أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
78106 85137

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-06-2023, 08:11 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي تقديس الأئمة والشيوخ أصل عند مخالفي السلفية



يسعى المخالفون إلى اتهام السلفيين بما يتلبّسون به من داء تقديس للأئمة وتقليدٍ مذموم لهم وتحويلِ أقوالهم إلى محور للولاء والبراء يكفِّرون أو يضلِّلون من خالفهم فيها، فهذا الداء متأصل في المخالفين، بل هو حجر الزاوية في تكوين مذاهبهم.

فمنذ أن ظهرت البدع الأولى في تاريخ الإسلام كالخوارج والشيعة والمعتزلة وهم ينتسبون إلى رؤوس القائلين بتلك البدعة.

فالعلامة الفارقة في الابتداع والمبتدعة هو الانتساب للأشخاص وبناء المذاهب على ما يقرّره رجل واحد في أصول الدين ومسائله، فإن ظهر في الطائفة من يقول بخلاف قول زعيمها استقلّ بجماعته وانشقّ عن الفرقة الأم.

فأشهر فرق الخوارج: الأزارقة نسبة لزعيمهم نافع بن الأزرق، والنجدات وكبيرهم نجدة بن عامر الحنفي، والصّفرية أتباع زياد بن الأصفر، والعجاردة أتباع عبد الكريم بن عجرد، ومثلهم الميمونية والثعالبة والإباضية وغيرهم، وهذا هو الشأن في أشهر فرق الشيعة والمرجئة والمعتزلة.

وبعد مفارقتهم لإجماع المسلمين يحصل الانشقاق الداخلي وتكثر التشظّيات داخل الفرقة الواحدة، وكلٌّ يحكم بضلال صاحبه أو كفره، هذا هو حال الفرق البدعية الأولى.

لم يتغير الأمر كثيرًا بعد ظهور الطوائف البدعية في القرون اللاحقة، والتي انتسبت لأشخاص وضعوا أصولها، وانتسب الناس إليهم كالكلابية والأشعرية والماتريدية وغيرهم.

فالحديث عن هذه الطوائف وغيرها هو حديث عن بضعة أفراد وضعوا رؤيتهم في أصول الدين بعد انقضاء نحو ثلاثة قرون على وفاة النبي صلى الله عليه وسلم واكتمال الدين، ووصلوا إلى خلاصات لم يعرفها المسلمون من قبل، ولم يقل بها أحد من علمائهم خلال تلك الحقبة الطويلة، بل أنكروها وصرّحوا بنقيضها، ثم أصبحت صياغة هؤلاء الأفراد لمباحث الاعتقاد هي الصيغة المعتمدة الوحيدة والتي يُحكم بضلال من خالفها وكفره.

فنحن لا نتكلم عن مجرد تبعيّة عمياء لآراء عالم من علماء المسلمين، بل هو تفرد بضعة رجال بوضع قواعد الاعتقاد واعتمادها من قبل أتباعهم كمعيار للاعتقاد السني المقبول، ورمي أي مخالف لها بالبدعة والشذوذ العقدي، وصولًا إلى اتهامه بالكفر.

هذا على مستوى الاعتقاد، أما في أبواب الفقه فألوان الغلو والتعصب للفقهاء كثيرة وصلت إلى حدّ وضع الحديث على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لمدح إمام مذهب أو ذم مخالفه، والقول ببطلان الصلاة خلف المخالِف في المذهب، وعدم صحة مناكحة نسائهم، وغير ذلك من ألوان الجنون وغياب العقل والتقوى.

وربما وصل الغلو في بعض الأئمة إلى اعتقاد عصمتهم من الخطأ، فيروَى عن صدر الدين الياسوفي -وهو من أعلام الشافعية- قوله: (كنت إذا سمعت شخصًا يقول: أخطأ النووي أعتقد أنه كفر)([2]).

