أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
38549 104572

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #51  
قديم 06-17-2021, 05:30 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الحادي والخمسون
(7 ذو القعدة 1441)



[كلمة حول استغلال الأوقات]

...وها نحن ذا نَرجعُ معكم وإليكم في هذا اللِّقاء العِلمي المتجدِّد بين الفَينة والأخرى؛ لنتواصى بالحقِّ والصَّبر، ونتعاونَ على البِرِّ والتقوى -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-؛ عملًا بقول الله -سبحانهُ في عُلاه-: ﴿وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾.
ولا بُدَّ من كلمةٍ في هذه الأمسية بين يدَي ما سيردُنا من فتاوى واستفسارات، وهي: التذكير باستغلال الأوقات، فالسورة الكريمة التي ذكرتُها -قبل قليل- وهي سورة العصر- حوت أصولًا متعدِّدة في ضبط الشَّخصيَّة المسلِمة، وأهمِّ ما ينبغي سُلوكه بالنِّسبة للإنسان المؤمن.
من ذلك: ما أشرنا إليه في موضوع الوقت؛ كما قال الشَّاعر:
والوقتُ أنْفَسُ ما عُنيتُ بِحفظهِ .. وأُراهُ أسهلَ ما عليَّ يَضيعُ
وبخاصَّة في هذا الزَّمان الذي نَعيشُه الذي انتشر فيه هذا الوباء (وباء الكورونا)، وسيسجِّله التاريخ في مواقف من أعظم المواقف في العصر الحديث، ولن ننساهُ بِسهولة، وسيظلُّ في ذواكِرِنا محفورًا لنحدِّثه أحفادَنا، ولنُسجِّلَه في تواريخِنا..حيث إن كثيرًا من الدُّروس؛ بل إن (كلَّ) الدُّروس واللِّقاءات والمحاضَرات والنَّدوات قد مُنعت أو أغلِقت أو حُظرت؛ لأسباب نحن نُلاحظُها ونقدِّرها ونَعرف آثارَها ونَعلم حيثيَّاتِها، والتَّاريخ -كما قلتُ- شاهد.
أمَّا أولئك الذين لا يَزالون يعيشون في ظِلال ما يُسمَّى بـ(نظريَّة المؤامرة)، وأن الذي يجري مؤامرة كَونيَّة وحرب بيولوجيَّة بين الصِّين وأمريكا و..و.. إلى آخر هذا -كلِّه-، فنحن لا نُثبِت ولا نعيش في الخيال، وإن كنا لا ننفي -من جهة أخرى-؛ لكن: لا نتكلم إلا بما نعلم، ولا ندخل في أبواب الظنِّ والقيل والقال -كما يدخلُ كثيرٌ من أصحاب السِّياسة والإعلام والإعلان-وما أشبه ذاك-.
فينبغي على طلبة العلم أن يستغلُّوا أوقاتَهم وظروفَهم، وأن يستفيدوا من هذا الفراغ الذي اضطُرُّوا إليه وأُرغِموا عليه؛ لعل الله -سبحانهُ وتَعالى- ينفعهم ويُعينُهم ويُكرمُهم فيما هم فيه من طلب للعلم وحرص عليه ورغبة به ودعوة إليه.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
نريد نصيحتك في مجموعة كتب العقيدة والتفسير والفقه والحديث؟
الجواب:
هذا لا يحتاج جوابًا على سؤال؛ هذا يحتاج محاضرةً كاملة -بل مؤلَّفًا تامًّا-.
لكن -بشكل عام-: عليك في كتب العقيدة -كبداية-..أهم كتابين يبتدئ بهما طالبُ العلم هما: «شرح العقيدة الواسطيَّة» و«شرح كتاب التَّوحيد» للشَّيخ محمَّد بن صالح العثيمين -رحمه الله-؛ فهما مِن أجمل ما يُبتَدأ بهما في العقيدة.
بالنِّسبة للتَّفسير: عليك بكتاب «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان» للشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي -رحمه الله-.
بالنِّسبة للفقه: عليك بكتاب «الوجيز» للشيخ عبد العظيم بدوي، وكتاب «الموسوعة الميسَّرة» للشيخ حسين عوايشة -حفظهما الله، ورحم أمواتَنا-جميعًا-.
هذه أهم الكتب.
أيضًا؛ بالنِّسبة للحديث: عليك بكتاب «اللؤلؤ والمرجان فيما اتَّفق عليه الشَّيخان» -لصحيحي البخاري ومسلم- تأليف الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي -رحمه الله-.
هذا جواب مختصر.

2. السُّؤال:
هل أذان الفجر الصَّادق يكون وقت طلوع الفجر، مع العلم..إلى آخره؟
الجواب:
الحقيقة: لا نستطيع أن نُلزم الناس جميعًا بأن يُراقِبوا، والرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «المؤذِّن مؤتَمَن»، وفي هذا إشارة إلى أن المسؤوليَّة متعلِّقة بالمؤذِّن أو بالمسؤول عن المؤذِّن.
لكن: مَن تيقَّن بشكلٍ شخصيٍّ مُنفردٍ..مَن تيقَّن أن الوقتَ لم يدخل؛ له أن يتصرَّف، لكن لا يثير فتنة، ولا يُحدث إشكاليَّة في المجتمع، وعامَّة النَّاس مطالَبون بالأذان، و﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.

3. السُّؤال:
ما حُكم عُروض الزَّواج في (الفيسبوك) الخاص بالسَّلفيِّين؟
الجواب:
أنا لا أعلم وجود (فيسبوك) خاص بالسَّلفيِّين مُتعلِّق بِعُروض الزَّواج.
لكن: عُروض الزَّواج -بشكل عام- إذا وُجدت شروطُها الشَّرعيَّة، وضوابطها الدِّينيَّة، وتُمِّم ذلك على وجه العقد الشَّرعي الصَّحيح بِشُروطِه وآدابِه وأخلاقِه الإسلاميَّة؛ فلا مانعَ مِن ذلك -إن شاء الله-تعالى-.

