أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
68762 104572

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > ملتقى الحوارات و النقاشات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-25-2013, 10:47 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
Lightbulb مقومات نجاح الأئمة والخطباء


بسم الله الرحمن الرحيم

مقومات نجاح الأئمة والخطباء

http://www.islamdeeny.com/books-446.htm


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-25-2013, 11:00 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



مقومات
نجاح الأئمة والخطباء


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}( )

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}( )

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أعمالكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}( )

أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد() ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.

يقول الحق – سبحانه وتعالى - :{ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }( ).

قال ابن جرير الطبري – رحمه الله - :"يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - :{قل} يا محمد، هذه الدعوة التي أدعو إليها ، والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعته، وترك معصيته {سبيلي}، وطريقتي ودعوتي، {أدعو إلى الله} وحده لا شريك له {على بصيرة}، بذلك، ويقينِ عليمٍ منّي به {أنا و}، يدعو إليه على بصيرة - أيضًا – {من اتبعني} وصدقني وآمن بي {وسبحان الله}، يقول له - تعالى ذكره -: وقل، تنزيهًا لله ، وتعظيمًا له من أن يكون له شريك في ملكه، أو معبود سواه في سلطانه:{وما أنا من المشركين}، يقول: وأنا بريءٌ من أهل الشرك به ، لست منهم ولا هم منّي".( )

ولا ريب أن الأئمة والخطباء هم من خواص اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم - ، والواجب عليهم أن يتأسوا به ، فإن أعظم أصل في نجاح الدعاة ما تؤسس عليه الدعوة الربانية ، وهو متابعة الرسول – صلى الله عليه وسلم – في دعوته .

ومنطلقاتها الكبار ما بُيِّن في الآية وهي :

أولاً / يجب أن تكون الدعوة الربانية مبنية على الإخلاص لقوله:{أدعو إلى الله}، فهو – سبحانه – المقصود من عمل الداعية، أي: قصد بدعوته أن يتقرب إلى الله ، لذلك ذكر الإمام المجدد في كتاب التوحيد - باب الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله – أن من المسائل المستفادة من هذه الآية : المسألة الثانية : "التنبيه على الإخلاص ، لأن كثيرا من الناس لو دعا إلى الحق ، فهو يدعو إلى نفسه". انتهى . فالواجب على الداعية أول ما يؤسس دعوته على الإخلاص لله – سبحانه وتعالى - .

ثانياً / وكذلك في قوله – تعالى -:{أدعو إلى الله}، بيان الغاية من الدعوة النبوية ،{إلى الله}، أي: إلى توحيده، بإفراده بما يجب له، فلا إله غيره ولا رب سواه.

وهذه الحقوق الواجبة لله وحده هي أصل سعادة العبد ونجاته ولا سبيل للعقل أن يدركها على التفصيل إلا عن طريق الرسالة النبوية . فضرورة العبد في المعاش والمعاد، للسعادة والنجاة، متوقفة على بلوغ الرسالة إليه لضرورة توقف حياة قلبه ونجاته، على الإيمان والتقوى .

لذلك يتعين نشر الدعوة النبوية على فئة من المسلمين - ومن بينهم الأئمة والخطباء – لحاجة العباد إليها - ضرورة -، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " فالنفوس أحوج إلى معرفة ما جاء به وإتباعه منها للطعام والشراب، فإن هذا إذا فات حصل الموت في الدنيا، وذاك إذا فات حصل العذاب " . . . إلى أ ن قال : " فلهذا كان تبليغ الدين من أعظم فرائض الإسلام، وكان معرفة ما أمر الله به رسوله واجبا على جميع الأنام."(مجموعة الفتاوى:1/5).

ثالثاً / أن الوسيلة الصحيحة الموصلة إلى غايتها هي : ( البصيرة ) ، وهي كمال العلم ، لقوله – تعالى - : { على بصيرة } .

وتشمل ( البصيرة ) في الدعوة : العلم بالحق مقترناً بدليله ، ومعرفة حال المخاطب به ، ومعرفة طرق إيصاله إلى المدعوين من جهة الوقت ، وأسلوب الخطاب ونحوها .

وحقيقة البصيرة : هي العلم بكل ما يتوقف عليه نشر الرسالة النبوية كما بلغها النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى العالمين .

ومن هذه الحقيقة الجليلة كان منطلقنا في كتابة هذا البحث بعنوان : " مقومات نجاح الأئمة والخطباء " . مبتغين منه بيان العوامل المفضية بالأئمة والخطباء إلى بلوغ المقصود من وظائفهم الشرعية المناطة بهم .

وهي ثلاثة أنواع من المقومات :

1) مقومات الإعداد
. وتشمل : الإعداد الحسي ، والإعداد المعنوي .

2) مقومات الأداء . وتشمل : مقاصد الخطاب ، وأساليب الخطاب .

3) مقومات الاقتداء . وتشمل : آداب القدوة في نفسه ، وآدابه في عشرته .

وسيأتي – بإذن الله – تعالى – تفصيل ذلك في ثنايا هذا البحث .

رابعاً / يظهر من خلال بيان المقصود من الدعوة النبوية ومعرفة الغاية منها والوسيلة الموصلة إلى ذلك أنها تخالف الشرك لمخالفة الداعي إلى الله للمشركين – غايةً وقصداً ووسيلةً - لأنه قال:{وسبحان الله وما أنا من المشركين} .

ومن هذه المنطلقات تبدأ قوافل الدعاة ، ومنهم : الأئمة والخطباء تجوب الآفاق مبددة ظلمات الجهل والأهواء بأنوار مشكاة الرسالة سالكين درب الأنبياء .

ويا ويح من تخلف عن ركب الدعاة أسيراً لشهوة ، أو مفتوناً بهوى .

وفاز بالوصل من قد جد وانقشعت *** عن أفقه ظلمات الليل والسحب
كم ذا التخلف والدنيا قد ارتحلت *** ورسل ربك قد وافتك في الطلب


( يتبع . . . ) - إن شاء الله - .


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-25-2013, 11:18 PM
عبيد 25 عبيد 25 غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
المشاركات: 57
افتراضي ليسهل علينا تحميلها في أجهزة الجوال

جزاك الله خيراً شيخنا

حبذا لو تحولوا جميع مقالاتكم الى صيغة pdf
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-26-2013, 06:00 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


أخي الفاضل
عبيد 25
وجزاك الله مثله
وابشر لك ما تريد - إن شاء الله - .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

نبين في هذه المقدمة معاني مفردات عنوان البحث حتى نمهد لفهم مقاصده الكبار ومن الله التوفيق .

• [مقومات] : جمع ( مقوِّم)، وهو اسم فاعل من : قوَّم يقوِّم .
وفي اللغة : " قَوَّمْتُه : عَدَّلْتُه فهو قَويمٌ ومُسْتَقِيمٌ " (القاموس المحيط : ص/1487) . " و ( قَوَّمْتُهُ ) ( تَقْوِيماً ) ( فَتَقَوَّمَ ) بمعنى عدلته فتعدل " (المصباح المنير:2/520) .
والمقوِّم : هو كل سبب يفضي إلى استقامة ما يوصل إليه .

