أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
103571 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منبر الموسوعات العلمية > قسم الأشرطة المفرغة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-16-2011, 09:43 AM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي تفريغ شرح لمعة الاعتقاد للريس لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن ريس الريس حفظه الله تعالى

شرح لمعة الاعتقاد للريس لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن ريس الريس حفظه الله تعالى
تفريغ أم أيمن السلفية الجزائرية كان الله لها


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد
ففي ليلة الثالثة عشر من شهر شعبان لعام ست وعشرين وأربع مئة وألف من هجرة النبي rأجتمع وإياكم في دورة لمتون عقدية وهذه المتون العقدية الثلاثة المتن الأول لمعة الاعتقاد والمتن الثاني الواسطية والكتاب الثالث القواعد المثلى للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ومدة هذه الدورة ما يقرب من أسبوعين ونصف يعني إلى نهاية شهر شعبان إن شاء الله تعالى لذا سنأخذ هذه العقيدة على شيء من العجالة وأنت ما بين أن تكون قد درست هذه العقيدة قبل فيكون حضورك على وجه المراجعة والاستذكار فالإنسان بحاجة إلى مراجعة واستذكار أحيانا أكثر من حاجته لدراسة متن جديد وإما يكون دراستك لها لأول مرة فهي تكون دراسة أولية لهذه العقيدة وقلت لك إننا سنأخذها إن شاء الله تعالى على شيء من العجالة أحاول أن أذكر ما تيسر من تعليقات مفيدة مختصرة تكون بابا أو تكون مفتاحا في فتح ما وراءها من مسائل العقيدة والذي أوصي به وأؤكد عليه كثيرا أنك لا تقتصر على حضور الدروس فإن الدرس لا يعطيك إلا شيئا يسيرا من العلم وإن كان هذا الشيء القليل مهما لكنه لا يعطيك العلم كله قديما قيل كان العلم في صدور الرجال فانتقل إلى بطون الكتب وبقيت مفاتيحها في صدور الرجال فدروس العلم إنما تعطيك مفتاحا لمعرفة العلوم وضبط العلم ومعرفته يرجع إلى جدك واجتهادك فالذي يقتصر على حضور دروس العلم لن يحصل علما دقيقا ولن يحصل علما محققا ولم يحصل علما ثابتا وضع في ذهنك أن المعلم إنما يعطيك عُشْرًا أو عُشْرَيْن والبقية تكون بجدك واجتهادك فأنت الآن تقرا في متن لمعة الاعتقاد فينبغي عليك أن تقرا شروحها تقرأ شرحا وشرحين ثلاثة حتى تستقر هذه العقيدة في نفسك وتكثر مراجعتها ما بين حين وآخر فإذا فعلت ذلك فإنك ستضبط إن شاء الله تعالى مسائل المعتقد أما ما تراه من كثير من إخواننا أنهم لا يراجعون فترى المسائل التي صارت بديهية عند المتوسطين لا تزال من المسائل المشكلة عنده لأنه لا يراجع العلم فمثل هذا لا يتعدى المرحلة التي هو فيها فأوصيكم يا إخواني كثيرا أن تراجعوا مسائل العلم ولا تعتمدوا على الدروس احرص على الدروس لأنها مفاتيح العلم لكن لا تعتمد عليها الاعتماد الكلي وإنما اجمع مع حضورك للدروس مراجعة العلم استذكاره مباحثة الإخوة فيه إيراد الإشكالات ومناقشة أهل العلم في هذه الإشكالات فإن الإشكال كما يقول أبو العباس رحمه الله تعالى طريق إلى العلم إذا أراد الله عز وجل بالعبد خيرا الإشكال ليس علما كما قال القرافي وإنما هو طريق للعلم إذا أراد الله عز وجل بالعبد خيرا كما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى والآن نبدأ بالعقيدة من كتاب وهو لمعة الاعتقاد الحمد لله رب العالمين وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد rأما بعد قال الشيخ الإمام العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامه المقدسي عليه رحمة الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المحمود بكل لسان المعبود بكل زمان الذي لا يخلو من علمه مكان ولا يشغله شأن عن شأن جل عن الأشباه والأنداد وتنزه عن الصاحبة والأولاد ونفذ حكمه في جميع العباد لا تمثله العقول بالتفكير ولا تتوهمه القلوب بالتصوير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير له الأسماء الحسنى والصفات العلى الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى أحاط بكل شيء علما وقهر كل مخلوق عزة وحكما ووسع كل شيء رحمة وعلما يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما موصوف بما وصف به نفسه في كتابه العظيم وعلى لسان نبيه الكريم المتن كما تقدم هو كتاب لمعة الاعتقاد واللمعة : من جهة اللغة هي البلغة من جهة المعيشة والمراد بها هنا البلغة من جهة العقيدة السلفية التي يحتاجها المسلم الاعتقاد: شاع في كتب المتأخرين تعريف الاعتقاد بأنه حكم الذهن الجازم فإن طابق الواقع فصحيح وإن لم يطابق الواقع فهو فاسد وهذا التعريف فيه نظر إذ يلزم عليه ألا تقبل الأدلة التي تفيد غلبة الظن سواء من جهة الثبوت لخبر الآحاد أو من جهة الدلالة ككثير من النصوص فلو جاءك مبتدع فقال لك إنك تعرف الاعتقاد بأنه حكم الذهن الجازم وخبر الآحاد عند كثير من أهل السنة يفيد غلبة الظن لا الجزم ما لم تحتف به القرائن فعليه كيف تقبل أحاديث الآحاد في المعتقد لذا الظاهر أن تعريف الاعتقاد بأنه حكم الذهن الجازم هو من تأثير المتكلمين على علم اللغة وإنما الاعتقاد هو ما انعقد عليه القلب سواء كان جازما أو غير جازم وسواء كان صوابا أم خطئا فكل ما انعقد عليه القلب يسمى اعتقادا قوله الحمد لله الحمد هو ذكر محاسن المحمود مع الثناء والتعظيم كما ذكره ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد فالحمد يكون على ما أحسن الله به علينا نحمده على هذه النعم التي أعطاناها من سمع وبصر إلى آخره ويكون أيضا على صفاته الذاتية نفسه أفاده الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في جامع الرسائل والمسائل وشاع في كتب كثير من المتأخرين تخصيص الحمد بالصفات الاختيارية وهذا خطأ بل هو يكون بالصفات الاختيارية الفعلية ويكون بالصفات الذاتية كما تقدم بيانه في الصفات الفعلية أو الاختيارية أقرب لك بمثال لو أنك رأيت رجلا حسن الخلق تحمده على هذا الأمر لأنه اكتسبه اختياري بخلاف أن تراه حسن الخلقة فلا تحمده على هذا لأنه ليس اختياريا هذا معنى كلام هؤلاء المتأخرين والصواب أن الحمد في حق الله يكون على صفاته الاختيارية الفعلية وعلى غيرها على جميع صفاته سبحانه وتعالى كما تقدم ذكره من كلام أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وذكر أيضا ابن قدامه أن أهل السنة يقرون بصفات الله وينبغي أن تعلم أن الأمور التي تطلق على الله ثلاثة: الأمر الأول: من باب الأسماء كالسميع والعليم والبصير الأمر الثاني: من باب الصفات والصفات أشمل من الأسماء فإن كل اسم متضمن لصفة وليس كل صفة دالة على اسم فأنت تثبت لله المجيء والإتيان ولا تقول الجائي والآتي لكن إذا اثبتّ اسم السميع تقول هذا يتضمن صفة السمع كما بين هذا ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد الأمر الثالث: الإخبار وهو اشملها وهو أشمل من الصفات الإخبار لك أن تخبر عن الله عز وجل بأي شيء ما لم يكن ذما من كل وجه ودليل ذلك إطلاق لفظة شيء على الله عز وجل كما قال تعالى {قل أي شيء أكبر شهادة} فلفظة شيء ليست اسم من أسماء الله لأنها ليست حسنى فالشيء يطلق على الحسن وغير الحسن وأسماء الله كلها حسنى وإنما هذا من باب الإخبار وباب الإخبار ليس توقيفيا لك أن تخبر عن الله عز وجل بأي لفظة ما لم تكن ذما من كل وجه بما أنها يراد بها غير الذم بخلاف الأسماء والصفات فإنها توقيفية أفاد هذا الإمام ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح وابن القيم في كتابه بدائع الفوائد وهنا نرى بعض إخواننا قد استنكر على آخرين إطلاقهم لفظ ...الكتاب والسنة يقول كيف تقول على الله عز وجل لفظ من...الكتاب والسنة يقال هذا يصح من باب ماذا؟؟ من باب الإخبار يصح من باب الإخبار وينبغي أن تعلم أن الاسم يدعى فتقول يا رحمن يا رحيم , يا سميع , يا بصير وأن الصفة لا تدعى وإنما يدعى بها تقول أسألك يا الله برحمتك فالصفة يتوسل بها ولا تدعى بل ذكر الإمام ابن تيمية في الجواب الصحيح أن دعاء الصفة كفر باتفاق المسلمين فلا يصح لأحد أن يقول يا رحمة الله , يا كلام الله فالأسماء تدعى تقول يا رحيم , يا رحمن , يا سميع , يا عليم أما الصفة فلا تدعى لكن يدعى بها ويتوسل بها تقول يا الله اغفر لي برحمتك أما الإخبار فلا يدعى ولا يدعى به إطلاق لفظة شيء, إطلاق لفظة موجود هذا كله من باب الإخبار وأذكر قاعدة تتعلق بالأسماء والصفات ما ثبت في الكتاب والسنة من الأسماء والصفات يثبت لله كإثبات اسم السميع والبصير وما نفي من الأسماء والصفات في الكتاب والسنة فينفى عن الله كنفي السنة والنوم {لا تأخذه سنة ولا نوم} وما لم يأت نفيه ولا إثباته فإننا نتوقف فيه لا نثبته ولا ننفيه إذا قيل لك هل تثبت لله لسانا ماذا تقول ؟؟ تقول أتوقف لا أثبته ولا أنفيه لأنه لم يأت في الكتاب والسنة نفيه ولا إثباته قرر هذه القاعدة الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه التدمرية وابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية وهو شيء شائع عند أهل السنة إلى الإمام ابن باز رحمه الله تعالى في رده على الصابوني ذكر هذه القاعدة وذكر أن اللسان لا يثبت لله ولا ينفى إلى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في القواعد المثلى إذن اضبط هذه القاعدة ما جاء إثباته تثبته وما جاء تفيه ننفيه وما لم يأت إثباته ولا نفيه فتوقف فيه قال رحمه الله تعالى: وكل ما جاء في القرآن أو صح عن المصطفى r من صفات الرحمن وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل .وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا وترك التعرض لمعناه ونرد علمه إلى قائله ونجعل عهدته على ناقله إتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين بقوله سبحانه وتعالى { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا } وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله { فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ } فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم ثم حجبهم عما أملوه وقطع أطماعهم عما قصدوه بقوله سبحانه{ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ } .ذكر ابن قدامه أمرا مهما وهو أنه لا يثبت من الحديث إلا ما صح فهذا يفيدك أن ما عدا الصحيح كالضعيف والموضوع فإنه لا تثبت به شيء من العقائد ويدخل في قوله ما صح أي ما ثبت ويدخل في ذلك الحسن لذا ترون الإمام ابن تيمية في الواسطية لما ذكر أحاديث الصفات حكم على بعضها بالحسن كما سيأتي وقوله ما صح أي بمعنى ما ثبت فيدخل فيه الحسن والصحيح لذاته ولغيره المهم أن الضعيف لا يثبت به شيء من العقائد هذا واضح من كلام أئمة الإسلام فإنهم لم يقبلوا الحديث الضعيف في إثبات مسائل الأحكام تراهم يقولون هذا حديث ضعيف لا يصح إلى آخره في مسائل الأحكام فالعقائد من باب أولى هنا ابن قدامه أيضا وقع في عقيدة التفويض وقبل أن أقف مع كلامه أريد أن أبين لك باختصار عقيدة أهل السنة في باب الأسماء والصفات أهل السنة يا إخواني يعتقدون أن لكل صفة واسم معنى وكيفية معنى في اللغة معنى يعرف بالرجوع إلى كتب اللغة يأتي بيانها لكنهم يقولون المعنى معلوم لدينا بأن ترجع إلى كتب اللغة فأنت ترى أهل اللغة بينوا هذا المراد من جهة المعنى لغة أما الكيفية فنثبتها لكننا لا نعرفها فهي مجهولة بالنسبة إلينا انتبه إلى قولهم مجهولة بالنسبة إلينا ليس معنى قولهم مجهولة بالنسبة إلينا أنها بلا كيفية لا هم يثبتون هذه الكيفية لا يكن لا يعرفون هذه الكيفية كما أننا نثبت ذات لله لكننا لا نعرف كيفية ذات الله فالاستواء مثلا وسيأتي من كلام مالك في كلمته المشهورة يقول الاستواء معلوم إذا ذهبت إلى كتب اللغة وجدته بمعنى استقر وعلا وارتفع فمعلوم لغة لكن كيف استوى الله هو له كيفية كيف استوى لكنها بالنسبة إلينا مجهولة هذا مذهب من؟؟ أهل السنة وسيأتي شواهد كلام أهل السنة في ذلك المشبهة والمجسمة يقولون الاستواء معلوم والكيفية معلومة وهي كاستوائنا كمثل فعلنا في الاستواء هذا مذهب من المجسمة والمشبهة وهو مذهب كفري كما قال نعيم بن حماد الخزاعي من شبه الله بخلقه فقد كفر المؤولة وهم المذهب الثالث ينفون المعنى المتبادر ويؤولونه إلى معنى آخر غير متبادر فالمؤولة بحثهم في جهة المعنى أو الكيفية؟ المعنى لا في الكيفية فمثلا اليد هم يقولون في اليد أو أيضا في مثل الاستواء يقولون اليد بمعنى القوة والقدرة والاستواء بمعنى الاستيلاء هم غيروا أي شيء المعنى هذا مذهب من المؤولة وهم الطائفة الثالثة أعيد الطائفة الأولى والثانية والثالثة ثم أنتقل إلى الرابعة الطائفة الأولى هم أهل السنة يثبتون المعنى ويقولون المعنى هو المتبادر إلى الذهن وهو موجود في اللغة والكيفية يثبتونها لكن يقولون معنى الكيفية مجهول بالنسبة إلينا لكن ليس معنى قولهم مجهولا بالنسبة إلينا أي أنه لا كيفية لا وإنما يقولون لها كيفية لكننا نجهل هذه الكيفية الطائفة الثانية المشبهة والمجسمة يقولون المعنى معروف في كتب اللغة استوى بمعنى استقر الكيفية أيضا معلومة لنا فكيفية استواء الله كاستوائنا مثل استوائنا الطائفة الثالثة وهم من؟ المؤولة لاحظوا يا إخواني المشبهة أخطئوا في الكيفية المؤولة أخطئوا ليس في معنى الكيفية ولكن أخطئوا في معنى الاسم والصفة فأتوا بمعنى غير المتبادر بالذهن الموجود في اللغة وإنما أولوه أتوا بمعنى آخر استوى في اللغة بمعنى علا واستقر إلى آخره هم يأتون يقولون استوى بمعنى استولى فأتوا بمعنى آخر هذا مذهب من يا إخواني المؤولة الطائفة الرابعة هم المفوضة وهم أيضا خالفوا أهل السنة في معنى الاسم والصفة لا في الكيفية فأهل السنة يقولون الاستواء معلوم والمفوضة يقولون ليس معلوما في اللغة استواء الله ليس معلوما لنا لا نعرف منه شيء استوى الله كلمة لا نستفيد منها شيئا كمثل زيد كمثل أي لفظة لا معنى لها فهم أيضا فوضوا معنى أي شيء؟ معنى الاسم والصفة فأهل السنة يثبتون المعنى ويفوضون الكيفية المفوضة فوضوا أي شيء ؟المعنى هم فوضوا المعنى وفوضوا الكيفية فسموا أي شيء؟ مفوضة مذهبهم عجيب مثلا أنا أقول لك محمد استوى , محمد جاء ماذا تستفيد لغة أن محمد جاء إلينا مثلا محمد جاء إلى الدرس أن محمدا انتقل من المكان الذي كان فيه إلى الدرس أتى إلينا المفوضة طبعا بالنسبة لله عز وجل يقول لا نستفيد أنه أتى الله أعلم لأننا لا نفهم معناها فهم فوضوا ماذا يا إخواني ؟ فوضوا المعنى هذا مذهب من؟؟ المفوضة وهذه هي الطائفة الرابعة فوضوا حتى المعنى وكثير من إخواننا وللأسف لا يفهم حقيقة مذهب المفوضة ما شر هذه المذاهب الثلاثة الضالة المبتدعة ؟المفوضة أسوءها مذهبا المفوضة وقد بين الإمام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل وابن القيم في الصواعق المرسلة وأيضا هذا ذكره ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتوى الحموية أن شر مذاهب أهل البدع في الأسماء والصفات المفوضة فتارة سماهم بالطائفة التجهيلية ومرة سماهم باللاأدرية يعني من لا يدرون معنى الصفة ومن مثله ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في مختصر الصواعق سماهم أهل التجهيل وأيضا في المختصر المطبوع سماهم بالطائفة اللاأدرية كمثل شيخه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى المقصود يسمون بالمفوضة ويسمون بأهل التجهيل ويسمون باللاأدرية لا ندري شيئا من المعنى يقول أبو العباس ابن تيمية وشر هذه المذاهب المفوضة لماذا؟ لأنهم بمعنى كلامهم أن كثيرا من كلام الله في القرآن لا يفهم ومعنى كلامهم نسبة الجهل على من إلى أنبياء الله ورسله لأنهم لا يفهمون كلام الله الذي في القرآن بل لا يفهمون أعز شيء في كتاب الله وهو أسماؤه وصفاته ويقول رحمه الله تعالى لازم مذهبهم فتح باب شر البدع حتى يستطيلوا علينا يأتي المؤولة فيقول والله أنتم لا تعرفون معنى الصفة نحن نعرف معنى الصفة فيكون بالمعنى من أي شيء؟ من عنده صار المؤولة أعلم ممن ؟ من أنبياء الله ورسله أيضا فتح باب تلاعب الفلاسفة فيأتون فيقولون أنتم لا تعرفون معاني أهم شيء في كتاب الله وهو أسماؤه وصفاته أيضا ذكر الجنة والنار ألفاظ لا معنى لها فلا توجد جنة ولا نار ومذهب التفويض شر هذه المذاهب والأدلة على رده كثيرة أولا ما تقدم من اللوازم وهي لوازم باطلة فما كان يلزم منه البطلان فهو غير حق وأيضا الله عز وجل قال{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته }فكيف نتدبر ما لا نفهمه وأيضا أنت ترى الله عز وجل إذا ذكر آية فيه قوته ذكر أنه شديد العقاب عزيز ذو انتقام إلى آخره وإذا ذكر أشياء من رحمته ذكر أنه رحيم وأنه غفور فدل هذا على أن لهذه الأسماء والصفات معاني لذلك ختمها بما يناسب الكلام والرد على هؤلاء من أوجه كثيرة لكن ذكرت لكم أن المقام مقام اختصار ابن قدامة وللأسف في هذه العقيدة وقع في التفويض أنظر ما قال أعد الشاهد وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظا وترك التعرض لمعناه لاحظ قال أثباته لفظا فقط نثبت اللفظ وترك التعرض لأي شيء؟لمعناه وهذه عقيدة التفويض وقد نسب لابن قدامه عقيدة التفويض الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى في فتاواه والشيخ عبد الرزاق عفيفي أيضا في فتاواه وهي زلة وخطأ لا يجب أن يتبع عليها أيضا وقع ابن قدامه في شيء آخر وهو أنه جعل الأسماء والصفات من المتشابه لذلك قال أهل العلم يمسكون عنها كما قال تعالى {والراسخون في العلم }إلى آخره وهذا خطأ فقد ذكر الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنه لم يقل أحد من السلف إن أسماء الله وصفاته من المتشابه بل هي من أي شيء؟ من المحكم إذن أخذنا الآن ملاحظتين على هذه العقيدة الأولى أنه وقع في التفويض الثانية أنه جعل الأسماء والصفات من أي شيء؟ من المتشابه قال رحمه الله: قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه في قول النبي r: « إن الله ينزل إلى سماء الدنيا » و « إن الله يرى في القيامة » وما أشبه هذه الأحاديث نؤمن بها ونصدق بها بلا كيف ولا معنى ولا نرد شيئا منها ونعلم أن ما جاء به الرسول حق ولا نرد على رسول الله rولا نصف الله بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } ونقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه لا نتعدى ذلك ولا يبلغه وصف الواصفين نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدى القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك إلا بتصديق الرسول r وتثبيت القرآن.
هنا في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى قال بلا كيف ولا معنى أشكل على بعضهم معنى قوله بلا معنى هل الإمام أحمد رحمه الله تعالى هنا يقرر مذهب المفوضة لما قال بلا معنى؟ والجواب على هذا من وجهين: الوجه الأول: أن زيادة بلا معنى جاءت من طريق حنبل كما خرجها اللالكائي بخلاف رواية بقية الثقات فذهب بعضهم إلى أنها شاذة وإلى أن أفراد أحمد عم الإمام أحمد لا يحتج بها الوجه الثاني: أن يقال إن كلام الإمام أحمد يفسر بعضه بعضا فقوله بلا معنى أي بلا معناها عند أهل البدع لذلك كلامه في إثبات معاني الصفات بمعناها الصحيح كثير وكلام العالم إذا تعارض أو إذا ظهر منه التعارض فإنه يجمع بينه ويفسر بعضه بعضا كما قرر ذلك الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في الرد على البكري وابن القيم في شفاء العليل أن كلام العالم يفسر بعضه بعضا إذا كان كلام الله المحكم يفسر بعضه بعضا فكلام العالم من باب أولى لأن العالم يقصر تعبيره فتعبيره فيه قصور فنفهم تعبيره القاصر بكلامه الآخر إذن قوله بلا معنى أي بلا معنى أي بلا معناها عند أهل البدع أيضا جاء في كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى الكلام عن الحد قال بلا حد نفى الحد وأهل السنة مرة يثبتون الحد ومرة ينفون الحد لكن إذا أثبتوه أرادوا به شيئا وإذا نفوه أرادوا به شيئا آخر كما حقق ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في نقض التأسيس وابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية والشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى في تعليقه على الطحاوية فإذا قالوا بلا حد أي بلا إحاطة المخلوقين بالله عز وجل علما فإذا كان الحد بمعنى الإحاطة بالله علما فإنهم ينفونه فإنه لا يحيط أحد بالله عز وجل علما {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء }هذا علمه فكيف به سبحانه وتعالى فإنه لا يحاط بعلمه سبحانه وتعالى البتة وإذا أثبتوا الحد أرادوا به شيئا آخر وهو أنه منفصل عن خلقه أي ليس خلقه داخل فيه ولا هو داخلا في خلقه لذا قال ابن المبارك الله مستو على عرشه بائن من خلقه بلا حد إذن قوله هنا بلا حد أي شيء؟ أي لا يحاط به علما فإذا نفي الحد فالمراد به الإحاطة به علما وإذا أثبت الحد فيراد به أي شيء أي أنه منفصل عن خلقه سبحانه وتعالى قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه : آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله . لاحظوا قول أبي عبد الله الشافعي آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وكذلك على مراد رسول الله rقال آمنت بما جاء عن رسول الله r على مراد رسول الله rقوله على مراد يدل على أن لها معنى فآمن بهذا المعنى فإذن كلام السلف نفسه يؤكد أن لها معنى فمن نسب إلى السلف التفويض كما ترون الآن الأشاعرة يقولون لك في أسماء الله تعالى طريقتان إما طريقة أهل التحقيق وهو أي شيء؟ التأويل بزعمهم وهي طريقة بدعية أو طريقة السلف وهي أي شيء التفويض وهذه بدعة أشد من التي قبلها فلم يهتدوا إلى مذهب السلف لا على هذه الصورة ولا على هذه الصورة فالسلف يثبتون المعنى من غير تفويض المعنى فهم يثبتون المعاني ولا يفوضون وإنما يفوضون الكيفيات لاحظ قال آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله إذن لها مراد لها معنى قال وآمنت برسول الله وبما جاء رسول الله r على مراد رسول الله r إذن فلها معنى وسيأتيك من كلام الإمام مالك نحو ذلك قال: وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله rمن غير تعرض لتأويله وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم والاهتداء بمنارهم وحذرنا المحدثات وأخبرنا أنها من الضلالات فقال النبي r: « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ».وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كلاما معناه : قف حيث وقف القوم فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا ولهم على كشفها كانوا أقوى وبالفضل لو كان فيها أحرى فلئن قلتم : حدث بعدهم فما أحدثه إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم ولقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي فما فوقهم محسر وما دونهم مقصر لقد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوزهم آخرون فغلوا وإنهم فيما بين ذلك لعلى هدى مستقيم . وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي رضي الله عنه : عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول . قول عمر بن عبد العزيز فما فوقه محسر أي متعب نفسه على غير فائدة وما دونه مقصر هذا واضح لكن المهم هنا أن ابن قدامه قعد قاعدة مهمة وهو أهنه يفهم الكتاب والسنة على فهم السلف وأن البدع تترك ولا تفعل وهذه يا إخواني من أهم قواعد أهل السنة أن الكتاب والسنة يفهمان بفهم هذه السلف ونقل الشواهد من كلام ابن مسعود وكلام عمر بن عبد العزيز وكلام الأوزاعي على أن الكتاب والسنة يفهمان بفهم السلف والأدلة على ذلك كقوله تعالى{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبني له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم}وقال{فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا }يعني بمثل ما آمن الصحابة مفهوم المخالفة إن لم يؤمنوا بمثل ما آمن الصحابة فقد ضلوا وفهم السلف حجة لا في مسائل الفقهيات ولا في مسائل المعتقد ولا في مسائل الدعوة إلى الله في جميع أمور الدين فهم السلف حجة ومعتبر وهذه قاعدة لابد أن نحرص على فهم سلف هذه الأمة لا في مسائل العقائد ولا الفقهيات ولا الدعوة إلى الله ولا العبادة ولا في غيرها في جميع أمور العبادات نرجع إلى فهم من؟فهم سلف هذه الأمة فإذا السلف لم يختلفوا وجب أن نأخذ فهمهم فإذا اختلفوا على قولين فإن الحق لا يخرج عن قوليهما بل هو أحد القولين وهكذا ونختار أشبه هذين القولين من جهة الدليل الشرعي

وقال محمد بن عبد الرحمن الأدرمي لرجل تكلم ببدعة ودعا الناس إليها : هل علمها رسول الله r وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي أو لم يعلموها ؟ قال لم يعلموها قال : فشيء لم يعلمه هؤلاء أعلمته أنت ؟ قال الرجل: فإني أقول : قد علموها قال : أ فوسعهم أن لا يتكلموا به ولا يدعوا الناس إليه أم لم يسعهم ؟ قال : بلى وسعهم قال فشيء وسع رسول الله rوخلفاءه لا يسعك أنت ؟ فانقطع الرجل فقال الخليفة وكان حاضرا: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسعهم.
