أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
43686 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-30-2014, 05:54 PM
أبوأنس الأثري أبوأنس الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 83
افتراضي قواعد الشيخ ربيع في الحب والبغض والولاء والبراء وهجر المبتدع والرد عليها

قواعد الشيخ ربيع في الحب والبغض والولاء والبراء وهجر المبتدع والرد عليها.
أولا : هل يعامل المبتدع معاملة الفاسق في الحب والبغض :
قرر الشيخ ربيع أن المبتدع لا يحب على قدر طاعاته , ويبغض على قدر بدعته ومعاصيه ؛ بل ليس له إلا البغض والهجران والمقاطعة , وبالتالي صرح بمخالفته لشيخ الإسلام ابن تيمية في تقريره لأن المبتدع قد يجتمع في حقه حب وبغض , وانتصر للقول : أن أهل البدع ليس لهم إلا البغض المطلق ؛ فلا يجتمع في حقهم حب على ما فيهم من السنة وبغض على ما فيهم من البدعة ؛ بل ليس لهم إلا البغض , وقول الشيخ ربيع هو من جنس أقوال الخوارج والمعتزلة –كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية- .
وتقرير الشيخ ربيع –هذا- ورده على شيخ الإسلام ابن تيمية –في هذه المسألة- قد جاء في كتابه عون الباري (2/-981) –مختصرا- جوابا على السؤال : "س/هل يجتمع في الرجل المبتدع حب وبغض؟
الجواب ... : إذا تأملنا كلام السلف ، واستقرأنا عموم كتب السنة ، فلا نجد هذا التوزيع، توزيع القلب في قضية أهل البدع ، إلى حب من جهة ، وبُغض من جهة ، لا نجد ذلك ، و لا نجد من السلف إلا الحث على بُغضهم وهجرانهم، بل قد حكى عدد من الأئمة الإجماع على بُغضهم وهجرهم ومقاطعتهم ...،حكوا الإجماع على بُغض أهل البدع ، وهجرانهم ومقاطعتهم هذا الإجماع من الصحابة ومن بعدهم.
وأظن أنه ما يستطيع إنسان أن يجمع بين الحب والبُغض ، ويوزعهما ويقسمهما قسمين، البغض على قدر ما ارتكب من البدعة ، والحب على ما بقي عليه من السنة ، فهذا تكليف بما لا يُطاق، وكل ّ يؤخذ من قوله ويردّ .... .
فالقول بأن نُحبَّه على قدر ما عنده من سنة، ونُبغضه على قدر ما عنده من البدع ، هذا الكلام لا يوجد عند السلف .
وقد ناقشنا هذه الفكرة في بعض الكتابات . الرد على أهل الموازنات ، ومن يتعلق بالموازنات ، ويتستر بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن الإنسان يُحَبُّ على قدر ما عنده من السنة ، ويُبغض على قدر ما عنده من البدع.
ورددنا على هذه الأشياء بكلام السلف ، ومواقفهم ، بل بإجماعهم "!!..........
الشاهد أنك تقرا في كتب السلف جميعا ما تجد هذه الموازنات ، ونحن إذا أبغضنا أهل البدع من الصوفية وغيرهم ، وهم فِرق كثيرة ، ومن الأشعرية وغيرهم ، لا نُبغضهم مثل بُغض اليهود والنصارى، يعني أن الحب مثل الإيمان يزيد وينقص، ويتفاوت في العباد ، والبغض كذلك ، بُغضِي لليهود غير بُغضي للنصارى، غير بُغضي لأهل البدع.
وإذا اعتدى كفار اليهود والنصارى على مثل الأشاعرة والصوفية فنحن نُدافع عنهم، ونُساعدهم على مواجهة هؤلاء الأعداء ، مع بُغضنا لهم ، وهم يُبغضوننا أشد البُغض ، هم ليس عندهم هذا التوزيع، فالواجب عليهم أن يُحبونا وأن يرجعوا إلى ما عندنا ، ولكن لا حب و لا إنصاف ، بل قد يُبالغ بعض غُلاتهم فيُكفرونا ظلما وعُدوانا ، ونحن لا نُكفرهم ولا نبلغ بهم مبلغ عداوة الكافرين..
ثانيا : هل يعامل المبتدع معاملة الفاسق في الولاء والبراء :
قرر الشيخ ربيع أن المبتدع لا يوالى على قدر طاعته وإيمانه , بل ليس له إلا الهجران والمقاطعة , وهذا ما دفعه إلى التقول على مقصد شيخ الإسلام في تقريره : أن المبتدع يوالى على قدر طاعته وإيمانه ؛ كما جاء في مجموع الكتب والرسائل (14/155-157) جوابا على سؤال: "هل يعامل المبتدع معاملة الفاسق في الولاء والبراء أي يُوالى على ما فيه من إيمان ,ويُعادى على ما فيه من بدع ؟
الجواب : الذي قرّره أهل السنة وحكوا عليه الإجماع أن المبتدع أشدّ من الفاسق ؛الفاسق له صفة فاسقة ؛الفاسق غالبا يحترم أهل العلم وأهل الفضل وأهل الاستقامة ويتمنى أن يلحق بهم ,لكن المبتدع يُخاصمهم ويؤذيهم ويعاديهم ويحتقرهم وينتقصهم ... .
