هذا التفصيل ما هو المانع من تكفير المعيَّن السَّابّ؟.
المانع من تكفير المعيَّن السَّابّ عند الإمام ناصر الدين:
الأول: أن يجهل أنَّ اللفظ الذي قاله أو الكلام الذي تكلَّم به هو سبٌّ وشتم؛ لجهله بمعنى اللفظ والكلام أنَّه سبٌّ، لا لجهله بحكم السبّ.
الآخر: أن يُكْرَه على السبِّ والشتم وقلبه مطمئن بالإيمان.
هـ) فعندما يأتي في قولٍ للإمام ناصر الدين عن السّابّ مانِعَا الجهل والقصد فهما يُفَسَّران بهذَيْن المانِعَيْن هنا:
الجهل: أي: معنى اللفظ والكلام وليس جهل حكم السبّ.
القصد: أي: يسبُّ مريدًا مختارًا طائعًا غير مُكْره، وليس قصد القلب؛ لأنَّه كما سبق يستحيل أن يسبَّ المؤمن الشيء الذي آمن به؛ لأنَّ السبَّ بُغضٌ وكُرْهٌ.
واعتمدتُ هذا التفسير لقول الإمام في آخر الجواب: ((إذن كلمة الكفر لا يدان بها القائل إلا بهذا التفصيل)).
والتفصيل يقضي على الإجمال كما أنَّ الصريح يقضي على المحتمل.
ومن أقواله فيما يتعلق بالاستهزاء بآيات الله عزَّ وجلَّ، قوله في (الوجه الأول) من الشريط رقم (672) من (سلسلة الهدى والنور): ((لا شكَّ أنَّ هذا كفر اعتقادي، بل هذا كفر له قرنان؛ لأَنَّ الاستهزاء بآيات الله عزَّ وجلَّ لا يمكن أَنْ يصدر من مؤمن مهما كان ضعيف الإيمان، وهذا النوع من الكفر الذي يدخل في كلامنا السابق، فاستهزاؤه بآيات الله أكبر إقرار منه أنَّه لا يؤمن بما استهزأ به، فهو كافرٌ كفرًا اعتقاديًا))اهـ.


اقتباس:
"فصل: الزاماتهم في مسألة تارك الصلاة.
هم يحاولون أن يتكلموا بالإرجاء في كل مسألة ويدّعوا بأن قولهم هو قول أهل السنة ومن لم يقل بقولهم ألزموه بقول الخوارج فقالوا: (فلو قال قائل بأن الصلاة شرط لصحة الإيمان وأن تاركها مخلد في النار فقد التقى مع الخوارج في بعض قولهم هذا) ( ). فهذا يحاول أن يمنعك من تكفير تارك الصلاة وإلا ألزمك بالتلاقي مع الخوارج".

لم يثبت عند الإمام أن مجرد ترك الصلاة كفر مخرج وعلى هذا, لا يصح أن يكفر بمجرد الترك.
فإذا كفَّر أحد بما لم يثبت في الشرع وهو من أجزاء العمل؛ يكون قد التقى مع الخوارج في بعض قولهم.
و((التقى)) لايلزم منها الرمي بالبدعة.
ولهذا الإمام الألباني لا يرمي بالخارجية من يكفِّر بمجرد ترك الصلاة فقد أشار إلى قول الحوالي فيه, وكان مما قاله: ((ولو أردتُ أن أقابلهُ بالمثل لرميتهُ بالخروج, لأن الخوارج يكفرون تارك الصلاة)).اﻫ"الصحيحة"(3054)

والإمام الألباني يفرق بين مطلق الترك للصلاة والترك المطلق وأنه ينقد التكفير بمطلق الترك
ففي نقدات الإمام الألباني وتعقباته على مواضع من كتاب "ظاهرة الإرجاء" نشره تلميذه علي بن حسن الحلبي. بعنوان (الدرر المتلألئة) وجاء في (ص127) منه: ((قال (د. سفرٌ الحوالي في (ص161): (فمن ترك الصلاة بالكلية فهو من جنس هؤلاء الكفار، ومن تركها في أكثر أحيانه ؛ فهو إليهم أقرب، وحاله بهم أشبه, ومن كان يصلي أحيانًا ويدع أحيانًا فهو متردد متذبذب بين الكفر والإيمان, والعبرة بالخاتمة.
وترك المحافظة.... غير الترك الكلي الذي هو الكفر)).اﻫ.
فقال الإمام الألباني: ((وهذا التفصيلُ نراه جيدًا ؛ ولكن: هل علة الكفر في هذه الحالة هو التـرك لأنه ترك؟ أم لأنه يدل بظاهره على العناد، والاستكبار ؛ وهو الكفر القلبي؟ هذا هو الظاهر، وهو مناط الحكم بالكفر, وليس مجرد الترك, وهو معنى ما كنت نقلته في رسالتي عن ابن تيمية (ص44-46), وهو المصر على الترك -مع قيام الداعي على الفعل -كما فصلته هناك-؛ فراجعه، فكلام المؤلف لا يخرج عنه؛ بل يبيّنه ويوضحه)).اﻫ.
وقول الإمام فيه إثبات الكفر وتعليله قال الإمام ابن تيمية في "الإيمان"(ص143): ((لا ريب أن الشارع لا يقضي بكفر من معه الإيمان بقلبه)).اﻫ
وقال ابن تيمية في "الفتاوى"(7/615-616): ((ولا يتصور في العادة أن رجلًا يكون مؤمنًا بقلبه، مقرًّا بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزمًا لشريعة النبي ﷺ وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمنًا في الباطن قط لا يكون إلا كافرًا، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذبًا منه كما لو أخذ يلقي المصحف في الحُشِّ ويقول: أشهد أن ما فيه كلام الله، أو جعل يقتل نبيًّا من الأنبياء، ويقول أشهد أنه رسول الله ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب، فإذا قال أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذبًا فيما أظهره من القول.
فهذا الموضع ينبغي تدبره فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب)).اﻫ.
وبالنسبة للاستهزاء قال الإمام ابن تيمية في "الفتاوى"(7/557-558): ((ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطنًا وظاهرًا، وأن من قال: إن مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنًا بالله وإنما هو كافر في الظاهر، فإنه قال قولًا معلوم الفساد بالضرورة من الدين)).اﻫ.
قال الشيخ علويبن عبدالقادر السقاف في (التوسط والاقتصاد) (ص21):
(... ففرق بين من يقول هذا العمل، أو القول كفرٌ لكذا، وبين من يقول هذا ليس كفرًا لكنَّه دليل أو علامةٌ على الكفر، فالأوَّل يثبت الكفر ويعلِّلهُ، والآخر ينفي الكفر ويثبت دليله أو علامته))اهـ. والإمام الألباني هنا يثبت الكفر ويعلِّلهُ .

وقد قال في "الدرر المتلألئة في نقد وتعقبات مواضع من ظاهرة الإرجاء" (ص126): ((قال د.سفر الحوالي (ص 66): حيث جعل [ أي: الإمام الألباني] التارك الكُلِّي مؤمنًا من أهل الشفاعة، وركَّب رسالته كلها على هذا !!)).
فقال (شيخنا الألباني) - رحمه الله - رادًّا, وناقضًا -:
((ليس كذلك ؛ فالرسالة قائمة على تارك الصلاة - كسلًا -)).اﻫ.
وفي "الوجه الأول" من الشريط رقم (140)، من "سلسلة الهدى والنور" قرأ أحد الحضور قول العلامة ابن عثيمين - في تكفير تارك الصلاة -: ((بل النظر الصحيح فيقال هل يعقل أن رجلًا في قلبه حبة من خردل من إيمان, يعرف عظمة الصلاة وعناية الله بها ثم يحافظ على تركها هذا شيء لا يمكن؟)) علَّق الإمام على هذا بقوله: ((هذا هو أول من يخالف هذا الكلام، المؤلف هو أول من يخالف ما قال في هذه الفقرة، لأن البحث عندهم ليس فيمـن لم يصل في عُمره صلاةًَ، وإنما مَنْ ترك صلاةً صلاتين... إلى آخره, أنتَ لاحظتَ أول عبارته: هـل يعقل؟ شُوْ معنى يحافظ على تركها حتى الوفاة أو قبل الوفاة؟ ظاهر الكلام أنه ما صلى قط وليس هذا قولهم، يعني لو ما صلى يومًا بكامله هل هو مسلم أو كافر؟ هو عندهم كافر, أنا أقول: مثل ما يقول: لايعقل، لكن القضية مُشْ قضية معقول وغير معقول, القضية كما قال عليه السلام: (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع, فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) (وإنما الأعمال بالخواتيم..)) أهـ.