4. السُّؤال:
هل نقرأ بالسِّر في صلاة الليل؟
الجواب:
الأصل في صلاة اللَّيل: الجهر، هذا ما كان من سُنَّة النَّبي -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-.

5. السُّؤال:
ما حُكم مخاطبة المشايخ الفضلاء -كابن باز-مثلًا- بـ(سماحة الوالد) -وما أشبه-؟
الجواب:
لا أرى مانعًا من ذلك، وأهلُ العلم لا يَزالون يقولون: (الأُبوَّة الدِّينيَّة خيرٌ من الأُبوَّة الطِّينيَّة).
وأنا أقرأ -اليوم- بكلام الإمام النَّووي في كتاب «تهذيب الأسماء واللُّغات» يصِف العلماء يقول: (أئمَّتُنا السَّالِفون كالوالِدِين لنا) أو: (كالوَالدَيْن لنا) -(كالوالِدِين)؛ يعني: جمع والِد-؛ فلا بأس في ذلك -إن شاء الله-.

6. السُّؤال:
ما حُكم الصَّبغ بالسَّواد، أو اللون الأسود؟
الجواب:
أولًا: يجب أن نُفرِّق بين السَّواد واللَّون القاتم، ليس كلُّ قاتم أسْوَد، والكَتَم كان قاتِمًا ولم يكن أسود. هذا أولًا.
الأمر الثَّاني: حُكم السَّواد مختلَف فيه بين الصَّحابة -أنفسِهم-رضي الله-تعالى-عنهم- فمَن بعدَهم من أهل العلم.
الأمر الثَّالث: أن العلماء اختلفوا في السَّواد: هل هو لونٌ أم صِنفٌ؟
بعض العلماء قال: السَّواد المنهيُّ عنه هو صِنف وليس لونًأ.
فالمسألة محتملة، ومع ذلك: لا شكَّ أن الرَّاجح هو النَّهي عن السَّواد -بمعنى السَّواد-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

7. السُّؤال:
ما رأيكم بقراءة الكتب من الهاتف؟
الجواب:
هذا بحسب التَّعويد، من اعتاد ذلك؛ لا مانع، ومن لم يعتَد ذلك؛ فالأفضل له الكتاب، أو جهاز الكمبيوتر الكبير، لكن: النَّاس حسب ما تعتاد، وحسب ما تكون الفائدة أكثر بالنِّسبة لها، ولا نستطيع أن نُحرِّج على الناس أن لا يقرؤوا إلا من الكتاب؛ لأن الأحوال والظُّروف تتغيَّر كثيرًا -الآن-في هذا الزَّمان- مع تقدُّم التكنولوجيا -وما أشبه ذلك-.

8. السُّؤال:
وجدتُ دمًا جافًّا على ملابسي إثر جرح في الدُّبر وتعذَّر إزالتُه وتنظيفُه بالماء؟
الجواب:
لا مانع..لا بأس..لا مانع..لا يؤثر ذلك على صحَّة الصَّلاة، أو شروط صحَّة الصَّلاة، لا مانع -إن شاء الله-تعالى-؛ لكن أنت تجتهد -في المستقبل- وتنتبه إلى ذلك.

9. السُّؤال:
من كان يصلي الفجر أربعًا وهو جاهل بِحُكم أن صلاة الفجر ركعتَان فقط؟
الجواب:
الجاهل يُعذَر؛ لكن الأصل أن يتعلَّم هذه الصَّلاة، والصَّلاة أعظم شيء.
الواحد من النَّاس -اليوم- إذا ذهب إلى سوق الخضار ليشتري شيئًا من الفاكهة يبحث في عدَّة محلَّات عن الأسعار وعن الجودة، فكيف هذه الصَّلاة؟! كما ورد عن بعضِ السَّلف أنه كان يوصي ولدَه بالصَّلاة فيقول: (دينَك دينَك؛ إنَّه لحمُك ودمُك) وأعظم شيء في الدِّين بعد التَّوحيد هو الصَّلاة.
فهذا نقول له: أكثِر من الاستغفار والنَّوافل.
ونسأل الله -سبحانه وتعالى- التَّوفيق للجميع.

10. السُّؤال:
هل يُفهم من قوله -تعالى-: ﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ أنَّه من يعترض عن ذِكر الله ولا يَذكر الله؟
الجواب:
سائر المعرِضين عن ذِكر الله؛ لأن الإعراض عن ذِكر الله أنواع، فبحسب هذه الأنواع يكون تقييض الله -عزَّ وجلَّ- لهم بما يعاقبُهم فيه من ذلك؛ جزاءً وِفاقًا، هم أعرضوا عن ذِكر الله ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾؛ فالجزاء من جنس العمل.
أمَّا: هل هي صورة واحدة؟ هذه لا نستطيع أن نقول صورة واحدة.

11. السُّؤال:
مصطلح (الفِكر الإسلامي)؟
الجواب:
الحقيقة: مصطلح (الفِكر الإسلامي) مصطلح عصري مثل مصطلح (الحركة الإسلاميَّة) -أو ما أشبه-.
يوجد -عندنا-: الفقه الإسلامي، العمل للإسلام، الدعوة إلى الله، العلم، العلماء..هذه مصطلحات أهل العلم الموجودة في كُتبهم ومؤلَّفاتهم.
أمَّا أن نقول: (الفِكر الإسلامي)؟
(الفِكر الإسلامي) هو نَتاج عَقلاني، وليس نتاجًا عِلميًّا مَعرفيًّا مَبنيًّا على الكتاب والسُّنَّة.
لذلك: القضيَّة ينبغي أن تُفهم بحسب الإطار العلمي الذي أخذناه عن علمائنا وأئمَّتِنا.

