أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
2085 96660

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-15-2009, 06:56 AM
مناصرة الرسول مناصرة الرسول غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: عمان-الأردن
المشاركات: 278
Post أحكـــام الكـــلام في مســـألة القيــــــام.

بســـمـ الله الرحمــن الرحيــــمـ

مســـألة القيـــــام

لقد انتشرت هذه العادة في أوساط المسلمين عامة – إلا من رحم الله – " وأصبحت أمراً مُسلَّماً ،حتى إذا لم يقم بعضهم لبعض رمى بعضهم البعض بالكبر والغرور وغير ذلك " وقد صارت هذه العادة شيئا من الصعب إقناع الناس بأنه مخالف للنصوص الشرعية لأسباب ثلاثة :

أ – التمكن البالغ لهذه العادة في القلوب ، حتى عُــــــدَّ من يريد تطبيق السنة بعدم القيام من قليلي الأدب وسييء الأخلاق ومن المستهزئين بالداخل!!! فاللهم غفرانك من انقلاب الموازين في كثير من الأمور عند كثير من الناس – إلا من عصم الله –
ب – عدم تجرد الكثيرين للحق والدليل ، فكم من معاند قابلناه يحاول جاهدا تحوير الكلام إلى غير المعني ، وليّ النصوص إلى غير المقصود ، وماذلك إلا لتوافق هواه ، وهوى من يسعى لتجميعهم و إرضائهم ولوعلى حساب النصوص الشرعيةالجلية !!
ج- ذهاب بعض العلماء إلى القول بجوازه لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية ونحو ذلك


لقد جاءتنا النصوص الشرعية من السنة النبوية تبين الموقف من هذا القيام ، وكذلك أقوال أهل العلم الذين ذهبوا للقول بمنعه تمشيا مع دلالة النصوص ، وإليك أخانا شيئا من البســـــــــــــط في هذه المسألة :

قد ثبت في السنة عدد من الأحاديث تدور حول هذه المسألة وهي :
[ أ ] عن أبي مجلز قال : خرج معاويةرضي الله عنه على ابن الزبير وابن عامر فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير ، فقال معاوية لابن عامر : اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أحب - وفي رواية : من سرّه - أن يتمثل الناس له قياما ًفليتبوأ مقعده من النار " رواه أبو داود ، والبخاري في الأدب المفرد ، والترمذي ، وأحمد ، والطحاوي في مشكل الآثلر والطبراني ، والبغوي ، والخطيب البغدادي وغيرهم قال الترمذي : حديث حسن فتعقبه أستاذنا المحدث الألباني بقـــــــوله : " بل هو حديث صحيح ، رجال إسناده ثقات رجال الشيخين ، وأبو مجلز اسمه لاحق بن حميد ، وهو ثقة ، " أهـ وصحح الحديث ابن القيم – رحمه الله – كما في تهذيب سنن أبي داود

قال المحدث الألباني _ بعد إيراده الحديث من طريق حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز _ :
" وله طريق أخرى ، فقال المخلص في " الفوائد " : حدثنا عبدالله : نا داود : نا مروان : نا مغيرة بن مسلم السراج عن عبــدالله بن بريدة قال : " خرج معاوية ، فرآهم قياماً لخروجه ، فقال لهم : اجلسوا ، فإن رســول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سره أن يقوم له بنوا آدم ؛ وجبت له النار " قلت – أي الألباني - : " وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، غير شيخ المخلص عبدالله ، وهو الحافظ أبو القاسم البغوي ، ومغيرة بن مسلم السراج ، وهما ثقتان بلا خلاف، " 13