ولوتأملت قول الإمام في أكثر من موضع في رسالة "حكم تارك الصلاة" لوجدت:
أ) في (ص44) قال: ((.. أن مُجَرَّد الترك لا يُكفِّر؛ لأنه كفر عملي لا اعتقادي كما تقدم عن ابن القيم)).اﻫ أي: مجرد الترك لا يُضَادُّ الإيمان.
ب) في (ص47) قال: ((.. بأنه لم يكفُر بمُجَرَّد تركه للصلاة، وإنما بامتناعه عن الصلاة)).اﻫ.
ج) في (ص47)قال: ((..فلم يُكَفَّر بالتأخير، وإنما بالإصرار المنبئ عن الجحود)).اﻫ.
د ) في (ص48) قال: ((..لا يكفُر لمجرد الترك، بل بامتناعه من الصلاة.)).اﻫ.
هـ) في (ص52) قال: ((الخلاصة: أن مجرد الترك لا يمكن أن يكون حجة لتكفير المسلم.)).اﻫ.
و ) في (ص57) قال: ((..أن تارك الصلاة لا يكفر بمجرد الترك.)).اﻫ.
ز ) في (ص57) قال: ((..أن المسلم لا يخرج من الإسلام بمجرد ترك الصلاة،.)).اﻫ.
ح ) في (ص58) قال: ((..فليس في شيء منها التصريح بأن المسلم يكفر بمجرد ترك الصلاة )).اﻫ.
ط ) في (ص59) قال: ((..في التكفير بمجرد الترك.)).اﻫ.
ي ) في (ص60) قال: ((.. يكفَّر المسلم بمجرد ترك الصلاة.)).اﻫ.
ك ) في (ص60) قال: ((..لا يزالون يقولون بالتكفير بمجرد الترك)).اﻫ.
لو تأملت في تكرار (مجرد الترك)هذا التكرار في رسالة حجمها كهذه ممايدل على:
أولا ً: أن الإمام يعني اللفظ ويقصده.
وبالتالي فيكون الترك المطلق مكفرًا.
ولاحظ قوله: ((لم يكفر بالتأخير وإنما بالإصرار.)).
وتعليق الإمام على قول العلامة ابن عثيمين - في تكفير تارك الصلاة -: ((بل النظر الصحيح فيقال هل يعقل أن رجلًا في قلبه حبة من خردل من إيمان, يعرف عظمة الصلاة وعناية الله بها ثم يحافظ على تركها هذا شيء لا يمكن؟)) وقوله (( أنا أقول: مثل ما يقول: لايعقل..))
وقول الإمام الألباني السابق: ((وهذا التفصيلُ نراه جيدًا..)) وفي هذا التفصيل (فمن ترك الصلاة بالكلية فهو من جنس هؤلاء الكفار))(( وترك المحافظة.... غير الترك الكلي الذي هو الكفر)).

اقتباس:
فصل: الحكم بغير ما أنزل الله والإرجاء
أولاً: الكفر يكون بالاعتقاد والقول والعمل عند الإمام الألباني.

جاء في "الوجه الأول" من الشريط الثـاني من "التحرير لأصول التكفير" رقم (856) من "سلسلة الهدى والنور":
((العنبري: إذن فهمت منكم الآن أنكم تقولون: إن الكفر يكون بالاعتقاد.
الإمــام: نعـم.
العنـبري: ويكون أيضًا بالقول، ويكون أيضًا بـ.
الإمــام: بالعمل.
العنبري: بالعمل كمن استهزأ بآيات الله.
الإمــام: بـلى، نعم.
العنبري: ورسوله.
الإمـام: لكن أقول من باب الإيضاح: إن هذا العمل يكون دالًّا على ما في القلب من الكفر، لماذا هذا العمل كان كفرًا؟ لأنه دل على ما في القلب من الكفر.
العنبري: لا التكذيب.
الإمـام: آه.
العنبري: هل الكفر هذا التكذيب أم لا؟.
الإمـام:التكذيب شيء ثاني.
العنبري:هذا هو.
الإمـام:آه.
العنبري: بارك الله فيكم.
الإمـام:وفيكم بارك)).اﻫ.
من هذا العرض، والموافقة، والتأكيد، والإيضاح:
(1) الكفر عند الإمام يكون بالاعتقاد، وبالقول، وبالعمل. وذلك كما سبق إجماله: إن الإيمان والكفر متقابلان إذا زال أحدهما، خلفه الآخر. فكما أن الإيمان قول واعتقاد وعمل، فكذلك الكفر يكون بالاعتقاد، وبالقول، وبالعمل.
2) )مَثَّـل للكفر بالعمل: بالاستهزاء بآيات الله ورسوله.
3) )توضيح الإمام أن العمل الكفر مثل الاستهزاء بآيات الله ورسوله؛ يدل على ما في القلب من الكفر. أي لا يصدر هذا الاستهزاء إلاَّ مع كفر القلب.
وتوضيح الإمام هذا، رد على المرجئة في قولهم بعدم التلازم بين الظاهر والباطن والذي هو ناتج عن حقيقة الإيمان عندهم والذي بها أخرجوا العمل الظاهر منه، فيكون الإيمان كاملًا في الباطن دون أن يكون عملًا في الظاهر. وتبع ذلك في حقيقة الكفر عندهم من أن العمل لا يستدل به على الكفر الذي هو حقيقة باطنه لا سبيل إلى معرفته إلا إعلانه باللسان.
قال الإمام ابن تيمية في "الفتاوى"(7/615-616): ((ولا يتصور في العادة أن رجلًا يكون مؤمنًا بقلبه، مقرًّا بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزمًا لشريعة النبي ﷺ وما جاء به، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمنًا في الباطن قط لا يكون إلا كافرًا، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذبًا منه كما لو أخذ يلقي المصحف في الحُشِّ ويقول: أشهد أن ما فيه كلام الله، أو جعل يقتل نبيًّا من الأنبياء، ويقول أشهد أنه رسول الله ونحو ذلك من الأفعال التي تنافي إيمان القلب، فإذا قال أنا مؤمن بقلبي مع هذه الحال كان كاذبًا فيما أظهره من القول.
فهذا الموضع ينبغي تدبره فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب)).اﻫ.
وبالنسبة للاستهزاء قال الإمام ابن تيمية في "الفتاوى"(7/557-558): ((ومن استهزأ بالله وآياته ورسوله فهو كافر باطنًا وظاهرًا، وأن من قال: إن مثل هذا قد يكون في الباطن مؤمنًا بالله وإنما هو كافر في الظاهر، فإنه قال قولًا معلوم الفساد بالضرورة من الدين)).اﻫ.
وقال أيضًا في "الإيمان"(ص208): ((وبين أن الاستهزاء بآيات الله كفر، ولا يكون هذا إلا ممن شرح صدره بهذا الكلام، ولو كان الإيمان في قلبه منعه أن يتكلم بهذا الكلام)).اﻫ.
لهذا عندما بيَّن الإمام ابن تيمية في "الإيمان"، غلط المرجئة، قال في (ص192): ((ولهذا صاروا يقدرون مسائل يمتنع وقوعها لعدم تحقق الارتباط الذي بين البدن والقلب…)).اﻫ .
قال الإمام الألباني في "الوجه الثاني" من الشريط الأول من (الكفر كفران) رقم (820) من "سلسلة الهدى والنور": ((وألخص ما سبق: الكفر العملي الذي قد يكون كفرًا اعتقاديًّا كما قلتَ في أول جوابك هذا لا بد أن يكون مربوطًا بالكفر الاعتقادي: أما كفر عملي وهو حكمه كالكفر الاعتقادي أي مرتد عن الملة وهو مؤمن بقلبه هذا لا وجود له في الإسلام)).اﻫ أي: لا يوجد في الإسلام حكم بكفر شيء كفر مخرج من الملة، ويكون صاحبه مؤمنًا بقلبه وهو متلبِّس به.
قال الإمام ابن تيمية في "الإيمان"(ص143): ((لا ريب أن الشارع لا يقضي بكفر من معه الإيمان بقلبه)).اﻫ وبهذا يتبيُّن أن إكثار الإمام الألباني من قوله: (هذا العمل كفر؛ لأنه يدل على الكفر القلبي أو يدل على ما في القلب من الكفر) إنما هو رد على المرجئة في ارتباط الظاهر بالباطن، وفي حقيقة الإيمان، وفي حقيقة الكفر، كما جاء صريحًا في آخر الحوار بقوله: (التكذيب شيء ثان).
قال الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف في (التوسط والاقتصاد) (ص21):
(... ففرق بين من يقول هذا العمل، أو القول كفرٌ لكذا، وبين من يقول هذا ليس كفرًا لكنَّه دليل أو علامةٌ على الكفر، فالأوَّل يثبت الكفر ويعلِّلهُ، والآخر ينفي الكفر ويثبت دليله أو علامته))اهـ. والإمام الألباني هنا يثبت الكفر ويعلِّلهُ .

4) )كفر العمل كالاستهزاء بآيات الله ورسوله، هو كفر مخرج من الملة غير كفر التكذيب، وهذا بخلاف المرجئة كما سبق بيان ذلك آنفًا.

وقال الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف في "التوسط والاقتصاد في أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد"(ص12-13): ((بل حكى غير واحد الإجماع على أن الكفر يكون بالقول أو الفعل أو الاعتقاد،.)).اﻫ.
والإمام الألباني مع هذا الإجماع، ولم يخرج عنه كما هو أمامك.
(1) أن الإمام لم يشترط الاعتقاد، أو الاستحلال في الكفر القولي، والكفر العملي.
(4) الإمام لم يحصر الكفر في التكذيب بالقلب، بل هذا عنده مذهب المرجئة في الكفر، وبيان ذلك:
قال الإمام ابن القيم في "كتاب الصلاة"(ص54): ((وهاهنا أصل آخر، وهو أن حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل. والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان، وهو التكلم بكلمة الإسلام. والعمل قسمان:عمل القلب، وهو نيته وإخلاصه، وعمل الجوارح فإذا زالت هذه الأربعة، زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب، لم تنفع بقية الأجزاء، فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة. وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق، فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان،وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده كما لم ينفع إبليس وفرعون وقومه واليهود والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول، بل ويقرون به سرًّا وجهرًا)).اﻫ.
الإمام الألباني يقول بهذا كله الذي قاله الإمام ابن القيم، والدليل بإيجاز:
أ) دليل عام: تصريحه باتباع الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في القول بالكفر الاعتقادي والكفر العملي.
ب) دليل عام وهو: قال الإمام في "حكم تارك الصلاة" (ص36): ((وبخاصة منهم الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، فإنه مع توسُّعِه في سَوقِ أدلة المختلفين في كتابه القيِّم (الصلاة)،)).اﻫ.
فالإمام يمتدحُ كتاب (الصلاة) ويعتبر كتابه (القيم).
الإمام ناصر الدين الألباني لا يشترط قصد الكفر في الأقوال والأفعال الكفريّة الظاهرة التي لا الْتِبَاسَ ولا احتمال في كفر باطن قائلها أو فاعلها؛ لأنَّها برهان على معتقده وإقرارٌ منه بكفره