• [نجاح] : " النَّجَاحُ بالفتح . . . : الظَّفَرُ بالشيء " (القاموس المحيط : ص/311) ، و " يقال نَجَحَ إِذا أَصاب طَلِبَتَه " (لسان العرب : 2/611) .
فالمقصود – هنا – ظفر الأئمة والخطباء في توجيه الناس وتعليمهم بتعاطيهم الأسباب الشرعية الموصلة إلى مقصود الشارع من تكليفهم بالعمل المناط بهم .

• [الأئمة] : جمع إمام ، وهو " ما ائْتُمَّ به من رئيسٍ أو غيرِهِ " (القاموس المحيط : ص/1392) ، (لسان العرب : 12/22) .
والمراد – هنا - : " من يؤتم به في الصلاة " (التعريفات : 90) .

• [الخطباء] : " جَمْع الخَطِيب . . . ، وخَطُبَ بالضم خَطابَةً بالفَتْح صار خَطِيباً " ، و : " الخُطْبَة اسمٌ للكلام الذي يَتَكَلَّمُ به الخَطِيب " (لسان العرب :1/360) .
والمراد – هنا – : خطيب المسجد ، وهو " معروف " ( العامي الفصيح : 7/7) .

النوع الأول / مقومات الإعداد .

اعلم – وفقك الله – أن إعداد الإمام أو الخطيب نفسَه للقيام بالتكاليف الشرعية المناطة به مطلب أصلي يتوقف عليه ظفره بمقصود هذه الوظائف الشرعية .

ومقومات الإعداد : هي كل سبب – حسي أو معنوي – يتوقف عليه تمكن الإمام أو الخطيب من تحقيق مقصود تكليفه الشرعي .

فيظهر لنا من خلال ما تقدم أن مقومات الإعداد تشمل قسمين :

القسم الأول / الإعداد الحسي : وهو كل سبب يتوقف عليه تحقيق أهلية الإمام أو الخطيب العلمية .

وأهليتهما العلمية تعني صلاحيتهما من جهة العلم للقيام بالإمامة أو الخطابة ؛ فإن الإمامة والخطابة من الوظائف الشرعية التي اعتنى بها النبي – صلى الله عليه وسلم – ببيان أحكامها ، مما يجوز أو يمنع ، ومما يجب أو يستحب .

والمتأمل في النصوص الشرعية يجد أن القيام بهاتين الوظيفتين يتوقف على نسبة من العلم لا يمكن تحقيق مقصودهما إلا بها .

فمقصود الإمامة : القيام بفرض الصلاة في المساجد جماعة .

وهذا المقصود فيه مطالب لا يوصل إليها إلا بالعلم ، منها :

1. إن القيام بالصلاة على أتم الوجوه يتوقف على العلم بكيفية صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم - .

2. إن كونها في المساجد يلزم منه معرفة أحكام المساجد .

3. إن كونها تؤدى جماعة يلزم منه معرفة أحكام إمامة الناس ، وأحكام الإمام والمؤتم.

ومقصود الخطابة : تعليم الناس وتذكيرهم .

وهذا المقصود – أيضاً – لا يوصل إليه إلا بالعلم ، مع ما سبق من مطالب تحقيق الإمامة ؛ لأن الخطيب إمام كذلك .

فظهر مما سبق أن الإمام أو الخطيب لا يصل إلى مقصود الإمامة أو الخطابة حتى يتم تأهيله العلمي للقيام بتكليفه الشرعي .

ولتحقيق هذه الأهلية في الإمام والخطيب حتى يؤديا ما انيط بهما على الوجه الذي يحقق المقصود الشرعي من هاتين العبادتين لا بد من العناية بالعلوم التالية :

أولاً / العناية بعلم التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، وأصله تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله . وذلك بدراسة كتب العقيدة الصحيحة ، ومنها :

أ‌- القرآن ، وتدبر معناه على كتب التفسير المعتمدة كتفسير ابن كثير ، والسعدي – رحمهما الله - .

ب‌- القواعد الأربع .

ت‌- الأصول الثلاثة .

ث‌- كتاب التوحيد .

ج‌- كشف الشبهات ، وهذه الأربعة للإمام محمد بن عبد الوهاب .

ح‌- العقيدة الواسطية ، لشيخ الإسلام ابن تيمية .

خ‌- القواعد المثلى ، للعلامة ابن عثيمين .

د‌- العقيدة الطحاوية ، للطحاوي .

ونحوها من كتب أهل السنة والجماعة في العقيدة الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة بفهم السلف الكرام من هذه الأمة .

ثانياً / العناية بتحقيق المتابعة الذي هو تجريد الطاعة للرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وأصله تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله . وذلك بدراسة كتب السنة ، ومنها :

أ‌- الابداع في كمال الشرع وخطر الابتداع ، للعلامة ابن عثيمين .

ب‌- علم أصول البدع ، للشيخ علي الحلبي .

ت‌- صفة صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – من التكبير إلى التسليم كأنك تراها ، للألباني .

ث‌- إصلاح المساجد من البدع والعوائد للعلامة القاسمي .

ثالثاً / العناية بكتاب الله – تعالى – القرآن حفظاً ، وتلاوةً . وذلك

أ‌- بحفظ ما تيسر من القرآن الكريم .

ب‌- الاعتناء بكتب علم التجويد ، ومنها : ( هداية المستفيد ، و متن الجزرية ) .

رابعاً / العناية بجانب الأحكام الشرعية – عبادات ومعاملات - ؛ لأنها مقصود أصلي للرسالة النبوية ، كما قال – تعالى - : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56] . وذلك بدراسة كتب فقه الحديث النبوي ، ومنها :

أ‌- الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز ، للشيخ عبد العظيم بدوي .

ب‌- الروضة الندية ، للعلامة صديق حسن خان .

ت‌- سبل السلام في شرح بلوغ المرام ، للعلامة الصنعاني .

خامساً / العناية بجانب أحكام السلوك والآداب وتزكية النفوس ؛ لأنها من المقاصد الرسالية ، كما قال – تعالى - : {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[آل عمران: 164]. وذلك بدراسة كتب الحديث الجامعة للآداب والسلوك ، ومنها :

أ‌- الأربعون النووية .

ب‌- رياض الصالحين ، كلاهما للنووي .

ت‌- الترغيب والترهيب ، للمنذري .

سادساً / الكتب التي تتناول جانب السيرة النبوية ، والشمائل المحمدية التي تعرف العباد بالنبي – صلى الله عليه وسلم – من جهة نسبه ونشأته وأيامه . . . إلخ ، وذلك بدراسة كتب السيرة النبوية ، ومنها :

أ‌- الفصول في السيرة لابن كثير .

ب‌- الرحيق المختوم ، للمباركفوري .

ت‌- زاد المعاد ، للعلامة ابن القيم .

