أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
34415 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-28-2017, 07:35 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي قِصة عجوز ساجِر =احمد بن مسفر العتيبي


من المعروف شرعاً وعقلاً أن الدُّروس التأريخية تحملُ في طيَّاتها الطيِّب والرديء ، فالدُّروس كالسُّيول ، كما قال الله تعالى : ” فاحتمل السيلُ زبداً رابياً ، ومما يُوقدون عليه في النارِ ابتغاء حِليةٍ أو متاعٍ زبدٌ مِثلُهٌ ، كذلك يضرِبُ الُله الحقَّ والباطل “(الرعد : 17 ) .

وهذه قصة نافعة جداً ساقها لي بسندٍ قويِّ في مجلس علمي أحد مشايخ الكويت ، وهو فضيلة الشيخ فلاح مندكار وفقه الله تعالى ، وقد كان بحكم اقامته في المدينة النبوية قبل أربعة عقود ، مُصاحباً ومجاوراً للفئة الباغية – عاملهم الله بعدله – التي اقتحمت الحرم في غُرَّة محرم 1400 هجرية .
يقول الشيخ إن تلك الفئة كانت تُجالسنا وتُصاحِبنُا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكننا لا نتفق معها في الأفكار والمعتقدات ، وبسبب حُبِّهم لأهل الإيمان والعلم ، توثقت صِّلتُنا بهم مع بعض الإختلاف في الوسائل والغايات.

وقد ذكروا لنا هم بأنفسهم وبلسانهم – قبل اقتحام الحرم بشهور – أنهم في مرة من المرات وهم في طريقهم إلى الكويت قادمين من مكة، مروا ببئر عند مدينة ساجر للسُّقيا ( وساجر من مدن الاخوان قديماً ، وتقع شمال غرب الرياض) ، وكان ذلك قبل غروب الشمس بقليل ، وكان معهم صاحبهم محمد بن عبد الله ، وهو مهديُّهم المنتظر المزعوم وبعض مُحبِّيه ، فأرادوا أن يستقوا من البئر المعترضة في طريقهم عند مدخل مدينة ساجر ، فرأوا عجوزاً ضعيفة تحمل الماء ، وأرادوا مُساعدتَها في حمل الماء ، فقالت لهم بعد أن أطالت النظر فيهم: أنتم أتباع المهدي ، وفيكم محمد بن عبد الله المهدي المنتظر ، وسمَّته باسمه ، والله إنني أراكم في المنام كل ليلة . وأخذت تُكرِّر كلامها عليهم ليقتنعوا ! .
فتعجبوا من تلك العجوز الأُمية كيف عرفت بأمرهم وما تُضمره نفوسهم ، وهم غرباء لا يعرفونها ولا تعرفهم ، وليس لهم صلة قوية بأحد ٍمن أهل ساجر .
يقول الشيخ : فزادت ثقة تلك الفئة بأنفسهم بعد هذه القصة ، وأووقدت في أذهانهم جمراً ، وتخمَّرت فكرة المهدي في رؤوسهم وثبتت ، وجزموا أنه يجب تصديقها في الواقع ، لأنها تواترت من أُناسٍ كثيرين ومن رؤى كثيرة ومن مدن عديدة وبعيدة ، مما جعلها أمرا لازم التحقُّق في واقع الناس.
وقد حدث بعدها من النكبات على حرم الله وعلى عباد الله ، ما لا يخفى على أحد ، فلا نُطيلُ بسرد أحداثٍ مضت واشتهرت .
• هذه القصة العجيبة فيها عشر فوائد :

الأولى : أن الله تعالى لا يُصلح عمل المفسدين ، وكل وسيلة كانت سبباً لمقصدٍ فاسدٍ فهي باطلة وفاجرة ، لأنها من الهوى ، وهو محاربة للحق ولنور الوحي ، وقد قال الله تعالى : ” ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ” ( الأنفال:47 )
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” اللهم إنِّي أعوذُ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء ” أخرجه الترمذي بإسناد صحيح من حديث أم سلمة رضي الله عنها .

الثانية : أن الشيطان يأتي المسلم في هيئة آدمي أو آدمية لاضلاله والايقاع به في شر أعماله ، وهذا تنبيه للغافلين الذين يظنون أنهم معصومون من الخطأ في الاجتهاد ، وقد قال الله تعالى على لسان إبليس : ” لأحتنكنَّ ذُّريته إلا قليلاً ” (الإسراء: 62 ) . وفي الحديث المرفوع : ” إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعثُ سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ” أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه .

ولا يردُّ كيد إبليس إلا الإعتصام بالله وكثرة الإلتجاء والإفتقار إليه سبحانه، مع الإخلاص واتِّباع السنة .
الثالثة : من أراد أمرا شرعياً صعُب وعَسُر عليه الوصول إليه، فيجب عليه أن يأتيه بالطرق الشرعية لا بالحِيل المحرمة ، لقول الله تعالى : ” وليتلطَّف ولا يشعرنَّ بكم أحدا ” ( الكهف: 19 ) . فمن أبى فقد أوجب على نفسه التلف . والقاعدة عند العلماء في هذه الأحوال أن يُشغل نفسه بمصلحةٍ دينيةٍ أو دنيويةٍ حتى يأتيه الفرج على مقتضى سنن الله ، فيكون بهذا قد جمع بين الصبر والتوكل .
الرابعة : الذي لا يُعظِّم حُرمات الله فلا خير له في الدنيا ولا في الآخرة ، لقول الله تعالى : ” ذلك ومن يُعظِّم حرمات الله فهو خيرٌ له عند ربِّه ” ( الحج: 30 ) . وهذا مُتقرِّر عند الأصوليِّين بمفهوم المخالفة ، وهو حجة عند العلماء .

الخامسة : عدم الرجوع إلى العلماء في النوازل ومهمات الأمور يُوقع الإنسان في ورطات مُفزعة ومُقلِقة .

“وكان أبو بكر رضي الله عنه يقول : ” لأَن أُعافى فأشكر أحبُّ إليَّ من أن أُبتلى فأصبِر”.
وطاعة العلماء عهدٌ لا يجوز نقضه ، كما قال سبحانه : ” وبعهدِ الله أَوفُوا ” ( الأنعام : 152) . وقد قال الله تعالى : ” ولو ردُّوه إلى الرسولِ وإلى أُولي الأمرِ مِنهم لَعَلِمَهُ الذين يستنبطونه منهم” ( النساء:83 ) ، وولاة الأمر هم العلماء العاملون.

السادسة : في صفحات التأريخ أخبارٌ كثيرة لمن غلبتهُ شهوته لطلب الجاه أو العلو على الناس بغير بصيرة ولا هدى من الله ، فكانت عاقبته الفضيحة والخذلان ، نسأل الله السلامة . وقد صدق من قال :
رُبَّ مستورٍ سَبته شهوةٌ .. . فتعرَّى سِّتره فانتهكا
صاحبُ الشهوة عبدٌ فإذا … غلبَ الشهوة أضحى مَلِكا

السابعة : جور السُّلطان لا يُسوِّغ الإلحاد في حرم الله ، وقد قال الله تعالى : ” والمسجدِ الحرامِ وإخراجُ أهلِه منه أكبر عند الله ” ( البقرة : 217) ، وقال سبحانه : ” وإن حكمتَ فاحكم بينهُم بالقِسط ” ( المائدة : 42 ) . والواجب الدعاء والصبر وسؤال الله العافية.
وفي المرفوع : ” سَلوا الله العفوَ والعافية ، فإن أحداً لم يُعطَ بعد اليقينِ خيراً من العافية ” أخرجه الترمذيُّ بإسنادٍ صحيح من حديث أبي بكر رضي الله عنه .

الثامنة : الإعجابُ بالنفس يُوردُ المهالك ، والعُجب محرم ؛ لأنه نوع من الشِّرك ، قال الإمام ابن تيمية(ت: 728هـ ) رحمه الله تعالى : “وكثيراً ما يُقرن الرياء بالعجب ، فالرياء من باب الإشراك بالخلق ، والعُجب من باب الإشراك بالنفس ، وهذا حال المستكبر ، فالمرائي لا يحقِّق قوله (إِيَّاكَ نَعْبدُ ) والمعجب لا يحقق قوله :( وإِياكَ نستَعِينُ) . فمن حقَّق قوله : ( إياك نَعْبُدُ ) خرج عن الرياء ومن حقَّق قوله : (وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )خرج عن الإعجاب ” .

التاسعة : أهل العزائم الصادقة لا يركنون للمنامات والأماني ، بل يركنون لتوفيق الله المقرون ببذل الأسباب وشحذ الهمم والعمل لشرع الله على هدى من الله ، فإن وصلوا لمرادهم فالفضل لله ، وإن قصروا فالحمد لله . وقد قال الله تعالى :” فإذا فرغتَ فانصب وإلى ربِّك فارغب ” (الشرح : 7-8 ) ، فالعمل لا ينقطع ما دامت الروح في الجسد ، وقد ثبت في المرفوع : ” إن قامت الساعة وفي أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ” أخرجه البخاري في الأدب المفرد من حديث أنس رضي الله عنه ، وإسناده صحيح .

العاشرة : من استحلَّ قتل جماعة المسلمين أو عسكر السُّلطان أو آحاد المسلمين فلا توبة له ، لحديث : ” أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمنِ توبة ” أخرجه الطبراني بإسناد صحيح من حديث أنس رضي الله عنه ، وإن كان بتأويل فهو تحت المشيئة في الآخرة . ويجوز الترحُّم عليه في السِّر لا في العلن ، لأن معه أصل الإسلام ، وهذا أرجح الأقوال . وفي المرفوع أيضاً : ” أبغضُ الناس إلى الله ثلاثة : مُلحدٌ في الحرم ، ومُبتغٍ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومُطِّلبُ دم امرىء بغير حق” أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه .

هذا ما تيسر تحريره ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
1438/12/6

__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.