ومن صور غلوّ المتفقهة في أئمتهم الجمود على كلامهم واختياراتهم ونزولهم إلى رتبة العوام الذين لا يسعهم إلا التقليد، بالرغم من أهلية طائفة منهم للنظر في الأدلة واستنباط الأحكام والترجيح بين الأقوال.

ولا يقتصر الغلوّ في المشايخ والأئمة عند مخالفي السلفية على مسائل الفقه والمعتقد، بل تعداه إلى مجال التعبّد والصلة بين العبد وربه، فأحدث الصوفية الغلو في الأولياء والشيوخ الصالحين، وظهرت ثنائية الشيخ والمريد الذي يُلزم نفسه بطاعة شيخه والتزام توجيهاته وابتغاء رضاه، وعندهم أن من لا شيخ له فشيخه الشيطان، وأن عليه التسليم الظاهري والباطني لتوجيهات الشيخ المربي حتى يكون معه كالميت بين يدي مُغسّله، فلا يعترض عليه ولا يجادله في أمر، ونحو ذلك من الغلو والتبعية العمياء، وإدخال البشر وسائط بين الناس وخالقهم سبحانه.

فأمر التعبّد عند غلاة التصوف لا يتم إلا بوجود الشيخ والطريقة والاعتقاد بمحورية الأولياء في الكون بشكل عامّ، وفي العلاقة بين العباد وخالقهم سبحانه على وجه الخصوص.

وهكذا فإن طريقة أهل البدع في تناولهم مسائل الدين العلمية والعملية قائمة على التمحور حول الأشخاص والجمود على أقوالهم والتقليد الأعمى لمذاهبهم والانتساب إليهم وتحويلهم إلى فيصل للتفرقة بين الحق والباطل والخطأ والصواب، فمن خالف اعتقاد الأشعري فقد هلك، ومن لم يتّخذ شيخًا يعلّمه آداب الطريق فشيخه الشيطان!

فالغلو في العلماء وتقديسهم هو الأصل الذي يقوم عليه وجود المبتدعة وكيانهم وبنيانهم، فمن لم يبصر ذلك وأنكر على السلفيين تعظيمهم لابن تيمية فهو كالذي يرى القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عينه، بل هو أشد من ذلك؛ لأنه يبهت مخالفيه بما هو متلبس به، ويرميهم بما هو متأصل فيه، وهم منه براء.

أما أتباع مذهب السلف فهم أبعد الناس عن تقديس الأئمة والعلماء والسقوط في هاوية التقليد الأعمى والاتباع المذموم للفقهاء والزهاد، فهم الأكثر تحررًا وانعتاقًا من اتباع آراء الرجال وتحويلها إلى معاقد للولاء والبراء حتى جاء في وصف السُني بأنه الذي (إذا ذُكرت عنده الأهواء لم يتعصب -أو يغضب- لشيء منها)([3]).

ومن مشهور كلام أحمد بن حنبل: (لا تقلِّدني، ولا تقلّد مالكا ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا)([4]).

فأشدّ المسلمين نهيًا عن التقليد المذموم والتبعية العمياء هم أتباع مذهب السلف قديمًا وحديثًا، والحديث عن هذا الأمر ركن أصيل في خطابهم ومشروعهم الفكري، وهو النهي عن التقليد والتمرد على الموروثات والرواسب والتقاليد المخالفة للدين في كل مسائله النظرية والعملية، وهذا هو الذي أحدث الشقاق بينهم وبين خصومهم.

بل إنّ التهرب من التقليد المذموم أوقع بعض السلفيين المعاصرين في ترك التمذهب المنضبط والتفقه على طريقة العلماء قديمًا وحديثًا، والجنوح نحو أقوال شاذة في الفقه حتى أصبحت تهمة الظاهرية تطاردهم إلى جانب التُهم الأخرى.


ملاحظة هذا المبحث منتقى من ورقة علمية بعنوان:
"مكانة ابن تيمية عند السلفيين في منظار الخصوم"
وهذا رابط المقال كاملا لمن اراد الاستزادة:
https://salafcenter.org/8213/
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:02 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.