أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
47288 104572

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الأئمة و الخطباء > ملتقى الحوارات و النقاشات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-16-2016, 07:55 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,440
افتراضي ضوابط الرقائق الوعظية

ضوابط الرقائق الوعظية


الرقائق هي مفتاح استمالة القلوب ، وفيها من المُلح والنوادر والطرائف ما يجعل المستمع لها يتعلق بمعانيها ومقاصدها . فهي فاكهة المواعظ ، وزينة المجالس .

وقد تكون الرقائق الوعظية عبارات قصيرة أو حكم يسيرة ، لكنها تفعل في القلوب ما لا يقدر عليه المربون والمعلمون
وقد تُغيِّر الرقائق الوعظية مسار حياة كثير من الناس من الضلالة الى الهدى ، ومن الغيِّ الى الرشاد . ويقع خلط عند بعض الدارسين في التمييِّز بين الرقائق الوعظية الشرعية ، والرقائق الوعظية البدعية .

وهذه بعض المعالم التي حرَّرْتُها في نقد الرقائق الوعظية ، لتصحيح الافادة منها وتقويم أثرها بين الناس .

· ضوابط الرقائق الوعظية :

1- الرقائق القرآنية أنفع ما يحرِّك شغاف القلوب ، ففيها الشفاء والدواء الذي لا ترياق بعده . فكلام الله تعالى ، هو طب القلوب ودؤاؤها وعافية الأبدان وشفاؤها

والرقائق القرآنية منثورة في كل سور الكتاب المجيد ، ويكثر ورودها في المفصل من الحجرات الى الناس . وأنفع رقائق القران ما ورد في قصص المكذِّبين بتوحيد الله ، والمعاندين لرسل الله ، وما دلَّ على عظمة الله وتدبيره لخلقه

ففيها من الدلالة على نور التوحيد وهيبته في قلوب المؤمنين ما يفوق الوصف ، كقول الله تعالى :” حتى إذا فرحوا بما اوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين”(الأنعام:44-45)
وقوله سبحانه : “حتى اذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير “( سبأ: 23 )

وهذه الاية هي التي قال العلماء عنها إنها تقطع عروق الشرك من شجرة القلب . وقول الله تعالى :” أفرأيت إن متعناهم سنين، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون، ما أغنى عنهم ما كانوا يُمتَّعون ” (الشعراء:205 -207 ) قال فيها بعض السلف : ” إن هذه الايه لو فهمتها بقلبك لألفيتَ لها في قلبك كلوما ”

ورقائق القران لا تُمل ولا تبلى بكثرة التكرار والترديد . وهذه خاصية انفردت بها رقائق الكتاب العزيز . ومن الغلط الاستشهاد بالرقائق القرآنية في غير موضعها المشروع ، مثل الاستشهاد بقول الله تعالى : ” كذلك كنتم من قبل ” ( النساء: 94 ) وقوله :” لن تراني ” ( الأعراف: 143) وقوله: ” ثم جئتَ على قدر يا موسى “( طه: 40)، وقوله تعالى : ” ومن نُعمِّره نُنكِّسه في الخلق ” ( يس:68 )
في معاني فكاهية أو لتعابير فيها ابتذال للنص القرآني ، فلا يجوز الاستشهاد بها ، ويستثنى من ذلك ما صح الاستشهاد به عن السلف .


2- الرقائق النبوية من أنجع الأساليب البيانية . وقد اشتملت على الفصاحة والبلاغة . ويكثر عند الوعاظ ترقيق القلوب بالاحاديث الموضوعة والواهية . وهذه ظهرت على أيدي القُصَّاص والوعاظ بعد التابعين

وكانت زادا دسما في مجالس الاخباريين . وضابط الاستشهاد بها صحة النقل والاسناد . ومما خالف هذا الضابط ما رُوي: ” العار خير من النار”و”الشيب نور المؤمن ” و”من لم يخف الله خف منه ” ومن كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار “و” من بورك له في شي فليلزمه” و” الظُّهور يقطع الظُّهور ” و” رِضى الناس غاية لا تدرك ” ،
و” ليس في الموت شماتة ”

ونحوها مما لا يصح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، مما يُستشهد به لترقيق القلوب . فهذه لا يجوز الترقيق بها لعدم صحة اسنادها ، ولأن القبول بها هجر للكلم الطيِّب الذي نزل به الوحي ، الذي أمر الله باتباعه والعمل به .


3- الحكم النورانية والأقوال السائرة : وهي كل قول وأثر ثبت اسناده الى عالم أو واعظ من أهل القبلة، ممن يُقتدى به ، ولا مخالفة في اتِّباعه والاقتداء بأقواله ، ولا يترتب على قوله ترك فريضة أو هجر سنة أو الوقوع في مخالفة عقدية

فمما خالف هذه الضوابط ما رواه كُميل بن زياد النخعي( ت: 82هـ )رحمه الله تعالى قال: أخذعليٌّ ( ت: 40هـ ) رضي الله عنه بيدي ،فأخرجني ناحية الجُبّانة، فلما أصحَرَ جَعَلَ يتنفس، ثم قال: يا كميل بن زياد ، القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير،أحفظ عنِّي ما أقول لك..” .

