إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين !!!

[أبو أويس السليماني]

أخرج البخاري في صحيحه [حديث رقم :7109، الفتح] .في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسين بن علي رضي الله عنه:إن ابني هذا لسيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ).
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا إسرائيل أبو موسى ولقيته بالكوفة جاء إلى ابن شبرمة فقال : أدخلني على عيسى فأعظه ، فكأن ابن شبرمة خاف عليه ، فلم يفعل ،
قال : حدثنا الحسن قال : ( لما سار الحسن بن علي رضي الله عنهما إلى معاوية بالكتائب قال عمرو بن العاص لمعاوية : أرى كتيبة لا تولي حتى تدبر أخراها ، قال معاوية : من لذراري المسلمين ؟ فقال :أنا ، فقال عبد الله بن عامر وعبد الرحمان بن سمرة : نلقاه فنقول له : الصلح ، قال الحسن ، ولقد سمعت أبا بكرة قال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب جاء الحسن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ).
قال الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله في فوائد هذا الحديث :
- وفي هذه القصة من افوائد : علم من أعلام النبوة .
-ومنقبة للحسن بن علي فإنه ترك الملك لا لقلة لا لذلة ولا لعلة ، بل لرغبته فيما عند الله لما رآه من حقن دماء المسلمين ، فراعى امر الدين ، ومصلحة الأمة .
- وفيها رد على الخوارج الذين كانوا يكفرون عليا ومن معه ومعاوية ومن معه بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين ، ومن ثم كان سفيان بن عيينة يقول عقب هذا الحديث : قوله : من المسلمين ، يعجبنا جدا ، أخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه عن الحميدي و سعيد بن منصور عنه .
-وفيه فضيلة الإصلاح بين الناس ولاسيما في حقن دماء المسلمين .
- ودلالة رأفة معاوية بالرعية ، وشفقته علفى المسلمين ، وقوة نظره في تدبير الملك ، ونظره في العواقب .
- وفيه ولاية المفضول الخلافة مع وجود الأفضل ، لأن الحسن ومعاوية ولي كل منهما الخلافة ، وسعد بن أبي وقاص و سعيد بن زيد في الحياة وهما بدريان ، قاله ابن التين .
-وفيه جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحا للمسلمين والنزول عن الوضائف الدينية والدنيوية بالمال ، وجواز أخذ المال على ذلك وإعطائه بعد استفاء شرائطه بأن يكون المنزول له أولى بالنازل و أن يكون المبذول من مال الباذل ، فإن كان في ولاية عامة و كان المبذول من بيت المال اشترط أن تكون المصلحة في ذلك ، عامة أشار إلى ذلك ابن بطال قال :يشترط أن يكون لكل من الباذل و المبذول له سبب في الولاية يستند إليه ، وعقد من الامور يعول عليه .
- وفيه أن السيادة لا تختص بالأفضل بل هو الرئيس على القوم و الجمع سادة ، وهو مشتق من السؤدد ، وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس أي الأشخاص الكثيرة .
وقال بن المهلب : الحديث دال على أن السيادة إنما يستحقها من ينتفع به الناس ، لكونه علق السيادة بالإصلاح .
- وفيه إطلاق الابن على ابن البنت ، وقد انعقد الإجماع على أن امرأة الجد والد الأم محرمة على ابن بنته ، و أن امرأة ابن البنت محرمة على جده ، وإن اختلفوا في التوارث .
-واستدل به على تصويب رأي من قعد عن القتال مع معاوية وعلي و إن كان علي أحق بالخلافة و أقرب إلى الحق ، و هو قول سعد بن أبي وقاص وبن عمر ومحمد بن مسلمة و سائر من اعتزل تلك الحروب ، وذهب جمهور أهل السنة إلى تصويب من قاتل مع علي لامتثال قوله تعالى : و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ...الآية .
ففيها الأمر بقتال الفئة الباغية ، وقد ثبت أن من قاتل عليا كانوا بغاة ، و هؤلاء مع هذا التصويب متفقون على أنه لا يذم واحد من هؤلاء بل يقولون اجتهدوا فأخطأوا .....إنتهى .
هذه من الفوائد المنهجية التي ينبغي على طلبة العلم وطالبي النجاة اليوم أن يدققوا فيها ، ويتعضوا من سير سلفنا الصالح في طرق درء الفتن و وأدها قبل ميلادها ، في مسائل الدماء والأعراض وغيرها ...
ولك أيها الطالب أن تنهل من هذا النبع السني الصافي ما تجلي به عن نفسك غشاوة العين ومرض النفس وحب الظهور والتصدروالغلبة وحب الذات .....إلخ
كما أن هذا فيه بيان و وعظ لكثير من إخواننا اليوم الذين يتنافسون على السلطة والمناصب ، في حين تجاهل مصالح الأمة العليا هؤلاء وهؤلاء ، وغرسوا في الأمة بذور الفرقة بناءا على مرض النفوس ...وهذا كله من عدم هظم حق النفس إذا تعارض مع حقوق الدين ثم الأمة !!!
مما نشاهده اليوم في بعض البلدان من بعض الإخوان التقاتل على الحكم وإن كان بعضهم يرى أنه محق في ذلك إلا أن الأمة اليوم لا تستطيع أن تقوم بنفسها فضلا أن تتنازع فتفشل على فشلها فيذهب ريحها ، والله المستعان.
لماذا لا يكون واحد من هؤلاء الأدعياء ممن يدعون أنهم ينتمون إلى أهل البيت أو ممن اغتر بهم يتمثل بعمل الحسن رضي الله عنه في حقن دماء المسلمين ويجعله قدوة لنفسه حقيقة لا ادعاءا .
لماذا اليوم لا يتخلص كثير ممن تحزب على جزء من الدين أو على شخص من الأشخاص أو هيئة أو صفة أو قاعدة ...ففرق الأمة ، لما لا يكون له نصيب من ميراث السلف الصالح فيتخلص من كل شيئ شأنه تفريق المسلمين وإضعاف شوكتهم ولو على حسابه الخاص .
هل نظر كثير من الزعماء اليوم إلى مصلحة الدين ومصلحة المسلمين عموما .....؟؟؟
لا نذهب بعيدا !!! هل نظر كثير من السلفيين اليوم في المصلحة العامة للدعوة السلفية في العالم ؟؟؟ وما حدث من التفرق بينهم والضعف والخوار !!!
لكن التربية التي كان عليها ذلك الجيل وذاك الرعيل لم ينسخ على منوالها ....فهم يريدون الله والدار الآخرة .
فلعلنا نتشبه بالكرام إن لم نكن مثلهم .
لعلنا نتعض من أنفسنا وواقعنا إن لم تعضنا النصوص والآثار !!!
لعلنا نراجع أنفسنا بصدق وحزم ....وننظر أين نحن من كل هذا ؟؟؟!!!
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .
كتبه أخوكم الفقير إلى عفو ربه :
أبو أويس محمد بن علي السليماني .

20 المحرم 1430

[نجيب بن منصور المهاجر]

حفظك الله أبا أويس

[محمد أشرف]

بارك الله فيك

[عبد المالك همام الونشريسي]

بارك الله فيك يا أبا أويس
لقد اشتقنا لرؤيتك