أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
39982 104572

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر القرآن والسنة - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-15-2021, 10:29 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي تأملات في قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم} - كلمة للشيخ علي الحلبي


بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ

تأمُّلاتٌ في قولِه -تَعالى-:
{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}


للشَّيخِ العلَّامةِ عليِّ بنِ حسنٍ الحلبيِّ
-رحمهُ الله-تعالى-
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله، وعلى آلهِ، وصحبِه، ومَن والاهُ، واتَّبع هُداهُ إلى يومِ نلقاهُ، أمَّا بعدُ:

فَسَمِعْنا -جميعًا- الآيةَ الكريمةَ التي يُثني فيها ربُّ العالَمين -سُبحانهُ وتَعالَى- على رَسولِه الكَريمِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلَّمَ- بِقولِهِ: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وهي أعظمُ ثَناءٍ، وأَجَلُّ مدحٍ -على السَّواء-، وكيف لا يكون ذلكَ كذلكَ والثَّناء مِن اللهِ -وهو الخالِقُ العظيم- على النَّبيِّ الكريمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- في أجلِّ كلامٍ، وأجلِّ كتابٍ وهو كتابُ الله -سبحانهُ وتَعالَى-.

ولو أن واحدًا مِنَّا سُئل عن شخصٍ: كيف فُلانٌ؟ وأجاب: (إنَّه ذُو خُلُق)، أو: (إنَّه على خُلق)؛ لكانت الكلمةُ كافيةً في بيانِ المدح، وفي ذِكر الثَّناء.

فكيف إذا أُضيف إلى ذِكر الخُلُق ووصفِه به أنَّه (خُلُق عَظيم)؟
فلا شكَّ ولا رَيب أن هذا هو الذُّروةُ في المدحِ والثَّناء.

وهذا المدحُ فيه مَعْنَيَان:
المعنى الأوَّل: معنًى ذاتيٌّ في وصفِ هذا النَّبيِّ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- نفسِه-، وفي أخلاقِه، وفي سِمَتِه، وفي هَدْيِه.
وفيه معنًى آخرُ: وهو معنًى خارجيٌّ في التَّأثُّرِ به قدوةً وأسوةً -صَلواتُ اللهِ وسلامُه عليه-.
واللهُ -تعالَى- يقولُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}.
فالرَّسولُ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- هو الأسوةُ الفاضِلة، والقدوةُ الكاملةُ الماثِلة، الماثلةُ أمامَ النَّاس، أمامَ الصَّحابة -أوَّلًا- فيما رأوا وشَاهدوا وسمِعوا وعايَنُوا وعايَشُوا، وأمام مَن بعدَهم -سواءٌ من التَّابعين، أو مِن غيرِهم-ممَّن جاء عقِبهم إلى أن يرِث اللهُ الأرضَ ومَن عليها- فيما حَفِظ لنا أئمةُ السُّنَّة وعُلماءُ الحديث مِن أخلاقِه الشَّريفة، ومآثرِه الكامِلة، وهَدْيِهِ العظيم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- الذي لا أقول: ينتظر مَن يُطبِّقه؛ وإنما الذي ننتظِرُ أن نُطبِّقه، مُجاهِدين أنفسَنا عليه، راغِبِين به، حَريصِين عليه، داعِينَ إليه.
هذا هو الذي ينبغي أن يكون؛ تمثُّلًا هادِيًا مَهدِيًّا بأخلاق هذا الرَّسولِ الكَريمِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
وهو القائلُ: "خصلَتان لا تَجتمِعان في مُنافِق: حُسْنُ سَمْتٍ، وفِقْهٌ في دِين" و(حُسْنُ السَّمت) -هذا-: هو الخُلُق والأَدَب الذي يجبُ على الأمَّة أن تتأسَّى به، وأن تقتَدِي بآثارِه وأنوارِه -حَذوَ القُذَّةِ بالقذَّةِ-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ فالهديُ الحسَن جُزءٌ من أجزاءٍ من النُّبوَّة -كما أخبر-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-.
فبِقَدْر تخلُّقِك -أيُّها المسلمُ- بأخلاقِ الإسلام، وتأدُّبِك بآدابِه العِظام بِقَدْرِ ما تكون مُقتدِيًا، ومُتأسِّيًا، ومُتمثِّلًا بِرسولِك الكريمِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- حُبًّا حقيقيًّا صادقًا.

