أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
82110 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-18-2011, 01:12 PM
مدحت كركوكلي مدحت كركوكلي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
المشاركات: 4
Thumbs up هل يجوز أن يُرمَى بالإرجاء من يقول : " إنَّ الإيمانَ أصلٌ والعملَ كمالٌ ( فرعٌ )

هل يجوز أن يُرمَى بالإرجاء من يقول :
" إنَّ الإيمانَ أصلٌ والعملَ كمالٌ ( فرعٌ ) "؟ ( )

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه .
أما بعد :
فإن الله قال في محكم كتابه عن أهل الضلال :
( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ) سورة الحج(آية 9-10)
وقال تعالى : ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فانه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) الحج (آية3-4) .
وقال تعالى في شأن أحزاب الكفر والضلال : ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ) .
هذه في أعداء الرسل الذين كذبوهم وحاربوهم بأشد أنواع الحرب والأذى والكذب عليهم والافتراء .
ولأهل البدع والأهواء والضلال نصيب من العداوة للحق وأهله وحربهم بالأكاذيب والشائعات وجدالهم بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن جدالهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير .
ولهم نصيب من الوعيد الذي توعد الله به أعداء الحق وأعداء الرسل ولهم نصيب من الذم الذي ذم الله به أهل الباطل والهوى .
ومن أهل الأهواء والضلال المحاربين للحق وأهله فرقة الحدادية التي أنشئت في الظلام لحرب أهل السنة السابقين واللاحقين ولحرب عقائدهم وأصولهم وهدمها .
وحربهم هذه لا تقوم على شيء من الحق ولا من العلم والهدى ,وإنما تقوم على الكذب والجهل والخيانات ,الأمور التي لا غبار عليها ولا مخرج لهم منها ,ولا عذر لهم فيها ؛فإنها أمور واضحة مكشوفة لكل ذي عقل وبصر وبصيرة ,ونحن لا نكفرهم -وإن كفرونا بغياً وعدواناً- (!!) ولكنهم عندنا من شر أهل البدع وأجهلهم .
ولقد اخترعوا أصولاً لا علاقة لها بالكتاب والسنة لا من قريب ولا من بعيد ,منها :
1- جنس العمل ؛ وهو لفظ لا وجود له في الكتاب والسنة ولا خاصم به السلف ولا أدخلوه في قضايا الإيمان ,اتخذوه بديلاً لما قرره السلف من أن العمل من الإيمان وأن الإيمان قول وعمل واعتقاد ,يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي .
وإذا أخذوا بهذا الكلام على مضض فلا يكفي عندهم أن يقول السلفي :
الإيمان قول وعمل واعتقاد ويزيد وينقص حتى لا يبقى منه إلا مثقال ذرة وأدنى أدنى من مثقال ذرة كما نطقت به الأحاديث النبوية الصحيحة .
بل أوجبوا على الناس أن يقولوا : (حتى لا يبقى منه شيء) والذي لا يقول بهذه الزيادة فهو عندهم مرجئ غال وحتى ولو قالها بعض أهل السنة فهم عندهم مرجئة رغم أنوفهم !!
فعلى عقيدتهم هذه يكون حوالي تسعة وتسعون بالمائة من أهل السنة وأئمتهم مرجئة
وإذا بين لهم خطورة تأصيلهم وفساده ازدادوا عناداً وحرباً على أهل السنة .
2- الذي لا يبدع من لا يكفر تارك جنس العمل فهو عندهم مرجئ غال رمزاً إلى تكفيره .
وحتى وإن كفر تارك جنس العمل فهو مرجئ عندهم لماذا ؟ .
لأنهم قد فصلوا ثوب الإرجاء ليقمصوا به أهل السنة شاءوا أم أبوْا !!
3- أئمة الجرح والتعديل والحديث عندهم ليسوا أهلاً للحكم على أهل البدع وقواعدهم لا تنطبق على أهل البدع ؛ لأن هذه المرتبة إنما هي للعلماء ؛ أي علماء الحدادية الجهلة المجهولين ,فإن هؤلاء لهم الحق أن يبدعوا وأن يكفروا بالجهل والظلم .
4- بعض أصولهم ضللت الأئمة وبعضها من صنع الشيطان .
5- أحكام في التكفير تفوق أحكام الخوارج .
فمن لم يقلد فالحاً وأمثاله فقد نسف رسالات الرسل والكتب التي نزلت عليهم .
والذي يرضَى غيرَهُ من العلماء حَكَماً فقد كذًّب القرآن والسنة وكذَّب الإسلام .
6- إلى افتراءات واتهامات بالكفر لمن ينصحهم أو يخالفهم في تلك الأمور التي انفردت بها هذه الطائفة ,وقد ناقشناهم فيها وبينا أكاذيبهم وأباطيلهم وجهالاتهم .
واليوم نحن مع أصل من أصولهم الهدامة ألا وهو أن من يقول إن الإيمان أصل والعمل كمال ( فرع ) فهو مرجئ !
وبهذا الأصل الهدام يهدمون أهل السنة وعلماءهم !
وسوف أسوق مقالات لعدد من فحول أئمة السنة وعظمائهم يقولون فيها : إن الإيمان أصل والعمل كمال أو تمام أو فرع أو فروع .
وننتظر من هؤلاء الحدادية إما إعلان ندمهم وتوبتهم من هذه المجازفات أو التمادي في أحكامهم وأباطيلهم فيعرف الناس مكانهم من السنة وأهلها .

لا يجوز أن يُرمى بالإرجاء من يقول :
" إنَّ الإيمان أصل وفرع " لأنَّ هذا يقتضي تضليل علماء الأمة
ومنهم الأئمة الآتي ذكرهم وأقوالهم :
وقبل أن أورد كلام الأئمة أسوق بعض الأدلة في هذا الشأن:
قال الإمام أحمد-رحمه الله- في مسنده ( 6/47, 99) :
حدثنا إسماعيل ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عائشة رضي الله عنه قالت :قال رسول صلى الله عليه وسلم :"إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله" .
إسناد هذا الحديث صحيح إن سلم من إرسال أبي قلابة وأخرجه ابن أبي شيبة في الإيمان برقم ( 19 )قال حدثنا حفص عن خالد به .
و له شاهد من حديث أبي هريرة قال أبو داوود في سننه ( 5 /60 ): حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقاً ".
وأخرجه أحمد في مسنده ( 2/250 و472 )وابن أبي شيبة في الإيمان من طريقين برقم (18و20 ) والترمذي (2/454 رقم 1162 ) وقال : حديث أبي هريرة هذا حديث : حسن صحيح .
وله شاهد آخر من حديث أبي أمامة مرفوعاً ولفظه " من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان " أخرجه أبو داود(5/60 رقم 4681 )وشاهد آخر من حديث سهل بن معاذ عن أبيه ويروى من طريقين ضعيفين يقوي أحدهما الآخر .
وكتب عمر بن عبدالعزيز – رضي الله عنه – إلي عدي بن عدي :
" أن للإيمان فرائض وشرائع وحدوداً وسنناً فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بهاوإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص " أخرجه ابن أبي شيبة في الإيمان ( 45رقم 135 ) بإسناد
"صحيح" وأورده البخاري في كتاب الإيمان معلقاً (1/19 ).
أقول:
وهذه الأحاديث تدل على أن للإيمان أصلاً وكمالاً إذ الكمال لا يقوم إلا على أصل.