ثم أورد المحدث الألباني – أعلى الله منزلته في المهديين – شاهداً مرسلاً ، أخرجه الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) 13 / 193 من طريق عبدالرزاق عن سليمان بن علي بن الجعد قال : سمعتُ أبي يقول : " لما أحضر المأمون أصحاب الجوهر ، فناظرهم على متاع كان معهم ، ثم نهض المأمون لبعض حاجته ثم خرج ، فقام كل من كان في المجلس إلا ابن الجعد ؛ فإنه لم يقم ، قال : فنظر إليه المأمون كهيئة المغضب ، ثم استخــلاه ، فقال : يا شيخ ! ما منعك أن تقوم لي كما قام أصحابك ؟ قال : أجللتُ أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وما هو ؟ قال علي بن الجعد : سمعت المبارك بن فضالة يقول : سمعت الحسن يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَن أحب أن يتمثل الناس له قياما ، فليتبوأ مقعده من النار " قال : فأطرق المأمون متفكراً في الحديث ، ثم رفع رأسه ، فقال : لا يُشتَرى إلا من هذا الشيخ قال : فاشترى منه في ذلك اليوم بقيمة ثلاثين ألف دينار "
قلت – أي الألباني - : فصدق في علي بن الجعد – وهو ثقة ثبت – قول الله عزوجل : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) الطلاق 2

قال الأستاذ أبوالحسن الحدائي بعد إيراده لهذا الشاهد في " تذكرته " : " قلت : والحديث مرسل من مراسيل الحسن البصري لكنه صحيح بما قبله ، والله أعلم "

ثم أفادنا الأستاذ أبي الحسن بعد كلامه على الشاهد بقوله :
( فائدة : العلماء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
1 - عالم ملة : وهم العلماء العاملون المخلصون الصادقون الذين يعملون بملة الإسلام لا يعرفون المجاملة ولا المداهنة كالحافظ علي بن الجعد - رحمه الله – فإنه لم يجامل المأمون على حساب دينه ولم يتخذ علمه مطية إلى الدنيا سعيا وراء المناصب والكراسي الدوارة ، ولا عضوا في مجلس النواب ليشارك أهل الكفر وأهل الضلال ضلالهم
2- عالم أمة : وهو الذي يرى الأمة واقعة في أنواع المعاصي والمنكرات ، فلا ينكر المنكر ، ويقول الدين يسروا ولا تعسروا علىهذه الأمة
3– عالم دولة : وهو الذي يلوي الأدلة على ما تريد دولته وحكومته في تحليل ما حرّم الله كالجمارك والضرائب والربا ويفتون بإباحة هذه الأشياء بحجة رفع الاقتصاد للدولة والاستثمار وهؤلاء كثيرلا كثّرهم الله ولا جزاهم خيرا
ونحو هذه القصة ما أخرج الدينوري في " المنتقى من المجالسة " : حدثنا أحمد بن علي البصري قال : " وجّه المتوكل إلى أحمد بن العدل وغيره من العلماء ، فجمعهم في داره ، ثم خرج عليهم ، فقام الناس كلهم إلا أحمد بن العدل ، فقال المتوكل لعبيد الله : إنَّ هذا الرجل لا يرى بيعتــنا فقال له : بلى يا أمير المؤمنين !
ولكن في بصره سوء فقال أحمد بن العدل : يا أمير المؤمنين ! ما في بصري من سوء ، ولكنّني نزَّهتك من عذاب الله تعالى قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما ؛ فلتبوأ مقعده من النار " ، فجاء المتوكل ، فجلس إلى جنبه "
وروى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " بسنده عن الأوزاعي : حدثني بعض حرس عمر بن عبدالعزيز قال :
" خرج علينا عمر بن عبدالعزيز ونحن ننتظره يوم الجمعة ، فلما رأيناه قمنا ، فقال : إذا رأيتمــوني ؛ فلا تقوموا ، ولكن توسعوا "
قال المحدث الألباني – أمتع الله بعلمه – مبينا ما دلّ عليه حديث معاوية رضي الله عنه :
(( دلنا هذا الحديث على أمرين : الأول : تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له ، وهو صريح الدلالة ، بحيث إنه لا يحتاج إلى بيان
الآخر : كراهة القيام من الجالسين للداخل ، ولو كان لا يحب القيام ، وذلك من باب التعاون على الخير ، وعدم فتح باب الشر ، وهذا معنى دقيق ، دلّنا عليه راوي الحديث معاويةرضي الله عنه ، وذلك بإنكاره على عبدالله بن عامر قيامه له ، واحتجّ عليه بالحديث ، وذلك من فقهه في الدين ، وعلمه بقواعد الشريعة ، التي منها سد الذرائع ، ومعرفته بطبائع البشر ، وتأثرهم بأسباب الخير والشر ، فإنك إذا تصورت مجتمعا صالحا كمجتمع السلف الأول ، لم يعتادوا القيام بعضهم لبعض ، فمن النادر أن تجد فيهم مَن يحب هذا القيام الذي يرديه في النار ، وذلك لعدم وجود ما يُذكِّر به ، وهو القيام نفسه ، وعلى العكس من ذلك ، إذا نظرت إلى مجتمع كمجتمعنا اليوم ، قد اعتادوا القيام المذكور ؛ فإن هذه العادة ، لا سيما مع الاستمرار عليها ، فإنها تُذكر به ، ثم إن النفس تتوق إليه وتشتهيه حتى تحبّه ، فإذا أحبه هلك ، فكان من باب التعاون على البر والتقوى أن يترك هذا القيام ، حتى لمن نظنه أنه لا يحبُّه ، خشية أن يجرّه قيامنا له إلى أن يحبه ، فنكون قد ساعدناه على إهلاك نفسه وذا لا يجوز