سابعاً / العلوم الأخرى التي تمكن الإمام والخطيب من البيان الواضح ، واللغة السليمة ، والحجة المتينة . وذلك بدراسة كتب علوم الآلة ، ومنها :

أ‌- في اللغة : ( متن الآجرومية لابن آجروم ، وقطر الندى لابن هشام ) .

ب‌- في مصطلح الحديث : ( البيقونية للبيقوني ، والباعث الحثيث لابن كثير ) .

ت‌- وفي أصول الفقه : ( متن الورقات ، للجويني ، والمذكرة للشنقيطي ) .

وما ذكرناه في هذا الباب هو على سبيل المثال ، والمقصود منه الوقوف على أوليات هذه العلوم ، وأن يكون الإمام والخطيب على دراية تامة بما لا يسعه جهله ، لينهض بواجبات ما تقصده من الإمامة والخطابة على وجه يحقق فيه مقصود هاتين العبادتين الجليلتين .

تنبيه : طريقة مقترحة في مقدمات نافعة لإعداد الخطب تعتمد الخطوات التالية :

اجعل لك ( كراسة ) خاصة تكتب فيها ما يتعلق بالخطب ، وذلك من خلال مطالعتك وسماعك وقراءتك في الكتب ، فتدون كل ما يمر بك مما تراه مناسباً للخطبة من الفوائد واللطائف ونحوها ، فستتجمع عندك مادة نافعة تمد بها خطبك ومحاضراتك .

اجعل لك مكتبة خاصة بالخطب تضع فيها كل ما يمر بك من المطويات والكتيبات والرسائل والكتب مما تراه يخدمك في الخطبة ، فمثلاً تجد بعض المطويات قد تناول كاتبها مسألة من المسائل وأجاد فيها حتى صارت مناسبة ًأن تجعلها خطبة نافعة .

اجعل لك ( كراسة صغيرة ) تكتب فيها عناوين الخطب التي تخطر في ذهنك أو يقترحها عليك غيرك أو يمر بك موقف أو تسمع به وترى ضرورة تنبيه الناس عليه .

لأن هذه الخواطر والمقترحات والمشاهدات هي ما يحتاجه المجتمع ، وفي الحقيقة غالباً ما تكون كالدواء يصيب موضع الداء .

ومن المناسب ألا تكتب العنوان فقط بل تكتب ما يتعلق بالموضوع من جهة أدلته وطريقة استهلاله والنكت اللطيفة المناسبة له مما خطر في ذهنك أو اقترح عليك .

القسم الثاني / الإعداد المعنوي : هو كل سبب قلبي تتوقف عليه هداية التوفيق إلى العمل الصالح .
لقد ذكرنا في الإعداد الحسي ما يتعلق بهداية التوفيق إلى العلم والبيان ، وهو إعداد الإمام أو الخطيب نفسه من جهة العلم بأخذه من مشكاة النبوة : الكتاب والسنة الصحيحة بفهم سلف الأمة ، فإذا أخذ هذه العلوم وعرفها معرفة تامة فقد هدي إلى العلم والبيان .

ولا بد له – أيضاً – من إعداد نفسه بإصلاح قلبه من جهة القصد والإرادة حتى يوفق إلى العمل ، وذلك بالعناية بالأعمال القلبية التي توجب توفيقه وتسديده فيما تقصده من وظائف الإمامة والخطابة .
والأعمال القلبية التي تتوقف عليها هداية التوفيق والعمل تشمل ثلاثة أنواع :

النوع الأول / محركات القلب .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " اعْلَمْ أَنَّ مُحَرِّكَاتِ الْقُلُوبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثَلَاثَةٌ : الْمَحَبَّةُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ . وَأَقْوَاهَا الْمَحَبَّةُ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ تُرَادُ لِذَاتِهَا لِأَنَّهَا تُرَادُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِخِلَافِ الْخَوْفِ فَإِنَّهُ يَزُولُ فِي الْآخِرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { أَلَا إنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } وَالْخَوْفُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الزَّجْرُ وَالْمَنْعُ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الطَّرِيقِ فَالْمَحَبَّةُ تَلْقَى الْعَبْدَ فِي السَّيْرِ إلَى مَحْبُوبِهِ وَعَلَى قَدْرِ ضَعْفِهَا وَقُوَّتِهَا يَكُونُ سَيْرُهُ إلَيْهِ وَالْخَوْفُ يَمْنَعُهُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ طَرِيقِ الْمَحْبُوبِ وَالرَّجَاءُ يَقُودُهُ فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ يَجِبُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَتَنَبَّهَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ الْعُبُودِيَّةُ بِدُونِهِ وَكُلُّ أَحَدٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ .
فَإِنْ قِيلَ فَالْعَبْدُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ قَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مَحَبَّةٌ تَبْعَثُهُ عَلَى طَلَبِ مَحْبُوبِهِ فَأَيُّ شَيْءٍ يُحَرِّكُ الْقُلُوبَ ؟
قُلْنَا يُحَرِّكُهَا شَيْئَانِ :
- أَحَدُهُمَا : كَثْرَةُ الذِّكْرِ لِلْمَحْبُوبِ لِأَنَّ كَثْرَةَ ذِكْرِهِ تُعَلِّقُ الْقُلُوبَ بِهِ وَلِهَذَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالذِّكْرِ الْكَثِيرِ فَقَالَ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } الْآيَةَ .
- وَالثَّانِي : مُطَالَعَةُ آلَائِهِ وَنَعْمَائِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } وَقَالَ تَعَالَى { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ } . وَقَالَ تَعَالَى { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } وَقَالَ تَعَالَى { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا }
فَإِذَا ذَكَرَ الْعَبْدُ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ تَسْخِيرِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْحَيَوَانِ وَمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِ مِنْ النِّعَمِ الْبَاطِنَةِ مِنْ الْإِيمَانِ وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عِنْدَهُ بَاعِثًا .
وَكَذَلِكَ الْخَوْفُ تُحَرِّكُهُ مُطَالَعَةُ آيَاتِ الْوَعِيدِ وَالزَّجْرِ وَالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ وَنَحْوِهِ .
وَكَذَلِكَ الرَّجَاءُ يُحَرِّكُهُ مُطَالَعَةُ الْكَرَمِ وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَمَا وَرَدَ فِي الرَّجَاءِ وَالْكَلَامِ فِي التَّوْحِيدِ وَاسِعٌ
" (مجموع الفتاوى : 1/95 – 96) .

النوع الثاني / أركان العبودية والتوحيد .

وهما : الإخلاص والصدق فعليهما يبنى صرح الإسلام والإيمان ، وبتحقيقهما ينتفي عن العبد : الكفر والشرك والنفاق .

فالإخلاص : توحيد المراد بأن لا يبتغي العبد بعمله إلا وجه الله .