12. السُّؤال:
نريد كلمة حول مصطلح (الجاميَّة)؟
الجواب:
الحقيقة: مصطلح (الجاميَّة) مصطلح ظالِم، صار كلُّ سلفيّ يدعو إلى الكتاب والسُّنَّة يُطلِق عليه الإخوانيُّون أو السُّروريُّون أو التَّكفيريُّون: (هؤلاء جاميَّة)!
و(جاميَّة): نسبة إلى الشيخ محمَّد أمان بن علي الجامي -رحمه الله-، وهو من علماء العقيدة المعتَبَرين، أُطلِق هذا المصطلح في أوائل التِّسعينيَّات بعد حرب الخليج -لما حصل ما حصل فيما يُسمَّى (مشايخ الصَّحوة) هذا التَّعبير المأسوف عليه الذي شقَّ الصَّفَّ الإسلامي السَّلفي بعد أن كان السلفيُّون وحدة واحدة مع علمائهم ومشايخهم-؛ لأن الشَّيخ محمَّد أمان كان مِن أوائل مَن ردَّ على هؤلاء الصَّحَوِيِّين -ولا أقول: الصَّفَويِّين-.. الصَّحَوِيِّين فيما شقُّوا به صفَّ الدَّعوة والعلم والعلماء وبخاصَّة في المملكة العربيَّة السُّعوديَّة -حرسها اللهُ بالتَّوحيد والسُّنة-.
فصار يُقال: (هذا جامي)!
لو تسأل: ما معنى (جامي)؟ أكثرُهم لا يَعرف! هو يُريد التَّنفير من السَّلفيَّة والمنهج السَّلفي.
نعم؛ حصل أن بعض السَّلفيِّين -للأسف- دخلوا في باب الغُلو في الجرح والتَّجريح، ونحن رددْنا عليهم وناقشناهم وناصحناهم، وإلى الآن -واللهِ، وتاللهِ، وباللهِ- نحبُّ لهم مِن الخير أكثر مما يُحبُّون لنا من الشَّر -هداهم الله-، وكتبنا وعلَّقنا وردَدنا وقُمنا بالواجب، ثم طَوَينا هذه الصَّفحة..عندنا ما هو أهم مِن ذلك.
أمَّا (الجاميَّة)..حتى حصل مرَّة: كنتُ أناقش في بعض البرامج على البثِّ المباشر في التَّلفزة -ممكن هذا قبل خمسة عشر عامًا-، فإذا بأحد المناقِشين يقول: أنت (جهمي)!
قلتُ: تقصد (جامي)؟
قال: نعم..نعم (جامي)!
سبحان الله!
فقلتُ له: أتمنى لو أني كنتُ تلميذًا للشيخ محمَّد أمان الجامي حتى أُنسَب عليه -على الحقيقة-.
لكن -كما قلتُ- هو نَبزٌ وليس اصطلاحًا عِلميًّا، ولا يُراد به الثَّناء؛ يُراد به الطَّعن والغمز، حتى أصبح اليوم -للأسف- كما ترون، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

13. السُّؤال:
هل يجوز الجمع بين العقيقة والأُضحية؟
الجواب:
أنا لا أميل إلى مسألة الجمع بين النِّيَّات مطلقًا إلا ما ورد فيه النَّص، وبعض النُّصوص -حتى- ليست جمعًا لكن قد يُفهم أنَّها من باب الجَمع.
فالعقيقة شيء والأُضحية شيء آخر؛ لكن إذا اجتمعا: أنا أقدِّم العقيقة على الأضحية لأن العقيقة -عندي- أوجب من الأضحية، الأضحية هنالك من لم يذهب إلى وجوبها، والأدلَّة قد تُعين على ذلك، لكن العقيقة أدلَّة وجوبِها أقوى.
النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «كلُّ غُلام مرتهَنٌ بعقيقتِه يوم القيامة تُذبح عنه يوم سابِعِه» هذا حديث النَّبي -صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه-أجمعين-.

14. السُّؤال:
من نسي أن يقضي الوتر في وقت الضحى -يعني: وتذكره في وقت الضحى-: ماذا يفعل؟
الجواب:
الحقيقة: قضيَّة نسيان الوتر لها صورتان:
الصُّورة الأولى: مَن نسي الوتر فقط -يعني: ركعة أو ثلاث ركعات-.
والصُّورة الثَّانية: مَن كان عنده وِرد أو حِزب في اللَّيل فنام عنه -كلِّه-، أو نسي -كلَّه-.
فمن نام عن وتره؛ فليصلِّه إذا استيقظ -ثلاثًا بثلاث، أو واحدة بواحدة-.
أمَّا إذا نام عن حِزبه كلِّه، أو عن وِرده كلِّه؛ فالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- «كان إذا فاته حِزبُه باللَّيل صلَّى من النَّهار ثِنتي عشرة ركعة».
وكنتُ أذهب إلى هذا المذهب اجتهادًا وبحسب النَّظر في الأدلة إلى أن نقل لي بعضُ الأفاضل من تلاميذ الشَّيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه اللهُ- أن هذا مذهب الشَّيخ ابن عثيمين؛ فحمدتُ الله -سبحانه وتعالى-.