ومن الأدلة الشاهدة على ذلك أنك ترى بعض أهل العلم الذين يظن فيهم حسن الخلق ، تتغير نفوسهم إذا ما وقع نظرهم على فرد لم يقم له ، هذا إذا لم يغضبوا عليه ولم ينسبوه إلى قلة الأدب ، ويبشروه بالحرمان من بركة العلم ، بسبب عدم احترامه لأهله بزعمهم ، بل إن فيهم من يدعوهم إلى القيام ، ويخدعهم بمثل قوله : أنتم لا تقوموا لي كجسم من عظم ولحم ، وإنما تقومون للعلم الذي في صدري !! ، كأن النبي صلى الله عليه وسلم عنده لم يكن لديه علم !! لأن الصحابة كانوا لا يقومون له ، أو أن الصحابة كانوا لا يعظِّمونه التعظيم اللائق به ! فهل يقول بهذا أو ذاك مسلم ؟!
ومن أجل هذا الحديث وغيره ذهب جماعة من أهل العلم إلى المنع من القيام للغير ؛ كما في " الفتح"
(11/41 ) ، ثم قال : " ومحصل المنقول عن مالك إنكار القيام ما دام الذي يُقام لأجله لم يجلس ، ولو كان في شغل نفسه ، فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها ، فتتلقاه وتنزع ثيابه وتقف حتى يجلس ؟ فقال : أما التلقي ؛ فلا بأس به ، وأما القيام حتى يجلس فلا ، فإن هذا فعــــــــل الجبابرة ، وقد أنـــــكـــــره عمر بن عبدالعزيز " قلت - أي الألباني - : وليس في الباب ما يعارض دلالة هذا الحديث أصلاً ، والذين خالفوا فذهبوا إلى جواز هذا القيام – بل استحبابه – استدلوا بأحاديث بعضها صحيح ، وبعضها ضعيف ، والكل عند التأمل في طرقها ومتونها لا ينهض للاستدلال على ذلك ، ومن أمثلة القسم الأول حديث : " قوموا إلى سيدكم " وقد تقدم الــجواب عنه برقم ( 67 ) من وجوه ، أقــــــواه أنه صحّ بزيادة : " فأنزلوه " فراجعه ومن أمثلة القسم الآخر حديث قيامه صلى الله عليه وسلم حين أقبل عليه أخوه من الرضاعة ، فأجلسه بين يديه ؛ فهو حديث ضعيف معضل الإسناد ، ولو صحَّ ؛ فلا دليل فيه أيضاً ، وقد بينتُ ذلك كله في " الأحاديث الضعيفة " ( 1148 )))