” وما روي عن ابي سعيد الخدري ( ت: 74هـ ) رضي الله عنه :إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ، بِبُغضهم عليَّ بن أبي طالب ” . وما روي عن رابعة العدوية ( ت: 180هـ ) رحمها الله تعالى : ” ما عبدته خوفًا من ناره، ولا حبًا لجنته، فأكونُ كالأجير السوء، بل عبدته حبًا وشوقًا إليه ” . ويلحق بها ما يزعمه أهل التصوف من الكشف والذوق والوجد .


4- القصص والحكايات الوعظية : والاستشهاد بها في ترقيق القلوب جائز بأربعة ضوابط
-أن تكون منقولة باسناد صحيح
-أن لا تُقدَّم على القران والسنة
-أن لا يكون في الاستشهاد بها ملحظٌ عقدي
-أن لا يكون في مضمونها ما يخالف الفطرة والعقل الصحيح

مثال ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما كان يخطب و يحث على عدم المغالاة في مهور النساء، ثم خطَّئته امرأةُ أستدلت بآية قرآنية ، فقال عمر رضي الله عنه : كل أحدٍ أفقهُ من عمر . ومثلها ايضا قصة تعذيب النساء بتعليقهن من شعورهن في الآخرة ، التي رويت على لسان عليّ رضي الله عنه

فانها لم تثبت فلا يجوز الوعظ بها . ومثلها حكايات الصوفية في مقابلة الخضر عليه السلام والاجتماع به . ويُلحق بها ما يدَّعيه بعضُ مريدي التصوف من تلقي العلم عن أشياخهم المقبورين، وعن بعض الأنبياء عليهم السلام، كزعمهم تلقِّي العلم والخير من قبر أُويس القرني ( ت:37هـ )، ورؤية مشايخهم ليونس وزكريا وابراهيم عليهم الصلاة والسلام . ونحوها من الخرافات .



5-الأشعار الزهدية : وهي الأبيات والقصائد التي تُزهِّد في الحياة الفانية وتحثُّ على التشمير لليوم الاخر
والاستشهاد بها في ترقيق القلوب جائز بثلاثة ضوابط :
أن لا يكون قائلها معروفا ببدعة عقدية
وأن لا يكون في ألفاظها ما يخالف أصلا من أصول الدِّين
وان يكون لها أصل في المرويات

ومما خالف هذه الضوابط ، قصيدة البردة للبوصيري ( ت: 695هـ ) ، والأناشيد الصوفية البدعية في أبيات الحلاج(ت: 309هـ) ، والسهروردي(ت: 563هـ ) ، وابن عربي (ت: 638هـ ) عاملهم الله بعدله . وفيها من قوادح التوحيد ما تقشعر منه الأبدان والقلوب .


ويجب التنبيه أن بعض الجماعات الاسلامية أغرقت في الحديث عن الرقائق والعمل بها ، وأغفلت التنبيه عن أُسس العقيدة الاسلامية ، والدعوة الى العلم الشرعي . وهذا مخالف لمنطوق نصوص الشرع الحنيف .

ومن أراد أن ينتفع بالرّقائق فليُدمن الكتب المجوَّدة المُحقَّقة في أُمَّهات الرقائق ، مثل :تفسير ابن سعدي ( ت:1376هـ ) ، والتحفة العراقية ،لابن تيمية( ت:728هـ ) وصيد الخاطر ،لابن الجوزي( ت:597هـ )
وحلية الأولياء ،لأبي نعيم ( ت:430هـ ) مع الاحتياط والتنبُّه لهناته ، ومصنفات ابن ابي الدنيا ( ت:281هـ )
ومدارج السالكين ، والجواب الكافي ،لابن القيِّم( ت:751هـ ) ، ومختصر منهاج القاصدين لابن قدامة ( ت: 620هـ ) ، وموسوعة نضرة النعيم ، لمجموعة من الباحثين . رحم الله الجميع

هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .


المصادر :
1-الرواة الثقات المتكلم فيهم / الذهبي .
2–حلية الأولياء / لأبي نعيم /385-389 .
3-سير أعلام النبلاء 16/342 -347 وقال الذهبي في ترجمة” محمد بن خفيف الشيرازي” ( ت: 371هـ) : صوفي، جمع بين العلم والعمل وعلوّ السند والتمسك بالسُّنن ، درس على أبي الحسن الأشعري ، يُروى أنه لما ادركته الوفاة ، قيل له قل لا اله الا الله ، فحوَّل وجهه الى الجدار، وقال أفنيت كُّلي بِكُلِّك . ومن أقواله : ليس شيٌ اضرَّ بالمريد من مُسامحة النفس في ركوب الرخص .
4- الحموية / لابن تيمية / 405 .
5-الجدُّ الحثيث / الغزي .
6-المصادر العامة للتلقي عند الصوفية / لصادق سليم صادق .

أ/أحمد بن مسفر بن معجب العتيبي
عضو هيئة التدريس بقوات الأمن الخاصة
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.