أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
45412 83687

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2012, 05:11 PM
عائشة النعيمي عائشة النعيمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 188
Post [ تفريغ ] سلسلة سبل الأمان من فتن الزمان - أحمد الشحي، صالح بن عبد الكريم

سلسلة

…سبل الأمان من فتن الزمان...

(1)
الفتن(بعض صورها وطرق الوقاية منها)
للشيخ:أحمدالشحي


....صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد،وعلى آله وصحبه أجمعين،وأشهد أن لَا إله إلَا الله وحده لَا شريك له ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،أما بعد ،فنسأل الله جل وعلَا أن يحبِّبَ لنا الطاعة والسّنة وأهلهما،وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل و العمل الصالح وحسن الدعوة إلى ذلك،وأن يرزقنا الثبات على السنة إلى أن نلقاه وهو راض عنا.
أما في هذه الليلة فنشير إلى موضوع مهم،لَابد من بيانه وتذكير النفس به ،وهو موضوع الفتن،فإن الحديث المشهورعن النبي-صلى الله عليه وسلم:((إنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ اْلفِتَن))،فيه موعظة بليغة ،حيث قال فيه عليه الصلَاة والسلَام: ((إنَّ السَّعِيد))،فبشّرمن جُنّب الفتن بالسعادة،ولَاشك أنّ هذه السعادة تشمل السَّعادة الدنيوية والُأخروية؛فهذا الحديث يحتاج إلى تأمل بقوله عليه الصلَاة والسلَام:((إنَ السَّعيدَ لَمَن جُنّب الفتن،ولمَن ابتُلِي فصَبَر))،فهذه السعادة كما تلَاحظ التي بشربها النبي_ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم_ لفئتين من المسلمين:

الفئة الأولى: التي تجتنب الفتن وأسبابها،والثانية:هي التي إذا وقع عليها البلَاء،صبرت ،سواء أكان هذا البلَاء في نفسها،أوفي مالها،أوفي دينها،وكلٌ حسب إيمانه؛ كما قال عليه الصلَاة والسلَام:((أشَدُّ الناس بَلَاءً الَأنبياء،ثم الَأمثل فالَأمثل))، فهذا الموضوع لَاشك أنه يحتاج إلى توضيح معالم الشريعة الِإسلامية فيه؛ليدرك الِإنسان أهميته وأبعاده، فموضوع الفتنة من خلَال كلَام أهل العلم واستخداماتها متنوع،ولا يمكن أن تفسر لفظة الفتنة تفسيراً واحداً،وإنما بحسب الموضع الوارد فيه وبحسب السياق الذي وقعت فيه في الجملة،ولذلك إذا تأملت في كلَام العلماء في تعريفهم للفتنة ،تارةً تجد أنهم يقولون هي: الِإمتحان،وتارةً يقولون هي: الِاختبار،وهذا في الَأصل،إذا ذكرت اْلفتنة في الَأصل لَاشك أنها تتناول ابتداءً هذا المعنى،ومنهم من يشير أيضًا إلى معانٍ أخرى،فيقول: هي تطلق على الكفر،وقد تطلق على الغلو في التفسير البعيد عن الواقع،أو المُغرِِض أو التفسير المصاحب به،أو التي تصاحبه الَأغراض السيئة والدنيئة، وقد يطلق على العذاب،أو يطلق على القتال،وهناك تفاسير كثيرة ،ولكن لَامانع من إضافة تفسير مهم أشار إليه الحافظ ابن حجر –رحمه الله_،فذكر أن المراد بالفتنة أحيانا:ً ماينشأ من ،أو ما ينشأ عن الِاختلاف في طلب الملك ،حيث لَا يعلم المُحِق من المبطل ،وهذا يقع بين الناس،ولَاشك أن هذه فتنة إذا وقعت في المجتمعات الِإسلَامية،أضرَّت بهم ضررًا بليغًا،وهذه المعاني لو نظرنا نحن في دلَالَات أو في بعض الَأدلة الواردة في الكتاب والسنة ،سوف نجد أن هذه المعاني ظاهرةٌ جلية ،ولعلنا نشير إلى بعض الَآيات ،منها على سبيل المثال قول الله جل وعلَا: {وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِ وَاْلخَيْرِ فِتْنَة وَإِلَينَا تُرْجَعُون}فهنا كما تلَاحظ ، ذكر أن الفتنة قد تقع في الخير وقد تقع في الشر،فهنا لها تأويل ومعنى،وهنا لها تأويل ومعنى،وهكذا قول الله جلَّ وعلَا في وصف بعض الناس ،قال {ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْف}،وهذا إشارة إلى الجهل { فَإِنْ أَصَابَه خَيْرٌاطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةُ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا والّآخِرة ذَلِك هُو اْلخُسْرَان اْلمُبِين}، فقال هنا :{وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ}،ولعل الظاهر أن المراد بذلك المصيبة في المال ،أو في النفس ،أو في الولد وغير ذلك،فإنه ينقلب على وجهه،لماذا؟َلَأنه يعبد الله جل وعلَا على جهل،فيفسر ما يقع عليه من أمور يكرهها بتفسير خاطئ يؤدي به إلى ردة فعل غير منضبطة ،ملخصها الِإنتكاسة عن الطريق المستقيم ،ولَا مانع من إشارة إلى كلَام ابن سعدي_ رحمه الله_،قال في تفسير هذه الَآية:(ومن الناس من هو ضعيف الإيمان لم يدخل الإيمان قلبه ولم تخالطه بشاشته،بل دخل فيه، إما خوفًا وإما عادة،على وجه لَا يثبت عند المحن )،وهنا المشكل ، لَمَالَا يستقر الِإيمان في نفس هذا الإنسان ورَوَّض نفسه على أسلوب معين في التعامل مع الِإيمان ومع العلم ،دون أن يروِّض نفسه ترويضًا صحيحًا شرعيًا،فإن الخلل يظهر في المحن ،وفي الِإبتلاء وفي الفتن،وأنت لما تتأمل في التاريخ الِإسلِامي،تجد أشخاصا كثر ،تجد أن المواقف تختلف ،عند أو في تصرفات هؤلَاء؛بسبب ضعف الِإيمان، وبسبب الجهل الغالب وعدم التربية الصحيحة على سنة النبي عليه الصلَاة والسلَام فتصدر الهفوات والِانحرافات التي تدل على التأثر العنيف والِانزلِاق الكبير أمام الفتن المجرفة، قال هنا ،نكمل كلَامه قال:(وإما عاد على وجه لَا يثبت عند المحن)،{ فَإِنْ أَصَابَه خَيرٌ اطْمَأنَّ بِهِ} أي: استمر رزقه رغدًا ،ولم يحصل له من المكاره شيئ ،اطمأن بذلك الخير، وهذا لَاشك تفسيرٌ فاسد ،وحتى بعض الدعاة والمصلحين أحيانا يغلبون هذا المعنى،أحيانا لما يريدون أن يدعون أحداً على سبيل المثال،أو يريدون إصلَاحه وهدايته ،فقط يبينون له الِإستقامة والهداية ،سوف تنفتح لك أبواب الخير،وكأن الورود سوف تفرش،والَأرض الخضراء سوف تبسط إلى أن تدخل الجنة ،هكذا بعضهم يفسر الِاستقامة، ويفسر التدين والسير إلى الله جل وعلَا، ولَا َشك أن هذا خاطئ؛ لَأن سنة الله جل وعلَا ماضية، لَا تتغير في أوليائه وأصفيائه وفي السائرين إلى الله جل وعلَا ،لَابد من التمحيص، لَابد من الِابتلاء، لَابد من المحن،وكلما قوي إيمان الِإنسان، كلما اشتد عليه بعض الِابتلَاء ؛وذلك بحسب حكمة الله _جل وعلَا_،قال هنا كما تلاحظ:(إن استمر رزقه رغدًا ولم يحصل له من المكاره شيئ ،اطمأن بذلك الخير،لَا بإيمانه)،وهذه هي المشكلة الحقيقية التي عند الإنسان ،وهذا الِاطمئنان ليس بسبب الِإيمان الذي استقر فيه،وإنما بسبب الخير الذي وجده في بداية استقامته،وفي بداية سيره إلى الله _جل وعلَا،قال :(فهذا ربما أن الله يعافيه ولَا يقيض له من الفتن ما ينصرف به عن دينه)،ولله_ جل وعلَا_ شأن في خلقه سبحانه،قد يسلم بعض الناس من هذه الِابتلَاءات وقد ينزل على آخرين ابتلَاءات)،قال رحمه الله بعد ذلك ذاكراً الَآية:{وَإِنْ أَصَابَتْه فِتْنَةٌ} أي: من حصول مكروه،أو زوال محبوب، {انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِه}أي:ارتد عن دينه ،{خَسِرَ الدُّنْيا والَآخَرة}،فلَاشك أن هذا كلَام يحتاج إلى تأمل من المسلم عموما ،ومن طالب العلم_ خصوصاُ_،كذلك من الَآيات الواردة في هذا قول الله _جل وعلَا_ ،وهذا في بيان فئة ؛ وهي فئة المنافقين في عهد النبي _صلى الله عليه وسلم_ ،وتعاملهم مع النبي _صلى الله عليه وسلم _ باعتباره نبياً وباعتباره حاكماً للدولة الِإسلَامية الُأولى، قال:{إِنَّمَايَسْتَئْذِنُك الذّين لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الَآخر}،وهذا الِإستئذان المراد: الِاعتذارعن القيام بالواجبات التي يكلفهم بها النبي_ صلى الله عليه وعلى آله وسلم_،فهنا لَا يستطيعون أن يعتذروا؛ بسبب القوة،ولكن يستطيعون أن يعتذروا بأساليب وحيل ،ففضحهم الله_ جل وعلَا_، وفي هذا عبر للمسلمين،قال:{إِنَّمَا يَسْتَئْذِنُكَ}،يعني: عن القيام بالواجب الذي تكلفهم به،{الذَّينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَومِ الَآخروارْتَابَت قُلُوبُهُم فَهُم فِي رَيْبِهِم يَتَرَدَّدُون}،هذا الِاستئذان ليس عن عذر شرعي حقيقي ؛وإنما بسبب النفاق الذي ابتلي به هؤلَاء، ولذلك قال:{وَارْتَابَت قُلُوبُهُم}قال الله بعد ذلك:{وَلَو أَرَادُوا اْلخُرُوجَ}،يعني: مع النبي_ صلى الله عليه وسلم_ بأداء الواجب العظيم الذي هو واجب الجهاد،{لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين{} لو خرجوا فيكم}يعني: هنا الخطاب للمؤمنين، الَآن يبين أن هؤلَاء مرضى، حتى لو خرجوا فيكم سوف يؤثرون{لَوْخَرَجُوا فِيكُم مَا زَادُوكُم إِلَا خَبَالًا وَلَأوْضَعُوا خِلَالَكُم يَبْغُونَكُم اْلفِتْنَةَ وَفِيكُم سَمَّاعُون لَهُم وَاللهُ عَليمٌ بِِالظَّالِمِين {}لَقَد ابْتَغَوا اْلفِتْنَةَ مِنْ قَبْل وَقلَّبُوا لَكَ الُأمُورَ حَتَّى جَاءَ اْلحَقُ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُون}،في الآية تبين واقع هؤلاء المرضى ،وهؤلاء المرضى هم مستمرون ومتجددون إلى أن تقوم الساعة ،ليس مقصورين فقط في العهد النبوي الذي فضحهم الله_ جل وعلَا_ من خلَال هذه الَآيات،لَا بل هم مستمرون كل بحسبه، فهنا الله_ جل وعلَا_ قال:{لَقَد ابْتَغَوا }أي: بذلوا الجهد والَأسباب السيئة؛ من أجل تغيير الُأمور وإشاعة الفتنة ،وبالمناسبة تر أن الله _جل وعلَا_ ذكر هنا قال :{وَفِيكُم سَمَّاعُون لَهُم}،إشارة إلى أنه لَابد من حصول الَأثرلهذه الفتنة لما تظهر،لَايمكن أن لَا يكون لهاأثر،بل لَابد من الَأثرالسلبي على الَآخرين ،و قد تمرض أقوامًا ،وقد تكون سببًا في ثبات أقوام آخرين، {وَاللهُ عَليمٌ بِالظَّالِمِين} ،_سبحانه وتعالى_، إذن هذا معنى،كذلك من المعاني التي ورد في كتابه_ جل وعلَا_ وإن كان قوله _جل وعلَا:{لَقَد ابْتَغَوا اْلفِتْنَةَ}، يعني: في الهجرة،لما هاجر النبي _عليه الصلَاة والسلَام_ من مكة إلى المدينة ،فبذلوا الجهد وبذلوا الحيل وبذلوا الَأفكار الكثيرة المتنوعة التي أرادوا بها ضرب الِإسلَام ،والتأثيرعلى أصحاب النبي_ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم_، لكن الله _جل وعلَا_ كشف أمرهم ،فقال:{حَتَّى جَاءَ اْلحَقُ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُم كَارِهُون}،بذلك يحفظ الله_ جل وعلَا _دينه وأولياءه وأصفياءه،كذلك إذا انتقلت إلى السنة سوف تجد الأدلة التي تتناول موضوع الفتن كثيرة ومتنوعة ،ولعلنا نشير إلى بعضها لتوضيح هذا المعنى ؛ولَأهميته، فمن ذلك قوله عليه الصلَاة والسلَام في حديث أبي هريرة:((لَاتَقومُ السَّاعةُ حتَّى يُقْبَض العلم وتَكْثُر الزَّلَازل ويَتَقارَبُ الزَّمان ،وتَظهَرُ اْلفتن ،وَيكْثرُ اْلهَرج))، وهو القتل، فهنا واضح في قوله _عليه الصلَاة والسلَام_:((تظهرالفتن))،كذلك الحديث الَآخرعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال:قال _عليه الصلَاة والسلَام_:((بَادِرُوا بالَأعْمَال ))،وهذا حث منه_ عليه الصلَاة والسلَام_ لهذه الُأمة أن تبادر بالَأعمال الصالحة وتواظب عليها وتستكثر منها ؛لَأن لها تأثير إيجابي على حياة الِإنسان وقت الفتن ،قال هنا:((بادروا بالَأعمال فتنًا كقِطعِ اللَّيلِ اْلمُظْلِم،يصبحُ الرَّجُلُ مؤْمِناً ويُمْسِي كافرًا،أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا،يَبيعُ دينَه بَعرَض من الدنيا))