[ ب ] عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : " ما كان في الدنيا شخص أحب إليهم رؤيةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه ؛ لم يقوموا له ؛ لما كانوا يعلمون من كراهيته لذلك " أخرجه البخاري في الأدب المفرد ، والترمذي ، والطحاوي ، وأحمد وغيرهم وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه "
قال المحدث الألباني – حفظه الله - : " قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم " أهـ
وصحح الحديث الامام ابن القيم ، والحافظ ابن حجر – رحمهما الله -
قال العلامة الألباني في تعليقه على الحديث : " وهذا الحديث مما يقوي ما دل عليه الحديث السابق من المنع من القيام للإكرام ، لأن القيام لو إكراما شرعا ، لم يجز له صلى الله عليه وسلم أن يكرهه لأصحابه له ، وهو أحق الناس بالإكرام ، وهو أعرف الناس بحقه عليه الصلاة والسلام

وأيضاً ؛ فقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القيام له من أصحابه ؛ فعلى المسلم – خاصة إذا كان من أهل العلم وذوي القدوة – أن يكره ذلك لنفسه ؛ اقتداء به صلى الله عليه وسلم ، وأن يكرهه لغيره من المسلمين ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه من الخير " فلا يقوم له أحد ، ولا يقوم لأحد ، بل كراهتهم لهذا القيام أولى بهم من النبي عليه الصلاة والسلام ، ذلك لأنهم إن لم يكرهوه ، اعتادوا القيام بعضهم لبعض ، وذلك يؤدي بهم إلى حبهم له ، وهو سبب يستحقون عليه النار ، كما في الحديث السابق ، وليس كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه معصوم من أن يحب مثل هذه المعصية ، فإذا كان مع ذلك قد كره القيام له ، كان واضحا ً أن المسلم أولى بكراهته له "
وتحت عنوان ( القيام الممنوع ) وبعد إيراد الحديثين السابقين ، وفي ست نقاط علّق الشيخ الفاضل الأستاذ / محمد جميل زينو ؛ المدرس بدار الحديث بمكة المكرمة – شرفها الله وحرسها – بقوله :
يفهم من هذين الحديثين أن المسلم الذي يُحب أن يقوم الناس عند دخوله مجلسا يتعرض لدخول النار ، وأن الصحابة رضي الله عنهم يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا شديدا ، ومع ذلك كانوا اذا رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم داخلا عليهم لم يقوموا له ، لما يعلمون من كراهية الرسول صلى الله عليه وسلم للقيام له
اعتاد الناس أن يقوموا لبعضهم ، وخاصة إذا دخل الشيخ لإعطاء الدرس ، أو لزيارة مكان من الأمكنة ، وكذا المدرس إذا دخل على الطلاب فسرعان ما يقف الطلاب احتراما له [ وكأن احترامهم لا يحصل إلا إذا انتصبوا له قائمين !! ] ، والذي يمتنع عن القيام يُلام ويُوبخ على سوء أدبه ، وعدم احترامه لأستاذه
إن سكوت الشيخ أو المعلم على القيام له ، أو لوم الطالب المتخلف عن القيام يدل على حب الشيخ والمدرس للقيام ويعرضان نفسيهما لدخول النار ، ولو كانا لا يحبان القيام لهما ، أو يكرهانه ؛ لأعلم كل منهما طلابه ، وطلب منهم عدم القيام بعد ذلك ، وشرح لهم الأحاديث الناهية عن القيام إن تكرار القيام للعالم أو الداخل يولد في نفس كل منهما حب القيام ، بحيث إذا لم يقم أحد له شعر بانزعاج ، وإن هؤلاء القائمين كانوا عونا للشيطان في حب القيام للقادم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " ولا تكونوا عون الشيطان على أخيكم " رواه البخاري
كثير من الناس يقولون : نحن نقوم للمدرس أو الشيخ احتراما لعلمه ، فنقول لهم : هل تشكون في علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأدب صحابته معه ، ومع ذلك لم يقوموا له ، والاسلام لا يعتبر الاحترام بالقيام ، بل يكون بالطاعة وامتثال الأمر ، وإلقاء السلام والمصافحة ، ولا عبرة بقول الشاعر شوقي :
قم للمعلم وفه التبجيلا*** كاد المعلم أن يكون رسولا !!
لمخالفته قول رسول الله المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي كره القيام ، فكان من أحبه تستوجب له دخول النار
كثيراً ما نكون في مجلس ، فيدخل الغني ، فيقوم له الناس ، ويدخل الفقير فلا يقوم له أحد ، فيجد في نفسه حقداّ على الغني والجالسين لهذه المعاملة ، وتكون الشحناء بين المسلمين التي نهى الاسلام عنها وكان سببها القيام ، وقد يكون هذا الفقير الذي لا يقوم الناس له أفضل عند الله من ذلك الغني المقام له ، لقوله تعـالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات
قد يقول قائل : إذا لم نقم للرجل الداخل ، فربما وجد في نفسه شيئا على الجالسين ، فنقول له :
نحن نشرح لهذا القادم أن محبته في قلوبنا ، وأننا نقتدي برسول الله الذي يكره القيام له ، وبصحابته الذين لم يقوموا له ، ونحن نكره
قد تسمع من بعض المشايخ !! يقولون إن حسان شـاعر الرسول يقول : ( قيام العزيز عليّ فرض ) فهذا غير صحيـح