قال الإمام ناصر الدين في (الوجه الثاني) من الشريط الثاني من أشرطة (رحلة النور): ((فلو أنَّ إنسانًا سجد لشيخ له، أو أمير له؛ فهذا لا يُسأل لماذا أنت تسجد؟. وهل تعتقد أنَّ هذا يستحق التعظيم؟.؛ لأنَّ فعله يدل على التعظيم، لكنَّه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فالرسول ﷺ قال: ((لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها؛ لعظم حقه عليها)). فالسجود علامة تعظيم ما في حاجة نسأل لماذا أنت تسجد؟. لكن نحن بحاجة أن نفهمه أنَّ هذا السجود إشراك مع الله لمن تعظمه بنفس الوسيلة التي تُعظِّم بها ربَّك، فإمَّا أَْنْ تَرْتَدِع وإمَّا أماَمك القتل...، إذن مَنْ سجد لغير الله أو طاف بغير بيت الله لا حاجة لنا أَنْ نسأله ماذا تعني؟. أتعتقد أنَّ هذا يستحق العبادة؟))اهـ.
ج) قول صريح للإمام: الأمور الظاهرة الصريحة في الشرك لا يُنظر فيها إلى النِّيات.
قال الإمام ناصر الدين في (الوجه الثاني) من الشريط رقم (754) من (سلسلة الهدى والنور): ((السجود بين يدي الشخص لا يُنْظَر هنا إلى نِيَّتهِ؛ لأنَّها ظاهرة وثنية)).
ثمَّ (ذكر حديث سجود معاذ للنبي ﷺ) وبعده قال: ((فالشاهد في الأمور الظاهرة لا ينظر فيها إلى النوايا إلا ما كان النص يدل على ذلك))اهـ.
فكل عمل كفريٍّ ظاهر صريح يلزم منه كفر الباطن أو بعمله ينتفي إيمان الباطن الإمام ناصر الدين لا ينظر إلى نيَّة عامله ولا إلى قصده بعمله الكفر، وكذا لا يرى حاجة إلى سؤاله: ((هل تعتقد أو لا تعتقد؟.)) لأنَّه برهان على معتقده:
د) وبيَّن هذا –أيضًا- في عمل كفريٍّ ظاهر صريح هو الاستهزاء بآيات الله عزَّ وجلَّ، فقال في (الوجه الأول) من الشريط رقم (672) من (سلسلة الهدى والنور): ((لا شكَّ أنَّ هذا كفر اعتقادي، بل هذا كفر له قرنان؛ لأَنَّ الاستهزاء بآيات الله عزَّ وجلَّ لا يمكن أَنْ يصدر من مؤمن مهما كان ضعيف الإيمان، وهذا النوع من الكفر الذي يدخل في كلامنا السابق، فاستهزاؤه بآيات الله أكبر إقرار منه أنَّه لا يؤمن بما استهزأ به، فهو كافرٌ كفرًا اعتقاديًا))اهـ.

ثانياً : إثبات ثناء الإمام الألباني وموافقته، واعتناقه لقول الإمام ابن القيم في كفر العمل بقسميه.

في "الوجه الأول" من الشريط رقم ( 56) من "سلسة الهدى والنور"، قال الإمام الألباني - مخاطبًا صاحبه وتلميذه الشيخ علي بن حسن الحلبي -: ((فأنت كما تعلم من محاضراتنا العديدة جدًّا جدًّا إن الكفر كفران: كفر عملي، وكفر اعتقادي، فالذي يخرج من الملة هو الكفر الاعتقادي)).اﻫ.
فأخذ البعض من هذه الإطلاقات الكثيرة، أن عقيدة الإمام الألباني ليست عقيدة السلف ولم يسعفهم الوقت لمعرفة أن هذه الإطلاقات مبنية على عقيدة سلفية راسخة يقول بها أئمة وليـس "بعض الفقهاء" مُبَيَّنة و مأصلة في مواضع بها نفهم هذه الإطلاقات، فهمًا صحيحًا يريده الإمام الألباني ويعنيه.
وهنا ليس الخطأ في إطلاقات الإمام، وليس هو أول من قال ذلك ففي "كتاب الصلاة" للإمام ابن القيم (ص 53 – 57) ذكر: (الكفر الاعتقادي والكفر العملي) وقال عن هذا التقسيم: ((وهذا التفصيل هو قول الصحابة)).اﻫ
وفي "الدرر السنية في الأجوبة النجدية"(1/480- 481), ذُكِر: (الكفر الاعتقادي) و(الكفر العملي), وجاء: ((.. ففرق بين سبابه، وقتاله، وجعل أحدهما فسوقًا، لا يكفر به، والآخر كفرًا ومعلوم: أنه إنما أراد الكفر العملي، لا الاعتقادي، وهذا الكفر: لا يخرجه من الدائرة الإسلامية.)).اﻫ
فهل يجرؤ أحد أن يفهم من هذا ((أن لا كفر بالعمل عند الإمام ابن القيم وأئمة الدعوة))؟.
والإمام الألباني عندما يقول ذلك فهو مثلهم لفظًا ومعنى، ويأتي - إن شاء الله - تصريح الإمام باتباعه للإمام ابن القيم في (الكفر الاعتقادي والكفر العملي).
فَلِمَ قول الأعجمي الألباني يُفْهَم منه ما لا يُفْهَم من قول غيره والقول هو القول لفظًا ومعنى؟.
قـول - للإمام - في بحث ما، أطلقه.
في بحث ما، يبين الإمام رأيه، وما يعتقده صوابًا فيعبر بجملة مطلقة لا يريد ولا يعني المعنى المطلق منها على فهم غيره، فيأتي غيره فيفهمها على إطلاقها فهمًا غير مراد للإمام.
مثال على ذلك: قال الإمام الألباني في "حكم تارك الصلاة" (ص 42): (..بعد بحثه القيّم في التفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي، وأن المسلم لا يخرج من الملة بكفر عملي ).اﻫ
فهم البعض من هذه الجملة المطلقة: أن الإمام يعتقد أن لاكفر عملي مخرج من الملة،
وكما يقول أهل اللغة: ((السياق من المقيدات والمبينات لمراد المتكلم)).
فقول الإمام جاء على السياق التالي: ((يبدو لي جليًا أن ابن القيم رحمه الله بعد بحثه القَيِّم في التفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي، وأن المسلم لا يخرج من الملة بكفر عملي )).اﻫ.
كان ينبغي أن يسأل هؤلاء أنفسهم ، ما هو البحث القَيِّم الذي فرَّق فيه الإمام ابن القيم بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي؟ وأين؟
الجواب: فيما نقله الإمام الألباني عن الإمام ابن القيم- باختصار في (ص 38-41) من "حكم تارك الصلاة" وفي "كتاب الصلاة" (ص53-57)، أوضح وأبين.
مما نقله الإمام الألباني، في (ص 38-41): ((وأن كفر العمل ينقسم إلى ما يضادُّ الإيمان، وإلى ما لا يضادُّه؛ فالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي وسبُّه يضاد الإيمان.
وأما الحكم بغير ما أنزل الله، وترك الصلاة، فهو من الكفر العملي قطعًا، ولايمكن أن ينفى عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله عليه، ولكن هو كفر عمل لاكفر اعتقاد.
وقد نفى رسول الله ﷺ الإيمان عن الزاني، والسارق، وشارب الخمر، وعمَّن لايأمن جارُه بوائقه، وإذا نفى عنه اسم الإيمان فهو كافر من جهة العمل، وانتفى عنه كفر الجحود والاعتقاد.))
ثم قال - رحمه الله - بعد أن ذكر الحديث الصحيح: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ): ((ومعلوم أنه ﷺ إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي، وهذا الكفر لايخرجه من الدائرة الإسلامية والملة بالكلية، كما لم يخرج الزاني والسارق من الملة، وإن زال عنه اسم الإيمان )).اﻫ.
من هذا النقل الذي وصفه الإمام الألباني: (بحثه القَيِّم) أنفهم أن كفر العمل كله لا يخرج من الملة - عند الإمام الألباني -؟ كيف يكون ذلك كذلك، وكفر العمل قسمان: يضادُّ الإيمان، ولا يضادُّ الإيمان؟.
مِمَّا نقلته، هل كل عمل أتى في النص الشرعي تسميتُه كفرًا، مثل (وقتاله كفر) يكون كفرًا عمليًّا مخرجًا من الملة؟.
مما نقلته، هل كل عمل أتى في النص الشرعي نَفْيُ اسم الإيمان عن صاحبه، مثل: (الزاني، والسارق، وشارب الخمر) يكون كفرًا عمليًّا مخرجًا من الملة؟.
الجواب: قطعًا، لا. عند الإمام ابن القيم والإمام الألباني، وأيضًا الآخرين.
وعليه، ماذا نفهم من: ((.. وأن المسلم لا يخرج من الملة بكفر عملي))؟.
أنفهم (ليس كل كفر العمل مخرجًا من الملة)؟ أترك الخيار للقارئ.
مع هذا كله إلا أن الإمام الألباني قطع الظن باليقين، والاحتمـال بالتحقيق، حين قال في (ص 38): ((نعم ؛ إنّه لمِمَّا يجب عليَّ أن أنوِّه به أنه -رحمه الله- عقد فصلًا خاصًّا (في الحكم بين الفريقين، وفصل الخطاب بين الطائفتين)، يساعد الباحث على تفهُّم نصوص الفريقين فهمًا صحيحًا، فإنه حقق فيه تحقيقًا رائعًا ماهو مُسلَّم به عند العلماء أنه ليس كل كفر يقع فيه المسلم يخرج به من الملة )).اﻫ ثم نقل قسمي الكفر العملي.
ليس كل كفر يقع فيه، أي: ليس كل كفر يعمله المسلم.
فمن سياق قول الإمام وسباقه ولحاقه، الكفر العملي - عنده - قسمان:
أ ) قسم يضادُّ الإيمان، ومنه: السجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي، وسبُّه.
ب) قسم لا يضادُّ الإيمان، ومنه: قتالُ المسلمِ المسلمَ، والزنا، وشرب الخمر، والسرقة.
وهنا ليس الخطأ في كلام الإمام قطعًا، وإنما الخطأ في فهم الآخرين.
بل لقد تعقب الإمام الألباني قول الإمام ابن القيم: (وأما الحكم بغير ما أنزل الله، وترك الصلاة، فهو من الكفر العملي قطعًا).
فقال: (هذا الإطلاق فيه نظر).
وذلك لأن اطلاق الكفر العملي يكون في غير المخرج أي: لا يضاد الإيمان عمله كالزنا والسرقة وغيرها، كما سبق.
أما الحكم بغير ما أنزل الله، وترك الصلاة، فأحيانًا قد يكون من الكفر الاعتقادي أي: المخرج من الملة، وذلك إذا اقترن معه ما يدل على منافاته لإيمانه الباطن، فيكون عملًا يضاد الإيمان، فيكون كفرًا اعتقاديـًّا لا كفر عمل .
وقول الإمام: (أحيانًا)؛ لأنه أحيانًا يحتمل أن يكون كفرًا اعتقاديًّا، ولكن لم يظهر هذا الاحتمال مثل: مجرد ترك الصلاة فهو كفر عملي لم يظهر منه الكفر الاعتقادي.
وأحيانًا يظهر من الكفر العملي الكفر الاعتقادي، فيحكم عليه أنه كفرُُ اعتقادي.
وأما سب النبي وقتله، والاستهانة بالمصحف، فهو كفر ظاهر مناف للإيمان الباطن من كل وجه، لذلك لم يتعقب الإمام الألباني الإمام ابن القيِّم في هذا، وتعقبه في الكفر العملي الذي أحيانًا يظهر منه الكفر الاعتقادي. ويرجع إلى شريط (مسائل في التكفير) للإمام الألباني رحمه الله.

