أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
45281 83687

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الصوتيات والمرئيات والكتب و التفريغات - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 09-17-2011, 09:24 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
Post شرح الثلاثة أصول - تفريغ الشريط السابع -.

بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ الدرس السابع
شرح الثلاثة أصول
لفضيلة الشيخ د.إبراهيم بن عامر الرحيلي -حفظه الله-


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد :
قال شيخ الإسلام والمسلمين مجدد الدعوة والدين محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الأجر والثواب :

[المتن]

الأصلُ الثالثُ: معرفةُ نبيكُمْ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-: وهو محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ، وهاشمُ مِنْ قريشٍ، وقريشٌ مِنَ العربِ، والعربُ مِنْ ذرّيّةِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ الخليلِ، عليْهِ وعلى نبيّنا أفضلُ الصَّلاةِ والسّلامِ.

(الشرح)

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد :

هذا هو الأصل الثالث من الأصول الثلاثة ،التي بنى عليها المصنّف -رحمه الله- كلامه في هذه الرسالة والتي سبق ذكر الأدلة عليها وعلى عظم منزلتها من الدين،وأن عليها مدار الإيمان بالله -عزّ وجل- في هذا الدين، عليها مدار الإيمان بالله، ولهذا هي متفرعة عن الإيمان بالله وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبدين الإسلام، أنه هو الدين الحق.
فهذا الأصل الثالث متعلق بمعرفة النبي -صلى الله عليه وسلم- ،وهو الذي بعثه الله -عزّ وجل- إلى هذه الأمّة وهو محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم وهاشم من قريش وقريش من ذرية اسماعيل واسماعيل من العرب وقد اصطفاه الله -عزوجل- بهذا النسب الشريف العظيم واصطفاه بهذه الرسالة وفضله على سائر المرسلين.
فهو سيد ولد آدم وشرفه الله -عزّ وجل- بالمقامات العظيمة التي اختصه بها كالمقام المحمود، وهو صاحب لواء الحمد، وهو أول شافع، وأول مشفَّع، وهو أول من يستفتح باب الجنّة ويدخل الجنّة، وأمّته خير الأمم، وهم الشهداء على الأمم قبلهم.
فالإيمان بهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أصل عظيم؛ ولا يصح الإيمان بالله -عزّ وجل-، إلا بالإيمان برسوله، والإيمان بالله هو بإخلاص العبادة لله -عزّ وجل- والإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو بتجريد المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقد تقدم أن هذه تتضمن تصديقه فيما أخبر، وطاعته بما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يُعبد الله -عزّ وجل- بما شرع؛
فهذه المعرفة واجبه ولهذا ذكر العلماء أنه لا بدّ أن يعلم من الصفات ما يتميز به من الصفات ما يتميز بها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غيره حتى من العلماء من ذكر بعضهم من قال:أنا أؤمن بأن محمداً رسول الله ولا أدري هل هو الذي كان بمكة ؟ وهل هو الذي بعث من العرب وهو الذي هاجر إلى المدينة أم لا ؟ فإن إيمانه لا يصح بهذا.
فلا بدّ أن يعرف من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يَتَمَيّز النبي -صلى الله عليه وسلم- بها عن غيره فإن الذين يتسمّون بمحمد كثير بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما قبل ذلك فما كان يعرف هذا الاسم ولهذا شرفه الله -عزّ وجل- به.
ولو قال أنا أؤمن بأن محمداً رسول الله وقال لا يتعيّن عندي من هو هذا النبي ؟ وهل هو من العرب أو من العجم؟وهل كان بمكة أو لا ؟فإن هذا لا يصح.
فلا بدّ أن يؤمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يعرف اسمه وبأن يعرف من صفاته ما يتميز به عن غيره ،فإن هذا هو الإيمان الصحيح ولكن من خفي عليه شيء وهو يعلم أن هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- هو المبعوث إليه، وهو يعمل بسنّته، وهو يعمل بسنّته ولكنه يَخفى عليه شيءٌ مما يختص بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه يُعذر بجهله؛
لكن الواجب هو أن يكون لدى المسلم ما يتعين به النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غيره وأن يعرفه وأن يعرف أنه من العرب؛ وأن يَعْرف أنه كان بمكة ثم هاجر إلى المدينة.
وهذا هو الأصل في الإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتعلم من سنته ما يُحَقّق به المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
والمتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- سبق الحديث عنها في موضوع خاص وأنها متنوعة ومتفرعة، وأنها لها أصل، وهو المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- في أصل الدين، ثم المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الواجبات، ثم المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المستحبات، ثم المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم- في هديه الكامل، بأن يكون المسلم في كل أحواله وفي كل معاملاته على هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ولا شك أن هذه درجة عالية ومنزلة رفيعة والناس قد يعجزون عن معرفة هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في باب العلم، وأما باب العمل بعد العلم فهو عزيز ولهذا ذكر بعض العلماء المحققين كابن القيّم قال :
"وهذه المرتبة أو المنزلة فإنا لم نشمّ رائحتها" أو كلمة قريبة منها، وهذا دليل على تعظيم العلماء لهذا الأمر، وأنّهم يرون قصورهم عن بلوغ هذه المنزلة العظيمة.
ولا شك أن الله -عزّ وجل- هيّأ نبيه -صلى الله عليه وسلم- وأعطاه من القوة البشرية، وقوة الإيمان بالله -عز وجل- ما لم يحصل لغيره، ولهذا كانت عبادته تلذذ، كان يتلذذ بعبادة الله -عز وجل- وكان يفزع للصلاة في كل وقت ويقول :"أرحنا بها يا بلال".
وكان يجد لذته وسروره في عبادته لله -عزّ وجل-، وكذلك كان يصوم الأيام المتتابعة، ويسرد الصوم، ويقول :
"إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني".
فله -عليه الصلاة والسلام- من المقامات والمنازل العظيمة عند الله -عز وجل- ما شرّفه بذلك وأعطاه من القوة البشرية التي هيّأه لها كوناً وقدراً ما لم يحصل لغيره -عليه الصلاة والسلام-.

وكان العارفون به يتحدثون أنّه أعطي قوة أربعين رجلاً -عليه الصلاة والسلام- فهذا ممّا شرّفه الله -عزّ وجل- وممّا خصّه الله -عزّ وجل- أن الله -عزّ وجل- رفع له ذكره كما جاء
"ورفعنا لك ذكرك ".
قال بعض المفسرين أنّ الله -عزّ وجل- قال لا أُذْكَرُ إلا تُذكر معي.
وهذا كما يذكر الله -عزّ وجل- في كتابه يذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} في كثير من المواطن تُقرن طاعة الله بطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك في الشهادة بأن يشهد المسلم (أنّ لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله) وهذه الكلمة هي التي يدخل بها في الدين، فرفع الله -عزّ وجل- ذكره، وجعل شانئه ومبغضه هو الأبتر المقطوع الذكر، الذي ينقطع خبره من الناس، لما تكلم فيه من تكلم، وأراد أن ينال من مقامه الشريف الذي شرّفه الله -عزّ وجل- به فأنزل الله -عزّ وجل- هذه السورة العظيمة وهي سورة الكوثر. قال الله - تعالى - :

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ {1} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {2} إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}.

فكل من أبغض النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو أبتر مقطوع الذكر، وقال بعض أهل العلم أنه مقطوع النسل أيضاً، أنه لا يكون له نسل ينمو وتكون له ذرية صالحة ،فهذا من انتصار الله -عزّ وجل- من منزلة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن ذبِّه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- .

ومن الأمور اللطيفة العظيمة التي شرف الله -عزّ وجل- بها هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الشيطان لا يتمثل به كما جاء في الحديث:"من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي" والحديث في البخاري.

فلا يمكن للشيطان أن يتمثل بصورته ولهذا كان بعض المعبّرين كأبي بكر وابن سيرين كانا إذا جاء الرجل ممن لم يَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته ورآه في المنام، فيقول رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون صفه لنا؟ فإذا وصفه على الصفة المعروفة له، يقول له قد رأيته؛ وإذا وصفه بصفة أخرى يعلمون أنه لم يره ،لأن الشيطان قد يتلبّس؛ يعني أن يقول أنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكنه لا يستطيع أن يتلبّس بهيئته عليه الصلاة والسلام قد جاء ببعض الروايات أنه لا يتلبس بصفتي .

وكذلك من حفظ الله له أنه صانه من ذمّ المشركين كما جاء في صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول :"ألا تعجبون أن الله صانني من شتم قريش يذمّون مذمّماً ويشتمونه ويلعنونه وإنما أنا محمدا".

فهذا دليل على أن الله -عز ّ وجل- حفظه من ذمّهم فهم يذمّون رجلاً آخر؛ هو محمّد ولكنهم من خذلانهم أعرضوا عن اسمه الحسن الذي يدل على ما شرفه الله به من المحامد، وأرادوا أن يُعَرّضوا باسم قبيح؛ فكان هذا انصراف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حيث الاسم، ومن حيث الصفة، فإنما يذمّون اسما ليس هو اسم النبي -صلى الله عليه-.
ويذمون صفات ليست من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا من صيانة الله -عزّ وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- ولهذا لو سمع رجل يذمّ مُذَمّماً فإنه لا يخطر بباله بأن هذا الذَمّ هو للنبي -صلى الله عليه وسلم- لا من حيث الاسم، ولا من حيث الصفة.
وهذا من خذلانهم ومن حفظ الله -عزّ وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك قد يقال في مناسبة ما نشر من الصور التي نشرت يزعمون أنها للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذا من هذا الجنس أيضاً، فإن هؤلاء لا يستطيعون بما عندهم من الجهل والبعد عن الله ودينه أن يُصوّروا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهذه الصور التي زعموا، النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن تكون صور النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأين هي من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما شرفه الله -عزّ وجل- به من جمال المظهر ومن حسن الطلعة، حتى إن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يقولون :"ننظر إلى القمر وننظر إلى وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن وجه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أجمل من القمر"
وكانوا لا يستطيعون أن ينظروا إليه إجلالاً له ولمكانته وكان عمرو بن العاص يقول : "ما ملأت عيني من وجه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-" لهيبته في نفوسهِم فإن هذه الصّوَر المُشَوّهَة ليست مِمّا عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا من حفظ الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- مما يزعم هؤلاء عما يصفونه به فهو بعيد كل البعد عن هذه الصور المهينة، وإنما هي من خيالاتهم وعقولهم الفاسدة، وهو محفوظ في اسمه، وأيضاً وفي صفاته -عليه الصلاة والسلام-، ولا يمكن لهؤلاء أن ينالوا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
كذلك حفظه الله -عزّ وجل- في قبره كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو محفوظ من أن يُنال من جسده شيء وإنّ الله حرّم أجساد الأنبياء على الأرض.
وكذلك حفظ الله -عزّ وجل- النبي صلى الله عليه وسلم- مما حصل من بعض الاعتداءات، يعني في عصور مضت في عهد الدولة العثمانية عندما أراد اثنان من النصارى الوصول إلى قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وحفروا بعض الأخاديد من جهة البقيع، وأرادوا التوصل إليه، فكان الخليفة في ذلك الزمان رأى رؤية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتعرّض لشيء، ثم جاء واجتمع بأهل المدينة، وما زالوا يبحثون حتى وقفوا على النصرانيين، وهذه ذَكَرَها أحد العلماء في كتاب اسمه "الكرامات المعصومية" أو قريباً منها، ذكر هذه القصة وهذه الحادثة، ثم جاء ذلك الخليفة أو الملك الصالح، وصب الرصاص حول قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- من كل جهة ؛فأصبح محاط بالرصاص من كل ناحية حتى لا تتوصل إليه أيدي العابثين.
كما أن الله -عزّ وجل- حفظ قبره -عليه الصلاة والسلام- من أن يكون وثناً يُعْبَد، فإنه سأل -عزّ وجل- أن لا يَجْعَل قبره وثناً يعبد، فهو بحمد الله لم يُعْبَد.
وما يحصل من الصور الشاذة التي تحصل من بعض الناس فإن هذا لا يُعَدّ شيئا إذا ما قارنّا الأمر بقبور بعض من عُبِدوا من دون الله، الذين نجد على قبورهم الآلاف، بل مئات الآلاف، بل الملايين يعبدونهم من دون الله.
فيلاحظ أن هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أنّه كل الأمة من أهل السنّة، وأهل البدع يعظمون النبي -صلى الله عليه وسلم- ولكن الله -عزّ وجل- عصمه أن يأتي مِنْ هؤلاء مَنْ يَعْبُدْ قبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه من الأدلة الواضحة العظيمة التي تدل على حفظ الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- مقارنة بما يحصل عند قبور بعض الصالحين الذين لا يقارَنون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بل لا يقارَنون بأصحابه، فكيف أنها تُعبد من دون الله وَيَرِدُ إليها الآلاف المؤلفة من الناس، فهذا من حفظ الله للنبي -صلى الله عليه وسلم- حيّاً وميتاً.
وكذلك من حفظ الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يطرأ عليه ما يطرأ على الأموات من تغير الرائحة ولهذا جاء أبو بكر رضي الله عنه وجسده مسجى فقبله بين عينيه فوجد رائحته أنها أجمل رائحة فقال :"طبت حياً وميتاً".
وكذلك لما غسله علي -رضي الله عنه- ويقول:" فنظرت إلى ما يخرج من الميت فلم يجد شيئا "وفاحت رائحة طيبة من الحجرة التي كان فيها النبي عليه الصلاة والسلام" وهذا دليل على حفظ النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وأعظم من هذا كله أن الله حفظ دينه من التغيير والتبديل فكتاب الله الذي أنزله عليه محفوظ من التغيير والتبديل وسنته هي محفوظة من التغيير والتبديل ودينه باقٍ إلى أن يأذن الله -عز ّوجل- بقيام الساعة
وهذا الدين باقٍ على وجه الأرض، ولا يزال في الأمّة من يقوم بالسنّة، ويجدّد الله -عزّ وجل- لهذه الأمة أمر دينها بالعلماء المجددّين الذين يجدّدون السنة بعد أن تندثر بعض معالمها عند الناس، فكل هذا مما يدل على منزلة هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى مكانته عند ربه -عزّ وجل-.