وما أحسن قول تلميذ الامام ابن بطة الحنبلي :

وإذا صحّت الضمائر منـــا *** اكتفينا أن نتعب الأجساما
لا تكلف أخاك أن يتلـــــقا *** ك بما يستحِلُ فيك الحراما

كلنا واثق بُـــودِّ مُصــافيه ففيم انزعاجنا وعلام ؟

[ ج ] قال الامام البخاري – رحمه الله – ( 7 / 411 ) حدثني محمد بن بشار حدثنا شعبة عن سعد قال : سمعت أبا أمامة قال سمعت أبا سعيد الخدريرضي الله عنه يقول : " نزل أهل قرية على حكم سعد بن معاذ فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتى على حمار فلما دنا من المسجد قال الأنصار : قوموا إلى سيدكم أو خيركم " الحديث ورواه مسلم وأبو داود وأحمد وغيرهم
وزاد أحمد 6/141 و142 من طريق محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال : أخبرتني عائشة وساق القصة وفيه " قوموا إلى سيدكم فأنزلوه " قال الحافظ في الفتح وسنده حسن
وقال الهيثمي في المجمع 6 / 137 ، رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات
قال المحدث الألباني : وهذا إسناد حسن الصحيحة المجلد الأول / 1 ص 145
ثم ذكر – حفظه الله – فائدتين للحديث :
1 ) اشتهر رواية هذا الحديث بلـــفظ " لسيدكم " والرواية في الحــديثين كـما رأيت : " إلى سيدكم " ، ولا أعلم للفظ الأول أصلا ً ، وقد نتج منه خطأ فقهي ، وهو الاستدلال به على استحباب القيام للقادم كما فعل ابن بطال وغيره
قال الحافظ محمد بن ناصر أبو الفضل في " التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها تصحيف وخطأ في تفسيرها ومعانيها وتحريف في كتاب الغريبين عن أبـــي عبيد الهروي" ( ق17 / 2 ) : " ومن ذلك ما ذكره في هذا الباب من ذكر السيد ، وقال كقوله لسعد حين قال : " قوموا لسيدكم " : أراد أفضلكم رجلاً قلت : والمعروف أنه قال : " قوموا إلى سيدكم " ، قاله صلى الله عليه وسلم لجماعة من الأنصار لما جاء سعد بن معاذ محمولاً على حمار ، وهو جريح أي : أنزلوه واحملوه ، لا قوموا له من القيام له ؛ فإنه أراد السيد : الرئيس المتقدم عليهم ، وإن كان غيره أفضل منه "
2 ) اشتهر الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية القيام للداخل ، وأنت إذا تأملت في سياق القصة ؛ يتبين لك أنه استدلال ساقط من وجوه كثيرة : أقواها قوله صلى الله عليه وسلم : " فأنزلوه " ؛ فهو نص قاطع على أن الأمر بالقيام إلى سعد إنما كان لإنزاله من أجل كونه مريضا ، ولذلك قال الحافظ : " وهذه الزيادة تخدش في الاستدلال بقصة سعد على مشروعية القيام المتنازع فيه ، وقد احتج به في ( كتاب القيام ) " انتهى كلام الألباني من الصحيحة 1 / 1 ص 146
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية – رحمه الله وأعلى درجته - : " لم تكن عادة السلف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما يرونه عليه السلام كما يفعله كثير من الناس ، بل قد قال أنس بن مالك " لم يكن شخص أحب إليهم من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك "
لكن ربما قاموا للقـادم من مغيبة تلقيا له كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام لعكرمة وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ " قوموا إلى سيدكم " وكان قد قدم ليحكم في بني قريظة لأنهم نزلوا على حكمه
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنهم خير القرون ، وخير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا يعدل أحد عن هدي خير الورى ، وهدي خير القرون إلى ما هو دونه وينبغي للمطاع أن لا يُقِرَّ ذلك مع أصحابه ، بحيث إذا رأوه لم يقوموا له في اللقاء المعتاد
وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن ، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ، ولو ترك لاعتقدوا أن ذلك لترك حقه ، أو قصد خفضه ، ولم يعلم العادة الموافقة للسنة ؛ فالأصلح أن يقام له
لأن ذلك أصلح لذات البين وإزالة التباغض والشحناء أما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة : فليس في ترك ذلك إيذاء له ، وليس هذا القيام المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : " من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " ، فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد !! ليس هو أن يقوموا لمجيئه إذا جاء ، ولهذا فرقوا بين أن يقال " قمت إليه " و " قمت له " ، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد وقد ثبت في " صحيح مسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم قاعدا في مرضه ، صلوا قياما ، أمرهم بالقعود ، وقال : " لا تعظموني كما يُعظم الأعاجم بعضهم بعضا " ، وقد نهاهم عن القيام في الصلاة ، وهو قاعد لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود
وجماع ذلك كله الذي يصلح :إتباع عادات السلف و أخلاقهم ، والاجتهاد عليه بحسب الامكان فمن لم يعتقد ذلك ولم يعرف أنه الادة ، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام ، مفسدة راجحة ، فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما كما يجب فعل أعضم الصلاحين بتفويت أدناهما " أ هـ كلام شيخ الاسلام من " مجموع الفتاوى " ( 1 / 374 – 376 ) .

وقال إمام أهل السنة في زمنه سماحة شيخنا ووالدنا عبدالعزيز بن باز – رحمه الله وجعل منقلبه إلى جنات عدن آمين - : " فقد بلغني أنّ كثيرا من المدرسين يأمرون الطلبة بالقيام لهم إذا دخلوا الفصول ولا شك أن هذا مخالف للسنة الصحيحة ، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن معاوية رضي الله عنه بإسناد صحيح
وخرّج الامام أحمد والترمذي بإسناد صحيح عن أنسرضي الله عنه قال : " لم يكن شخص أحب إليهم يعني الصحابة رضي الله عنهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا لا يقومون له إذا دخل عليهم لما يعلمون من كراهيته لذلك" أهـ من مجلة البحوث الاسلامية ع26 ص 347 ، بواسطة تذكرة الأنام