كلام الأئمة
1- قال الإمام محمد بن إسحاق بن منده في كتابه الإيمان (1/331-332) بعد أن ذكر أقوال الطوائف في الإيمان :
" وقال أهل الجماعة: الإيمان هو الطاعات كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح غير أن له أصلا وفرعا .
فأصله المعرفة بالله والتصديق له وبه وبما جاء من عنده بالقلب واللسان مع الخضوع له والحب له والخوف منه والتعظيم له ,مع ترك التكبر والاستنكاف والمعاندة ,فإذا أتى بهذا الأصل فقد دخل في الإيمان ولزمه اسمه وأحكامه ,ولا يكون مستكملا له حتى يأتي بفرعه وفرعه المفترض عليه أو الفرائض واجتناب المحارم ,وقد جاء الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الإيمان بضع وسبعون أو ستون شعبة أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) .
فجعل الإيمان شعبا بعضها باللسان والشفتين ,وبعضها بالقلب ,وبعضها بسائر الجوارح " .
وقال أيضا في كتاب الإيمان (1/350) : " قال الله عز وجل ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ) .
فضربها مثلاً لكلمة الإيمان وجعل لها أصلا وفرعا وثمرا تؤتيه كل حين " .
أقول : بيَّن الإمام ابن منده عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان وأنه أصل وفرع وبيَّن أن أصل الإيمان محله القلب وأنه يكون بأمور منها:
المعرفة بالله والتصديق لله و به وبما جاء من عنده بالقلب واللسان مع الخضوع والحب والخوف والتعظيم الخ .
وذكر أنه لا يستكمله العبد إلا إذا أتى بفروعه المفروضة عليه مع اجتناب المحارم واستدل على ذلك بحديث شعب الإيمان .
وفي النص الثاني ساق الآية الكريمة : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) الآية .
ثم قال فضربها مثلاً لكلمة الإيمان وجعل لها أصلا وفرعا وثمراً .
فما رأي أهل الشغب في أهل السنة والجماعة الذين حكى عقيدتهم ومذهبهم هذا الإمام وساق بعض أدلتهم أهم مرجئة ؟! أم هم أهل السنة حقاً ؟
نريد الإجابة الصادقة الصريحة .
2- وقال الإمام محمد بن نصر المروزي – رحمه الله- خلال مناقشته للمرجئة : "فلما أقرت المرجئة بأن الإقرار باللسان هو إيمان يكمل به تصديق القلب , ولا يتم إلا به , ثم بيَّن الله تعالى لنا , والرسول صلى الله عليه وسلم : أنه أول الإسلام , ثبت أن جميع الإسلام من الإيمان , فإن يكن شيء من الإسلام ليس من الإيمان , فالإقرار الذي هو أول الإسلام ليس من الإيمان ، فبإيجابهم أن أول الإسلام بجارحة اللسان هو من الإيمان بالله , يلزمهم أن يجعلوا كلما بقى من الإسلام من الإيمان بعد ما سمى الله عز وجل , والرسول الإقرارَ باللسان إيماناً , ثم شهدت المرجئةُ أن الإقرار الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم إسلاماً هو إيمان , فما بال سائر الإسلام لا يكون من الإيمان , فهو في الأخبار من الإيمان , وفي اللغة , والمعقول كذلك , إذ هو خضوع بالإخلاص , إلا أن له أصلاً وفرعاً , فأصله الإقرار بالقلب عن المعرفة , وهو الخضوع لله بالعبودية , والخضوع له بالربوبية , وكذلك خضوع اللسان بالإقرار بالإلهية بالإخلاص له من القلب , واللسان , أنه واحد لا شريك له ثم فروع هذين الخضوع له بأداء الفرائض كلها , ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وإقام الصلاة , وإيتاء الزكاة " وما عدا من الفرائض , فَلِمَ جَعَلَتِ المرجئةُ الشهادةَ إيماناً , ولم تجعل جميع ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الإسلام إيماناً ؟! وكيف جعلتْ بعض ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم إسلاماً إيماناً , ولم تجعل جميعه إيماناً وتبدأ بأصله , وتتبعه بفروعه , وتجعله كله إيماناً ؟! " تعظيم قدر الصلاة (2/701-702) .
أ - انظر إلى قوله عن الإيمان : " إلا أن له أصلاً وفرعاً , فأصله الإقرار بالقلب عن المعرفة , وهو الخضوع لله بالعبودية , والخضوع له بالربوبية ... الخ .
ب – وانظر إلى قوله : " ثم فروع هذين الخضوع له بأداء الفرائض كلها " أي أعمال الجوارح " .
جـ - وإلى قوله : " وكيف جعلت بعض ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم إسلاماً إيماناً , ولم تجعل جميعه إيماناً وتبدأ بأصله , وتتبعه بفروعه , وتجعله كله إيماناً ؟! " .
– وقال أيضاً : " وقالت طائفة أخرى أيضاً من أصحاب الحديث بمثل مقالة هؤلاء ( ) إلا أنهم سموه مسلماً لخروجه من ملل الكفر، ولإقراره بالله، وبما قال، ولم يسموه مؤمناً، وزعموا أنه مع تسميتهم إياه بالإسلام كافرٌ، لا كافر بالله، ولكن كافر من طريق العمل، وقالوا: كفر لا ينقل من الملة، وقالوا: محال أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم (( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن))، والكفر ضد الإيمان، فلايزول( ) عنه اسم الإيمان إلا واسم الكفر لازم له، لأن الكفر ضد الإيمان إلا أن الكفر كفران: كفر هو جحد بالله، وبما قال، فذلك ضد الإقرار بالله، والتصديق به، وبما قال، وكفر هو عمل ضد الإيمان الذي هو عمل، ألا ترى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقة))، قالوا : فإذا لم يؤمن فقد كفر، ولا يجوز غير ذلك إلا أنه كفر من جهة العمل [ إذ لم يؤمن من جهة العمل ] لأنه لا يضيع المفترض عليه , ويركب الكبائر إلا من خوفه( ), وإن ما يقل خوفه من قلة تعظيمه لله, ووعيده, فقد ترك من الإيمان التعظيم الذي صدر عنه الخوف والورع عن الخوف, فأقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنه (( لا يؤمن إذا لم يأمن جاره بوائقه )).
ثم قد روى جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(( قتال المسلم كفر )), وأنه قال :(( إذا قال المسلم لأخيه )):( يا كافر ) ولم يكن كذلك فقد باء بالكفر فقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم بقتاله أخاه كافراً, وبقوله له: يا كافر؛ كافراً وهذه الكلمة دون الزنا, والسرقة, وشرب الخمر.
قالوا: وأما قول من احتج علينا, فزعم أنا إذا سميناه كافراً, لزمنا أن نحكم عليه بحكم الكافرين بالله, فنستتيبه, ونبطل الحدود عنه, لأنه إذا كفر, فقد زالت عنه أحكام المؤمنين, وحدودهم, وفي ذلك إسقاط الحدود, وأحكام المؤمنين عن كل من أتى كبيرة, فإنا لم نذهب في ذلك إلى حيث ذهبوا .
ولكنا نقول: للإيمان أصل وفرع, وضد الإيمان الكفر في كل معنى, فأصل الإيمان: الإقرار والتصديق, وفرعه إكمال العمل بالقلب, والبدن, فضد الإقرار والتصديق الذي هو أصل الإيمان : الكفر بالله, وبما قال, وترك التصديق به, وله.
وضد الإيمان الذي هو عمل، وليس هو إقرار، كفر، ليس بكفر بالله [ينقل عن الملة ،] ولكن كفر يضيع العمل كما كان العمل إبماناً، وليس هو الإيمان الذي هو إقرار بالله، فكما كان من ترك الإيمان الذي هو إقرار بالله كافراً يستتاب، ومن ترك الإيمان الذي هو عمل مثل الزكاة، والحج، والصوم، أو ترك الورع عن شرب الخمر، والزنا، فقد زال عنه بعض الإيمان، ولا يجب أن يستتاب عندنا، ولا عند من خالفنا من أهل السنة، وأهل البدع ..." [تعظيم قدر الصلاة (2/517-519)] .
والشاهد في قول هذه الطائفة من أهل السنة ( ولكنا نقول: للإيمان أصل وفرع, وضد الإيمان الكفر في كل معنى, فأصل الإيمان: الإقرار والتصديق, وفرعه إكمال العمل بالقلب, والبدن) .
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
أ-" ثم هو في الكتاب بمعنيين(2)‏ :‏ أصل ،وفرع واجب ،فالأصل الذي في القلب وراء العمل ؛ فلهذا يفرق بينهما بقوله‏:‏ ‏( آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏ )‏ ‏[‏البينة‏:‏7‏]‏ والذي يجمعهما كما في قوله‏:‏ ‏( ‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ‏ ) ‏[‏الأنفال‏:‏2‏]‏، و( ‏لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ‏ ) ‏ ‏[‏التوبة‏:‏44‏]‏‏.‏ وحديث الحياء، ووفد عبد القيس،وهو مركب من أصل لا يتم بدونه، ومن واجب ينقص بفواته نقصًا يستحق صاحبه العقوبة، ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة، فالناس فيه ظالم لنفسه ومقتصد وسابق، كالحج وكالبدن والمسجد وغيرها من الأعيان، والأعمال والصفات، فمن سواء أجزائه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل ومنه ما نقص عن الكمال، وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات، ومنه ما نقص ركنه وهو ترك الاعتقاد والقول، الذي يزعم المرجئة والجهمية أنه مسمى فقط، وبهذا تزول شبهات الفرق، وأصله القلب وكماله العمل الظاهر، بخلاف الإسلام فإن أصله الظاهر، وكماله القلب‏ ".‏ ( )
- أقول :
ففي هذا النص جعل الشيخ الإسلام للإيمان معنيين أصلاً وفرعاً و أشار إلى كون العمل كمالاً للإيمان بقوله "فمن سواء أجزائه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل ومنه ما نقص عن الكمال وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات إلخ وأكد هذا التقرير بقوله عن الإيمان :"وأصله القلب وكماله العمل الظاهر .
وقال عن الفرق بينه وبين الإسلام : ( بخلاف الإسلام ) فإن أصله الظاهر ,وكماله القلب " .
فماذا يقول المتطفلون على علوم الإسلام وعقائده في هذا الإمام الجهبذ وفي تقريره هذا
عن الإيمان والعمل ؟!!.
ب- وقال -رحمه الله- : " والدين القائم بالقلب من الإيمان علمًا وحالًا هو الأصل، والأعمال الظاهرة هي الفروع، وهي كمال الإيمان‏ .‏
فالدين أول ما يبنى من أصوله ويكمل بفروعه، كما أنزل اللّه بمكة أصوله من التوحيد والأمثال التي هي المقاييس العقلية، والقصص، والوعد، والوعيد، ثم أنزل بالمدينة ـ لما صار له قوة ـ فروعه الظاهرة من الجمعة والجماعة، والأذان والإقامة، والجهاد، والصيام، وتحريم الخمر والزنا، والميسر وغير ذلك من واجباته ومحرماته‏.‏
فأصوله تمد فروعه وتثبتها، وفروعه تكمل أصوله وتحفظها، فإذا وقع فيه نقص ظاهر فإنما يقع ابتداء من جهة فروعه ؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏( ‏أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة‏ ) .( )
صرح شيخ الإسلام هنا بأن الإيمان هو الأصل والأعمال الظاهرة هي الفروع وهي كمال الإيمان وأن أصوله تمد فروعه وتثبتها وأن فروعه تكمل أصوله .
ج- وقال -رحمه الله- : " وأما قولهم :إن الله فرق بين الإيمان والعمل في مواضع ,فهذا صحيح . وقد بينا أن الإيمان إذا أطلق أدخل الله ورسوله فيه الأعمال المأمور بها .
وقد يقرن به الأعمال ,وذكرنا نظائر لذلك كثيرة ؛ وذلك لأن أصل الإيمان هو ما في القلب .والأعمال الظاهرة لازمة لذلك . لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح ,بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب ؛فصار الإيمان متناولاً للملزوم واللازم وإن كان أصله ما في القلب ؛ وحيث عطفت عليه الأعمال ,فإنه أريد أنه لا يكتفي بإيمان القلب بل لا بد معه من الأعمال الصالحة " .( )
وهنا ذكر شيخ الإسلام أن أصل الإيمان هو ما في القلب وأن الأعمال الظاهرة لازمة له.
ولا يريد بهذا التلازم إلا التلازم بين الأصل وفروعه .
د- وقال -رحمه الله- : " وكذلك يذكر الإيمان أولاً لأنه الأصل الذي لا بد منه .
ثم يذكر العمل الصالح فإنه أيضاً من تمام الدين لا بد منه ,فلا يظن الظان اكتفاءه بمجرد إيمان ليس معه العمل الصالح " .( )
وهنا بين شيخ الإسلام عن الإيمان هو الأصل الذي لا بد منه وأن العمل الصالح من تمام الدين لا بد منه ".
فأنت ترى أنه أعتبر العمل من تمام الدين يعنى الإيمان ,وهذا أمر يبِّدع به أهل الفتن فهل من مدكر ".
هـ- وقال -رحمه الله- : " ثم أكثر المتأخرين الذين نصروا قول جهم يقولون بالاستثناء في الإيمان ,ويقولون :(( الإيمان في الشرع )) هو ما يوافي به العبد ربه ,وإن كان في اللغة أعم من ذلك ,فجعلوا في ((مسألة الاستثناء )) مسمى الإيمان ما ادعوا أنه مسماه في الشرع ,وعدلوا عن اللغة ,فهلا فعلوا هذا في الأعمال . ودلالة الشرع على أن الأعمال الواجبة من تمام الإيمان لا تحصى كثرة ,بخلاف دلالته على أنه لا يسمى إيمانا ؛ إلا ما مات الرجل عليه فإنه ليس في الشرع ما يدل على هذا ,وهو قول محدث لم يقله أحد من السلف " .( )
انظر إلى شيخ الإسلام كيف صرح أن دلالة الشرع على أن الأعمال الواجبة من تمام الإيمان لا تحصى كثرة أي أنها من كمال الإيمان فقد جعل الأعمال الواجبة من تمام الإيمان.
وهذا أمر منكر وإرجاء خطير عند جهال أهل الفتن والشغب فماذا يقول فيهم من يهون من شأنهم و من خطر فتنتهم؟" ويرى أنه يجب السكوت عنهم .
و- وقال -رحمه الله- : " وإذا ذكر اسم الإيمان مجرداً، دخل فيه الإسلام والأعمال الصالحة،كقوله في حديث الشعب‏ : ‏‏( ‏الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها‏:‏ قول لا إله إلا اللّه، وأدناها‏:‏ إماطة الأذى عن الطريق ‏)‏‏.‏ وكذلك سائر الأحاديث التي يجعل فيها أعمال البر من الإيمان‏.‏
ثم إن نفي ‏‏الإيمان‏ عند عدمها ،دل على أنها واجبة ،وإن ذكر فضل إيمان صاحبها -ولم ينف إيمانه- دلَّ على أنها مستحبة ؛فإن اللّه ورسوله لا ينفي اسم مسمى أمر - أمر اللّه به ورسوله -إلاَّ إذا ترك بعض واجباته ،كقوله ‏: ‏‏( ‏لا صلاة إلا بأم القرآن‏ ) ‏،وقوله‏ : ‏‏( ‏لا إيمان لمن لا أمانة له ،ولا دين لمن لا عهد له ‏)‏ ونحو ذلك‏.‏
فأما إذا كان الفعل مستحباً في العبادة لم ينفها لانتفاء المستحب ،فإن هذا لو جاز ،لجاز أن ينفي عن جمهور المؤمنين اسم الإيمان والصلاة والزكاة والحج ؛لأنه ما من عمل إلا وغيره أفضل منه‏ .‏ وليس أحد يفعل أفعال البر مثل ما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ؛بل ولا أبو بكر ولا عمر‏.‏ فلو كان من لم يأت بكمالها المستحب يجوز نفيها عنه، لجاز أن ينفي عن جمهور المسلمين من الأولين والآخرين، وهذا لا يقوله عاقل‏.
فمن قال‏:‏ إن المنفي هو الكمال، فإن أراد أنه نفي الكمال الواجب الذي يذم تاركه ويتعرض للعقوبة ،فقد صدق‏.‏ وإن أراد أنه نفي الكمال المستحب ،فهذا لم يقع قط في كلام اللّه ورسوله ،ولا يجوز أن يقع ؛فإن من فعل الواجب كما وجب عليه ،ولم ينتقص من واجبه شيئاً ،لم يجز أن يقال ‏:‏ ما فعله لا حقيقة ولا مجازاً‏ .‏ فإذا قال للأعرابي المسيء في صلاته ‏:‏‏( ‏ارجع فَصَلِّ ،فإنك لم تُصَلِّ‏ ) ‏،وقال لمن صلى خلف الصف-وقد أمره بالإعادة - ‏: ‏‏( ‏لا صلاة لفَذٍّ خلف الصف‏ )‏ كان لترك واجب، وكذلك قوله تعالى‏:‏ ‏( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) ‏[‏الحجرات‏:‏15‏]‏،يبين أن الجهاد واجب، وترك الارتياب واجب " ‏.(‏ )
ذكر شيخ الإسلام هنا حديث" الإيمان بضع وسبعون شعبة ,وذكر أن أعمال البر من الإيمان ,وذكر ما يفيد أن للإيمان كمالا واجبا وكمالا مستحبا ,وأنه إذا نفي الإيمان عن المسلم فإنما يراد بهذا النفي نفي الكمال الواجب لا الكمال المستحب .
مثل " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " ,فنفي الصلاة هنا عن من لم يقرأ بأم القرآن دليل على وجوب قراءة الفاتحة لا استحبابها وبعض العلماء يقول إن النفي هنا نفي للكمال الواجب لا نفي لحقيقة الصلاة .
ونفي الإيمان عن من لا أمانة له يدل على أن الأمانة من الواجبات وهي من كمال الإيمان ,وليس المراد بنفي الإيمان عنه أنه كافر خارج من ملة الإسلام .
وننبه القارئ هنا على أن هذا الحديث ضعيف ,وقد يكون عند شيخ الإسلام صالحاً للاحتجاج به ,وعلى كل حال فإن قصد شيخ الإسلام من التمثيل به في مثل هذا السياق بيان أن مثل هذا النفي إنما يراد به نفي الكمال الواجب لا نفي حقيقة الإيمان ولا نفي الكمال المستحب .
ويلتحق بهذا مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن "متفق عليه .
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم :" والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل: ومن يا رسول الله قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه " متفق عليه واللفظ للبخاري .
فليس المراد هنا تكفير هؤلاء العصاة بالكبائر التي ارتكبوها ولا إخراجهم من الإسلام كما يعتقد الخوارج وليس المراد نفي كمال الإيمان المستحب عنهم وإنما المراد نفي الكمال الواجب .
فالذي لا يجيز أن يقال إن للإيمان كمالا وتماما ماذا يقول في نفي الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والمنتهب ومؤذي جاره ؟ .
إن قال المراد نفي الكمال الواجب تبين بطلان مذهبه في رمي من يقول بأن الإيمان أصل والعمل كمال .
وإن قال إن المنفي عن العاصي : الزاني وغيره إنما هو الإيمان المقابل للكفر الأكبر المخرج من الإسلام ,فقد نادى على نفسه بأنه من الخوارج المكفرين بالذنوب .
ح- وقال رحمه الله تعالى في المجموع (13/157-159) : " وقال‏:‏‏( ‏ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء )‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏24-27‏]‏ .
والأصول مأخوذة من أصول الشجرة وأساس البناء ؛ولهذا يقال فيه ‏:‏ الأصل ما ابتنى عليه غيره ،أو ما تفرع عنه غيره‏ .‏
فالأصول الثابتة هي أصول الأنبياء ،كما قيل‏:‏
أيها المغتدي لتطلب علمــا ** كل علم عبد لعلم الرســول
تطلب الفرع كي تصحح حكما ** ثم أغفلت أصل أصل الأصـول
واللّه يهدينا وسائر إخواننا المؤمنين إلى صراطه المستقيم ،صراط الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا‏.‏
وهذه الأصول ينبني عليها ما في القلوب ،ويتفرع عليها‏.‏
وقد ضرب اللّه مثل الكلمة الطيبة التي في قلوب المؤمنين، ومثل الكلمة الخبيثة التي في قلوب الكافرين‏.‏ و‏‏الكلمة‏ هي قضية جازمة وعقيدة جامعة، ونبينا صلى الله عليه وسلم أوتي فواتح الكلام،وخواتمه وجوامعه، فبعث بالعلوم الكلية والعلوم الأولية والآخرية على أتم قضية، فالكلمة الطيبة في قلوب المؤمنين -وهي العقيدة الإيمانية التوحيدية- كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، فأصل أصول الإيمان ثابت في قلب المؤمن كثبات أصل الشجرة الطيبة وفرعها في السماء‏ ( ‏إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ‏ )‏ [‏ فاطر‏:‏10‏]‏ واللّّه -سبحانه- مَثَّل الكلمة الطيبة ،أي‏ :‏ كلمة التوحيد ،بشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء‏ " .‏
وهنا استدل شيخ الإسلام بهذه الآية التى ضرب الله فيها المثل للكلمة الطيبة كلمة التوحيد والإيمان بالشجرة الطيبة لها أصل ثابت وفرعها في السماء فكما أن لهذه الشجرة الطيبة أصل يقوم عليها فروع ولها ثمار طيبة كذلك شجرة الإيمان لها أصل ثابت ولها فروع وثمار طيبة والأصل كما قال ما انبنى عليه غيره أو ما تفرع عنه غيره .
هكذا يفهم العلماء الراسخون القرآن وأمثاله المضروبه وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- :
" قال عمر بن عبد العزيز : " من عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح " فأما العمل الصالح بالباطن والظاهر : فلا يكون إلا عن علم ، ولهذا أمر الله ورسوله بعبادة الله والإنابة إليه ، وإخلاص الدين له ونحو ذلك ، فإن هذه الأسماء تنتظم العلم والعمل جميعاً : علم القلب وحاله ، وإن دخل في ذلك قول اللسان وعمل الجوارح أيضاً ، فإن وجود الفروع الصحيحة مستلزم لوجود الأصول ، وهذا ظاهر ، ليس الغرض هنا بسطه " مجموع الفتاوى (2/382) .
وقال أيضاً : " والدين القائم بالقلب من الإيمان علماً وحالاً هو " الأصل " والأعمال الظاهرة هي " الفروع " وهي كمال الإيمان " مجموع الفتاوى (10/355) .
4- قال الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (1/171-174):
" ومنها ( أي الأمثال ) قوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) فشبه سبحانه وتعالى الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة ؛ لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح ,والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع ,وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون: الكلمة الطيبة هي شهادة أن لا إله إلا الله فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنية ؛فكل عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة ,وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (كلمة طيبة) شهادة أن لا إله إلا الله (كشجرة طيبة) وهو المؤمن (أصلها ثابت) قول لا إله إلا الله في قلب المؤمن (وفرعها في السماء) يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء .
وقال الربيع بن أنس: ( كلمة طيبة) هذا مثل الإيمان ؛فالإيمان الشجرة الطيبة وأصلها الثابت الذي لا يزول الإخلاص فيه وفرعه في السماء خشية الله ,والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن ؛فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علوا التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين ,وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة إلى السماء ,ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب ومحبة القلب لها وإخلاصه فيها ومعرفته بحقيقتها وقيامه بحقوقها ومراعاتها حق رعايتها .
فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها فعرف حقيقة الإلهية التي يثبتها قلبه لله ويشهد بها لسانه وتصدقها جوارحه ونفى تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى الله وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلا فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الله كل وقت ,فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى وهذه الكلمة الطيبة تثمر كلماً كثيراً طيباً يقارنه عمل صالح فيرفع العمل الصالح الكلم الطيب كما قال تعالى : ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) .
فأخبر سبحانه أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب ,وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملا صالحا كل وقت .
والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا متصفا بموجبها قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته ,فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل من هذا الشاهد أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء وهي مخرجة لثمرتها كل وقت .
ومن السلف من قال : إن الشجرة الطيبة هي النخلة ويدل عليه حديث ابن عمر الصحيح ,ومنهم من قال : هي المؤمن نفسه كما قال محمد بن سعد حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ) يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ويعني بالأصل الثابت في الأرض والفرع في السماء يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض . وقال عطية العوفي في قوله: ( ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ) قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى الله . وقال الربيع بن أنس : ( أصلها ثابت وفرعها في السماء ) قال ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك له ( أصلها ثابت ) قال أصل عمله ثابت في الأرض ( وفرعها في السماء ) قال ذكره في السماء ,ولا اختلاف بين القولين ,والمقصود بالمثل المؤمن والنخلة مشبهة به وهو مشبه بها وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك ومن قال من السلف إنها شجرة في الجنة فالنخلة من أشرف أشجار الجنة .

