أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
7346 139530

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-02-2021, 01:26 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي تجربتي في دِراسة كتاب المحصُول / د. أحمد بن مسفر العتيبي


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
فإن العلامة محمد بن عمر الرازي(ت: 606هـ )رحمه الله تعالى ،له يدٌ طولى في النقد الأصولي ،وبيان طرق مناقشة المسائل الأصولية والفقهية ، فقد كان ضليعاً في تقعيد الحجج والبراهين ونسف أدلة الخصوم بالأدلة العقلية .
لقد كان شافعيا أشعرياً مناهضاً للحنفية والمالكية ،ولم تكن له صولة وجولة مع الحنابلة إلا في النادر اليسير.

وقد كانت لي تجربة ثرية وماتعة في جرد كتاب( المحصول )للرازي رحمه الله تعالى،لأن كتابه غني بالحجج العقلية ،وتعليم الباحث أساليب الادلة والبراهين العلمية ،وكيفية الزام الخصم الدليل.
وهذا ما يحتاجه الباحثون وطلبة العلم اليوم في أنحاء المعمورة،ليس لحب الظهور والتشبُّع والغرور،إنما للإفادة من العلماء السابقين ولتقوية القريحة الفقهية والأصولية ،لتكون العبادة خالصة لله وراسخة في أعماق النفس.

ومهما أخطأ العالم او زلَّ،فإننا ندعو له ونترحم عليه،ونستفيد من دُرره وما كان آية فيه .ولا نغلو في حُبه والمنافحة عنه،بل نُنبِّهُ بأدبٍ حَسنٍ على هناته وهفواته.
لقد كان الرازي يحفظ كتابين مهمين وهما: (المعتمد)و(المستصفى) ،وكان ذكياً دائم المراقبة لله تعالى ،له أوراد وأذكار يواظب عليها.

ويُستفاد من هذا أن الباحث يجب عليه الجمع بين العلم والعمل،حتى يكون في العرانين المتقدِّمة لا العراجين اليابسة المتأخِّرة.
بدأ الرازي تقسيم كتابه (المحصول ) على عدة أقسام: الكلام في المقدمات ثم الأوامر والنواهي ثم العموم والخصوص ثم الأفعال ثم الناسخ والمنسوخ ،وبعدها بقية أبواب الأصول المعروفة.
لا يوجد مقدمة حافلة للكتاب،ومن عادة الرازي المطردة في كتابه في بداية كل مبحث، أن يُقيِّد عبارة: فيه فصول،ثم يسطر ورقة أو ورقتين أو أكثر،ثم يورد حجج المعتزلة وغيرهم ،أحياناً يصرح بأسمائهم وأحياناً لا يصرِّح.
وإذا قال (وقولنا) و(عندنا) فإنه يقصد بهم الأشاعرة.وإذا قال(فإن قيل) فيقصد بها تضعيف قول المعتزلة،وفي الغالب يذكر قولهم وحجتهم ودليل الضعف عندهم.
مثل عبارة : وهذا باطل من ثلاثة وجوه.أو قوله: والجواب: ” ….” ، ومثل قوله: ” هذا مدفوع من وجهين ” .

وقد يصفهم بالخصم أو يعبِّر عنهم بعبارة زعموا، وهذا كثير جداً في أول كتاب المحصول .
وإذا أورد عبارة ” الأصحاب ” فيقصد بهم أتباع أبي الحسن الأشعري.رحمه الله تعالى.
وعنده في الجملة أدب مع المخالف مثل قوله:” الذي اختاره القاضي أبو بكر البصري…”.فيذكر حجته والرد عليها بدون تجريح للمخالف.
والرازي عنده ترتيب لأفكاره،ففي أول خمس صفحات حين جاء الحديث عن السُّنة عرضاً في مثال فقهي ،قال: ” سيأتي جوابه إن شاء الله تعالى” .
وفي مبحث حكم تعلم أصول الفقه عند قوله إنه من فروض الكفايات قال:” سنقيم الدلالة إن شاء الله تعالى في باب المفتي والمستفتي ،على أنه لا يجب على الناس بأسرهم طلب الأحكام بالدلائل المفصلة ” .
وعند أحكام الترادف قال:” الرابع: في فوائد التأكيد،وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكرها في العموم عند استدلال الواقفية ” .
وإذا ضعَّف قولاً أورد سبب تضعيفه ،مثل الفرق بين الواجب والفرض،حيث قال بعد إيراد حجة الخصم:” وهذا القول ضعيف لأن الفرض هو المقدر…”.
ومثل استدراكه لمعنى مفهوم القبح.