15. السُّؤال:
هل يجوز تقبيل يد الشَّيخ؟
الجواب
في هذا السُّؤال هنالك طُرفة:
لما جاء الشَّيخ أبو إسحاق الحويني -أخونا الكريم الفاضل- إلى الأردن -سنة (1987) ولقي الشَّيخ الألباني قبَّل يدَه، فالشَّيخ الألباني تمنَّع، فقال له الشَّيخ أبو إسحاق..قال له: يا شيخ! يجوز تقبيل يد العلماء!
فما كان من شيخنا الشَّيخ الألباني إلا أن قال له: وهل رأيتَ عالِمًا؟!
الله أكبر!
أولئك آبائي فجئني بِمثلِهم .. إذا جمعتْنا يا جريرُ المجامِعُ
هؤلاء العلماء بأخلاقِهم وسُلوكِهم وهَدْيِهم وسَمْتِهم وأدبِهم وفضْلِهم ومكانتِهم.
ليس العالِم الذي يتنمَّر على النَّاس..
ليس العالِم الذي يَهوَى التَّشقيق والتَّفريق ورَبط النَّاس به -كأنَّه عَلَامةُ الحق ولا حقَّ غيرُه-!
نُريد علماء مِن هذا النَّمط -أو على هذا النَّمط-على أقل تقدير-.
أمَّا أن يكون هنالك عالم ما يُريد من النَّاس -كلِّهم- أن يكونوا تحت إبطِه، وتحت جناحِه، وفي عباءتِه، دون أن يكون عنده مَعاذير، ودون أن يكون عنده حِرص ورغبة وسَمْت وهداية وتسديد وتوفيق؟ والله؛ هذا خلل! ولا أريد أن أقولَ: ليس هكذا يكون العلماء! هذا خلل في الشَّخصيَّة العِلميَّة.

16. السُّؤال:
كيف يكون تكفين الميِّت؟
الجواب:
تكفين الميِّت يكون بإدراجِه في ثلاثة أثواب مفتوحة، يوضع الميت فوق هذه الأثواب المفتوحة، ثم يوضع الطَّرف اليمين، ثم فوقه الطَّرف الشِّمال -للثَّوب الأوَّل-، ثم الثَّوب الثَّاني هكذا..وهكذا..وهكذا، إلى أن تَدخل هذه الأثواب الثَّلاثة بعضُها مع بعض هكذا متشابكة.
هكذا يكون التَّكفين الصَّحيح بالنِّسبة للميت.

17. السُّؤال:
قولُهم عن الأديب الرَّافعي (نَبيُّ الكلمة): هل له توجيه؟
الجواب:
قد تجد له توجيهًا؛ لكن -الحقيقة-: لا ينبغي ذلك؛ هذا فيه شيء من الغُلو، أو على الأقل الإشكاليَّة التي لسنا مُضطرِّين لها، ولسنا مجبَرين عليها، لا شكَّ أنَّه أديب وأنه صاحب قلم، وأنَّه ذو كلمة -فِعلًا- متفرِّدة من كلام النَّاس.
لكن أن نقول: (نبي الكلمة)؟!
نحن في غِنى عن هذا الاصطلاح..في غنى عن هذا الوصف..
نحن مع الحرص على كلِّ عبارة أن تكونَ شرعيَّة -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.

18. السُّؤال:
كيف نجمعُ بين المحافظة على السُّنَّة في العزاء وبين ما يقع فيه كثيرٌ من الحريصين على السُّنَّة من حرج من اجتماع العائلة والإخوان وجلوسهم لذلك؟
الجواب:
فعلًا هذه قضيَّة إشكاليَّة؛ لكن: المسألة فيها خلاف بين أهل العلم -ابتداءً-.
فالإنسان يُقدِّر المصلحة الأرجح ويفعلها -ما استطاع إلى ذلك سبيلًا-، ولا يجعل القضيَّة الخلافيَّة بين أهل العلم سببًا لإفساد العائلة أو إيقاع الحرج بينها أو القطيعة..
بعض النَّاس إذا لم تذهب إلى مناسَبة له قد يكون في ذلك قطيعة كُبرى بسبب ذلك!
فالإنسان يتحرج في هذا الأمر وينتبه له -ما استطاع إلى ذلك سبيلًا -كما قلنا-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

19. السُّؤال:
ما قولكم في كتاب «جامع الصَّحيحين» للدُّكتور وليد الحمدان؟
الجواب:
الحقيقة: أنا لم أطَّلع على الكتاب.
وكتب الجمع بين «الصَّحيحَين» كثيرة؛ لكن: رأيتُ من يُثني على هذا الكتاب ثناءً بالغًا، ويجعله كتابًا متميِّزًا، وأنا -شخصيًّا-إلى الآن- لم أر الكتاب -من باب البيان، والأمانة في البيان-.
لكن ثناء كثير من الذين يشتغلون بالحديث يُثنون عليه ثناءً عطِرًا؛ فجزى الله المؤلِّف خيرًا، ونسأل الله الإعانة والتَّسديد.

20. السُّؤال:
ما هو الموقف الصَّحيح للشَّيخ الألباني -رحمه الله- من الإنكار العلني على الحُكَّام إذا جهروا بالمعصية والمخالَفة؟ وما المقصود بالدَّندنة حول هذا الموضوع؟
الجواب:
هنا قضيَّتان:
الإنكار على الحاكم شيء، والإنكار على الفعل المنسوب للحاكم شيءٌ آخر. هذه واحدة.
النُّقطة الثَّانية: أن يصدر هذا الإنكار لمصلحة راجحة بصورتِه الثَّانية -حينًا من الدَّهر- غير أن نُدندِن حولَه وأن نجعله شيئًا مُستمرًّا في المجتمع أو في الدَّعوة.
فمَن ضبَط هذه الأمور يكون قد وافق منهجَ شيخِنا -رحمه الله-.
لأني رأيتُ بعضَ النَّاس يستدلُّون بكلمة نقلوها عن شيخِنا ويجعلونها منهجًا له، وهذا غير صحيح.
لو كان منهجًا له ليسوا مضطرِّين أن يُثيروا هذه المسألة -أو هذا اللِّقاء، أو هذه الكلمة- للشَّيخ وأن يُدندِنوا حولها وأن يكثروا الكلام حولها.
بالعكس: عدم وُجدانهم إلا هذه الكلمة دليل أنَّ هذا استثناء من منهج الشَّيخ، وأن منهج الشَّيخ الألباني -رحمه الله- على غير هذه الصُّورة التي هم يُريدونها لو كانت أن تكون كذلك.
الأمر بحسب التَّفصيل الرُّباعي الذي ذكرتُه وابتدأتُ به.
أسأل الله العظيم لي ولكم -أيها الإخوة في الله- التَّوفيق والسَّداد والهدى والرَّشاد.

