أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
89189 50017

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الصحة و الأسرة و المجتمع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-01-2016, 08:15 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي الجوانب المغفول عنها في التربية /الشيخ د.عبدالعزيز السعيد



تربية الأولاد مسؤولية من أعظم المسؤوليات المناطة بالوالدين، والاجتهاد في التربية بر وأجر، وإضاعة الولد والتكاسل عن الواجب قطيعة وإثم؛ ولذا ترى هذه التربيةَ نصبَ عيني العاقل من الوالدين ، وهاجسا لا يفارق باله.
ولا شك أن هناك جوانب في التربية



يُعنى بها أكثر الناس، ويبذلون من أجلها الجَهد والنفيسَ من الوقت والمال، ويبحثون عن أسبابها ووسائلها، ولا ضير عليهم في ذلك، وهم مأجورون مع حسن القصد، ما لم يكن محظور شرعي، ولكن ثمة جوانب في تربية الأولاد يغفل عنها كثير من الآباء والأمهات، وهي أساس في التربية الصالحة، ومن أنجع أسبابها، بل هي لبها وخلاصتها، وهي بين يديك لا تحتاج منك إلى استيراد، ولا شراء، ولا تدريب مدرب، ولا اكتساب مهارات، ولكنها منحة الرب الكريم فاقبلوها وأقبلوا عليها، بصدق وإخلاص وعزيمة.


إنها جوانب ثلاثة، غاية في الأهمية، غاية في اليسر، غاية في الحق، غاية في عظيم الأثر، لكن لمن فعلها موقنا لا مجربا ولا شاكا، ولمن ألقى السمع وهو شهيد.


أحدها: شكر الله على نعمة الولد؛ إذ الولد نعمة من نعمه سبحانه وتعالى، ذكره في سياق امتنانه على عباده، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أ َنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } [النحل: 72]


والنعم تستدعي شكر الله، وشكره جل وعلا يكون بامتثال أمره فيها، وفي الولد يكون باستصلاحه والقيام على شأنه، وعندئذ يوجب الله لك الزيادة بوعده الصادق { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُم ْلَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنّ َعَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]


ومن ذلك أن يجعله ولدا صالحا، ينفعك الله به في حال حياتك، وبعد مماتك، وتلك الغاية المطلوبة في الولد؛ ولهذا وقعت البشارة به، كما في قوله تعالى مبشرا خليله إبراهيم بإسحق عليهما السلام {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 112]، ومبشرا زكريا بيحيى عليهما السلام {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَقَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنّ َاللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آلعمران: 39]


ومبشرا الصديقة مريم بعيسى عليه السلام {وَيُكَلِّم ُالنَّاسَ فِي الْمَهْد ِوَكَهْلًا وَمِن َالصَّالِحِينَ } [آلعمران: 46] وقال صلى الله عليه وسلم في بيان أثر الوالد الصالح على والده، وفي ذلك إشارة إلى استصلاح الولد «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلامن ثلاثة :


صدقة جارية،أو علم يُنْتَفَعُ به،أو ولدصالح يدعو له». أخرجه مسلم


فكن شاكرا لهذه النعمة: نعمةِ الولد، بأداء حق الله عليك فيها، فذاك من أعظم السبل التي يصلح الله بها لك ذريتك.


وثانيها: دعاء الله بصلاح الذرية قبل وجودها وبعده ؛ فإن الهداية والصلاح بيد الله وحده لا شريك، وقلوب العباد بين أصبعين من أصابعه، من شاء هداه ومن شاء أزاغه؛ ولهذا توجه النبيون والصالحون لربهم يسألونه صلاح ذرياتهم، كما في قوله تعالى خبرا عن إبراهيم عليه السلام :{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35]


وقولِه تعالى عنه :{ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ } [إبراهيم: 40] وقوله تعالى عنه:{ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ } [الصافات: 100] وقوله تعالى عنه وعن إسماعيل عليهما السلام { رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 128]


وقوله عن لوط عليه السلام { رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } [الشعراء: 169] وعن زكريا عليه السلام { قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ } [آل عمران: 38] وعن امرأة عمران حين وضعت مريم { وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [آل عمران: 36] وعن أهل الصلاح من عباده {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } [الفرقان: 74]{ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [الأحقاف: 15]


وفي الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم:« لوأن أحدَكم قال – إِذاأراد أن يأتي أهله قال:بسم الله،اللهم جَنِّبنا الشيطان. وجنب الشيطان مارزقتنا،ثم قُدِّر بينهما في ذلك ولد. لم يضُره شيطان أبدا». أخرجه البخاري،ومسلم.


وثالث الجوانب التي غُفل عنها : تقديم حظ الآخرة على حظ الدنيا في التربية، على معنى أنهيجب على المرء أن يعنى أصالة في تربية أولاده على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم خلقوا لذلك، لكن كثير من الناس يعكس القضية، أو يهمل حظ الآخرة، فيسلط اهتمامه على أمر الدنيا ويغفل عن أمر الآخرة، فترى بعض الوالدين يحرص على دراسة الولد ووظيفته ونظافته وصحته ووسائل رفاهيته


لكنه لا يحرص على عقيدته وصلاته وصيامه وبعده عن الفواحش والمنكرات وأسبابها، فانظر مثلا إلى الوالد الذي يحرص على إيقاظ الولد للدراسة أو الوظيفة، ولكنه لا يحرص على إيقاظه للصلاة، وانظر إلى الوالد الذي يحرص على أن يحصل ولده على شهادة، أو يحقق إنجازا، أو يكون ممن يشار إليه بالبنان لتفوقه في مجال من المجالات


ولكنه لا يحرص على أن يكون سباقا إلى الصف الأول، ولا مستكثرا من النوافل، ولا شاهدا لحلق القرآن والعلم، ولا كافا عن حرمات الله، وانظر إلى الوالدة التي تحرص على أن تكون ابنتها محصّلة أحسن الثياب، متجمّلة بأفضل أدوات الزينة، فائقة صواحبها في ذلك


ولكنها لا ترعى سترها وحجابها وعدم خلوتها بالأجانب من سائق ونحوه،والأمثلة ليس له حصر، وكلنا شاهد على نفسه مع أولاده، وكلنا لا يجهل هذا، ولكن حب الدنيا قد يطغى فيعمي ويصم.



والواجب عليك ـ أيها الوالد ـ أن تعنى بحياة ولدك الباقية، وهي حياة الآخرة ؛إن كنت صادقا في محبة ولدك، وتريد له الحياة السعيدة، وتريد أن ينالك برُه، وتبرأ ذمتك من تبعاته


لكن لا يعني ذلك إهمال ما يصلح حاله في الدنيا، فإن من ذلك ما هو واجب عليك، ومنه ما هو من المستحبات، وإنما المقصود إعطاء الأمرِ الديني حظه من التربية، قال الله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]


والوالد مأمور بفعل الأسباب، فإذا فعل ما أُمر به، فقد أدّى الأمانة، وبرئت ذمته، صلح الولد بعد ذلك أو لم يصلح، قال تعالى:{ إِنَّكَ لَاتَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } [القصص: 56]



__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:53 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.