الخلاصة:
قول الإمام هذا، تأكيد أنه يوافق بيان، وتفصيل، وتفريق الإمام ابن القيم.
من دليل موافقته للإمام ابن القيم فقط يكون الكفر عند الإمام الألباني:
أ) كفرًا اعتقاديًّا: يضاد الإيمان من كل وجه وهو يخرج من الملة.
ب) كفرًا عمليًّا: يضاد الإيمان ظاهرًا وباطنًا، وهو يخرج من الملة.
ج) كفرًا عمليًّا: لا يضاد الإيمان، لا يخرج من الملة، مثل الزنا، والسرقة، وقتال المسلم المسلمَ.
د) الكفر العملي الذي لا يضاد الإيمان، أحيانًا يكون كفرًا اعتقاديًّا أي: كفرًا عمليًّا ظهر منه الكفر الباطن فيكون كفرًا يخرج من الملة.
وهذا تصريح للإمام الألباني، أن فهمه وقوله بالكفر الاعتقادي، والكفر العملي هو مأخوذ من بيان وشرح الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهم الله.
قال الإمام في "الصحيحة" (7/153): ((.. على ما ذهبنا إليه من الفرق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي ؛ مع أنه قد صح هذا عن ابن عباس وبعض تلاميذه وجرى عليه مَنْ بعدهم مِنْ أَتباع السلف؟ كابن القيم وشيخه كما تقدم في هذا البحث)).اﻫ.

وإليك ما هو إن لم يكن مثله فهو أقوى، ومع ذلك لن نجد - إن شاء الله - فهم البعض له كما فهم كلام الإمام، لم؟.
قال الإمام ابن تيمية في "الفتاوى" (7/671): ((ولهذا يقول علماء السلف في المقدمات الاعتقادية: لا نُكَفِّرُ أحدًا من أهل القبلة بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل؛ وقد ثبت الزنا والسرقة وشرب الخمـر، على أُنَاسٍ في عهد النبي ﷺ ولم يحكم فيهم حكم من كفر ولا قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين، بل جلد هذا، وقطع هذا، وهو في ذلك يستغفر لهم..)).اﻫ
تأمل: ((ولا نخرجه من الإسلام بعمل)).
أيجرؤ أحد فيفهم هذا على إطلاقه، ثم يقول: ((إن علماء السلف لا يُخْرِجُوْنَ المسلم من الإسلام بأي عمل يعمله، فلا كفر بالعمل عندهم، كما نسب ذلك إليهم الإمام ابن تيمية في "الفتاوى" (7/671) ))؟.
تأمل: ((لا نُكَفِّرُ أحدًا من أهل القبلة بذنب)).
أيجرؤ أحد فيفهم هذا على إطلاقه، ثم يقول: ((إن علماء السلف لايكفرون أحدًا من أهل القبلة أي من المصلين بأي ذنب)، فلا يكفرون المصلي بذنب مهما كان هذا الذنب ولو كان كفرًا مخرجًا, كما نسب ذلك إليهم الإمام ابن تيمية في "الفتاوى" (7/671) )؟.
والمقولة التي نقلها الإمام ابن تيمية، قالها الإمام ابن قدامة في "لمعة الاعتقاد".
فإطلاق الإمام الألباني وغيره من أئمة أهل السنة، يُفهم الفهم اللائق بهم وحسب سياق كلامهم.
وهناك أمثلة غير هذا في أن الإمام الألباني يبين رأيه ومايعتقده صوابًا فيُعبِّر بجملة مطلقة، لايريد، ولايعني المعنى المطلق منها، فيأتي غيره فيفهمها على إطلاقها، ثم ينسب فهمه - الذي لا يريده الإمام ولا يعنيه - عقيدة للإمام الألباني.

ومسألة الحكم بغير ما أنزل الله هو كفر عمل عند الإمام الألباني رحمه الله لكنه يقول إذا بدا منه شيء يُنْبِئُ عما وقر في قلبه، وهو أن هذا الحكم لا يصلح الحكم به بالرغم أنه مما أنزل الله، هنا يقال بأن كفره كفر ردة
قال في "الوجه الثاني" من الشريط الأول من شريطي (الكفر كفران) رقم (820) من "سلسلة الهدى والنور" - في مسألة كفر من حكم بغير ما أنزل الله -: ((متى أستطيع أن أقول بأن حكمه هذا يدينه بأنه كفر رِدَّةٍ وليس كفر عمل فقط ؛ إذا ما بدا منه ما يُنْبِئُ عما وقر في قلبه، إذا بدا منه شيء يُنْبِئُ عما وقر في قلبه، وهو أن هذا الحكم لا يصلح الحكم به بالرغم أنه مما أنزل الله، هنا يقال بأن كفره كفر ردة)).اﻫ.
من قـول الإمام:
أ) رأي الإمام المشهور في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله، هو كفر عمل فقط أي: لا يضاد الإيمان.
ب) متى يكون هذا الحكم كفر ردة، وليس كفر عمل فقط؟ وتأمل قوله: ((ليس كفر عمل فقط)).
ج) إذا ظهر منه ما يُنْبِئُ عما وقر في قلبه.
د) وهذا الذي ظهر وبدا يدل على كفر قلبه، مثل ماذا؟.
هـ) مثل: إذا صرح أن هذا الحكم لا يصلح الحكم به، مع علمه أنه مما أنزل الله.
و) هنا يقال بأن كفره كفر ردة.
ز) وهذا في الأمر الذي يراه الإمام كفرًا عمليًّا فقط أي: لا يضاد الإيمان
بعد القول السابق قال الإمام: ((إن هذا الذي اتخذ نظامًا قد يكون سبب قول القائلين: أن هذا كفر ردة هو أنهم اتخذوا نظامه دليلًا على ما وقر في نفسه بأن الحكم في الإسلام لا يصلح.
أنا أقول: إن صح حكمهم أو استنباطهم، فيكون هذا حكمًا صحيحًا، مطابقًا للكفر الاعتقادي).اﻫ.
كلام واضح، صريح على أن العمل الظاهر به حكم على ما وقر في القلب من الكفر الاعتقادي.
وتأمل قوله: ((إن صح.)) فالخلاف في التطبيق في الواقع وعلى المُعَيَّن الحاكم.
وهذا الذي تحفظ عليه الإمام، وعلَّقه بصحة الحكم والاستنباط، قاله العلامة ابن عثيمين في تعليقه على (فتنة التكفير): ((وفي ظني أنه لا يمكن لأحد أن يطبق قانونًا مخالفًا للشرع يحكم فيه في عباد الله، إلا وهو يستحله ويعتقد أنه خيرٌ من القانون الشرعي، فهو كافر ؛ هذا هو الظاهر، وإلا فما الذي حمله على ذلك)).اﻫ. من "التحذير من فتنة التكفير"(ص73).
ويستفاد أيضاً أن مسألة التشريع العام مسألة اجتهادية بين علمائنا لا يجوز رمي المخالف فيها بالإرجاء أو بالخارجية والله أعلم.