هذه القصة ضعفها الذهبي رحمه الله تعالى وذكر أن في أسانيدها مجاهيل واسم الرجل محمد بن عبد الله الأدرمي وما ذكر ابن قدامه الاسم خطأ وإنما اسمه محمد بن عبد الله الأدرمي وخلاصة هذه القصة أنه لما ناظر الرجل الذي قال بخلق القرآن قال هل علم هذا رسول الله r أم لم يعلمه فإن قال علموها فيقول أثبت أنهم علموها وإن قال لم يعلموها فيقول كيف قلت شيئا لم يعلموه فقال لم يعلموها ثم تدارك فقال لم يعلموها قال طيب هل دعوا الناس إليها أو لم يدعو الناس إليها فإما أن تقول نعم علموها فدعوا فأثبت أو أنهم لم يدعو فلا يصح لك أن تخالف طريقتهم واضح يا إخواني وفي ظني أن هذه المناظرة ليست دقيقة بعض الإخوة يظن أن في هذه المناظرة قوة وظني والله أعلم أن متنها فيه نكارة أيضا لماذا؟لأنك لو أتيت برجل معتزلي يقول بأن القرآن مخلوق تسأله هل علم هذا رسول الله r ماذا يقول المعتزلي ماذا سيقول؟يقول نعم تقول هل دعا الناس إليها ؟ماذا سيقول ألمعتزلي؟سيقول نعم تقول بأي دليل يقول لك بقوله{ الله خالق كل شيء}واضح يا إخواني فقوله الله خالق كل شيء فسيقول دعا إليها يعني لا أظن رجلا من أهل البدع يزعم أنه يتمسك بالدليل يقول نعم علمها لكن لم يدع إليها لا يمكن بل سيقول في ظنه إنه علمها ودعا إليها واضح يا إخواني لذا في ظني أيضا أن القصة فيها نكارة قال رحمه الله تعالى: وهكذا من لم يسعه ما وسع رسول الله rوأصحابه والتابعين لهم بإحسان والأئمة من بعدهم والراسخين في العلم من تلاوة آيات الصفات وقراءة أخبارها ولإمرارها كما جاءت فلا وسع الله عليه .فمما جاء من آيات الصفات قول الله عز وجل : { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } وقوله سبحانه وتعالى : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } بل يداه مبسوطتان أي أن لله سبحانه وتعالى يدين مبسوطتين وهنا أنبه على خطأ يقع فيه يقع فيه بعضهم وهو ظنه قول الله تعالى {بنيناها بأيد}هي أيدي الله وهي ليست كذلك بل أيد هنا مأخوذة من آد يئيد وهو بمعنى التأييد وذلك أن أئمة السلف نصوا على معناها القدرة والقوة كما ثبت ذلك عن قتادة ومنصور بن المعتمر بإسناد صحيح خرجه ابن جرير في تفسيره وجاء عن ابن عباس لكنه لا يصح إذن هذه ليست من آيات الصفات وقوله تعالى إخبارا عن عيسى rأنه قال{ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } النفس نثبتها لله عز وجل كما في هذه الآية وفرق بين النفس والروح فالنفس نثبتها لله بخلاف الروح فإنه لم يثبت بها نص وأخذنا في الدرس الماضي قاعدة أن ما لم يأت إثباته ولا نفيه نتوقف فيه لا نثبته ولا ننفيه وقوله سبحانه :{ وَجَاءَ رَبُّكَ} وقوله تعالى : { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ } الإتيان والمجيء بمعنى واحد وهذا صنيع علماء السلف كالدارمي في رده على بشر المريسي وقوله تعالى {فأتى الله بنيانهم} هذه ليست من آيات الصفات لأن الإتيان جاء هنا مقيدا بالبنيان لذلك ذكر الدارمي في رده على بشر المريسي أن هذه الآية ليست من آيات الصفات وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في مختصر الصواعق أن الإتيان نوعان : الأول: إتيان مطلق {وجاء ربك}{هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله} فالإتيان المطلق من آيات الصفات الثاني: أما الإتيان إذا كان مقيدا فليس من آيات الصفات كقوله تعالى{فأتى الله بنيانهم } وقوله تعالى : { رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ } وقوله تعالى : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } وقوله تعالى في الكفار : { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } وقوله تعالى : { اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ } وقوله تعالى : { كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ }.ومن السنة قول النبي r: « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا » النزول ثابت هذا الحديث ثابت وفيه الدلالة على أن الله ينزل والحديث خرجه الشيخان من حديث أبي هريرة وقد اختلف علماء السلف هل إذا نزل الله عز وجل يخلوا العرش أو لا يخلوا أو يتوقف في المسألة * ذهب إلى أن العرش يخلوا إذا نزل الله سبحانه وتعالى ابن مندة وألف في ذلك مصنفا * وذهب كثير من السلف إلى التوقف أي لا يقال بأنه يخلوا ولا يخلوا * والقول الذي ذهب إليه جماهير السلف أن العرش لا يخلوا وهو مذهب حماد بن زيد والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وترجيح أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو الصواب وذلك أن الأدلة دلت على أن الله استوى على عرشه ولو يأت دليل يدل على أن الله يترك العرش فيخلوا وإنما غاية الأدلة أنه ينزل وليس لازم النزول خلو العرش إلا عند المخلوقين أما الباري سبحانه وتعالى فليس كمثله شيء وهو السميع البصير فالصواب أن العرش لا يخلوا لأن الأدلة جاءت بأن الله استوى على عرشه ولم يأت دليل يدل على أن العرش يخلوا من الله سبحانه وتعالى وقوله : « يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة » هذا الحديث خرجه الإمام أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر وهو ضعيف لأن في إسناده عبد الله بن لهيعة وقد ضعفه الألباني رحمه الله تعالى فإن قلت كيف يشترط ابن قدامه ويشترط أئمة أهل السنة أن لا يرووا في حديث العقائد إلا ما هو صحيح وها هو ابن قدامه وغيره كثير أوردوا في كتب العقائد أحاديث ضعيفة فيقال الجواب من أوجه: الوجه الأول: أن التصحيح والتضعيف في كثير منه نسبي قد يصح عند فلان ما لا يصح عند آخر وقد يضعف عند الآخر ما لم يضعف عند الأول فهو إذن نسبي الوجه الثاني:أن العلماء ليسوا كلهم ذوي معرفة بالحديث الصحيح والضعيف بل منهم من هو جامع بين الفقه والحديث ومنهم من هو متخصص بالحديث ومنهم من هو متخصص في الفقه ومن لم يكن ذا معرفة بالحديث فقد يخطئ وقوله : « يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة » وهذا الحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة وفيه إثبات صفة الضحك أما العجب ضعف هذا الحديث إلا أنه يثبت لله عز وجل لقراءة{بل عجِبتُ ويسخرون}بضم التاء ففيها إثبات العجب لله سبحانه وتعالى وأيضا ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة :عجب الله من صنيعكما البارحة ففيها إثبات صفة العجب لله سبحانه وتعالى إلا أنه للعجب معنيين : المعنى الأول: وهو التعجب من الشيء لأنه تفاجئ به ولم يعلم به المعنى الثاني: التعجب من الشيء لأنه غاير أمثاله ونظائره لا لأنه تفاجئ به والعجب الذي يثبت لله هو بالمعنى الثاني لا بالمعنى الأول فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعدلت رواته نؤمن به ولا نرده ولا نجحده لاحظ أكد صحة السند فلا يثبت من الأسماء والصفات إلا ما صح سنده من الأحاديث النبوية أو من الآيات القرآنية ولا نتأوله بتأويل يخالف ظاهره ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وكل ما تخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله تعالى بخلافه .
ومن ذلك قوله تعالى : { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } وقوله تعالى : { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } وقول النبي r: « ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك » هذا الحديث أخرجه أحمد وأبو داود من حديث أبي الدرداء وهو حديث ضعيف لا يصح عنه rبل جاء أيضا من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري وأيضا لا يصح لأن في إسناد أبي الدرداء زيادة ابن محمد وقد ذكر البخاري وأبو حاتم أنه منكر الحديث وفي إسناد حديث فضالة بن عبيد الأنصاري أبو بكر بن مريم وهو ضعيف ويروي عن مشايخ له وهم مجاهيل وعلى كل الحديث لا يصح عنه r وقال للجارية :« أين الله ؟ قالت : في السماء قال : أعتقها فإنها مؤمنة »رواه مسلم ومالك بن أنس وغيرهما من الأئمة إذن أخذ يذكر الأدلة على إثبات العلو لله وبدأ بقول الله تعالى {الرحمن على العرش استوى}واستوى هنا بمعنى ارتفع لأن للاستواء أربعة معاني ذكرها ابن القيم في الكافية الشافية وذكرها أيضا في اجتماع الجيوش الإسلامية وهي بمعنى ارتفع واستقر وصعد وعلا هذه أربعة معاني للاستواء وقوله تعالى { الرحمن على العرش استوى}أي علا أو استقر أو صعد أو ارتفع فهي إذن تفيد إثبات العلو لله سبحانه وتعالى والعلو ثابت بأدلة الكتاب والسنة والإجماع والفطرة والعقل أما الكتاب فآية الرحمن على العرش استوى}وقوله {أأمنتم من في السماء} أما السنة كما ذكر ما أخرجه مسلم حديث معاوية بن الحكم أن النبي r سأل الجارية أين الله فقالت في السماء فأقرها rبقوله اعتقها فإنها مؤمنة أما الإجماع فإثبات أن الله في السماء عليه أهل السنة حكوا الإجماع على ذلك كابن خزيمة وغيره وذكره أئمة السنة في كتب الاعتقاد أما الفطرة فإن الإنسان إذا احتاج شيئا توجه إلى السماء تلقائيا وهكذا البهائم إذا اشتكت رفعت بصرها إلى السماء أما العقل وهذا هو الدليل الخامس ما ذكره الإمام ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة أن الجهات ما بين أن تكون في العلو أو في السفل والعلو خير من السفل والله له الأحسن سبحانه وتعالى وهو العلو إذن إثبات العلو يكون في كتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة بهذه الأدلة الخمسة وتنبه إلى أن العلو صفة ذاتية لا تنفك عن الله عز وجل وسنأخذ إن شاء الله تعالى الصفة الذاتية والصفة الفعلية في دراسة القواعد المثلى فالعلو صفة ذاتية لا تنفك عن الله بخلاف الاستواء فإنها صفة فعلية الرحمن على العرش استوى} ثم استوى فما كان مستويا ثم بعد ذلك استوى ذكر هذا الإمام ابن تيمية في كتابه التسعينية إذن العلو صفة ذاتية لا تنفك عن الله بخلاف الاستواء فإنه ما كان مستويا سبحانه وتعالى ثم استوى بعد ذلك فهو صفة فعلية وقال النبي rلحصين : « كم إلها تعبد ؟ قال سبعة ستة في الأرض وواحدا في السماء قال من لرغبتك ورهبتك ؟ قال الذي في السماء قال فاترك الستة واعبد الذي في السماء وأنا أعلمك دعوتين فأسلم وعلمه النبي r أن يقول : اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي »
وهذا الحديث أيضا لا يصح فقد خرجه البيهقي والترمذي وقال الترمذي حديث غريب ومعنى قول الترمذي حديث غريب أي ضعيف وقد أشار الذهبي رحمه الله تعالى إلى ضعف الحديث لكن الشاهد منه أنه ذكر أن الله في السماء وفيما نقل من علامات النبي rوأصحابه في الكتب المتقدمة : أنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلههم في السماء . كونه جعل هذا من علاماتهم هذا فيه نظر لأن السجود في الأرض والقول بأن الله في السماء ليس من علامات رسول الله rمحمد بل جاءت بذلك جميع الأنبياء والرسل وقد دعا موسى فرعونا إلى هذا فأمر فرعون من هامان أن يبني له صرحا حتى يطلع على إله موسى فدل هذا على أن موسى دعا فرعون إلى أن الله في السماء وروى أبو داود في سننه أن النبي rقال : « إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا. . . » وذكر الخبر إلى قوله : « وفوق ذلك العرش والله سبحانه فوق ذلك » هذا الحديث يسمى بحديث الأوعال وهو من حديث العباس بن عبد المطلب لكنه أيضا لا يثبت عن النبي rفي إسناده انقطاع والجهالة وبين ذلك الذهبي وغيره فهذا وما أشبههه مما أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله ولم يتعرضوا لرده ولا تأويله ولا تشبيهه ولا تمثيله .
سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقيل : يا أبا عبد الله { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } كيف استوى ؟ فقال : الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة ثم أمر بالرجل فأخرج هذا ثابت عن مالك أخرجه البيهقي واللالكائي وغيرهما وإسناده صحيح صححه الذهبي وابن تيمية وغير واحد وجاء نحوه عن شيخه ربيعة الرأي وأيضا هو ثابت عنه كما صححه الذهبي وجاء عن أم سلمه مرفوعا وموقوفا لكن لا يصح عنها كما ذكر ذلك الذهبي في كتاب العلو وأشار إلى هذا ابن تيمية رحمه الله تعالى إلا أن هذا الأثر قاعدة من قواعد أهل السنة في إثبات المعنى ومعرفة المعنى وفي إثبات الكيفية والجهل بها وقد تقدم بيان هذا ومما ذكر ابن تيمية وغيره أن كلام مالك هذا يعتبر ميزانا مضطردا في جميع الأسماء والصفات إذا سئلت عن المجيء والإتيان والسمع والبصر تقول فيه ما قال مالك في الاستواء وأيضا في كلام مالك هذا رد على أهل الكلام كالاشاعرة الذين ينسبون إلى السلف مذهب التفويض ويقولون مذهب السلف اسلم ومذهب الخلف أعلم وأحكم وينسبون إلى السلف مذهب التفويض وهذا خطأ فإن السلف ليسوا مفوضة بل هم يثبتون المعاني كما قال مالك الاستواء معلوم وللأسف أنت إذا قرأت للنووي شرح مسلم فجاء عند آية من آيات الصفات يقول لك معها طريقان الطريق الأول التأويل وهو مذهب المتأخرين والمحققين والطريق الثاني التفويض كما هو مذهب السلف وقد أخطأ على السلف في ذكر هذا عنهم
ومن صفات الله تعالى أنه متكلم بكلام قديم انتقل الآن إلى صفة الكلام قوله متكلم بكلام قديم هذا خطأ فإن كلام الله عند أهل السنة قديم من جهة ومتجدد من جهة أخرى فهو قديم النوع متجدد الآحاد وبعبارة أخرى حادث الآحاد أما أن يقال عن كلام الله قديم هكذا على الإطلاق هذا خطأ وهو مذهب الأشاعرة والماتوريدية وإنما كلام الله قديم من جهة النوع والأصل ومتجدد من جهة الأفراد بحسب الحوادث الله عز وجل موصوف بأنه متكلم فهو كذلك سبحانه وتعالى كلامه قديم بقدمه جل جلاله وعظم سلطانه لكنه إذا حصلت حوادث تكلم فأفراد الكلام تتجدد بحسب الحوادث لما سمع المجادلة تكلم الله سبحانه وتعالى وقال {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}فهذا الكلام تجدد لما سمع كلام المجادلة فاضبط هذا واعرفه فإن مذهب أهل السنة قديم من جهة النوع بقدم ذاته سبحانه وتعالى ومتجدد بحسب الحوادث وقول ابن قدامه هكذا قديم على الإطلاق خطأ يسمعه منه من شاء من خلقه سمعه موسى r منه من غير واسطة وسمعه جبريل r ومن أذن له من ملائكته ورسله وأنه سبحانه يكلم المؤمنين في الآخرة ويكلمونه ويأذن لهم فيزورونه قوله ويزورونه ثبت أن المؤمنين يزورون ربهم يوم القيامة وقد عقد الإمام ابن القيم فصلا في كتابه حادي الأرواح والأدلة على ذلك كثيرة منها ما ثبت عند الدار قطني وابن بطة وصحح الأثر ابن تيمية في مجموع الفتاوى عن ابن مسعود أنه قال :"سارعوا إلى الجمعة فإن الله يبرز لعباده على كثيب من كافور فيقربون منه ويدنون منه على سرعتهم لصلاة الجمعة وهذا ثابت وابن مسعود لا يأخذ عن أهل الكتاب هذا يدل على أن المؤمنين يزورون ربهم يوم القيامة والكلام كما ذكر ابن قدامه كلام الله غير مخلوق وكما ذكرت لكم أنه قديم من جهة النوع متجدد من جهة الأفراد والآحاد الآن سنأخذ الأدلة على أن كلام الله غير مخلوق ثم بعد ذلك نأخذ الأدلة على أن القرآن غير مخلوق لأن القرآن من كلام الله كلام الله أشمل من القرآن قال الله تعالى { وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا } قوله تكليما هذا التأكيد يبين لك أن فعل وكلم الله على الحقيقة لا المجاز فإن الفعل إذا أكد بالمصدر فإنه على الحقيقة لا المجاز بإجماع أهل اللغة كما حكا الإجماع ابن النحاس من قال إن كلم هنا على المجاز فيرد عليه بأي شيء بأنه أكد وتأكيد الفعل بالمصدر يبين أن الفعل على الحقيقة لا المجاز بالإجماع وقال سبحانه { يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي } وفي هذا أيضا كلام الله لموسى وقال سبحانه{ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ } وقال سبحانه{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } وقال سبحانه{ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى } نودي فيها شيء زائد على أن الله تكلم وهو أن النداء لا يكون إلا بصوت وهذا بالإجماع كما حكاه ابن تيمية فإذا قيل لك هل كلام الله بصوت فقل نعم والدليل على ذلك آية النداء والنداء لا يكون إلا بصوت قال سبحانه{ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ } وقال سبحانه{ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي } وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله هذا صريح في أن كلام الله غير مخلوق لأن قوله {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} لو كان الكلام مخلوقا لصار المخلوق يقول إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني والعبادة خاصة بمن؟ لله عز وجل لذلك سليمان بن داود الهاشمي استدل بهذه الآية على أن كلام الله غير مخلوق وهذا هو الدليل الأول إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأنه لا يصح لمخلوق أن يقول إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ومن الأدلة أيضا إضافة الكلام إلى الله فإضافة الأمور المعنوية إلى ذات تدل على أن هذا الأمر المعنوي صفة له إذا قيل هذا كلامك وهذا سمعك وبصرك إلى آخره هذا كلامك الكلام شيء معنوي فلا يكون بنفسه فإذا أضيف إلى ذات فيدل على أنه صفة لهذه الذات وأيضا من الأدلة على أن كلام الله غير مخلوق قوله تعالى{إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون هذه الآية مع قوله {ألا له الخلق والأمر} يدل على أن الأمر غير الخلق فإذن الأمر ليس مخلوقا وهو الذي تكلم به فدل هذا على أن كلامه غير مخلوق ومن الأدلة أيضا ما خرج مسلم من حديث خوله بنت حكيم أن النبي rقال :"من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك "قال أعوذ بكلمات الله التامات لا شيء يعيذ من جميع الشرور إلا من هو؟ إلا الله عز وجل لا يوجد شخص يعيذك من جميع الشرور دل هذا على أن الكلام الذي استعذنا به من جميع الشرور ليس مخلوقا لأنه لا يعيذ من جميع الشرور إلا من؟ إلا الله سبحانه وتعالى وأهل السنة مجمعون على أن القرآن كلام الله وقد حكا الإجماع على ذلك اللالكائي وابن القيم بل وأجمعوا على أن من قال كلام الله مخلوق فهو كافر كما حكا الإجماع اللالكائي وابن القيم وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء " روى ذلك عن النبي rهذا ثابت عن عبد الله بن مسعود روي موقوفا علقه البخاري جازما به فالبخاري إذا علق حديثا جازما به دل على أي شيء؟على صحته عنده وروى عبد الله بن أنيس عن النبي rأنه قال : « يحشر الله الخلائق يوم القيامة عراة حفاة غرلا بهما فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب هذا صريح في إثبات الصوت لله تعالى وقد علق الحديث جازما به البخاري كما يسمعه من قرب: أنا الملك أنا الديان » رواه الأئمة واستشهد به البخاري وفي بعض الآثار أن موسى rليلة رأى النار فهالته ففزع منها فناداه ربه : يا موسى فأجاب سريعا استئناسا بالصوت فقال لبيك لبيك أسمع صوتك ولا أرى مكانك فأين أنت ؟ فقال : " أنا فوقك وأمامك وعن يمينك وعن شمالك " فعلم أن هذه الصفة لا تنبغي إلا لله تعالى قال كذلك أنت يا إلهي أفكلامك أسمع أم كلام رسولك ؟ قال : " بل كلامي يا موسى " . ومن كلام الله سبحانه القرآن العظيم انتبه إلى قوله ومن كلام الله القرآن فإذن كما تقدم كلام الله غير مخلوق ومنه القرآن ما الدليل على أن القرآن من كلام الله؟ الدليل قوله تعالى{وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله }إذن أهل السنة لما كفروا القائلين بأن القرآن مخلوق هل كان التكفير شدة من غير بينة ولا برهان وغلوا كلا بل تكفيرهم مبني على أدلة من الكتاب والسنة فمن قال بأن القرآن مخلوق فيلزم على كلامه لوازم كثيرة أن المخلوق يقول إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأن تضعف قداسة القرآن عند المؤمنين وأن يكذب القرآن الدال على أن كلامه غير مخلوق وتكذيب شيء من القرآن يعتبر كفرا وخروجا من الدين لأننا كنا نسمع بعض العصرانيين وللأسف بعض الإسلاميين المتأثرين بالعصرانيين يقولون أنتم تبالغون في هذه المسائل في تكفير من يقول بأن القرآن مخلوق إلى آخره فمن قال بهذا الأمر فقد أوتي من جهله لأنك إذا شددت إلى من نسب الكذب إلى كتاب الله لا تعتبر مبالغا بل تعتبر قائما بأمر الله كما قام به أئمة السنة الأوائل وهو كتاب الله المبين وحبله المتين وصراطه المستقيم وتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين بلسان عربي مبين منزل غير مخلوق منزل غير مخلوق أدلة أما غير مخلوق فواضحة الأدلة أما منزل فمن الأدلة أيضا قوله تعالى{ تنزيل الكتاب من الله}هذا يدل على أنه منزل والمنزل يا إخواني أقسام قسم منزل ولا يذكر المكان الذي نزل منه كقوله تعالى وأنزلنا الحديد فيه باس شديد ومنافع للناس} وقسم يذكر التنزيل فيه على وجه مقيد في مكان معين وهذا نوعان : النوع الأول: يكون من عند الله هذا لا يعتبر مخلوقا كالقرآن النوع الثاني أن يكون من السماء {وأنزلنا من السماء ماءا مباركا }فهذا يكون مخلوقا إذن المنزل على قسمين : القسم الأول: يطلق ولا يذكر المكان الذي نزل منه مثل الحديد وهذا يعتبر مخلوقا القسم الثاني: يذكر المكان الذي نزل منه وهذا نوعان: النوع الأول: أن يكون من السماء أو غيره هذا يكون مخلوقا النوع الثاني: أن يكون من عند الله وهذا لا يكون مخلوقا كالقرآن ذكر هذا الإمام ابن تيمية في شرح حديث النزول منه بدأ وإليه يعود ومعنى بدأ أن الله تكلم به ومعنى أنه يعود أن الله يرفعه في آخر الزمان أي القرآن كما ثبت عن أبي هريرة وابن مسعود لذلك روى الدارمي والبيهقي بإسناد صحيح عن عمرو بن دينار قال أدركت الناس الصحابة والتباعين يقولون القرآن كلام الله منه بدأ وإليه يعود فقوله منه بدأ وإليه يعود أي الله تكلم به ويعود أي يرجع إليه في آخر الزمان يعني يرتفع من الأرض في آخر الزمان وهو سور محكمات وآيات بينات وحروف وكلمات من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات قوله فأعربه أي أحسن قراءته يعني أحسنه له أول وآخر وأجزاء وأبعاض متلو بالألسنة محفوظ في الصدور مسموع بالآذان مكتوب في المصاحف فيه محكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ وخاص وعام وأمر ونهي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } وقوله تعالى : { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الذين كفروا : { لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ } وقال بعضهم : { إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ } فقال الله سبحانه : { سَأُصْلِيهِ سَقَرَ } وقال بعضهم هو شعر فقال الله تعالى : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ } فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآنا لم يبق شبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات وحروف وآيات لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد إنه شعر وقال عز وجل : { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ } ولا يجوز أن يتحداهم بالإتيان بمثل ما لا يدري ما هو ولا يعقل وقال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي } فأثبت أن القرآن هو الآيات التي تتلى عليهم وقال تعالى : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } وقال تعالى : { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }{ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ }{ لَا يَمَسُّهُ إِلَّاالْمُطَهَّرُونَ } بعد أن أقسم على ذلك وقال تعالى : { كهيعص } وقال تعالى {حم} {عسق } وافتتح تسعا وعشرين سورة بالحروف المقطعة وقال النبي r: « " من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة » حديث صحيح.
هذا الحديث ضعيف لا يصح عن النبي r وقال r: « " اقرؤوا القرآن قبل أن يأتي قوم يقيمون حروفه إقامة السهم لا يجاوز تراقيهم يتعجلون أجره ولا يتأجلونه » هذا أيضا لا يصح والصواب أنه مرسل وقال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه وقال علي رضي الله عنه : من كفر بحرف منه فقد كفر به كله واتفق المسلمون على عد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه .
ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفا متفقا عليه أنه كافر وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف.وقد حكا الإجماع على من أنكر ولو حرفا واحدا جماعة من أهل العلم منهم القاضي عياض فمن أنكر ولو حرفا واحدا من كتاب الله فهو كافر بشرط أن تكون ثابتة ولا خلاف في ثبوتها لأنه قد يتنازع في بعض القراءات تعرفون أن القراءة المتواترة لابد أن يجتمع فيها ثلاثة شروط: الشرط الأول :أن يصح إسنادها ولو كان آحادا الشرط الثاني: أن توافق اللغة العربية ولو وجها الشرط الثالث: أن توافق الرسم العثماني ولو احتمالا والشرط الأول مجمع عليه وهو صحة الإسناد وقد نقل السيوطي في كتاب الإتقان الإجماع عن جماعة فالقراءة حتى تكون متواترة لابد أن تجمع هذه الشروط الثلاثة فإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة فمن أنكرها فهو كافر والتواتر يا إخواني في علم القراءات غير التواتر في علم الحديث فإن التواتر فيس علم القراءات ما صح إسناده ولو كان آحادا ولو كان سندا واحدا مع الشرطين الآخرين أما في علم الحديث فالتواتر نوعان كما تعلمون تواتر لفظي وتواتر معنوي وعنده أن ما كان آحادا ليس من المتواتر لأن الآحاد قسيم التواتر والمؤمنون يرون ربهم في الآخرة بأبصارهم ويزورونه ويكلمهم ويكلمونه أهل السنة يقرون بأن المؤمنين يرون ربهم ويكفرون من لا يقر بهذا الاعتقاد لأنه مكذب لكتاب الله وما صح عن رسول الله r بل يرون أن النظر غلى ربهم من أحسن النعيم كما قال تعالى{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}خرج مسلم من حديث صهيب قال الزيادة رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة أسال الله أن يمن علي وإياكم برؤيته سبحانه وتعالى قال الله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ }{ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } {وجوه يومئذ ناضرة} أي حسنة {إلى ربها ناظرة } أي تراه فالنظر بالظاء له أحوال: * إما أن يعدا بحرف في فيكون بمعنى التفكر {أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض }أي يتفكروا * وإما أن يعدا بحرف غلى فيكون بمعنى الرؤية كما قال تعالى{إلى ربها ناظرة } * وإما ألا تعدى لا بحرف في ولا إلى فتكون بمعنى الانتظار {انظرونا نقتبس من نوركم }أي انتظرونا ذكر هذا الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى وذكر شيئا منه ابن منظور في لسان العرب فقوله إلى بها ناظرة أي أنها ترى ربها سبحانه وتعالى وقال تعالى : { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } فلما حجب أولئك في حال السخط دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضا وإلا لم يكن بينهما فرق وبهذا قال الشافعي رحمه الله تعالى قال حجبه للكفار يدل على أن المؤمنين يرونه يوم القيامة { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ} أي يوم القيامة {مَحْجُوبُونَ } دل هذا على أن المؤمنين يرون ربهم أعد وقال تعالى : { كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } فلما حجب أولئك في حال السخط دل على أن المؤمنين يرونه في حال الرضا وإلا لم يكن بينهما فرق هذا صحيح قال كلا إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون لما حجب الكفار في حال السخط دل هذا على أن المؤمنين يرونه إذا رضي عنهم وقال النبي r: « إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته » حديث صحيح متفق عليه متفق عليه من حديث جرير بن عبد الله البجلي وهذا من أصرح الأدلة قال ترون ربكم كما ترون القمر شبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي فمثلا أنا أقول لك أنا أراك الآن مثل ما أرى فلانا أنا شبهت رؤيتي لك برؤية فلان ولم أشبهك أنت بفلان هنا شبه الرؤية بالرؤية ولم يشبه المرئي بالمرئي وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير .
إذن انتهى من باب الرؤية وانتقل إلى باب أفعال الله وقدره والإرادة ومن صفات الله تعالى أنه الفعال لما يريد لا يكون شيء إلا بإرادته ولا يخرج شيء عن مشيئته وليس في العالم شيء يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ولا محيد عن القدر المقدور ولا يتجاوز ما خط في اللوح المسطور أراد ما العالم فاعلوه ولو عصمهم لما خالفوه ولو شاء أن يطيعوه جميعا لأطاعوه خلق الخلق وأفعالهم وقدر أرزاقهم وآجالهم يهدي من يشاء برحمته ويضل من يشاء بحكمته قال الله تعالى : { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } قال الله تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } وقال تعالى : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } وقال تعالى : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا } وقال تعالى : { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا }.روى ابن عمر أن جبريل r قال للنبي r: « " ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره فقال جبريل : صدقت » رواه مسلم وقال النبي r: « " آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره » ومن دعاء النبي r الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر : « وقني شر ما قضيت » ولا نجعل قضاء الله وقدره حجة لنا في ترك أوامره واجتناب نواهيه بل يجب أن نؤمن ونعلم أن لله علينا الحجة بإنزال الكتب وبعثة الرسل قال الله تعالى : { لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ } القدر يا إخواني فيه عدة مباحث الأمر الأول : مراتب القدر: ما معنى قول العلماء مراتب القدر يعني أن الله عز وجل إذا قدر شيئا فوقع هذا الشيء فإنه مر بمراتب حتى وقوعه المرتبة الأولى أن الله علمه هذه المرتبة الأولى المرتبة الثانية أن الله كتبه علم الله أنه سيولد لك ولد فكتب هذا الأمر سبحانه وتعالى لما قرب ولادة الولد شاءه فلما شاءه وهي المرتبة الثالثة المشيئة فلما شاءه وقعت المرتبة الرابعة وهي الخلق إذن للقدر أربع مراتب المرتبة الأولى العلم المرتبة الثانية الكتابة المرتبة الثالثة المشيئة المرتبة الرابعة الخلق وسيأتي الكلام عليها أطول في شرح الواسطية إن شاء الله تعالى الأمر الثاني:فيما يتعلق بالقدر أن الإرادة نوعان إرادة كونية قدرية وهذه هي الإرادة الأولى والثانية إرادة شرعية الإرادة الكونية هي كل ما يقع وقد يحبه الله وقد لا يحبه أما الإرادة الشرعية فهي ما أحبة الله فإن قلت ما العلاقة بين الإرادتين الإرادة الكونية القدرية والإرادة الشرعية فيقال إن بينهما عموما وخصوصا وجهيا ما معنى هذا أي أن كل إرادة أعم من الأخرى بوجه وهذا الخلاف وهو شائع عند كثيرين من ضمنها أن الإرادة الكونية أعم من الإرادة الشرعية مطلقا والصواب أن الإرادة الكونية أعم من الإرادة الشرعية من وجه وأن الإرادة الشرعية أعم من الإرادة الكونية من وجه كما قرر ذلك الإمام ابن تيمية في منهاج السنة وابن القيم في كتابه شفاء العليل وذلك يتضح بالمثال إسلام أبي بكر وقد أسلم رضي الله عنه أراد الله إسلامه والله يحب إسلامه هذه إرادة شرعية ووقع إسلامه هذه إرادة كونية إذن اجتمع في إسلام أبي بكر رضي الله عنه الإرادتان الإرادة الكونية بحيث أنها وقعت والإرادة الشرعية بحيث إن الله يحبها كفر أبي طالب عم رسول الله r هذه وقعت فهي إرادة كونية لا يحبه الله فهي ليست أرادة شرعية هنا تفردت الإرادة الكونية عن الإرادة الشرعية وهنا صارت الإرادة الكونية أعم من الإرادة الشرعية إسلام الكافر إسلام أبي جهل إسلام أبلي لهب إرادة إسلامهما هذا لم يقع فلذا ليس كونيا لكن الله أرادة فإذن هو شرعي فهنا تفردت الإرادة الشرعية عن الإرادة الكونية فصارت الإرادة الشرعية هنا أعم من الإرادة الكونية قلت لكم ذكر هذا الإمام ابن تيمية في منهاج السنة وابن القيم في شفاء العليل ومحمد خليل هراس في شرحه وتعليقاته على العقيدة الواسطية وفائدة: إذا أطلقت المشيئة فإنها لا تكون غلا على الإرادة الكونية ذكر هذا ابن تيمية في مواضع وابن القيم في شفاء العليل فالمشيئة بمعنى الإرادة الكونية لا الإرادة الشرعية الأمر الثالث : فيما يتعلق بالقدر لله عز وجل مع عبده تعاملين تعامل بالعدل وتعامل بالفضل فمن عومل بالعدل فقد هلك ومن عومل بالفضل فقد نجا بحسب فضل الله الذي عامله به كما قال تعالى ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم يترتب على هذا وأرجوا أن تنتبه لهذا الأمر يترتب عليه أنه لا يلزم المساواة في الفضل ومن لا يساوي في الفضل فلا يعد ظالما وإنما يعد ظالما من لم يعدل ولو أن عندك عاملين اتفقت وإياهم على عمل معين وأن تعطيهم على هذا العمل لكل واحد مئة ريال فلما انتهوا أعطيت أحدهم مئة ريال وأعطيتن الآخر خمسين ومائة ريال فلا تعتبر ظالما لأنك عاملت الآخر بالفضل وعاملت الأول بالعدل وإنما تعد ظالما لو لم تعطه المائة فهداية المهتدين من فضل الله وكفر الكافرين ودخولهم النار من عدل الله وإذا ضبطت هذا وعرفته عرفت جواب سؤال يردده كثيرون لماذا الله عز وجل حكم على فلان بالكفر ومات عليه وحكم على فلان بالإيمان فنجا فيقال إن الحكم على فلان بالغ يمان والحكم على فلان بالكفر هذا ليس ظلم لأن من حكم عليه بالكفر قد عومل بأي شيء بالعدل ومن حكم عليه بالإيمان قد عومل بالفضل فإن قلت لماذا الله عامل هذا بالعدل وعامل هذا بالفضل فيقال لا نعرف سبب هذا لأن القدر سر الله ونحن نؤمن بأن الله عادل ولا يلزم من إيماننا بأن الله عادل أن نعرف تفاصيل العدل وإنما نوكل الأمر إليه سبحانه وتعالى لعلمنا بأنه عادل من هنا قال ائمة السلف القدر سر الله أنت تؤمن بالأصل بالقاعدة بأن الله عادل ولا يلزم من هذا أن تفهم التفاصيل لأن التفاصيل قد تكبر عقلك ولا تستطيع فهمها لكنك مسلم بأصل القاعدة وهي أن الله عادل سبحانه وتعالى من هنا قال الإمام أحمد القدر فعل الله وفي عبارات بعض السلف سر الله وقد رواه اللالكائي عن ابن عمر وعن علي لكن لا يصح عنهما وقد حصلت مناظرة بين أبي عبد الرحمن بن عقيل الظاهري هذا الموجود وبين القصيمي الذي الحد يقول أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري في رسالة له اجتمعت بالقصيمي في حديقة مشهورة في مصر وحصلت بيني وبينه مناظرة في وجود الله فقال من ضمن المناظرة أن هذا القصيمي الملحد قال كيف تؤمن بإله قد حكم على هذا بالسواد وجعله اسود وحكم على هذا بالبياض وجعله أبيض وحكم على هذا بالطول وجعله طويلا وحكم على هذا بالقصر فجعله قصيرا هل هذا فعل عادل قال أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري هذا جواب دقيق قال أنت الآن تباحثني في أفعال الله وأنا وإياك اجتمعنا للبحث في ذات الله دعنا أولا نثبت ذات الله ثم بعد ذلك نتباحث أفعاله هل هي بعدل أو بغير عدل وهذا جواب سديد لأنه إذا اثبت ذات الله وأقر بوجود الإله سيقر أن الله ليس كالمخلوقين وأنه يعلم ما لا نعلم إلى آخره فمن ثم لا نستطيع أن نعترض على أفعاله لأننا لا نحيط بها علما وهذا جواب سديد وهنا كشف و...هذا القصيمي الملحد الله أعلم بماذا ختم الله له لكن المهم أن تعلم أن هناك فرق بين التعامل بالفضل والتعامل بالعدل وأن هداية المهتدين بفضل الله لا بعدله سبحانه وتعالى الأمر الرابع: ذكر في كلامه الاستطاعة وأحب أن أرجئ شرح الاستطاعة إلى شرح الواسطية إن شاء الله تعالى وذكر أيضا أدلة ذكر حديث ابن عمر في صحيح مسلم وهو ثابت وذكر حديث الحسن بن علي عند أحمد وأبو داود في قنوت الوتر وهو ثابت بدون زيادة الوتر فإن زيادة الوتر شاذة وذكر أيضا حديث الذي يؤمن بالقدر حلوه ومره وشره وخيره وهذا لا يثبت عنه rونعلم أن الله سبحانه ما أمر ونهى إلا المستطيع للفعل والترك وأنه لم يجبر أحدا على معصية ولا اضطره إلى ترك طاعة قال الله تعالى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } وقال تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وقال تعالى : { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ } فدل على أن للعبد فعلا وكسبا يجزى على حسنه بالثواب وعلى سيئه بالعقاب وهو واقع بقضاء الله وقدره
الأشاعرة نفوا الفعل وأثبتوا الكسب وأهل السنة يثبتون الكسب والفعل ويجعلون الكسب والفعل بمعنى واحد كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في سرح الواسطية والإيمان قول باللسان وعمل بالأركان وعقد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان قال الله تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } سمى إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهي أفعال سماها دينا والدين هو الإيمان فجعل عبادة الله تعالى وإخلاص القلب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة كله من الدين وقال رسول الله r: « " الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق » فجعل القول والعمل من الإيمان وقال تعالى : { فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا }وقال : { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا } وقال رسول الله r: « " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرة أو خردله أو ذرة من الإيمان » فجعله متفاضلا .وهذا الحديث ونحوه أخرجه الشيخان من حديث أنس إذن خلاصة معتقد أهل السنة في الإيمان ما يلي: أنه قول باللسان وعمل بالجوارح والأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية إذن الإيمان عند أهل السنة جمع هذه الأمور الخمسة وذكر أدلتها لكن يجمع هذه الأمور الخمسة ما خرجه الشيخان واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة أن النبي r *قال:"الإيمان بضع وسبعون شعبة" جعل الإيمان شعبا تدل على أنه يتجزأ أي يزيد وينقص *قوله:"أعلاها قول لا إله إلا الله"هذا فيه أن القول من الإيمان وفيه أن الإيمان مراتب لذلك قال أعلاها قول لا إله إلا الله *قوله:"وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" هذا فيه أن العمل من الإيمان *وقوله :"والحياء من الإيمان " هذا فيه أن الاعتقاد من الإيمان إذن هذا الحديث جمع الأمور الخمسة وهو أن الإيمان قول وعمل واعتقاد يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وأهل السنة بالمقابل يرون أن الكفر يكون بالقول والعمل والاعتقاد * فقد يكفر الرجل بالقول كسب الدين والاستهزاء بشيء من شريعة محمد r * وقد يكفر بالعمل كإهانة المصحف والسجود للصنم وقتل النبي * وقد يكفر بالاعتقاد كأن يعتقد أن هناك إلها آخر مع الله فالكفر يقابل الإيمان وهو ضده فيكون بالقول والعمل والاعتقاد والطوائف المخالفة لأهل السنة في هذا طائفتان: الطائفة الأولى: المرجئة وقد أجمعت المرجئة على أن عمل الجوارح ليس من الإيمان الطائفة الثانية :وهي الطائفة المقابلة للمرجئة وهو الخوارج ومعتقدهم أن الإيمان قول وعمل واعتقاد لكنه لا يزيد ولا ينقص ومن هنا خالفت الخوارج أهل السنة فعندهم إذا ذهب بعض الإيمان ذهب الإيمان كله وبذلك مرتكب الكبيرة عند الخوارج يعتبر كافرا وأجمعت المرجئة والخوارج على أن الإيمان كتلة واحدة لا يتجزأ فقالت المرجئة لا ينقص الإيمان بالذنوب لأنه جزء واحد لا يتجزأ وقالت الخوارج إذا ذهب بعضه ذهب كله لأنه جزء واحد لا يتجزأ هذا ما ذكره الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى عنهم وقرره في مواضع كثيرة لاسيما في المجلد السابع من مجموع الفتاوى وإن شاء الله تعالى في شرح الواسطية نأخذ طوائف المرجئة ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي r وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا * هنا انتقل إلى مبحث آخر وهو الإيمان بالغيبيات كل ما أخبرت الشريعة به وجب الإيمان به فانتقل إلى بحث الغيبيات وسيذكر أمورا كثيرة من الغيبيات يجب علينا الإيمان بها من الأمور التي تـأتي في اليوم الآخر وعلامات يوم القيامة إلى آخره * والقاعدة في الباب أن كل ما ثبت بنقل صحيح وجب الإيمان به إن جاء مجملا وجب الإيمان به إجمالا وإن جاء مفصلا وجب الإيمان به مفصلا لمن علمه فما ثبت في الباب وعلمه العبد وجب الإيمان به * وقاعدة أخرى لا يدخل العقل في أمور المغيبات بل العقل مع أمور المغيبات يسلك مسلك التسليم وإن شاء الله في الدرس القادم نكمل باقي العقيدة ونختمها إن شاء الله تعالى
تفريغ الشريط الثاني الحمد لله رب العالمين وصل الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد قال المصنف رحمه الله تعالى ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي r وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا
نعلم أنه حق وصدق وسواء في ذلك ما عقلناه أو جهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد القاعدة في الباب أن كل ما ثبت شرعا إما من جهة كتاب الله أو من جهة رسول الله r فإنه يجب الإيمان به إن ثبت مجملا وجب الإيمان به مجملا وإن ثبت مفصلا وجب الإيمان به مفصلا لمن علمه كما قال تعالى{يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله }فيصدق بالله ورسوله بكل ما جاء عن الله ورسوله ذكر هذه القاعدة أبو العباس بن تيمية رحمه الله تعالى مثل حديث الإسراء والمعراج الإسراء والمعراج ثابت كما قال الله تعالى في أول سورة الإسراء{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}فالإسراء هو من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى والمعراج هو ارتفاع رسول الله r إلى السماء السابعة إلى مكان سمع فيه صليف الأقلام على ظهر دابة البراق كما ثبت في الصحيح من حديث أنس وغيره وكان يقظة لا مناما فإن قريشا أنكرته وأكبرته ولم تنكر المنامات وهذا يدل على أن أصح الأقوال أنه كان يقظة لا مناما لذلك أنكرته كفار قريش ولو كان مناما لم ينكره أحد ومن ذلك أن ملك الموت لما جاء إلى موسى r ليقبض روحه لطمه ففقأ عينه فرجع إلى ربه فرد عليه عينه وهذا ثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن ملك الموت لما جاء لموسى ولم يعرفه ولم يستأذنه لطمه ففقأ عينه وهذا تؤمن به أهل السنة ويسلمون به خلافا لأهل البدع كالغزالي المعاصر أنكره واستشنعه ومن ذلك أشراط الساعة أشراط الساعة أو علامات قيام الساعة وهي تنقسم إلى كبرى وصغرى وهي متفاوتة في دلالتها على قرب قيام الساعة مثل خروج الدجال الدَّجال ثابت خروجه وقد جاء من حديث حذيفة بن أسيد قال: قال r وهو في صحيح مسلم قال:"عشر آيات بين يدي الساعة ومنها الدجال " وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي r قال:"إذا صلى أحدكم فليستعذ بالله من أربع وذكر منها فتنة المسيح الدجال ونزول عيسى ابن مريم r فيقتله وأيضا نزول عيسى بن مريم من علامات الساعة وقد ثبت نزوله في الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب قوله تعالى {... ليؤمنن به قبل موته}فسر هذا أبو هريرة رضي الله عنه بأنه نزول عيسى r بموته بعد نزول عيسى rفسر إيمانه به أي بنزوله r وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ينزل ابن مريم حكما عدلا ويكسر الصليب ويقتل الخنزير فعيسى r لم يمت بل سينزل rثم بعدها يموت فإن قلت كيف الجمع بين هذا وبين قوله تعالى {إذ قال يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي }فظاهر هذه الآية أنه مات ورفعه الله إليه وقد أجاب على هذا الإشكال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى بما خلاصته أن التوفي مأخوذ من الاستيفاء ...من الحياة أي استوفى عمره معنى التوفي في هذه الآية أي أنه استوفى الزمن الذي قبل رفعه فلما استوفاه رفعه الله إليه لذلك سينزل في آخر الزمان والله تعالى قال{وما قتلوه وما صلبوه }أي لم يقتل ثم ذكر{بل رفعه الله إليه}إذن التوفي في الآية المراد به استيفاء الوقت والعمر الذي قدر له قبل رفعه وبعد ذلك ينزل فيكمل عمره فيموت عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج * أيضا خروج يأجوج ومأجوج ثابت في الكتاب والسنة وهم من بني آدم وقد ذكر ابن كثير أنهم من بني آدم بلا خلاف قال بلا خلاف نعلمه ويدل عليه ما خرج البخاري من حديث أبي سعيد أن النبي r إن الله تعالى يقول يا آدم ابعث من ذريتك بعثا إلى النار وفي الحديث قال ومن كل ألف تسع مئة وتسع وتسعين في النار وواحد في الجنة ثم فسر هذا بأنهم يأجوج ومأجوج فهم إذن من ذرية آدم وذكر بعض الأخبار وفي كلام ابن عبد البر ما يفيد إجماعا أنهم من سلالة يافث فهم من ذرية آدم وعددهم كثير والله أعلم أين هم كائنون لكن واجب أهل السنة والجماعة الإيمان بوجودهم وللأسف نحن في زمن غلا الناس في الحسيات والماديات فترى كثيرين الآن يعترضون أين هؤلاء مع كثرتهم وكل يزعم أنهم في الجهة الفلانية إلى آخره ولا يصح للإنسان أن يتعجل الجزم بشيء إلا بعد ثبوته حتى لا يستنكر لكنه في الأصل يقر بوجودهم وأنهم من ذرية آدم وأنهم على الكرة الأرضية والله أعلم أين هم وكون هؤلاء الفلكيين اكتشفوا الأرض كلها ولم يروها هذا شيء وخبر الله وخبر رسوله r مقدم عليهم وينبغي للسني السلفي أن يكون مسلما لكتاب الله ولسنة رسول الله rوألا يتأثر بغلو الناس في الماديات فحالك أن تقول آمنت بوجودهم ولا أجزم بأنهم هؤلاء أو هؤلاء * ومثل هذا أيضا ما شاع في هذا الزمن من أن الليل والنهار يكونان من دوران الأرض على نفسها فيزعم الفلكيون الموجودون الآن أن الأرض تدور على نفسها في كل أربع وعشرين ساعة وأنها تدور على الشمس في تمام سنة كاملة فإذن حصول الليل والنهار يكون بأي شيء ؟حصول الليل والنهار عندهم يكون بدوران الأرض لا بدوران الشمس ويزعمون أن الشمس في مجرة أكبر منها وهكذا وقولهم أن الليل والنهار يكونان من دوران الأرض على نفسها فيه نظر بل ظاهر نصوص الكتاب والسنة على خلاف هذا لذلك ترى ربنا سبحانه وتعالى يذكر في كتابه إذا أراد أن يذكر الليل والنهار ينسب الطلوع إلى الشمس ولا ينسبها إلى أي شيء إلى الأرض وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي rقال:" غزا نبي من الأنبياء فلما دنى من القوم دنت الشمس للغروب فدعا وقال وهو يخاطب الشمس قال إنك مأمورة اللهم احبسها فحبسها فغزا قبل أن تغرب الشمس " وكان عندهم أن الشمس إذا غربت لم يصح أخذ الغنائم فالمقصود قال إنك مأمورة اللهم احبسها فحبسها أي حبس الشمس وغزا فلو كان الليل والنهار كائنين بدوران الأرض نفسها لغربت الشمس لأن الأرض لا تزال دائرة وأيضا في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن الشمس كل يوم تأتي تسجد عند العرش فتستأذن ربها فإن أذن لها انصرفت طلعت وإن لم يأذن لها رجعت وشرقت من جهة المغرب هذا صريح أن الليل والنهار يكونان بدوران الشمس لا بدوران الأرض فنحن نؤمن بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله rوهذا ما كان يقرره شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى ويقول الآيات دالة عليه وإبراهيم rلما ناظر الذي ادعى الألوهية قال إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فالتي تأتي هي الشمس فنحن نؤمن بهذا وإن قالوا ما قالوا أن علم الفلك بلغ ما بلغ فنصوص الكتاب والسنة مقدمة عندنا على علم الفلك ولو قدر أن مجلسنا هذا قبل مئة سنة فإنهم سيقولون ذاك الوقت قبل مئة سنة لما كانوا يعتقدون أن الشمس ثابتة فاستنكر من استنكر من علماء المسلمين قالوا يا ناس قد بلغ علم الفلك مبلغا فكيف تستنكرون ما وصل إليه الفلكيون ثم لما مضت الأيام تبين أنهم مخطئون إذن ليس عندنا استعداد أن ندع كتاب الله وسنة رسوله rلهؤلاء ثم للأسف قد خرج قبل مئة سنة علماء وأخذوا يتأولون الآيات الصريحات على أن الشمس تدور قال تعالى{والشمس تجري لمستقر لها}فتأولوها بتأويلات بعيدة حتى ثبتوا أن الشمس ثابتة ليوافقوا الفلكيين
* وأحيانا نرى من بعض إخواننا غلوا في مخالفة الفلكيين وهذا لا ينبغي إن ثبت الشيء لك في كتاب وسنة فتمسك به فإن لم يثبت شيء بكتاب ولا سنة فأرجع الأمر إليهم كقولهم مثلا هل وصل الفلكيون إلى القمر أم لم يصلوا إليه؟ لم يأت في الكتاب والسنة إثباته ولا نفيه فنكله إليهم وإن ثبت وصولهم هذا يمكن وإن لم يثبت فالحمد لله فهذا لا يعنينا كثيرا وأيضا من غلو بعضهم في عداء الفلكيين والإثارة عليهم أن يأتي بعضهم فينكر كروية الأرض وقد أثبت كروية الأرض الإمام ابن تيمية وابن القيم بل في كلامهم وكلام البغدادي ما يفيد الإجماع على أن الأرض كروية فلا يصح لأحد إنكارها * فنحن نكون وسطا بين طرفين الطرف الأول أن يسلموا للفلكيين ويتأولوا لما جاء في الكتاب والسنة تبعا لهؤلاء الفلكيين وبين الطرف الآخر الذي يناقض الفلكيين ويكذب بكل ما يأتون به والواجب علينا ما جاء في الكتاب والسنة آمنا به وما لم يأت فيه نكله إليهم إن ثبت أنه معلوم فالحمد بالله وإن لم يثبت فأيضا الحمد لله لأن هذا لا يعنينا كثيرا وخروج الدابة خروج الدابة جاء في كتاب الله وفي حديث حذيفة بن أسيد لما قال عشر آيات بين يدي الساعة ذكر منها الدابة وطلوع الشمس من مغربها وأيضا طلوع الشمس من مغربها جاء في حديث حذيفة بن أسيد المتقدم وجاء أيضا في الصحيحين قال r :"حتى تطلع الشمس من مغربها وأشباه ذلك مما صح به النقل وعذاب القبر ونعيمه حق وقد استعاذ النبي r منه وأمر به في كل صلاة واستعاذته منه دل على أنه حق وعذاب القبر للكفار وللفساق من المسلمين لذلك أمرنا بالاستعاذة منه فلو لم يكن للفساق من المسلمين والكفار لما أمرنا بالاستعاذة منه وكذا في حديث أبي هريرة في الصحيحين وأيضا في حديث ابن عباس في الصحيحين أنه مر على قبرين وقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة "إلى آخره فدل هذا على أن عذاب القبر أيضا يكون لأهل الإسلام وأيضا يدل على كونه على أهل الكفار أن الله لما ذكر آل فرعون قال{النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب }دل على أنهم يعذبون في قبورهم
وفتنة القبر حق وسؤال منكر ونكير حق فتنة القبر يدل عليه ما تقدم من حديث أبي هريرة في الاستعاذة من فتنة القبر وأيضا منكر ونكير قد جاء في أحاديث كثيرة أنه يأتي ملكان لكن تسميتهما بمنكر ونكير جاء في الترمذي من حديث أبي هريرة وصحح الحديث الألباني رحمه الله تعالى
والبعث بعد الموت حق وذلك حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} ويحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما فيقفون في موقف القيامة حتى يشفع فيهم نبينا محمد r ويحاسبهم الله تبارك وتعالى وتنصب الموازين وتنشر الدواوين وتتطاير صحائف الأعمال إلى الأيمان والشمائل { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ }{ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا }{ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا }{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ }{ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا }{ وَيَصْلَى سَعِيرًا } سيأتينا إن شاء الله تعالى في شرح الواسطية أصول بعض المسائل المتعلقة بالحساب وكذا ما يتعلق بالميزان إن شاء الله تعالى والميزان له كفتان ولسان توزن به الأعمال { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }{ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ }.
ولنبينا محمد r حوض في القيامة ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأباريقه عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا والأحاديث في الحوض ومتواترة كما نص على ذلك ابن كثير وابن أبي العز الحنفي وقد جمعها ابن كثير في كتابه البداية والنهاية والصراط حق يجوزه الأبرار ويزل عنه الفجار ويشفع نبينا r فيمن دخل النار من أمته من أهل الكبائر فيخرجون بشفاعته بعدما احترقوا وصاروا فحما وحمما فيدخلون الجنة بشفاعته ولسائر الأنبياء والمؤمنين والملائكة شفاعات قال تعالى : { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } ولا تنفع الكافر شفاعة الشافعين .
والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان فالجنة مأوى أوليائه والنار عقاب لأعدائه وأهل الجنة فيها مخلدون { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ }{ لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } ويؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار ثم يقال : « يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت » .وقد خرج هذا البخاري من حديث أبي سعيد وفي هذا دلالة على أن الكفار يخلدون إلى أبد الآبدين ولا يفنون أي يخلدون في النار ولا يفنون ولا تفنى نارهم وكذلك المسلمون يخلدون في الجنة ولا يفنون لأن الموت قد ذبح فانتهى الموت وفي هذا رد على من ظن أن النار تفنى وأن أهلها يفنون فيها
ومحمد رسول الله r خاتم النبيين وسيد المرسلين لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته صاحب لواء الحمد والمقام المحمود والحوض المورود وهو إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم أما قوله r إمام النبيين وخطيبهم هذا جاء عند الترمذي من حديث أبي بن كعب لكن لا يصح أما المقام المحمود فهو ثابت له كما قال الله تعالى في سورة الإسراء{حتى يبعثك ربك مقاما محمدا}والمقام المحمود هو شفاعة النبي r لأهل الموقف وإقعاد الله له وإجلاسه معه على العرش أما شفاعته في الموقف فهو ثابت في الصحيحين أما إجلاسه معه على العرش فهذا ثابت وهو عقيدة أهل السنة وقد حكا عليه الإجماع جماعة كما نقله الخلال في كتابه السنة بل من أئمة الإسلام كالإمام أحمد وأبي داود وغير واحد بدعوا وضللوا من لم يقبل هذه العقيدة وقد ثبت عن مجاهد في قوله تعالى{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}قال هو إجلاس الله نبيه معه على عرشه يقول مجاهد هذا في تفسير آية والتابعي إذا فسر آية ولم يخالف فإنه على اصح القولين في حكم المرفوع كما هو قول الإمام أحمد والإمام الشافعي ولاسيما إذا كان التفسير من مثل مجاهد وأئمة الإسلام قبلوا هذا التفسير واعتمدوه وضللوا من لم يقبله فأجمعوا عليه كما ترى هذا في كتاب السنة للخلال وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى في درء تعارض العقل والنقل أن إقعاد الله نبيه محمد r على العرش هو قول أهل السنة وفي كتاب العلو قال الذهبي وأثر مجاهد ثابت بلا شك أمته خير الأمم وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام وأفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم علي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين لما « روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : كنا نقول والنبي r حي : أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي فيبلغ ذلك النبي r فلا ينكره » في البخاري أنهم كانوا يقولون والنبي r خير هذه الأمة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم يسكتون وفي خارج البخاري زاد ذكر علي وأنه كان يبلغ النبي r لكن هذا لا يصح وإنما الثابت ما جاء في البخاري وكون أبي بكر أفضل هذه الأمة ثم عمر هذا بالإجماع إلا أن أهل السنة اختلفوا بعد ذلك أيهما أفضل علي أم عثمان أم يسكت ولا يفضل بينهما هذا فيه خلاف لكن استقر مذهبهم بعد ذلك على أن أفضل هذه الأمة بعد عمر عثمان ثم علي هذا في باب المفاضلة أما باب الخلافة فهم مجمعون على أن الخلافة لأبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ولم يخالف فيه أحد ومن خالف فيه فهو مبتدع كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الواسطية وفرق بين الخلافة وبين المفاضلة وصحت الرواية عن علي رضي الله عنه أنه قال : " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت سميت الثالث " وروى أبو الدرداء عن النبي r أنه قال : « ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر » وهذا لا يصح ضعيف وهو أحق خلق الله بالخلافة بعد النبي r لفضله وسابقته وتقديم النبي r له في الصلاة على جميع الصحابة رضي الله عنهم وإجماع الصحابة على تقديمه ومبايعته ولم يكن الله ليجمعهم على ضلالة ثم من بعده عمر رضي الله عنه لفضله وعهد أبي بكر إليه ثم عثمان رضي الله عنه لتقديم أهل الشورى له ثم علي رضي الله عنه لفضله وإجماع أهل عصره عليه .