وأما مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم- عند المؤمنين فإنهم يحبونه ويقدمون محبته على محبة كل أحد، بل على محبة أنفسهم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :"لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب له من نفسه".
والأمة بحمد الله كلهم مجمعون على هذه الأمر العظيم، وأن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجب أن تتقدم على محبة النفس، بل أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- "أقواماً له يأتون آخر الزمان يتمنى أحدهم أنه لو خرج من ماله، وولده، وكل لما يملك، وأن يرى النبي -صلى الله عليه وسلم- فنسأل الله -عزّ وجل- أن يجعلنا من هؤلاء في محبتهم النبي -صلى الله عليه وسلم".

ومن المحبة الصادقة أيضاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- التي لا بد أن يُعتنى بها هو صدق الاتباع في دينة فإن ليس الأمر مبناه على العواطف، وأن يكون الرجل مُظهرٌ المحبة له، وهذا لا شك من الخير ومن الإيمان.
ولكن المحبة الصادقة التي برهانُها منصوص عليه في كتاب الله -عزّ وجل- وهي أيضاً دليل محبة الله واتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الله -عزّ وجل- {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِ يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ} وهذا هو صدق المتابعة لمن أحبّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يلتزمَ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- .
هذا النسب العظيم الذي شرفه الله -عزّ وجل- به هو من أشرف الأنساب ولهذا كما جاء في الحديث إن الله اصطفاني اصطفى ولد اسماعيل من ابراهيم، واصطفى كنانة من ولد اسماعيل، واصطفى قريش من كنانة، واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فاصطفاه الله -عزّ وجل- ولا يزال الله -عزّ وجل- يصطفيه في أصلاب الرجال في الذين شرفهم بأن يكون من نسلهم، ومن ذريتهم ما لم يحصل ذلك الشرف لغيرهم، ولهذا ينقل في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- عن والده (أنه كان يُرى في وجهِهِ نوراً قبل أن تحمِلَ به أمّه -عليه الصلاة والسلام- ثم إنه ذهب بعد ذلك النور).
وهذا دليل على أن قرب ولادة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أنه يُرى أثر هذا النور في وجه أبيه قبل أن تحمل به أمه، وحملت به أمه -عليه الصلاة والسلام -ثم مات أبوه وولد وهو يتيم الأب، ثم ماتت أمه.

فهيأ الله -عزّ وجل- له من يكفله جدّه ثم عمّه ثم كان له من المنزلة العظيمة والبركة والخير أنه لا ينزل بأرض حتى تحصل البركة وتنزل الأمطار ويكثر النبات والعشب، وتسمن الدواب وهذا ما حصل في بادية بني سعد عندما كانت قاحلة مجدبة، فما أن كفل النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى حصل لهم ذلك الخير العظيم الذي وصفته أمّهُ من الرضاعة حليمة السعدية.


[المتن]

قال -رحمه الله- تعالى :" وله مِنَ العُمْرِ : ثلاثٌ وسِتُّونَ سنةً، منها أربعون قبل النُّبُوَّةِ، وثلاثٌ وعشرون نبيّاً رسولا ".

(الشرح) :

هذا عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه بلغ من العمر ثلاث وستين سنة ومنها أربعون قبل النبوة وثلاث وعشرون سنة نبياً ورسولاً.
فهذا عمر النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه بُعث بعد أن بلغ الأربعين، وكانت مدة بعثته هذه المدة، وهي ثلاث وعشرون سنة؛ وحصل فيها من الخير العظيم والبركة، ما لم يحصل في مدة تزيد عليها بأضعاف وهذا أيضاً من البركة والخير الذي هيأه الله -عزّ وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-.

[المتن]

قال -رحمه الله- تعالى : نُبِّئَ بِـ (اقرأ) وأُرْسِلَ بـ(المدّثر) .

(الشرح) :

قول نُبِّئَ بِـ (اقرأ) أي أنّه أول ما نزل عليه من الوحي عندما أنزل الله -عزّ وجل- هذه السور{اقرأ باسم ربك الذي خلق} فأول ما نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا، ولهذا قال " نُبِّئَ بِـ (اقرأ) وأرسل بالمدثر).

أي : أن الله -عزّ وجل- أنزل عليه سورة المدثر التي فيها الأمر بالإنذار، وتبليغ الرسالة، وهذا هو أول أمر من الله -عزّ وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالقيام بتبليغ الرسالة.
وقد ذكر العلماء الفرق بين النبي والرسول، وقيل الفرق بينهما : أن النبي هو من أوحِيَ إليه ولم يُؤمر بالتبليغ، والرسول من أوحِيَ إليه وَأمِرَ بالتبليغ، وهذا هو الذي يسود عند الكثير من الناس ولكن العلماء المحققون أن هذا مرجوح وأن النصوص على خلافه، لأنه لا يمكن للأنبياء الذين هم أفضل الناس بعد الرسل أن يُوحِي الله -عزّ وجل- إليهم، ولم يأمرهم بالتبليغ؛ في حين أن عامة الناس أمِروا بالتبليغ والدعوة إلى الله -عزّ وجل-.

ولهذا فإن هذا التعريف هو مرجوح كما ذكر العلماء المحققون ؛ وقد ذكر شيخ الإسلام أن التعريف الصحيح للنبي والرسول أن النبي : من أوحي إليه بشريعة نبي سابق ؛ولم يبعث إلى قوم كافرين أي أنه يجدد أمر الدين في قوم مؤمنين ؛وبهذا لعل هذا من أيضاً يشهد له قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : "مثل العلماء في هذه الأمة كمثل الأنبياء في بني إسرائيل" لأن العلماء في هذه الأمة لا يأتون بشريعة جديدة وإنّما يدْعونَ لشريعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك الأنبياء في بني إسرائيل فكثير منهم كانوا يدعوا إلى التوراة ويشرحوا التوراة ويبينونها، ولم يأتوا بشريعةٍ جديدة.
ولهذا يدل على هذا -والله اعلم- هو الراجح والأولى، أن النبي : من أوحي إليه بشريعة نبيٍ سابق ولم يرسل، ولم يبعث إلى قوم كافرين.
وأما الرسول فهو : من بعث إلى قوم كافرين.

بل قال شيخ الإسلام : "ولا بدّ أن يكذبهم بعض قومه، فإنه ما من رسول إلا وقد كُذّبَ من بعض قومه" وأيضاً قال بعض أهل العلم : "أنّه لا يلزم أن يكون بشريعة جديدة بل إذا بعث إلى قوم كافرين فإنه رسول" وعلى هذا يكون أن الراجح ما ذكره شيخ الإسلام في كتاب (النبوات) وهو من آخر كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وما ذكره المصنّف هنا لا يثشْكِل على ما تقدم، فإن قول المصنّف نُبِّئَ بِـ (اقرأ) أي أنه أول ما نزل عليه الوحي (باقرأ) فيكون هذا ثبتت فيه النبوة، بأنه أوحي إليه، ثم ما لبث الله -عزّ وجل- أن أرسله فأصبح نبياً ورسولاً بالمدثر، بعدما أمره الله -عزّ وجل- بالإنذار.
ولا يلزم من كل نبي أنه إذا ما ثبتت له النبوة أنه يبقى فترة من الزمن يدعو لشريعة غيره، بل متى ما أوحي إليه فهو نبي، ولهذا لما سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن آدم :"أنبي آدم قال: نعم مُكَلّما" فاستدلّ النبي -صلى الله عليه وسلم-بأن النبي مُكلّم.

وإن كان الكلام عن طريق المَلك أو عن طريق المشافهة، كما كلم الله آدم، و كلم موسى، و كلم نبينا -صلى الله عليه وسلم-، وهؤلاء الثلاثة هم الذين ثبت لهم التكليم في الدنيا، فهذا دليل على درجة عالية في التكليف، ولكن التكليف الذي يحصل عن طريق الرسل، وعن طريق جبريل -عليه السلام- من الملائكة الرسل من الملائكة عن طريق جبريل فهذا هو الذي يكون للأنبياء.

وأما الوحي الذي هو (الرؤيا الصالحة) وهو أيضاً ما يسمى (بالوحي) كما أوحى الله -عزّ وجل- إلى أمّ موسى، فإنّ هذا ليس بالوحي الذي يكون خاصّاً بالأنبياء، وإنما يكون هو مما يُؤتيه الله -عزّ وجل- في روح بعض الصالحين؛ ويكون مما يَدُلّ على كرامتهم عند الله، ولكنه لا يَدلّ على أن هذا لا يكون إلا لنبي.

[المتن]

قال -رحمه الله- تعالى :وبلده مكه وهاجر إلى المدينة .

(الشرح) :

هذا حتى يُعرف ما يُتميز به النبي -صلى الله عليه وسلم- كما تقدم، لا بد أن يُعرف النبي -صلى الله عليه وسلم- أين بُعث ؟.

بلده مكة ولد في مكة، وبقي فيها حتى انتقل إلى بادية بني سعد، ثم عاد إلى مكة، وبقي فيها حتى البعثة، وكان ينتقل في بعض أسفاره إلى الشام للتجارة لما كان يتاجر في مال خديجة رضي الله عنها عندما كان يتاجر بمال خديجة -رضي الله عنها- ثم بعد ذلك استقر في مكة وبقي إلى أن هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة، وكانت هجرته من الأحداث العظيمة.

ولهذا لما اتُخذ التاريخ الإسلامي اتخذ من بداية الهجرة كما حصل هذا في عهد عمر -رضي الله عنه- وهاجر إلى هذه المدينة، وإلى هذه المدينة، وهذه البلدة هي مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- هاجر إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجراً لله -عزّ وجل- وهاجر أصحابه من مكة إلى المدينة، واجتمع المهاجرون والأنصار في المدينة، فكان هؤلاء هم خير الأمة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} الذين أثنى الله -عزّ وجل- عليهم في كتابه.

فالمهاجرون هم الذين هاجروا من مكة إلى المدينة، وهاجروا قبل فتح مكة، أو أنهم هاجروا أيضاً من بعض الأمصار، ومن بعض البوادي إلى المدينة استقروا فيها.
والمهاجرون أفضل من الأنصار لأن المهاجرين جمعوا بين الهجرة والنصرة.
هاجروا ثم نصروا النّبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة والأنصار تحقق لهم النصر، وبهذا يُقدم المهاجرون على الأنصار في كتاب الله -عزّ وجل-.

وكذلك في الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال الأئمة من قريش، وكان عامة الذين هاجروا معهم من قريش، فالمهاجرون مقدّمون لهجرتهم، ولنصرتهم على الذين ناصروا النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ولكن السابقون من الأنصار هم أفضل ممن تأخر من قريش ممن هاجروا بعد ذلك، لأن من كانت له سابقة في النصرة، فإنه مُقَدّمٌ على غيره؛ ولهذا كان بعض أهل العلم في التفضيل بين الصحابة يقول السابقون من المهاجرين من أهل بدر ثم السابقون من الأنصار من أهل بدر فأهل بدر يقدمون على غيرهم لما ورد من النصوص من الثناء عليهم وأن النبي -صلى الله عليه وسلم قال- أن الله قال :"افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم" .

[المتن]

قال -رحمه الله- تعالى :" بعثَهُ اللهُ بالنَّذَارَةِ عنِ الشِّركِ، ويدعُو إلى التَّوحيدِ"

(الشرح) :

بعث الله -عزّ وجل- بالنذارة عن الشرك، للتحذير من الشرك والدعوة إلى التوحيد هذه رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم-، الدعوة إلى التوحيد، والبراءة مِنَ الشرك وَمِنْ أهله.
هذا دين النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الذي قام عليه الدين والعبادات كلها هي لتحقيق هذا الأصل، لتحقيق عبادة الله -عزّ وجل- والبراءة من الشرك.