فتاوى للعلماء تدل على إرجاع التكفير للاعتقاد في مسألة الحكم بالقوانين الوضعية
•قال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب-"منهاج التأسيس" ص (71)م-: (وإنما يحرم التحكيم إذا كان المستند إلى شريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهواؤهم، وكذلك سوالف البادية وعاداتهم الجارية، فمن استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها فهو كافر..) وقال لابن منيع -"الدرر السنية" )1/497 -: ((وما ذكرته عن الأعراب من الفرق بين من استحل الحكم بغير ما نزل الله ومن لم يستحل، فهو الذي عليه العمل وإليه المرجع عند أهل العلم)اهـ.
• وقال العلامة سليمان بن سحمان شارحاً القول السابق -"مجموعة الرسائل" (3/309) -: (يعني أن من استحل الحكم بغير ما أنزل الله، ورأى أن حكم الطاغوت أحسن من حكم الله ، وأن الحضر لا يعرفون إلا حكم المواريث ، وأن ما هم عليه من السوالف والعادات هو الحق، فمن اعتقد هذا فهو كافر. وأما من لم يستحل هذا، ويرى أن حكم الطاغوت باطل، وأن حكم الله ورسوله هو الحق، فهذا لا يكفر، ولا يخرج من الإسلام)اهـ.

•وسُئِل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز -"الفتاوى" (7/124) مختصراً -عن حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يكفر الحاكم بسنه هذه القوانين؟ ، فأجاب: (إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به..، أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو السارق أو شارب الخمر فهذا قانون باطل وإذا استحله الوالي كفر..). وسُئِل- "حوار حول مسائل التكفير" ص(24)مختصراً-عن تبديل القوانين ؟ فأجاب: (إذا استباح أي:استحل) الحكم بقانون غير الشريعة يكون كافراً كفراً أكبر، أما إذا فعل ذلك لأسباب خاصة عاصياً لله ويعلم أن محرم يكون كفراً دون كفركما قال ابن عباس.. أي إذا استحل الحكم بقانون أو استحل الحكم بكذا أوكذا غير الشريعة يكون كافراً، أما إذا فعله لرشوة أو لعداوة بينه وبين المحكوم عليه أو لأجل إرضاء بعض الشعب أو ما أشبه ذلك فهذا يكون كفراً دون كفر)اهـ
الفتوى المتأخرة للعلامة ابن عثيمين (صوتياً)؛ وهي سؤال موجه إليه عبر الهاتف من: الشيخ/ أبي الحسن المأربي -حفظه الله وسدده-:
"السؤال حول مسألة كثر فيها النزاع بين طلبة العلم، (وكثر بها أيضاً الاستدلال من بعض كلمات لفضيلة الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى) ... – لو أن الحاكم في هذا الزمان فعل مثل هذه الشريعة هل يكون كافراً بهذه الشريعة إذا ألزم الناس بها مع اعترافه أن هذا مخالف للكتاب والسنة وأن الحق في الكتاب والسنة ، فهل يكون بمجرد فعله هذا كافراً ؟ أم لابد أن ينظر إلى اعتقاده بهذه المسألة؟ كم مثلاً يلزم الناس مثلاً بالربا كمن يفتح البنوك الربوية في بلاده ويأخذ من البنك الدولي قروضاً ربوية ويحاول أن يأقلم اقتصادها على مثل هذا الشيء ولو سألته قال: الربا حرام ولا يجوز لكن لأزمة اقتصادية أو لغير ذلك يعتذر مثل هذه الاعتذارات (وقد تكون الاعتذارات مقبولة وقد لا تكون)! ، فهل يكفر بمثل ذلك أم لا ؟ (((ومع العلم أن كثيراً من الشباب – يعني – ينقلون عن فضيلتكم أنكم تقولون أن من فعل ذلك يكون كافراً))) ... نريد من فضيلتكم الجواب!...... (فكان من جوابه رحمه الله...).
فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به فهذا لا يكفر ، لكنه بين فاسق وظالم.

2- وأما إذا كان ((يشرع حكماً عاماً)) تمشي عليه الأمة يرى أن ذلك من المصلحة وقد لبس عليه فيه فلا يكفر أيضاً. لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي وهم يرونه عالماً كبيراً فيحصل بذلك المخالفة.

3- وإذا كان يعلم الشرع ولكنه حكم بهذا أو (((شرع هذا وجعله دستوراً))) يمشي الناس عليه ((يعتقد)) أنه ظالم في ذلك وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة ((فإننا لا نستطيع أن نكفر هذا))

4- وإنما نكفر من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه أو مثل حكم الله عز وجل ، فإن هذا كافر لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ" وقوله: "أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ". " اهـ عن الشريط.
قال الشيخِ العلّامة محمدٍ بنِ إبراهيم - رحمه الله- كما في« فتاويه» (1/80):
« وكذلك تحقيق معنى (محمد رسول الله): من تحكيم شريعته، والتقيد بها ، ونبذ ما خالفها من القوانين والأَوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل اللهُ بها من سُلطان ، والتي مَن حكم بها أَو حاكم إليها (معتقدًا)صحة ذلك وجوازه فهو كافرٌ الكفرَ الناقلَ عن الملة ، وإن فعل ذلك (بدون اعتقاد) ذلك وجوازِه فهو كافرٌ الكفرَ العمليَّ الذي لا ينقلُ عن الملة» . ( حُررت في 9- 1-1385هـ )
وهذه الفتوى التي اشترط الشيخُ فيها (الاعتقاد) للتَّكفير بالقوانين سُبقت بأختها قبل عَشْرة أعوامٍ خلَت، حيث قال الشيخُ فيها : «واعتبار شيء من القوانين للحُكم بها ولو في أقلِّ قليل لا شكَّ أنه عدمُ رضا بحكمِ الله ورسوله ، ونسبةُ حكمِ الله ورسوله إلى النقص وعدم القيام بالكفاية في حلِّ النزاع وإيصال الحقوق إلى أربابها، وحكم القوانين إلى الكمال وكفاية الناس في حلِّ مشاكلهم ، و(اعتقاد) هذا كفرٌ ناقلٌ عن الملة ، والأمرُ كبيرٌ مهمٌ وليس من الأمور الاجتهادية .... ». (حُرِّرت في 10/8/1375هـ ).
وسُئِل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز -"الفتاوى" (7/124) مختصراً -عن حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يكفر الحاكم بسنه هذه القوانين؟ ، فأجاب: (إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به..، أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو السارق أو شارب الخمر فهذا قانون باطل وإذا استحله الوالي كفر) وسُئِل- "حوار حول مسائل التكفير" ص(24)مختصراً-عن تبديل القوانين ؟ فأجاب: (إذا استباح [أي:استحل] الحكم بقانون غير الشريعة يكون كافراً كفراً أكبر، أما إذا فعل ذلك لأسباب خاصة عاصياً لله ويعلم أن محرم يكون كفراً دون كفركما قال ابن عباس.. أي إذا استحل الحكم بقانون أو استحل الحكم بكذا أوكذا غير الشريعة يكون كافراً، أما إذا فعله لرشوة أو لعداوة بينه وبين المحكوم عليه أو لأجل إرضاء بعض الشعب أو ما أشبه ذلك فهذا يكون كفراً دون كفر)اهـ
فائدة/
واقع القوانين والأعراف الجاهلية كان معلوماً عند السلف، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) وقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا) ويدلك على ذلك قول الحافظ ابن كثير في "تفسيره": (ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله -المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر- وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية) فدل قوله رحمه الله: (كما كان أهل الجاهلية يحكمون به) أن صورة الحكم بـ(الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله) كانت معروفة لديهم، فكلها سياسات وقوانين وأعراف باطلة سواءً كانت مكتوبة أو محفوظة، وهؤلاء الكفار الذين تتناولهم الآية تركوا ما أنزل الله واتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم من الأعراف والقوانين الجاهلية، فهل يُتَصَوَّرُ أن يُفَسِّرَ حَبْرُ الأمة وترجمان القرآن هذه الآية غافلاً عن تلك الآيات البينات؟! وما كانت تمثله واقعاً؟! حاشاه وكلا. ثم من أكبر الأدلة على وجود هذه الصورة في زمن النبي : استدلال من يكفر بهذه الصورة بحديث اليهوديين الذين زنيا؛ حتى إن بعضهم يسميها بالتشريع العام، فيا لتناقض هؤلاء!؛ يزعمون أن هذه الصورة لم تكن معروفة عند السلف، ثم يستدلون بقصة اليهود على حالة الكفر في التشريع العام –كما يزعمون-!. أقول: وحتى لو سلمنا -تنزلنا- أن واقعنا مغاير كل المغايرة لواقعها الذي قيلت فيه؛ فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلو كان ابن عباس قائلاً تفسيره للخوارج بالفعل، فلا يمنع من هذا أن يكون هذا التفسير رداً على الخوارج من ناحية، وإعلام الناس بتفسير الآية من ناحية أخرى، فيكون شاملاً لحكام زمانه وزماننا؟!، ومعلوم أن العبرة (بما قال) لا (لمن قال)، وإننا إن أردنا إلزام المخالف بمذهبه هذا، لقلنا: أن (التصوير الفوتغرافي) –مثلاً- غير داخل في النصوص العامة الواردة في النهي عن التصوير لكونه لم يكن على عهد النبي ، وَلقلنا: إن الآيات التي تحرم الزنا والربا لا تنطبق على بيوت الفاحشة والبنوك الربوية والتي تفنن أصحابها في رعايتها بكل أشكال الرعاية من تأمينها بوضع الحراس لحمايتها، وترتيب مرافقها، ومواعيدها، فضلاً عن إمدادها بوسائل الترفيه والراحة كالتبريد والتدفئة وغير ذلك من الترتيبات، لأن آيات تحريم الزنا نزلت فيمن يزني المرة والمرتين ونحوها ثم يتوب من ذلك وإن تكرر منه مراراً وتكراراً، ولم تنزل فيمن أنشأ بيوتًا للفاحشة وتفنن في رعايتها وتقنينها، ... ويظل الباب مفتوحاً لرد الحق بالباطل.
والصحيح: أنه لا فرق بين المخالفات الجزئية المؤقتة وبين التمادي في هذه المخالفات لتصبح عادات وتقاليد وأعراف (محفوظة أو مكتوبة سيان)، فإن الله سبحانه وتعالى علق الكفر في آية المائدة بترك الحكم، ولم يقيد ذلك بمادة الحكم المخالف أو منشئه أو عدد مرات تكراره أو بكونه يصدر المرة ونحوها أم اتخذ عادة وعرفاً، وإنما علق الكفر بمجرد ترك الحكم، وابن عباس لما فسر الآية فسرها تفسيراً مطلقاً دون التقيد بما سبق، فلماذا نحمل كلامه ما لا يحتمل ونقوله ما لم يقل ؟!، ثم إن ابن عباس لم يقل تفسيره رداً على الخوارج!، كما يُزعَم!، فهذا تحكم ظاهر ليس عليه أدنى دليل، فهذه روايات الأثر بين يديك في دواوين السنة ليس في واحدة منها أن خارجياً سأله وإنما السائل إما (رجل!) أو (طاووس) أو (تفسير مباشر للآية)، والسائل في كل الروايات سأل ابن عباس ض عن تفسير الآية أو كُنْهِ الكفر المذكور بها ولم يسأله عن حكام زمانهم كما يُزعَم!.