أهل عصر علي أجمعوا على أنه أفضلهم لكن من لم يبايعه ذلك الوقت كمعاوية ثم بعد ذلك لما توفي رضي الله عنه تنازل ابن علي رضي الله عنه لمعاوية فجمع الله به الشمل هؤلاء الخلفاء الراشدون المهديون الذين قال رسول الله r فيهم : « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ » هذا حديث العرباض بن سارية أخرجه أبو داود وابن ماجة والترمذي وصححه وكذا صححه أبو نعيم والبزار وابن عبد البر وحسنه ابن القيم وهو عمدة في أشياء كثيرة منها ذم البدع وأنها ستقع في آخر الزمان وقال r: « الخلافة من بعدي ثلاثون سنة » فكان آخرها خلافة علي رضي الله عنه
وهذا جاء من حديث سفينة عند الإمام أحمد وغيره وصحح الحديث الإمام أحمد وابن جرير الطبري وجماعة من أهل العلم ونشهد للعشرة بالجنة كما شهد لهم النبي r فقال : « أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة وطلحة في الجنة والزبير في الجنة وسعد في الجنة وسعيد في الجنة وعبد الرحمن بن عوف في الجنة وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة » أهل السنة كثر كلامهم على أنهم يشهدون للعشرة وليس معنى هذا أن المشهود لهم بالجنة عشرة فقط وإنما يذكرون هؤلاء العشرة لأنهم جمعوا قفي حديث واحد وهو ما خرجه الترمذي من حديث سعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وصحح الحديث الألباني فهو ممن يذكرون العشرة لأنهم جمعوا في حديث واحد وممن مشهود لهم بالجنة كثيرون وكل من شهد له النبي r بالجنة شهدنا له بها كقوله : « الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة » وقوله r لثابت بن قيس : « إنه من أهل الجنة ».
ولا نجزم لأحد من أهل القبلة بجنة ولا نار إلا من جزم له الرسول r لكنا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بعمل قوله ولا نجزم لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله r المسالة فيها خلاف عند أهل السنة لهم ثلاثة أقوال لكن هذا أصحها وسيأتي ذكر الثلاثة أقوال إن شاء الله تعالى في شرح الواسطية وقوله بعد ذلك ولا نخرج أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله هذا صحيح لكن فيما دون الكفر والشرك ما ثبت أنه كفر أو شرك فإن الإنسان يخرج من الملة بمجرد فعله وقوله ما لم يستحله هذا في مقابل من؟ مقابل الخوارج الذين يكفرون بالكبائر وإلا أهل السنة يكفرون بالاستحلال وبغير الاستحلال لكن من ذكر هذه العبارة لابد أن تقيد بقيدين : القيد الأول: أنها في الذنوب التي دون الشرك والكفر كما نص على ذلك الإمام أحمد فيما نقله عنه ابن تيمية القيد الثاني: أن يكون هذا الكلام في مقابل الرد على الخوارج وإلا فإن أهل السنة يكفرون بالاستحلال وبغير الاستحلال كالإباء والاستكبار والإعراض وغيره ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ولا نخرجه عن الإسلام بعمل قوله ولا نخرجه عن الإسلام بعمل على الإطلاق ليس صحيحا لأن أهل السنة اختلفوا في تارك الصلاة هل يكفر بتركه للصلاة أم لا واختلفوا أيضا في بقية الأركان الأربعة وهي الصلاة والزكاة والحج والصيام من تركها كلها هل يكفر أو من ترك بعضها على خلاف بين السلف وحكا الخلاف فقهاء الإسلام كابن قدامه وغيره إلى الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى ومن بعده فاختلف علماء الإسلام في حكم تارك الصلاة فمذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية أن تارك الصلاة لا يكفر وقول الإمام أحمد في رواية أن تاركها يكفر وللإمام أحمد رواية أن من ترك المباني الأربعة يكفر ورواية أخرى أن من ترك الزكاة والصلاة يكفر دون بقية المباني والمقصود أن المسألة خلافية عند أهل السنة وخطأ كبير ما تراه الآن من بعضهم يرمون من لا يكفر بترك الصلاة بأنه مرجئ أو قد وافق المرجئة وهذا خطأ كيف يكون مرجئا وأئمة الإسلام قد اختلفوا في هذه المسألة ونرى الحج والجهاد ماضيين مع طاعة كل إمام برا كان أو فاجرا وصلاة الجمعة خلفهم جائزة قال أنس : قال النبي r: « ثلاثة من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله ولا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل والجهاد ماض منذ بعثني الله عز وجل حتى يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار » رواه أبو داود.
هذا لا يصح حديث ضعيف الصلاة خلف الأئمة إذا كانوا مسلمين سواء كانوا أبرارا و فجارا جائزة كما ترون بل حكا ابن قدامه إجماعا أن ولي الأمر مقدم على غيره فإنه لو قدر اجتماع العلماء وكان ولي الأمر من بينهم وهذا الحاكم فاسق فإن له أن يتقدم عليهم إجماعا فهو أحق بالإمامة من غيره حكا هذا إجماعا ابن قدامه رحمه الله تعالى في المغني ويدل على ذلك حديث ابن مسعود في صحيح مسلم ولا يؤُمَنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه فالسلطان مقدم على غيره في الإمامة ومن السنة تولي أصحاب رسول الله r ومحبتهم وذكر محاسنهم والترحم عليهم والاستغفار لهم والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا إلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا } وقال تعالى : { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } وقال النبي r: « لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ».
خرجه الشيخان من حديث أبي سيعيد فهاتان الآيتان مع الحديث تدل على أنه لا يجوز ذكر الصحابة إلا بخير فإن نشر ما جرى بينهم من شجار يوغل الصدور عليهم ويؤدي إلى ذكرهم بغير خير وإلى ذكرهم بسوء مع العلم أن أكثر ما روي عنهم لا يصح كما نص على ذلك الإمام ابن تيمية في منهاج السنة والواسطية والذهبي في كتابه تاريخ الإسلام أكثر ما روي عن الصحابة في هذا الباب لا يصح وكثير منه من رواية أبي مخنف لوط بن يحيى فهو رافضي وللأسف ترى بعضهم يخرج أشرطة في قصص الصحابة وقصص التاريخ ويبني ما جرى في صفين والجمل على رواية هذا الرافضي وهذا خطأ كبير فإن الرافضة معروفون بعدائهم لصحابة رسول الله r والصحابي هو من لقي رسول الله r مؤمنا به لأن ما اجتمع في حقه أمران الإيمان برسول الله r مع لقياه والدليل على ذلك ما خرجه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي r قال:"وددت أني لقيت إخواني قال الصحابة:أ ولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال :أنتم أصحابي إخواني أناس يأتون بعدي يؤمنون بي"
إذن الفرق ربين أصحابه وإخوانه أن الصحابة لقوه وآمنوا به أما إخوانه فإنهم من آمنوا به ولم يلقوه فهذا الحديث من الأدلة الدالة على أن الصحابي من لقي رسول الله r وآمن به وهذا من جهة الشرع أما من جهة اللغة فالصحابي هو مطلق المصاحبة كما قال تعالى{وما صاحبكم بمجنون} فمطلق الصحبة يسمى الرجل صحابيا لكن هذا من جهة اللغة والألفاظ التي جاءت في الشريعة بعدم ذم الصحابة هي ألفاظ شرعية فتحمل على الاستعمال الشرعي لا على الاستعمال اللغوي وهناك إطلاق ثالث للصحابة وهو الاستعمال العرفي كمثل ما في الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي r لما ذكر السبعين ألفا قال بعضهم أي بعض الصحابة فلعلهم الذين صحبوا النبي r هنا يأتي إشكال كيف يقول الصحابة لعلهم الذين صحبوا النبي r فيقال هذا الإطلاق إطلاق عرفي والإطلاق العرفي يعني من أكثر صحبة النبي r إذن لفظة الصحبة لها ثلاثة إطلاقات الإطلاق الأول الشرعي وهو ما جمع بين الإيمان به ولقاءه r الإطلاق الثاني اللغوي وهو مطلق المصاحبة الإطلاق الثالث العرفي وكثرة المصاحبة والصحابة فيه متفاوتون ذكر هذه الإطلاقات الثلاث الإمام ابن تيمية في منهاج السنة ومجموع الفتاوى والعلائي في كتابه منية الرتبة في فضل الصحبة أو بعنوان قريب من هذا وإذا عرفت هذا استطعت أن تخرج من الإشكالات التي يثيرها المستشرقون والرافضة اتجاه الصحابة يقولون تقولون إن كل هؤلاء الصحابة وتجعلون مسلمة الفتح صحابة والصحابة أنفسهم قالوا في السبعين ألف لعلهم الذين صحبوا النبي r وتقدم أن هذا إطلاق عرفي لا إطلاق شرعي وفرق بينهما ومن السنة : الترضي عن أزواج رسول الله r أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي r في الدنيا والآخرة فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم .
وقد حكا الإجماع بكفر من قذف عائشة جماعة من أهل العلم منهم الإمام ابن تيمية في الصارم المسلول وابن كثير في تفسيره والقاضي عياض في كتابه الشفا حكوا الإجماع على أنه من قذف عائشة بالزنا فهو كافر لأنه قد رماها بما برأها الله منه فيكون مكذبا بالقرآن ومعاوية خال المؤمنين وكاتب وحي الله أحد خلفاء المسلمين رضي الله عنهم.معاوية رضي الله عنه خال المؤمنين وكاتب الوحي وإطلاق خال المؤمنين على معوية ليس خاصا به كما ذكر ذلك ابن تيمية في المجلد الرابع من منهاج السنة وإنما اعتاد أهل السنة إطلاق خال المؤمنين على معاوية لأن الرافضة يتكلمون ويطعنون في معاوية رضي الله عنه وإلا هذا ليس خاصا بمعاوية رضي الله عنه ومن السنة : السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله فإنه لا طاعة لأحد في معصية الله ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به أو غلبهم بسيفه حتى صار الخليفة وسمي أمير المؤمنين وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه وشق عصا المسلمين .
من عقيدة أهل السنة السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين والأدلة على ذلك كثيرة منها ما خرج الشيخان من حديث ابن عمر أن النبي r قال:"على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة " وفي حديث ابن عباس في الصحيحين وأيضا جاء من حديث ابن عمر في صحيح مسلم أن النبي r قال:"من نزع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له" هذا الحديث لفظه لابن عمر وهو" من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" والشطر الثاني أيضا لفظ ابن عباس وهو في الصحيحين فأهل السنة يقرون بالسمع والطاعة لولي أمر المسلمين في غير معصية الله فإذا أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة لما تقدم من حديث ابن عمر لكن ليس مراد لا سمع ولا طاعة مطلقا وإنما لا سمع ولا طاعة في هذا المحرم بعينه كما في صحيح مسلم أن النبي r قال:" من ولي عليه واليا فرآه يأتي بشيء من معصية الله فلا ينزعن يدا من طاعة ولا يسمع له في معصية الله " وهنا جمع بين أي شيئين؟ بين أن لا ينزع يده من طاعة وأن لا يسمع له في معصية ومع كون هذه العقيدة شائعة منتشرة في كتب المعتقد وهي السمع والطاعة لولاة المسلمين في غير معصية الله إلا أنه خرجت طائفة يشككون في هذا الأمر وطرقهم في التشكيك من هذا الأمر كثيرة منها أنهم ينبزون في من يدعوا إلى السمع والطاعة بأنهم مداهنون وإذا قلت كيف هم مداهنون قالوا إنهم يقولون اسمعوا وأطيعوا لولي الأمر حتى في معصية الله وما أكثر ما يرددون هذا مع كون القائلين بالسمع والطاعة يرددون كثيرا أنها في غير معصية الله ومن طرقهم أنهم يقولون إن السمع والطالعة إنما تكون للخليفة العام الذي لا يوجد إلا هو واجتمع عليه جميع المسلمين أما الموجودون الآن فكل منهم متول على قطر فليس خليفة عاما فلا يسمع ولا يطاع له قالوا بدليل أن النبي r أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمر وهم من كانوا حكاما على جميع بلاد المسلمين ويقال في الرد على هؤلاء من أوجه: الوجه الأول: أن رسول الله r أمر بالسمع والطاعة ولم يفرق بين حاكم عام على جميع المسلمين أو حاكم على قطر معين بل إنه كل من كان حاكما يسمع ويطاع له لعموم النص الوجه الثاني: قد حكا الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى الإجماع على أن من كان متوليا على قطر فإنه يسمه ويطاع له في غير معصية الله ويكون حاكما وولي أمر عليهم ونص على هذا الشوكاني والصنعاني ومن طرقهم في التشكيك أنهم يقولون إنه لا يكون الرجل ولي أمر حتى يبايع ونحن لم نبايعه في أنفسنا وقد رد على هذا الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه...وبين أن الحق أهل الحل والعقد إذا بايعوا فإن الجميع يدخلون في حكم أهل الحل والعقد إجماعا ونص على هذا أيضا أن ما عدا أهل الحل والعقد يدخلون في حكم أهل الحل والعقد نص على هذا شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز وشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله تعالى وما استدل يه شيخنا محمد بن صالح العثيمين قال لم يكن النساء والرجال يجتمعون لأجل أن يبايعوا الخليفة كأبي بكر وعمر ولم يعهد أن أهل البوادي يجتمعون حتى يأتوا جميعا ليبايعوا الخليفة وإنما بايعه أهل الحل والعقد ودخل البقية ضمنا إذن من ثبتت له الخلافة والحكم فإنه يكون ولي أمر للمسلمين فيسمع ويطاع له ومما ينبغي أن يتنبه إليه أن طريقة تولي الخلافة عند المسلمين طريقتين: الطريقة الأولى: اختيارا وهي * أن يجتمع أهل الشورى ويرشحوا رجلا أن يبايعوا رجلا كما حصل أن الصحابة اجتمعوا وبايعوا عثمان رضي الله عنه وكذلك اجتمعوا وبايعوا أبا بكر رضي الله عنه * أن يعهد الخليفة الأول أو الحاكم الأول إلى من بعده كما فعل أبو بكر رضي الله عنه لما عهد الحكم والخلافة إلى عمر رضي الله عنه هذه الطريقة الأولى الاختيارية الطريقة الثانية: الغلبة والغلبة هي أنه من تغلب وأخذ الحكم بالقوة والقهر وجب على الجميع أن يسمعوا له وأن يطيعوا له في غير معصية الله بلا شرط إلا أن يكون مسلما وحكا الإجماع على ذلك الحافظ ابن حجر والإمام محمد بن عبد الوهاب وعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن وذكره عقيدة أهل السنة الإمام أحمد ونص على هذا الشافعي وغير واحد من أهل العلم أن من تولى غلبة فإن الحكم له وأيضا نص عليه ابن عمر رضي الله عنه لما تولى عبد الملك بن مروان بايعه رضي الله عنه ثم من تولى غلبة تسقط جميع الشروط فيه فمثلا ما في البخاري من قوله r : "الأئمة من قريش" هذا شرط في ولي الأمر أن يكون قرشيا وهذا الشرط بالإجماع ولم ينازع فيه سوى الخوارج كما نص على ذلكم الحافظ ابن حجر لكن هذا الشرط في حالة الاختيار أي في حالة الشورى أو أن يعهد الحاكم الأول إلى من بعده أما في حالة الغلبة بما أنهم تغلبوا وجب السمع لهم والطاعة في غير معصية الله بشرط أن يكونوا مسلمين فلابد من التفريق بين هذين الأمرين وأيضا مما ينبغي أن يتنبه إلى أن الشريعة إنما أمرت بالسمع والطاعة لولي الأمر وهذا الأمر لا لذاته وإنما لغيره وهو حفظ الأمن وإقامة الدين إلى آخره والشريعة لا تأمرنا بالسمع والطاعة لولي الأمر لذاته وإنما أمرت بالسمع والطاعة لولي الأمر لغيره وهو إقامة دين الله وإقامة العدل وإقامة الأمن إلى آخره بخلاف الدعوة إلى التوحيد والسنة فإن الشيعة شرعت في الدعوة وأمرت بالدعوة إلى التوحيد والسنة وبالقيام بهما لذاتيهما لا لغيرهما وقد أفاد هذا أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه السياسة الشرعية ومن السنة هجران أهل البدع ومباينتهم وترك الجدال والخصومات في الدين أهل البدع أهل السنة مجمعون على هجرهم وعائهم وبغضهم والمبتدع هو من خالف أهل السنة في أمر كلي أو أن يخالف أهل السنة في أمر اشتهر القول به من أهل البدع وقد ذكر الضابط الأول ألشاطبي في كتاب الاعتصام والضابط الثاني الإمام ابن تيمية فمن خالف أهل السنة في أمر كلي فإنه يبدع كمثل أن يتبنى منهج الأسماء والصفات أو تأويل الأسماء أو تأويل الصفات أو تأويل الصفات الاختيارية فإن هذا يكون مبتدعا أو أن يتبنى منهج عدم عداء أهل البدع من دعا إلى عدم عداء أهل البدع وإلى عدم بغضهم فقد خالف أهل السنة في أمر كلي فيبدع أو دعا إلى عدم الدعوة إلى التوحيد بزعم أن الدعوة إلى التوحيد تفرق الصف ومن تبنى هذا فقد خالف أهل السنة في أمر كلي أو من دعا إلى عدم السمع والطاعة للحكام المسلمين فقد خالف أهل السنة في أمر كلي أو دعا إلى الخروج عليهم فقد خالف أهل السنة في أمر اشتهر به أهل البدع فإن منهج أهل السنة بالإجماع عدم الخروج على الحكام الفسقة والفجار بما أنهم مسلمون وقد حكا الإجماع الحافظ ابن حجر والقاضي عياض والنووي ونص ابن تيمية أنه قد استقر المذهب السلفي على ذلك وكذلك نص على ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري وتهذيب التهذيب فما يذكر من خلاف كان عند السلف فقد انتهى هذا الخلاف عند السلف وقد استقر المذهب السلفي على عدم الخروج على الحكام المسلمين وتعجب من غربة السنة في آخر هذا الزمان حتى صار طوائف كثيرون من أهل السنة لا يميزون المبتدع من غيره ويتساهلون في أمر المبتدعة وبعض أهل السنة للأسف يغتر بكون الرجل على عقيدة السلف في الأسماء والصفات والإلهية والربوبية ويظن أن من كان كذلك لا يبدع حتى يكون مرجئا أو جهميا أو معتزليا وهذا خطأ فقد يكون الرجل موافقا لأهل السنة في الأسماء والصفات والإلهية والربوبية ومع ذلك يكون مبتدعا كما بدع السلف ومنهم الإمام أحمد وسفيان الثوري الحسن بن صالح اللحيد وكان عالما في علمك الحديث والفقه لكنه يرى عدم صلاة الجمعة خلف أئمة الجور ويرى السيف عليهم فلما رأى السيف عليهم بدعوه لاحظوا ولم يغتروا بكونه عالما أو لكون عقيدته صحيحة في الأسماء والصفات والإلهية والربوبية وأنت ترى الآن غربة شديدة بين صفوف أهل السنة ولا يميزون المبتدع من غيره ومما أنبه إليه أنه لا يلزم من كل بدعة أن تقام الحجة على المبدع بل تختلف البدع إذا كانت البدعة ظاهرة شائعة فإنه يبدع من غير إقامة الحجة أما إذا كانت البدعة خفية فإنه لا يبدع لذا في عقيدة أبي حاتم وأبي زرعة قالا من قال بأن القرآن مخلوق كفر فإن كان جاهلا بدع ولم يشترطوا العلم بل بدعوه مع وجود الجهل وترك النظر في كتب المبتدعة والإصغاء إلى كلامهم وكل محدثة في الدين بدعة وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع كالرافضة والجهمية والخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة والكرامية والكلابية ونظائرهم كل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع فالأصل كان المسلمون يسمون باسم الإسلام فحسب فلما وقعت البدع تسموا بأهل السنة وبأهل الأثر وبأهل الحديث فلما انتسب أهل البدع إلى السنة تسموا باسم السلفيين حتى يتمايزوا عن أهل البدع قد ذكر هذا أبو العباس ابن تيمية ثم ذكر أن الانتساب إلى السلفية لا يمكن أن يفعله مبتدع قال فإنه إن انتسب إلى السلفية فهو ما بين أمرين إما أن يلتزم هذا الانتساب فيدع البدع أو أن يدع هذا الانتساب ويبقى على بدعه قال إلا إذا غلب الجهل وكأنه يحكي زمننا هذا رحمه الله تعالى ترى الناس الآن يتلبسون بالبدع ويدعون السلفية فإذا أتيت قلت ما معنى السلفية قالوا معنى السلفية الانتساب للسلف قلت لهم السلف يعادون أهل البدع ويتبرءون من أهل البدع ويرون السمع والطاعة للحكام في غير معصية الله من المسلمين إلى آخره وأنتم لا تفعلون ذلك فإن كنتم سلفيين فلتجتنبوا هذا الأمر وإلا فأنتم مبتدعة إلا أنه لغلبة الجهل كما ذكر أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى اختلط الأمر وهذا والله من الغربة التي أخبر بها r فإن التمايز بين أهل الحق والباطل مطلوب شرعا فلذا لابد لأهل الحق أن يتسموا باسم يخالفون به أهل الباطل ليكون مبتغي الحق واجد أهل الحق فيتبعهم وعارفا أهل الباطل فيجتنبهم فهذه فرق الضلال وطوائف البدع أعاذنا الله منها وأما النسبة إلى إمام في فروع الدين كالطوائف الأربع فليس بمذموم إذن النسبة إلى أحد أئمة المذاهب الأربعة ليس مذموما لأنها كالنسبة إلى القبيلة والعشيرة فليس مذموما بشرط أن لا يترتب عليها ولاء ولا براء ولا حب ولا بغض وإنما من باب الإخبار فمن قال أنا حنبلي أو شافعي أو مالكي أو حنفي وهو لا يوالي ويعادي على هذه النسبة ليس مذموما بل هو كانتسابه إلى قبيلته والانتساب إلى القبائل معروف في وقت رسول الله r من كان ينتسب إلى قبيلته r إذن الانتساب إلى المذاهب الفقهية ليس مذموما بخلاف الانتساب إلى المذاهب العقدية الباطلة لأنها في أصلها باطلة وإذا ترتب عليها ولاء وبراء زادت بطلانا فإن الاختلاف في الفروع رحمة قوله الاختلاف في الفروع رحمة فيه مأخذان: المأخذ الأول: أن إطلاق الاختلاف في الفروع رحمة خطأ فإن من مسائل الفروع ما هو مجمع عليه لا يصح الخلاف فيه والمراد بقوله في الفروع أي في الفقهيات وكثير من مسائل الفقهيات بل أكثرها مجمع عليها كما ذكر ذلك ابن تيمية في كتابه الاستقامة وفي المجلد التاسع عشر من مجموع الفتاوى أكثر الفقهيات مجمع عليها فمن خالف في أمر فقهي وهو المسمى بفروع الدين عند المصنف فهذا أمر مجمع عليه فإنه يكون مخطئا ويذم لخطئه ويذم بمخالفته لهذا الأمر المجمع عليه المأخذ الثاني: إطلاقه الرحمة على مطلق الاختلاف وهذا خطأ وحديث اختلاف أمتي رحمة لا أصل له كما بينه ألسبكي وغيره وبينه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في أوائل السلسلة الضعيفة وفي أوائل صفة صلاة النبي r بين أن الاختلاف رحمة من وجه وعذاب من وجه لأنه إن كان في المسألة إجماع فالمسلم يتبعه ويجتمع المسلمون ولا يختلفون ولا يفترقون بينهم إلا أنه رحمة من وجه كما ذكر ذلك ابن عبد البر من جهة أن العالم المجتهد إذا رأى في المسألة قولين فله أن يختار أحد هذين القولين من جهة الدليل فيكون فيه سعة له إلا أنه لو كان مجمع عليه لكان أألف وأكثر اجتماعا بين المسلمين وأنبه على أمر إلى أنه شاع عند كمثيرين قولهم إن مسائل العقائد لا خلاف فيها وهذا خطأ فإن هناك جملة من مسائل العقائد قد وقع فيها خلاف كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وكما ذكره ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين فمثلا مرت بنا مسالة هل إذا تزل ربنا سبحانه وتعالى يخلوا العرش أم لا يخلوا العرش أخذنا أن في المسألة أقوالا ثلاثة وأيضا لما ذكر ابن تيمية أن العلماء اختلفوا هل رأى النبي r ربه أم لم ير ربه أيضا هذه مسألة عقدية وأيضا هناك عدة مسائل فيها خلاف في مسائل العقائد إلا أنه يقال إن مسائل الخلاف في العقيدة قليل جدا بخلاف الخلاف في مسائل فإنها كثيرة وإن كانت المسائل المجمع عليها أكثر إلا أن المسائل المختلف فيها كثيرة فعلى هذا من خالف في مسالة مجمع عليها وهي عقدية يضلل أو يجزم بخطئه أو يقال تلبس ببدعة ولا يلزم من تلبس الرجل البدعة أن يكون مبتدعا بل لابد أن يراعى التفصيل الذي سبق ذكره والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم مثابون في اجتهادهم واختلافهم رحمة واسعة واتفاقهم حجة قاطعة.
الاتفاق وهو الإجماع حجة في الشريعة ولم يخالف في حجيته إلا النظام ألمعتزلي وبعض الشيعة كما ذكره ابن تيمية وأول من خالف في حجية الإجماع النظام ألمعتزلي كما نص على ذلك ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله وابن قدامه في روضة الناظر فالإجماع حجة ولا ينكر حجيته إلا أهل البدع إلا أن الإجماع نوعان إجماع قطعي وإجماع ظني فليس على درجة واحدة وقد ذكر ابن تيمية أن قول العلماء من أنكر الإجماع فهو كافر قال المراد به الإجماع القطعي والمراد بالإجماع القطعي ما كان مبنيا على نص ظاهر كإيجاب الصلاة لقوله تعالى{وأقيموا الصلاة} وكإيجاب الزكاة لقوله تعالى {وآتوا الزكاة } وللأسف ترى الآن كثيرين من أهل السنة ترى لهم اتجاه الإجماع موقفا خلاف موقف أئمة السلف الأوائل منهم من ينكر حجية الإجماع مطلقا ومنهم من يقر بحجية الإجماع لكنك لا تكاد أن تراه واقعا وعمليا والمفترض أن علماء الإسلام إذا حكوا إجماعا في مسألة أن يبقى الإجماع صحيحا محفوظا إلى أن يتبين أنه مخروم وفي المسألة بحث مقامه في كتب أصول الفقه نسأل الله أن يعصمنا من البدع والفتنة ويحيينا على الإسلام والسنة ويجعلنا ممن يتبع رسول الله r في الحياة ويحشرنا في زمرته بعد الممات برحمته وفضله آمين .
وهذا آخر المعتقد والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما . اللهم صل وسلم على آل محمد إذن الدرس القادم غدا إن شاء الله تعالى نبدأ بالعقيدة الواسطية لكني أؤكد بما بدأت به الله , الله يا إخواني أن تراجعوا من لم يراجع لم يضبط شيئا وسيكون ما جمعه وقتيا ينتهي قريبا فالله الله يا إخواني بالمراجعة بقراءة شروح لمعة الاعتقاد حتى يضبطها الإنسان ثم متن الواسطية متن عظيم وهو أدق من لمعة الاعتقاد ولا توجد فيه ملاحظات كما يوجد في عقيدة لمعة الاعتقاد سنأخذها غدا إن شاء الله تعالى أحد سؤال يا إخوان
س/..................؟؟
ج/ متوفيك يعني الله قدر لعيسى أن يجلس أو يعيش سنين قبل أن يرفعه فاستوفى هذه المدة أتمها فلما أتمها قال إني متوفيك أي متم المدة التي قدرتها
س/.................؟؟
ج/خير هذه الأمة بعد نبيها ....هذا متواتر ذكر الذهبي وابن تيمية أنه متواتر عن ...علي رضي الله عنه متواتر خرجه البخاري
س/................؟؟
ج/ لا...الذي نجزم به أن حصول الليل والنهار بالشمس لا بالأرض ......الذي نجزم به حصول الليل والنهار يحصل بدوران الشمس
س/...............؟؟
ج/ الأغلب في مسائل الفقه أنها مجمع عليها أما مسالة القطعي والظني فهو نسبي يختلف من عالم إلى عالم لا يحدد بشيء مجزوم به لأن الأصل المجمع عليه ما بين أن يكون قطعيا أو أن يكون ظنيا لكن الأغلب فيه أنه مجمع عليه والقطعي والظني نسبي يختلف من عالم إلى عالم
س/...............؟؟
ج/ لا , لأن القول بأن القرآن مخلوق اشتهر به أهل البدع فلا يحتاج على إقامة حجة
س/...............؟؟
ج/ لوط بن يحيى , لوط بن يحيى رافضي من رواية أبو مخنف لوط بن يحيى
س/...............؟؟
ج/ طبعا في فرق عند أهل السنة بين من أخطأ خطئا جزئي ومن أخطأ خطئا كلي ذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى أن القاضي شريح أنكر قراءة {بل عجبتُ} وأول صفة العجب هذا خطأ جزئي أو كلي؟جزئي ومع ذلك قال هو إمام من الأئمة بالاتفاق


تم بحمد الله تفريغ هذا الشريط بحمد الله ومنه وفضله وصل الله وسلم على محمد r
تفريغ أم أيمن السلفية الجزائرية كان الله لها
06/جمادى الأولى/1429
الجزائــــــــــــــر
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:42 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.