انتهى اللِّقاء الحادي والخمسون
رد مع اقتباس
  #52  
قديم 06-24-2021, 04:32 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثاني والخمسون
(14 ذو القعدة 1441)



[ كلمة افتتاحيَّة ]
.. وكما تعوَّدنا أن نلتقي بين حينٍ وآخر مثل هذا اللِّقاء العِلميّ الإيجابي الذي نتعلَّم فيه العلمَ الشرعيَّ ولو على طريقة السُّؤال والجواب، وهي طريقةٌ نبويَّة معلومة معروفةٌ، علَّم جبريلُ بِمثلها نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وعلَّم نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بِمثلِها صحابتَه الكرام، وعلَّم العلماءُ طُلَّابَهم وأبناءَهم بمثلها -أيضًا- عبرَ العصور والدُّهور.
ونحن نتشبَّه بهذا النَّهج وهذه الطريقة، فالشَّاعر يقول:
إن لم تكونوا مِثلَهم فتشبَّهوا .. إن التَّشبُّه بالكرام فلاحُ
نتشبَّه بأهل العلم الذين تمثَّلوا كتابَ الله وسُنَّة رسولِه -عليه الصَّلاة والسَّلام- في تطبيق هذا النَّهج العلمي ضمن الأصول والقواعد والأُسس، وإن كنا دون ذلك؛ لكن هكذا العلم: أخذ وعطاء، وصبرٌ وبلاء.
أسأل الله -سبحانه وتَعالى- التَّوفيق لنا ولكم جميعًا، والرَّحمة لأهل العلم أجمعين مِن أمواتهم، وأن يحفظ الله -سبحانه وتعالى- أحياءَهم.
[الأسئلة]
1. السُّؤال:
ما حُكم طَقطقة الأصابع في الصَّلاة؟
الجواب:
الصَّواب أنَّه لم يَرِد في ذلك نهيٌ عن النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام-؛ لكن: ورد النَّهيُ في ذلك عن الصَّحابي الجليل عبد الله بن عبَّاس -رضي الله-تعالى-عنه- أنَّه رأى رجلًا يُطقطِق أصابعَه في الصَّلاة فقال: لا أمَّ لك! أتُفرقِع -أو: أتطقطِق- أصابعَك في الصَّلاة؟! كأن ذلك مَلهاةٌ وانشغال عن الصَّلاة والإقبال فيها والخشوع والخضوع مِما يُقلِّل من الأجر المترتِّب على هذه الصَّلاة.

2. السُّؤال:
ما حُكم الدراسة عبر الإنترنت مع أخذ الإجازة؟
الجواب:
ليست العبرة بِنوع الدِّراسة: هل هي دراسة مشافهة؟ هل هي دراسة عبر إنترنت؟ هل هي بإجازة؟ هل هي بغير إجازة؟-؛ ليس هذا هو المعتَبَر في الباب الذي نحن فيه.
الذي يُعتبَر في الباب الذي نحن فيه هو: مَن الذي يُدرِّس؟ وكيف يدرِّس؟
إذا كان الذي يدرِّس من أهل العلم، وتدريسُه تدريسًا عِلميًّا: فهذا نِعمَّا هو! هكذا يكون التَّدريس سواء مُشافهة أو مجالسة أو عبر الإنترنت، سواء أعطاك إجازة أو لم يُعطِك، فالعبرة بالمعلِّم وطريقة تعليمِه، وأن يكون ذا أهليَّة لهذا التَّعليم.
لكن: إذا كان هذا التَّعليم مِن معلِّم ليس بذاك، أو من مدرِّس لا يدرِّس العلمَ على حقيقتِه، أو على وجهِه الصَّحيح؛ فحينئذٍ: ماذا نقول؟
نقول -والحالة هذه- أن الأصل في ذلك هو عدم اعتِبار مثل هذا التَّدريس؛ لأن المدرِّس غير معتبَر وغير كفؤ -فضلًا عن الإجازة الذي سيعطيها-.
واليوم -للأسف الشَّديد- موضوع الإجازات فُتح على مصراعَيه، وفتحت أبوابُه لمن يستحق ومَن لا يستحق، لِمَن يَسوَى ومَن لا يَسوَى! فهذه آفة -في الحقيقة- خطيرة وسيِّئة، وتكلَّم فيها أهلُ العلم، وأنا كنتُ تكلَّمتُ -قبل بضع سنوات- في مجلسَين -أو ثلاثة مجالس- في هذا الموضوع ونَقْدِه وبيان أن قضيَّة الإجازات قضيَّة دقيقة، وينبغي أن تكونَ على الأُسس.