وهو يعتني بحسم المسألة بالحجة العقلية إن لم يجد نصاً في المسألة المبحوثة،مثل تضعيفه أن الشرع جعل الزنى مؤثراً في كل حدٍّ.ومثل آخر كلامه في مسألة شكر المنعم وحكمها عند الأشاعرة.
والرازي يستخدم أدوات الشرط كثيراً، لاستدراج خصمه إلى ضعف قوله مثل: ” إذا ثبت ذلك امتنع القول بالقبح العقلي بالاتفاق”.
والرازي دقيق في نسبة الأقوال،مثل قوله في أول مبحث حكم الأشياء قبل الشرع:” عند المعتزلة البصرية ،وطائفة من فقهاء الشافعية والحنفية أنها للإباحة ،وعند المعتزلة البغدادية ،وطائفة من الإمامية…الخ”.
ومن منهجه أنه إذا عرَّف مصطلحاً أو مفهوماً يُورد محترزاته ،مثل ما قاله عند تعريف الكلام:” المعنى القائم بالنفس على الأصوات المتقطعة المسموعة” . قال:” قولنا المسموعة : احتراز عن حروف الكتابة ” .

إذا أورد نصاً قرآنياً فإنه يفسِّر سبب إيراده ومناسبة الاستدلال به مثل قول الله تعالى :” وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه”( إبراهيم:4).قال الرازي : ” فهذا يقتضي تقدم اللغة على بعثة الرسول “.
وعنده اطلاع على الإجماع في مًباحث اللغة، مثل استدلاله بقول عبد القاهر الجرجاني(ت: 471هـ) رحمه الله تعالى في معنى الحقيقة .وكذلك استدلاله بقول أبي علي الفارسي(ت: 377هـ) رحمه الله تعالى، في أن الواو العاطفة لمطلق الجمع.
ويلاحظ على الرازي عدم إنصافه لبعض أئمة اللغة ،وعدم تروِّيه في الحكم على علمائها. فقد لمز سيبويه(ت: 180هـ) والأصمعي(ت: 216هـ) والخليل بن أحمد(ت: 170هـ) رحمهم الله تعالى .
وقد ردَّ على ابن جنِّي(ت: 392هـ) رحمه الله تعالى في قوله بالمجاز ،ووصف قوله بالركيك.
والعلامة الرازي عنده طول نفَس في البحث والمناقشة ،فقد كتب اثني عشر صفحة في تأصيل حجية الاشتراك في الألفاظ.

وقد أورد للإيمان ثمانية معاني غير التصديق.
والرازي نقل كثيراً من معاني كتابه من المستصفى للغزالي(ت: 505هـ) ومن كتاب المعتمد لمحمد بن علي البصري(ت: 436هـ )رحمهما الله تعالى.
وقد ذكر الحشوية ولم يحدِّد الطائفة المقصودة بها ،هل هم الحنابلة أم غيرهم؟.
وفي الكتاب استدلال بالقرآن والسُّنة ،واستدلالاته كثيرة ،لكن بعض المباحث خالية من الاستدلال بهما .
وهناك استدلال بالشعر وأقوال الشعراء،وقد يكثر من أشعارهم كما في مبحث اللغات.

وقد أطال النفَس عند الحديث عن صيغة افعل ،مما يدل على تضلعه في علم الأصول ،وقدرته على ترتيب الأدلة وإقامة الحجة ،ومعرفة موضع استعمال البرهان.
وفي الكتاب استدلال بحجج النحويين في مواضع كثيرة،كما في مسألة الأمر المعلِّق على شي بكلمة إن.
وقد يُطيل في شرح العبارات ثم يحيل إلى بعض كتبه ،مثل قوله” وفي هذا المقام أبحاث دقيقة ذكرناها في كتبنا العقلية ” .
والكتاب نصفه مناقشات عقلية للمعتزلة وغيرهم ،مع الاستدلال بالأدلة المتفق عليها والأدلة المختلف فيها.