وهذا سؤال آخر ورد إلى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - نصه :
" س : ما حكم قيام الطالبات للمدرسة احتراماً لها ؟ "

فأجاب فضيلته بما نصه : ( إن قيام البنات للمدرّسة والبنين للمدرس أمر لا ينبغي ، وأقل ما فيه الكراهة الشديدة لقول أنس - رضي الله عنه - : " لم يكن أحد أحب إليهم يعني الصحابة - رضي الله عنهم - من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا يقومون له إذا دخل عليهم ، لما يعلمون من كراهته لذلك " ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحبّ أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار " .
وحكم النساء حكم الرجال في هذا الأمر . وفق الله الجميع لما يرضيه وجنبنا جميعا مساخطه ومناهيه ، ومنح الجميع العلم النافع ، والعمل به إنه جواد كريم .) أ.هـ من " فتاوى المرأة " ص26

نكتفي بهذه النقول على تبيان هذا الأمر ، وقد أطلنا النفس بعض الشيء فيه ، وما ذلك إلا لأهميته وجهل كثير من الناس به ، وقلة من يدندن حوله إلا من رحم الله – وقليل ما هم – راجين أن يكون فيما ذكرناه كفاية وذكرى للذين ينشدون الحق ويتجردون له
ومع عرضنا لهذه المسألة فإننا لم نغفل أن هناك من يقول بغير هذا القول من جواز القيام بل واستحبابه وعلى رأسهم بعض العلماء كالخطابي والنووي وغيرهم
لكن هذا لم يثنينا أن نعرض المسألة ونبين ما نراه أنه هو الصحيح ، فإننا – ولله الحمد – تخلينا عن التعصب إلا لأمر الله ورسوله ، ممتثلين في ذلك قول الله عزوجل: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول"

وقد استدل المجوزون للقيام بأدلة منها ما لا يصح سنده ، ومنها ما يصح سنده ولكنه لا يتعلق بهذا القيام المتنازع فيه انظر في ذلك ما نقله الحافظ – رحمه الله – عند كلامه على حديث سعد بن معاذ في كتاب المغازي من الفتح ، يظهر لك – إن شاء الله – الأمر جليا لا سيما إذا تأملت ردود الامام ابن الحاج – رحمه الله - على أدلة القوم

وأخيرا ، نوصي إخواننا بالتجرد للحق ومخالفة هوى النفس ، وأن لا يعرضوا عن الأحاديث الصحيحة الصريحة إلى نصوص لا دلالة صريحة فيها حول الأمر الذي ندندن حوله ، أو إلى قول أحد من الناس مهما كان مبلغه من العلم ، فإن أقوال الرجال يُحتّج لها لا بها ، والحق أحق أن يتبع وأمر آخر – وقبل أن نختم بحث المسألة – نحب الاشارة إليه والتنبيه عليه وهو احتجاج بعض الناس وفيهم بعض المتدينينن بأن هذا الأمر - أي القيام للداخل - قد انتشر وصار عادة متحكمة في الناس و لا يمكن أن نغيرها في يوم وليلة ، فالجواب أن نقول : نعم لا يمكن تغيير العادات المتحكمة عند عامة الناس في يوم وليلة ، فالواجب بيان السنة لهم بدلائلها وحثهم على التمسك بها ، وتحذيرهم من تقديم العادات والتقاليد الموروثة بينهم على ما جاء به الشرع المطهّر من الأحكام الشرعية والسنن المرضية ، وكل هذا يحتاج إلى اجتهاد من ذوي الشأن وهم أهل العلم وطلابه ، كما يحتاج إلى صبر وحكمة ومداومة ، هذا من جهة ومن جهة أخرى أقول: أخشى أن يكون في كلامكم كما يقولون ( وراء الأكمة ما ورائها ) ، فليس بعذر أن نسكت على المخالفات العديدة عند الناس بحجة أن الناس قد اعتادوا فعلها ، فهذه حجة باطلة ساقطة بل الواجب السعي الحثيث في بيان الحق للناس ، كلٌ حسب طاقته ، فإما أن نحيا فنرى ثمرات جهودنا قد ظهرت وانتشرت أو ( نموت فنُعذرا ) ونقول كما حكى الله في كتابه ( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا ، قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون ) الأعراف 164 ، والحمد لله رب العالمين.