فإذا داخل الداعية حظ من حظوظ نفسه، وكان ينطلق في دعوته إلى تحصيل مراد من مرادات نفسه وحظوظها ، فلا شك أن دعوته سوف تفشل ؛ لأنه خالطها شوب من الرياء والشرك، وما كان نصيبه الرياء والشرك فإنه باطل ذاهب لذلك " قال الله - تعالى -: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ".( ) وفي رواية عند ( ابن ماجه ) :" فأنا منه بريء وهو للذي أشرك".( )

وعَنْ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :"إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ نَادَى مُنَادٍ مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلٍ عَمِلَهُ لِلَّهِ فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ".( )

والصدق : توحيد الإرادة بأن لا يتشتت همه ولا يتفرق طلبه إلا في هم الآخرة .

وحقيقة الصدق : أن يؤدي العمل بجد بلا فتور ولا كسل .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " وَالصِّدْقُ وَالْإِخْلَاصُ هُمَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحْقِيقُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَإِنَّ الْمُظْهِرِينَ لِلْإِسْلَامِ يَنْقَسِمُونَ إلَى مُؤْمِنٍ وَمُنَافِقٍ وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ هُوَ الصِّدْقُ فَإِنَّ أَسَاسَ النِّفَاقِ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ هُوَ الْكَذِبُ ؛ وَلِهَذَا إذَا ذَكَرَ اللَّهُ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ نَعَتَهُ بِالصِّدْقِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا } إلَى قَوْلِهِ : { إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } " .

إلى أن قال : " وَأَمَّا الْإِخْلَاصُ فَهُوَ حَقِيقَةُ الْإِسْلَامِ إذْ ( الْإِسْلَامُ ) هُوَ الِاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ } الْآيَةَ . فَمَنْ لَمْ يَسْتَسْلِمْ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْبَرَ وَمَنْ اسْتَسْلَمَ لِلَّهِ وَلِغَيْرِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ وَكُلٌّ مِنْ الْكِبْرِ وَالشِّرْكِ ضِدُّ الْإِسْلَامِ وَالْإِسْلَامُ ضِدُّ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ . " (مجموع الفتاوى :10/11 – 15) .

النوع الثالث / سلطان القلوب وجنوده : وهو الإيمان واليقين وشعبه .

قال ابن القيم – رحمه الله - : " فمن جندها (أي، النفس المطمئنة) وهو سلطان عساكرها وملكها : (الإيمان واليقين ) ، فالجيوش الإسلامية كلها تحت لوائه ، ناظرة إليه إن ثبت ثبتت ، وإن انهزم ولت على أدبارها .

ثم أمراء هذا الجيش ومقدمو عساكره (شعب الإيمان المتعلقة بالجوارح) على اختلاف أنواعها : كالصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ونصيحة الخلق ، والإحسان إليهم بأنواع الإحسان .

(وشعبه الباطنة المتعلقة بالقلب) : كالإخلاص ، والتوكل ، والإنابة ، والتوبة ، والمراقبة والصبر ، والحلم ، والتواضع ، والمسكنة ، وامتلاء القلب من محبة الله ورسوله ، وتعظيم أوامر الله وحقوقه ، والغيرة لله ، وفي الله ، والشجاعة ، والعفة ، والصدق ، والشفقة ، والرحمة وملاك ذلك كله : (الإخلاص والصدق ) .

فلا يتعب ( الصادق المخلص ) فقد أقيم على الصراط المستقيم فيسار به ، وهو راقد .

ولا يتعب من ( حرم الصدق والإخلاص ) فقد قطعت عليه الطريق ، واستهوته الشياطين في الأرض حيران ؛ فإن شاء فليعمل ، وإن شاء فليترك فلا يزيده عمله من الله إلا بعداً .

وبالجملة فما كان ( لله ) ، ( وبالله ) فهو من جند النفس المطمئنة
" (الروح :ص/226 – 227) .

فالعدة الإيمانية من أعظم الأسباب المعينة للأئمة والخطباء للقيام بالمهام العظيمة المناطة بهم ، وهي أسباب جالبة لتوفيقهم في أعمالهم الشرعية من إعطاء الإمامة والخطابة حقهما علماً وعملاً .


( يتبع . . . ) - إن شاء الله - .


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-26-2013, 09:27 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



النوع الثاني / مقومات الأداء .

اعلم – سلمك الله – أن الإمام أو الخطيب إذا أعد نفسه علماً وعملاً بتحقيق ظاهر أمره وباطنه فإنه ينتقل إلى مرحلة جديدة في أعماله الدعوية ، وهي مرحلة مخالطة الناس والاحتكاك بهم فيتعين عليه في هذا المقام أن يحسن الأداء في إمامتهم في الصلاة ، وفي خطابهم على المنبر أو في المحاضرات والدروس .

وللنجاح في هذا المقصد عليه أن يحقق مقومات الأداء النافع الصحيح ، وذلك من جهتين :

الجهة الأولى / تحقيق مقاصد الخطاب الدعوي .

الجهة الثانية / أسلوب إيصال الحق إلى المخاطبين .

أما الجهة الأولى / تحقيق مقاصد الخطاب الدعوى .

إن مقاصد الخطاب الدعوي للدعاة الربانيين هو ما لاقى مقاصد الرسل والأنبياء في خطابهم أممهم وأقوامهم ، وذلك ينبني على أصلين عظيمين اتفق عليهما كل الرسل والأنبياء ، وهما :

( الإيمان بالله ) وما يتبعه من الإيمان بالرسالة ، و ( الإيمان باليوم الآخر ) .

قال ابن القيم – رحمه الله - : " فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله ثم يتبع ذلك أصلان عظيمان

أحدهما : تعريف الطريق الموصلة إليه وهي شريعته المتضمنة لأمره ونهيه .

الثاني : تعريف السالكين ما لهم بعد الوصول إليه من النعيم الذي لا ينفد وقرة العين التي لا تنقطع .
وهذان الأصلان تابعان للأصل الأول ومبنيان عليه فأعرف الناس بالله أتبعبهم للطريق الموصل إليه وأعرفهم بحال السالكين عند القدوم عليه " (الصواعق المرسلة : 1/152) .

فقاعدة الإصلاح الكبرى تتضمن أمرين :

الأمر الأول/ هو: (الإيمان بالله) ويشمل : الأمر والنهي من حيث إفراد الله بهما توحيداً، وتجريد الرسول بهما إتباعاً، والتزام طريق الصحابة بهما فهماً .

والأمر الثاني/ هو: (الإيمان باليوم الآخر) ويشمل الثواب والعقاب، والنعيم والعذاب .

وهذان الأمران من حيث الإجمال وردا في كثير من نصوص الكتاب والسنة ، منها :

• قوله – تعالى - :{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}( )

• وقوله - تعالى -:{ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ }( )

• وقوله – تعالى -:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}( )

وكذلك هي دعوة كل الرسل والأنبياء :

 فقال – عن إبراهيم - :{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}( ).

 وقال – عن شعيب - :{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ}( ).

  1. فواجب الأئمة والخطباء في دعوتهم تعليم الناس حقيقة الإيمان بالله – تعالى – والبداية ببيان حقه على العباد وهو إفراده بالعبادة ، وبيان معنى كلمة التوحيد التي اشتملت على هذا المعنى لأن أهم الواجبات، وأعظم الأصول، هو توحيد الله – تعالى – ، قال – سبحانه –:{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }[الأنبياء: 25]، وقال :{ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون }[النحل: 2].