يتبــــــــــ إن شاء الله ـــــــــــــــــع
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 09-21-2011, 05:22 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
Post تتمة الشريط السابع...

[المتن]
قال -رحمه الله- تعالى والدليل قوله تعالى :والدليلُ قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ[المدثر:1-7] ومعنى ‏قُمْ فَأَنذِرْ‏ يُنْذِرُ عنِ الشِّركِ ويدعُو إلى التَّوحيدِ، ‏‏وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ‏‏ أي: عَظِّمْهُ بالتَّوحيدِ، ‏‏وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ‏‏ أي: طَهِّرْ أعمالَكَ عنَ الشِّركِ، ‏وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ‏‏ الرُّجْزُ: الأصنامُ، وهجرُها تَرْكُها وأهلِها، والبراءَة منها وأهلِها.
(الشرح)
هذا خطاب الله -عزوجل- للنبي -صلى الله عليه وسلم- في دعوته للتوحيد
والمدثر هو الذي تدثر بثيابه واستغشى بها لما يصيبه من البرد أو يصيبه من الخوف وكان عندما نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن مألوفاً له فكان أصابه ما أصابه عليه الصلاة والسلام وهذا من ثقل الرسالة فإن الرسالة ثقيلة لكنه صبر فكان من خيار الرسل بصبره وتحمله عليه الصلاة والسلام .
" قُمْ فَأَنذِرْ" هذا أمر من الله -عزوجل- للنبي -صلى الله عليه وسلم- بالإنذار والتشمير عن ساعد الجد وقد قام عليه الصلاة والسلام بهذا خير قيام؛ونصح للأمة فأدى ما أمر الله -عزوجل- به وحرص على الأمة حرصاً عظيماً وشهدت له الأمّة في أعظم مقام في يوم الحج الأكبر انه قد بلغ ونصح فأشهد على ذلك الله -عزوجل- قل اللّهم فاشهد.
"وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ "وربك فكبِّر أي عظِّم الله -عزوجل- وكبره تكبيرا
"وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " أي طهرها من الأنجاس ومن الأرجاز وهذا أيضاً يتضمن التطهر من الشرك .
"وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ"وهذا أيضاً كما شرحه المصنّف بأنه هجر الأصنام وكل ما يعبد من دون الله -عزوجل-
" وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ "أي تستكثر بما أعطاك الله -عزوجل- ولكن أشكر الله -عزوجل- وهذا أيضاً فيه عدم المن بالعطية .
"وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ"أي اصبر على ما أمر الله عزوجل به؛وما أمرك به وقد صبر عليه الصلاة والسلام
قد فسر المصنّف هذه الألفاظ كما قال قم فأنذر ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد وهذا هو الأصل وإن كان أنه أُمر بالإنذار عن هذا الأصل وغيره.
"وربك فكبر" أي عظمه بالتوحيد لا شك أن التكبير هو تعظيم الله عزوجل من كل نقص لا شك أن أعظم ما عُظم الله -عزوجل- به التوحيد وأعظم ما نزه الله عزوجل عنه الشرك،وإن كان هذا يتضمن تعظيم الله -عزوجل- عن كل نقص.
"وثيابك فطهر" أي طهر أعمالك عن الشرك وهذا قول بعض أهل العلم،طهر الثياب التطهير الحسي وقد جاءت النصوص بهذا وهذا والرجز فاهجر قال الرجز الأصنام وقيل الشرك ودعها واتركها والنبي -صلى الله عليه وسلم- عصمه الله قبل البعثة أن يكون عابداً للأصنام وعصمه الله عزوجل أن يكون مع قريش في لهوهم فكان عليه الصلاة والسلام منعزلاً لم يشاركهم في لهو .
[المتن]
قال -رحمه الله- : أخذَ على هذا عشْرَ سِنينَ يدعُو إلى التوحيدِ، وبعدَ العشْرِ عُرِجَ به إلى السماءِ وفُرِضَتْ عليه الصلواتُ الخمسُ، وصلَّى في مكّةَ ثلاثَ سنينَ، وبعدَها أُمِرَ بالهجرةِ إلى المدينةِ.
(الشرح)
أخذ على هذا الأمر على الدعوة إلى التوحيد عشر سنين وهذا دليل على أهمية الدعوة إلى التوحيد وإلى شهادة أن لا إله إلا الله فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما بعثه الله كان يدعو الناس إلى هذه الكلمة.
فيقول:" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى " فما كان يطلب منهم إلا هذه الكلمة ولكن المشركين لم يقبلوا هذه الكلمة قالوا:" أَجَعَلَ الاٌّلِهَةَ إِلَـهاً
وَحِداً إِنَّ هَـذَا لَشَىْءٌ عُجَابٌ "
فدارت الخصومة بينهم ليس في العبادات أو أنهم أثقلوا بعمل و بزكاة أو بصوم وإنما دارت الخصومة في هذا الأصل كيف الآلهة التي تعبد من دون الله تترك ويعبد إلها واحداً فأنكروا هذه الدعوة ودارت الخصومة بينه وبينهم على هذا الأمر؛ ودخل في دينه من دخل وثبت على ذلك حتى إذا ما تمكن التوحيد من نفوسهم شرع الله -عزوجل- لهم الشرائع وفرضت عليه الصلوات الخمس ،وصلى في مكة ثلاث سنين، الصلاة كانت معروضة على النبي -صلى الله عليه وسلم- على سبيل النفل منذ بداية البعثة ولكن فرضية الصلاة على الصحيح من اقوال أهل العلم وماذكره المصنّف أنه قبل الهجرة بثلاث سنين وهذا على خلاف بين أهل العلم في الإسراء والمعراج متى حصل؟وأنه صلى في مكة ثلاث سنين يؤدي الصلاة المكتوبة وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة ولم تكن قد فرضت الشرائع وإنما فرضت الصلاة.
[المتن]
"والهجرةُ: الانتقالُ مِنْ بلدِ الشِّركِ إلى بلدِ الإسلامِ، والهجرةُ فَرِيضةٌ على هذه الأمّةِ مِنْ بَلَدِ الشِّركِ إلى بلدِ الإسلامِ، وهي باقيةٌ إلى أنْ تقومَ الساعةُ"
(الشرح)
هنا عرّف الهجرة لأهميتها قال الهجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام هذه هي الهجرة العظيمة التي هاجر لها النبي -صلى الله عليه وسلم-
هجرة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام لكن العلماء أيضاً ذكروا أن الهجرة تشمل الهجرة من البدعة إلى السنة ومن بلد المعصية إلى الطاعة ولهذا هاجر بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من بعض الأمصار التي ظهر فيها سب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ،هاجروا من بعض الأمصار لما ظهر من بعض الناس سب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وكذلك الهجرة من بلد المعصية إلى بلد الطاعة مشروعة وهذا ما جاء في صحيح البخاري في قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين رجلاً ثم ذهب إلى أحد العبّاد ثم قال هل لي من توبة؟ قال:لا فقتله وأكمل به المئة ثم ذهب إلى أحد العلماء فقال ما الذي يحول بينك وبين التوبة؛ثم أرشده إلى بلد يقال له بلد الطاعة فمات في الطريق ثم قضى الله -عزوجل- في أمره بين البلدين أن يكون أقرب من بلد الطاعة فقبضته ملائكة الرحمة هذا دليل على ان الهجرة مشروعة في كل بلد لا يستطيع الإنسان أن يقيم دينه أن يهاجر من ذلك البلد إلى بلد آخر يتمكن من إقامة دينه ولهذا يجب على أهل الإسلام الذين يقطنون بلاد الكفر أن يهاجروا إلى بلاد المسلمين تجب عليهم هذه الهجرة لأن الهجرة باقية إلى قيام الساعة وهي مشروعة وإن عجزوا عن ذلك فلا أقل من أن يكون لهم مكان يجتمعون فيه وحبذا لو يكونوا في قرى أو في أمصار يكونون في بعد وفي منأى عن المشركين لأن مخالطتهم عظيمة وشر عظيم كثير من الناس يظن أن الإنسان إذا استطاع أن يعفي لحيته وأن يصلي في المسجد أنه أقام دينه؛والدين هو أشمل من هذا فإن في تلك البلاد التي يدّعون فيها الحرية يعطون الحرية للأبناء وللنساء أن يفعلوا ما شاؤا ولهذا كثير من المسلمين الذين هم في تلك الامصار يعترفون ،وبعضهم يقولون نحن نستطيع ان نقيم ديننا على أنهم لا يستطيعوا أن يربوا أبناءهم وأن لك واحد من الأبناء الحرية؛فالبنت تمشي مع من شاءت والابن يمشي مع من شاء ويفعل ما يشاء حتى لو أن البنت عقد عليها أو ارتبطت بيهودي أو نصراني لا يملك وليها أن يمنعها من ذلك ولا يملك تأديب ابناءه ولا يستطيع ان يقوم بشيء وكذلك الاموال والمواريث لا يستطيعون التحكم فيها وكذلك الحقوق بين المرأة وزوجها أيضاً ؛هم يسيرون في أنظمة تعطي بعض الحقوق لبعض الناس الذين لا يستحقون وكل هذا دليل على أنهم لا يتمكنون من إقامة دينهم فيجب على المسلمين بالطرق المشروعة وليس بالوسائل المحرمة من الكذب والتزوير أن يسعوا في الانتقال إلى بلاد المسلمين وقد حصل لبعضهم أنه بحث عن عمل وعن وظيفة ويسر الله -عزوجل- أمره وكان انتقاله من تلك البلاد إلى بلاد المسلمين بطريق مشروع .
قال والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام أي أنها باقية وهي باقية إلى أن تقوم الساعة لأن بعض الناس توهموا من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-" لا هجرة بعد الفتح "أن الهجرة قد انقطعت وإنما قصد النبي -صلى الله عليه وسلم- هجرة بعد الفتح من مكة إلى المدينة لأن مكة اصبحت بلد إسلام وبلد توحيد فليس هناك هجرة من مكة إلى المدينة بعد الفتح وأما البلاد الأخرى التي يوجد فيها الكفر فحكمها حكم مكة قبل فتح مكة يجب الهجرة إلى بلاد المسلمين.
[المتن]
، والدليلُ قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (9 فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا[النساء:97-99]
(الشرح)
هذه الآية صريحة في أن الله -عزوجل- أوجب الهجرة على القادرين وأنه لم يعذر ولهذا تقول الملائكة لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها"
هذا دليل على وجوب الهجرة وأن أرض الله واسعة ولهذا ذم الله -عزوجل- من لم يهاجر قال :" قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ولم يستنثي من هذا إلا المستضعفين من الرجال والنساء الذين لا يجدون حيلة وليس لهم طريق ولا سبيل إلى الهجرة فهؤلاء معذورون وأما من قدر على الهجرة فتجب عليه الهجرة.
المتن
وقوله تعالى: "يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ[العنكبوت:56]، قالَ البَغَوِيُّ رحمهُ اللهُ: سببُ نزولِ هذه الآيةِ في المسلمين الذين بمكَّةَ لم يهاجِرُوا؛ ناداهُم اللهُ باسمِ الإيمانِ.
الشرح
هذا أيضا مما يدل على وجوب الهجرة في خطاب الله عزوجل في قوله :(يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ وهذا دليل على أن الأرض التي ينبغي ان يسعى إليها الإنسان هي الأرض التي يحقق فيها عبادة الله عزوجل وليس كما يدّعي بعض من يدعون إلى الوطنية ويضعون الاحاديث في هذا وحب الوطن من الإيمان وأن الانسان ينبغي له أن يتمسك بوطنه؛هذا باطل!الوطن الذي يحبه الإنسان هو الذي يستطيع أن يقيم دينه فيه ،ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم هاجر من مكة وتمكّن بعد ذلك ان يقيم بمكة بعد أن فتح الله عزوجل عليه ولكنه كره هذا بل كان أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يكرهون أن يموت الرجل في مكة؛حتى لو كان في طريقهم لمكة ثم يريد الرجوع للمدينة،وحتى لا يموت الرجل في بلد هاجر منه وإنما في بلد الهجرة التي هاجر إليه فهذا دليل على أن الإنسان ينبغي له أن يهاجر إلى بلاد المسلمين وأن يقيم فيها وأن المناداة بحب الوطن فهذه ليست مما دلّت عليه النصوص بل إنها من القوميات،لأن القوميات كثيرة منهم من يدعو إلى قوميات عصبيات؛تبنى على التعصب للأجناس أو الأعراف أو الأوطان أو إلى اللغة أو التعصب للغة دون لغة أو للون دون لون كل هذا دعاوى باطلة؛أما الإسلام رغّب في البلاد التي يقيم المسلم فيها دينه ،وأن الناس خيارهم أتقاهم عند الله -عزوجل- ولهذا كل هذه الدعاوى ينبغي للمسلمين أن يحذروا منها؛ أما كون الإنسان يستطيع أن ينفع أهل بلده لقربه منهم لمكانتهم ولكونهم اهل أرحام و أقارب فنعم لهم حق من هذه الجهة،فعليه أن يسعى في هدايتهم وفي نصحهم ،ولكن إن لم يستطع أن يقيم دينه فليس له أن يهلك نفسه بنجاة غيره؛ ولكن اهل العلم الذين لهم جهود في هذا بقاءهم في تلك البلدان للدعوة إلى الله عزوجل هذا طيب لأنهم لا يريدون البقاء إلا للدعوة إلى الله عزوجل أما الذي ليس له شيء من هذا ولا يتمكن وليس له من العلم ما يدفع الشبهة عن نفسه فتجب عليه الهجرة .
المتن
والدليلُ على الهجرةِ من السُّنَّةِ قولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تَنْقَطِعُ الهجرَةُ حتَّى تَنْقَطعَ التَّوبةُ ولا تنقطعُ التّوبةُ حتّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا"([1]).
الشرح
هذا دليل على بقاء الهجرة وأنها لا تنقطع حتى تنقطع التوبة وأن التوبة لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها،وطلوع الشمس من مغربها هو من علامات الساعة التي إذا حصلت فإن الإيمان لا ينفع وأن التوبة لا تنفع؛ والتوبة تنقطع بسببين،بسبب خاص وبسبب عام:
فالسبب الخاص هو إذا بلغت الروح الحلقوم وأشرف الإنسان على الموت فإنه لا ينفعه أن يتوب بعد ذلك وأما إذا كان في مرض ولو كان خطير بل حتى الغرغرة وأما إذا بلغت الروح الحلقوم وصل الأمر إلى الغرغرة وأشرف على الموت وعاين الموت فإن التوبة تنقطع عند ذلك ولا شك ان التوبة افضل ما تكون عندما يتوب الإنسان وهو صحيح وهو قوي وينظر إلى الأجل أنه بعيد ومع هذا يتوب أما إذا كان في مرض الموت فإنه يرجى له القبول مالم تبلغ الروح الحلقوم فإذا بلغت الروح الحلقوم وصل إلى حد الغرغرة فإنه ترفع التوبة في حقه .
واما رفع التوبة من حيث العموم فهو طلوع الشمس من مغربها فترفع التوبة عند ذلك فلا يقبل الله عزوجل الإيمان بعد ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن الهجرة لا تنقطع حتى تنقطع التوبة وهذا دليل بقاء الهجرة ببقاء التوبة وأن التوبة لا تنقطع حتى تطلع الشمس من مغربها وهذا من تعليق الحكم أو تعليق وصف على آخر ويتضمن تعليق حكم على حكم وهو من الأمور التي تعرف بها أيضا الأدلة الشرعية كما يقال إن دين النبي صلى الله عليه وسلم باق ما بقي الناس على وجه الأرض فهذا معلوم أن دين النبي صلى الله عليه وسلم لا ينسخ مادام انه هناك على وجه الأرض مخاطبون بدينه فنحن نعلق هنا هذا الحكم على هذا الحكم لأن هذا متقرر فيُعلّق الشيء الذي لا يتقرر للناس على أمر متقرر لهم وهذا ايضاً من القياس الصحيح الذي دلت عليه النصوص وهو مستخدم عند أهل العلم .
المتن
قال -رحمه الله تعالى-:
فلمَّا استقرَّ بالمدينةِ أُمِرَ ببقيَّةِ شرائعِ الإسلامِ مثلُ الزكاةِ، والصّومِ، والحجِّ، والأذانِ، والجهادِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المنكرِ وغيرِ ذلكَ مِنْ شرائعِ الإسلامِ.