<<يتيع
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-09-2012, 01:02 AM
عائشة النعيمي عائشة النعيمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 188
Post

فهنا كما تلَاحظ ،فُسِّرت الفتنة بالكفر،و أيضًا بالِافتتان بمُغريات الدنيا،وهكذا أيضًا من الَأحاديث الثابتة عن النبي _عليه الصلَاة والسلَام_

أنه قال:((سَتكونُ فِتنٌ،ألَا ثمَّ تكُون فتنةٌ ،اْلقاعدُ فيها خيرٌ منَ اْلمَاشِي ،واْلماشي فيها خيرٌ من السَّاعي إليها))، يعني: الذاهب إليها،وسيأتي الحديث في باب الِإستشراف ،((ألَا فإذا نَزَلت أو وقَعَت، فَمَن كَانت لَه إِبلٌ فَلْيَلحَق بإِبلِه ،ومن كانت له غنمٌ فليلْحَق بِغنَمِهِ،ومَن كانَت لهُ أرضٌ فلْيلْحق بأَرْضِه))،ثم ذكر النبي_ عليه الصلَاة والسلَام_ بعض الَأمور الُأخرى التي يُوصِي فيها اْلبعدَ والِاعتَزال إلى آخر الحديث،كما تلَاحظ هنا، اْلوصايا فيها بلَاغةٌ عظيمةٌ جدًا ،فذكر_هنا_ ،لمَّا الفتنة تقع، والفتنُ أنواع، كما سيأتي في حديث حذيفة،_ الفتنة التي تَموجُ مَوجَ اْلبِحَار_،إشارة إلى عِظَمِها،واْلفتنة تختلفُ من زمانٍ إلى زمان ،ومن مكانٍ إلى مكان،ومن حجمٍ إلى حجم ، ومِن تأثيرٍ إلى تأثير،فهنا قال :((اْلقاعدُ فيها خيرٌ من اْلماشي ،واْلمَاشي خيرٌ من السَّاعي إليها))؛لَأنه إذا اسْتَشْرَفَهَا اسْتَشْرَفَتْه ،كما سيأتي في الحديث_ لَاحقًا_، ثم بعد هذه اْلجمل اْلبليغة، وجَّه إلى البعد ،كلٌّ بحسبِ استِطاعتِهِ ،حتى لو ينشغلُ بإِبله ،وينْشَغِل بغنَمِهِ،حتى لو يتَعرَّب؛كما بوَّب الْبخاري بابًا في التَّعرب في اْلفتن ،المرادُ بالتَّعَرُب يعني: حتى لو أنَّه ينطلقُ بعيدًا جدًا، بحيث لَا يتأثَّر بهذه اْلفتنة مُطْلقًا، ولو كان في اْلبادية بعيدًا عنها؛ حتى لَا يتأثَّر ولَا بغبارها ، فهذا أيضًا توجيهٌ من النَّبي _صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم_، والحديث الَآخر المشهور في الصحيح _كذلك_،_ حديث أبي سعيد الخدري_ :((يُوشِك أنْ يَكون خيرَ مالِ اْلمُسلم غنمٌ يتبعُ بها شعفَ اْلجبال وموَاقع اْلقطرِ، يَفِرّ بدينهِ من اْلفتن ))هنا قوله:( يفر بدينه) ،هذه إشارة إلى أنَّ اْلفتن هذه مؤثرة على دينه ،ولذلك هو يريد أن يسْلم.

<<يتبع
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-09-2012, 03:04 PM
عائشة النعيمي عائشة النعيمي غير متواجد حالياً
عضو
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 188
Post

كَذلكَ من الَأحاديث الثَّابتة عن النبي_ صلَّى الله عليه وسلم_ حديثِ أم سلمة_ رضي الله عنها وأرضاها_،حيث تذْكُر حالَ النبي _صلى الله عليه وسلم_ في إحدى اللَّيالي، فتقول :(استَيْقَظَ رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ ليلةً فزعًا_،يقول: سبحان الله ،مَاذا أنْزلَ اللهُ من اْلخزائِن،وماذا أنزلَ من اْلفتن؟ ،مَنْ يُوقِظُ صَواحِب اْلحُجُرات)، يعني: يقصدأزواجه_ رضي الله عنهن وأرضاهن_، ((لِكَي يُصَلِّين، رُبَّ كاسيةٍ في الدُّنيا عَاريةٌ في الَآخرة،))،فهنا أشارالنبي_ صلى الله عليه وسلم_ إلى عِظَمِ تأثيرِ اْلفتن ،وشِدَّتِها، ثمَّ وجَّه إلى اْلعِنَاية _كما تلَاحظ _بالعبادة، والتي منها: قيام الليل،إشارة إلى أهميتها ،وأثرِها على الِإنسان، فقال هنا: ((لِكَي يُصَلِّين ))،قال:(( مَن يُوقِظُ صَواحِبَ اْلحُجُرات لكي يُصلِّين ،رُبَّ كاسيةٍ في الدُّنيا عاريةٍ في الَآخرة))، ولَا شَك أن هذا فيه حثٌّ للمسلم على أنْ يَحرصَ على اْلعبادةِ_ كما سيأتي أنَّ اْلعبادة في اْلهرج كهجرة إلى النبي_ صلَّى الله عليه وسلم_،_ كما سيأتي في الحديث_، لها فضلٌ عظِيم، ولها تأثيرٌ عظيمٌ على الِإنسان ،_على نفسيتهِ،وعلى شعورهِ،وعلى إيمانِهِ ،وعلى ثباته، حتَّى على كثير من مواقفِهِ_، وهذا لَاشكّ أنّه من الَأسرارِ اْلعظيمةِ اْلمتعلقة بقيام اللَّيل،فهو لَاشك من أعظمِ الصِّلَات التِّي تكــونُ بينَ اْلعبدِ وبينَ الله_ تبارك وتعــالى_.
كذلك من الَأحاديث اْلواردةِ في هذا الباب: حديث حذيفة، وهو اْلحديث اْلعظيم اْلمشهور_ الذي بَيَّن فيه بعضَ اْلفتن الكبــرى، كما قال _رضي الله عنه_، يَذْكُرُ_ لما كانَ جالسًا مع عمر، قال :(كُنَّا عند عمر _رضي الله عنه_ ،فقال) يعني: عمر_ رضي الله عنه_:(أَيُّكم سمِعَ رسولَ الله_ صلى الله عليه وسلم_ يذْكُرُ الفتن؟ فقال قومٌ:نحن سَمِعْناه،فقال :لعلّكُم تَعْنُون فتنةَ الرَّجلِ في أهلِه وجَارِهِ؟قالوا:أجل)،كُلٌّ بحسب معلــوماتِه؛لَأن الصَّحابة كذلك_ في تلقِّي اْلعلم_ مُتَفاوتون، فبعضهم_ وإنْ كان ملَازمًا للنبي صلى الله عليه وسلم_ لمْ يُخَصَّ ببعضِ اْلعلوم، مثل: حذيفة_ رضي الله عنه_ ،خُصَّ بكثيرِ من اْلعلومِ اْلمُتَعلِّقة باْلفتن،_ حتى إنَّه يعرفُ أسماءَ كثيرٍ من اْلمنَافقين _ولم يذْكرُهم_، لكن خصَّه النبي _صلَّى الله عليه وسلم_؛ لَأن النَّبي وَحيٌ يُوحَى،فخصَّه في هذه الَأحاديث،وذَكَر له بعضَ اْلفتن، فهذه من اْلعلوم التي خصَّ بها النبي_ صلَّى الله عليه وسلم_ بعضَ الصَّحابة، منهم حذيفة، أمَّا الذين لم يعْلَموا؛ ذكروا فتنةَ الرَّجل اْلمشهورة_ في أهله، في ماله، في جاره، في كذا_، فهنا قال،لما قالوا:أجل، قال عمر:(تِلْك تكَفِّرُها الصَّلَاة ،والصِّيام، والصَّدقة)،فذكر ثلَاثة أعمال لها تأثيرٌ في تكفيرِ هذه اْلفتن اْلصغرى_ في الَأهل،وفي اْلمال_، وهي: الصَّلَاة، والصِّيام ،والصَّدقة، فهي تكفِّر عن هذه الَآثار_ التي تقع؛ بسبب فتنة الَأهل، واْلمال، واْلولد، والجار،ثمَّ قال :((ولكِن أيُّكُم سَمعَ النَّبي_ صلَّى الله عليه وسلم يذكر اْلفتن التِّي تَمُوج موجَ اْلبِحر؟ قال حذيفة:فأسكت القومُ، فقلتُ: أنا ،قال: أنتَ للهِ أبُوك!))، هذه جملةٌ تقولُها اْلعرب_ في الِإعجاب_،( قال حُذِيفةُ):أي ذاكرًا ما سَمِعه:((سَمِعْتُ رسولَ اللهِ_ صلَّى الله عليه وسلم_:(تُعرَضُ اْلفتنُ على اْلقلوبِ؛ كاْلحَصيرِ عودًا عودًا)، وهذا من عمومِ الِابتلَاء، قال:( كاْلحصيرِ عودًا عُودًا،)،أي ابتلَاء،وهذا يقع على النَّاس في كثيرٍ من الَأبواب

<<يتبع
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-26-2013, 08:23 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

«فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا ،نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ،وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضََاءُ حَتَّى تَصِيرعَلَى قَلْبَيْنِ،عَلَى أَبْيَضَ مِثْل الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالَأرْضُ والَآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَاْلكُوزِ مُجَخِّيًا ،لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَايُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»
فذكر هنا حكمة الله _جلّ وعلَا_ في اْلفتن التّي تعرَض على الِإنْسان عمومًا ،ترِد عليه اْلفتن فقد يتَأثّر بها داخليًّا ولَا يشعرُ بها، فتصبحُ له نكتة سودَاء، ويستمر،و تردُ عليه اْلفتنة فتكون نكتةٌ سوداء ثانية،لماذا؟لأنه تأثّر،أمّا عكسه فيزدادُ صلابةً، والثّاني يتأثّر، وترِدُ الثَّالثة والرَّابعة والخامسة فيتأثّر ،ويتَغيّر،يتأثر ويتغيّر، يتأثّر ويتغيّر ،حتى يصبح على فئتين:أي هؤلاءاْلمبْتلَون[...]:

أصحابُ اْلقلوبِ اْلبيضاءِ الصَّافية الثَّابتة،وهذا فضلُ الله وتوفيق لمن يشاءُ من عباده،
وأصحابُ اْلقلوبِ اْلمريضةِ اْلمنزَلقةِ أمام اْلفتن التّي عُرضَت عليه، وهذا إشارة إلى عمومِ اْلفتن،يعني :(فتنة النّساء، فتنة اْلغناء، فتنة الصّحبة السَّيئة ،فتنة اْلمال، فتنة اْلوظيفة، فتنة كذا، فتنة الَأهل، فتنة اْلولد)،كلٌ بحسبهِ،فمنهم من يفتَن بزوجتهِ ،ومنهُم من يفتن بأحد ِأبنائه ، ومنهم من يفتَن بوظيفتهِ ومنهُم من يفتن بمالهِ،ومنهم من يثْبُت في اْلفقر،ومنهم لَا يتغيّر في اْلغناء ،ومنهم العكس، والله _جلّ وعلا_ أعلم بعبادِهِ ،لكن اْلكل سائرُون إلى الله_ جلّ وعلَا _،
يتعرّض اْلكثير لهذهِ اْلفتن ؛من بابِ غربلةِ قلوبهِم وأحوالهِم،[حتّى يصبح هؤلاء على فئتين،بين أصحاب اْلقلوب الصّافية الثّابتة، وأصحاب اْلقلوب المتَأثّرة بالفتن بحسب أنواعها]، ثم قال حذيفةُ:

«وَحَدَّثْتُهُ،أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا،يُوشِكُ أنْ يُكْسَرَ»
يعني: اْلفتنة العظيمة التّي تموجُ موجَ البحر،وتأمّل إلى دقةِ فقهِ الصَّحابة- رضي الله عنهم- وإلى سرعةِ اْلفهم،وتوفيق الله - جلّ وعلَا- لهم، فقال:[حدّثََهُ بما سمعه من النَّبي _صلّى الله عليه وسلم]:«أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا»يعني:التي تموجُ موجَ اْلبحر،
«يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ»،هنا وقفَ -رضي الله عنه- أمام عبارة الكسر، قَالَ عُمَرُ:
«أَكَسْرًا لَا أَبَالَكَ! فَلَو أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ»، تأمّل الكسر، فرقٌ بين الكسر وبين الفتح، قال: لعلّه يعني يُفتح؛ لأنه إذا فتح قد يأتي من بعد عمر رضي الله عنه من يغلقُه، و لكنّ الكسر إذن إشارة أن الباب يبقى مفتوحًا مستمرًا إلى أنْ تقوم السَّاعة، ولا شكّ أنّ هذا فيه معجزة من معجزاته عليه الصّلاة والسّلام، وفيه منقبة لعمر؛ لفقهه رضي الله عنه وأرضاه ،فوقف عند هذه الجملة قال:«أَكَسْرًا لَا أَبَالَكَ!فَلَوْ أَنَّهُ فُتِح لَعَلَّهُ كَانَ يُعَاد قُلْتُ :لَا»يعني:حُذيفة[يُحدَّثُ بِمَا سَمِعَهُ]:
«قُلْتُ:لَا،بَلْ يُكْسَر» قال رضي الله عنه،(يعني حذيفة):
«وَحَدَّثْتُهُ:أَنَّ ذَلِكَ اْلبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ،حديثًا ليس بالأغاليط. إِشارة إلى الرّاوي.[رواه مسلم،كتاب الإيمان،باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب].
وبعض الصَّحابةِ بعد ذلك سَألوا: هل عمر يعلمُ أنَّه هو اْلباب؟ قال رضي الله عنه:نعم؛ وكان ذلك بقتلهِ _رضي الله عنه وأرضاه_، وبدأَت اْلفِتن ،ثمّ كما ذكر بعض_مثل: سعيد بن المسيّب_ أنّ الفتنةَ الُأولى التّي أثّرت وعمّت هي فتنة مقتلِ عثمان _رضي الله عنه_، حيث ذهبَ فيها أهلُ بدر، ثمّ اْلفتنة الثَّانية في عهدِ يزيدِ بن معاوية ،وذهب فيها أهلُ اْلحديبيّة،ثمّ ذكر اْلفتنةَ الثّالثة ،ومن أهلِ اْلعلمِ منْ أشار أنَّه يريدُ بذلك الَأزارقة ،
علَى كلّ حالٍ، إشارة إلى أنَّ اْلفتنَ تبدأُ تتّسع في الُأمة الِإسلَاميّة على اختلَافِ الَأماكنِ واختلَافِ الَأزمانِ،إذًا بعد هذا اْلكلَام نلَاحظُ أنَّ استخدامَ (اْلفتنِ) مختلفٌ، وأنّ من اْلفتنِ ما[...] لها التَّأثير اْلكبير واْلعظيم ،حتّى شبّههَا أنَّها تموجُ موجَ اْلبحر ،ومنهَا ما هي أصغر، مثل: فتنة الَأهلِ، وفتنة الَأولاد‘وفتنة اْلجار، ولكلّ زمانٍ فتنٌ مختلفةٌ ومتنوّعةٌ،
هنا نقفُ وقفةً مهمّة ،من اْلفتن التّي[...]أصبحت رائجةً في هذا اْلعصر، وأصبح لها التَّأثير السَّلبي اْلكبير على اْلمجتمعاتِ الِإسلَاميّة_على دينهِم،وعلى أمنِهم، وعلى أموالِهم ،وعلى أعراضهِنّ ،وعلى استقرارِهم_،هي:
فتنة التَّكْفير ،أو فتنة اْلخُروجِ وشقِّ اْلعَصا عن وليّ الَأمرِ ،و اْلخروجِ عليه، أو فتنةِ التَّحريضِ، أو فتنةِ اْلمظاهرات التّي تأثّر بها اْلمجتمعاتُ الِإسلَاميّة من اْلغربيّة ، حتّى أصبحت رَائجة في اْلمجتمعاتِ ،كلٌ يفعلُ ما يشاء ،ويفعل مَا يحْلُو له دون أنْ يستلْهِم ما هو موجود في الشَّريعة الِإسلَاميّة ليَحْذرَ ممّا تؤدّي إليهِ هذه اْلفتن .

فتنةُ التَّكفـير كما هو معلوم_ لها تأثيرٌ عظيمٌ في اْلمجتمعاتِ الِإسلَاميّة ،حيثُ ابتُلِي أقوامٌ بشُبُهاتٍ ،وغُذُّوا بأفكارٍ ودلَالَاتٍ فاسدةٍ، حتّى وَصَلُوا إلى قناعاتٍ:
أنَّ هذا اْلمجتمع المسلم كافرٌ!! ،ومعنى كافر: أنّ هناكَ أحكام يترتّبُ عليهَا مثل: استحلالِ اْلمال ،أو استحلالِ الدَّم أو استحلال العرض!!!..اهــ ،حتّى أصبح هؤلَاء _بسببِ هذه اْلفتنة السَّيئة_ يحارِبُون أهلَ الِإسلَام، ويقتُلُون أهلَ الِإسلَامِ باسم الِإسلَام!،ولاشكّ أنّها فتنةٌ عظيمةٌ ،الذّي يتأمّل فيها خلَال هذه السَّنوات الَأخيرة يجدُ أنَّ لها تأثيرًا كبيرًا في اْلمجتمعاتِ الِإسلَاميَّة، وكم قتلَ من النِّساء ،وكم قتلَ من الشُّيوخ ،وكَم سُرقت من الَأموال وانتُهكَت من الَأعراض ؛بسبب اعتقادِ هؤلَاء أنَّ اْلمسلمين كَفرُوا بالله _جلّ وعلَا_ بسببِ فعلِ بعض اْلمعاصي!!،حتّى أثّروا سلبًا في اْلمجتمع الِإسلَاميّ.
إذًا،هذه فتنةٌ عظيمةٌ ،وقد حذّر - لَاشك- منها النّبي _صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم_، وظهرَت في اْلعصورِ اْلمتقدّمة ،حتّى أثّرت سلبًا وأدّت إلى بعضِ اْلحروبِ،كذلك من الفتن:

فتنة اْلخُروجِ علَى وليّ الَأمرِ ،وهذه - لَاشكّ- لها التَّأثير اْلكبير واْلعظيمِ على اْلمسلمين ،وعلى استقرارِهم، وقد ظهرَت في عهدِ عليّ _رضي الله عنه_، ظهرت عند أقوامٍ ليسُوا بفساقٍ وليسوا بفجّارٍ،بل عندَ أقوامٍ حريصِين على الصَّلَاة، حريصين على الصّيام، حتّى ذهب إليهم بعضُ من بقي من الصَّحابة_ رضي الله عنهم_ مثل: ابن عبّاس ،وناقشهُم _كما في اْلقصة المشهورة في مسندِ الِإمام أحمد ،في قصّة ابن عبّاس في محاورةِ اْلحروريّة الذّين خرجُوا على عليٍّ _رضي الله عنهم_ ،خرجُوا باْلكلمةِ، ثمّ خرَجُوا بالسَّيف ؛إشارة إلى أنّ السَّيف يتبعُ الكلمةَ ،وأنَّ لها تأثيرٌ عظيمٌ على اْلمجتمعِ، فاقتَنَعُوا بهذه الثَّقافة اْلفاسدةِ، واقْتنَعُوا باْلحوارِ الذّي دارَ بينَهم ،طرَحُوا أفكارًا _كما في اْلقصّة اْلمشْهُورةِ _ أنّ عليًا رضي الله عنه فعل كذا ،
لماذا؟لماذا لم يفعل كذا ؟لماذا يحكّم بين الَأشخاص؟
لماذا لم يُوقِف هؤلاء عند حدّهم؟لماذا كذا؟...اهــ
فوقَعُوا في أمورٍ معيّنةٍ ،حينئذٍ بدأ اْلكلَام يزدادُ حتّى بدَأوا،وخَرجُوا على عليٍّ _رضي الله عنهم_ وهذا يدلّك على أنّ اْلخروجَ لَا يعْنِي أنْ يكونَ باْليدِ أو يكون بالسَّيف ،لاشك أنّ هذا شرٌعظيمٌ ،ولكن يكون بهذا ،وكذلك يكون باْلكلمة التّي يبثّها الِإنسان في اْلمجتمعاتِ الِإسلَاميّة ،ويروّجهَا بكتاباتهِ أو بمقَالَاتهِ هنَا وهنَاك ؛حتَّى يؤثر علَى الآخرِين ،فيتأثّر النَّاس حتّى يخرُجون على وليّ الَأمر وعلى اْلحاكمِ اْلمسلم، وبذلك تُسفك الدِّماء ،وتُنتَهك الَأعراض!
ومن هنَا لوْ تأمّلْت أنت منذ اْلعصورِ اْلمتقدّمة إلى الآن ما مِن قومٍ خَرَجُواعلى وليّ أمرِهِم إلّا و ازدَادُوا شرًا ،ووقَعُوا في أضرارٍ أكثر ممّا كانُوا عليه، فهُم يُريدُون أنْ يخَفّفُوا الَأضرارَ بدعوَاهم!! لكنّهم ينتَقلُون من حفرةٍ أصغر إلى حفرةٍ أكبرَ،
وتأمّل حتّى في التّاريخ اْلمعاصر، ذهبَت حكوماتٌ وذهبتْ دولٌ ،أعتَقدَ بعضُهُم أنَّ هذا إذا زالَ سوف يأتِي من هُو أفضل منه، ثمّ وقَعُوا في شرٍّأعظم، شرٍّ في دينِهم ،ازدادُوا فقرًا ،وارتفعَ عنهم الَأمن ،وانْتُهكَت الَأعراض وسُرقت الَأموَال ،وسُفكَت الدِّماء ،فلَمْ ينزِل إليهِم هذا الَأمن بعد أنْ ارْتَفَع،
يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-26-2013, 08:42 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

فهذهِ عبرٌ لو ننْظرُ في التَّاريخِ الِإسلَامِي_ في سيرةِ اْلحجَّاج -على سبيلِ اْلمثالِ- ،عرفَ بالظُّلم ،لا يعني أنَّ اْلحاكمَ لَايمكن أنْ يَظلِم ، اْلحَجَّاج عُرفَ بالظُّلم والطُّغيان والِاعتداء على حرمةِ الآخرِين ،بلْ حتَّى إنَّه اعتدَى على بعضِ الصَّحابةِ _رضي الله عنهم_ ،ولكن لمّا تأثّر بعضُ النّاس فخَرجُوا باْلكلمةِ ، ثمّ خرجُوا بالسَّيف ،وازدَادُوا بعد ذلك شرًّا وهُم يريدُون تخفيفَ أو تحسينَ أوضاعهِم ،وهذه سنّة الله اْلماضيةِ؛ لأن من خالفَ هديَ النَّبي _صلّى الله عليه وسلّم لَا يمكن أنْ يرتَقي إلى الَأحسن _وإن صُوِّرَ له ذلك_،بلْ هو ينزلُ إلى الأسفلِ ،وسُنّة الله ماضية لَايأتِي عامٌ إلّا والذّي بعده شرٌّ منه_ كما ثبتَ ذلك عن النّبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلم_وكذلك أيضا من الفتن هي:

فِتَنُ التَّحْرِيض : وهذِه يسْتخْدمهَا السُّفهاءُ بأقلَامِهِِم، فهُم يُخَاطِبُون النَّاس مباشَرة، أو باْلكتابَات ،أو بِاستخدامِ الَأجهزةِ اْلحديثةِ _ولعلّي أشيرُ إلى هذا لَاحقًا_ عن طريقِ الشَّبكاتِ ونحو ذلك ،يخاطبونَهُم من أبوابٍ مُعيَّنة،
على سبيلِ اْلمثال يأتُون إلى أقوامٍ في اْلمجتمع ، ويرَون أنَّهم يَشعرُون بالظُّلم ،وأنَّهم لم يُعْطوا حقَّهم، يَشعرُون باْلفقرِ واْلفاقة، لا شكّ أنّ مقتضى الشَّريعةِ الِإسلَاميَّة الصَّحيحةِ أنْ تُصبّر هؤلاء ،فالرِّزق عندَ الله يوزّعهُ كيفَ يشَاء؛ لحكمةٍ _سبحانه وتعالى_ ،هو اْلعزيز اْلحكيم
تجدُ اْلجاهلَ ،أحيانًا الُأمّيّ ،حتَّى إنّك لتراهُ تقول :هذا لا يُحسنُ تدبيرَ أيسر أمورِه ،ثمَّ إذا سألتَ عنه تجد أنَّ عندَه اْلملَايين ، وتجد رجلٌ آخر عنده الدّكتوراه في التِّجارة وفي الاقتصاد ،وعندهُ عشرات اْلكتبِ واْلمُؤلّفات التّي استفادَتْ منهَا الشَّركات اْلكُبرى وهو ليسَ له إلّا الدَّخل اْليسِير الذّي يكفيه أو لَا يكفيه ،حكمةُ الله _جلّ وعلَا _اقتضَتْ ذلك ،

هذه حكمة الله _جلّ وعلَا_ ثمَّ أنّه لَابدَ من الصّبر_ من خلالِ الَأحاديث الثَّابتة عن النّبي_ صلّى الله عليه وسلم_ ، لكنّ اْلمُغرِضين_ دائمًا لمّا تقرأ في التَّاريخ الِإسلَامي[..]، يذهبُون إلى التَّحريض من خلَال بَوَّاباتٍ نفسيَّة مُعيَّنة ،فهذا يشعرُ بالظُّلم ، فيزيدهُ من خلَال اْلعبارات_ أنَّه مظلومٌ ،و يؤجّجُ نفسيّته حتّى يصلَ إلى مستَوى لايمكن أنْ يسيطِرَ على نفسهِ ،ثمَّ يُحرّضه إلى اْلخروج حتّى يقع في اْلفتنة ،ومنْ تأمّل[..]ما حدثَ في عهدِ اْلحَجّاج بن يوسف الثَّقفي يجدُ أنَّ من النَّاس من هم كانوا على فضلٍ ،وكانُوا على خيرٍ ،وكانوا على صلَاحٍ،بل منهم من كانَ على علمٍ ،فقد دخلَ وتأثَّر ،منهُم من تراجعَ وتابَ في وسطِ اْلفتنةِ ،ومنهُم من انزلقَ إلى اْلهاويةِ إشارة إلى عظمِ تأثيرِ الْفتنةِ على الِإنسان ،مَا إنْ يبدأ اْلخطوةَ الُأولى بها حتى يصلَ إلى نهايتِهَا إن لمْ يتدارَكَه اللهُ تباركَ وتعالى برحمتهِ،
فهذه فتنة ابتليت بها المجتمعات الإسلامية ،وَصُّورَ للنَّاس كأنَّها ثقافةٌ صحيحةٌ ،وكأنّها رجولة وكأنّها هي الصَّواب ،بل منهم من ينسبُ ذلك إلى الشَّريعة الِإسلَاميَّة !،والشّريعة الِإسلاميّة بريئةٌ من ذلك
كذَلِك من اْلفِتن وهذه نُقلت من اْلغرب في اْلعصورِِ الَأخيرة:


فتنة اْلمظَاهراتِ،مَا إنْ يريدُ بعضهم شَيئًا معيّنًا إلّا ويريدُ أنْ يعبّرَ بأسلوبِ التَّظاهر؛ طمعًا في تحصيلِ ما يُريدهُ،فلَا يجدُ ما يريدُهُ ،وإنَّما يصل إلى ما هو أسوأ، فينزل في السُّلّم نزولًا عند درجاته حتى يصل إلى الهاوية ،درجة يخسرُ وظيفتَه ،درجة يرتفع الأمن درجة تحصل الفتن،درجة يعتدي فلان على فلان ،حتّى تشتعل الفتنة فيريدُ الْعقلاء إطفاءَها، فلا يرومُون ذلك ولا يستطيعون،لماذا؟لأنّ الفتن شديدةِ التَّأثير،
ومن تأمّل في عهدِ الصَّحابةِ _رضي الله عنهم_ في أواخرِ ذلك _بعد مقتلِ عثمان_ رضي الله عنه_ يجدُ[...]مَدَى شِدَّة تأثيرِِ اْلفتن على النَّاس ،جاء النَّاس ثوّارًا على عثمان_ رضي الله عنه_ الذِّي تستحِي منهُ اْلملَائكة_ ،والذّي بشّرهُ النَّبي - صلَّى الله عليه وسلم- باْلجنَّة، وله اْلمنزلة اْلكبرى،وثالث الخلفاء الراشدين،
كم من اْلمناقب التّي عُرف بها، فيأتِي النَّاس ويرَون أنَّه إيش؟يرون أنَّه ظالمٌ(لَابدّ ولابدّ ولابدّ...!!،حتّى قُتل وسُفك دمهُ _رضي الله عنه وأرضاه_،

كانَ لهذهِ اْلفتنة أطرافًًًا ،ومتأثّرُون، ومُغرِضُون وو...اهــ ،يُدرِك ذلك مَن رأى ماحدث في ذلِكُم التَّاريخ ،إذٌا_ كمَا تلَاحظ _هذه فتنة اْلمظاهرات، وتُروّجُ اْلمقالَات واْلكِتَابات اْلكثِيرةِ اْلمتَنوّعة،تارةً باسمِ الِإسلامِ ،تارة باسمِِ اْلعقل ،تارة باسمِ الدِّيمقراطية، تارة باسم اْلحرِّيّة ،تارة باسم الحقوق!،كلُّ ذلك ؛من أجلِ إقناعِ اْلمجتمعاتِ الِإسلاميَّةِ ،حتّى تصل إلى درجةِ اْلغليان،ثمَّ يَسفكُ بعضهم دماءَ بعض،ويَقتلُ بعضهم بعضًا، ويسرقُ بعضهم بعضًا وينتهكُ بعضهم حُرُمات بعض،فيرتفع الَأمن ،ويَقلّ الدِّين ،وتنتشرُ اْلفوضَى والضَّياع،حتّى تسقط هذه الدّولة الِإسلاميّة إلى اْلهاويةِ،

إذًا هذه فِتنٌ كبرى، لاشكّ أنَّ الإنسانَ ينبَغِي أنْ يعيهَا، وأنْ يحرصَ على توعيةِ الآخرِين إليهَا؛ مِن أجلِ أنْ يُدركُوهَا ويُدركوا خطرَها ومدى تأثيرِها،على اْلمجتمعات ،
إذًا هذه أربع فتنٍ ظاهرة ،بدأتْ تبرزُ في اْلمجتمعاتِ الِإسلاميّةِ ،وتُضخَّم وتُؤجَّج ،ينْبغي لْلمسلم أنْ يَحْذرهَا ،
إذا نظرنَا إلى أهمّ الَأسبابِ الشَّرعيَّة التّي تحفظُ اْلمسلمَ من هذه اْلفتن:

أوّلها : الإعتصامُ باْلكتابِ والسّنة ،فالكتاب والسُّنَّة نجاةٌ للمسلم،
لهذا قالَ عليه الصّلاة والسّلام: «تَركتُ فيكُم أَمرَين لنْ تَضلّوا مَا أنْ تَمسكتُم بهمَا كٍتابَ اللهِ وسُنَّتِي»،
قال: «لنْ تَضِلّوا»،إذًًا لَا يمكنُ أنْ يقع الضَّلال إذا حصلَ التَّمسك ،وكُلّما قَويَ التّمسك باْلكتابِ والسُّنة من قبل اْلمسلم، أو من قبلِ الُأسرةِ ،أومن قبل اْلمجتمع، أو من قبل الدّولة كلما كَملَت اْلهداية ،وكلّما نقصَ كلّما نقصتْ، بحسب تَمسّكه ،وبحسب اعتصامهِ،إذًا هذا سببٌ مهمٌ ينبغي أنْ يُلحظ، كذلك من الأسبابِ اْلمهمّة الشَّرعيَّة