وتظهر شخصية الرازي في كتابه المحصول واعتزازه بنفسه وعلمه ،وتضلعه من علوم العربية وعلوم الشريعة،لكن آرائه في الإيمان وأحكامه عليها تحفظ شديد ولا يوافق عليها، ويبدو أنه تراجع عنها قبل وفاته. رحمه الله تعالى.
وفي الكتاب فوائد شرعية تاريخية ،مثل الرد على من زعم صلب عيسى عليه السلام،وتشكل الملائكة يوم بدر بأشكال الآدميين،ولمحة عن تاريخ بني العباس.وفيه أيضاً فوائد عن الفتن بين الصحابة رضي الله عنهم ،كما في قصة مطالبة عائشة رضي الله عنها بدم عثمان رضي الله عنه .
وفيه أيضاً بيان حال اليهود والنصارى والمجوس والمانوية وما هم عليه من الباطل والفسق.
وفيه لمحة عن حكم التقية عند الشيعة عاملهم الله بعدله .

والرازي يستدل بفتاوى الصحابة ضي الله عنه،ويعقب على استنباطاتهم واجتهاداتهم.
ومن أمثلة ذلك ما ذكره في مسألة بيع أمهات الأولاد، وفتوى علي رضي الله عنه فيهن.وفتوى الصديق رضي الله عنه في التسوية في القسم ومخالفة عمر رضي الله عنه في ذلك .
وفي الكتاب تضعيف لبعض آراء الفقهاء والمتكلمين ،كما في مسألة الأصل والفرع ،والرد على المغالطات العلمية فيها .
وفي الكتاب توقف عن بعض المسائل المبهمة ،مثل مسألة دليل حصر الأوصاف في سبعة.
وفيه أيضاً رد على جمهور الأصوليين في بعض المسائل،مثل مسألة جواز القياس للصحابة رضي الله عنهم.

وقد استدلَّ الرازي بنحو (350) آية من كتاب الله تعالى،مع مناقشة بعض معاني الآيات ودلالاتها، وبنحو (220) حديثاً نبوياً مع بيان معانيها وأحكامها الأصولية ،وفي الكتاب نحو (100) أثر عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.

وفيه مذاكرة لبعض أشعار العرب ،للاستئناس بمعانيها ومقاصدها عند البلاغيين والأصوليين.
ولغة الكتاب سهلة لطيفة وبليغة ،وأسلوبه أسلوب الأصوليين الكلاميين الذين جمعوا بين الجدل والدليل وتفنيد الحجة بالحجة.

وأخيراً فيؤخذ على الرازي رحمه الله تعالى ،تعمُّقه في علم الكلام والفلسفة مما سبَّبا له حيرة واضطراباً،فتارة يُوافق المعتزلة في منهجهم على الاستدلال على مسائل الأسماء والأحكام الشرعية ،وتارة يخالفهم في الأصل الذي استقرت عليه ،وهو اللغة.وقد استقر رأيه على أن الإيمان هو التصديق وإن لم يقترن به قول ولا عمل،وقد قعَّد تعريف الكفر بالتكذيب والإنكار القلبي، وأخرج الأقوال والأعمال عن مسمَّاه،وجعله نوعاً واحداً وهو الكفر المخرج من الملة،وحصرَ الردة في القلب.
ومن المآخذ عليه موافقته للجهم بن صفوان(ت: 128هـ)، في تعريف الإيمان بالمعرفة وإخراج التصديق بصفات الله من شروط الإيمان.وله ميل قوي إلى رأي المرجئة ، فقد قرَّر أن الخُلف في الوعيد كرم،وحمَل الوعيد على التهديد دون الحقيقة،وقرَّر أن صاحب الكبيرة لا يعذَّب وخصَّ الوعيد بالكفار.
وقد أمليتُ على طلابي مقالة منشورة بعنوان: المسائل العقدية الأصولية المرجوحة ،تتضمن بعض الفوائد عن الرازي وأضرابه.

والمقصود أن قرآءة وجرد الكتب الأصولية لكبار العلماء، مما يُسهِّل الارتياد لفهم معانيها، ويقرِّب كنوز مطاويها .وهجر هذه الجادة يشدُّ العُقد على طلبة العلوم الشرعية ،ويوهن العزائم. والله المستعان وعليه التكلان.
هذا ما تيسر تحريره ،والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
د/ أحمد بن مسفر العتيبي
جده / 1442/5/10هـ.
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:00 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.