فالحبُّ نوعان:
حبُّ عاطفة، تروحُ وتَجيء، لا أثرَ لها في الواقع.
وحبٌّ حقيقيٌّ ماثلٌ أمامَ الأعيانِ والنَّواظر -عبر الدَّهر-، ينطلقُ منه العملُ، وتنطلق منه التَّطبيقاتُ الواجبُ وجودُها عند كلِّ مؤمن -بحسبِ ما يوفِّقه اللهُ إليه-؛ كما قال -تعالَى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}.

وليس الاتِّباع فقط بالقول، القولُ قد يستطيعُه كلُّ أحد، وقد يَقدِرُ عليه كلُّ شخص؛ لكنِ: الاتِّباعُ لا يكونُ إلا بالعملِ والعِلمِ -معًا-، مجتمِعَين، لا يَنفَصِمان، ولا يكون أحدُهما مُغنِيًا عنِ الآخَر.

هذه كُليمةٌ -أيُّها الإخوةُ- وقعَتْ في النَّفسِ -ونحن نَسمعُ هذه الآيةَ القُرآنيَّةَ-في هذا الفجرِ المبارَك، وفي هذا المسجدِ المبارَك-، سائلين اللهَ -سبحانَهُ وتَعالَى- على أن يُعينَنا على أن نجاهدَ أنفسَنا، لِنكونَ على شيءٍ مِن هذا الخُلُق، لِنَعْلُوَ به، ونرتَفِعَ بِهدْيِه ونورِه؛ عسى أن يَقبَلَنا ربُّنا؛ إنه سميعٌ مُجيب.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالَمين.

[كلمةٌ حولَ قولِه -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، للشَّيخ العلامة عليِّ بن حسن الحلبيِّ -رحمهُ الله-، من لقاءٍ مفتوحٍ بِتاريخ (14-3-2014)، نُشِر على قناةِ "مُنتديات كلِّ السَّلفيِّين"].
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-07-2021, 02:43 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

وقال -رحمه الله-:
...{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} مع أن كلمة (على خُلُق) وحدَها تدلُّ على الفضل، وتدلُّ على التَّميُّز؛ لكن: جاء وصفُ هذا الخُلُق بأنَّه عظيم تمكينًا وتمتينًا.
إذا سُئلتَ: ما رأيكُ في فلان؟
تقول: فلان على خُلُق.
هل أحدٌ يفهم أن كلمة (على خُلُق) يعني: على خُلق رديء؟
أم: أن كلمة (على خُلُق) -مباشرة- ماذا يُفهم منها؟ أنَّه على خُلُق حسَن.
فكيف إذا كان هذا الخُلق عظيمًا؟
هذا هو النموذج الأكمل في هذا الدِّين، وإن كُنَّا نحنُ دونَه -بكثير-.

لكن؛ قلتُ -وسأظلُّ أقول-: مَن أراد أن يَعرِف الإسلام: لا ينظر إلى أبنائِه، ولا إلى دُعاتِه، ولا إلى أدعيائِه -بل ولا إلى عُلمائه-؛ فكلُّهم بشَر..؛ فلينظر إلى الإسلام ببهاء قُرآنه، وبِعظمة سُنَّة نبيِّه وسيِّد أنبيائِه -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ فإنَّه سيجد الحقَّ -ولا بُد-، وسيُعاينُ الهدى -لا شكَّ ولا رَيب-.


[من محاضرة: "أصول السلف في الرَّد على أهل الأهواء والبدع"، ضمن دورة التأصيل في جمعية مركز الإمام الألباني].

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.