(الشرح)
فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام أو أمره الله عزوجل ببقية شرائع الإسلام مثل الزكاة والصوم وقد فرضت في السنة الثانية من الهجرة الزكاة والصوم فرضا في السنة الثانية من الهجرة على النبي صلى الله عليه وسلم وأما الحج تأخر إلى السنة التاسعة؛وفرض الله عزوجل عليه الحج في تلك السنة وهي سنة الوفود،وبهذا تكون اكتملت أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي أول ما فرض وبقي النبي صلى الله عليه وسلم
على هذا عشر سنين ثم فرضت الصلاة وبقي على هذا ثلاث سنين قبل الهجرة ،ثم بقي بعد ذلك سنتين ما بين فرض الصلاة وما بين فرض الزكاة أي خمس سنين فثلاثة قبل الهجرة وسنتان بعد الهجرة ثم فرضت الزكاة والصوم ثم بعد ذلك فرض الحج السنة التاسعة ويكون بهذا اكتمل أركان الإسلام هذا ما كان يرّغب النبي صلى الله عليه وسلم،فيه من بعض الامورالتي شرعها الله عزوجل لهذه الأمة مثل صلة الأرحام والنفقة والتصدّق فإن هذا كان مشروع قبل فرض الزكاة يعني التصدّق النفل وكذلك صيام النفل فإنه كان مشروع وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه من أعظم الواجبات التي شرعها الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ونزلت النصوص ورّغبت في ذلك .
المتن
قال رحمه الله تعالى
أخذَ على هذا عَشَرَ سنينَ، وبعدَها تُوُفِّيَ -صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ- ودينُهُ باقٍ. وهذا دينُه، لا خيرَ إلاَّ دَلَّ الأمَّةَ عليهِ، ولا شَرَّ إلاَّ حَذَّرَهَا منْه.
(الشرح)
أخذ على هذا عشر سنين؛وبعد أنْ توفي عليه الصلاة والسلام ودينه باق إلى قيام الساعة فوفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده،فقام دين الله عزوجل في الناس وعرفوه فتوفاه الله عزوجل إليه وقرّبه إليه بعد أن خيّره واختار الرفيق الأعلى وكان صلى الله عليه وسلم ما مات وقد رأى أمته يقومون بدين الله خير قيام،حتى إنه لما مرض دخل عليهم وجد أبا بكر-رضي الله عنه- يؤمهم فانشرح لهذا وسرّه هذا لكنّ أبا بكر تأخر -رضي الله- عنه ثم تقدم النبي -صلى عليه وسلم -فصلى وصلى أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وصلى الناس بصلاة أبي بكر وهذا مما يدل على أن هذه الأمة قامت بدين الله عزوجل وأخذوا عن النبي صلى الله عليه وسلم دينه وإذا تخلّفوا عنه قاموا بالصلاة وأدّوها حتى لما مات النبي صلى الله عليه وسلم قاموا بدينه خير قيام فقام أبو بكر الصديق بدين النبي صلى الله عليه وسلم خير قيام وما عرف الناس بعد موت الناس مثله في القيام بدين الله عزوجل
وفي الثبات في المواطن العظيمة حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية :"ما يعرف في عهد أبي بكر أنهم اختلفوا في مسألة إلا وكان حلها على يد أبي بكر رضي الله عنه" ثم من بعده عمر رضي الله عنه ثم علي وهم الخلفاء الراشدون الذين كان الإسلام في عهدهم عزيز ومشهور والبدعة مقموعة وإن ظهرت بوادر البدع بعد مقتل عمر رضي الله عنه وهو الباب الذي كان بين الأمة وبين الفتن لكن الخلفاء الراشدون عهدهم متميّز عن عهد غيرهم وما زال دين الله عزو جل محفوظ بحفظ الله عزوجل يجدد الله عزوجل أمر دينها كلما اندثرت معالم الدين حتى إن في هذه العصور نعلم من دين النبي صلى الله عليه وسلم ما لو أنه وصف لواصف لقال كأن الناس ينظرون للنبي- صلى الله عليه وسلم -في صلاته وفي عبادته وهذا من حفظ الله عزوجل لدينه .

هذا والله أعلم .

__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-22-2012, 01:22 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
Post

بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ الدرس الثامن
شرح الثلاثة أصول
لفضيلة الشيخ د.إبراهيم الرحيلي-حفظه الله-




الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد،،،

[المتن]

