أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
41629 89571

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-23-2012, 04:59 AM
أم معاذ أم معاذ غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: تونس
المشاركات: 55
Arrow ضوابط وآداب أهل السنة والجماعة في الحكم على المخالفين

ضوابط وآداب أهل السنة والجماعة في الحكم على المخالفين
إن التحقق بصفة العدل، وسلوك درب المنصفين يلزم معه التأدب بآداب خاصة، هذه الآداب التزم بها أهل السنة والجماعة .
والكلام في نقد الرجال وإصدار الحكم منزلق خطير لا بد من ضبطه وإحكامه حتى لا يتجرأ المتجرئون فيجرح العدل ويقدح في الثقة، وإليك أهم هذه الآداب:
أولا: التجرد وتحري القصد عند الكلام على المُخالفين.
مطلوب من المسلم أن يُخلص في كل قول وعمل ، وقد تلتبس المقاصد عند الكلام عن المخالفين، فهناك قصد حب الظهور، وقصد التشفي والانتقام، وقصد الانتصار للنفس أو للطائفة التي ينتمي إليها الناقد، وقد حذر شيخ الإسلام ابن تيمية من يرد على أهل البدع من التباس المقاصد، يقول رحمه الله مبينًا خطر الهوى: " وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه، فلا يستحضر ما لله ولرسوله في ذلك ولا يطلبه ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، ويكون معه مع ذلك شبهة دين أن
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 248)
الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة وأنه الحق وهو الدين، فإذا قدر أن الذي معه هو الحق المحض دين الإسلام ولم يكن قصده أن يكون الدين كله لله وأن تكون كلمة الله هي العليا بل قصد الحمية لنفسه وطائفته، أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه أو لغرض من الدنيا لم يكن لله، ولم يكن مجاهدا في سبيل الله
فانظر إلى ما يحدثه الهوى والتعصب من البغي والظلم والفتن فتجد بعض المسلمين يقيم ولاءه وبراءه على أساس الانتماء لطائفته أو جماعته، أو لسائرين على منهجه، فيواليهم ويتبرأ من المسلمين الذين خالفوه مخالفة لا تخرجهم عن الإسلام.
يقول الإمام ابن القيم واصفًا من يتعصب لرأي أو هوى: " وكل أهل نحلة ومقالة يكسون نحلتهم ومقالتهم أحسن ما يقدرون عليه من الألفاظ ومقالة مخالفيهم أقبح ما يقدرون عليه من الألفاظ، ومن رزقه الله بصيرة فلا يغتر باللفظ وكما قيل: " والحق قد يعتريه سوء تعبير".
ثانيًا: أهمية التبين والتثبت قبل إصدار الأحكام واتخاذ المواقف.
إن الاستعجال في إصدار الأحكام على الآخرين واتخاذ المواقف منهم أو توجيه نقد إليهم يعرض صاحبه للزلل والخطأ، إذ لا بد
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 249)
من التثبت، والأصل في ذلك قوله تعالى: ، لقد عاب الله تعالى على المتسرعين في نقل الأقوال وإشاعة الأخبار من غير تبين فقال سبحانه: وتتأكد أهمية التبيّن والتثبت في هذا العصر الذي قل فيه العلم وضعف الإيمان، وفشا فيه الهوى، وتجرأ على الكذب فيه كثير من الناس ، وخاصة في أدوات ووسائل نقل الأخبار كالصحف ووكالات الأنباء التي تعتمد على أسلوب الإثارة والتضخيم والزيادة والتحريف في الأخبار والتحليلات، واستهداف ضرب العلماء والدعاة بعضهم ببعض، وزرع الفتنة بين شباب الصحوة حتى ينشغلوا ببعضهم، وأكد الحسن البصري هذا المعنى فقال " المؤمن وقَّاف حتى يتبين ".
وهنا بعض التنبيهات النافعة في موضوع التثبت وهي:
1 - لا بد من التأكد من عدالة ناقلي الأخبار والأقوال لأن الله تعالى
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 250)
يقول: فالفاسق لا يقبل قوله ولا يصدق خبره، وسماه الله فاسقًا لنقله الخبر حتى يتبين صدقه.