- منقــــــول -






رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-15-2009, 01:52 PM
أم عبدالله الأثرية أم عبدالله الأثرية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 729
Post

جزاك الله خيراً أختي الفاضلة " مناصرة الرسول" على هذا النقل المبارك
للأسف نجد في أيامنا هذه من ينتسبون إلى الدين ممن يتمعر وجههم لطلبتهم إن لم يقوموا لهم والأدهى من ذلك أنهم يحيلون رغبتهم في قيام طلبتهم لهم إلى أمر الشرع !!
__________________
وعظ الشافعي تلميذه المزني فقال له: اتق الله ومثل الآخرة في قلبك واجعل الموت نصب عينك ولا تنس موقفك بين يدي الله، وكن من الله على وجل، واجتنب محارمه وأد فرائضه وكن مع الحق حيث كان، ولا تستصغرن نعم الله عليك وإن قلت وقابلها بالشكر وليكن صمتك تفكراً، وكلامك ذكراً، ونظرك عبره، واستعذ بالله من النار بالتقوى .(مناقب الشافعي 2/294)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-15-2009, 02:53 PM
مناصرة الرسول مناصرة الرسول غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: عمان-الأردن
المشاركات: 278
Post

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لمن أراد التزود من هذه المســألة فليقرأ كتاب

" أحكام الكلام عن مسألة القيــام "

للشيخ أبو طلحة عمر بن ابراهيــم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركــاته


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-15-2009, 05:15 PM
مناصرة الرسول مناصرة الرسول غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: عمان-الأردن
المشاركات: 278
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان الدوري مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيراً أختي الفاضلة " مناصرة الرسول" على هذا النقل المبارك
للأسف نجد في أيامنا هذه من ينتسبون إلى الدين ممن يتمعر وجههم لطلبتهم إن لم يقوموا لهم والأدهى من ذلك أنهم يحيلون رغبتهم في قيام طلبتهم لهم إلى أمر الشرع !!
وإيــاكم أختي الحبيبة

"إيمـــان الدوري"




رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-15-2009, 08:46 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختي المكرمة "مناصرة الرسول "على هذا النقل الطيب والمفيد والذي يمس فعلا واقعا نحن نعيشه
ومسألة القيام للغير في وقتنا الحالي تحتاج منا العمل بحديث" من أرضى الله بسخط الناس ، كفاه الله الناس ، و من أسخط الله برضى الناس ،وكله الله إلى الناس " أسأل الله أن نكون وقافين عند حدود الله ولا نخاف في ذالك لومة لائم
وأحسن الله إليك أختي
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-16-2009, 02:46 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اقتباس:
اقتباس من صاحبة الموضوع وفقها الله:
ولا عبرة بقول الشاعر شوقي :
قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا !!
لمخالفته قول رسول الله المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي كره القيام ، فكان من أحبه تستوجب له دخول النار
موضوع قيم يحتاج للتذكير به بعض -إن لم نقل كثير- من المعلمين والمدرسين الذين اتخذوا هذا الأمر عادة، توارثوها وورثوها للصغار! لعلي أنقله إن شاء الله لبعض المنتديات العامية حتى يعم النفع بإذن الله.

جزاك الله خيرًا. وبانتظار طيب مشاركاتك.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 08-17-2009, 02:38 AM
مناصرة الرسول مناصرة الرسول غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: عمان-الأردن
المشاركات: 278
Post

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وفيكم بارك أختاي الحبيبتان

"أم سلمة السلفية"

و

"أم زيـــــد"

و جزاكن الله خيرا

اللهم إنا نسألك الإخلاص والقبول.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:28 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.