قال شيخ الإسلام والمسلمين مجدد الدعوة والدين محمد بن عبدالوهاب أجزل الله له الأجر والثواب:_
"ودينه باق ،وهذا دينُه، لا خيرَ إلاَّ دَلَّ الأمَّةَ عليهِ، ولا شَرَّ إلاَّ حَذَّرَهَا منْه.والخيُر الذي دلَّ عليْه: التَّوحيدُ، وجميعُ ما يُحِبُّهُ اللهُ ويرضاهُ.والشَّرُّ الذي حَذَّرَهَا منه: الشِّركُ وجميعُ ما يكرَهُهُ اللهُ ويأباهُ".
[[الشرح]]
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيرا طيباً مباركاً فيه ،صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين.
أما بعد
فيقول المصنف -رحمه الله-" وهذا دينه -أي دين الإسلام-لا خيرإلا دل الامة عليه ولا شر الأ حذرها منه"
هذا كما دلت على هذا النصوص،والخير والشر إما أن يكون متعلق بالدين،وهذا بيّن واضح أنه ما من خير يرشد إلى الجنة وإلى رضى الله -عزوجل- إلا وقد جاء به وهو سائر العبادات التي شرعها لنا الله -عزوجل- ورضيها لنا وهي الإسلام،وكذلك كل الشرور التي هي سبب لسخط الله -عزوجل- فقد حذرنا منها وزجرنا عنه وبالغ في ذلك،وأما خير الدنيا وما يتعلق بمصالح الدنيا فقد جاء أيضاً به وبيّنه ووضحه، ولهذا نهينا عن كثير من الأمور التي فيها ضرر علينا في ديننا كما نهينا عن أكل الميتة ولحم الخنزير والدم،ونهينا كذلك عن بعض الامور التي فيها ضرر فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ترك النار في البيت، وأمر بإغلاق الأبواب وأخبر أن الشياطين لا تفتح الأبواب الموصدة والمغلقة وكذلك حذرنا من المكاسب المحرمة التي هي سبب لوجود البلاء والفتنة في البدن ،وهي سبب لسخط الله -عزوجل- وكذلك الآداب في الأكل وفي الشرب وكذلك في النوم فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء بأكمل هدي، ولهذا كثير الآن من الأطباء الذين عرفوا ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- في هديه يعلمون أن هذا هو أحسن ما يكون عليه الإنسان ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان ينام على شقه الأيمن وكان يضع يده تحت خده فأخبر الأطباء الآن أن هذا هو أفضل وضع للنائم وان القلب يكون متعلقا في الجهة اليسرى ويكون مهيئاً لضخ الدم وأما إذا نام على شقه الأيسر فإن القلب يتنكد ويكون سبب لوجود ترسبات في القلب والشرايين مما يسبب الجلطات وأمراض القلب ،وهذا قد جاء به النبي صلى قبل الاطباء وكذلك ما تقدم في الحديث "ما ملأ أدمي وعاء شراً من بطن "هذا فيه أكمل هدي وفيه مصالح الناس في دنياهم وفي آخرتهم وفي أبدانهم فما من شيء إلا وقد بيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- للأمة ، وما من شر إلا وقد حذرها منه حتى قال اليهودي أحد أحبار اليهود لسلمان :" لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ قَالَ : أَجَلْ ، " لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ "وهذا دليل على أن اليهود يعلمون أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما ترك شيئاً إلا وعلمه للأمة حتى خصال الفطرة التي الناس يعرفونها بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- كقص الشارب وحلق العانة والإبط تقليم الأظافر، وهذه فيها نظافة وفيها صحة للبدن بيّنها النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال أصحابه رضي الله عنهم مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وما من شيء إلاّ وقد ترك لنا منه خبرا وقال الآخر مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وما من طائر يقلّب جناحيه في السماء إلا ترك منه خبراً.
فكان عليه الصلاة والسلام يوجه الأمة إلى كل ما فيه الخير ولهذا من قام بهذا الدين تستقيم له الحياة في الدنيا ويسعد في دنياه وفي أخراه وفيه حفظ الصحة والبدن فإن من استقام على دين الله -عزوجل- حفظه الله -عزوجل- في بدنه وهذا الحفظ يأتي من جهتين من جهة الحفظ الحسي لأن الإسلام جاء بكل ما فيه خير البدن و صلاح البدن ومن جهة حفظ الله -عزوجل- للعبد إذا ما استقام على دين الله ،ولهذا نحن نلاحظ المسلمين بحمد الله أن الرجل يبلغ الستين والسبعين وهو نشيط يتحرك بينما نجد في بعض الكفاروهذا كثير فيهم أنهم بلغوا نصف هذا العمر الكثير منهم لا يكاد يتحرك ولهم امراض والكثير منهم لا ينام إلا على المهدئات وعلى العقاقير بينما نجد الكثير من المسلمين وهم في صحة وعافية وسلامة وكل هذا بسبب استقامتهم على دين الله -عزوجل- وهذا لا يعني أيضاً أن المؤمن لا يبتلى وأنه لا يصاب بالمرض فإنه قد يبتلى تكفيرا لذنوبه وهذا من رحمة الله -عزوجل-.
ولكن الناس إن استقاموا على الدين صحت أبدانهم وصحت أحوالهم واستقامت لهم الأمور وعاشوا في حياة طيبة هنيئة وما ينتظرهم عند الله -عزوجل- من الأجر والثواب وما أعد الله -عزوجل- لهم أعظم بكثير في الجنة فهذا الدين كل خير قد دل عليه وكل شر قد حذر منه من خيري الدنيا والآخرة ومن شري الدنيا والآخرة قد بيّنه النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم بيّن المصنف -رحمه الله- أن أصل الخير وأعظم الخير والذي هو سبب لكل خير هو التوحيد، قال الخير الذي دل عليه التوحيد وهذا هو أصل الخير وأوله وآخره وكل خير هو مرجعه إلى هذا الأصل لأن الله -عزوجل- إنما خلقنا لعبادته فإذا ما استقام العبد على ما خلق له وعلى الغاية التي خلقنا لها ،فإن الحياة تستقيم وهذا أمر معلوم أن حتى في صناعات البشر أن من استخدم الآلة فيما صنعت له فإن هذا يحفظ هذه الآلة وتبقى على سلامتها وتكون تؤدي الغرض الذي صنعت من أجله، وأما إذا استخدمت في غير ما صنعت له فإنها ستعطب والله -عزوجل- حكيم خلقنا لهذه الغاية العظيمة وهي تحقيق عبادة الله فمن حققها استقامت له الأمور وسعد في الدنيا والاخرة ،وينبغي أيضاً أن يعرف أن الإنسان كما هو معلوم مركب من بدن ومن وروح فالروح لها غذاء والبدن له غذاء وغذاء الروح لا يمكن أن يكون في غذاء البدن ولهذا تجد الرجل المنعم بحياته شقي بروحه كما حصل هذا لكثير من الكفار الذين سخروا كل الإمكانات لخدمة شهواتهم ومع هذا ما حققوا السعادة ويرى البؤس والشقاء على وجوههم،وهم ملوك ورؤساء يملكون الكثير من الدنيا وسخروا كل الشهوات لخدمتهم حتى ما تركوا وسيلة محرمة ومباحة إلا وسخروها لخدمتهم ،لأنهم بعيدون كل البعد عن سعادة الروح وعن غذاء الروح بينما تجد الرجل من المسلمين يعيش في الصحراء ليس له من الإمكانيات المتوفرة في الحضارة ما عند بعض الأنصار أنصار المسلمين ومع هذا تجده سعيد الروح تجده دائماً مبتسماً منشرح الصدر دائماً يثني على الله -عزوجل- ،كل هذا بسبب تحقيق غذاء الروح وهو هذا الدين وهذه العبادة وذكر الله عزو وجل وبالاستقامة على طاعة الله بينما نجد في مقابل هذا من يكون له أمراض مزمنة في بدنه وهو مع الإيمان تجده سعيد الروح فسبحان الله كيف أن هذا الذي شقي في بدنه ولازمته الأمراض وذلك الذي تنعذم في بدنه أعظم نعيم هو شقي في روحه وهذا دليل على أن هذه الروح لها غذاء وأن غذاءها ليس كغذاء البدن وأن ما يناسبها من طاعة الله -عزوجل- والسعادة هي بسعادة النفس واطمئنان الروح والنفس في طاعة الله -عزوجل- وهذا أمر يلحظه كل إنسان من نفسه إذا ما استقام على طاعة الله -عزوجل- فإنه يجد هذا ،ضيق وحرج ويجد عدم اطمئنان كل ذلك بسبب البعد عن دين الله -عزوجل- في بعض الأوقات فكيف بمن فقد الأصل ولم يحقق التوحيد فإنه أشقى الناس ولهذاهؤلاء أشقياء في الدنيا والآخرة من لم يحقق توحيد الله -عزوجل- هم اشقياء في الدنيا والآخرة وتعساء في أرواحهم وفي أبدانهم وفي آخرتهم بسبب بعدهم عن هذا الأصل العظيم قال وجميع ما يحبه الله ويرضاه أيضاً بعد هذا الأصل العظيم وهو التوحيد وهو كل ما شرعه الله لنا من العبادات والشر الذي حذر منه الشرك وهذا هو أصل الشرور وأصل كل بلاء وفتنة ،كما أن التوحيد هو أصل كل خير ،ثمّ أيضاَ حذرنا من جميع ما يكرهه الله ويأباه وهو سائر الذنوب والمعاصي والطاعات كلها شعب الإيمان والمعاصي كلها شعب الكفر .

[المتن]
قال -رحمه الله- تعالى : بعثَهُ اللهُ إلى الناسِ كافَّة، وافترضَ طاعَتَه على جميعِ الثّقلينِ: الجنِّ والإنسِ، والدليلُ قولُهُ تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)[الأعراف:158].
[[الشرح]]
نعم بعثه الله إلى الناس كافة ،هذا ما دلت عليه النصوص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثه الله -عزوجل- إلى الناس كافة ،بل بعثه إلى الثقلين افترض طاعته على جميع الثقلين ، على الجن والإنس وأن من آمن به فهو من أهل الجنة،ومن كفر به وبرسالته فهو من أهل النار،ولهذا لا يسع أحد من أهل الأديان السابقة ولو كانت صحيحة ،بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :"لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار" جميع الشرائع نسخت وما بقي بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا هذا الدين دين الإسلام الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- فيجب على جميع الثقلين على الجن والإنس الاستجابة لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتحقيق طاعته كما أمرهم الله -عزوجل- بهذا،فإن الله -عزوجل- لا يقبل ديناً بعد بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا ما جاء به هذا النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الإسلام ،قال والدليلُ قولُهُ تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)وهذا خطاب لعموم الناس وأنهم مخاطبون بهذا،من اليهود والنصارى والمجوس وسائر أصحاب الأديان الماضية من الوثنيين وغيرهم ومن العرب والعجم كلهم مأمورون بطاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن اطاعه فهو من أمة الإجابة الذين استجابوا له وهؤلاء هم اهل الجنة ،وأما من كفر بدعوته فهو من امة الدعوة وهو من أهل النار وعذابهم أشد من عذاب غيره لأنهم كفروا بهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يؤمنوا برسالته،وجعل الله -عزوجل- له من الآيات الخالدة الباقية في الناس وهي هذا الكتاب الذي حفظه الله -عزوجل- من التغيير والتبديل ولهذا كلما عظمت الآيات والحجج كلما قامت الحجة على الخلق ،ولكن يجب على المسلمين أن يبلغوا دين الله وأن يسعوا في إيصال هذا الدين العظيم إلى البشرية وأن يسعوا في ذلك وأن يسخروا كل الإمكانيات في الدعوة إلى دين الله -عزوجل- بالرفق،
وأن يبينوا حقيقة الإسلام فكم شوهت صورة الإسلام والمسلمين عند غير المسلمين بسبب بعض الدعايات الكاذبة التي هي من قبل أعداء الإسلام وإما بسبب بعض المتهورين بعض الجهلة الذين يفعلون ما يفعلون وينتسبون إلى الإسلام فيجب على أهل العلم وعلى أهل الفضل وعلى عموم المسلمين أيضاً إذا ما خالطوا أولئك أن يمثلوا الإسلام خير تمثيل وأن يكونوا دعاة لدينهم في أخلاقهم وفي معاملتهم وفي حسن معاملة الناس،فإن هذا من أعظم ما يدعو الناس إلى دين الله -عزوجل- ، حتى يعلم الناس أن هذا دين رحمة ودين سلام وليس هو دين قتل ولا سفك للدماء ولكن عندما يستوجب الأمر الذي لا يمكن أن يدفع شره إلا بقتله فإن الإسلام جاء بقتله ولكنه بأحسن قتلة
وبأحسن ميتة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :"إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة " وهذا من عظمة الإسلام ،وهذا الدين لو أبرز للناس خصوصاً ما يتعلق بالرفق بالإنسان وبالحيوان حتى الأرض التي نمشي عليها لم نؤمر أن نفسد فيها أمرنا أن نصلح حتى الأشجار المثمرة نهينا عن قطفها وعن إفسادها ،أمرنا بالإحسان إلى أحد في كل كبد رطبة لكم أجر، لو أخرجت هذه الامور إلى كثير من الكفار ا ليوم الذين قد تؤثر فيهم هذه فإنهم يعتنقون الإسلام ولهذا
كثير من أعداء الإسلام الذين هم شر خلق الله ،صرفوا الناس وصرفوا الكثير عن دين الله -عزوجل- بالدعايات الباطلة المضللة التي صورت لكثير من الغر ب والشرق أن الإسلام هذا دين ارهاب ودين قتل ودين سفك الدماء وأرادوا أن يغطوا ما جاء الإسلام من الرحمة والرفق
وأعانهم على هذا بعض جهلة المسلمين الذي يفعلون ما يفعلون وينسبون هذا للإسلام.

[المتن ]
قال -رحمه الله- تعالى :" وأكمَّلَ اللهُ به الدينَ والدليلُ قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا)[المائدة:03].

[[الشرح]]
اكمل الله به الدين كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-"مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحسن بناؤه ، وترك منه موضع لبنة ، فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنائه ، إلا موضع تلك اللبنة ، لا يعيبون سواها ، فكنت أنا سددت موضع تلك اللبنة ختم بي البنيان وختم بي الرسل "
فختم الله -عزوجل- به الاديان ولم يبق بعد دينه دين،وختم وأكمل به هذا الدين الذي شرعه الله -عزوجل- به وبدأ متدرجاً فإن هذا الدين أول ما بدأ متدرجاً فأول ما فرض الشهادتان ثم بقية الفرائض ثم مازال الدين يكمله الله -عزوجل- حتى إذا ما اكتمل التشريع أنزل الله -عزوجل- هذه الآية على نبيه -صلى الله عليه وسلم- :" (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا)[المائدة:03].
فهذه آية عظيمة تدل على أن الدين قد كمل وأنه لا مجال للبدع والمحدثات وأن من أراد عبادة الله -عزوجل- فلينظر في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ، كيف كان يعبد الله وقد صنّف العلماء كتباً مطولة في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-
وما من باب من ابواب الخير إلا وقد وصف لنا في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن هذه الكتب النافعة المفيدة كتاب "زاد المعاد في هدي خير العباد عليه الصلاة والسلام "للإمام ابن القيم فإنه وصف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- كذلك الكتب الأخرى بل كل كتب السنة التي دونت في جمع الأحاديث الصحيحين وغيرهما من السنن فإنها مرتبة على كتب مبينة لأبواب الخير ،وهذه الكتب متضمنة كتاب في الصلاة والطهارة وللصيام وللحج وكيف كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعبد الله فما على المسلم إذا ما أراد أن يتقرب إلى الله بشيء من الفرائض وهذه واجبة على الجميع وإذا ما أراد أن يسارع إلى النوافل وإلى ما شرع النبي من ذلك فليرجع إلى هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وليمتثل هديه في كل باب من أبواب الخير .