[2]-الالتفاف حَول ولاةِ الَأمرِ واْلعلماء الرَّبَّانِيين الذّين عُرفوا بالاستقامةِ على اْلكتابِ والسُّنّة ،وباْلعلم الصَّحيح، وبالنَّزَاهة؛
لأنّهم الُأمَنَاء، لذلك وصفَ النَّبيّ عليه الصّلاة والسّلام هذه الفئة فقال :«إنّ الَأنبياءَ لمْ يُورّثُوا درهمًا ولَا دينارًا،وإنَّما وَرّثُوا اْلعلم ،فمنْ أخذهُ أخذَ بحظٍ وافر»،
وقبل ذلك قال: «اْلعلماُء وَرَثةُ الَأنْبياءِ»،فقال: اْلعلماء ورثةُ الَأنبياءِ؛ إشارة إلى أنَّ اْلمجتمعَ اْلمسلمَ لابدّ أنْ يمكّنَ لهم و يُوقّرَهم؛ حتّى يُحفظ هذا اْلمجتمع من اْلمزالِق،لماذا؟
لأنّ اْلعالم يُدرك اْلفتنةَ وخطرَها قبلَ مَجيئِها ،أمّا اْلجاهل لَا يُدركُ ذلك إن أدركَ إلّا بعد ذهابها وتأثيرِ خرابهِا في المجتمع ،حينئذٍ يتأسّف هذا اْلجاهل،أمّا اْلعالم يُدرك اْلفتنةَ وخطرَها قبل مجيئِها؛ بسبب بركةِ اْلعلم الذّي وُرِّثُّوا إيّاه عن الأنبياء[...]، ولو نظرنَا إلى الأحاديث،أو بعض الأحاديث اْلمشهورة _على سبيل المثال_ من ذلك حديث عبدالله _رضي الله عنه_ قال:قال لنا رسول الله _صلّى الله عليه وسلم_:
«إنَّكم سَتَرَون بَعْدِي أََثََرَةً وأُمُورًا تُنْكِرُونها»
يعني:هناك _بحسب ما تفهمها أنت_،هناك أمورًا خاطئة في المجتمع ،أمورًا خاطئة عند ولاة الأمر،ترى من خلال هذه القناعة [...]،فماذا قال هنا؟
«قالوا:فَمَا تأمُرُنََا يا رَسول الله ؟قال :أدُّوا إِلَيهِم حَقَّهُم وسَلُوا اللهَ حَقَّكُم»["الصحيحة"(3555)]
إذًا كأنّ عندنا هنا أشارَ إلى واجبين:
واجب علينا تجاه ولي الأمر: وهو ملَازمة اْلبَيْعةِ ،وعَدَم اْلخروجِ ،والصَّبرعليهِ ،والسَّمع والطَّاعة له،وواجبٌ عليه[هو]: أنْ يُؤَدّي ماائتَمَنه الله عليه من رسالةِ اْلحكم ،فكأنَّه يقول هنا:إنْ أدَّى أو أخلّ هو بواجبهِ،فلَا تُخلّ أنت بواجبِك؛لأنّ الله سيحاسبُكَ على إخلالِكَ بواجبِك ،كما سيحاسبُهُ على إخلالِهِ بواجبهِ،أمّا إذا أردتَ أنْ تقابلَ هذا بنقضِِ ذاك؛ فأنت حينئذٍ إيش؟تسعى إلى ضياعِ اْلمجتمع اْلمسلم،ولذلك قال : «أدُّوا إليهم حَقّهُم وسَلُوا الله حَقَّكُم»
إذا هم لم يُعْطُوكم حقَّكم،سَلوا الله حَقَّكُم،هذا _لاشكّ_ [...] دليلٌ على أنّ الشّريعةَ الإسلاميةِ من أعظمِ مقاصدها: اْلمحافظة على أمنِ واستقرارِ الدّولة الْمسلمةِ ؛لأنّه إذا وُجد أمنُ و استقرارُ الدّولة اْلمسلمة،حُفظ الدّين ،وحُفظ اْلعرض،و حُفظ اْلمال،وحُفظ الدَّم، وهذا من مقاصدِ شريعة الإسلامِ،
حديث آخر- حديث ابن عبّاس- وهو صريحٌ في جزئيةٍ أخرى ، قال عليه الصّلاة والسّلام:
«مَنْ كَرهَ مِن أمِيرهِ شَيئًا فلْيصْبِر»،يعني:هو يُوجَّه فقط إلى زاويةٍ واحدةٍ ،هي :الصّبر،ثمَّ حذّر ممّا يضادّها:
«فإنَّهُ مَن خَرجَ من السُّلطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةًً جَاهِلِيَّةً»[صحيح البخاري،كتاب الفتن،باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"سترون بعدي أمورا تنكرونها"]
هذا في الصّحيح،ليس من عندنا وليس من رأيِنا ومن فقهِنا!!،نصّ النّبي_ صلّى الله عليه وسلم_،قال :« فليَصْبر»،قطعَ اْلمسألةَ ، هذا هو اْلعلاج النّبويّ؛لأنّه إنْ لم يصبِر انتقلَ إلى اْلمضادّ،والذّي يضادّ ذلك هوالسّعي في الفتنة،قال:«فإنَّهُ مَن خَرجَ من السُّلطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةًً جَاهِلِيَّةً»
وهذا لاشك أنّه تنفيرٌ شديدٌ وبليغٌ من هذه اْلمخالفةِ، ومن هذا اْلفعل ،وكذلك أيضًا قوله _صلّى الله عليه وسلم_ في حديثِ عبادة بن الصّامت _رضي الله عنه_ ،حيث زارَه بعضُهم ،فكان مريضًا _رضي الله عنه وأرضاه_،فقال بعضهم في زيارته له: «..قُلْنَا :أصْلَحَكَ الله حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفََعُك الله بمَا سَمِعْتََهُ من النَّبِيّ صلَّى الله عليهِ وسلَّم»،
تأمّل إلى حرصِ النّاس على اْلعلمِ ،فهنا حَرصٌ من الطّالبِ، وحرصٌ من اْلعالم، حرصٌ من الطّالب على الاستفادةِ وانتهازِ اْلفُرَص، وحرصٌ من اْلعالمِ على تبصيرِ النّاس ،وإن حصل الابتلاء _كما حصلَ ابتلاءُ اْلمرض هنا_،فكان مريضًا، فقال _رضي الله عنه_:
« دَعَانا النَّبي صلّى الله عليه وسلّم فبَايَعناهُ،فقال فيماَ أخذَ علينَا أنْ بايَعَنَا على السَّمعِ والطَّاعةِ في مَنْشَطِنَا ومَكْرَهِنا»
(في منشطنا) :أمورٌ ننشطُ لها،قد يأمرُك اْلحاكم بأمورٍ ترغَبُها ،وفيها اْلمصالح التّي تراها، فتكون نشيطًا،هنا يجب عليك السَّمع _وإن كان بعضُهم سوف يسمعُ ؛لأنه يرى أنّ ذلك يفيدُهُ وينفعهُ_،
ثم قال :(ومكرهنا)؛لأنّه قد يأمُرُك بشيئٍ تكرهُهُ ،لكن ليس بمحرّم،انتبه إلى هذا اْلقيل!تكرهه ،لابدّ من الصّبر

«وعُسْرنا ويُسرِِنَا وأَثَرةٍ علينا»،يعني قد تجد أنّ بعضًا يستأثرُ بشيئٍ من الدُّنيا دون أنْ تُمنح إيّاه؛ فاصبر
«وأنْ لا نُنازِع الأمرَ أهْلَه...»الحديث ،إذًا هذه وصيةٌ من النّبي_ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم_ ظاهرةٌ الدّلالة،وكذلك قول الله -جلّ وعلا- :{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِن الَأمْنِ أَو اْلخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وإِلى أُولِي الَأمرِ مِنْهُم لَعَلِمَه الذّينَ يَسْتَنْبِطُونَه مِنْهُم وَلَولَا فَضْلُ اللهِ عَلَيكُم ورَحْمَتُه لَاتّبعْتُمُ الشَّيطانَ إلّا قَلِيلًا }فهنا وجه ،قال:{إٍلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الَأمر ِمِنْهُم}،وأولُو الَأمرِ هم اْلعُلماء والُأمَراء، فهذه الَأدلَة_ كما تلاحظ_ واضحةُ الدّلالة؛ أنّ من الأسبابِ اْلمعينةِ لْلخروجِ من اْلفتن والسَّلامة منها هو الالتفاف حول وليّ الأمرِ ،وحول اْلعلماء الرّبّانيين ،فبذلك تكونُ السّلامة _وإنْ وُجد ضررٌ فإنّ الضّرر في اْلغالب أقلّ من اْلمخالفة واْلمنازعةِ واْلمشاقّة ،لو وقعت

يتبع إن شاء الله


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-26-2013, 08:57 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

كذلك من الأسباب التي تساعد الإنسان لحمايتهِ من اْلوقوع في الفتن:

[3]-ملازمة جماعةِ اْلمسلمِين ،وهم السَّواد الَأعظم ،واْلمراد بجماعةِ اْلمسلمين هم وليّ الأمر ومن معهُ _كما جاء بذلك النّبي _صلّى الله عليه وسلم_ مفسّرًا لذلك في بعض أحاديثهِ_،فهم جماعة اْلمسلمين ،وخيرُ ما يوضّح ذلك حديثُ حذيفة _رضي الله عنه _قال:
«كان النّاسُ يسْألُونَ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم عن اْلخَير وَكُنتُ أسأَلُهُ عن الشَّرِ مَخَافَة أنْ يُدْرِكَنِي،فقُلتُ :يا رسولَ اللهِ!، إنّا كنّا في جاهليَّة وشَرّ،فجاءَنَا الله بهذا اْلخير»،يعني:ببعثته عليه _الصّلاة والسّلام

«فهَل بعدَ هَذا اْلخَيرِ من شَرّ؟قال:((نعم))،قلت :وهَلْ بَعْدَ ذَلكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْر؟قال : ((نَعَم،وفِيهِ دَخَن))،قُلتُ :ومَا دَخَنُهُ ؟قَال: «قَوم [يَسْتَنُّونَ بِغيرِ سُنَّتِي،و] يَهْدُون بِغيرِ هَدْيي تَعْرِف مِنْهُم وتُنْكِر»

إذًا ذكرَ هنا [أوصافًًا]:يسلكون طرقًًا وعادات وأساليب، ويتتبَّعُون ثقافات مخالفة و مُضادّة لما عليهِ النَّبي_صلّى الله عليه وسلّم_،
«تَعْرِف مِنْهُم وتُنْكر» ،قد تجدُ [أشياءً] جيّدة ،ولكن تنكرُ [أمورًا] مخالفة _كما ذكرت هنا_عليه الصّلاة والسّلام،قال رضي الله عنه :
«قلتُ:فهلْ بعد ذلِكَ اْلخيرِ مِن شَرّ؟قال «:نعم دُعَاةٌ عَلَى أَبْوابِ جَهَنَّم،مَن أَجَابَهُم إليهَا قَذَفُوه فِيهَا)).قُلتُ: يا رسولَ الله! صِفْهُم لنا»،وهذا من فقهِهِ _رضيَ الله عنه وأرضاه_،

«قال: «هم من جِلْدَتِنَا،وَ يَتَكلّمُون بِأَلسِنَتِنَا». قلتُ:[يا رسُولَ الله!]فمَا تأمُرُني إِنْ أَدْرَكَنِي ذلِك؟قَال :تَلتزَمُ جَمَاعةَ اْلمُسْلِمين وإمَامَهم »،وهذا هو التَّفسِير اْلواضِح لجماعةِ اْلمسلمين،
قال[يعني: لو ضاقَت]:
«قلت:فإنْ لمْ يكُن لهُم جَمَاعَة ولَا إِمَامٌ؟قال: «فاعْتَزِل تِلْك اْلفِرَق كلّها، ولو أنْ تَعضَّ بأصْلِِِِ شَجَرَةٍ؛ حتّى يُدْرِككَ اْلموتُ وأنتَ عَلَى ذلِك»["الصحيحة"الجزءالسادس،رقم الحيث:(2739)]
ولاشكّ أنّ هذه اْلوصيّة بليغة جدًا إذا تمسّك بها الإنسان حُميَ من اْلفِتن ،فيها_كما تلَاحظ_ التَّحذير أو التَّنبيه إلى بعضِ اْلفئاتِ اْلمسَبّبة لْلفتن ،وأنّ من هذه اْلفئات منْ هُم من جلدَتِنَا،يتكلّمون كما نتكلّم، قد يتكلّم بعضُهُم باسمِ الِإسلامِ، فقد يقول:قال الله وقال الرَّسول_ صلّى الله عليه وسلم_،قد يضعُ قناعاتٍ معيّنةٍ باسم اْلحرّيّة ،وباسم اْلحقوق ،وباسم و باسم وباسم...

ولكن هم_ كما قال_ :((دُعَاةٌ عَلَى أبوابِ جهنَّم،من أجَابَهُم إِلَيْهَا قَذَفُوه فيها))،لماذا ؟لأنّ اْلفتنة إذا دخل فيهَا سوف يَسرق، وسوف يَقتل ،وسوف يزْنِي ،وسوف يرتفعُ الأمن،وسوف تضيعُ الأمور،فبذلك تَحلّ الفتن،في المجتمع ولاشك أنّ هذا دليل على الضّياع ،فهذا تنبيهٌ منه_ صلّى الله عليه وسلّم_إلى هذا الصّنف ،ثمّ بيّن كذلك اْلمخرج وهو:أنْ تلزمَ جماعةَ اْلمسلمين وإمامهم،هذا هو اْلمخرج ،ثمّ بيّن لو انعدمَ هذا اْلمخرج وكان غير موجود،قال :«فاعْتزِل تلك اْلفرق».

ثمّ أمرَ بملازمةِ اْلمنزل ؛حتّى يحمي الإنسانُ نفسه من التَّأثر باْلفتنة،لماذا؟
لا يقولُ الإنسان :أنا لا أتأثّر!،من قال: أنا لَا أتأثر؛هذا يخالفُ الشّرع ،ويخالفُ اْلعقل ،ويخالفُ اْلواقع،لابدّ أنْ يتأثّر ،ولهذا جاء في الحديث: ((التّواضع في أهل الغنم))، يعني: في رعاة الغنم ،لماذا؟ لأنه يتأثّر الإنسان باْلمخالطة وبالصّفات ،فكذلك هنا يتأثّر، ولهذا جاء في بعضِ طرق حديث من أحاديث النّبي _صلّى الله عليه وسلم_ في وصيّته لبعضهم؛انغلقت السّبل وعنده سيف،قال: ((اكسرالسّيف )) يعني: طرفه؛ حتّى [إيش] لَا يتأثّر فيحملُ السّيف ويعتدي على شخصٍ آخر قد يعتدي عليه ،لأنْ يموت[مظلومًا]خيرٌ من أنْ يموتُ قد اعتدى وسفك دمَ مسلمٍ، فهذه وصيةٌ بليغة منه _صلّى الله عليه وعلى آله وسلم_،كذلك من الأسباب الشّرعية التي تحفظ اْلمسلم من اْلفتن:

[4]-اْلعناية باْلعبادة، العبادة هي صلة بين الانسان وبين الله _جلّ وعلا_ ،لمّا تقوم وتتعبّد لله _جلّ وعلا_ باْلمحافظة على اْلفرائض ،باْلمحافظة على السّنن والرّواتب ،باْلحرص على صلاة الضّحى،باْلعناية بقيام اللّيل ونحو ذلك ،فإنّ هذا_ بإذن الله_ جلّ وعلا_ يكون [سببًا] لحفظِ الله _جلّ وعلا_ لك، ولتوفيق الله _جلّ وعلا_ لك،ولهذا جاء في الحديث الصّحيح أنّ النّبي _صلّى الله عليه وسلم_ قال:«اْلعِبَادَةُ فِي اْلهَرْجِ..»،واْلهرج يشمل:اْلقتل ويشمل الفتنة
«كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ»[رواه مسلم،كتاب الفتن وأشراط الساعة،باب فضل العبادة في الهرج]
يعني: كأنّك هاجرت إلى النّبي_ صلّى الله عليه وسلّم_ ،ولاشكّ أنّ هذا فيه فضيلةٌ عظيمة ؛أنْ يعتزلَ الإنسان وينشغل بالتّعبد لله _تبارك وتعالى_ ،والتّقرب إليه ؛فيحفظه الله _جلّ وعلَا_ من الآثارِ اْلمخزيةِ لْلفتن وتوابعِها[...]

