الماء الصبّاب وإطلاق الكلاب ... لتأديب الطلّاب !!

[أبو معاوية البيروتي]

الماء الصبّاب وإطلاق الكلاب ... لتأديب الطلّاب !!

قال محمد بهجة البيطار رحمه الله : كنّا نقرأ على السيد الخضر الحسين التونسي ((المستصفى)) و (( صحيح مسلم ))، وكان منزله جانب الجامع في باب السريجة، فإذا فرغ من الصلاة ورأى بعض الطلاب جلس للدرس، وإنْ لم يرَ أحداً دخل منزله ولم يخرج، فوافق أَنْ حضرتُ أنا والشيخ حامد التقي ومصطفى الحلاق، فوجدناه قد ذهب لداره، فطرقنا عليه الباب، فأَطَلَّ من غرفة فوق الباب، فلمَّا رآنا قال: انتظروا، ثم دخل فظننا أنّه نزل يفتح الباب، فلم نشعر إلّا وسطل الماء البارد علينا ينصب علينا!! وقال: هذا جزاء من يتأخّر عن الدرس!

* من مقالة لتلميذ البيطار الشيخ مسلم الغنيمي، أوردها مجد مكي في (( رجال فقدناهم )) ( 2 / 709 ).

وهناك العديد من الأمثلة قسا فيها مشايخ على طلابهم، فعلى سبيل المثال جاء في (( تاريخ بغداد )) ( ترجمة عبد الرزاق الصنعاني ) عندما أدخل يحيى بن معين بعض الأحاديث على عبد الرزاق ليمتحنه، وفي آخر القصة : ثم أخرج عبد الرزاق رجله فرفس يحيى بْن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره، فقال أَحْمَد بن حنبل ليحيى : ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك : إنه ثبت، قَالَ : وَاللَّه لرفسته إلي أحب إلي من سفري.

وأيضاً ...

[الأثري العراقي]

ومِن ذلك ..
ما يُذكر عن الأعمش أنه أطلق كلبه على تلاميذه ؛ فهربوا ، ثم رجعوا ؛ فعاود الكلب عليهم
وما ذاكَ إلا أنه ليختبر صبرهم ! .. وهل يعودون أو يملون ؟

[جهاد النايلي]

بارك الله فيك أبا معاوية على ما تُتحف به رُوّاد المنتدى من هذه الفوائد الفرائد .

وبالمناسبة ، أليس الذي حصلت معه قصّة يحيى بن معين هو أبو نعيم الفضل بن دكيْن؛ لمّا كان يحيى وأحمد عائديْن للتّوّ من عند عبد الرّزّاق ؟!

[جهاد النايلي]

ثمّ تأكّدت من ذلك بالرّجوع إلى "تاريخ بغداد" من الشاملة ، وهذه هي القصة يرويها لنا أَحْمَد بْن منصور الرمادي قال:
خرجت مع أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن معين إلى عبد الرَّزَّاق، خادما لهما،
فلما عدنا إلى الكوفة، قَالَ يحيى بْن معين لأحمد بْن حنبل: أريد أختبر أبا نعيم،
فقال له أَحْمَد بْن حنبل: لا تريد، الرجل ثقة،
فقال يحيى بْن معين: لا بد لي،
فأخذ ورقة، فكتب فيها ثلاثين حديثا من حديث أبي نعيم، وجعل على رأس كل عشرة منها حديثا ليس من حديثه،
ثم جاءوا إلى أبي نعيم، فدقوا عليه الباب، فخرج، فجلس على دكان طين حذاء بابه، وأخذ أحمد بن حنبل فأجلسه عَنْ يمينه، وأخذ يحيى بْن معين فأجلسه عَنْ يساره، ثم جلست أسفل الدكان،
فأخرج يحيى بْن معين الطبق، فقرأ عليه عشرة أحاديث، وأبو نعيم ساكت، ثم قرأ الحادي عشر،
فقال له أَبُو نعيم: ليس من حديثي اضرب عليه، ثم قرأ العشر الثاني، وأبو نعيم ساكت، فقرأ الحديث الثاني،
فقال أَبُو نعيم: ليس من حديثي، فاضرب عليه، ثم قرأ العشر الثالث، وقرأ الحديث الثالث،
فتغير أَبُو نعيم، وانقلبت عيناه،
ثم أقبل على يحيى بْن معين، فقال له: أما هذا، وذراع أَحْمَد في يده، فأورع من أن يعمل مثل هذا، وأما هذا -يريدني- فأقل من أن يفعل مثل هذا، ولكن هذا من فعلك يا فاعل، ثم أخرج رجله فرفس يحيى بْن معين، فرمى به من الدكان، وقام فدخل داره،
فقال أَحْمَد ليحيى: ألم أمنعك من الرجل، وأقل لك: إنه ثبت،
قَالَ: وَاللَّه لرفسته إلي أحب إلي من سفري.