فالسلف قرروا هجرانهم وبغضهم ومقاطعتهم ,وهذا الذي يسأل لا أدري إن كان سلفيا أو هو مخدوع بمنهج الموازنات ,يعني يحبه على ما فيه من إسلام ,ويبغضه على ما عنده من بدع ؛هذا منهج الموازنات ويُنسب هذا الكلام إلى ابن تيمية لكن لا يقصد شيخ الإسلام هذا الذي يقصده هؤلاء" !!

ثالثا : هل يهجر المبتدع مطلقا دون ضوابط
قرر الشيخ ربيع أن هجر أهل البدع هو عام مطلق غير مقيد بالمصلحة والمفسدة , وبالتالي رفض ما قرره شيخ الإسلام من التفصيل في هجر المبتدع , وتقييده بالمصلحة والمفسدة , كما جاء في أجوبته المنشورة تحت عنوان (رد شبهات المائعين والذب عن السلفيين) , جوابا على السؤال التالي:
"(س/7) : هل هجر أهل البدع والتضييق عليهم وعدم مخالطتهم بإطلاق كما نقل السلف ودوّن الأئمة في كتبهم ؟ أم هو على التفصيل وينظر كل شخص إلى المصلحة والمفسدة وكل يرجع إلى عقله مما يؤدي إلى التمييع؟
قال الشيخ : لقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله- ينظر إلى المصلحة فيها ، والسلف ما قالوا هذا وشيخ الإسلام جزاه الله خيرا قال هذا وهو اجتهاد منه فإذا أخذنا بقوله ، فمن هو الذي يميز المصالح من المفاسد ؟
فهل الشباب وصلوا إلى هذا المستوى ؟....
(س/8) : بارك الله فيك يا شيخ إذا الواجب علينا أن نعمل بقول السلف وليس بقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- خاصة في زماننا هذا الذي صار فيه الجلوس لأهل البدع شعارا للعلم والله المستعان ؟
الشيخ : الذي يقوله السلف هو الأحوط بالتجربة والواقع ، والمصلحة والمفسدة إذا أدركها العالم فليستخدمها، أما الصغير ما يستطيع , إذا أدركها العالم المحصن , لا بعض العلماء قد يكون ضعيف الشخصية فتخطفه البدع كما حصل لعدد كثير من الأكابر خطفتهم البدع بسهولة ..."!!
وأكد هذا التقرير في رده على أبي الحسن
حيث قال أبو الحسن
"وأعتقد أن المسلم يُوالَى ويُعَادَى، ويُحَبُّ ويُبْغَضُ، ويُوصَل ويُهْجَرُ، على حسب مافيه من خير وشر، وسُنَّة وبدعة، وعلى حسب حرصه على الخير وتحريه له، أو اتباعه لهواه وظلمه لأهل الحق، مع مراعاة المفاسد والمصالح."
قال الشيخ ربيع في انتقاده
" لقد نقل البغوي – رحمه الله – في مقدمة شرح السنة ص 227 اتفاق الصحابة فمن بعدهم على معاداة أهل البدع وهجرهم وكذلك الإمام الصابوني وغيرهما نقلوا الإجماع على هذا.
وإن كان الذي قلته قد قاله بعض الأئمة الذين نحبهم ونجلهم ولكن كل يؤخذ من قوله ويرد لا سيما إذا خالف من ذكرهم البغوي وغيره.
ولا سيما وقد اتخذ أهل الباطل أهل منهج الموازنات مثل هذا الكلام منطلقاً لحرب منهج السلف وللذب عن البدع وأهلها.
وقد نقل شيخ الإسلام عن الإمام أحمد أنه قال في يزيد بن معاوية – ولا شك أنه مسلم ظالم لنفسه ومن فضائله غزوة القسطنطينية المشهورة – قال فيه الإمام أحمد: (( لا نسبه ولا نحبه )) أورد ابن تيمية هذا القول محتجاً به مقراً له.
وقال الذهبي – رحمه الله – في عبيد الله بن زياد فاتح بيكند وغيرها: (( وكان جميل الصورة قبيح السريرة )) [ السير 3/545 ].
وقال في آخر ترجمته:(( قلت الشيعي لا يطيب له عيشه حتى يلعن هذا أو دونه ونحن نبغضهم في الله ولا نلعنهم وأمرهم إلى الله ))[ السير 3/549 ].
فهذا هو منهج أهل السنة وهذا الذي يقطع به أهل السنة ألسنة أهل الموازنات الباطلة، فأرجوا إغلاق هذا الباب في وجوههم.