[5]- ملَازمة الدّعاء ،فإنّ الدّعاء هو مخّ اْلعبادة _كما هو معلوم_ ،ولاشك أن ملازمة الإنسان للدّعاء دليلٌ على حسنِ اتّصاله بالله _تبارك وتعالى_،فينبغي للمسلم أنْ يحرصَ على أنْ يسأل الله _جلّ وعلا_ ،ويتَضرّع إليه بأن يحفظه من الفتن،ويحفظ المسلمين ومن يحب والمجتمعات الإسلامية من الفتن ومن أسبابها وأن يدفع عنهم الأضرار..اهــ،
فالتعبد لله جل وعلا بعبادة الدعاء له أثر عظيم على المسلم في حياته وعلى نفسيته ،وكلما كان الإنسان حريصا على آداب الدعاء،كلما وجد أثر ذلك على نفسه،وهذه مسألة ينبغي أن يتنبه لها المسلم ،فإن الثّابت عنه _عليه الصلاة والسلام_ أنّ الإنسان ينبغي أن يحرص على الصلوات الإبراهيمية، إذا أراد أن يدعو،ثم يحمد الله _جلّ وعلا_ ويثني عليه ويتذلّل له ثم يسأله،
إذا سلك المسلم هذا الأسلوب بصدقٍ وإخلاص واختار الأوقات المناسبة مع اْلخشوع والتّضرع والتّذلّل والافتقار لله _جلّ وعلا_، لاشك أنّه سوف يؤثر عليه تأثيرًا[كبيرًا]_أعني: تأثيرًا إيجابيًا،ولا يعني هذا أن الأمر يزول،
قد يبقى الضّرر ،ولكن يوفّق الله _جلّ وعلا _هذا اْلعبد لكثيرٍ من أسباب الثّبات والطمأنينة وانشراح الصّدر..اهــ من النَّعم التي يلمسها الإنسان في حياته ،وأنت لما تتأمّل في هديه عليه الصّلاة والسّلام،
كم من الأدعية اْلكثيرة التي فيها الثّناء ،وفيها الحمد ،وفيها التّعظيم لله _جلّ وعلا_،فإذا حرص المسلم على أن يحفظ بعض هذه الأدعية الجميلة سوف يجد ثمرتها وأثرها عليه بإذن الله _جلّ وعلا_،مثل قوله عليه الصّلاة والسّلام في بعض أدعيته:
(اللهم لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن،ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن،ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن،أنت حق ولقاؤك حق وقولك حق ووعدك حق والجنة حق والنار حق،والساعة حق والنبيون حق،اللهم لك أسلمنا..اهـ)،
تجد هذه اْلجمل _لمّا يقولها الإنسان بشيئ من استحضارِ اْلقلب والتّأمل لْلمعاني واْلخشوع والصّدق مع الشعور بالافتقار إلى الله والتّذلل له ،سوف يجد أثرًا كبيرًا على نفسيّته وعلى سلوكه بإذن الله تبارك وتعالى،
ولهذا جاء في الحديث: ((الدّعَاء هو اْلعبادة)).كذلك من الأسباب المهمة التي ينبغي أن يحذرها المسلم [هي]:

[6]-اْلحذر من استشرافِ اْلفتن أو التّطلعِ إليها ،و محاولة النّظر فيها ،أو الذّهاب، وشهودِها ،هذا قد يضرّ الإنسان، فقد يتأثّر بذلك،فـتأخذهُ اْلحماسة فينزلق،ولذلك في الفتن،لا تجد الدائرة تضيق،الدائرة تتسع والضرر يزداد،وهذا لاشك دليل على شدة ضرر الفتن،ولهذا في الصحيح من حديث أبي هريرة_في مسألة الفتن_أن النبي_صلى الله عليه وسلم قال:
«سََتََكُونُ فِتَنٌ اْْلقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ اْلقََائِم، وَاْلقََائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِن اْلمَاشِي، وَاْلمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِن السَّاعِِي»ثم قال:
« مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ..»يعني:ومن يتطلّع لها فإنه [إيش] تجرفه،ثم قال:
« معاذا فليعذ إليه».[رواه البخاري،كتاب الفتن ،باب:تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم]؛
حتى يسلم من آثارها وأسبابها،لاشك هذا واضح في بيان خطرها لأنها تهلك من يستشرف هذه الفتن ويتعرض لها واْلعياذ بالله ،[...]

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-26-2013, 09:04 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

[7]-اْلبعد عن قراءةِ الثَّقافات اْلفاسدة اْلمسمومةِ،فإن الثقافات في هذا العصر أصبحت مفتوحة،يقرأ الإنسان الكتب المتنوعة الكثيرة الموجودة في المكتبات وفي غيرها ،أو في الصّحف واْلجرائد ،أو في شبكات الإنترنت ونحوها من اْلمقالات التي لُوّثت بالسّموم والأمراض التي تغير ثقافة المسلمين، وكم من اْلكلمات اْلمسمومة التي تُروَّج في اْلمجتمعات الإسلامية بعباراتٍ مرنة ،وبعباراتٍ عاطفيّةٍ ؛حتى تؤثر على الشّباب اْلمسلم،وكم من إنسان كان على خير وكان على صلاح وكان على هداية انجرف وتغيّرت حاله بهذه الثقافات ؛لأنه لم يضع لنفسه ضوابط كي يحمي نفسه من هذه الثّّقافات اْلفاسدة اْلمذمومة التي ترّوج في المجتمعات الإسلامية،[...].

[8]-أنْ يحذرَ من الشَّائعات ؛من الاستماع إليها أو ترويجِها _ولو كان على سبيلِ اْلمزح أوعلى سبيلِ الدّعابة_ ،وهذه ظاهرة موجودة ما أن يسمع الإنسان بكلمةٍ معيّنة أو بخبر إلا وجدتّه يروّج هذا اْلخبر بكلّ ما يملك من وسائل ،ومن تقنية ومن علاقاتٍ ومن اتصالات ،حتّى إنه يضرّ بالمجتمع دون أنْ يشعر،فينبغي للمسلم أن يحذر من ذلك، ولذلك كانت مقولة الإمام مالك _رضي الله عنه ورحمهُ رحمة واسعة_ قال :(لا يكون الرّجل إمامًا إذا حدّث بكلّ ما سمع ) وقول النبي_ صلّى الله عليه وسلم_ أبلغ: «كَفَى باْلمرء كَذِبًا أن يُحدّث بكُلّ مَا سَمِع»[مقدمة صحيح مسلم،باب النهي عن الحديث بكل ماسمع،(حديث مرسل)
فينبغي للمسلم أن يوطّد نفسه وأنْ يربّي نفسه في التّعامل مع اْلكلام، فالكلام منه ما هو كذب، ومنه ما هو صدق وزِيدَ عليه ،ومنه ما هو صدق محض؛حتّى اْلكلام الصِّدق _الذي هو صدق محض_،ليس من الحكمةِ أنْ يُروّج ويُخبر به كلّ أحد ،قد يضرّ الكلام هذا أقوامًا _وإنْ كان هو صدقًا في نفسه_، ولذلك ينبغي للمسلم أن يكون عاقلًا، أن يكون متّزنًا أن يكون هادئًا أمامَ الأحداثِ، أمام الأخبارِ ،لا ينجرف يروّج ما يسمعه وما يردّد هنا وهنا، لاشكّ أنّ هذا مخالفٌ للشَّخصية الإسلاميّة الصّحيحة التّي أرادتها شريعتنا،كذلك من الأسباب المهمة التّي ينبغي أن يحرصَ عليها المسلم ويتمسّك بها:

[9]-أنْ يحذرَ من مخالطةِ دعاة اْلفتنة الذّين يروّجون فتنَهم في اْلمجالس ،أو في اْلقنوات أو في الإذاعاتِ أو في الشَّبكات أوفي غير ذلك،فإنّهم يروّجون ثقافاتهم بين النَّاس بشعاراتٍ كثيرةٍ متنوعةٍ ؛لإلحاق الضّرر باْلمجتمعات الإسلامية قد يقصدون هم الإصلاح ،وقد لا يقصدون الإصلاح ،لكنَّه يضرّ باْلمجتمع من حيث لا يعلم ،فينبغي أنْ نحذر من ذلك ؛لكي نُسلّمَ أنفسنَا ،ونسلِّمَ أهلنَا ،ونُسلّمَ مجتمعاتنَا من اْلفتنِ وشرورِها وأضرارِها، ولعلّي أشيرُ إلى ما ثبتَ عن النَّبيّ _صلّى الله عليه وسلّم_ في الحديث المشهور_في حديث حذيفة في طرقٍ كثيرة ومختلفةٍ، وهو قوله _صلّى الله عليه وعلى آله وسلم_
:«تَكُونُ هدْنةٌ على دَخَنٍ،ثمَّ تكونُ دُعاة الضَّلَالة، قال :فإنْ رَأيتَ يومئِذٍ خَليفة في الَأرضِ فالزَمْه،وإنْ نَهك جِسمَك وَأخذَ مَالَك ،فإنْ لمْ تَرَه فاهْرُب في الَأرضِ، ولو أنْ تموت وأنتَ عاضٌ بجِذْل شَجَرة..»["الصحيحة"،الجزء الرابع،رقم الحديث:(1791)]
لاشكّ أنَّ هذا فيه موعظةٌ ظاهرة وبليغَة ينبغي أنْ يَتَأمّلها الِإنسان ،ويُدركُ مغزَى النَّبي- صلّى الله عليه وسلّم_ في تأكيدهِ لقوله :

«فالزَمْهُ وإنْ نهكَ جسمك وأخذَ مالك»
قال :«فإن لم تره فاهرب في الأرض ولو أن تموت وأنت عاضٌ بجِذلِ شجرة»؛
حتّى لايتَأثّر اْلمسلم باْلفتن ويَنجرف حولَها ،فيقعُ حينئذٍ مالا تُحمد عُقباه،
نسألُ الله _جلّ وعلَا_ أنْ يُسلِّم مجتَمعنا هذا وجميع اْلمجتمعاتِ الِإسلاميةِ من اْلفتن وأنْ يحفظَ علينَا دينَنَا وأمنَنَا واستقرارَنَا، إنَّه وليّ ذلك والقادر عليه والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. والحمد لله.

[للأمانة العلمية:بتصرف(بشيئ من التصويبات النحوية وحذف العبارات المكررة)].
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-29-2013, 11:20 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

سِلْسِلَةُ

..سبل الأمان من فتن الزمان..

(2)

...العواصم من الفتن...