3. السُّؤال:
أصول الرَّد على المُخالِف: كيف تكون؟
الجواب:
الرَّد على المخالِف يكون بحسب مُخالَفتِه، وبحسب نوعِ المخالَفة، وبحسب مَن هو المخالِف، فالنَّاس ليسوا سواء، والأمور المردود عليها ليست سواء؛ وإنَّما الأمر يتعلَّق بالنَّوعيَّة من حيث المردود عليه، ومن حيث ما نَردُّ به عليه في ذلك.
والأمرُ العامُّ: أن لا يتولَّى الرَّدَّ إلا مَن هو أهلٌ له.
الأمر الثَّاني: الأصل أن يكون الرَّدُّ بِرِفق، ولا يُنافي الرِّفقَ القوَّة -ولا أقصد بالقوَّة: العنف-، القوَّة في الجواب، والقوَّة في الاستدلال، والقوَّة في طرح الحُجج والأدلَّة -وما أشبه ذلك-.
نقطة أخرى: أن لا يكون الرَّدُّ على المخالِف الشُّغلَ الشَّاغل -بحيث تُعرَف به، ويُعرَف بك-.
نعم؛ هو مُهمٌّ، حتى الشَّيخ بكر أبو زيد -رحمهُ الله- له رسالة لطيفة سمَّاها "الرَّد على المخالِف من أصول الإسلام"، ونِعِمَّا ما قال! وقد أصاب بذلك! لكن: ضمن الشُّروط العامَّة التي ذكرناها.
هنالك قضايا أخرى:
أن الرَّد ينبغي أن يكون مُستوعِبًا..
أن الرَّد يجب أن يُحيطَ بالمسألة مِن جميع الوُجوه -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.
أيضًا مِن ضمن المسائل التي ينبغي التَنبيه إليها:
عدم التَّكثير من الرَّد؛ لأنه -أحيانًا- قد تردُّ من عشرة وجوه صحيحة لكن فيها ضَعف -أو فيها شيء من الضَّعف-؛ بينما نرى: لو أنَّك رددتَ من ثلاثة وجوه قويَّة قد يُغنيك ذلك عن الوجوه المتعدِّدة.

4. السُّؤال:
ما نصيحتكم بمَن ابتُلي بِداء العُنصريَّة المَقيتَة في حالِه ومَقاله، فيُفاضل بين المسلمين على أساس هذه العنصريَّة؛ بل ويُعادي ويوالي عليها -وما أشبه ذلك-؟
الجواب:
الحقيقة أنا أعتقد أن العنصريَّة مرض نفسي.
لك أن تَفخر بِبلدِك أو بِجنسيَّتِك أو بما أنت عليه..الفخر بذلك شيء، والاحترام له شيء، وتقديرُه شيء، وإيقاع المفاضلة بين النَّاس على ضوء هذا وذاك: شيء آخر!
لا يجوز الخلطُ بين الأمرَين.
العُنصريَّة خُلُق دنيء ما دامت تقوم على التَّفريق والتَّشتيت والتَّقزيم للآخَرين لمجرَّد مثل هذا الأمر.
فلْيتَّق الله -سبحانه وتعالى- كلُّ مَن تلبَّس بمثل هذا البلاء وهذا الدَّاء -شفانا الله وإيَّاكم وإيَّاه-.

5. السُّؤال:
ما الموقف الشَّرعي لما يجري في ليبيا -نسأل الله أن يَعصِم دماءَهم-؟
الجواب:
نقول: نسأل الله أن يَعصِم دماءَهم.
الموقف الشَّرعي لا يحتاج أمثالَنا! يحتاج علماء كِبار اتَّفقت على كلامِهم الأمَّة لِعصمةِ الدَّم الذي يجري بين المسلمين بعضِهم مع بعض، وكثير منه -للأسف- قد يكون فيه شيء من التَّفريق.
نحن لا نَعرف حقيقة ما يجري، يقولون: هؤلاء إخوان.. وأولئك خوارج.. وهؤلاء كذا..!
اللهُ أعلم -يا أخي-!
أنا -شخصيًّا-واللهِ- لا أعرِف!
القضيَّة لها عُمق سياسي، ولها مَصالح دُوَل.. كل هذا على حساب المسلمين ودِمائهم، وليس لها إلا الله -سبحانه وتعَالى-، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

6. السُّؤال:
ما رأيك بالشَّيخ العيد شريفي؟
الجواب:
الشيخ العيد شريفي من شيوخ الجزائر الأفاضل، ولا نُزكِّيه على الله، وهو مِن القلَّة الذين نجَّاهم الله -سُبحانه وتعالى- من الدُّخول في مَعمَعة الجرح والتَّجريح وما أشبه ذلك من أمور أدَّت إلى فتنة كبيرة لا أقول في الجزائر-فقط-؛ بل في كثير من بلدان المسلمين.
ومِن نافلة القول أن نقول بأنَّ الشيخ أبا عبد الباري -حفظهُ الله ورعاه- بَشَر كالبَشر يُخطئ ويُصيب، ويَعلَم ويَجهل.
هذه صارت كأنَّها لازِمة؛ لا بُد أن نقولها في كلِّ أحد، وهي -في الحقيقة- بَدَهيَّة؛ لكن: نحن في زمن يجب أن نُنبِّه فيه على البدَهيَّات، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

7. السُّؤال:
عن كتاب "فقه السّيرة" للشيخ البوطي؟
الجواب:
"فقه السِّيرة" للشيخ البوطي: الحقيقة اعتمد في كثير من مواقع كتابِه على مَرويَّات لا تَصح ولا تَثبُت، ثم بَنى أحكامًا سمَّى كتابَه بها وهي: "فقه السِّيرة"، وقد انتقده شيخُنا في كتاب -طَبَعه قبل أكثر من أربعين سَنة- بعنوان: "الرَّد على جهالات البوطي في فقه السِّيرة"، والكتاب مطبوع وموجود، وننصحُ به.
والشَّيخ البوطي -في الحقيقة-من ناحية أخرى- في آخر عُمره: رأينا له اعتِدالًا في بعض الأجوبة سواء في مدح ابن تيميَّة أو نقد الصوفيَّة حتى نقد الحلَّاج -وما أشبه ذلك-، والمواقف السياسيَّة اللهُ أعلم بِمآله ونهايته فيها، لا نَدخل في القضايا الباطنة التي لا يَعلم مآلَها وحقيقتَها إلا رب العالمين -سبحانه وتعالى-.