2 - لا بد أن يكون الناقل للقول أو الخبر ضابطًا متقنًا جيد الفهم ؛ لأن هناك من المؤمنين العدول من لا يكون ضابطًا، أو يكون سيئ الفهم، يفهم الكلام على غير معناه وإلى ذلك أشار النبي بقوله: نضَّر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها ، ثم أداها لمن لم يسمعها، فرب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
3- الاتصال بالجهة أو الشخص الذي نقل الخبر أو الفتوى والتأكد من صدورها منه.
ثالثًا: لزوم حمل الكلام على أحسن محامله، ما دام يحتمل ذلك وإحسان الظن بالمسلمين.
اختصت اللغة العربية بأن الكلمة الواحدة تحتمل عدة معان مثل كلمة (وراء) تكون بمعنى أمام وخلف قال تعالى: أي أمامهم.
ومنها كلمة (الصارخ) تكون بمعنى المستغيث والمغيث، ومما
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 251)
يدخل تحت ذلك أن الكلمة قد تكون حقيقية ومجازًا وكناية وتعريضًا، وتختلف الكلمة باختلاف سياقها وما يقصد كاتبها.
فمثال اختلاف معنى الكلمة الواحدة باختلاف البلدان والأماكن، ما ذكره ابن حبان أن أهل الحجاز يقولون (كذب فلان) ويقصدون أنه أخطأ
وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا، وأنت تجد لها في الخير محملا " يقول ابن القيم : " والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد منها أحدهما أعظم الباطل ويريد الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عليه "
وهذا ابن القيم يقدم الاعتذار عن الصوفية وما يصدر منهم من الكلمات المحتملة فقال: " فاعلم أن في لسان القوم من الاستعارات وإطلاق العام وإرادة الخاص وإطلاق اللفظ وإرادة إشارته دون حقيقة معناه ما ليس في لسان أحد من الطوائف، ولهذا يقولون: "نحن أصحاب إشارة لا أصحاب عبارة، والإشارة لنا والعبارة لغيرنا" وقد يطلقون العبارة التي يطلقها الملحد ويريدون بها معنى
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 252)
لا فساد فيه، وصار هذا سببًا لفتنة طائفتين: طائفة حملوا عليهم بظاهر عبارتهم فبدّعوهم وضللوهم، وطائفة نظروا إلى مقاصدهم ومغزاهم فصوَّبوا تلك العبارات وصححوا تلك الإشارات "
وأورد ابن القيم بعض تلك الإشارات والألفاظ التي يستعملها الصوفية مثل: الاتصال والانفصال ومسامرة ومكالمة ثم قال: " والعارفون من القوم أطلقوا هذه الألفاظ ونحوها ، وأرادوا بها معاني صحيحة في نفسها ، فغلط الغالطون في فهم ما أرادوه، ونسبوهم إلى إلحادهم وكفرهم "
والأصل في المسلم أن يحاول الابتعاد عن الكلمات والألفاظ المحتملة وأن يستعمل الألفاظ الطيبة، وهذا ما جاء به الأدب القرآني في قوله تعالى : ولكن إذا ما سمع السلف كلامًا محتملاً فإنهم لا يترددون في حمله على المحمل الحسن، وهناك أمثلة عديدة تدل على ذلك :
يقول ابن تيمية : " وهذا كحال كثير من الصالحين والصادقين
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 253)
وأرباب الأحوال والمقامات يكون لأحدهم وجد صحيح وذوق سليم ، ولكن ليس به عبارة تبين كلامه ، فيقع في كلامه غلط وسوء أدب مع صحة مقصوده"
ومن ذلك أيضًا عندما حكى شيخ الإسلام مقالة الجنيد " التوحيد إفراد القدم من الحدث" قال شيخ الإسلام : " قلت هذا الكلام فيه إجمال، والمحق يحمله محملا حسنا وغير المحق يدخل فيه أشياء، وأما الجنيد فمقصوده التوحيد الذي يشير إليه المشايخ، وهو التوحيد في القصد والإرادة ، وما يدخل في ذلك من الإخلاص والتوكل والمحبة ، وهو أن يفرد الحق سبحانه بهذا كله فلا يشركه في ذلك محدث"
فانظر إلى هؤلاء الأعلام كيف أنصفوا هؤلاء القوم، وحملوا عباراتهم محملا حسنا مع إمكانهم أن يحملوها على المحمل الآخر
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 254)
ولكن هو الأدب العالي وحب الإنصاف.