حكمة تشبيه المؤمن بالشجرة
وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ويقتضيه علم الذي تكلم به وحكمته .
فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه به ,فعروقها العلم والمعرفة واليقين ,وساقها الإخلاص وفروعها الأعمال وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسمت الصالح والهدى والدل المرضي فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور " .
- أقول :
1- انظر إلى قوله : لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والكلمة الطيبة عند الجمهور هي شهادة أن لا إله إلا الله تثمر الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة ، كل عمل صالح مرضي لله ثمرة هذه الكلمة .
2- وانظر إلى قوله : والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل الباسقة الفرع في السماء علواً .... إلى قوله : وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقاً لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة إلى السماء ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة .... الخ .
3- وإلى قوله : " وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ويقتضيه علم الذي تكلم به وحكمته فمن ذلك أن الشجرة لا بد لها من عروق وساقٍ وفروع ووَرق وثمر ,فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ؛ليطابق المشبه به فعروقها العلم والمعرفة واليقين ,وساقهاَ الإخلاص ,وفروعُها الأعمال وثمرتهُاَ ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة والصفات الممدوحة والأخلاق الزكية والسَّمتِ الصالح والهدي والدل المرضي ,فيستدل على غَرْسِ هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور ".
فتراه هنا اعتبر الإخلاص والتوحيد شجرة في قلب المؤمن وفروعها الإعمال الخ .
والشرك والكذب والرياء شجرة في قلب الكافر وذكر أن ثمارها في الدنيا الخوف وثمارها في الآخرة الزقوم و العذاب الأليم وأحال بالمثليين إلى القرآن سورة إبراهيم .
فهل هذا الإمام مرجئ عند أجهل الفرق ؟!
بل أهل السنة كلهم مرجئة على أصلهم ومذهبهم ,ومنهم جمهور المفسرين ،لكن القرآن والسنة يبرآن أهل السنة وأئمتهم مما يقذفهم به الحدادية : خوارج ومرجئة العصر تبعاً للخوارج الأولين .
وقال -رحمه الله- في كتابه الفوائد (ص179-180) طـ دار مكتبة الصفا ) :
" والإخلاص والتوحيد شجرة في القلب ؛ فروعها الأعمال وثمرها طيب الحياة في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة ,وكما أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة فثمرة التوحيد والإخلاص في الدنيا كذلك .
والشرك والكذب والرياء ؛ شجرة في القلب ثمرها في الدنيا الخوف والهم والغم وضيق الصدر وظلمة القلب ,وثمرها في الآخرة الزقوم والعذاب المقيم ,وقد ذكر الله هاتين الشجرتين في سورة إبراهيم " .
5- وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- في جامع العلوم والحكم (1/151) .
" وقد ضرب العلماء مثل الإيمان بمثل شجرة لها أصل وفروع وشعب فاسم الشجرة يشمل ذلك كله ,ولو زال شيء من شعبها وفروعها لم يزل عنها اسم الشجرة ,وإنما يقال: هي شجرة ناقصة أو غيرها أتم منها.
وقد ضرب الله مثل الإيمان بذلك في قوله تعالى ( ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أُكلها كل حين بإذن ربها ) (إبراهيم :24 ).
والمراد بالكلمة كلمة التوحيد ,وبأصلها التوحيد الثابت في القلوب ,وأكلها : هو الأعمال الصالحة الناشئة منه.
وضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن والمسلم بالنخلة ولو زال شيء من فروع النخلة أومن ثمرها لم يزل بذلك عنها اسم النخلة بالكلية ,وإن كانت ناقصة الفروع أو الثمر.

-وقال أيضاً في فتح الباري شرح صحيح البخاري (1/27-28 ) :
وقد ضرب الله ورسولُه مثل الإيمان والإسلام بالنخلة ,قال الله تعالى : ( ضرب الله مثلا كلمةً طيبة كشجرةٍ طيبة أصلها ثابت وفرعُهَا في السماء تؤتي أُكُلَهَا كل حيٍن بإذنِ ربها ) ( إبراهيم 23-24 ) .
فالكلمة الطيبة هي كلمة التوحيد وهي أساس الإسلامِ ,وهي جاريةُ على لسانِ المؤمنِ وثبوتُ أصلها هو ثبوتُ التصديق بها في قلب المؤمن ,وارتفاعُ فرعها في السماء هو علو هذه الكلمةِ وبُسُوقها وأنها تخرق الحجب ولا تتناهى دونَ العرش ِ ,وإتيانُها أكلها كل حينٍ :
هو ما يرفع بسببها للمؤمن في كل حينٍ من القولِ الطيبِ والعملِ الصالح ِ ؛ فهو ثمرتها .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنِ أو المسلمِ كمثلِ النخلةِ .
وقال طاوس : مثل ( الإسلام ) كشجرة أصلها الشهادةُ ,وساقُهَا كذا وكذا ,وورقُهَا كذا وكذا ,وثمرُهَا :الورعُ ,ولا خيَر في شجرةٍ لا ثمرَ لها ,ولا خير في إنسانٍ لا ورَعَ فيه .
ومعلوم أن ما دخل في مسمَّى الشجرةِ والنخلةِ من فروعها وأغصانها وورقِهاَ وثمرها إذا ذهب شيء منه لم يذهب عن الشجرةِ اسمُهَا ؛ولكن يقال : هي شجرةُ ناقصةُ ,وغيرها أكمل منها ,فإن قطع أصلُها وسقطت لم تبق شجرةً ؛وإنما تصير حَطباً ,فكذلك الإيمان والإسلام إذا زالَ منه بعض ما يدخل في مسماه مع بقاء أركان بنيانه لا يزولُ به اسمُ الإسلامِ والإيمانِ بالكليةِ ,وإن كان قد سُلِبَ الاسم عنه لنقصه بخلافِ ما انهدمت أركانُهُ وبنيانُهُ فإنه يزول مسماه بالكليةِ ,واللهُ أعلمُ .
أقول : وهذا المثل القرآني من أقوى وأوضح الأمثلة والأدلة على أن للإيمان أصلاً وفروعاً وهذا المثل وتفسيره من أقوى ما يرد به على الخوارج الذين يكفرون المؤمن بارتكاب الكبيرة ويخرجونه من الإسلام ,لأن عقيدتهم الفاسدة تقول : إن الإيمان إذا ذهب بعضه ذهب كله .
وهو أيضاً رد على المرجئة الذين يعتقدون أن العمل ليس من الإيمان ,ويعتقدون أيضاً أنه إذا ذهب بعضه ذهب كله ,وينكرون أن يكون العمل من الإيمان .