8. السُّؤال:
ما رأيكم في قراءة بعض كتب الشَّيخ عبد الفتاح أبو غُدَّة -رحمه الله- ككتاب "صفحات مِن صبر العلماء"؟
الجواب:
إخواني الكرام: الشَّيخ أبو غُدَّة -شِئنا أم أَبَينا- رجل عالِم، ومكث هذا الرَّجل أكثر من ثلاثين سَنة مدرِّسًا في (جامعة الإمام محمد بن سعود) في الرِّياض، ومُختلِطًا مع أهل العلم مِن أهل السُّنَّة، وله ترجمة جيِّدة مطوَّلة للشيخ محمد بن إبراهيم الملقَّب بـ(المفتي الأكبر) وهو أستاذ الشيخ ابن باز وشيخُه.
والظَّاهر أن المرحلة الثَّانية -أعني: هذه التي أشرتُ إليها- غير المرحلة الأولى التي عاشها في بلده الشيخ عبد الفتاح أبو غُدَّة.
وأنا -في الحقيقة- من الحريصين على قراءة كُتب الشيخ أبي غُدَّة -كلِّها-، لا أبالِغ إذا قلتُ: قرأتُها كلَّها، أو -على الأقل- أكثر أكثرِها؛ لما فيها من منفعة؛ لكن: على شيء من الحذر -لا أخفيكم-..على شيء من الحذر؛ لأن الإنسان -مهما تحسَّن وضعُه- لا يستطيع الانسلاخ من جذورِه، وجذورُه تلتقي الشيخ زاهد الكوثري وأفكارَه والدِّفاع عنه و..و.. إلى آخر هذه الأمور.
ومع ذلك نَقول: رحمه الله، رجل عِلم، وانشغالُه بالحديث كان له إيجابيَّاته -فيما نرجو ونظن-، وأسأل الله الرَّحمة لنا ولكم وله ولجميع المسلمين.

9. السُّؤال:
عن (المحفظة الإلكترونيَّة)؟
الجواب:
سمعتُ عنها؛ لكن: لا أعرف ما هي (المحفظة الإلكترونيَّة)، ونحن نقول -كما قال العلماء-: (الحُكم على الشيء فرعٌ عن تَصوُّره).
فأنا لا أستطيع أن أحكم على (المحفظة الإلكترونيَّة) دون أن أعرف حيثيَّاتِها وحقيقَتَها.

10. السُّؤال:
ما حُكم شراء الذَّهب عن طريق البريد: يَستلم المال ويُرسل الذَّهب بنفس اللَّحظة؟
الجواب:
كيف بنفس اللَّحظة؟! هذا لا يمكن تصوُّره! عن طريق البريد بنفس اللحظة!؟ يَستلم المال ويُرسل الذَّهب بنفس اللَّحظة!!؟
هذا شيء غير متصوَّر! أو -على الأقل- أنا لا أتصوَّره!
فإذا كان ذلك كذلك: فهو جائز، إذا كان بِنفس اللحظة؛ لأن الرَّسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "الذَّهب بالذَّهب مِثلًا بِمثل، يدًا بِيد، هاءً وهاء"، فإذا حصل ذلك بطريقة معيَّنة -أنا لا أعرفها-: فهذا جائز، يكون بنفس اللحظة يَستلم المال ويُرسل الذَّهب، فإذا كان ذلك كذلك؛ فهو جائز -إن شاء الله-تعالى-.

11. السُّؤال:
نريد أن توضِّح حكم تجارة الإعفاء لسيَّارات المعوَّقين؟
الجواب:
إذا كان ذلك يُرتِّب مصلحة للبائع والمشتري دون أن تترتَّب مفسدة من النَّاحية القانونيَّة؛ فلا بأس -إن شاء الله-تعالى-، مع شرط عدم الاستغلال..بعض النَّاس يَستغل هذا الأمر..نعم؛ لا مانع أن تَربح أو أن تستفيد؛ لكن: دون استغلال "لا يُؤمن أحدُكم حتَّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفِسه".
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

12. السُّؤال:
من هو الشيخ عبد الرَّحمن الباني؟
الجواب:
الشيخ عبد الرَّحمن الباني من مشايخ السَّلفيِّين القدماء، ومن تلاميذ شيخنا الشَّيخ الألباني -رحمه اللهُ-تعالى-، وهو رجل تربوي، كتاباتُه قليلة؛ لكن جهودُه التَّربويَّة التَّعليميَّة في الجامعات والمدارس -مِن قبل ومن بعد- كانت حسَنة وجيِّدة ومشهودة -ولا نُزكِّيه على الله-، وقد توفِّي ممكن فوق التِّسعين سَنة -قبل بضع سنوات-، رحمهُ الله -تعالى-.

13. السُّؤال:
عن خير الدِّين وانلي؟
الجواب:
خير الدِّين وانلي من تلاميذ شيخنا الشَّيخ الألباني -رحمه الله- في المرحلة الدِّمشقيَّة، وهو رجل لُغوي، شاعر، له أكثر من ديوان من دواوين الشِّعر، وشِعره يتميَّز بأنه شِعر دَعَوي مَنهجي سهل ويسير، ليس فيه تعقيدات الشُّعراء وألفاظهم -وما أشبه ذلك-.
وقد زار الأردن والتقيتُه -في حياة الشيخ الألباني-رحمه الله-، وفي ذهني أنَّه توفي قبل وفاة شيخِنا.. هذا -الله أعلم- يحتاج إلى تأكُّد أو تأكيد؛ لكن: هذا الذي في ذهني.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