رابعًا: ضرورة الجمع بين النصوص والمقالات وعدم اعتماد الناقد على نص واحد أو مقالة واحدة.
كثير من العلماء يتعرض إلى القضية الواحدة في أكثر من موضع وأكثر من كتاب فمرة يتحدث بصيغة الإجمال وأخرى بالتفصيل ومرة بالإطلاق وأخرى بالتقييد، وقد يتغير رأيه في المسألة الواحدة.
ولا بد في هذه الحالة من جمع المقالات التي تعرض فيها لتلك القضية، ومن ثم حمل المجمل على المفصل والمبهم على الواضح، والعام على الخاص والمطلق على المقيد، ويرجح المنطوق على المفهوم والعبارة على الإشارة والجلي على الخفي ، والمتأخر على المتقدم ، تحقيقا للإنصاف ودرء التسارع في الانتقاد والاتهام.
فكثير من العلماء قال قولا يظن صحته، ثم يرجع عنه إلى قول آخر ومن ذلك قول الذهبي في ترجمة أبي بكر الشلبي " لكنه كان يحصل له جفاف دماغ وسكر فيقول أشياء يعتذر عنه فيها " فهل يؤاخذ أبو الحسن الأشعري بمذهبه في الصفات قبل أن يرجع عنه إلى مذهب السلف؟ وهل يجوز أن ينسب إلى ابن عباس القول بجواز
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 255)
ربا الفضل وتجويز نكاح المتعة؟ وإذا كان من آداب التعامل مع السنة النبوية أن تجمع الأحاديث الواردة في موضوع واحد ويرد متشابهها إلى محكمها ويحمل مطلقها على مقيدها، ويفسر عامها بخاصها، فكذلك يكون التعامل مع أقوال العلماء والدعاة والمفكرين
خامسًا: المسلم يوزن بحسناته وسيئاته ، والعبرة بكثرة الثواب والمحاسن ومن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله .
يلحظ على بعض الذين ينتقدون المخالفين لهم أنهم يركزون على ذكر الأخطاء والنقائص والعيوب ، ويغفلون الصواب والخير والحسنات ، وهذا بخس وظلم للناس ، ومخالفة لمنهج أهل الحق والعدل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أبغض الرجال إلى الله عز وجل الذي يقتدي بسيئة المؤمن ويدع حسنته
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 256)
وهذا ما دعا الشعبي أن يقول: " لو أصبت تسعا وتسعين مرة وأخطأت مرة واحدة لأعدوا علي تلك الواحدة
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يُذكِّر عمر بحسنات حاطب بن أبي بلتعة حينما اتهمه عمر بالنفاق ؛ لأن حاطبا بعث إلى قريش يعلمهم بعزم رسول الله على غزوهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر : وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم
وهذه عائشة رضي الله عنها لم تنس موافق حسان بن ثابت حينما كان ينافح بشعره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خاض في حديث الإفك سمعت عروة بن الزبير يسب حسانًا فقالت: يا ابن أخي دعه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول محمد بن سيرين " ظلم لأخيك أن تذكر أسوأ ما رأيت وتكتم خيره "
ويقول تلميذه الذهبي مقررا هذه القاعدة: " إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يغفر زلـله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه ونرجو له التوبة من ذلك ".
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 257)
ويقرر هذه القاعدة أيضا تلميذه الآخر ابن القيم حيث يقول: " وأيضا فإنه يعفى للمحب وصاحب الإحسان العظيم ما لا يعفى لغيره ويسامح بما لا يسامح به غيره وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: انظر إلى موسى صلوات الله وسلامه عليه رمى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه بيده ، فكسرها ، وجر بلحية نبي مثله ، وهو هارون ، ولطم عين ملك الموت ففقأها ، وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد ورفعه عليه وربه تعالى يحتمل له ذلك كله ويحبه ويكرمه ويدلله لأنه قام لله تعالى تلك المقامات العظيمة في مقابلة لأعدى عدو له ، وصدع بأمره ، وعالج أَمتَي القبط وبني إسرائيل أشد المعالجة فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر
ثم قال : " فالأعمال تشفع لصاحبها عند الله ، ولهذا من رجحت حسناته على سيئاته أفلح، ولم يعذب ووهبت له سيئاته لأجل حسناته "
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : " فإذا تحققتم الخطأ بينتموه، ولم تهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة أو مائة أو مائتين أخطأت فيهن، فإني لا أدعي العصمة
وقد قال تعالى: .