[وليد شقرة الجزائري]

أقلـوا عليهـم لا أبــا لأبيـكـم * من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
أولئك قوم إن بنوا أحسنـوا البنـى * و إن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا
وإن كانت النعماء فيهم جـزوا بهـا * وإن أنعموا لا كدروهـا ولا كـدوا

[أبو معاوية البيروتي]

بارك الله فيكم،
وجزاك الله خيراً أخي جهاد على تصحيح الخطأ .

[عبد الله زياني]

أرجو ألا نفهم الدرس معكوسا. فالدرس هنا هو الصبر على المعلم إن كان فيه شيئ من الشدة وحدة الطباع. أما الإقتداء بالمعلم المربي فقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.

[ابا مسعود السلفي]

بارك الله فيك يا اخانا

[ابو عبدالله آل حمد]

جزاكم الله خيراً... وهذا من باب تأديب طالب العلم
واذكر اني سمعت قصة للاعمش رحمه الله اذ كان في جنازة وبعد الانتهاء اخذه احد الطلاب بحجة انه يريد ان يوصله الى بيته ، فاذا به يذهب به بعيداً في مكان خالٍ فقال الطالب للاعمش : اريد عشرة احاديث مع سندها والا ساتركك هنا..فاجبر الاعمش عليها ، فلما اعطاه بغيته اخذ الطالب الاعمش الى بيته فلما وصل قال له الاعمش : كل ما سردته لك لا يصح... في اشارة منه انه لا يؤخذ العلم بهذه السهولة ، فقال الطالب له : واللهِ من مثلك لا يكذب

[أبو معاوية البيروتي]

من صبر طلاب العلم: كلب يهاجمهم كلّما يراهم ذاهبين إلى شيخ، ولا تنثني عزيمتهم !!

أتعجب من عدم صبر بعض طلاب العلم على إخوانهم، فيخطئ طالب علمٍ بحقِّ آخرٍ مرةً أو مرتين فيهجره! أو يخطئ شيخ معنا فنغادر مجلس درسه إلى غير رجعة! فكيف لو ذهبنا لنطلب العلم عند أبي بكر بن عياش وهجم كلبه علينا فقط لأننا طلاب علم؟!
قال الذهبي في ترجمة أبي بكر بن عيّاش في (( سير أعلام النبلاء )) ( 8 / 502 ) :
من فوائد أبي عمرو أحمد بن محمد النيسابوري، حدثنا أبو تراب محمد بن الفرج، قال: سمعت خالد بن عبد الله الكوفي يقول: كان في سكة أبي بكر بن عياش كلب، إذا رأى صاحب محبرة حمل عليه، فأطعمه أصحاب الحديث شيئاً فقتلوه، فخرج أبو بكر، فلما رآه ميتاً، قال: إنا لله، ذهب الذي كان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر!! اهـ.

وروى القصة ابن عَدي في ترجمة ابن عياش في (( الكامل ))، فقال: ثنا أبو حاتم ثنا الحسن بن عاصم قال: كان فى سكة أبي بكر بن عياش كلب ... اهـ.

وقد وردت هذه القصة عن الأعمش، فقال الخطيب في (( شرف أصحاب الحديث )): أخبرنا رضوان بن محمد الدينوري قال: سمعت أبا بكر بن لال بهمذان يقول: سمعت الخليل بن عبدالله يقول: سمعت علي بن صالح يقول: سمعت عبدالله ابن محمد الرازي يقول: أخبرنا جرير قال: كنا نأتي الأعمش، وكان له كلب يؤذي أصحاب الحديث، قال فجئناه يوماً وقد مات، فهجمنا عليه، فلما رآنا بكى، ثم قال: هَلَكَ من كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر!
=========
كناشة البيروتي ( 906 ) ، وهو في طريقه للمطبعة بإذن الله