[المتن]
قال -رحمه الله- تعالى : والدليلُ على موتِهِ --صلى الله عليه وسلم-- قولُهُ تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)[الزمر:30-31]
.
[[الشرح]]
والدليل على موت النبي -صلى الله عليه وسلم- وانتقاله إلى الرفيق الأعلى هو ما أخبر الله -عزوجل- به في قوله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)[الزمر:30-31].
هذا دليل على موت النبي -صلى الله عليه وسلم-،والنبي -صلى الله عليه وسلم- انتقل إلى الرفيق الأعلى وانتهت حياته الدنيا بموته ولهذا قال أبو بكر بعد أن رآه مسجى وقبله بين عينيه :"ما أطيبك حياً وميتاً أما الموتة الأولى فق متها فوالله لا تموتن بعده"أي بعد البعث.
فهذا مما يجب أن يعتقده كل مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد مات وانتقل إلى الرفيق الأعلى وبهذا انقطع الوحي بموت النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم تعرف البشرية أعظم من هذا المصيبة التي أصيبت بها وهي موت النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ما من رجل قد اصابته مصيبة .إلا ويتذكر مصيبتة بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- فما أصيبت الأمة بأعظم من هذه المصيبة ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي شرع لنا الصبر عند الإبتلاء، وأن نقول قدر الله وما شاء فعل وأن نقول إن لله وإنا إليه راجعون وأن نعلم أن هذه سنة الله في خلقة وأن الله لم يكتب الخلد لبشر ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- بانتقاله إلى الرفيق الأعلى هو بقبره منعم النعيم العظيم الذي لا يمكن أن يوصف وهو له من الحياة البرزخية التي وصف الله -عزوجل- أنها تحصل للأنبياء والشهداء،له اكمل حياة فهو عليه الصلاة والسلام منعم في قبره غضاً طرياً وله من هذه الحياة أكمل حياة ولكن هذه الحياة ليست كالحياة الدنيا ومن هنا لا يجوز لرجل من المسلمين أن يقف عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ويخاطب النبي -صلى الله عليه وسلم- خطاب الصحابة له في حياته ولا أن يسأله ولا أن يطلب منه الشفاعة ولا أن يتوجه له بدعاء ولا أن يتوجه له بشيء فإن هذا مما أجمع عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- انه مما لا يمكن أن يحصل بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم- ،ولهذا ما عُرف عن أحد من الصحابة وقد عصفت بهم بعض الأمور وحصل هناك اختلاف ووجد بعض الفتن ،فما عرف أن أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقف عند قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال يا رسول الله بيّن لنا الأمر في مسألة كذا أو كذا أو جاؤوا ليطلبون منه الشفاعة بل قال شيخ الإسلام ما كان من عادة الصحابة أنهم يقصدون قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- لا عند السفر ولا عند القدوم منه ،وإنما إذا مروا بقبره سلموا عليه السلام الذي كانوا يسلمون عليه في حياته "فينبغي الاعتدال في هذا الباب،لا إفراط ولا تفريط ما ثبت للنبي -صلى الله عليه وسلم- من الأمور التي شرفه الله -عزوجل- فيجب أن تعتقد وتثبت،وما لم يثبت فإنه لا يجوز لمسلم بدعوى محبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ان يغلوا في النبي -صلى الله عليه وسلم-
فإن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- صدق الاتباع في قوله وأن يكون المسلم على العقيدة التي بينها لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى العبادة وعلى المعاملة وعلى الأخلاق التي كان عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- .
هذا هو صدق المحبة وأولى الناس في محبته واصدقهم في ذلك هم أهل السنة، وخاصة أهل العلم منهم ،الذين عرفوا هديه وتمسكوا به وكانوا من أقوم الناس في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته كما كان ذلك من الصحابة وكذلك بعد موته وهم القرون المتتالية من أهل السنة إلى هذا العصر ،وهم بحمد الله على الهدي الذي ترك عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو السنة وهو أيضاً ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- :"لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين،لا يضرهم من خذلهم "،ويجب على المسلم في أن يسعى أن يكون من هذه الطائفة ،والانتساب إلى هذه الطائفة ليست بالدعاوى وأن يدعي فلان أنه من اهل السنة أو أنه على طريق السلف ووإنما هو بصدق البينات الدالة على امتثاله لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ،ولا ينفع الرجل أن يزكى من الناس،
أو أن يمدحه الناس أو أن يظن في نفسه الظنون وإنما ينفعه ما يلقى الله -عزوجل- به من السنة وما يعلم أنه في ظاهرة وفي باطنه على هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- .


يتبـــــــــــــــــــــــــ إن شاء الله ــــــــــــــــــــــــــــع
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 09-01-2012, 08:16 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
Post

بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ الدرس الثامن
شرح الثلاثة أصول
لفضيلة الشيخ د.إبراهيم الرحيلي-حفظه الله-


(المتن)
قال -رحمه الله- :-والناسُ إذَا ماتُوا يُبْعَثُونَ، والدليلُ قولُهُ تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾[طه:55]، وقولُهُ تعالى: ﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا(17)ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾[نوح:17-18].

[[الشرح]]
بعد الموت فالناس يبعثون ومنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أول من ينشق عنه القبر ؛والدليل قوله تعالى :"مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى(-أي منها خلقناكم من الأرض وفيها نعيدكم عند الدفن- كما شرع الله -عزوجل- ذلك.
ولهذا أضافه الله -عزوجل- لنفسه لأنّه هو الذي شرعه وأمر بالدفن ،وهذا من كرامة العبد على الله -عزوجل- ( وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى )عند البعث عندما يأذن الله -عزوجل- ببعث المخلوقات؛عند بعث المخلوقات وكل يبعثه الله -عزوجل- من قبره الذي فيه، ولهذا قال العلماء منهم من يكون قبره ما يدفن فيه من الأرض؛ ومنهم من يكون قبره قاع البحر ؛ومنهم من يكون قبره في بعض أجواف الأسماك والحيتان العظيمة،فالله -عزوجل- على كل شيء قدير؛ يبعث هذه الأجساد ويعيدها كما كانت ولهذا تشهد يوم القيامة بانها فعلت وعملت .
ومن الأدلة على البعث قوله تعالى:" وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا(17)ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا أي أنّه خلقكم من الأرض كما خلق أباكم آدم من الأرض وجعل مادته التي خلق منها التراب وخلق الملائكة من النور وخلق الجن من النار،
فهذه المواد التي خلق الله -عزوجل-منها هذه المخلوقات وهو على كل شيء قدير فآدم وذريته خلقه الله -عزوجل-من الأرض (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتًا (ً أي أنّه أخرجكم من الأرض؛ وهذا باعتبار الأصل، فإنّ آدم خلق من التراب وذريته ترجع إلى هذه المادة ،وإن كان خلق آدم على غير خلق بنيه؛ فإن الله خلقه من غير أب ولا أم ثم خلق ذريته على أصناف ثلاثة: منهم من خلقهم من أب بلا أم؛ كما خلق حواء من ضلع آدم ؛وخلقها من ذكر بلا أنثى؛ وخلق عيسى -عليه السلام- من أنثى بلا أب ولهذ أخبر الله -عزوجل- إنّ مَثَلَ عيسى عِنْدَ الله كَمَثَلِ آدم) أي أنّه في خلقه على غير العادة؛ على غير عادة خلق الله -عزوجل-و سنة الله -عزوجل- في خلق المخلوقات؛ ومنهم من خلقهم من أبوين من أب وأم؛ وهم عامة المخلوقين من بني آدم خلقوا على هذه الهيئة ،فإذا ما أضيف بني آدم إلى التراب؛فهو باعتبار الأصل؛وإذا ما أضيف خلقه إلى الماء المهين فهو باعتبار ما خلق من كل انسان أنه خلق بهذه الطبيعة إلا ما خلقه الله -عزوجل- بغير هذا الأمر كما خلق عيسى -عليه السلام- بإذنه بنفخ الروح في جوف مريم -عليها السلام- ثم حملت به فكان خلقه على غير خلق الناس؛ وكذلك حواء كما تقدم.
(ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا)أي عند الموت ثم عند البعث ثم يخرجكم عند البعث .
[color=#0000ff](المتن)[/color]
الْبَعْثِ مُحَاسَبُونَ وَمَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ? وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى ? [النجم: 31]
.
[[الشرح]]
بعد البعث بعد أن يإذن الله -عزوجل- ببعث الخلائق يحاسبهم ويجازيهم بأعمالهم وبمثاقيل الذر من الخير والشر .
ومجزيون بأعمالهم والأعمال مضافة إلى العباد لأنهم هم الذين فعلوها،فهي من أعمالهم ؛وهم ممدحون ومذممون بها؛ فالعبد هو الطائع وهو العاصي والله عزو جل هو الخالق للعبد ولعمله ، والدليل قوله تعالى: ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
أي انه يجزي كل إنسان بعمله فمن أساء فإن الله يجازيه ويحاسبه لذلك /ومن أحسن فإن الله يجازيه والجزاء من جنس العمل والحسنى هي الجنة أو الثواب الذي اعده الله لأهل الجنة .
(المتن)
وَمَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن: 7].
[[الشرح]]
مَنْ كَذَّبَ بِالْبَعْثِ كَفَرَ، وهذه من الأمور المتفق عليها في الدين أن من كذب بالبعث أو بقدرة الله -عزوجل- على بعث الخلائق فإنه كافر بذلك والإيمان بالبعث يؤمن به كل أصحاب الأديان التي تنتسب إلى الوحي من الله عزوجل كاليهودية والنصرانية وإنما يكذب الوحي الدهرية وبعض الآن من ينتسبون إلى الشيوعية ، وبعض الزنادقة الذين يكذبون بهذا .
وأما عامة اليهود والنصارى والمسلمون فإنهم يؤمنون بالبعث ويعلمون ان الناس سيبعثون ،وإن كان كل طائفة من هؤلاء من اليهود والنصارى يدعون أنهم على الحق والكل على ماهو عليه من الدين قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- فمن كان على دين موسى فهو عليه ومن كان على الإيمان به فهو مؤمن وكذلك من كان على دين عيسى فهو على ذلك من الإيمان إلى أن بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يسع أحد من اليهود والنصارى إلا بالإيمان بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال والدليل قوله تعالى -أي البعث- :" وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا)هذا هو الشاهد أن هذا الزعم ما حصل إلا من الكفار ، والزعم هو الكلام الباطل الذي لا يقوم على بينة ( قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ?وهذا متضمن البعث والمجازاة وأن الإنسان سيجازي بعمله وذلك على الله يسير أي أنه متيسر عليه وأن الله على كل شيء قدير ، يبعثهم كنفس واحدة ويجازيهم كنفس واحدة وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- الله كما جاء في الحديث في الصحيحين :"ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب " فالله -عزوجل- سيكلم عباده ولا يشغله مخلوق عن مخلوق فإنه على كل شيء قدير،كما أنهم الآن يتوجهون إليه بالدعاء وهو مطلع عليهم وعلى لغاتهم وعلى أحوالهم وعلى ما يسرون به وما يجهرون به من الكلام الله -عزوجل- مطلع على ذلك .
(المتن)
وَأَرْسَلَ اللهُ جَمِيعَ الرُّسُلِ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ? رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء: 165].
[[الشرح]]
أرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين مبشرين بالجنة منذرين من النار مبشرين بمن اطاع الله واستجاب لهم ومنذرين بالنار ،مبشرين بمن أطاع الله واستجاب له ومنذرين من خالفهم بعثهم بالبشارة والنذارة ولهذا قام كتاب الله -عزوجل- على هذا على بشارة المؤمن وعلى النذارة على ما ينتظر الكفار من العقاب ومن العذاب الأليم وقد قصّ الله -عزوجل- علينا قصص في كتاب الله -عزوجل- حتى انا لكأنا نرى الجنة والنار ونرى أيضاً ما حصل قبلنا من صراع بين الأمة وأنبيائهم وما حصل من العز والتمكين في الدنيا لهؤلاء وما سيحصل يوم القيامة أيضاًحتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ثم قص علينا أيضاً ما يدور بين اهل الجنة من حوار وكلام وما يدور بين اهل النار من خصومة وتحسر كل هذا كأنا نرى الجنة والنار .
وفي هذا موعظة لكل عبد يعلم أن كلام الله -عزوجل- حق ولا يوجد مسلم يشك في هذا وينقدح في ذهنه أن هذا ليس بحق بل كلنا مؤمنون بحمد الله بهذا ولكن عليهم أن يذكروا هذا في كل وقت ،وفي كل حين ،
فإن المعصية لا تكون إلا عند الغفلة وعند النسيان وإما إذا تذكر الإنسان أن هذا المصير وأن هذا المآل فإنه لا يقدم على المعصية إلا جاهل يسعى في هلاك نفسه بل سفيه لا يعرف مصلحته فإن الله -عزوجل- أخبرنا بهذا الشيء ولا يوجد إنسان عاقل يريد لنفسه الشقاء في الدنيا والآخرة وإنما الكل يسعى في نجاة نفسه .
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ? رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ
يعني الرسل جاؤوا بالبشارة والنذارة حتى تقوم الحجة على الخلق؛ومن بلغته دعوة الرسول فقد قامت عليه الحجة؛ إذا كان عاقلاً يعقل الكلام؛ وأما إذا كان لا يفهم أو لا يعقل فإنه معذور حتى يعقل؛ ولهذا المجنون مرفوع عنه القلم وكذلك الصبي الذي لم يبلغ فإنه مرفوع عنه القلم وكذلك النائم حتى يستيقظ وكذلك الذي لا يفهم الخطاب فإنه معذور وكذلك من وقع له تأويل من أهل العلم أو من المسلمين اليوم تأوّل النص وظن انه يدل على شيء فإن الله غفور رحيم لا يؤاخذ العبد حتى يعلم العبد أن هذا امر الله فإذا خالفه بعد العلم فإنهم مؤاخذون وأما قبل ذلك فإن الله غفور رحيم .
وإن من التشديد على الناس أن يُظن أن الله لا يغفر لمن أخطأ وإن كان خطأه عن اجتهاد أو انه ما تعمد الخطأ فإن رحمه الله -عزوجل- أوسع من تشديد هؤلاء ولهذا كما جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" أنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه"،أخبر ان هذا الدين مبناه على التيسير؛ ومن شك في شيء من هذا فليراجع هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-في معاملة المخطئين الذين اخطأوا وتأولوا واعتذروا فقبل منهم ولم يشكك في نياتهم ولم يطعن فيهم ولم يكذبهم ؛وما عرف أن النبي -صلى الله عليه وسلم-جاءه رجل وأظهر التوبة وقال لعله كاذب؛ لعله لا يصدق في هذا؛ بل حذر من التنقيب على ما في قلوب الناس كما في قصة أسامة عندما قتل الرجل الذي كان يقاتله في المعركة ثم بعد ذلك لما هوى عليه بالسيف أسامة قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقتله،فأخبر بذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله، فقال لعله قالها تعوذا، قال أفلا شققت عن قلبه ،
فلاحظوا هذا الرجل في أرض المعركة وكل انسان يحكم بالعقل وبالقرائن لقال إن هذا قالها تعوذا، لكن النبي -صلى الله عليه وسلم-إن هذا الأمر عظيم وأنه ما أمر ان يُنقِب عن قلوب الناس وعن علانيتهم وأمرهم إلى الله ولهذا كان المنافقون في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- يعاملون معاملة المسلمين إلا من ظهر نفاقه، بل ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- وهذا ما نقل أيضا عن حذيفة في حواره مع عمر أن حديفة كان يعلم بعض المنفاقين وكان الناس يصلون عليهم ،وما كان حديفة يمنع الناس من الصلاة على المنافقين ويعلم أنه من المنافقين قال شيخ الإسلام :"وكل من علم منافقاً فإنه لا يُصلي عليه ومن لم يعلمه من المسلمين بيقين فليس له أن يمتنع عن الصلاة على مسلم ظاهره الإسلام بظن.
فهذا هو الأصل وهذا دين الرحمة أمر الله -عزوجل- برحمة الخلق وهو أرحم بعباده من كل أحد وهو أرحم بعباده من الأم بإبنها ولهذا مهما بلغت المخالفة إذا كان الرجل متأولاً أو مخطئاً أو لم يتبين له الحق أو لم يفهم فإنه معذور كما دلت على هذا النصوص ومنها قول الله -عزوجل- (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )ولا يجوز لأحد من طلاب العلم ولا من غيرهم أن يترك النصوص البينة الواضحة ويتمسك ببعض العمومات الاخرى؛ أو ببعض كلام أهل العلم ؛وإن كانت لهم منزلة وقدر وكلام العلماء يؤخذ منه ويرد ،كما قال الإمام مالك؛ولكن ايضاً من تتبع كلام العلماء وجده أنه متفق مع النصوص لكن المشكلة هو النظر في بعض الإطلاقات أو في بعض المواطن أو التي هي مقيدة بنظائرها من كلام أهل العلم .
ولهذا ذكر شيخ الإسلام من أسباب التكفير والغلو فيه أن بعض الذين يكفّرون لم يتنبهوا إلى التفريق بين الحكم المطلق والحكم على المعين، وقال أن هؤلاء اصابهم في ألفاظ العموم في كلام الشرع ما أصاب المتقدمين ان هؤلاء أصابهم في عموم كلام أهل العلم ما أصاب المتقدمين في عموم نصوص الشارع .
فظنوا أن العلماء إذا قالوا ان فلان كافر أن من فعل ذلك فهو كافر؛ فإنه يستلزم تكفير المعين، قال شيخ الإسلام "ولهذا ما من إمام من أئمة المسلمين إلا وينقل عنه في مسألة التكفير قولان أنه يكفر بكذا ولا يكفر بكذا وهذا لأن الناس لم يتبينوا ولم يتنبهوا إلى ان الكفر المطلق غير الكفر المعين ومن هؤلاء الأئمة الذين فهم الناس او بعض من لم يفهم كلامه على وجهه هذا الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب الذين قد يفهم بعض الناس من كلامه أنّه يكفر أو أنّه يتشدد بالتكفير مع أنه دائماً يفرق بين الحكم المطلق والمعين وله نصوص بينة وواضحة يقول ومن زعم أني اكفر الجاهل فإن هذا من بهتان الأعداء وذكر أنه لا يكفر من يعبد الصنم الذي على قبر الحسين والبدوي لجلهم وعدم من ينبههم ،بل إنه لما نسب له أنه يكفر بعض أهل البدع أو بعض أصحاب وحدة الوجود كابن عربي ،قال إنه لا يكفرهم وذلك ليس شكاً منه فيما كانوا عليه من الكفر ولكن لأنه ما تبين هل قامت عليهم الحجة أم لا وينبغي لأهل العلم ان يعرفوا كلام العلماء واطلاقاتهم أن يسلكوا بهم المسلك الصحيح وأن لا يصيبنا ما أصاب المتقدمين من الخوارج الذين فهموا من عمومات الشرع والنصوص الشرعية أنه إذا اطلق الحكم في موطن أنه يستلزم تكفير المعين من كل من قام به هذا الفعل .
(المتن )
وَأَّولُهُمْ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ.
[[الشرح]]
هذا في بيان الرسل عليهم السلام أن أولهم نوح عليه السلام وآخرهم محمد -صلى الله عليه وسلم -
(المتن )
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوَّلَهُمْ نُوحٌ قَوْلُهُ تَعَالَى: ? إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ? [النساء: 165].
[[الشرح]]
هذا في بيان أن نوح هو أول الرسل لأن الله -عزوجل- قدمه وأخبر أنه أوحى إلى النبيين بعد نوح فدل على أن نوح هو المتقدم وأن نبينا -صلى الله عليه وسلم- هو آخرهم وخاتمهم .
(المتن )
وَكُلُّ أُمَّةٍ بَعَثَ اللهُ إِلَيْهِا رَسُولا مِنْ نُوحٍ إِلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ؛ وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ? وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ? [النحل: 36].
[[الشرح]]
هذا ما بعث الله به الرسل وهو تحقيق العبادة لله -عزوجل- والكفر بالطاغوت كما قال الله -عزوجل- ? وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ?أن اعبدوا الله وهذا تحقيق في عبادة الله -عزوجل- واجتنبوا الطاغوت وهذا البراءة من كل الآلهة التي عبدت من دون الله -عزوجل-والأنداء وكل الطواغيت التي عبدت من دون الله -عزوجل- ، فإن البراءة منها واجبة واخلاص العبادة لله -عزوجل- واجبة .
(المتن )
وَافْتَرَضَ اللهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالإِيمَانَ بِاللهِ.
.