" وتوحيد الله، وإخلاص الدين له في عبادته، واستعانته، في القرآن كثيرا جدا، بل هو قلب الإيمان، وأول الإسلام وآخره " (مجموعة الفتاوى:1/70).

ولذلك فمن امتلأ قلبه به، وذاق حلاوته، فأنست به نفسه، وأنشرح له صدره، سيكون هذا الأصل العظيم هو منطلق دعوته، ومبدأ وعظه.

"ولهذا كان المحققون على أن الشهادتين أول واجبات الدين، كما عليه خلص أهل السنة"(مجموعة الفتاوى:1/76).

وأكد هذا المعنى الإمام ابن باز – رحمه الله – حيث قال:" الصواب ما ذكره المحققون من أهل العلم: أن أول واجب هو شهادة أن لا إله إلا الله علما وعملا، وهي أول شيء دعا إليه الرسل، وسيدهم وإمامهم نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – أول شيء دعا إليه أن قال لقومه: (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا).

ولما بعث معاذا – رضي الله عنه – إلى اليمن، قال له: ( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله )؛ ولأن التوحيد شرط لصحة جميع العبادات، كما يدل عليه قوله – تعالى -:{ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون }[الأنعام: 88]
"(من تعليقه على فتح الباري:1/70).

ثم عليهم أن يبينوا حق النبي – صلى الله عليه وسلم – في الطاعة والمتابعة ، ويحذروهم من البدع والمحدثات ، وأن شرط قبول الأعمال موافقة النبي – صلى الله عليه وسلم – ، كما ثبت عن عائشة رَضِي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ " ( مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ) .

ومما ثبت عنه أنه يقول في خطبه : " أمَّا بَعْدُ ، فَإنَّ خَيْرَ الحَديثِ كِتَابُ الله ، وَخَيرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَة ضَلالَةٌ " ( مسلم ) .

ويبين لهم الأصول العظام في دين الإسلام مما يتعين عليهم معرفته والعمل به .

ويتوصل إلى هذه المقاصد باستعمال الترغيب والترهيب وذكر الوعد والوعيد ، وبيان الثواب والعقاب حتى تنزجر النفوس المعرضة ، وتنشط النفوس المقبلة .

ويصل بهم بحادي الشوق إلى جنات النعيم ، ويسوقهم بسياط الخوف إلى مستقر السعداء ، ويمنعهم به عن التخلف أو الخروج عن ركب الأبرار .

قال العلامة صديق حسن خان في (الموعظة الحسنة بما يخطب في شهور السنة) : " اعلم أن الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده – صلى الله عليه وسلم – من ترغيب الناس وترهيبهم ، فهذا في الحقيقة هو روح الخطبة الذي لأجله شرعت " (نقلاً عن الأجوبة النافعة ص/53) .

وقال – أيضاً - : " وكان – صلى الله عليه وسلم – يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض أمر أو نهي كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين .

ويذكر معالم الشرائع في الخطبة والجنة والنار والمعاد ، فيأمر بتقوى الله ، ويحذر من غضبه ، ويرغب في موجبات رضاه ، وقد ورد قراءة آية ، ففي حديث مسلم : ( كان لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ، ويذكر الناس ويحذر )
" (نقلاً عن الأجوبة النافعة ص/56 – 57 ).

وأما الجهة الثانية / أسلوب إيصال الحق إلى المخاطبين .

اعلم – وفقك الله - أن غرض الإمام والخطيب إيصال الحق إلى المدعوين وتحقيق هدايتهم ، وهذا المقصد يقتضي سلوك الأساليب النافعة ، والبيانات الواضحة ، والطرق الحكيمة .

وسنبين أهم الأساليب المطلوب منهم سلوكها لتحقيق مقاصد الدعوة الشرعية :

1) من جهة الاستهلال :

الخطيب الموفق هو الذي يستهل خطبته ويفتتح كلامه بما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يفتتح به خطبه ، وهي خطبة الحاجة : " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . . . " الحديث . كما رواه مسلم وغيره من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه - .

وقد عد الألباني – رحمه الله – من البدع " اعراض الخطباء عن خطبة الحاجة : " إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره . . . " وعن قوله – صلى الله عليه وسلم – في خطبه : " أما بعد : فإن خير الكلام كلام الله " (الأجوبة النافعة ص/ 69) .

وعليه أن يحرص على السنة في كل فقرات خطابه ، فإن الله يكسو كلامه من هيبة النبوة ما يجعله ينفذ إلى القلوب ، ويستقر فيها .

وعليه فليحذر من البدع القولية والعملية التي يفعلها بعض الخطباء ، ومنها :

قيام الإمام عند أسفل المنبر يدعو .

تباطؤه في الطلوع على المنبر .

مواظبة الخطباء يوم الجمعة على قراءة حديث في آخر الخطبة دائماً ، كحديث : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " .

تكلف الخطيب رفع الصوت في الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – فوق المعتاد في باقي الخطبة .

سكتات الخطيب في دعائه على المنبر ليؤمن عليه المؤذنون .

الترنم في الخطبة .

رفع الخطيب يديه في الدعاء في غير الاستسقاء .

التزام ختم الخطبة بقوله – تعالى - : { إن الله يأمركم بالعدل والإحسان } ، أو بقوله : { اذكروا الله يذكركم } .

2) من جهة الألفاظ :

ينبغي له اختيار لغة الخطاب المشتملة على العبارة الواضحة ، والأسلوب البين الذي يفهمه المخاطبون ، مع العناية بجمال الكلمة من جهة التراكيب العذبة ، والمفردات الجزلة دون تكلف السجع ؛ فإن من البيان لسحراً .

وليجتنب الكلمات العامية ، واللحن في الكلام ، والمفردات الغريبة ، والجمل المعقدة .

تنبيه : ممكن أن تستعين على بلوغ هذا المقصد بأن تجعل لك ( كراسة ) تقيد فيها ما يمر بك من جمل أدبية ، وعبارات عذبة ، ومفردات جزلة .

3) من جهة الإلقاء :

إن طريقة مخاطبة الناس لها شأن كبير في أسر قلوبهم وتنبيه الغافل منهم ، فحزم الخطيب ، ونبرات صوته المتناسقة ، ووقفاته المتعاقبة ، وتأنيه في الأداء حتى تستجمع قلوبهم مقصوده من الكلام بلا تماوت في إخراج الكلمات يبعث على السآمة ، ولا عجلة مفرطة تفوت المقصود ، وتوتر الأذهان .

فيعلو صوته حين يقتضي المقام علو الصوت كذكر الساعة ، والنار ، والقبر ونحوها ، فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم - : " إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ وَيَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ وَيَقْرِنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى" (صحيح ، الإرواء : 608 ).

وإذا كان في مقام تعليم كرر الكلام حتى يفهم عنه متوسطاً بلا تكرار ممل ، ولا عجلة لا يفهم معها الكلام .