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 258)
سادسًا: كلام الأقران يطوى ولا يُروى .
وهذه قاعدة قررها جمهور السلف، وعلماء الجرح والتعديل، فقد يحصل بين الأقران شيء من الاختلاف في المسائل العلمية، فيؤدي ذلك إلى وقوع بعضهم ببعض من غير عدل، وهذا الاختلاف بين الأقران لا يقع بين العلماء والمحدثين فقط بل يقع أيضًا بين الدعاة وشتى العاملين في حقل الدعوة الإسلامية وفي ذلك يقول ابن عباس رضي الله عنهما: " خذوا العلم حيث وجدتم . ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة "
وقال الإمام الذهبي : " كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب أو لحسد، وما ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرًا من العصور سلم منه أهله من ذلك، سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس "
ومن الأمثلة على ما يحدث بين الأقران:
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 259)
ما أورده الذهبي في ترجمة الحافظ أبي نعيم فقال: " وكلام ابن منده في أبى نعيم فظيع لا أحب حكايته، ولا أقبل قول كل منهما في الآخر، بل هما عندي مقبولان "
سابعًا: وقوع الخطأ من شخص لا يلزم وقوعه ممن هو على مذهبه أو طائفته أو جماعته .
قد يسير المسلم على مذهب أو طريقة، أو مع جماعة، فإذا أخطأ هذا المسلم فينبغي أن نقول أخطأ فلان، ولا نقول المذهب الفلاني أخطأ أو أصحاب الطريقة أخطؤوا أو الجماعة الفلانية أخطأت، إلا إذا ثبت أن المذهب أو الجماعة أقرت ذلك المخطئ فتخطئة الطائفة لخطأ أحد أفرادها ليس من العدل والإنصاف، وما أحسن ما ذكره الدكتور زيد عبد الكريم الزيد حيث قال: " ولأجل هذا لا يصلح أن ننتقد جماعة لخطأ وقع فيه بعض من ينتمي إليها، حتى ولو كان هذا الخطأ صدر من رئيسها، إذ ليست كل أقواله وأفعاله تنسب إلى الجماعة وتتحمل تبعتها، وإن من يُعيب جماعة من الجماعات الإسلامية لخطأ بعض أفرادها، فمثله كمثل من يعيب جهلا أو ظلما للإسلام، ألسنا نقول للناس لا تنظروا إلى الأفراد، ولكن انظروا إلى الإسلام بصفته وحيا في القرآن والسنة، وعندها ستجدونه شرعا فريدا ".
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 260)
ثامنًا : نقد الآراء وبيان الخطاء دون نقد الأشخاص ما أمكن ذلك.
بعض المنتقدين لا يفرق بين نقد الرأي ونقد صاحب الرأي فتجده يحمل على صاحب الرأي ويوجه له العبارات الجارحة والكلمات النابية، ونجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حصل خطأ من بعض الصحابة لا يُسميهم بل يقول " ما بال رجال أو ما بال أقوام يقولون كذا وكذا" .
ما حصل بين الشاطبي وبين أحد علماء عصره من المبتدعة من نقاش حول مسألة الدعاء الجماعي بعد الصلوات، ومع أن المبتدع أشتد في رده على الشاطبي إلا أن الشاطبي ناقشه مناقشة طويلة ومع ذلك لم يذكر اسم هذا الشيخ نهائيا.
وقد نهى السلف عن التشهير بالرجال إلا إذا كان هناك مصلحة راجحة في ذكره، لأن الأصل هو الستر على المسلمين، وقد ذكر الدكتور بكر أبو زيد هذه المسألة فقال: " الأصل هو الستر والعمل على دفع دواعي الفرقة والوحشة وعدم الموافقة، فالرد ينصب على المقالة المُخالفة المذمومة لا على قائلها "
تاسعًا: لازم القول ليس قولاً، وعدم الإلزام لما لا يلزم.