6- قال الإمام عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- في فتح المجيد (ص8-9) :
" وأما كتابه ( ) المذكور فموضوعه في بيان ما بعث به الله رسله من توحيد العبادة وبيانه بالأدلة من الكتاب والسنة ، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر أو ينافي كماله الواجب ، من الشرك الأصغر ونحوه ، وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه " .
أقول : إن توحيد العبادة هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله أصل الإيمان وأن الشرك الأكبر ينافي هذا التوحيد والشرك الأصغر ينافي كماله وإذن فللإيمان أصل وكمال عند هذا الإمام وهذا سير منه على طريق السلف .
ونقل عن الإمام ابن القيم -رحمه الله- قوله : " فإن القرآن إما خبر عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وأقواله ،فهو التوحيد العلمي الخبري ،وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه ،فهو التوحيد الإرادي الطلبي ،وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته وأمره ونهيه ،فهو حقوق التوحيد ومكملاته ،وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد وما فعل بهم في الدنيا وما يكرمهم به في الآخرة ،فهو جزاء توحيده ،وإما خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال وما يحل بهم في العقبى من العذاب ،فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد ،فالقرآن كله في التوحيد وحقوقه وجزائه ،وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم " انتهى .( )
انظر كيف جعل للتوحيد بأنواعه حقوقاً ومكملات وهي الأوامر والنواهي والطاعات فما حكم ابن القيم والشيخ عبد الرحمن هل قالوا هنا بقول المرجئة .
فما أكثر سعي الحدادية لهدم أهل السنة وأصولهم العظيمة بجهالاتهم ووساوسهم .
قال الإمام محمد -رحمه الله- في كتاب التوحيد في باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما ... الخ ،ساق في الباب بعض الأدلة ,ثم قال : ولابن أبي حاتم عن حذيفة
أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في فتح المجيد (ص104-105) : " قوله ( وتلا قوله " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ) استدل حذيفة -رضي الله عنه- بالآية على أن هذا شرك ، ففيه صحة الاستدلال على الشرك الأصغر بما أنزله الله في الشرك الأكبر لشمول الآية ودخوله في مسمى الشرك ، وتقدم معنى هذه الآية عن ابن عباس وغيره في كلام شيخ الإسلام وغيره ، والله أعلم ، وفي هذه الآثار عن الصحابة ما يبين كمال علمهم بالتوحيد وما ينافيه أو ينافي كماله " .
فهنا يثني الإمام عبد الرحمن على الصحابة بكمال علمهم بالتوحيد وما ينافيه وينافي كماله وهذا حق فمن أعلم بالله وبدينه من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .
7- وقال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- في كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد (ص 114) :
" فإن كمال الإسلام هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمام ذلك بالجهاد في سبيل الله ,ومن نشأ في المعروف ,فلم يعرف غيره ,فقد لا يكون عنده من العلم بالمنكر وضرره ما عند من علمه ,ولا يكون عنده من الجهاد لأهله ما عند الخبير بهم " .
وهنا يثبت الشيخ سليمان بن عبد الله أن للإسلام كمالاً هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمام ذلك بالجهاد في سبيل الله .
8- وقال الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ – رحمه الله – في رده على افتراءات عثمان بن منصور على الإمام محمد بن عبد الوهاب : " فمحا الله بدعوته (أي الإمام محمداً) شعار الشرك ومشاهده ، وهدم بيوت الكفر والشرك ومعابده ، وكبت الطواغيت والملحدين ، وألزم من ظهر عليه من البوادي وسكان القرى بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد والهدى ، وكفَّر من أنكر البعث واستراب فيه من أهل الجهالة والجفاء ، وأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وترك المنكرات والمسكرات ، ونهى عن الابتداع في الدين ، وأمر بمتابعة سيد المرسلين والسلف الماضين ، في الأصول والفروع من مسائل الدين ، حتى ظهر دين الله واستعلن . واستبان بدعوته منهاج الشريعة والسنن وقام قائم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحُدّت الحدود الشرعية ، وعزرت التعازير الدينية ، وانتصب علم الجهاد ، وقاتل لإعلاء كلمة الله أهل الشرك والعناد ، حتى سارت دعوته وثبت نصحه لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم وجمع الله به القلوب بعد شتاتها ، وتألفت بعد عداوتها ، وصاروا بنعمة الله إخوانا " مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام (ص17) .
وقال الإمام عبد اللطيف أيضاً خلال مناقشته لعثمان بن منصور وبيان جهله وضلاله : " ولذلك رد على أهل التوحيد والإيمان بما رد به على المتكلمين من أهل منطق اليونان فظن أن البحث في التوحيد وتحقيقه . والنهي عن الشرك وسد ذرائعه ، وقطع وسائله وتبين حقيقته . والفرق بين أصغره وأكبره هو من جنس أبحاث المتكلمين المخالفين للسلف في خوضهم في مسألة الجوهر والعرض ، وبقية المقولات العشر . ولذلك رد على المسلمين بما رد به ابن عقيل على المتكلمين . وذكر أن تحقيق التوحيد وذكر أصوله وفروعه وثمراته وبيان الشرك وذكر أصوله وفروعه ووسائله وذرائعه من جنس بدعة المتكلمين وانفتح بها البثق .
فقف هنا واعتبر واعرف بعد هذا الضرب من الناس عن طريق العلم والهدى واعرف ما تضمنه قوله تعالى : ( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) " مصباح الظلام (ص378).
وعندهم الآن وأمام أعينهم تشاد في الجامعات كليات باسم كليات أصول الدين , وكليات الشريعة أي الفروع .
فعلى أي أساس قامت هذه التسميات على أيدي علماء السنة والتوحيد ؟ على مذهب الإرجاء عند الحدادية وعلى مذهب أهل السنة عند أهل السنة .
وأقولها صريحة لو قال عالم أن في الأعمال أصولاً مثل الأركان الأربعة الصلاة والزكاة والصوم والحج لقلت وغيري نعم ولا حرج في ذلك .
ومع ذلك فهي مرتبطة بأعمال القلوب وقائمة على أساسها كما قرر ذلك علماء السنة وقد ذكرنا أقوالهم وأدلتهم في هذا المقال , فلا تخالف ولا تصادم بين هذا القول وذاك .
9- قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- في ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : ص 425 ) :
يقول تعالى ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة ) وهي شهادة أن لا إله إلا الله وفروعها ( كشجرة طيبة ) وهي النخلة ( أصلها ثابت ) في الأرض ( وفرعها ) منتشر (في السماء) وهي كثيرة النفع دائماً ,( تؤتي أكلها ) أي : ثمرتها ( كل حين بإذن ربها ) فكذلك شجرة الإيمان ,أصلها ثابت في قلب المؤمن ,علماً واعتقاداً .وفرعها من الكلم الطيب ,والعمل الصالح ,والأخلاق المرضية ,والآداب الحسنة ,في السماء دائماً ,يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ,ما ينتفع به المؤمن وينفع غيره ( ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) ما أمرهم به ونهاهم عنه ,فإن في ضرب الأمثال تقريباً للمعاني المعقولة من الأمثال المحسوسة ,ويتبين المعنى الذي أراده الله غاية البيان ويتضح غاية الوضوح ,وهذا من رحمته وحسن تعليمه . فلله أتم الحمد وأكمله وأعمه ,فهذه صفة كلمة التوحيد وثباتها في قلب المؤمن .
- وقال رحمه الله في القول السديد ( المجموعة الكاملة 3/13-14) في شرح باب : من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب :
" وهذا الباب تكميل للباب الذي قبله وتابع له ,فإن تحقيق التوحيد تهذيبه وتصفيته من الشرك الأكبر والأصغر ,ومن البدع القولية الاعتقادية ,والبدع الفعلية العملية ,ومن المعاصي وذلك بكمال الإخلاص لله في الأقوال والأفعال والإرادات ,وبالسلامة من الشرك الأكبر المناقض لأصل التوحيد ,ومن الشرك الأصغر المنافي لكماله ,وبالسلامة من البدع والمعاصي التي تكدر التوحيد وتمنع كماله ,وتعوقه عن حصول آثاره " .
فهنا صرح الشيخ السعدي بأن للتوحيد أصلاً ينافيه الشرك الأكبر وله كمال ينافيه الشرك الأصغر وأن البدع والمعاصي تمنع من كمال الإيمان .
فماذا يريد من ينكر أن للإيمان أصلاً وكمالاً (فرعاً) وبأي حق يضلل من يثبت ما أثبته الله ورسوله وقال به علماء السنة وأئمتها .
- وقال رحمه الله في كتاب التوضيح والبيان لشجرة الإيمان (87/88 ) :
" أما بعد : فهذا كتاب يحتوي على مباحث الإيمان التي هي أهم مباحث الدين ,وأعظم أصول الحق واليقين ؛مستمداً ذلك من كتاب الله الكريم - الكفيل بتحقيق هذه الأصول تحقيقاً لا مزيد عليه - ومن سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم :التي توافق الكتاب وتفسره وتعبر عن كثير من مجملاته ,وتفصل كثيراً من مطلقاته . مُبتدِئاً بتفسيره ,مُثْنِياً بذكر أصوله ومقوماته ,ومن أي شيء يستمد ؟ مُثلِّثاً بفوائده وثمراته ,وما يتبع هذه الأصول .
قال الله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) ( 14/ 24-25 ) .
فمثل الله كلمة الإيمان - التي هي أطيب الكلمات- بشجرة هي أطيب الأشجار ,موصوفة بهذه الأوصاف الحميدة : أصولها ثابتة مستقرة ,ونماؤها مستمر ,وثمراتها لا تزال ,كل وقت وكل حين ,تغل على أهلها وعلى غيرهم المنافع المتنوعة ,والثمرات النافعة .
وهذه الشجرة متفاوتة في قلوب المؤمنين تفاوتاً عظيماً ,بحسب تفاوت هذه الأوصاف التي وصفها الله بها .
فعلى العبد الموفق أن يسعى لمعرفتها ,ومعرفة أوصافها وأسبابها ,وأصولها وفروعها ؛ويجتهد في التحقق بها : علماً وعملاً . فإن نصيبه من الخير والفلاح ,والسعادة العاجلة والآجلة بحسب نصيبه من هذه الشجرة " .
انظر قوله عن شجرة الإيمان وتفاوتها : " فعلى العبد أن يسعى لمعرفتها ومعرفة أوصافها وأسبابها وأصولها وفروعها ... الخ " .
وحاصل ما دل عليه الكتاب والسنة وكلام الأئمة أن للإيمان أصولاً وفروعاً وكمالاً وأن الإيمان كالشجرة الطيبة لها أصل وفروع وثمار وتلك الفروع والثمار من تلك الشجرة .
فأين هذا المذهب الأصيل القائم على الكتاب والسنة وآمن به أساطين الأمة من مذهب الإرجاء الذي لا يعتبر العمل من الإيمان وأنه لا يزيد ولا ينقص ,أي أنه ليس من شجرة الإيمان ،وأهل السنة يعتبرون العمل من الإيمان وفرع وكمال للإيمان ومن شجرة الإيمان .
وهذا ما تيسر نقله من كلام الأئمة العلماء والتعليقات الموجزة عليه وأسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
  #2  
قديم 04-19-2011, 10:51 AM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي

فهم كلام بعض الأئمة في أصل الإيمان وفرعه، أن المراد بالفرع جميع الفرائض والواجبات الظاهرة، والفرع لا يُكفر بتركه فيكون ترك الفرائض والواجبات الظاهرة ليس كفراً مخرجاً من الملة . والأئمـة الذين قالوا ذلك لا يقصدون ذلك وبيان ذلك بإجمــال:
أُذكِّر بأمر مهم جداً قبل البدء وهو أن نفهم كلام المتكلم على مايريده هو لا على مانفهمه ونريده نحن وبسبب هذا حصل ماحصل من نسبة آراء ومذاهب لأناس هم لايتبنونها ، قال الإمام ابن تيمية في ((الإيمان))[ص33] : ((000بل ليس لأحد أن يحمل كلام أحد من الناس إلا على ما عرف أنه أراده لا على ما يحتمله ذلك اللفظ في كلام كل أحد 00)) أهـ .
1 ـ القول بأصل الإيمان وفرعه أو كماله ذلك لبيان مراتب الإيمان وأنه ليس شيئاً واحداً أو جزءاً واحداً بل فيه ما إذا ترك زال عنه بعض الإيمان وذلك بخلاف الخوارج، الذين يكفرون بترك ما دون الأركان الأربعة العملية وفعل الكبائر. وللرد على شبهة المرجئة في إخراجهم العمل الظاهر من الإيمان بسببها .
أ- جاء في ((تعظيم قدر الصلاة)) للإمام ابن نصر المروزي [2/519]: ((نقول: للإيمان أصل وفرع، وضد الإيمان الكفر في كل معنى، فأصل الإيمان: الإقرار والتصديق، وفرعه إكمال العمل بالقلب والبدن، فضد الإقـرار والتصديق الذي هو أصل الإيمان: الكفر بالله وبما قال، وترك التصديق به وله، وضد الإيمان الذي هو عمل وليس هـو إقـرار كـفر، وليس بكفر بالله ينقل عن الملة ولكن كفر يضيع العمل كما كان العمل إيماناً، وليس هو الإيمان الذي هو إقرار بالله، فكما كان من ترك الإيمان الذي هو اقرار بالله كافراً يستتاب، ومن ترك الإيمان الذي هو عمل مثل الزكاة والحج والصوم أو ترك الورع عن شرب الخمر والزنا فقد زال عنه بعض الإيمان ولا يجيء أن يستتاب عندنا ولا عند من خالفنا من أهل السنة وأهل البدع ممن قال: إن الإيمان تصديق وعمل إلاّ الخوارج وحدها)).أهـ.
تأمل هذا وتدبره أتجد فيه أن ترك جميع الفرائض والواجبات فرع لأصل الإيمان أم أن المراد به افراد الأعمال الظاهرة التي لا يعتبر تركها كفر مخرج من الملة ؟ وتأمل استثناءه الخوارج.
وإذا كان الأمر كما فهم الأخ الحبيب ففي القول السابق: ((… وفرعه اكمال العمل بالقلب والبدن)).أهـ. فماذا نفهم من هذا ؟ أنفهم أن عمل القلب وعمل الجوارح فرع لأصل الإيمان الذي هو التصديق والاقرار باللسان ؟ وبالتالي من ترك الفرع أي : عمل القلب، وعمل الجوارح لا يكفر ما أظن سنيِّاً يقول هذا.
إن الأمر يتطلب دقة في تأمل قول : (( إكمال ..)) بحيث يظهر أن معنى ((إكمال )) هو بمعنى (( كمال )) لكن لفظ (( إكمال )) هو أدق في إخراج ماهو أصل في الإيمان من عمل القلب والبدن فيكون عند قائل هذا من عمل البدن ماهو أصل في الإيمان، ويوضح هذا ويثبته القول : ((ومن ترك الإيمان الذي هو عمل مثل الزكاة والحج والصوم 00000إلاَّ الخوارج وحدها)) . فلم تذكر الصلاة في ترك الإيمان الذي هو عمل ، وجُعِل ترك الإيمان الذي هو عمل كفرٌ عند الخوارج وحدهم فبهذا يظهر إن شاء الله أن هذا القول لايراد به أن جملة عمل الجوارح كمال أو فرع ، هذا كله على اعتبار أن هذا القول يحكيه الإمام ابن نصر المروزي عن غيره أما إذا كان هو مايعتقده ويريده الإمام ابن نصر المروزي فالأمر أظهر وأوضح ليس المراد بإكمال وكمال جملة عمل الجوارح لأن الإمام ابن نصر المروزي يكفر بترك الصلاة .
فيكون هذا القول هو في بيان مراتب الإيمان وأن ترك مراتبه ليس سواء بخلاف الخوارج ، بل فيه ماهو أصل لايصح ولاينفع الإيمان بدونه وفيه واجب ينقص بتركه وعليه يستحق التارك العقوبة والذم .
ب- وقرر هذا الإمام ابن تيمية في((الفتاوى)) [7/637] فقال : ((وهو مركب من أصل لا يتم بدونه ومن واجب ينقص بفواته نقصاً يستحق صاحبه العقوبة ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة فالناس فيه ظالم لنفسه ومقتصد وسابق، كالحج والبدن والمسجد وغيرهما من الأعيان والأعمال والصفات فمن سواء أجزاءه ما إذا ذهب نقص عن الأكمل ومنه ما نقص عن الكمال وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات، ومنه ما نقص ركنه وهو ترك الإعتقاد والقول.)) أهـ.انظر ((الفتاوى))[7/646].
مع أن الإمام يتكلم على مراتب الإيمان وشعبه؛ فهم بعضهم من قوله: ((ومنه ما نقص ركنه، وهو ترك الإعتقاد والقول.)). أهـ أن عمل الجوارح كمال بتنصيص الإمام على ركنية الإعتقاد والقول، مع أن كلام الإمام واضح في مراتب الإيمان، فيكون الإعتقاد أو التصديق مرتبة قائمة لوحدها وكذا قول اللسان مرتبة قائمة لوحدها ثم الصلاة مرتبة والزكاة مرتبة و… إلى إماطة الأذى، فهل زوال مرتبة أداء الامانة كزوال قول اللسان؟ وكذا زوال مرتبة إماطة الأذى كزوال مرتبة الإعتقاد ؟ الجواب: ليس سواء، لأن التصديق جزء واحد لا يتجزء؛ إنما يزيد وينقص لكن إذا لم يصدق بما يجب عليه أن يصدق به لم ينفعه تصديقه بالأمور الأخرى، لهذا هو مرتبة واحدة إذا زال منه جزء زال كله، لهذا فهو ركن هنا في مراتب الإيمان. وقول اللسان مثله لهذا قال الإمام : (( ومنه مانقص ركنه وهو ترك الاعتقاد والقول )). فانظر مساواته الاعتقاد والقول في الركنية وذلك كما سبق لأن الاعتقاد مرتبة واحدة وكذا القول بخلاف عمل الجوارح فأفراده لها مراتب مختلفة وليس بزوال بعضها يزول أصل الإيمان لهذا لم يعبر عنه بالركنيه لأن كلامه على المراتب أو الشعب ويوضــح هذا ويبينه قول الإمام قبل هذا (( وهو مركب من أصل لا يتم بدونه ومن واجب 000)) . وبماذا يزول المركب عند أهل السنة ؟ فصَّل ذلك الإمام ابن تيمية في أكثر من موضع يلتقي تماماً مع ماهنا فانظر ((الفتاوى))[ 7/ 223و403-404و510-520] وغيره. ويؤكد هذا ويوضحه قول الإمام بعد ذلك [7/637]: ((واصله القلب وكماله العمل الظاهر بخلاف الإسلام فإن أصله الظاهر وكماله القلب)) أهـ . فــهل نفهـم أن عمل القلب وقوله كمـال في الإسلام ؟ والإمام ابن تيمية نفسه ذكـر فـي ((الفتاوى)) [10/355] أن الإيمان علماً وحالاً هو الأصل والأعمال الظاهرة هي ((الفروع)) وهي كمال الإيمان ثم فصَّل ذلك وبيَّن مراده بعد ذلك بغير مايفهمه الأخ الحبيب ثم قال: [10/356]: (( 000وأما الصلاة فهي أول فرض،وهي من أصول الدين والإيمان مقرونة بالشهادتين 000)) .أهـ. فالصلاة من أصول الإيمان عند الإمام ابن تيمية . فهل يلتقي هذا مع مافهمه الأخ الحبيب ؟ ويؤكد هذا ويوضحه أن الإمام ابن تيمية يكفر بالترك الكلي للصلاة كما في ((الفتاوى))[7/579 و617 ] لذلك لمراتب الإيمان هذه تجد عبارات الأئمة: ((وبهذا يتبين أن الشارع ينفي اسم الإيمان عن الشخص، لانتفاء كماله الواجب وإن كان معه بعض أجزاءه)) ، ((وبهذا تبين أن الرجل قد يكون مسلماً لا مؤمناً ولا منافقاً مطلقاً بل يكون معه أصل الإيمان دون حقيقته الواجبة)). كل هذا لبيان الفرق بين أهل السنة والخوارج ، بأن فاعل الكبيرة يخلّد في النار بخروجه بالكبيرة من الإيمان كلية وللرد على شبهة المرجئة في إخراجهم العمل الظاهر من الإيمان بسببها .
وكذا تجد ألفاظاً لتحديد هذه المراتب وماهي المرتبة التي بزوالها يزول الإيمان، وماهي المرتبة التي بزوالها ينقص الإيمان فتجد:
((أصل الإيمان، الإيمان المجمل، مطلق الإيمان، الحد الأدنى من الإيمان)) وغيرها. وهذه المرتبة لا صحة للإيمان ولا نجاة من الخلود في النار في الآخرة إلاّ بها وبها تثبت الأحكام الدنيوية من فرائض ومواريث، وهذه المرتبة غير قابلة للنقص لأن نقصانها يعني خروج صاحبها عن اسم الإيمان.
وتجد: ((الإيمان الكامل، الإيمان المفصّل، الإيمان المطلق، حقيقة الإيمان)) وغيرها ويكون صاحب هذه المرتبة ممن يؤدي الواجبات ويجتنب الكبائر وأهل هذه المرتبة وُعدوا بالجنة بلا عذاب.
وتجد ((كمال الإيمان الواجب، وكمال الإيمان المستحب، الكمال الواجب، الكمال المستحب)) ويطلق لفظ الكامل، فحسب القرائن والسياق يحمل على الكمال الواجب ومرة على الكمال المستحب.
كل هذا التفصيل الدقيق ليتميز مذهب أهل السنة عن مذهب الخوارج والمعتزلة فيما انفردوا به من التكفير ولرد شبهة المرجئة في إخراجهم العمل الظاهر من الإيمان .
والحافظ محمد بن اسحاق بن منده بوّب في كتاب ((الإيمان)) [1/331]: ((ذكر اختلاف أقاويل الناس في الإيمان ماهو ؟)) ثم ذكر قول طوائف المرجئة وقول الخوارج، ثم قال: ((وقال أهل الجماعة: الإيمان هي الطاعات كلها بالقلب واللسان وسائر الجوارح غير أن له أصلاً وفرعاً)) أهـ. ثم ذكر تفصيل ذلك وختم بحديث شعب الإيمان.
فالحافظ ابن منده في قوله: ((له أصلاً وفرعاً )) يريد بيان الفرق بين قول أهل السنة وقول الخوارج والمرجئة كما سبق تفصيل ذلك. وأوضح بيان لهذا أن مذهب الحافظ ابن منده هو القول بكفر تارك الصلاة ، فقد قال في ((الإيمان)) [1/362] عند ذكره شعب الإيمان: ((ثم أفعال سائر الجوارح من الطاعات والواجبات… وترك الصلاة كفر وكذلك جحود الصوم والزكاة والحج.)).أهـ. فعلق الكفر في الصلاة بالترك وفي الصوم والزكاة والحج بالجحود.
وعليه فهل هذان الحافظان بالذات ـ ابن نصر وابن منده ـ عندما يقولان : ((أصل وفرع يريدان أن عمل الجوارح جملة فرع وترك الفرع ليس بكفر؟ وانظر ((الاستذكار)) لابن عبد البر [26/132-133] فقد قال: ((وللإيمان أصول وفروع)) بعد ذكر حديث شعب الإيمان، ثم شرح ذلك وتأمل قول ابن عبد البر أجعل الفرائض من فروع الإيمان؟ وانظر تفصيل ابن تيمية في ((الفتاوى)) [19/290-295] وقارن بقوله السابق في أن الاعتقاد وقول اللسان ركن.
ثم مَنْ مِن السلف أطلق على الفرائض فرعاً بمعنى الفرع الذي لا يكفر تاركه؟ وبالجواب سيعلم أن أئمتنا إذا قالوا: ((أصل وفرع)) فلا يعنون ولا يقصدون المعنى الذي أراده أحد الأحبة.
والقول بـأن تارك الفرع لا يكفر صواب هذا القول من خطئه مبني على ما المراد بالفرع؟
فأئمتنا عندما قالوا بالفرع أو الشعب إنما كما سبق لبيان افتراق أهل السنة من الخوارج فيما انفرد الخوارج بالتكفير به ولرد شبهة المرجئة في اخراج عمل الجوارح من الإيمان ، وأما التفريق بين مسائل أصول يكفر بتركها ومسائل فروع لا يكفر بتركها، ويدخل جميع عمل الجوارح في الفرع، فما أعلم سنيّاً قال بهذا؟ وإذا أدخل في هذا التقسيم أن المراد بالأصل هو مسائل الإعتقاد والفرع مسائل العمل فينظر لهذا ((الفتاوى)) لابن تيمية [23/346].
وعليه نضبط متى يقال: ((الفرع لا يكفر تاركه)) وقبله متى ولم نقول: ((فرع)) ؟ والأهم نفهم كلام المتكلم على ما يقصده وعلى المعنى الذي عنده، لا على المعنى الذي عندنا . فأين نجد أن عمل الجوارح جملة فرع عند ابن نصر وعند ابن منده وعند غيرهما من أئمتنا ؟ بمعنى أن ترك عمل الجوارح جملة ليس كفراً مخرجاً من الملة لأنه ترك فرع الإيمان .
2 ـ وهناك مرادٌ آخر لقولهم: ((الإيمان أصل وفرع)) أو ((أصل وكمال)) وهو أن الشيء الذي هو من الإيمان لا يكون إلا بشيء قبله فهو فرع والذي قبله أصل فالتصديق أصل وقول اللسان بالنسبة له فرع لأنه يكون بعده وهكذا قال ابن تيمية في ((الفتاوى)) [7/541]: ((وإذا قام بالقلب التصديق…… لكن القلب هو الأصل والبدن فرع له والفرع يستمد من أصله، والأصل يثبت ويقوى بفرعه.)). أهـ.
3 ـ وهناك أيضا مراد آخر هو ارتباط الظاهر بالباطن والباطن بالظاهر كما سبق في((الفتاوى)) [7/637]: ((وأصـله القلب وكماله العمل الظاهر بخلاف الإسلام فان أصله الظاهر وكماله القلب)). وانظر ((تعظيم قدر الصلاة)) [2/715-716].
4 ـ وهناك موضع مبتدأ العمل ومكانه فهو أصل، وما يكون عنه فهو فرع قول القلب وعمله أصل وما يكون عنه من قول اللسان وعمل الجوارح فهو فرع والعكس أيضاً فانظر ((الفتاوى)) [7/577] .
5 ـ وهناك أيضاً استعمال آخر وهو ان الشيء الذي لا يكفر المسلم بتركه هو فرع في الإيمان لأن ما يكفر به المسلم هو أصل فيه وذلك مثل قول الإمام ابن قدامة في ((المغني)) [2/574] : ((..ولأن الزكاة فرع من فروع الدين فلم يكفـر تاركه بمجرد تركه كالحج ..)).
المهم هــذه المرادات وغيرها من قـولهم (( للإيمان أصل وفرع)) أو ((أصل وكمال)) غير مراد من جميعها أبـداً أن عمل الجوارح جملة فرع في الإيمان بمعنى ترك عمل الجوارح جملة ليس كفراً مخرجاً من الملة .