فقد " كَانَ ابْنُ السَّمَّاكِ يَعِظُ النَّاسَ يَوْمًا فَطَوَّلَ ، فَلَمَّا فَرَغَ دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ عَاقِلَةٌ ، فَقَالَ لَهَا : كَيْفَ رَأَيْتِ كَلامِي ؟ فَقَالَتْ : حَسَنٌ لَوْلا أَنَّكَ تُكَرِّرُ وَتُرَدِّدُ كثيرا . فَقَالَ لَهَا : إِنَّمَا أُكَرِّرُ وَأُرَدِّدُ حَتَّى يَفْهَمَ مَنْ لَمْ يَفْهَمْهُ . فَقَالَتْ لَهُ : إِلَى أَنْ يَفْهَمَهُ مَنْ لَمْ يَفْهَمْهُ قَدْ نَسِيَ مَنْ قَدْ فَهِمَهُ . فَعَجِبَ مِنْ حُسْنِ قَوْلِهَا أَوْ فِطْنَتِهَا " (المجالسة وجواهر العلم : 4/264) .

وهنا تنبيهات مهمة ، منها :

أن يكون مؤمناً بما يقول ، ملتزماً بالشريعة ما أمكنه حتى يأخذ قوله موقعه اللائق به من قلوب سامعيه لصدقه وإيمانه .

لا يليق به أن يقلد الخطباء المشهورين في طريقة الأداء والنبرات واللهجة حتى كأنه نسخة ثانية منه ؛ لأن ذلك يزري به .

يجهد نفسه أن تكون خطبته بلا ورقة ، لأن هذا أدعا لانتباه الناس إلى كلامه وتأثرهم به .

4) من جهة مواقفه :

إن المنبر أو كرسي المحاضرات ليس سجناً يقيد الخطيب والمحاضر ، فكثير منهم لا يحسن إدارة المسجد أثناء الخطبة أو المحاضرة ، والمطلوب منه أن يمتاز بالنباهة ، وحسن البديهة ، ومعالجة المواقف الطارئة بحنكة وذكاء .

فليس هو بآلة كشريط صوتي لا يتفاعل مع الأحداث حوله ، وكأنه آلة تسرد على الناس برهة من الوقت مجموعة من النصائح ، ثم ينزل .

بل المطلوب منه : أن يكون جريئاً ، موطناً نفسه على معالجة ما يطرأ من المواقف أثناء خطبته ، متصفاً بالعلم والحكمة والحلم والرفق والشجاعة والصبر .

فقد كان من هدي النبي – صلى الله عليه وسلم - : " إذا عرضت له حاجة أو سأله سائل قطع خطبته وقضى الحاجة وأجاب السائل ثم أتمها وكان إذا رأى في الجماعة فقيراً أو ذا حاجة أمر بالتصدق وحرض على ذلك " ( الأجوبة النافعة ص/ 58 ) .

5) من جهة الدليل :

يجب عليه أن يتحرى في خطابه ذكر الدليل حتى يتلقنه المخاطبون عنه ، وأن يكون من النصوص المحكمة ، والأحاديث الصحيحة ، وإذا كانت المسائل مما يقع فيها الخلاف فيذكر الأقوال الراجحة ، دون المرجوحة فضلاً عن الشاذة .

وإن ذكر التعليلات الواضحة غير المتكلفة فحسن ، وإلا فاكتفاؤه بالدليل هو المقصود.

وعلة المؤمن قال الله *** قال رسوله ومصطفاه

6) من جهة الموضوع :

من مميزات الداعية الناجح ، والخطيب المفوه وحدة الموضوع في خطابه ، فهو لا يشتت أذهان المخاطبين بتنقلاته العشوائية بين المواضيع حتى تطيش أفكارهم وتتبلد أفهامهم . بل يفتتح موضوعه بتمهيد يدل على أصل الموضوع ثم يسترسل في بيان أدلته وشواهده النقلية والعقلية ، ويذكر آثاره ، وثماره ونحو ذلك ، حتى يصرف إراداتهم إلى موضوعه محفزاً هممهم صوبه بحسبه – فعلاً أو تركاً - .

ومما ينبه عليه في هذا الباب أشياء ، منها :

أن يكون مقصد الخطبة موافق لمقصد الأنبياء في الدعوة إلى الله – تعالى – كما سبق بيانه .

أن يتناول القضايا الهامة ، والضرورية في حياة الناس ويعالجها بالطرق الشرعية من الكتاب والسنة منضبطاً بفهم السلف للنصوص .

• قال ابن دقيق – رحمه الله - : " أن الخطيب يستحب له أن يذكر في خطبته ما يتعلق بوقته من الأحكام كذكر النهي عن صوم يوم العيد في خطبة العيد فإن الحاجة تمس إلى مثل ذلك " (إحكام الأحكام : ص/288) .

أن يخاطب الناس بما يعرفون ، ويتجنب من الكلام ما لا تبلغه عقولهم .

أن يترك التحليلات السياسية ، وأخبار القنوات الفضائية ، ولا يتكلم عن موضوع حتى يتثبت من صحته حتى لا يكون هزيلاً في أخباره مروجاً للشائعات فلا يوثق بكلامه .

لا يجوز له أن يجعل المنبر متنفساً لخلافاته الشخصية ، أو يجعل أعواده حلبة صراع مع خصومه فيتحول خطابه من بيان الحقوق الشرعية إلى الظفر بالحظوظ النفسية .

لا يجعل خطابه منصباً على العاطفة فقط ؛ لأن خطاب العاطفة يزول تأثيره بزوال المؤثر ، وإنما المطلوب منه تنويع الخطاب فيستثير عواطفهم ، ويحرك عقولهم حتى يستقر قوله في قلوبهم .

7) من جهة التأثير :

إن أعظم ما يؤثر في القلوب ويقودها إلى علام الغيوب هو الوحي من كلام الله – تعالى – وسنة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، كما قال – تعالى – واصفاً القرآن :{هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}، وكقوله: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} ، وقوله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً} ، وقوله: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ, وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}

والمقصود من هذه الهداية ما قاله الشنقيطي – رحمه الله - : " ومعلوم أن المراد بالهدى في هذه الآية الهدى الخاص الذي هو التفضل بالتوفيق إلى دين الحق، لا الهدى العام، الذي هو إيضاح الحق " ( أضواء البيان : 1/ 38) .

فينبغي للداعية الرباني انتقاء القصص القرآني ، والنبوي لإثارةِ عزائم المدعوين ، واستنهاضِ هممهِم .

وقد ثبت عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان – رضي الله عنها – قالت : " ما أخذت { ق والقرآن المجيد } إلا من لسان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؛ يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس " ( رواه مسلم ) .

قال العلامة صديق حسن خان – رحمه الله - : " وكان محافظته – صلى الله عليه وسلم – على هذه السورة اختياراً منه لما هو أحسن في الوعظ والتذكير ، وفيه دلالة على ترديد الوعظ في الخطبة " ( نقلاً عن الأجوبة النافعة ص/58 ) .