للشيخ :صالح بن عبد الكريم _حفظه الله



بسم الله الرحمن الرحيم
اْلحمدُ للهِ عَلَى الآلَاء واْلمِنَن ،وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلهَ إِلَّا الله وَحْدهُ لَا شَرِيكَ لهُ،يُمَحِّصُ عبادَهُ فِي اْلفِتَن،وَأَشْهدُ أنَّ محُمَّدًا عَبْدهُ وَرَسُوله ،دَعانَا للتَّمَسكِ بالسُّننِ صلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلهِ وصحبه وأتباعهِ وَمنْ سارَ عَلَى نَهجِهِم مَا تَعَاقَبَت اْلمِحَن،أمَّا بعْد..
فَطِبتُم وَطابَ ممْشَاكم وتَبوَّأتُم مِن اْلجنَّةِ مَنْزِلَا وَأهلًا وسَهلًا بِكُم فِي هذِهِ اللِّقَاءَاتِ اْلعَطِرَة، وَفِي هذهِ اْلمَجَالسِ النَّضِرَة،التّي نسْألُ اللهَ-سبحانَه وتَعَالى- أنْ تكونَ لنَا زَادًا يومَ لَا ينْفعُ مَالٌ ولَا بنُون ،إلَّا منْ أتَى اللهَ- تَعَالى- بقلبٍ سَليمٍ، أَيُّهَا الَأحبَّة في اللهِ: إنَّ مِنْ أَجَلِّ النِّعَمِ التِّي امْتَنَّها اللهُ سبْحَانَه وتعالى بها علينَا أنْ هَدَانَا لهذَا الِإسلَام ،وهَدَانَا لهذَا الدِّينِ اْلعظِيم ،وَأَكمْلَ اللهُ سبْحانهُ وتَعَالَى- هذهِ النِّعمةِ ببعثةِ قائدِنَا وحبِيبِنَا ونَبيّنَا مُحمَّدٍ- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- الذِي مَا تَرَكَ خيرًا إِلَّا ودَلَّنَا عليهِ ،وما ترَكَ شَرًّا إلَّا وحذَّرَنَا منهُ ،وكانَ منْ جملةِ مَا حذَّرَ منهُ النَّبي -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- اْلفِتَن باختِلافِ أنواعِها: اْلفِتَن اْلعامَّة وَاْلفِتَن اْلخَاصَّة ،فِتَنُ الشُّبُهَات وفِتَن الشَّهَوَات، ففي حدِيثِ الْمقدادِ ،قَال النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- :«إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ اْلفِتَن إِنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ اْلفِتَن إِنَّ السَّعِيدَ لَمَن جُنِّبَ اْلفِتَن...»[سنن أبي داوود،كتاب الفتن والملاحم،باب النهي عن السعي في الفتنة،رقم(4263)]كَرَّرَهُ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ثلاثًا،وقال النَّبِي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أيضًا في حديثِ أبي هريرة : «لَاتَقُومُ السَّاعَة حَتَّى يُقْبَضَ اْلعِلْمُ،وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ،وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ،وَتَظْهَرَ اْلفِتَنُ،وَيَكْثُرَ اْلهَرْجُ...»[صحيح البخاري،كتاب الاستسقاء،باب ما قيل في الزلازل والآيات،رقم(1036)] وقَال أيضًا- صلَّى الله عليه وسلَّم- من حديثِ أبِي هريرة :«بَادِرُوا بِالَأعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ اْلمُظْلِم؛ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أوَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا؛يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»["الصحيحة"،رقم(758)] ،وأَيْضًا جَاءَ فِي حَديثِ أَبِي هُريرة أنَّ النَّبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- قَال :«سَتَكُونُ فِتَنٌ اْلقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ اْلقَائِمِ،وَاْلقَائِمُ فِيهَا خَيرٌ مِنَ اْلمَاشِي،وَاْلماشِي فِيهَا خَيرٌ مِنَ السَّاعِي،مَنْ تَشَرَّف لهَا تَسْتَشْرِفْهُ،فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأ أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ »[صحيح البخاري،كتاب الفتن،باب تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم،رقم(7081)] بل قال عَبدُ اللهِ بِن مسْعودٍ عن النَّبي- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «..أنَّ هذه الأمَّة جُعلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا أُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وِفَتَنٌ يُرَقِّقُ بَعضُهَا بَعْضًا،فَتَجِيئُ اْلفِتْنةُ فَيَقُولُ اْلمُؤْمِن:هذِهِ مُهْلِكَتِي فَتَنْكَشِف وَتَجِيئُ اْلفِتْنَةُ فَيَقُولُ اْلُمُؤْمِنُ:هَذهِ هَذِهِ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُزَحْزَحَ عَن النَّارِ وَيُدْخَلَ اْلجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاْليَوْمِ الآخِر»["التمهيد"لابن عبد البر،الجزء23]،
هَكذَا حَذَّرنَا النَّبيّ -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مِن اْلفِتنِ بِضُرُوبِهَا وَصُنُوفِهَا وَأَنْواعِها اْلمختَلفَة ،وَحديثِي مَعَكمْ أَيُّها الَأحِبَّة فِي هذِهِ اللَّيلةِ لَيسَ عَن خَطَرِ اْلفِتَنِ وَلَا عن أنواعِ اْلفتنِ ،وَلَا عَن أَسبابِ الْفتَنِ ،وَإنَّما حَديثِي معَكم ذُو شُجُون، حدِيثِي مَعَكُم عنِ اْلعَوَاصم من اْلفِتن ،وَنحنُ نَعيشُ فِي زمنٍ قدْ اشْتَعَلَتْ نارُ اْلفِتنةِ،تَعيشُ الُأمَّة اْليَوم عَلَى صفيحٍ سَاخنٍ مِن الَأحْدَاثِ ومِن اْلفتنِ اْلمُتَوَالية،زَادتْ وَهاجَتْ،وَمَاجَت ودخَلَ فيهَا النَّاسُ وَتَكَلَّم فِيهَا النَّاس ،فَهناكَ اْلمُظَاهَرَات،وَهُنَاك الثَّوْرَات،وَهُنَاك الشَّائِعَات،وَهُنَاك تَرَبُّص أَهْلِ اْلكفْرِ وَالنِّفَاقِ،وهناكَ تَفْريقُ اْلكلِمَة،وَهُنَاك اْلفَتَاوى الْمُضَلِّلَات،فتنٌ قدْ تَداخلَتْ بعضُهَا في بعضٍ،فَحَرِيٌّ بِالإنسانِ اْلمؤْمنِ فِي هذهِ اْلمواقِفِ اْلعظيمةِ أنْ يعرِفَ اْلعواصمَ مِنَ اْلفتنِ-عنوانُ خاطرةِ هذهِ اللَّيلةِ:اْلعواصِمُ مِن اْلفِتَنِ، ،اْلمُنْجِيات مِنَ اْلفِتَن- ،كَيْفَ يَحْفَظُ الِإنسان نفْسهُ منِ هذهِ اْلفتن ؟وَكيفَ يحفظُ الإنسانُ دينَهُ؟لَأنَّ رأسَ مالِ الإنسانِ اْلمؤمنِ هو الدِّين،فكيفَ تُحَافِظ على هذهِ اْلجوهرةِ في خِضَمّ هذهِ اْلفتنِ اْلمتلَاطمةِ التّي أَخبرَ عنهَا النَّبي-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- ؟

- اْلعَاصِمُ الَأوَّل :الاعْتِصَامُ بِاْلكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي كُلّ زمانٍ ومكانٍ، لَا يَجِد الإنسانُ طريقَ النَّجاةِ إِلَّا في الاعتصامِ بِكتابِ اللهِ وبسنَّةِ النَبيِّ-صلَّى الله عليه وسلم-،وهذا مِصداقُ اْلحديثِ،قَال النَّبي-صلَّى الله عليه وسلَّم- :«تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَدًا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي»[وفي رواية:"تَرَكْتُ فِيكُم أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا:كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ»(حسن)"مشكاة المصابيح"كتاب الإيمان،رقم(186)]،وللدكتور:الشرايري مبحث طويل حول رواية"ما إن تمسكتم به" ،ينظر"حديث الوصية بالثقلين"]
وَذَكَرَ النَّبِيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم اْلفِتَن فَقَالَ:«إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌة» فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَقَالَ أَحَدُ الصَّحَابَةِ :وماذا نصنع يا رسول الله؟
مَاذَا يصنعُ اْلمؤْمن إذَا وقعتْ هذه اْلفِتَن ؟قالَ النَّبيّ-صلّى اللهِ عليه وسلَّم- :«تَرْجِعُونَ إِلَى أَمْرِكُم الَأوَّل»["الصحيحة"،رقم(3165)] يعني: ترْجعونَ إِلَى كتَابِ اللهِ وَإِلى سنَّة النَّبيّ-صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم-،وهَكذَا كانَ الصَّحابةُ ،فَقد جَاءَ عنْ عبْدِ اللهِ بن عبْدِ الرَّحمنِ بِن أَبْزَى عنْ أَبِيهِ قَالَ :لَمَّا تَكَلَّمَ النَّاسُ في عُثمانِ وَجَرى مَا جَرَى ذَهَبْتُ إِلَى أُبَي بِنْ كَعْب فَقُلْتُ:« أَبَا اْلمُنْذِر!،ما اْلمَخْرج ؟فَقَال:كِتَاب اللهِ»["المصنف"لابن أبي شيبة،الجزء الثامن] ،عُنوان السَّعادةِ والنَّجاةِ مِن هذهِ اْلفِتَن أَنْ نَعتصمَ بِالكِتابِ وَالسُّنَّةِ لَا بِالآراءِ وَلَا بِالَأهواءِ،وَلَا بِالحَمَاسَاتِ الطَّائِشَة!،كَلّا،
اْلمِيزَان والسَّعادَة واْلعِصْمة فِي مثلِ هذهِ الَأوقاتِ أنْ يعتصمَ الإنسانُ باْلكتابِ وَالسُّنَّة.

يتبع-إن شاء الله-
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-29-2013, 11:33 PM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

- اْلعَاصِم الثَّانِي: اْلعِلمُ وَالارْتِبَاط بِاْلعُلَمَاءِ
وتأمَّل اْلحديث -فِي حديثِ أبِي هُريرة في صحِيحِ اْلبُخارِي-،لمّا ذَكَرَ النَّبي- صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-علَامات السَّاعةِ رتَّبَ هذَا التَّرتِيب،قال:«..يُقْبَضَ اْلعِلْمُ وَتَظْهَرَ اْلفِتَنُ...»[متفق عليه] ،للدّلَالة علَى أَنَّ ظهورَ اْلفِتَنِ سببُهُ ضَيَاع اْلعلمِ،فَنَحتاجُ إِلَى اْلعلمِ والتَّبَصُر-اْلعلم الشَّرْعِي-،يَحْتَاجُ الِإنسانُ في مثلِ هذهِ الَأزمنةِ أنْ يلجأَ إلَى اْلعلماءِ الرَّبَّانِيين،ولَا أقصدُ أنصافَ اْلمتعلِّمِين؛لأنَّ هناكَ من يَتَكلَّم اْليوم فِي اْلقَنَواتِ اْلفضائية منْ غَيرِ ضَابِطٍ وَلَا رادِعٍ ولَا اسْتِنَادٍ شَرْعي،ولَا تَأصِيلٍ عِلمِي ،وهَذَا مِصْداق حديثِ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلّم-يومَ أنْ قال:«سَيأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَات يُصَدَّقُ فِيهَا اْلكَاذِبُ ويُكذَّبُ فِيهَا الصَّادِق وَ وَيُؤْتَمَنُ فيهَا اْلخَائِن وَيُخُونُ فيها الَأمِين وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَة،قِيل:وَمَا الرُّوَيْبِضَة؟قَال :الرَّجُلُ التَّافِهُ؛يَتَكَلَّم فِي
أَمْرِ اْلعَامَّةِ»["الصحيحة" رقم(1887)]، :وَمَا أكثَر التَّافِهين الذّين يتَكلّمُون اْليوم! هذِهِ اْلفتن،كما قالَ اْلحسنُ اْلبَصْرِي :((إِذا جَاءَت اْلفِتنةُ عَرفهَا اْلعُلماءُ ،وَإذَا ذَهَبَتْ عَرفهَا السُّفَهَاء ))،كثيرٌ منَ النَّاس يتكلَّم فِي اْلفِتَن مِن غَيرِ عِلم،هَؤلاء هُم منْ وَصَفَهُم النَّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- بأنَّهُم مفَاتيح لْلخيرِ مغَاليق للشَّرِّ،سدَّ اللهُ-سبحانَهُ وَتعالَى- بِاْلعلماءِ أَبوابَ اْلفتنةِ ،
عَلي اْلمَدِينِي مِن علماءِ اْلحديثِ يقُول :((لَقَدْ أَعَزَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هَذَا الدِّين بِرَجُلَيْنِ :بِالصِّدِّيقِ فِي يَومِ الرِّدَّةِ ،وَبِالِإمَامِ أَحْمَد فِي يَومِ اْلمِحْنَة))،وَهُمْ مِنَ اْلعُلَمَاءِ-اْلعلماء الرَّاسِخُون-،انْظُرْ إِلَى مَواقِفِهِم فِي اْلفِتَنِ ،
عبدُ الله بِن عُمَر لمَّا صَارَت اْلفِتْنَة فِي زَمَنِ مُعَاوِية ،وَأخذَ اْلحُكْم،قَامَ مُعَاوِية خَطيبًا فِي النَّاسِ فقَالَ :((مَنْ كَانَ يُريِدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الَأمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ)) ،وعَبْد اللهِ بِن عمر جَالسٌ فِي اْلمسْجدِ،قَال:((فَلنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ))["صحيح البخاري"،كتاب المغازي،باب غزوة الخندق وهي الأحزاب،رقم(4108)] يُعَرِّضُ بِالحسنِ وَالْحُسَين وَعَليّ- رضي الله عنهما- فقال ابنُ عمر –وانْظرْ إلَى هذَا اْلعَالم الرَّبَّانِي-،يقول:(وَقَعَ فِي نَفْسِي أنْ أَقُول :خيرٌ مِنْكم من هداك وَأَبَاكَ إلى الإسْلَامِ،قال :فقلتُ:تفتَرِقُ كلمةُ اْلمسلِمِينَ،وتُسْفك الدّمَاء ،فقُمتُ_)
انْظْر!يَقومُ فِي هَذا اْلمَوقِف ،والله لوْ تَكلَّم بكلمةٍ لسُفِكت الدِّمَاء ،ولَقَامَت اْلحَرب –بكلمةٍ واحِدةٍ من هذَا الصَّحَابِي اْلجَلِيل فِي ذَلِكم الزَّمَان ،قالَ :(فَذَكَرْتُ الْجَنَّة ومَا أَعَدَّ اللهُ فيهَا لْلمؤْمنِين،فَهَدَأت النُّفُوس)هَدَأت النُّفُوس! هَذَا اْلعَالم الذّي يعرِفُ يتصرّفُ فِي مواقفِ اْلفِتَن ،هذَا عبدُ الله بن مسْعود، يقُول [بشير بن عمرو]:«شَيَّعْنَاهُ فِي اْلقَادِسيَّةِ،فَدَخَلَ بُسْتَانًا فَتَوَضّأَ فَخَرَجَ ،وَلِحيتُهُ تَقطُرُ مَاءً فَقُلنا: يَاعَبدَ الله لقَدْ خَاضَ النَّاسُ فِي اْلفتنِ ،فَمَاذَا تَأْمُرُنَا؟»انظر نصيحةَ اْلعالمِ في وقتِاْلفتن،قَالَ:
«اصْبِرُوا حتَّى يَسْتَرِيحَ بَرّ أَوْ يُسْتَرَاح مِنْ فَاجِر،وَعَلَيْكُمْ بِاْلجَمَاعَة فَإِنَّ هذِه الُأمَّة لَاتَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَة »انظُرُوا اْلعُلَماء ،يُرسِّخُونَ النَّاس يُهدِّءُون النَّاس في اْلفِتَن ،لَايُشْغِلُون النّاس فِي اْلفتن،بعضِ النَّاس اْليوم يتكلَّم عن اْلفَضَائِيَّات،وعبرَ بعضِ الأشْرطةِ، فَيُهيّجُ النّاس ويزيدُ اْلفتن ويشعلُها،ومَا أحوج النّاس إلى اْلهَدْأَةِ في مثلِ هذهِ اْلمواقِفِ ،أيضًا من العواصم:

- اْلعاصِمُ الثّالِث:اْلبُعد عنْ مواطِنِ اْلفِتَنِ
الإنسانُ الصَّادق اْلعاقِل فِي هذهِ اْلفتنِ،يَبتعدُ عن مواطنِ اْلفتنِ،يبحثُ عن ملْجَأ في مثلِ هذِهِ اْلفِتَنِ،وانْظر كيفَ أَصَّلَ النَّبيّ-صلّى اللهُ عليه وسلّم-هذَا اْلباب اْلعظيم ،قالَ النَّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- :«خَيْرُ النَّاسِ فِي اْلفِتَنِ مَنْ لَزِمَ بَيْتَه»،وقال النَّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- :«خَيْرُ النَّاسِ فِي اْلفِتَنِ...ورَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي بَادِيَتِهِ يُؤَدِّي حَقَّ اللهِ الذِي عَلَيْهِ»["الصحيحة"رقم(698)] وقالَ النَّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم-:«إِذَا رَأَيتَ النَّاسَ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُم، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُم، وَكَانُوا هَكَذَا:_ وَشَبَّكَ بَيْنَ أنامِلِهِ_»،يُرِي الصَّحَابة اشتِبَاكَ النَّاس في اْلفِتَن،
قال:«فَالزَمْ بَيْتَك وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَك...»["صحيح الجامع الصغير"رقم(563)]يعصِمُ الإنسانُ نفسَه ويبتعدُ عن مثلِ هذِهِ اْلفتنِ،بلْ انظر،قالَ النَّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- :«إِذَا كَانَت اْلفِتْنَةُ بَينَ الْمُسْلِمِين فَاتَّخِذْ سَيْفًا مِنْ خَشَبٍ »["الصحيحة"رقم(1380)]؛حتَّى مَا تدخلَ في هذِهِ اْلفتنةِ ،بل قالَ النَّبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- في اْلفتنةِ :«اكْسِرُوا فِيهَا قصِيّكُمْ-يعني في الفتنة- وَاقْطَعُوا فيها أَوْتَارَكُمْ وَالزَمُوا فِيهَا أَجْوَافَ بُيُوتِكُم...»["صحيح الجامع الصغير"رقم(547)] أمْرٌ من النَّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أن يبتعدَ الإنسانُ عن مواطِنِ اْلفتنِ؛لأنَّ هذه اْلفتن يصيرُ فيهَا اْلحليمُ حَيرانًا- كما قالَ اْلعلماء-، أمَّا بعض النَّاس إِذَا رَأَى اْلفتن هَاجَ فِيهَا وَمَاج،رأى في دولةٍ حَدَثَتْ ثَورةٌ ،قالَ :نقيمُ ثورةً ،رأَى مظاهرةً ،قال :نقيمُ مظاهرةً -وإن كانَ فيهَا بعدٌ عن شرعِ اللهِ- عزّوجل-،وفيها بُعد عن التَّأصِيلِ الشَّرعي،فالإنسان اْلمؤْمن يبتعدُ عن اْلفِتن،أيضًا عباد الله:
يتبع -إن شاء الله-
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 05-08-2013, 12:42 AM
أم سعد أم سعد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2012
المشاركات: 397
Post

■-اْلعاصمُ الرَّابِع: لُزُومُ جَمَاعَةِ اْلمُسْلِمِين وَإِمَامِهِمْ

يلزمُ الإنسانُ جماعةَ اْلمسْلمينَ،اللهُ سبحانه وتَعَالى يقول:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَاتَفَرَّقُواويقول: «عَلَيْكُمْ بِاْلجَمَاعَة وَإِيَّاكُمْ وَاْلفُرْقَة»["ظلال الجنة"رقم(880)] تعرفونَ حُذَيفة بن اْليَمان هذَا الصَّحابي الذّي لُقّب بِكاتمِ السِّرّ؛الذّي كَان –رضي الله عنه –حريصًا علَى أنْ يعرفَ أبوابَ الشَّر لِيتجنَّبَهَا ،قال :«كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ النَّبِي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم عَن اْلخَيْرِ،وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَن الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي،فَقُلْتُ :يَارَسُولَ اللهِ لَقَدْ كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرّ،فَجَاءَ اللهُ بِنَا بِهَذَا اْلخَيْر ،فَهَلْ بَعْدَ هَذَا اْلخَيْر مِنْ شَرّ؟قَالَ النَّبِيّ _صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسلّم :نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ،أًمُورٌ تَعْرِفُونَهَا وَتُنْكِرُونِهَا فَقَالَ: وَهَلْ بَعْدَ هَذَا اْلخَيْرِ مِنْ شَرّ؟قَالَ النَّبِيّ _صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم :نَعَم ،دُعَاةٌ عَلَى أَبْوابِ جَهَنَّم مَنْ أَجَابَهُمْ قَذَفُوهُ فِيهَا،فَقَالَ:صِفْهُمْ لَنَا يَارَسُولَ اللهِ،قَالَ:هُمْ مِنْ بَنِي جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا،فَقَالَ :بِمَا َتأْمُرُنَا ؟قَالَ :تَلْزَمُ جَمَاعَةَ اْلمُسْلِمِين وِإِمَامِهِمْ»[صحيح البخاري،كتاب الفتن،باب كيف الأمر إذا لم تكن جماعة،رقم(7084)]
لُزومُ جَماعةِ اْلمسلمين فِي مثلِ هذِهِ اْلمواطنِ اْلعظيمةِ ،عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، هذا اْلعالم الرَّبَّانِي،كان عُثمان-رضي الله عنه- فِي مِنَى يُتمّ الصّلاة،مَا يقصُرُ الصَّلاة،وكانَ عبد الله بن مسعود يتكلَّمُ في النَّاس،ويقول :السُّنَّة قَصرُ الصّلاة في مِنى،هكذَا جاءَ عن النَّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم ،فجاءَهُ رجلٌ فقالَ:كيف تقولُ السُّنّة رَكعتين وأنتَ تصلّي خلفَ عُثمان- رضي الله عنه- أربعَ رَكعَات؟ فقَال عبد الله بن مسعود: اسْكُتْ إنَّ الْخِلَافَ شَرٌّ ،وهذَا مِن حرْصِهِم على جماعةِ اْلمسلِمِين...

■- اْلعَاصِم اْلخَامِس:النَّظَر فِي عَواقبِ الُأمور ،النَّظر في مآلاتِ الُأمور،هذهِ الشَّريعة شرِيعة مقَاصِدية ،رُبَّما كثِير مِن الَأقْوال يَتَأنّى الإنسَان،وَيحفَظها ،ليسَ كلّ مايَعرف يقال،ليسَ فِي كلّ وقت يتكلَّم الإنسَان،بل يَحفظُ الإنسانُ نفسه ،ينظرُ الإنسانُ إِلى المآلاتِ،إِلى اْلمَصَالح، إلى اْلمفاسدِ،هل من اْلمصلحةِ أنْ أفعلَ هذا الأمر أوْ لا؟ في بعضِ اْلبلدانِ اْليوم –اْلبلدان اْلعربيَّة –التّي حدثتْ فيها بعضُ اْلمُظَاهرات،دخلوا على جهلٍ وعلى حماسٍ،فلمّا رأَوا الْفِتنَ وضياعَ الأمنِ ،وضياعَ الاستقرارِ،وسفكَ الدِّماءِ،ونهبَ الَأموالِ ،قالوا:يا ليْتنا ماخَرجنَا،يا ليتنَا ما دَخلنَا في مثلِ هذهِ اْلمظاهرات،فالِإنسان الْمُؤْمن ينظرُ إِلى عواقِبِ الأمورِ،
إخواني الأحبَّة: كان صحابةُ النَّبيَّ-صلَّى الله عليه وسلَّم- بعضهم يكتُمُ مؤقتًا بعضَ الأحاديث ولايرويها؛خشية اْلفتن،أبو هريرة _في صحيحِ الإمام اْلبُخاري _رضي الله عنه- يقول :«حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وِعَاءَيْنِ،فأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ،وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا اْلبُلْعُومُ»["صحيح البخاري"كتاب العلم،باب حفظ العلم،رقم(120)] فكان يكُفّ،ما يَروي هذه الأحَاديث؛لأنهُ يعرفُ مآل هذا الأمرِ،ويُعرف أنَّها فتنٌ قد تجُرُّ ويلاتٌ على اْلمسلمين،
وهذا أنسٌ بن مالكٍ في زمنِ اْلحجاجِ بن يوسف؛ لمّا ذكرَ حديثُ قتلِ النَّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لْلعُرنيين، جاءَ بعضُ الصَّحابةِ ،فأنكرَ عليه،قال:كيف تتكَلَّم بهذَا اْلحديث أمامَ اْلحجَّاجِ،واْلحجَّاج سفّاكٌ للدِّماء، فيتَّخذ في ذلك حُجَّة،ويأخذُ من هذا الْحديث فيقتلُ اْلمسلمين؟فنهاهُ _مع أنَّه يحدّث بحديثِ النَّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم_ ولكن نظرٌ إلى مآلاتِ الأمورِ،
عثمان بن عفّان لمّا حاصرهُ اْلخوارج -رضي الله تعالى عنه- جاء الصَّحابة يُدافعون عنهُ:أبو هريرة وعبدُ الله بن عمر،و عبدُ الله بن الزُّبير،كلُّهُم جاءوا سَلُّوا سيوفَهُم يُدافعون عنه،قال:أُقْسِمُ عَلَيْكُمْ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌ عَلَيَّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ،لماذا ؟لأنَّه يعلمُ هي الدِّماء،أَحَبَّ أنْ يكونَ خيرَ ابنيْ آدم ،أحَبَّ أن يكونَ اْلمقتولَ وليسَ اْلقاتل، ما أرادَ أنْ تشتعلَ اْلفتنُ التّي يسعّى إليها كثيرٌ من النّاس،هكذا الشَّريعة أيُّها الأحبة تنظر إلى مآلاتِ الأمور ،النَّظر إلَى ما تؤولُ إليه الأمور ،النَّظرُ إلى اْلمقاصدِ الشَّرعية.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:02 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.