[[الشرح]]
هذه من اعظم الفرائض؛ وهو معنى الشهادتين؛ وهو الكفر بالطاغوت والبراءة من كل ما عبد من دون الله -عزوجل-، والإيمان بالله -عزوجل- ؛ ولا يتحقق الإيمان بالله إلا بالكفر بالطاغوت ولا يتحقق الكفر بالطاغوت إلا بالإيمان بالله فلا بد من الإثبات والنفي إثبات الألوهية والعبادة لله -عزوجل- وامتثا ل ذلك ونفي الألوهية عن غير الألوهية عن غير الله -عزوجل- واعتقاد أن هذا حق الله لا يصح لغيره
(المتن)
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: مَعْنَى الطَّاغُوتِ مَا تَجَاوَزَ بِهِ الْعَبْدُ حَدَّهُ مِنْ مَعْبُودٍ أَوْ مَتْبُوعٍ أَوْ مُطَاعٍ.
[[الشرح]]
هذا تفسير ابن القيم للطاغوت والعلماء اختلفوا بتفسير الطاغوت وقد جاء في بعض كتب التفسير عن عمر -رضي الله عنه- انه قال الطاغوت هو الشيطان وبعضهم فسره ببعض الأفراد قيل كعب بن الاشرف وبعض اليهود احياناً وبعضهم قيل لبعض الكفار والمقصود أن الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله -عزوجل- وهو راض بهذه العبادة ،أو ما عبد من دون الله -عزوجل- من الأصنام و من غيرها فهذه كلها معذبة معهم اما من عبد من دون الله -عزوجل- وعبده الناس بغير رضاه ،فهذا ليس من الطواغيت إذ أنه لم يرض بعبادتهم وإن كانوا هم فيفعلهم عبدوا الطاغوت ولكنّهم في عبادتهم للطاغوت ليس أنهم يمتثلون أمر من عبدوه من دون الله من الصالحين وإنما الشياطين هي التي امرتهم بعبادة البشر .
(المتن)
وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرُة وَرُؤُوسُهُمْ خَمْسَةٌ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللهُ، وَمَنْ عُبِدَ وَهُوَ رَاضٍ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَةِ نَفْسِهِ، وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ
[[الشرح]]
تعليق ابن القيم -رحمه الله- واضح ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع او مطاع يعني بيّن أن الطاغوت أنه يكون يمجاوزة العبد حده بالخروج عن الحد الذي جعله الله -عزوجل- للإنسان وهو الغلو فيه، من معبود يعني من دون الله -عزوجل- أو متبوع وأما العبادة فلا تصح إلا لله -عزوجل- فكل من عبد من دون الله وهو راض بذلك فهو طاغوت وأما الاتباع فإنه يكون للأنبياء والرسل فإذا كان للأنبياء والرسل فإذا كان للأنبياء والرسل فهو اتباع لدين الله عزوجل وكذلك اتباع العلماء فيما أصابوا فإن هذا من طاعة الله ومن طاعة رسله وأما اتباع العلماء في تحليل الحرام وتحريم الحلال فإن هذا من اتخاذهم طواغيت ومن اتخاذهم أنداداً من دون الله فإذا رضوا بذلك فهم مع متيوعيهم وأما إن لم يرضوا فهم بريئون منهم كما أن الصحابة ومن جاء بعدهم يتبرأون من كل من غلا فيهم ،أو مطاع أيضاً الطاعة تكون أيضاً في طاعة الله -عزوجل- فإذا كانت الطاعة في حدود طاعة الله فإنها داخلة في دين الله -عزوجل- وأما إذا كانت في غير طاعة الله فإن كانت في التحليل والتحريم فإن هذا لا شك كفر وأما إذا كانت فيما دون ذلك فهي محرمة مثل أن يأمر الرجل الرجل أن يعصي الله فهذه ليست بكفر وإنما هي معصية ولكن إن أحلّ له الحرام وأطاعه في ذلك، فإن هذا كفر لأنه في التحليل والتحريم وأما طاعة الفعل مع الاعتقاد أن الحلال ما أحله الله وأن الحرام ما حرمه الله فهذه معصية .
قال وَالطَّوَاغِيتُ كَثِيرُة،يعني أن أفرادهم الذين يدخلون تحت هذه الأوصاف كثيرة ورؤوسهم خمسة؛أبليس لعنه الله وهذا ظاهر فهو شر الطواغيت وهو إمامهم ومقدمهم وهو الذي دعا إلى عبادة غير الله -عزوجل- ولهذا فسّره عمر رضي الله عنه بأنه الطاغوت هو الشيطان لأن كل عبادة صرفت لغير الله -عزوجل- فإنما هي طاعة للشيطان الذي أمر بها ،من عُبد من المخلوقين من الجن والإنس وهو راض فإذا رضي بذلك فهو من الطواغيت ومن هنا يتبين أن من عبد وهو غير راض فإنه بريء من ذلك وليس هو من الطواغيت وإن كان الذي عبده عبد الطاغوت ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه فهذا أيضاً من الطواغيت كالذين يدعون الناس إلى صرف بعض العبادات لهم من السجود والركوع والذبح فهؤلاء طواغيت وهؤلاء اتباع للشيطان صرفوا الناس عن عبادة الله -عزوجل- إلى عبادتهم وهؤلاء لهم مقاصد بعضهم لبّس عليه الشيطان وبعضهم يبتزون الناس وأموالهم ويزعمون أنهم لهم قدرة على التأثير في الكون؛ وأنهم يملكون ادخال الناس إلى الجنة والنار ،وأصبح في بعض من ينتسب إلى الإسلام من يكتب ما أشبه بصكوك الغفران عند النصارى ويزعم أنه يملك ادخال الناس الجنة وإدخال من شاء النار وهذا لا شك أنه من الكفر البيّن وهو مشاقّة لدين الله -عزوجل- من كل وجه .
وَمَنْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ ؛أيضاً هذا من الطواغيت لأن الله -عزوجل- اختص بعلم الغيب وليس لأحد من المخلوقين الاطلاع على الغيب إلا من اطلعه الله -عزوجل- على ذلك من الرسل.
وَمَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللهُ، أي من ترك حكم الله -عزوجل- وحكم بغير ما أنزل الله -عزوجل- وهذا به تفصيل كما ذكر أهل العلم وقد خاض الناس بهذه المسألة خوضاً كبيراً ، والمرجع في هذا هو كلام السلف الذين تكلموا عند تفسير الآيات في سورة المائدة وأخبروا أن اطلاق الكفر في الآيات انه كفر دون كفر كما قال ابن عباس وغيره من الائمة وهو الذي عليه أهل السنة وعليه المحققون منهم أنّ من حكم بغير ما أنزل الله فإنه إنْ كان هذا حكمه من غير استحلال لهذا الحكم فإنه معصية؛ وهو كفر دون كفر ،وإن كان هذا أمر عظيم وشيء لا يستهان به؛ولا يعني هذا أنه إن لم يكن كفر انه بالشيء الهين بل هو امر عظيم ونبذ لحكم الله وسبب لتسلط الكفار على المسلمين إذا ماتساهلوا في هذا الأمر .
وأما إذا صاحب الحكم بغير ما أنزل الله ان يستحله الرجل ويرى أنه حلال فإن هذا كفر أكبر، وكذلك لو اعتقد أن حكمه مثل حكم الله،أو أن حكم الله لا يصلح لهذا الزمان؛فإن هذا كفر بيّن وقد فصل الشيخ عبدالعزيز -رحمه الله- في بعض فتاويه هذه المسائل وبيّن صور الكفر الأكبر منها،وكذلك من شرّع تشريعاً؛وهناك فرق بين التشريع وبين الحكم بغير ما أنزل الله، فإن المشرِّع هو من يعمل للناس نظاماً ليقول هذا دين،ولهذا فرّق العلماء بين التشريع وبين الحكم فالتشريع هو أن يقول هذا دين وشرع، ولهذا قال الله -عزوجل- :( ولا يشرك في حكمي أبداً ) وذكر العلماء تحت هذه الآية أنه كل شرك وأن من شارك الله في حكمه واعتقد أنه شريك لله -عزوجل- في حكمه فإن هذا كفر أكبر ولكن ليس كل من حكم بغير ما أنزل الله فقد ينزَّل فعله هذا أنه مشرِّع ،حتى لو أنه كتب بعض القوانين الوضعية ووضعها وبيّنها وقال للناس ارجعوا إليها فإنه إن لم يعتقد أنها تشريع وأنها من الدين، وإنما ليعلم أنه عاصي وأن حكم الله هو الصحيح وأن هذا ليس من الدين وأن هذا مما أقدم عليه لهواه أو لضعفه فإن هذه معصية ؛فإذا اعتقد أنه دين؛ أو أن الدين لا علاقة له بسياسة الدولة؛فلا شك أن هذا كفر ،أما إذا كان أنه يعلم بأن حكم الله هو الواجب وأنه يعصي في حكم الله -عزوجل- فهذا عاصي من عصاة المسلمين ،وهذا على أصل أهل السنة وقاعدتهم ؛أن من ارتكب شيئاً من الذنوب ولو ارتكب ما ارتكب من الذنوب؛ إن كان لا يستحلها فإنه لا يكفر بها حتى يعتقد حلها، ولهذا لو تأملنا مسألة الحكم بغير ما أنزل الله فإنها تسري على كثير من أفراد الأمّة، فالأمراء والملوك والرؤساء وتحتهم الوزراء وتحتهم من هو دونهم من الموظفين ؛إلى أن يصل الأمر إلى الرجل في بيته وبين زوجاته وفي معاملة أولاده وإلى كل انسان فإنه هو راع وهو مسؤول عن رعيته فإذا صرف حكم الله لو نزلنا هذه الأحكام لقيل بكفر عامة الأمة، وهذا ما حصل من بعض الغلاة الذين كفروا المجتمعات الإسلامية وقعطوا بكفرها وقالوا لم يبق في المسلمين اليوم الإسلام وإنما هو الكفر.
وبعضهم يصرِّح بأن هذه جاهلية كالجاهلية الأولى وليس هناك اسلام ولا دين ولا شك أن هذا أمر خطير ، فلا زال الخير موجود ولا زال الدين باقي ولا زال -الحمد لله-في المسلمين وإن كان بهم ضعف كبير وتفريط في حق الله-عزوجل-وفي التفريط في حكم الله -عزوجل- والناس متفاوتون في هذا ولكنّ الخير موجود ؛ومن كفّر المسلمين بغير بينة فأمره خطير بل من كفر رجلا منهم فأخبر النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه يبوء بها أحد الرجلين إما أن يكون مكفّر كذلك أو الذي كفرَّه .