وقد عد الألباني – رحمه الله – تحت عنوان : ( بدع الجمعة ) : " اعراضهم عن التذكير بسورة ( ق ) في خطبهم مع مواظبة النبي – صلى الله عليه وسلم – عليه " ( الأجوبة النافعة ص/ 69 ) .

8) من جهة الوقت :

ثبت عن عمار بن ياسر – رضي الله عنهما – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم – يقول : " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه " (رواه مسلم) .

قال العلامة صديق حسن خان – رحمه الله - : " أي مما يعرف به فقه الرجل . وكل شيء دل على شيء فهو مئنة . وإنما كان قصر الخطبة علامة على ذلك ، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني ، وجوامع الألفاظ ، فيتمكن من التعبير بالعبارة الجزلة المفيدة ، ولذلك كان من تمام رواية هذا الحديث : " فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة ، وإن من البيان لسحراً " .

والمراد من طول الصلاة الطول الذي لا يدخل فاعله تحت النهي ، وقد كان - صلى الله عليه وسلم – يصلي الجمعة بـ ( الجمعة ) و ( المنافقين ) ، كما عند مسلم عن ابن عباس .

وعن النعمان بن بشير – رضي الله عنهم - : " كان – صلى الله عليه وسلم – يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( هل أتاك حديث الغاشية ) "

وذلك طول بالنسبة إلى خطبته ، وليس بالطول المنهي عنه .

وعند جمع الأدلة والمقارنة بينها يتبين أن الصلاة على الهدي النبوي تتراوح بين : ( 20 – 25 ) دقيقة ، والخطبة بين ( 15 – 20 ) دقيقة .

وقد تنقص أو تزيد شيئاً قليلاً ، وليس المقصود الجمود عند وقت معين لكن المطلوب بلوغ الغرض المطلوب من تعليم الناس وتذكيرهم .

تنبيهات : ذكر الألباني – رحمه الله – تحت عنوان : ( بدع الجمعه ) من : ( الأجوبة النافعة ص/ 70- 73 ).:

مبالغتهم في الإسراع في الخطبة الثانية .

جعل الخطبة الثانية عارية من الوعظ والإرشاد والتذكير والترغيب ، وتخصيصها بالصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – والدعاء .

إطالة الخطبة ، وقصر الصلاة .

9) من جهة مظهره :

يستحب للخطيب التجمل بأحسن حلة ، والتزين بأبهى ملبس من غير خيلاء ولا طلب شهرة ؛ لكون النبي – صلى الله عليه وسلم – يتجمل في الجمع والأعياد وللوفود ، ولأن الله جميل يحب الجمال .
ولأن المظهر ينبئ عن مخبر العبد وباطنه .

وليحذر بعض المظاهرالبدعية في ملبسه وما يتعلق به وقد عد الألباني – رحمه الله – من ذلك جملة منها :

التجمل والتزين له ببعض المعاصي كحلق اللحية ، ولبس الحرير والذهب .

المواظبة على لبس السواد من الإمام يوم الجمعة .

تخصيص الاعتمام لصلاة الجمعة وغيرها .

لبس الخفين لأجل الخطبة وصلاة الجمعة .

اعتماد الخطيب على السيف في خطبة الجمعة .


( يتبع . . . ) - إن شاء الله - .


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-26-2013, 09:44 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


النوع الثالث / مقومات الاقتداء .

إن تأثير القدوة في المجتمعات أعظم بكثير من مجرد الخطب والمواعظ ؛ لأن للصدق قوة نفوذ إلى القلوب تأسرها بسلطانه ، وتبهرها نجابة الصادقين فتبعث فيها داعي طلب التأسي والاقتداء .

ومن عجائب تأثير القدوة الصالحة في المجتمع أن هديه وسمته يهيج في قلوب المعاشرين والمخالطين له حب التشبه به إلى حد تدب فيه أخلاقه إلى طباعهم فتكسوها من حلة شمائله ما تتهذب به نفوسهم ، وتحسن به أخلاقهم .

قال الشاطبي – رحمه الله - : " إن التأسي بالأفعال - بالنسبة إلى من يُعظَّم في الناس - سر مبثوث في طباع البشر، لا يقدرون على الانفكاك عنه بوجه ولا بحال، لا سيما عند الاعتياد والتكرار، وإذا صادف محبة وميلا إلى المتأسى به " ( الموافقات :5/262).

والأساس الذي تقوم عليه أوصاف القدوة ، والركن الذي تبنى عليه أخلاقه هو رسوخه في متابعة السنة النبوية ، كما قال – تعالى - :{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [الأحزاب/ 21].

وأثر القدوة في الإصلاح عظيم ، وذلك مبني على أصلين :

الأصل الأول / آداب القدوة في نفسه .

الأصل في ذلك قوله – تعالى - :{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ } [البقرة : 44] .

والذم في هذه الآية المقصود منه أن المتصدي للدعوة يقبح منه مخالفته لما يدعو إليه ، وليس المراد ذمه لكونه يدعو ؛ ووجه القبح لأن أفعاله تعود على أقواله بالإبطال ، فإن النفوس تنقاد للأفعال أعظم منها للأقوال .

قال القرطبي – رحمه الله - : " اعلم - وفقك الله - تعالى - أن التوبيخ في الآية بسبب ترك فعل البر لا بسبب الأمر بالبر ؛ ولهذا ذم الله - تعالى - في كتابه قوماً كانوا يأمرون بأعمال البر ولا يعملون بها وبخهم به توبيخا يتلى على طول الدهر إلى يوم القيامة فقال {أتأمرون الناس بالبر} الآية " ( الجامع لأحكام القرآن : 1/366 ) .

فصلاح المتصدي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلب شرعي لسببين :

السبب الأول / لأنه أولى الناس بالحق لعلمه به .

السبب الثاني / لأنه أدعى لقبول قوله ، وسماع نصحه .

ولهذا كان الأنبياء ينبهون على صحة ما جاؤوا به أنهم لا يخالفونه ، كما قال شعيب – عليه السلام - : {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}

قال الشنقيطي – رحمه الله - : " ومعلوم أن عمل الإنسان بما ينصح به غيره أدعى لقبول غيره منه، كما قال الشاعر:

فإنك إذ ما تأت ما أنت آمر *** به تلف من إياه تأمر آتيا " ( أضواء البيان : 3/55).

" وقال أبو الأسود الدؤلي :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
وابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإن انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل إن وعظت ويقتدى ... بالقول منك وينفع التعليم

وقال أبو عمرو بن مطر : حضرت مجلس أبي عثمان الحيري الزاهد فخرج وقعد على موضعه الذي كان يقعد عليه للتذكير ، فسكت حتى طال سكوته ، فناداه رجل كان يعرف بأبي العباس : ترى أن تقول في سكوتك شيئاً ؟ فأنشأ يقول :

وغير تقي يأمر الناس بالتقى ... طبيب يداوي والطبيب مريض

قال : فارتفعت الأصوات بالبكاء والضجيج " ( الجامع لأحكام القرآن : 1/ 367 ) .

ولما كانت حقيقة التارك للعمل بعلمه ، وما يدعو الناس إليه أنه صاد عن سبيل الله بأعماله وحاله فقد استوجب عقوبة شنيعة ، منها :

• عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون : أي فلان ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه " ( متفق عليه ) .

• عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون و يقرءون كتاب الله و لا يعملون به " ( صحيح الجامع برقم : 129 ) .

• عن جندب: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مثل العالم الذي يعلم الناس الخير و ينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه " ( صحيح الجامع برقم : 5831 ) .

الأصل الثاني / آداب القدوة في عشرته .

الأصل في ذلك قوله – تعالى - : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } [آل عمران : 159] .

قال العلامة السعدي – رحمه الله -
: " أي : برحمة الله لك ولأصحابك ، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك ، وخفضت لهم جناحك ، وترققت عليهم ، وحسنت لهم خلقك ، فاجتمعوا عليك وأحبوك ، وامتثلوا أمرك .

{ ولو كنت فظاً } أي : سيئ الخلق { غليظ القلب } أي: قاسيه ، { لانفضوا من حولك } لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ .

فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين ، تجذب الناس إلى دين الله ، وترغبهم فيه ، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص ، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين ، وتبغضهم إليه ، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص ، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول ، فكيف بغيره ؟ !

أليس من أوجب الواجبات ، وأهم المهمات ، الاقتداء بأخلاقه الكريمة ، ومعاملة الناس بما يعاملهم به - صلى الله عليه وسلم - ، من اللين وحسن الخلق والتأليف ، امتثالاً لأمر الله ، وجذباً لعباد الله لدين الله .

ثم أمره الله - تعالى - بأن يعفو عنهم ما صدر منهم من التقصير في حقه - صلى الله عليه وسلم - ، ويستغفر لهم في التقصير في حق الله ، فيجمع بين ( العفو ) ، و ( الإحسان ) .

{ وشاورهم في الأمر } أي : الأمور التي تحتاج إلى استشارة ونظر وفكر ، فإن في الاستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية ما لا يمكن حصره :

منها : أن المشاورة من العبادات المتقرب بها إلى الله .

ومنها : أن فيها تسميحاً لخواطرهم ، وإزالة لما يصير في القلوب عند الحوادث ، فإن من له الأمر على الناس - إذا جمع أهل الرأي : والفضل وشاورهم في حادثة من الحوادث - اطمأنت نفوسهم وأحبوه ، وعلموا أنه ليس بمستبد عليهم ، وإنما ينظر إلى المصلحة الكلية العامة للجميع ، فبذلوا جهدهم ومقدورهم في طاعته ، لعلمهم بسعيه في مصالح العموم ، بخلاف من ليس كذلك ، فإنهم لا يكادون يحبونه محبة صادقة ، ولا يطيعونه . وإن أطاعوه فطاعة غير تامة .

ومنها : أن في الاستشارة تنور الأفكار ، بسبب إعمالها فيما وضعت له ، فصار في ذلك زيادة للعقول .

ومنها : ما تنتجه الاستشارة من ( الرأي المصيب ) ، فإن المشاور لا يكاد يخطئ في فعله ، وإن أخطأ أو لم يتم له مطلوب ، فليس بملوم ، فإذا كان الله يقول لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو أكمل الناس عقلاً وأغزرهم علماً ، وأفضلهم رأياً -: {وشاورهم في الأمر } فكيف بغيره ؟ !

ثم قال – تعالى - : { فإذا عزمت } أي : على أمر من الأمور بعد الاستشارة فيه ، إن كان يحتاج إلى استشارة { فتوكل على الله } أي : اعتمد على حول الله وقوته ، متبرئاً من حولك وقوتك ، { إن الله يحب المتوكلين } عليه ، اللاجئين إليه " ( التفسير : 154 ) .

والمقصود أن آداب القدوة في معاشرة الناس تنبني على تحليه بالأخلاق الحسنة ، وعماد الأخلاق الحسنة ثلاثة أوصاف :

بذل الندى ، وهو الخير والمعروف والإحسان إلى الخلق .

كف الأذى ، وهو ترك كل ما يؤذي الناس ويضرهم في دينهم ودمائهم وأموالهم وأعراضهم .

وطلاقة الوجه ، وهو بشاشته وسماحته التي تدل على لين القلب وصفائه .

وقد جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ - أَنَّهُ وَصَفَ "حُسْنَ الْخُلُقِ" - ، فَقَالَ " هُوَ بَسْطُ الْوَجْهِ ، وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ ، وَكَفُّ الْأَذَى " .

وقد كان السلف يأخذون من العلماء الآداب في الهدي والسلوك كما يأخذون عنهم العلم ، كما جاء عن محمد بن الشهيد قال : قال لي أبي : يا بني ايت الفقهاء والعلماء ، وتعلم منهم ، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم ؛ فإن ذلك أحب إلي لك من كثير من الحديث " . (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع :1/80) .

ومن الله التوفيق وعليه الاعتماد هو حسبي ونعم الوكيل .



( تم بحمد الله )


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-26-2013, 10:44 AM
صلاح الدين الكردي صلاح الدين الكردي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: كردستان العراق
المشاركات: 749
افتراضي

ماشاء الله تبارك الله
جزاك ربي خيراً، وجعل ما كتبته لك ذخراً ، ورزقك حرصاً ، وزادك علما
__________________
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-26-2013, 11:39 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


وجزاك الله مثله
أخي الحبيب صلاح الدين
وبوركت
واسأل الله أن يوفقك للخير ويجنبك الضير



رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-20-2017, 05:53 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


مقومات نجاح الأئمة والخطباء
على صيغة (بي دي أف)

http://kutt.us/JANdi



***
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11-05-2017, 11:44 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

التسلسل: (22)

عنوان المادة: مُقَوِّمَاتُ نَجَاحِ الأَئِمَّةِ وَالْخُطَبَاءِ.

موضوعها: كُتَيِّبٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ الْعَوَامِلِ المُفْضِيَةِ (بِالأَئِمَّةِ وَالْخُطَبَاءِ)
إِلَى بُلُوغِ المَقْصُودِ مِنْ وَظَائِفِهِمْ الشَّرْعِيَّةِ المُنَاطَةِ بِهِمْ. وَهِيَ ثَلاثَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ المُقَوِّمَاتِ:
(مُقَوِّمَاتُ الإِعْدَادِ)، (وَمُقَوِّمَاتُ الأَدَاءِ)، (وَمُقَوِّمَاتُ الاقْتِدَاءِ).

عدد الصفحات: 69
حجم الملف: 1.16 MB
نوع الملف: pdf

رابط التحميل:
https://up.top4top.net/downloadf-674l48ks1-pdf.html

أو الرابط التالي:
https://archive.org/details/al_289

قناة (المكتبة الورقية) على التليجرام.
https://t.me/Rasaelpdf


***

__________________
قناة (المكتبة الورقية) على التليجرام
تضم عددا من الرسائل الدعوية والتعليمية على صيغة (pdf)
كتبها الفقير إلى عفو ربه
حمد أبو زيد العتيبي
على الرابط التالي:

https://t.me/Rasaelpdf
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.