وهذا قول صريح لشيخ الإسلام ابن تيمية يتعلق بالحكم بسوالف البادية وعاداتهم وهذا من جنس القوانين الوضعية : "ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر.فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر.فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل.وقد يكون العدل في دينها ما يراه أكابرهم.بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعادتهم التي لم ينزلها الله كسواليف البادية(أي عادات من سلفهم) وكانوا الأمراء المطاعون ويرون أن هذا الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر.فإن كثير من الناس أسلموا ولكن لا يحكمون إلا بالعادات الجارية التي يأمر بها المطاعون.فهؤلاء إذا عرفوا أنه يجوز لهم الحكم بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك. بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار)) اه من منهاج السنة.
وقال الشيخ العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب-"منهاج التأسيس" ص (71)م-: (وإنما يحرم التحكيم إذا كان المستند إلى شريعة باطلة تخالف الكتاب والسنة، كأحكام اليونان والإفرنج والتتر وقوانينهم التي مصدرها آراؤهم وأهواؤهم، وكذلك سوالف البادية وعاداتهم الجارية، فمن استحل الحكم بهذا في الدماء أو غيرها فهو كافر..) وقال لابن منيع -"الدرر السنية" )1/497) -: (وما ذكرته عن الأعراب من الفرق بين من استحل الحكم بغير ما نزل الله ومن لم يستحل، فهو الذي عليه العمل وإليه المرجع عند أهل العلم)اهـ.
• وقال العلامة سليمان بن سحمان شارحاً القول السابق -"مجموعة الرسائل" (3/309) -: (يعني أن من استحل الحكم بغير ما أنزل الله، ورأى أن حكم الطاغوت أحسن من حكم الله ، وأن الحضر لا يعرفون إلا حكم المواريث ، وأن ما هم عليه من السوالف والعادات هو الحق، فمن اعتقد هذا فهو كافر. وأما من لم يستحل هذا، ويرى أن حكم الطاغوت باطل، وأن حكم الله ورسوله هو الحق، فهذا لا يكفر، ولا يخرج من الإسلام)اهـ.


اقتباس:
العذر بالجهل
سئل الإمام الألباني رحمه الله في الشريط الخامس "رحلة النور"

س : هل يعذر الجاهل بجهله أم لا ؟
ج : إنه قد يعذر وقد لا يعذر ، إذا كان الجاهل يعيش في بلاد إسلامية يغلب عليها العلم بالإسلام ، وخاصة بعقائده ، وبصورة أخص ما يتعلق منها بالتوحيد . فهنا لا يعذر هذا الإنسان بجهله لأنه يعيش في جو إسلامي يفترض أن يكون قد عرف من الجو الصالح الذي يعيش فيه العقيدة الصحيحة، وهذا بلا شك أيضا يستطيع الإنسان أن يتصور صورا متعددة، جو إسلامي والحمد لله أن البلاد السعودية لا تزال من حيث صلاح عقيدتها هي في القمة ، ولكن يقصدها كثير من المسلمين العرب أو العجم لقضاء مصالحهم. وأحيانا عبادتهم من الحج أو العمرة . فقد يكون الواحد منهم أقام في هذه البلاد مدة من الزمن لم يتمكن في هذه المدة لقصرها أن يتعرف على عقيدة التوحيد مثلا، فهو لا يزال يحمل في أفكاره بعض الانحرافات عن التوحيد الصحيح ، فهذا برغم أنه أقام في جو إسلامي وتوحيده صحيح، لا يمكن أن يقاس به من ولد في هذه البلاد وعاش فيها وترعرع ونشأ وتعلم ،فهناك فرق كبير بين الأول وبين الثاني ، ولذلك إذا أخذنا هذا الفعل الأول . أي البلد الإسلامي الصحيح توحيده وعقيدته . ثم قابلناه ببلد آخر ليس بلدا إسلاميا كالمسلمين الذين يسلمون في بلاد الكفر كأوروبا مثلا أو أمريكا أو نحو ذلك. فهؤلاء إذا لم يفهموا بعض العقائد الإسلامية على وجهها الصحيح ، هؤلاء يعذرون، لأنهم لا يجدون الجو الذي يعطيهم المعنى الذي أشرت أنت إليه آنفا بقولك صار من المعلوم من الدين بالضرورة هذا إنما يصح في المجتمع الأول. وبالتفصيل الذي ذكرته ، من نشأ وترعرع فيه ، وليس بالنسبة لمن طرأ حالا في مدة قصيرة من الزمن . ثم نأخذ مثلا كالبلاد المصرية ، حيث يوجد فيها مشايخ وعلماء الأزهر وما أدراك ما علماء الأزهر من حيث الأزهر الشريف وهو إلى آخره . ومع ذلك فتجد هناك الشرك ضارب أطنابه في الأزهر وفي المساجد مسجد الحسين وغيره ، فيعيش المصري هناك هناك مسكينا ، ولا يسمع صوت التوحيد إطلاقا ، هذا ليس كهذا الذي عاش في المجتمع الأول ولذلك فمن الخطورة بمكان مع استحضارنا لهذا التفصيل وما أشير إليه مما لم يذكر من الخطورة بمكان أن يقال بأن الجاهل لا يعذر، لأنه يعيش في بلد إسلامي ، يشترط في هذا البلد الإسلامي أن تكون عقائده مشهورة وكما قلت : معلوم من الدين بالضرورة ، لنفترض كما قلنا آنفا رجل إفرنسي أو ألماني أسلم ، ما الذي دفعه إلى الإسلام . شيء من عظمة الإسلام، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لكن يا ترى هل مجرد أن أعلن إسلامه وعودي من قومه عرف الإسلام بتفاصيله ، طبعا !الجواب : لا ، فقد يكون يعيش هو وزوجته ، وزوجته لا تزال سافرة متبرجة كما كان قبل إسلامه . وكما كانت هي قبل إسلامها ، ويعيشون مع بعضهم البعض أشقاء إخوة وتظهر أمامه كما تظهر ، أما زوجها ، هل يعذر أم لا يعذر، لأنه حديث عهد بالإسلام ولذلك نجد في بعض الأحاديث . ما يمكن اتخاذه حجة، في أن القول بأن الجاهل لا يعذر ، قول مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم العملية ، ماذا نقول اليوم لو أن مسلما في بلاد الإسلام ، صاح في صلاته بأعلى صوته واستمر في صلاته ولم يعد الصلاة ، صلاته صحيحة أو باطلة ؟ صلاته باطلة ، لكن الرسول ما أبطل صلاة من صاح في صلاته لأنه أعذره بجهله وما ذاك إلا لأنه كان حديث عهد بالإسلام ، وعلى ذلك تقاس هذه المسألة الحساسة، فلا يقال مطلقا الجاهل يعذر ولا يقال مطلقا الجاهل لا يعذر وإنما المسألة تتحمل تفاصيل كثيرة ذكرت آنفا بعضها ، أنا أشرت في مثالي الأخير إلى قصة معاوية ابن الحكم السلمي رضي الله عنه ، وهو بداهة غير معاوية بن أبي سفيان الأموي ، فقد حدث كما جاء في موطأ الإمام مالك ومسند الإمام أحمد وصحيح الإمام مسلم بالسند الصحيح عنه : ) أنه صلى ذات يوم وراء النبي صلى الله عليه وسلم ، فعطس رجل بجانبه فقال له وهو في الصف في الصلاة : يرحمك الله ، فنظروا إليه بأطراف أعينهم تسكيتا له ، فعظم عليه هذا الأمر. فصاح بأعلى صوته وهو يصلي : واثكل أمياه ! ما لكم تنظرون إلي ، فما كان ممن حوله إلا أن أخذوا ضربا على أفخاذهم تسكيتا له ( يبدوان الرجل تنبه ولو بعد دئب ، لأنه أخطا فيما فعل من الكلام والصياح، ولذلك قال : ) لما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ، أقبل إلي ( تصوروا نفسية هذا الإنسان : تصوروا مصليا في هذا الزمان لو فعل مثل ذاك الإنسان وجاء الإمام إليه، ماذا تتصوروا، سيشتمه ويسبه إن لم يضربه كان معاوية هذا رضي الله عنه تصورشيئا من ذلك. لما رأى الرسول مقبلا عليه، تلكن خاب تصوره، لأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) قال : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة أقبل إلي ، والله ! ما قهرني ولا كرهني ولا ضربني ولا شتمني . وإنما قال لي : ) إن هذه الصلاة ، لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن ( انتهت قصة الرجل إلى هنا ولكن يبدوا من ناحية النفس أنه لما رأى هذا اللطف النبوي ، شجعه بأن يتعلم لأنه عرف أنه جاهل ، يصيح في الصلاة بما سمعتم ويقول الرسول ) لأنه لا يصلح شيء من كلام الناس ، وإنما هو تسبيح وتكبير وتحميد وتلاوة القرآن ( فتشجع على أن يوجه للنبي صلى الله عليه وسلم بعض الأسئلة فأخذ يكر بهذه الأسئلة ، سؤال بعد سؤال ، كان مما جاء ذكره في هذا الحديث ، أن قال يا رسول الله ( إن منا أقواما يتطيرون) قال : << فلا يصدنكم >> قال : ( إن منا أقواما يخطون بالرمل ) فقال عليه الصلاة والسلام : << قد كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن وافق خطه خطه فذاك قال يا رسول الله ( إن لي جارية ترعى لي غنما في أحد . فشطى الذئب يوما على غنمي ، وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكة وعلي عتق رقبة، فقال عليه السلام ) آتيها ( قال لها عليه الصلاة والسلام : ) أين الله( ( قالت في السماء ) قال لها : ) من أنا ( قالت : ( أنت رسول الله ) . فالتفت إلى سيدها وقال له : ) اعتقها فإنها مؤمنة ( الآن لو وجه هذا السؤال النبوي إلى بعض شيوخ الأزهر ، أين الله، لأقام نكيرا عليك ، فضلا عن أنه لا يحسن جواب الجارية ، لا يقول لك الله في السماء ، وإن كان عنده شيء من العلم ، سيحاول أن يطعن في صحة هذا الحديث، وإن سلم بصحته ، فسيعلل جواب الجارية بتعليلات تعود بالطعن في الرسول عليه الصلاة والسلام من حيث هو لا يدري ولا يشعر ولا أرى الآن ضرورة أن أخوض في تفصيل هذا الكلام ، وإنما حسبي أن أربط هذا الكلام بما سبق إذا كان بعض شيوخ الأزهر وهم الكثرة الكاثرة في مصر مثلا لا يتبنون العقيدة السلفية التي صرحت بها الآيات الكريمة ، وتتابعت عليها الأحاديث النبوية الصحيحة ، لا يكون إلا الله عز وجل له صفة العلو وماذا يكون عقيدة عامة الشعب المصري ، أيعتقد كما تعتقد هذه الجارية ، والشيوخ بالأزهر لا يعتقدونها . إذا ينبغي أن نقول ان هؤلاء العامة في مصر وفي أمثالها من البلاد الأخرى ، سواء ما كان منها بلاد عربية أو أعجمية، فالشعب هنا وهناك معذور ، لأنه لا يعيش في ذلك الجو الإسلامي، الذي منه تعلمت الجارية تلك العقيدة الصحيحة،من أين للجارية وهي راعية غنم أن تعرف هذه العقيدة التي لا يعرفها علماء الأزهر ، من جو الصحابة : سيدها وسيدتها وما حولها من الناس كلهم يدينون دينا واحدا، ويتبنون عقيدة واحدة ، فعرفت هذه العقيدة من المجتمع الذي عاشته ، وربما تكون قد قرأت واتبعت سنة الرسول عليه السلام في قراءة سورة تبارك ، التي يسن للمسلم أن يقرأها في كل ليلة قبل أن يضطجع أو ينام ، وفيها يقول ربنا تبارك وتعالى: ( أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور،أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ) فإذا هذه الجارية ، وفي بعض الروايات الضعيفة أنها أعجمية ، تلقت هذه العقيدة الصحيحة من الجو الذي كانت تعيش فيه، فسلمت عقيدتها ، أما الجو المصري وجو البلاد الأعجمية الأخرى الموبوء ولا يجد العقيدة الصحيحة ، أنا في اعتقادي يكونون معذورين كل العذر .
رحلة النور الشريط الخامس