يتبـــــــــــــــــــــــــ إن شاء الله ــــــــــــــــــــــــــــع
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 09-13-2012, 11:00 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تتمّة تفريغ الدرس الثامن والأخير
شرح الثلاثة أصول
لفضيلة الشيخ د.إبراهيم الرحيلي-حفظه الله-







((المتن))

قال رحمه الله تعالى: وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:( لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ)

((الشرح))

هذا من الدليل على وجوب الكفر بالطاغوت(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ)وهو الإسلام والدين والتوحيد والذي جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم-؛وهذه الآية يَفهم منها بعض المسلمين للأسف أو بعض الكتّاب المعاصرين ما لم تدل عليه من أن حرية العقيدة جاء بها الإسلام وأن كل انسان له الحرية في أن يعتقد ما شاء ؛ليس الأمر كذلك؛بل إن هذه الآية جاءت مبيّنة أنّه لا دين إلا هذا الدين الذي جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم-ولهذا قال الله - عزوجل-(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)أي أنه ليس لكم أن تكرهوا الناس على الدين بعد أن تبيّن الرشد؛ فمن استقام على دين الله فله الجنّة،ومن عصى فله النار،وهذا لا يعني الإقرار وهذا كقول الرجل افعل ماشئت فأنا سأجازيك بما تقول وتفعل ،لا يعني أنه أقرّه على فعله.

فدين الله - عزوجل-هو واجب الاتباع ولذا قال الله - عزوجل-(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ )؛ولهذا ما شُرع لنا أن نقر الكفار على أديانهم؛وأن أهل البدع على باطلهم؛ بل ننكر عليهم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :" مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ" وكذلك لما ذكر وجود الحكام الذي قد يحصل فيهم بعض الخطأ؛قال" فمن كره برىء ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتاب" فبيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من رضي وتاب أنه شريك للمخالف في المخالفة فلا يجوز أن يقر لمسلم أن يقرّ على دين باطل،ولا أن يعتقد حرية الأديان؛بل إن الله - عزوجل- أمر الناس بعبادة الله؛ وإخلاص العبادة لله؛ وأنه ليس للإنسان الحرية في أن يختار ما يشاء من الاديان؛بل لا بد أن يختار هذا الدين ؛ولكن من خالف فإنه لا يُكرَه؛لا يُؤتى بالناس ويسجنون حتى يُؤمِنوا من الكفار الأصليين؛ والكفار الأصليون منه العلماء على أحكامه ولا يتسع المقام للتفصيل ؛لكن من كان منهم من أهل الكتاب فإنه يقاتل إذا كان بالمسلمين قدره فهم مخيرون أما الإسلام وأما الجزية ؛وأما غير أهل الكتاب فإنهم يقاتلون؛إما أن يدخلوا في الإسلام وإما يقتلوا،فهذا الذي جاء به الإسلام ولكن إذا ضعف المسلمون ولم يكن قدرة على ذلك فهذا لا يعني أنهم يقرّون الكفار على كفرهم ،فينبغي التنبّه لهذه المسألة والمسألة عظيمة متعلقه بالعقيدة.

بعض الناس يريد أن يُظهر التسامح في الدين ويصوره فإن هذا الدين جاء بحرية الأديان؛ما جاء (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ )وكل الرسل جاءت بهذه الدعوة : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )أين الحرية ؟!اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت،هذا الذي جاء به الدين ،وأما ما جاء مورد التهديد ( فَمَنْ شاءَ فَلْـيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْـيَكْفُرْ)فهذا مورد التهديد أن من شاء فليؤمن فله الجنّة ومن شاء أن يكفر فله النار.

((المتن))

قال رحمه الله تعالى :-
"وَهَذَا هُوَ مَعْنَى لا إله إِلا اللهُ."

((الشرح))

هذا الذي دلّت عليه الأية الإيمان بالله والكفر بالطاغوت؛معنى لا إله إلا الله نفى الألوهية عن غير الله - عزوجل- واثباتها لله وحده.

((المتن ))

قال رحمه الله تعالى :-
وَفِي الْحَدِيثِ: (رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامِ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ).

((الشرح))

وفي الحديث؛وهذا تقدم معنا في الأحاديث التي تقدم شرحها " رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامِ "والمقصود برأس الأمر الأمر هنا هو الدين؛والمقصود بالإسلام هنا الشهادتان، كما نبّه على هذا العلماء ؛وجعل الشهادتين بمثابة الرأس من الشيء؛ومعلوم أنه إذا ذهب الرأس فإنه تذهب الحياة من الإنسان أو الحيوان،ولهذا شُبّه الإسلام هنا وشبّهت الشهادتان هنا بمثابة الرأس من الجسد فإذا ذهب الرأس ذهبت الحياة وكذلك إذا ذهبت الشهادتان فلم يبق بعدها شيء من الإيمان .

" وَعَمُودُهُ الصَّلاة"وجعل أيضاً الصلاة بمثابة العمود في البيت أو واسطة البيت ،فإن البيوت تُبنى على أعمدة وحتى الآن الأبنية الحديثة كلها مبناها على أعمدة قوية هي مدار البناء عليها؛ وكذلك بيوت الشعر القديمة؛كانت لها واسطة تقوم عليها فالبناء له أعمدة والبناء لا يقوم إلا بهذه الأعمدة وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة عمود الإسلام ،وهذا دليل لمن قال بتكفير تارك الصلاة أنه إذا هدم العمود أو انكسر فإنه لا يبقى البناء على أصله وإنما يذهب وهذا دليل على أهمية الصلاة من الدين.

"وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ "وشبّه أيضاً الجهاد بمثابة السنام من البعير فإنه هو ذروة ما يُرى من البعير،وكذلك الجهاد لأنّ فيه إعلاء للدين ؛ولعل هذا أيضاً من التشبيه البليغ أنّ الجهاد في سبيل الله هو من الواجبات وليس هو من الاركان؛ ولهذا من المعلوم أنه لو قطع سنام البعير أن يعيش؛ ولكنه في هزل وضعف ولهذا شبهه النبي- صلى الله عليه وسلم -الجهاد بسنام البعير؛فإنه إذا بقي بقي البعير سميناً قوياً ويُنتَفع به على أحسن وجه وكذلك الجهاد وأما إذا ذهب الجهاد ولا يعني وجود الكفر وإنما هو تعطيل لبعض أحكام الله - عزوجل- فمن تركه وهو غير مستحل لتركه فإنه عاصي، وأما من اعتقد أن الجهاد غيرمشروع بذلك أو أن الجهاد قد نُسخ فهذا إن كان يصلح الحكم الشرعي فإنه يكفر بذلك فالجهاد باق إلى قيام الساعة ولكن له شروط يعلمها العلماء وينبهوا عليها.
وإذا وجد في بعض عصور المسلمين ضعف وعدم التمكن من الجهاد؛ لا يعني أن المسلمين عطّلوا الجهاد كما يدّعي بعض من يدّعي من التكفريين؛ وإنما هذا مبناه على نظر العلماء ونظر الائمة ،في أنه إن لم يكن للمسلمين قدرة على الجهاد فإنه نعفو عنهم حتى يتمكنوا من القدرة على ذلك،وهذا حصل في عصور مضت انه لا يوجد جهاد في بعض العصور لضعف المسلمين .
وأما إذا تمكّن المسلمون يجب عليهم ان يجاهدوا الكفار وأن يجاهدوهم جهاد الطلب وجهاد الدفع،يعني الجهاد مشروع من جهتين جهاد الطلب وجهاد الدفع،كل هذا مشروع لا شك فيه، ولكن هذا مبناه على شروط بينتها النصوص ونبّه عليها أهل العلم .

((المتن ))
قال رحمه الله تعالى :_
وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعلى آله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
((الشرح ))

هذه هي آخر الرسالة؛ونسأل الله - عزوجل- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا وما قرأنا من كلام الإمام المصنف رحمه الله؛وهذه الرسالة عظيمة في موضوعها كما تقدم وهي عظيمة لكونها من كلام هذا الإمام المجدِّد الذي نرجو ونحسبه كذلك من أهل الإخلاص الذين سعوا في نشر دين الله - عزوجل- وكلامه له وقع في النفوس وله أثره الطيب كما ذكرت في بداية الشرح أنه انتفع به الكبار والصغار؛ولقد رأينا أثره هذا عندما قُررت هذه الرسالة العظيمة على الطلاب في المراحل الاولى ورأينا نفعها وأثرها،ونجد إلى الآن -بحمد الله-أثرها عندما قرأناها صغاراً وما زلنا نقرأها كباراً وهي عقيدة عظيمة كلها مبناها على الأدلة وكلامها سهل وميسّر ويسهل حفظها فنسأل الله - عزوجل- أن ينفعنا وإياكم بذلك ونسأل الله - عزوجل- أن يتقبل منّا ومنكم .


والحمد لله رب العالمين
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:00 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.