أقول السلف في مسألة تارك عمل الجوارح بالكلية.
1)ـ قول الإمام سفيان بن عيينة بن أبي عمران أبي محمد الهلالي-رحمه الله-(ت 198هـ)
قـولــه :
قال عبد الله بن أحمد في ((السنة)) [1/347-348] حدثنا سويد بن سعيد الهروي قال: سألنا سفيان بن عيينـة عن الإرجاء، فقال : يقولون الإيمان قول، ونحن نقول الإيمان قول وعمل. والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله مصراً بقلبه على ترك الفرائض وسمّوا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم وليس بسواء لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية وترك الفرائض متعمداً من غير جهل ولا عذر هو كفر)) أهـ.
فقه قول الإمام سفيان بن عيينة:
1. قول الإمام هو في بيان الفرق بين أهل السنة والمرجئة في معتقدهم في عمل الجوارح وترك الفرائض منه تعمداً وإصراراً فكلامه لا يتعلق بترك الصلاة بل هو بيان اعتقاد أهل السنة والفرق بينه وبين اعتقاد المرجئة.
2. المرجئة أوجبوا الجنة لمن نطق بالشهادتين وهو يترك الفرائض مصراً بقلبه متعمداً أيْ غير جاحد ولا مستحل.
3. المرجئة لم يفرقوا بين ترك الفرائض وفعل المحارم، فكله ذنب عندهم مادام بدون جحد ولا استحلال.
4. قولـه: ((ونحن نقول)) أيْ أهل السنة؛ فيكون معتقد أهل السنة نقيض ما سبق من معتقـد المرجئة فهو:
5. أهل السنة لا يوجبون الجنة لمن نطق بالشهادتين وهو يترك الفرائض مصراً أيْ غير جاحد ولا مستحل، ومتعمداً أي من غير جهل ولا عذر.
6. لأن تعمد ترك الفرائض من غير جهل ولا عذر ، يكون عن إصرار القلب على ترك فعل الفرائض، وبهذا الإصرار يكون انتفى عمل القلب، وبانتفاء عمل القلب ينتـفي الإيمان منه،
2)ـ قول الإمام أبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي (رحمه لله)(ت 219هـ:
قال أبوبكر الخلال في ((السنة)) [ص586-587] : أخبرني عبيدالله بن حنبل قال: حدثني أبي حنبل ابن إسحاق بن حنبل قال: قال الحميدي: أُخبرت أن قوما يقولون: إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر بالفروض واستقبال القبلة؛ فقلت: هذا الكفر بالله الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله  وفعل المسلمين)) أهـ.
(3) قول الإمام إسحاق بن إبراهيم بن رَاهَوْيه أبي يعقوب الحنظلي ((رحمه الله)) ( ت 238هـ)
قال الحافظ ابن رجب في ((فتح الباري)) [1/23]: (نقل حرب الكرماني عن إسحاق قال: ((غَلَت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قوماً يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها، لا نكفّره يرجى أمره إلـى الله بعــدُ إذ هو مقـرٌّ، فهؤلاء الذين لاشك فيهم يعني في أنهم مرجئة)) أهـ.
(4) قول الإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري (ت 360 هـ ):
قـولــه:
قال الآجري في ((الشريعة)) [ص120- 121 تحقيق حامد الفقي] : ((فالأعمال بالجوارح: تصديق للإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمل جوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ، ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً ولم تنفعه المعرفة والقول، وكان تركه العمل تكذيباً منه لإيمانه وكان العمل بما ذكرنا تصديقاً منه لإيمانه… وقد قال عز وجل في كتابه وبيّن في غير موضع: أن الإيمان لا يكون إلا بعمل وبيّنه رسوله  خلاف ما قالت المرجئة الذين لعب بهم الشيطان) أهـ.
(5) قول الإمام أبي عبدالله عُبيدالله بن محمد بن بطة العُكْبُري (رحمه الله)(ت 387هـ)
قـولــه:
ذكر ابن بطة في ((الإبانة)) : ((الفرائض والواجبات الظاهرة )) ثم قال في [2/764/تحقيق رضا نعسان معطي] : ((ومن أقر بذلك وقاله بلسانه ثم تركه تهاوناً ومجوناً أو معتقداً لرأي المرجئة ومتبعاً لمذاهبهم فهو تارك الإيمان ليس في قلبه منه قليل ولا كثير وهو في جملة المنافقين الذين نافقوا رسول الله  فنزل القرآن بوصفهم وما أعد لهم وأنهم في الدرك الأسفل من النار نستجير بالله من مذاهب المرجئة الضالة )) أهـ.
(6) قول الإمام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (رحمه الله) ت 728هـ :
قـولــه:
قال الإمام ابن تيمية في ((الفتاوى)) [7/621]: ((..ومن قال بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات سواء جعل فعل تلك الواجبات لازماً له أو جزءاً منه فهو نزاع لفظي؛ كان مخطئاً خطأً بيِّناً وهذه بدعة الإرجاء التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها وقالوا فيها من المقالات الغليظة ماهو معروف)) أهـ.
فكلام الإمام ابي العباس تقرير وتوكيد لما سبق نقله عن الأئمة :
1- فقد نسب الإمام القول بحصول الإيمان الواجب بدون فعل شيء من الواجبات إلى الخطأ البَيِّن ووصفه بأنه بدعة الإرجاء.
2- والقول بعدم حصول الإيمان الواجب لترك فعل الواجبات هو القول الصواب وإن اختُلِف بعد ذلك في تسمية فعل الواجبات أهي من لازم الإيمان الواجب أم جزءٌ منه فهذا الاختلاف لفظي ما دام الكل يقول بعدم حصول الإيمان الواجب لترك فعل الواجبات.
3- والمراد بالإيمان الواجب هنا أصل الإيمان وليس مازاد على أصله ودليل ذلك :
أ ) أن الإمام ابن تيمية قبل قوله هذا بيّن بياناً شافياً هذا الأمر ولخص بيانه فقال : (( فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بايجابها محمد  )) بيانه: (( فلا يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله)) أيْ انتفى عنه أصل الإيمان الذي هو ضد قوله ((..بحصول الإيمان الواجب)) وبيانه: ((مع عدم شيء من الواجبات)) أيْ ترك فعل الواجبات الذي يساوي قوله ((بدون فعل شيء من الواجبات))
وهناك أقوال لـه توضح هذا وتؤكده كلها تصب في معنى واحد يلتقي مع أقوال الأئمة السابقين وغيرهم.
ب) قال الإمام ابن تيمية في ((الفتاوى)) [7/142]: ((… والتولي هو التولي عن الطاعة.. فعُلم أن ((التولي)) ليس هو التكذيب بل التولي عن الطاعة، فإن الناس عليهم أن يصدقوا الرسول فيما أخبر ويطيعوه فيما أمر. وضد التصديق التكذيب، وضد الطاعة التولي… وقد قال تعالى: ((ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين)) فنفى الإيمان عمن تولى عن العمل وإن كان قد أتى بالقول… ففي القرآن والسنة من نفي الإيمان عمن لم يأت بالعمل مواضع كثيرة، كما نفى فيها الإيمان عن المنافق.)) أهـ.
فقوله: ((لم يأت بالعمل)) يساوي قوله: ((بدون فعل شيء من الواجبات)). وقوله ((كما نفى فيها الإيمان عن المنافق)) ضد قوله: ((حصول الإيمان الواجب)) والمنفي عن المنافق هو أصل الإيمان فيكون من لم يأت بالعمل منفي عنه أصل الإيمان، فيكون ترك فعل الواجبات لا يحصل به الإيمان الواجب أي :ْ لا يحصل به أصل الإيمان.
ج) قال الإمام في (الفتاوى)) [7/198]: ((… وذلك لأن أصل الإيمان هو مافي القلب، والأعمال الظاهرة لازمة لذلك، لا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب)) أهـ.
تأمل قوله: ((أصل الإيمان هو مافي القلب)) و ((وجود إيمان القلب الواجب)) وتعلق العمل الظاهر بهما وجوداً وعدماً ونقصاً .
فقد فرَّق الإمام بين زوال إيمان القلب الواجب وبين نقصه، فزواله يكون مع عدم جميع أعمال الجوارح، ونقصه يكون بنقص الأعمال الظاهرة، فيكون إيمان القلب الواجب هنا يرادف أصل الإيمان، لأن:
د) قال الإمام في ((الفتاوى)) [7/218]: ((وإنما قال الأئمة بكفر هذا، لأن هذا فرض ما لايقع فيمتنع أن يكون الرجل لا يفعل شيئا مما أمر به من الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويفعل ما يقدر عليه من المحرمات مثل الصلاة بلا وضوء وإلى غير القبلة ونكاح الأمهات وهو مع ذلك مؤمن في الباطن، بل لا يفعل ذلك إلا لعدم الإيمان الذي في قلبه)) أهـ.
فقولـه : ((لايفعل شيئاً مما أمر به..)) هو قوله السابق : ((بدون فعل شيء من الواجبات )) فماذا يكـون قوله : ((لعدم الإيمان الذي في قلبه )) ؟ أليس يكون في (( انتفاء أصل الإيمــــان )) ؟. وعليه ماذا يكون ((بحصول الإيمان الواجب)) ؟ وانظر لعدم الإيمان هو الكفر ((الفتاوى)) له[20/86و94].