14. السُّؤال:
ما حُكم تسميع المأموم خلف الإمام؟
الجواب:
يقصد قول المأموم: (سمع اللهُ لمن حمده، ربَّنا لك الحمد).
لأن أكثر النَّاس ماذا يفعلون؟
إذا قال الإمام: (سمع اللهُ لمن حمدَه)؛ يقول: (ربَّنا لك الحمد).
ولكن الأرجح عندي أن المأموم والإمام يقولان الكلام نفسَه: كما أن الإمام يقول -إضافة إلى (سمع اللهُ لمن حمِدَه)-: (ربَّنا لك الحمد)؛ فإن المأموم يقول: (ربَّنا لك الحمد) -إضافة إلى (سمع اللهُ لمن حمِدَه)-على حدٍّ سواء-، هذا هو الأرجح، وإن كانت المسألة -الحقيقة- محتملة وقريبة، والسُّيوطي -رحمه الله- جلال الدِّين السيوطي -الحافظ المصري الشَّهير- له رسالة صغيرة سمَّاها: "القذاذة في تحقيق محلِّ الاستعاذة"، أتى فيها بالنُّصوص، وكما قلتُ هي المسألة محتملة.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
هل يجوز سجود المرأة وخمارُها يغطي جبهتَها، هل هذا جائز، أم لا بد من تعرية الجبهة؟
الجواب:
الأصل: تعرية الجبهة.
لكن: إذا كان هذا الغطاء ليس ثخينًا بحيث يمنع من تمكين الجبهة في السُّجود؛ لا بأس.
أمَّا إذا كان ثخينًا يمنع تمكين الجبهة..يعني الآن لو أنَّني سجدتُ هكذا؛ لا مانع؛ لكن إذا كانت هذه الشِّماغ كبعض العمائم -هكذا- ثخينة، يكون قماشها..أو تكون ملفوفة على الجبهة بشيء ثخين وغليظ بحيث يمنع من تمكين الجبهة؛ فهذا لا يجوز.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

16. السُّؤال:
ما الكتب التي تنصحون بالاستفادة منها، أو العلماء الذين تَنصحون بهم في مجال الدَّعوة إلى الإصلاح وتقرير أصول الدِّين وقواعده العامَّة، والوقوف في وجه المؤامرات والفتن العاصفة؟
الجواب:
مَن حسُنت عقيدتُه وصلح منهجُه؛ فهو -إن شاء الله- على ثباتٍ واستقرار وقوَّة في مواجهة هذه الفتن والعواصف -ماضيها وحاضرِها ومستقبلها-إن شاء الله-.
عليك بكتب شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن قيِّم الجوزيَّة.
عليك بكتب مشايخنا وعلمائنا الكبار: الشَّيخ ابن باز، والشَّيخ الألباني، والشَّيخ ابن عثيمين.
عليك بكتب الشيخ المعلِّمي اليماني والشيخ محمد الأمين الشَّنقيطي.
عليك بكتب هؤلاء العلماء.
ولو عشتُ وعشتَ عمرَنا -كلَّه- والله؛ لن نستطيع أن نُوفِّي هذه الكتبَ حقَّها من الدراسة والتفقُّه والفهم والاستيعاب والمعرفة الشَّاملة الكاملة.
لذلك: أنا أعجب ممن يذهب إلى فلان وعلان مِن المشاهير -ممن مناهجُهم مختلِطة ومختلِفة- ويترك هؤلاء!!
لو أنَّك أنهَيتَ عِلم هؤلاء سواء المكتوب أو المسموع..الآن هؤلاء العلماء لهم تُراث صوتي بمئات المجلَّدات وآلاف الفتاوى، مَن استطاع أن ينتهي من هذه العلوم -كلِّها-..من علوم هؤلاء العلماء المأمونين المأمومين -رحمهم الله-؛ فحينئذ..وانتقل إلى غيرهم؛ لا بأس، لا نُشدِّد.
لكن الواقع: أنَّ الكثيرين قبل أن يَنتهوا..والبعض قبل أن يبدؤوا بِقراءة هؤلاء العلماء ومناهجهم ومؤلَّفاتهم وتُراثهم ينشغل بغير ذلك!

17. السُّؤال:
ما حُكم الصَّلاة بالتَّباعُد؟
الجواب:
ابتداءً: أنا أفتيتُ قبل أن يكون الأمرُ إلزاميًّا من الجهات الصِّحيَّة والجهات المسؤولة في بلاد المسلمين -بل في بلاد العالَم-تقريبًا-أجمع- أفتيتُ بأن هذا (لا يجوز)، وكانت هنالك فتوى مشهورة لشيخنا الشيخ عبد المحسِن العبَّاد -حفظه الله ورعاه-.
لكن: لما صار الأمرُ إلزاميًّا بحيث ارتبط فتحُ المساجد بذلك وإلا فلا تُفتح المساجد؛ حينئذٍ نقول: حالة الاختيار ليست كحالة الاضطرار، وأقصى ما يُقال في موضوع التَّراص أنَّه واجب، لكن هذا الواجب يَسقط بالضَّرورة، وقد أشار إلى ذلك شيخُ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- في بعض فتاويه.
أمَّا ما نسمعُه مِن أنَّ البعض يُفتي بِعدم جواز الصَّلاة في المساجد: هذا الكلام ممكن أن يُقبَل لو كان ذلك شرطًا في صحَّة الصَّلاة، أو رُكنًا في صحَّة الصَّلاة -بحيث لا تَصح الصَّلاة إلا به-.. أمَا وهو -أولًا- واجب -ليس أكثر-، أمَا وأن هذا الواجب إلزامي واضطراري -ليس بالخيار-؛ فلا نُضحِّي بصلاةِ الجماعة من أجل هذا التَّباعُد.
ونسأل الله العظيم ربَّ العرش العظيم أن يدرأَ عنا وعنكم وعن جميع المسلمين البلاءَ والوباءَ وكلَّ داء؛ إن ربي سميع الدُّعاء.



انتهى اللِّقاء الثاني والخمسون





وهذا آخر ما وصلني من لقاءات مفتوحة للشيخ -رحمه الله-
على صفحة الأخ رائد رماحة -وفقه الله- على موقع (الفيسبوك).

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصَّالحات
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.