أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
94914 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-04-2017, 07:16 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
Lightbulb واقع العالم الإسلامي اليوم لفضيلة الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله

واقع العالم الإسلامي اليوم

لفضيلة الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله


نقلته عن كتاب (المقالات السلفية) من سلسلة (من تراث اعلام الدعوة السلفية بمصر) دار سبيل المؤمنين لمصر


س : ما رأيكم في واقع (العالم الإسلامي) اليوم ؟ و ما هي الطريقة التي يستطيع بموجبها أن ينهض نهضة مستمدة من روح الإسلام ؟

ج : الإسلام الذي يشترك المسلمون في الإنتماء إليه و يتكون منهم باسمه و اقع (العالم الإسلامي) يمتاز بأنه جامع لشعب الحق والخير التي قام حامل أكمل رسالات الله بتوجيه أمته إليها و الأخذ بأيدي أصحابه نحوها خطوة خطوة قبل الهجرة وبعدها في ثلاث و عشرين سنة فكان رأسها الأعلى و سنامها الأعظم صحة الإيمان بالله سبحانه وتعالى و إخلاص الطاعة والعبادة له و التعامل بالأخلاق القويمة حتى كانوا بها أمة صدق ووفاء و أمانة و تعاون على الحق المحض المشترك و توثيق الكيان الإسلامي بأسباب القوة من جميع أنواعها ما كان منها و ما سيكون .

وواقع العالم الإسلامي – الذي كنت من شهوده – في هذا القرن الرابع عشر الهجري أي منذ استعجمت دولة الإسلام مرتكسا في سلسلة طويلة من أمراض الضعف من جميع النواحي التي أراد لها الإسلام تمام الصحة وجماع القوة فالإيمان بأصول الدين أراد له الدجالون و المرتزقة من الطرقيين والقبوريين أن يكون شيئا آخر غير الذي أراده هادينا الأعظم لأمته .

و الجيل المثالي الذي رباه محمد صلوات الله وسلامه عليه حتى كان أكمل جيل عرفته الإنسانية تعمد أعداء الإسلام من المنتسبين إليه أن يشوهوا حسناته العظمى ويدسوا فيها ما يشعر بأنها كانت سيئات و لم تكن حسنات فحرموا الأجيال المتعاقبة من شعوب الإسلام نعمة الإقتداء بأئمة الهدى والسير وراء القافلة الأولى ففسد على المسلمين وعلى الإنسانية أكمل تاريخ يستضاء بمصابيحه .

و حتى العبادات تحولت إلى عادات فصارت الصلاة منها قلما تنهى عن الفحشاء والمنكر بل كثيرا ما يقف المصلى في محرابه أو بين صفوف المصلين و هو مشغول الفكر في نصب مكيدة لأخيه المسلم بغير حق ولا هدى ولا كتاب مبين .

و الصيام قلما خلص من قول الزور أو العمل به و قلما ربى في الصائم فضيلة الصبر و الإمساك عن الأذى و المطامع والبغي .

و الحج صار من أندر النوادر أن يجدد لصحابه حياة بعده نظيفة من كل ما كان ملوثا به قبل الحج من المآثم و الأساليب الملتوية .

و التواسي بين الطبقات بالزكاة و الصدقات إما معدوم بالمرة أو موضوع في غير مواضعه .

إنهم بفصلهم بين الإيمان و الأخلاق تحوّلوا من جماعة متعاونة على الخير متكاملة إلى أفراد متنافسين على الدنيا و انصرفو عن القوة الجماعية إلى الأنانية الفردية فكان بأسهم بينهم أفرادا وشعوبا

لا طريق إلى نهوض المسلمين نهضة صحيحة مستمدة من روح الإسلام إلاّ طريق الرجوع إلى الأخلاق الفردية والأخلاق الإجتماعية و أن يربي كلّ منّا أولاده على الصدق وسجية التعاون وأن يؤمن كل مسلم بأن ثروة كلّ مسلم ثروة له و أن قوة الأمة الإسلامية بمجموعها قوة له و أن مجموع العالم الإسلامي أسرة كبرى لكلّ مسلم يسوؤه ما يسوؤها و يسعده ما يسعدها و أن ما يملكه المسلم من مال يباح له منه – بينه وبين نفسه – ما يكفيه وذويه بالمعروف وما زاد على ذلك فهو أمين لله غليه ينميه ويزيده بالأساليب التي يرضاها الله ويثيبه عليها في الدنيا والآخرة

إنّ هذه المعاني كلها داخلة في باب شعب الإيمان الإسلامي وقد انحطّ المسلمون وهزلوا منذ فصلوا هذه المعاني عن المعنى العام لشعب الإيمان الإسلامي ومنذ ظنوا – وفي الظن الإثم و الخزي – أن عبادة الله شيء محرّر عن معاني الفضائل الإنسانية الفردية والجماعية فتحولوا من أمة نافعة قيمة غنية عزيزة متضامنة متعاونة تتخذ الصلاة طريقا إلى الفلاح إلى أفراد من قطيع متقاطع ينهش بعضه بعضا كالذئاب التي لا تؤمن بمعاني الإنسانية و لا تعنى بفضائلها مع أن الإسلام أكمل أشكال النظم الإنسانية و أجمع الهدايات لفضائلها .

علة المسلمين أنهم لا يعرفون ما هم ؟ و من هم ؟ و أين هم من غيرهم ؟ وقد كان أشمل نداء نودي به المسلمون في صدر تاريخهم هو النداء العلوي الذي قيل لهم فيه : (أيّها المسلمون إنّ لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ) .

و المسلم – ولا سيما في هذا الزمان – معرض للانغماس في مختلف لجج البر و البحر والجو وفي مختلف تيارات الرأي والفكر والهوى وفي مختلف دعاوى المذاهب والعقائد و النزعات

فإذا لم يعرف المسلم معالمه التي ينبغي له أن يرجع إليها بصفته مسلما وهي شعب إيمانه كما ينبغي له أن يفهمها فهما عصريا سليما تقاذفته حينئذ لجج البر والبحر والجو وتلاطم تيارات الرأي والفكر والهوى وصار عرضة لسخرية المذاهب والعقائد والنزعات وكان مصيره إلى أن لا يعرف ما هو ؟ ومن هو؟ وأين هو؟ و كان مثله كمثل السفينة الضاربة في لجى على غير هدى و من غير اتجاه سديد .

إنّ رأس الحكمة في نهضة المسلمين أن يرسم لهم حكماؤهم مخططا واسعا تتعين به معالم إسلامهم على ضوء شعب الإيمان الإسلامي و بهدي من السيرة الصحيحة غير المشوهة لأئمة الإسلام الأولين من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهم الذين دخلت بدعوتهم وبالاقتداء بهم شعوب الإنسانية في هدى الإسلام وتكون بجهادهم وجهودهم هذا العالم الإسلامي ونهجت لهم قوافله الأولى في تصف القرن الأخير طريق المستقبل إلى الهدف الأعظم .

و التاريخ ينتظر من حكماء المسلمين في هذا العصر الساعة التي يشرعون فيها برسم هذا المخطط للعالم قبل أن يجرف التيار أطفالنا اليوم ورجال المستقبل فيكونوا ضد ما كان ينبغي لهم أن يكونوا عليه .

.................................................. .............................................

* 1 – ذكره القرطبي في تفسيره (18/103)

__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:37 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.