الإمام ابن بطة لا يقول بكفر تارك الصلاة.
قول الإمام ابن بطة في كفر تارك عمل الجوارح:
1- قال في ((الإبانة)) [2/789]: (( فمن زعم أنه يقر بالفرائض ولا يؤديها ويعلمها وبتحريم الفواحش والمنكـــرات ولا ينزجر عنها ولايتركها وأنه مع ذلك مؤمن فقد كذّب بالكتاب وبما جاء به رسوله ومثله كمثل المنافقين الذين قالوا: ( آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم))أهـ.
3- قال في [2/795]: ((فقد تلوت عليكم من كتاب الله ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل وأن من صدق بالقول وترك العمل كان مكذبا وخارجاً من الإيمان))أهـ.
فعلى القول المتداول أن ابن بطة لا يكفر بترك الصلاة يكون حكم ترك العمل لا يرتبط بحكم ترك الصلاة فابن بطة لا يُكَفِّر بترك الصلاة وهو مع ذلك يُكَفِّر بترك العمل.
قول الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852هـ)
أ )ـ ترك الصلاة عند الحافظ ابن حجر كبيرة من الكبائر لايكفر تاركها فانظر ((فتح الباري )) [2/7و12و32] .
ب)ـ قول الحافظ :
عند شرحه حديث (( أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله 000)) رقم [6924و6925] قال في ((فتح الباري)) [12/279] : ((وفيه منع قتل من قال لا إله إلاَّ الله ولو لم يزد عليها ، وهو كذلك لكن هل يصير بمجرد ذلك مسلماً ؟؟ الراجح لا ، بل يجب الكف عن قتله حتى يختبر فان شهد بالرسالة والتزم أحكام الإسلام حكم بإسلامه ، وإلى ذلك الاشارة بالإستثناء بقوله (( إلاّ بحق الإسلام )) . )) .أهـ .
ج)ـ فقه قول الحافظ :
مـــن كلام الحافظ يظهــر :
أ ـ يحكم بالإسلام لمجرد التلفظ بالشهادتين ومعلوم أن ذلك بشرط مالم يقترن مع تلفظه مايدل على بقائه على الشرك.
ب ـ ولكن هل بالشهادتين فقط يعصم دمه وماله ويكون مسلماً ؟ الحافظ قال : (( لا )) حتى يلتزم أحكام الإسلام مثل الصلاة والزكاة والصيام والحج والتي هي من حق الإسلام ، حيث بيَّن قبلُ في [12/277] معنى (( حق الإسلام )) فقال : ((فمهما ثبت أنه من حق الإسلام تناوله )).أهـ ونحوه قال في [1/76] وانظر ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب الحديث الثامــن [ص84-86] لـ(( إِلاَّ بحق الإسلام )).
ج ـ وماقاله الحافظ هو الذي عليه العمل عند السلف الصالح ، قال الإمام ابن تيمية في (( الفتاوى))[7/258] : (( الاعراب وغيرهم كانوا إذا اسلموا على عهد النبي  ألزموا بالأعمال الظاهرة : الصلاة ، والزكاة والصيام والحج ،ولم يكن أحد يترك بمجرد الكلمة )) . أهـ . ونحو قول الإمام ابن تيمية قال الحافظ ابن رجب في (( جامع العلوم والحكم )) [ص83] ، وانظر (( صحيح ابن خزيمة )) [4/7] .
د ـ فيكون عند الحافظ لابد من التلفظ بالشهادتين لثبوت الحكم بالإسلام ابتداء ولابد من العمل الظاهر مع الشهادتين في بقاء الحكم بالإسلام واستمراره .
هـ ـ وبهذا يكون ترك العمل الظاهر جملة يمنع الحكم بالإسلام على تاركه .
فيـكون عند الحافظ حكم ترك الصلاة شيءٌ وحكم ترك العمل الظاهر شيءٌ آخر.
(8) قول الإمام محمد بن علي الشوكاني (ت1255هـ:
أ – مذهبه: يرى الإمام الشوكاني أن تارك الصلاة يطلق عليه كافر ويقتل لكن لا يخلد في النار كما في ((نيل الأوطار)) [1/370 و 374].
ب ـ قول الإمام :
في (إرشاد السائل إلى دلائل المسائل)) الرسالة الخامسة من ((مجموعة الرسائل المنيرية)) [2/88-89]، ((سئل الإمام الشوكاني ما حاصلـه : ماحكم الأعراب سكان البادية الذين لا يفعلون شيئاً من الشرعيات إلاّ مجرد التكلم بالشهادة هل هم كفار أم لا ؟.
فأجـاب: أقول من كان تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضه ورافضاً لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال ولم يكن لديه إلاّ مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر حلال الدم، وصيانة الأموال إنما تكون بالقيام بأركان الإسلام فالذي يجب على من يجاور هذا الكافر من المسلمين في المواطن والمساكن أن يدعوه إلى العمل بأحكام الإسلام….وإن أصر ذلك الكافر على كفره وجب على من يبلغه أمره من المسلمين أن يقاتلوه حتى يعمل بأحكام الإسلام على التمام فإن لم يعمل فهو حلال الدم والمال وحكمه حكم أهل الجاهلية…)) أهـ.
ج ـ فقه قول الإمام :
السؤال واضح وصريح فيمن يتكلم بالشهادتين ولا يفعل شيئاً من الفرائض .
الإجابة كانت مطابقة لهذا السؤال الواضح الصريح:
قوله: ((من كان تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضه ورافضاً لما يجب عليه من ذلك.. ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر..)) فقوله: ((تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضـه .. ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين كافر شديد الكفر)) واضح أن حكمه فيمن لم يأت إلاّ بالشهادتين فقط .



فأسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.
  #3  
قديم 04-19-2011, 02:22 PM
عبد الله السلفي الجزائري عبد الله السلفي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 1,039
افتراضي بين الأخ (الأثر) وأهل (الأثر) من جديد ....................

 سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ......... وبعد:
الأخ الكريم (الأثر)وفقني الله وإياك ......
أما نقلك عن شيخ الإسلام أو محاولتك (الإستدلال) بكلامه لنصرة قولك فقد قال عن حديث الشفاعة مايلي :
ذكر الإمام أبي بكر بن المحب الصامت – وهو من خواص تلاميذ شيخ الاسلام- في كتابه (( إثبات أحاديث الصفات)) –وهو مخطوط - قال : (( حديث: (( شفعت الملائكة وشفع النبيون ولم يبق الا ارحم الراحمين فيقبض قبضة من النار ليخرج منها قوما لم يعملوا خيرا -قط- قد عادوا حمما)) - متفق عليه-
قال شيخنا (يعني: ابن تيمية) :
(( ليس في الحديث نفي إيمانهم وإنما نفي عملهم الخير.
وفي الحديث الاخر:(( يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان)) متفق عليه
وقد يحصل في قلب العبد مثقال ذرة من ايمان – وان كان لم يعمل خيرا قط –
ونفي العمل- ايضا- لا يعني نفي القول بل يقال- فيمن شهد ان لا اله الا الله وان
محمدا رسول الله ومات ولم يعمل بجوارحه- قط-: انه لم يعمل خيرا فان العمل قد
لا يدخل في القول
لقوله : (( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)).
وإذا لم يدخل في النفي ايمان القلب واللسان لم يكن في ذلك ما يناقض القرآن)).
قولك نقلا كلام الشوكاني:
الإجابة كانت مطابقة لهذا السؤال الواضح الصريح!!!!!!!!!!!!!!!!!!:
قوله: ((من كان تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضه ورافضاً لما يجب عليه من ذلك.. ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر..)) فقوله: ((تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضـه .. ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين كافر شديد الكفر)) واضح أن حكمه فيمن لم يأت إلاّ بالشهادتين فقط .