السؤال الثالث عشر:(( مسألة العذر بالجهل))...(00:55:43)
السائل : موضوع العذر بالجهل هنالك من يقول ..
الشيخ الألباني :موضوع إيش ..
السائل : العذر بالجهل في العقيدة خاصة ، هناك من يقول يعذر الإنسان بالجهل وهنالك من يقول لا وقد ظهرت مؤلفات في ذلك ، نرجوا الإفادة في ذلك ..
الشيخ الألباني: نعم ، سبق أن أجبت عن مثل هذا السؤال بشيء من التفصيل ولا أستحسن إعادة الكلام في الإجابة عن سؤال متكرر إلا إيجازاً ، فأقول لا يصح القول مطلقاً بأن الإنسان يعذر بالجهل مطلقاً أو لا يعذر مطلقاً كلاهما خطأ ،وإنما لابد من التفصيل ،من كان يعيش في جو إسلامي وهذا الجو الإسلامي يفهم الإسلام فهماً صحيحاً ثم وجد هناك شخصٌ يجهل العقيدة الإسلامية وهو يحي في هذا الجو فهو غير معذور وعلى العكس من ذلك إذا تصورنا شخص آخر يعيش في جو غير إسلامي جو الكفر والضلال مثل أوربا وأمريكا مثلاً ثم أسلم فهذا يعذر بجهله لأنه لا يجد الجو الذي يساعده على أن يتعلم وأن لا يجهل ، ثم نضرب المثال الذي يعاكس الصورة الأولى ، الصورة الأولى قلنا رجل يعيش في جو إسلامي يفهم الإسلام فهماً صحيحاً فهو غير معذور بجهله ، الآن نقلب الصورة فنقول زيد من الناس يعيش في مجتمع إسلامي ولكن هذا المجتمع قد أنحرف به الجمهور فيه عن العقيدة الصحيحة فيكون أيضاً هذا الشخص معذوراً لأنه لا يجد الجو الإسلامي الصحيح الذي يقدم إليه العقيدة الصحيحة كما يقولون اليوم أوتماتيكياً يعني ليس بحاجة إلى أن يتعلم بحلقات خاصة لأن الجو كله مملوء بالعقيدة الصحيحة مثال ذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال : صليت يوماً ورأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعطس رجلٌ بجانبه وعطس رجل بجانبه فقلت له يرحمك الله وهو يصلي مع المصلين قال فنظروا إليَّ بمُأخرة أعينهم فضقت ذرعاً فقلت : واه ثُكل أُمياه مالكم تنظرون إليَّ فأخذوا ضرباً على أفخاذهم ، يقولون له أسكت ليس هذا مكان الكلام والصياح قال: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الصلاة أقبل إليَّ فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي :" إن هذه الصلاة لا يصلح فيها من كلام الناس.." ، يرحمك الله يهديكم الله هذا الذي هو معتاد وعادة شرعية جيده إذا عطس الرجل فحمد الله فشمتوه هذا لا يجوز في حالة الصلاة (( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها من كلام الناس إنما هي تسبيحٌ وتكبيرٌ وتحميدٌ وتلاوة القرآن)) ، قال: فقلت يارسول الله ، أتصورُ نفسية هذا الإنسان الفاضل أنه كان حديث عهد بالإسلام وأنه لم يتعلم بعد ما يجوز في الصلاة وما لا يجوز ولذلك وقع منه هذا الخطأ ، حيث قال لمن عطس يرحمك الله هذا كلام وقد كان مثل هذا جائز في أول الإسلام حتى أنزل الله تبارك وتعالى القرآن (( وقوموا لله قانتين)) فحرم الله عليهم الكلام ، كان الرجل قبل أن استقرار تحريم الكلام يدخل المسجد فيجد الناس في الصف يصلون وراء الإمام فيقف فيقول لصاحبه إي ركعةٍ هذه يقول هذه الركعة الثانية فيفهم في صلاة الصبح مثلاً أنه قد فاتته الركعة الأولى فينوي ويكبر ويقرأ ماتيسر له ويركع لوحده ثم ينضم مع الإمام في الركعة الثانية حتى دخل يوماً معاذ ابن جبل رضي الله عنه دخل المسجد فوجد الناس قيلماً كالعادة فنوى مباشرة ولم يسأل ذلك الؤال التقليدي ثم قام وصلى ماسُبق به من الصلاة فقال عليه الصلاة والسلام إن معاذ قد سن لكم سنة إي سنة حسنة فصار من ذلك اليوم الحكم المعروف حتى اليوم ألا وهو قوله عليه السلام :(( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا )) بينما كان الحكم كما عرفتم ، يستوضح متكلماً مع صاحبه وهو في الصلاة فيصلي ما فاته لوحده، ثم ينظم ،هذا الرجل يبدوا أنه لم يكن قد بلغه تحريم الكلام في الصلاة وبخاصة أن هذا ليس من الكلام المعتاد ، كِيف حالك وشلونك وكِيف السوق وما أشبه ذلك ، إنما عطس فحمد الله فقال له يرحمك الله ولم يكن قد علم بعد أن هذا شيء ممنوع في الصلاة ولذلك ازداد ثورةً وغضباً حينما وجدهم ينكرون عليه أشد الإنكار , أولاً بنظرهم إليه بمأخرة أعينهم ، ثانياً بضربهم على أفخاذهم بأكفهم فلا شك تتصورون معي أنه هذا الإنسان مايدري كيف صلى وهو يفكر - عرف أنه قد أخطأ لكن ماخطئه- وعلى ذلك انتظر حينما سلم الرسول عليه السلام من الصلاة أن يأتيه وأن يأنبه وأن يقسو عليه في الكلام كما هو شأن كثير من الأئمة ومن المدرسين الذين لايتحملون سؤال عادي إلا ويثورون ويغضبون هكذا تصور هو أن الرسول لمَّا أقبل إليه لكن خاب ظنه والحمد لله حينما قال معبراً عن لطفه عليه السلام ورأفته قال أقبل إليَّّ فوالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني إنما قال لي :(( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي تسبيح ٌ وتحميدٌ وتكبيرٌ وتلاوة للقرآن)) حينما وجد هذا اللطف المحمدي تفتحت معه ذاكرته وذكرته لتوجيه السؤال بعد السؤال ، قال يارسول الله إنا منا أقوام يأتون الكهان قال:(( فلا تأتوهم )) ، قال إنا منا أقواماً يتطيرون , قال :(( فلا يصدنكم )) ، قال إنا منا أقوام يخطون الرًّمَل ،قال :(( قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطهُ خطه فذاك )) ، قال يارسول الله - وهنا الشاهد - إن لي جاريه في أحد ترعى الغنماً لي فسطى الذئب يوماً عل غنمي ، وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر فصككتها صكه ، وعليَّ عتق رقبة ، كأنه يقول أفتجديني أن أعتقها كفارة لما علي من عتق رقبة قال :(( هاتِها )) فجاءت قال لها:(( أين الله )) قالت في السماء ، قال لها :((من أنا )) قالت أنت رسول الله فالتفت إلى سيدها السائل وهومعاوية بن الحكم السلمي ، قال :((إعتقها فإنها مؤمنة)) .