تجد بعض المسلمين ينسبون إلى شخص أو طائفة قولا أو رأيًا لم يقل به على وجه التصريح، وإنما هو من باب الإلزام بالمفهوم، فهو حينما قال كذا فيلزم من قوله كذا. وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 261)
تيمية : " والصواب: أن لازم مذهب الإنسان ليس بمذهب له إذا لم يلتزمه، فإنه إن أنكره ونفاه كانت إضافته إليه كذبا عليه " وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي : " والتحقيق أن الذي يدل عليه الدليل، أن لازم المذهب الذي لم يصرح به صاحبه، ولم يشر إليه، ولم يلتزمه ليس مذهبًا، لأن القائل غير معصوم، وعلم المخلوق مهما بلغ فإنه قاصر، فبأي برهان تلزم القائل ما لم يلتزمه وتقوله ما لم يقل "
عاشرًا: الامتناع عن المجادلة المُفضية إلى النزاع.
حذَّر الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من الجدال، فقال: وقال: وقال: وبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الجدل والمراء يؤديان إلى الضلال فقال: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم قال ، وجاء وعده صلى الله عليه وسلم
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 262)
ببيت في الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا والجدال الممنوع: هو الجدال المُفضي إلى النزاع والخصومة الذي يُراد منه الوصول إلى الحق، أو يقصد منه تعجيز الغير وإفحامه، أو الانتصار للنفس أو غير ذلك من المقاصد السيئة. ورحم الله الإمام الشافعي حيث قال: "ما ناظرت أحدا فأحببت أن يخطئ" . وقال أيضًا: "ما ناظرت أحدا ، إلا قلت: اللهم أجرِ الحق على قلبه ولسانه. فإن كان الحق معي اتبعني، وإن كان الحق معه اتبعته" . وقال أيضًا: "ما ناظرت أحدا إلا على النصيحة
الحادي عشر: حمل كلام المخالف على ظاهره وعدم التعرض للنوايا والبواطن .
والأصل في هذه القاعدة حديث أبي سعيد الخدري في قصة الرجل الذي اعترض على قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله : اتق الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ويلك ! أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله" ؟ قال ثم ولَّى الرجل، فقال خالد بن الوليد : " يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ فقال
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 263)
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أؤمر أن أنقّب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم ويؤيده حديث أسامة بن زيد حينما قتل المشرك بعد أن قال: لا إله إلا الله، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك عليه فقال أسامة: إنما قالها متعوذًا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا شققت عن قلبه
فما في القلوب لا يعلمه إلا الله هو الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، وإنما نحن مأمورون بالأخذ بظاهر الإنسان وظاهر كلامه. ومما يدل على ذلك أيضًا ما رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " إن أناسا كانوا يؤاخذون بالوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، فمن أظهر لنا خيرًا أمّناه وقربناه ، وليس لنا من سريرته شيء، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نقربه ، ولم نصدقه ، وإن قال: إن سريرته حسنة.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم المنافقين بأسمائهم وقد استأمن حذيفة بن اليمان على أسمائهم، ومع ذلك عاملهم بالظاهر منهم وهو الإسلام.
وفي هذه الأيام ظهرت ظاهرة غريبة ، وهي أن نفرا ممن ينتسب إلى العلم اشرعي والدعوة إلى الله يتهمون بعض طلاب العلم والدعاة
(الجزء رقم : 93، الصفحة رقم: 264)
في نواياهم ومقاصدهم، فيقدحون بالنيات بالرياء والمُباهاة، وقد نقل الشيخ عبد الله بن قعود عن بعضهم قوله: " فلان سلفي الظاهر مبتدع الباطن " فانظر كيف وصل الحال بهؤلاء حينما لم يتقيدوا بهذه القاعدة، ولا شك أن هذا مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة الذين يأخذون الناس بظواهرهم ويكلون النوايا والبواطن إلى الله.


مجلة البحوث الإسلامية
تصفح برقم المجلد > العدد الثالث والتسعون - الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الآخرة لسنة 1432 هـ > البحوث > أدب الاختلاف في العقائد عند أهل السنة والجماعة > الفصل الثاني أهل السنة والجماعة > المبحث الثالث قواعد في منهاج أهل السنة والجماعة مع الآخرين ويتضمن
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-23-2012, 08:50 PM
الأثرية الأثرية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
الدولة: السودان
المشاركات: 386
افتراضي

جزاك الله خيرا..
موضوع مفيد ومثمر.
‏.
__________________
العلم قال الله قال رسوله §§ قال الصحابة هم أولو العرفان@
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-23-2012, 11:45 PM
أم معاذ أم معاذ غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: تونس
المشاركات: 55
افتراضي

و اياك اختي بارك الله فيك
__________________
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:15 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.