فأقول - وبالله أستعين- :
لماذا أهملت قول الإمام الشوكاني : ورافضا لما يجب عليه منها ؟
مع أن الرفض شيء زائد على الترك المجرد يعني : هذا قيد مهم فالشوكاني بنى حكمه على الترك للفرائض مع الرفض لما يجب منها ...وأنت أهملت القيد الثاني ونصرت ما تراه صوابا بما هو دليل عليك من وجهين :
1) نص هذا الكلام كما بينته لك ...وهو واضح لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ...
وقد أجاب بعض تلاميذ العلامة علي بن حسن الحلبي على هذا الكلام نفسه في ردهم على الشيخ عصام بن عبدالله السناني فقالوا بعد أن أوردوا كلام الامام الشوكاني-رحمه الله - :
لو دقق الدكتور في كلام الإمام لعرف أنه يتكلم عن صنف من الناس كفروا بالله-سبحانه-ومقتضى كفرهم هو تركهم لإركان الإسلام وجميع فرائضه ,رافضين لما يجب عليهم , وليس كما فهم الدكتور أن سبب كفرهم هو تركهم المجرددون رفض-لها.
وقد زاد الطين بلة - بكثرة لا بقلة-،أنه اعتبر ترك الأركان فقط هو رفض وتول وإعراض,وهذا خلاف نص كلام الشوكاني - رحمه الله -,ولو كان مراده ماقاله الدكتور (لقال) الشوكاني:
((من كان تاركا لأركان الإسلام وجميع فرائضه فهو رافض لما يجب عليه !!)).
ولم يجعل الرفض وصفا لهذا التارك ,وإنما يجعله نتيجة الترك.
ويدل على ذلك -أي:أن التكفير مناطه الرفض وعدم القبول-ما قاله الشوكاني بعد الكلام الذي نقله الدكتور مباشرة,حيث قال :
((وصيانة الأموال إنما تكون بالقيام بأركان الإسلام)).
ولا نعتقد أن الدكتور يشترط فعل هذه الأركان لتثبيت وصف الإسلام ,إنما شرطه كما هو معلوم هو إقامة الصلاة-فقط-.
-وليت الدكتور استحضر ما ذكره في أول كتابه (ص29) بقوله :((وبوب البخاري على الحديث,فقال:((باب قتل من أبى الفرائض , وما نسبوا إلى الردة)).
فإذن:الترك للفرائض -مجردا- لا يقال فيه إباء وإعراض بما ينسب به صاحبه إلى الردة,إنما يقال هذا في حال الرفض -الإمتناع-.
2) والوجه الثاني :
قول الشوكاني نفسه كما في فتح القدير(2ص254):
((قوله(أو كسبت في إيمانها خيرا)معطوف على(آمنت),والمعنى أنه لا ينفع نفسا إيمانها عند حضور الآيات متصفة بأنها لم تكن آمنت من قبل ,أو آمنت من قبل ولم تكسب في إيمانها خيرا,فحصل من هذا:أنه لا ينفع إلا الجمع بين الإيمان من قبل مجيء بعض الآيات مع كسب الخير في الإيمان,فمن آمن من قبل ولم يكسب خيرا في إيمانه,أو كسب خيرا ولم يؤمن فإن ذلك غير نافعه)).
فأجاب الشيخان المنشاوي والشطرات على نقل الشيخ السناني بما يلي :
يبدو أن الدكتور غير موفق--كثيرا- في النقل والإستدلال بكلام أهل العلم والعلماء,كما فعل مع أبي جعفر الطبري -آنفا-,وقريب من فعلته هذه ما فعله مع كلام -الشوكاني -هنا,فقد اختصره اختصارا مخلا,ليوهم القرئ أن الإمام الشوكاني لم يذكر في تفسيرهذه الآية غير ما ذكره,إلا أن الواقع ليس كذلك,فقد أخفى الدكتور -هداه اللهتتمة ماجاء في التفسير,ولا نحتاج إلى الكثير من التفكير,لمعرفة الدافع لصنيعه هذا,والذي سيظهر لكل ذي عينين بصيرتن,بعد نقلنا لما أخفاه -هدانا الله وإياه-.
قال الشوكاني بعد كلامه الذي ذكره الدكتور عنه :(وأخرج ابن أبي حاتم والسدي في قوله:(أو كسبت في إيمانها خيرا) يقول:كسبت في تصدقها خيرا:عملا صالحا,فهؤلاء أهل القبلة,وإن كانت مصدقة ولم تعمل قبل ذلك خيرا فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها,وإن عملت قبل الآية خيرا ثم عملت بعد الآية خيرا, قبل منها)).
وهذا الكلام قد ساقه الدكتور في طي كلام الطبري مستدلا به , وقد سبق التعليق عليه,وبينا أن حكم السلف عليهم أنهم مسلمون,كما روى اللالكائي بإسناده في((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) برقم (2009):(عن أب سفيان :قلت لجابر: كنتم تقولون لأهل القبلة :أنتم كفار ؟
قال : لا ,قال : فكنتم تقولون هم مسلمون ؟ قال :نعم)).
ثم ذكر الشوكاني بعده :(( وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله:((أوكسبت في إيمانها خيرا)) قال: يعني المسلم الذ لم يعمل في إيمانه خيرا, وكان قبل الآية مقيما على الكبائر,والآيات الت هي علامات القيامة قد وردت الأحاديث المتكاثرة في بيانها وتعدادها )).
قال الشيخان المنشاوي والشطرات :
فانظر إلى قوله :(المسلم الذي لم يعمل في إيمانه خيرا)لنعرف الدافع لأخفاء هذا الكلام من الدكتور,فقد وصفه بكونه مسلما مع أن لم يعمل في إيمانه خيرا,وهذا خلاف ما يعتقده - أي:السناني-,ولأنه لا يتوافق مع دعوى الإجماع العارية التي يدعيها ,ويدافع عنها .........
قلت :
ولعل في هذا كفاية في الرد على من (يستدل) بكلام الإمام الشوكاني على تكفير تارك (عمل الجوارح)...
والنقل نقلته عن كتاب (برهان البيان بتحقيق أن العمل من الإيمان ) والذي رد به الشيخان (لافي شطرات) و(محمد المنشاوي) على الدكتور عصام السناني وكتابه المسمى( أقوال ذوي العرفان في أن أعمال الجوارح داخلة في مسمى الإيمان) بتقديم الشيخ صالح الفوزان-سدده الله وأصلح له البطانة وأعانه على نفسه-
في حين قدم للكتاب الأول العلامة علي بن حسن الحلبي ومما قاله في تلك المقدمة :
وَمِن أعجَبِ ما ابتُلِينَا به ـ في السَّنَواتِ العِجافِ الأخيرة! ـ: ما خَرَجَ علينا به أناسٌ مِن هُنا أو (هُنالِك ): يتَّهمون بعضَ جِلَّةِ مَشايِخِنا الأكابِر بالعَقائِدِ المُضِلَّة، والمَناهِجِ المُخْتَلَّة، والآراءِ الفَاسِدَةِ المُعْتَلَّة...
لكنَّ هَذا الاتِّهامَ ـ في بعضِ جَوانِبِهِ! ـ لم يكُن صريحاً الصَّراحَةَ الظّاهِرةَ التَّي تَكْشِفُ مَخْبُوءَ صاحِبِهَا، وَتُبَيِّنُ خَطَأ مَقولَتِهِ مِن صائِبِهَا؛ فَتَوَلَّى المُتَّهِمُونَ ـ أنفسُهُم ـ توجيهَ السِّهام إلى جوانِبَ أُخَرَ ذاتِ قِيمَةٍ واعتِبَار.. مُوَجِّهِينَ سِهامَهُم ـ بِقَباحَةٍ ـ نحوَ تَلامِيذِ أولئِكَ المَشَايِخ، وأصحابِهِم، وأبنائِهِم ـ المُدافِعينَ عَنْهُم، الذَّابِّينَ عن كُلِّ ما يُوَجَّهُ إلَيْهِم ـ؛ حتّى إذا تَمَّ إسقاطُهُم، أو (إسكاتُهُم ): آنَ وَقْتُ الصَّراحة ـ وَبِكُلِّ راحَة ـ!!
وَأنّى لِهَذا (المُخَطّط ) أن يَمُرّ؟! وربُّ العالَمِين يقولُ في كِتابِهِ المُبين: {إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَاد}، ويَقُولُ ـ سُبحانَه ـ: {إنَّ الله يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}.
فَكَيْفَ؛ وَهؤُلاءِ الَّذِينَ نُدافِعُ عنهُم ـ واجِباً لازماً في أعناقِنا ـ هُم صفوةُ الأُمَّة، وخِيرَةُ الأئِمَّة؛ مِمَّن أَفْنَوْا أعمارَهُم الميمُونَةَ في نَشْرِ العقيدَةِ الصَّحِيحَةِ، والتَّوحيدِ الحقّ، والسنَّةِ الرَّشيدَة، والعُلُوم المُبارَكة؟!!نعم؛ صَدَرَتْ فتاوى علمِيَّةٌ مِن جِهاتٍ ذاتِ قَدْرٍ وَقِيمَةٍ ـ لَها اعتِبارُها وَمَكانَتُها ـ في بَعْضِ الأعيانِ أوِ المؤلَّفات: فهذه الفتاوى ـ مع التقدير لأصحابها ـ تُوزَنُ في مِيزانِ الحُجَّة، وَتُوضَعُ عَلى مِنضدةِ التّحقيق؛ فاللهُ ـ تعالى- يقول: {قُل هَاتُوا بُرْهَانَكُم إنْ كُنْتُمْ صَادِقِين} (1) .. فالثّباتُ لِلدَّلِيل، لا مَحْضُ الأقاويل...
فالمُرادُ بِما نَقُولُهُ -هُنا- ليسَ أولاءِ المشايخَ الأعيان- الَّذين لا تزالُ لهُم في نفوسِنا مكانَةٌ علِيَّة؛ لِمَا ينصُرونَ بِه التّوحِيدَ والسُّنَّة ـ على ما قَد نؤاخِذُ بعضَهُم عليهِ مِن مَواقِفَ تُعْوِزُهَا البَيِّنَةُ الشَّرعِيَّة، والحُجَّةُ المَرعِيَّة ـ؛ وإنَّمَا المُرادُ: (أولئك ) المُتهافِتُون، المُتوافِدُون، المُتَقاطِرُون، المُسارِعُونَ، المُتَسَرِّعُون: الَّذِينَ تَلَقَّفُوا هذِهِ التُّهَمَ (الجاهِزَة )، فَطارُوا بِها، وَطَيَّرُوها، وَفَرِحُوا بها فَرَحَ الرَّضِيع -بَعْدَ تَجْويع!-، وَجَعَلُوا ذلِكَ كُلَّهُ مادَّةَ كِتَاباتٍ مُتَلَوِّنَةٍ: لها أوَّل، وقد لا يكونُ لها آخِر! فما أَن ننتَهِي من مُطالَعةِ تَسْوِيدٍ، حَتَّى نُفْجَعَ بِتَسْوِيدٍ آخَرَ، وَما أن نفرُغَ مِنه إذا بِنا أمامَ ثالِث.. وهكذا ـ كتَكاثُرِ ظِباءِ خِراش! ـ؛ مِن مثلِ ذاك الفتى الجزائريّ (الدّنمركيّ! ) ـ الظّلُوم ـ الَّذي سَوَّدَ ـ بِصَفاقَتِهِ، وَصَفَقاتِه! ـ مِئاتِ الصَّفْحَاتِ الدَّالَةِ عَلى جَهْلِه، الكاشفةِ عن ضَحالَةِ علمِه، المُبِينَةِ ضآلَةَ عقلِه! والَّذي فَرِحَ بِتَسْوِيدِه، و(قرّظه ) له: اثنان ـ مِن طينتِه ـ ظالِمان، أمدّاهُ (بِمَدَدِهِمَا )، وأعطياهُ مِن (فَيْضِهِما )!!!
فَلَئِن لَمْ نُقِمْ لَهُما ـ هُما- وزناً، لِمعرفِتنا بِحقيقتِهِما، وكشفِنا لِما وَراءَ فِعالِهِما! ـ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ـ؛ فَهَلْ نُقِيمُ وَزْناً لِذلك الكُوَيْتِب الجَهُول المَجْهُول، الّذي يكتُب في مسائِل (الإيمان ) مُنْطَلِقاً (!) مِن (القَرار! ) في بِلادِ الشِّرْكِ والكُفْرَان؟!
{ وَلاَ تُخْسِرُوا المِيزَان} (2) ...
{ مَا لَكُم كَيْفَ تَحْكُمُون}؟! فماذا أنتُم ـ بِرَبِّكُم ـ لِرَبِّكُم ـ قائِلُون؟!!
واليَوْمَ.. أُقَدِّمُ لأهلِ السُّنَّةِ ـ جميعاً ـ مشايخَ، وطلبةَ علمٍ- هذا الكِتابَ اللّطيفَ الرَّائِقَ المُفيدَ ـ إن شاءَ الله ـ؛ وهُوَ يتضَمَّنُ تَأصِيلاتٍ عِلْمِيَّةً، وَضَوابِطَ شرعِيَّةً فِي مَسْألَةِ (الإيمَان )، وما يَنْبَنِي عليها مِن قَضايا (التَّكفِير ) ـ الخطير ـ؛ الَّذِي هُو ـ اليَوْمَ ـ أشدُّ فِتَنِ الأمَّةِ، وأعظَمُ بلاءٍ يُواجِهُها، وأكبرُ تهديدٍ يَنتَظِرُها؛ وَمِمَّن؟!
مِن (بعضِ ) أبنائِها ـ فوا أسفي الشّديد ـ قبل أعدائِها!!!
وَيْكَأَنِّي أرى ـ وَقد لا أصيبُ الحَقّ! ـ : أنّ (فِتنةَ التّكْفِيرِ ) ـ اليَوْمَ ـ تكادُ تكونُ أشدَّ مِن (فتنةِ خلقِ القُرآن ) ـ بالأمس ـ، والَّتي وَقَفَ لها ـ سَدًّا مَنِيعاً ـ الإمامُ المُبَجَّلُ أحمدُ بنُ حَنبَل ـ الثَّابِتُ في الفِتْنَة، والصَّابِرُ في المِحْنَة ـ رحمه الله ـ.
وَلَكِنْ؛ مَن لِهذهِ الفِتْنَةِ ـ اليومَ ـ؟!
ولقد كتبَ هذا الكِتابَ النّافِعَ ـ إن شاءَ اللهُ ـ أخَوانِ فاضِلان مِن إخوانِنا طلبةِ العلمِ الشادِين الجادِّين ـ وَلا نُزَكِّيهِما عَلى الله ـ تعالى ـ؛ ردًّا بِالحَقِّ عَلى من تكلّم بِغيْرِ حَقّ!!
وَقَد طَلَبا مِنِّي ـ جزاهُما اللهُ خَيْراً ـ.مُراجَعَةَ ما كَتَبا، وَالنَّظَر فِيما جَمَعا: ففعلتُ ـ مُستفيداً أو مُفِيداً ـ.بِفضلِ اللهِ ـ وحده ـ...
ثمّ جَهِدَا مَعي ـ بعدُ ـ وفّقهُما المولى ـ لِلتّقديمِ لِكِتابِهِما؛ فتلكَّأْتُ، وتردَّدْتُ، فأصرَّا… فاستجبتُ ـ نُصرةً لِلحقّ ـ وانتِصاراً لأهلِه ـ؛ رضيَ من رضي، وَسَخِطَ مَن سَخِط!
فالحقُّ أحقُّ بالاتِّبَاع، ولو رُمِيَ أهلُهُ ـ بهْتاً ـ بالابتِدَاع…
فليس ذَيّاك الرّامي بأولَ مَن رَمى! وليس هذا المرمِيُّ آخِرَ من رُمِيَ!!
... { وما توفيقي إلاَّ بِالله عليه توكّلتُ وإليه أُنيب }.
وكتب
علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد
الحلبي الأثريّ
بعد صلاة فجر اليوم الثّاني من
شهر الله المحرّم / 1428

(1) انظر ـ مثلاً ـ « الأجوبة المتلائمة... »، و « التنبيهات المتوائمة... » ـ بقلمي.
(2) والعجبُ أن يُسمي كتابه « الميزان »!! وصدق رسولنا : «..يُسمونها بغير اسمها»!
وأما قولك :

فأسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه.
فأقول :
آمين آمين لا أرضى بواحدة........
وهذا الذي نهدف إليه ونحرص عليه .......
والسلام علكم ورحمة الله وبركاته ......
  #4  
قديم 04-19-2011, 02:35 PM
حذيفة حذيفة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 231
افتراضي

اقتباس:
من كان تاركاً لأركان الإسلام وجميع فرائضه ورافضاً لما يجب عليه من ذلك.. ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر
لماذا تجاهلت المسطر يا اخانا الاثر
__________________
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
وإنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني،
صرت أهوى صحته ،

هذا مع أنه لم يعلم بذلك أحد من الناس ،
فكيف إذا كنت قد أذعته في الناس ثم لاح لي الخدش ؟
فكيف لولم يلح لي الخدش، ولكنّ رجلاً آخر اعترض عليّ به ؟
فكيف لوكان المعترض ممن أكرهه ؟
  #5  
قديم 04-19-2011, 05:33 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي

أخي الأثر بارك الله فيك
وحتى يقترن تأصيلك النظري للواقع العملي, هلا بينت لنا:
عند أهل السنة القائلين بعدم كفر تارك أركان الإسلام -عدا الشهادتين- ما هو عمل الجوارح الواجب توافره (جنس العمل !!) ليحكم لهم أنّ قولهم موافق لأقوال أهل السنّة ؟؟
أم لا بد أن يأتي بعمل جوارح وكفى, أي نضع نقطة!!
هل يكفي إماطة الأذى عن الطريق ؟ أم لابد أن يكون واجباً ؟ فهل يكفي ساعتها حسن الخلق أو صلة الرحم ؟
ونحن بانتظار الإجابة
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:39 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.