الشاهد من هذا الحديث وفيه أحكام جمة كما سمعتم وفوائد عديدة ، إنما الشاهد فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سألها عن عقيدة تتعلق بكل مسلم ألا هو قوله عليه السلام إين الله فأجابت بالجواب الصحيح قالت في السماء ‘ قال لها من أنا قالت أنت رسول الله فحكم عليها بأنها مؤمنة لأنها أجابت عن السؤالين جواباً صحيحاً ، انظروا الآن الفوارق هذه جارية ترعى الغنم عرفت العقيدة الصحيحة في قوله تعالى :(( الرحمن على العرش استوى)) هذه العقيدة التي لا زال المسلمون يختلفون فيها أختلاف جم ولا يزال جماهيرهم منهم بعض العرب وأكثرهم من العجم لايزالون يجهلون هذه العقيدة الصحيحة بل ويحاربونها أيضاً فإذا أفترضنا جواً مثل هذا الجو النبوي ، جارية ترعى الغنم ، عرفت ما لا يعرفه كبار المشائخ في بعض البلاد فمن كان من عامة الناس في تلك البلاد ومن أين له أن يعرف العقيدة الصحيحة كما عرفتها هذه الجارية والعلماء في تلك البلاد هم يعتقدون خلافها ويقولون ويقولون ما لايجوز ، كثل قولهم إذا قلت لهم أين الله يقولون نعوذ بالله هذا سؤال لا يجوز ،سؤال لا يجوز والرسول هو الذي سنه ! هكذا يقولون لا يجوز هذا السؤال ،لماذا؟ لأن الجواب لايجوز اكثر وأكثر عندهم لا يجوز أن يقول المسلم كما قالت الجارية الله في السماء ، وكثير من هؤلاء العلماء الأعاجم بل وفيهم العرب وبعضهم من الشراكسه وبعضهم من المغاربة حاولوا[ كلمة غير مفهومة ]من صحة هذا الحيث وما ذاك إلا لأنه يحمل في طواياه العقيدة الصحيحة فيما يتعلق في تفسير قوله تعالى :(( الرحمن على العرش استوى)) ، فيعللون هذا الحديث مع كونه في صحيح مسلم ومع كونه يشهد الله لا علة له إطلاقاً ،أقول هذا لأنه قد يوجد في صحيح مسلم وفي غيره ما يمكن أن يكون فيه طعن ما كتدليس ونحو ذلك أما هذا الحديث فذلك من فضل الله علينا وعلى الناس فليس فيه أي طعن من حيث إسناده ولكن أهل الأهواء إن كانت العقيدة في القرآن حاولوا اللف والدوران حولها بتأويلها وإخراجها عن دلا لتها الصريحة ، وإن كانت العقيدة في السنةحاولوا الطعن فيها بكل وسيلةٍ ولو كانت فاشلة .
فإذاً الذي يعيش مثلاً في جو مثل الأردن ، مثل سوريا مثل مصر أكثر علمائها لا يعرفون هذه العقيدةبصورة خاصة ،والعقيدة السلفية بصورة عامة، أفلا يعذر المسلمون الذين يقيمون في تلك البلاد ، نقول نعم ، لكن ليس الامر كذلك ، الغرباء الذين يعيشون في هذه البلاد والتي فضلها الله تبارك وتعالى وميزها بكثير من الخصال من أهما دعوة التوحيد التي سخر الله لها في هذه البلاد منذ نحو مئتي سنة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فأحيا دعوة التوحيد حيث كانت الشركيات والوثنيات قد كادت أن تعم البلاد الإسلامية كلها ومنها هذه البلاد في الجزيرة العربية فأنقذ الله بهِ عباده هنا ثم سرت يقظته هذه إلى البلاد الإسلامية الأخرى لكن بنسب متفاوته وقليله جداً فمن كان غريباً هنا من الأعاجم أو العرب فهو يسمع ليل نهار عقيدة التوحيد وأن الله على العرش استوى وأن استواءه معلوم لغةً وهو الإستعلاء وأن الكيف مجهول،و أن السؤال عن كيفية الأستواء بدعة ،فهذا لا يكون معذوراً لأنه قد وجد في جو يشبه جو تلك الجارية، من أين عرفت الجارية العقيدة من المجتمع التي عاشت فيه فسيدها وسيدتها وأبنا ؤهما كلهم ينطقون بالعقيدة الصحيحة ، فلماذا هي لا تكون كذلك عقيدتها صحيحة ،و هذا مما يفسر به قوله عليه الصلاة والسلام وهو من أنباء الغيب :((إن الله ليعجب من أقوامٍ يجرون غلى الجنة في السلاسل ،إن ربك ليعجب من أقوام يجرون إلى الجنة بالسلاسل))، كيف هذا ؟! إشارة عظيمة جداً من نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الفتوحات الإسلامية التي ستقع من بعد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويأتون بالأسرى مغللين في الأصفاد فيعاشرون المسلمين وهم عبيد أرقاء لكن رقهم هذا سينقلب نعمه ما بعدها نعمه عليهم فإنهم قد كانوا من قبل وهم أحرار في بلادهم يسمعون عن الإسلام كل سيئة بسبب القساوسة والرهبان والجهال وما شابه ذلك من الذين يذيعون السوء عن الإسلام والأفكار والعقائد السيئة، فلما ابتلاهم الله ووقعوا في الأسر وسيقوا إلى بلاد الإسلام بالأغلال عاشوا مع المسلمين عن كثب وعن قرب وطلعوا أولاً على عقائدهم وعلى عبادتهم ثم على سلوكهم وأخلاقهم فوجدوها من أحسن ما يمكن أن يوجد على وجه الأرض فكان ذلك سبباً لدخولهم في الإسلام إختياراً وليس اضطراراً فدخلوا الجنة إي بسبب إسلامهم وهم قد سيقوا من قبل بالأغلال .
فهذه البلاد إذاًمن كان فيها من الغرباء سواء من العرب أو الأعاجم فلا يعذر بجهله لأنه استمر في جهله فمعنى ذلك أنه مكابر ومعاند لأنه قد أقيمت الحجة عليه فإنه يسمعها ليل نهار أما من كان في البلاد الاخرى فهو يسمع نقيض ذلك فهو معذور بجهله ،فإذاً عرفتم الآن ثلاثة صور أو ثلاثة مجتمعات ..
المجتمع الأول: المجتمع الإسلامي الذي فهم العقيدة الصحيحة فمن عاش في هذا المجتمع فلا يعذر بجهله.
المجتمع الثاني :المجتمع الكافر الذي قد يسلم فيه فردٌ من أفراده أو بعض أفراده فمن أين له أن يعرف العقيدة الصحيحة فهو معذور بجهله .
المجتمع الثالث :مجتمع بينهما فهو في الظاهر مسلم وعلامات الإسلام ظاهره فالمساجد عامرة بالصلاة والأذان مرفوعٌ صوته وإلى آخره لكن كبار أهله منحرفون عن العقيدة الصحيحة فمن أين يتلقى أفراد هذا الشعب العقيدة الصحيحة فيكونون والحالة هذه معذورين .
هذا الذي تيسر لي ، هذا الذي تيسر لي من الجواب عن هذا السؤال وبهذا القدر كفاية .. والحمد لله رب العالمين .. فانصرفوا راشدين"فتاوى جدة الشريط11
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:31 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.