الرد على هذه القواعد:
الوجه الأول : كلام العلماء حول هذه القواعد
كلام شيخ الأسلام في الحب والبغض والولاء البراء
أ‌- جاء في «مجموع الفتاوى»(28/ 209 - 210): «وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة؛ استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بِحَسَبِ ما فيه من الشر؛ فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللص الفقير: تُقْطَع يده لسرقته، ويُعْطَى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه، فلم يجعلوا الناس إلا مستحقًّا للثواب فقط، وإلا مستحقًّا للعقاب فقط، وأهلُ السنة يقولون: إن الله يعذِّب بالنار من أهل الكبائر من يعذِّبه، ثم يخرجهم منها بشفاعة من يأذن له في الشفاعة بفضل رحمته...».اهـ.
ب‌- وقال شيخ الإسلام – رحمه الله - في (28/ 228 - 229): «فأما الحمد والذم، والحب والبغض، والموالاة والمعاداة، فإنما تكون بالأشياء التي أنزل الله بها سلطانه، وسلطانُهُ كتابُهُ، فمن كان مؤمنًا؛ وجبَتْ موالاته، من أي صِنْفٍ كان، ومن كان كافرًا؛ وجبت معاداته، من أي صنف كان...» إلى أن قال: «ومن كان فيه إيمان، وفيه فجور؛ أُعطي من الموالاة بحسَبِ إيمانه، ومن البغض بحسب فجوره، ولا يخرج من الإيمان بالكلية، بمجرد الذنوب والمعاصي، كما يقوله الخوارج والمعتزلة، ولا يُجْعَلُ الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان، والدين، والحب والبغض، والموالاة والمعاداة...».اهـ. فهل هذا الكلام خاصٌ فقط بأحكام الآخرة كما يزعم الشيخ ربيع؟!
ج- وفي (11/15-16) قال -رحمه الله-: «ثم الناس في الحب والبغض، والموالاة والمعاداة؛ هم أيضًا مجتهدون، يصيبون تارة، ويخطئون تارة، وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه؛ أحب الرجل مطلقًا، وأعرض عن سيئاته!!! وإذا عَلِمَ منه ما يُبْغِضُه؛ أبغضه مطلقًا، وأعرض عن حسناته....»، ثم قال شيخ الإسلام: «وهذا من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة » قال: «وأهل السنة والجماعة، يقولون مادل عليه الكتاب والسنة والإجماع: وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله: الثواب على حسناته، ويستحق العقاب على سيئاته؛ فإن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه، وما يُعاقب عليه، وما يُحمد عليه، وما يُذم عليه، وما يُحَبّ منه، وما يُبْغّض منه؛ فهذا وهذا». اهـ.
د- وفي (35/94-95) قال -رحمه الله-: «والواجب على كل مسلم: أن يكون حبه وبغضه، وموالاته ومعاداته، تابعًا لأمر الله ورسوله فيحب ما أحب اللهُ ورسولُهُ، ويُبْغِض ما أبغضه الله ورسوله، ويوالي من يوالي الله ورسوله، ويعادي من يعادي الله ورسوله، ومن كان فيه ما يوالى عليه من حسنات، وما يُعادى عليه من سيئات؛ عومل بموجب ذلك، كفساق أهل الملة؛ إذ هم مستحقون للثواب والعقاب، والموالاة والمعاداة، والحب والبغض، بحسب ما فيهم من البر والفجور، .... وهذا مذهب أهل السنة والجماعة، بخلاف الخوارج والمعتزلة، وبخلاف المرجئة والجهمية؛ فإن أولئك يميلون إلى جانب، وهؤلاء يميلون إلى جانب، وأهل السنة والجماعة وسط...».اهـ. وأسأل الشيخ ربيعًا عن هذا الميل إلى أحد الجانبين، هل يكون في الدنيا قبل الآخرة،أم لا ؟! فتأمل -أيها القاريء- ولا تكن من الغافلين.
هـ- وفي «منهاج السنة» (4/543-544) ذَكَر -رحمه الله- أن من أولياء الله من يجتهد فيخطئ، ثم قال: «ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين: طائفةٌ تعظِّمه، فتريد تصويب ذلك الفعل، واتباعه عليه، وطائفةٌ تذمه، فتجعل ذلك قادحًا في ولايته وتقواه... والخوارج والروافض وغيرهم دخل عليهم الداخل من هذا، ومن سلك طريق الاعتدال؛ عظَّم من يستحق التعظيم، وأحبه ووالاه، وأعطى الحقَّ حقه، فيعظِّم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيُحمد ويُذم، ويُثاب ويُعاقب، ويُحَب من وجه، ويُبْغَضُ من وجه، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم، وقد بُسط هذا في موضعه».اهـ.
كلام الحافظ الذهبي
قال الإمامَ الحافظَ شمسَ الدِّينِ الذَّهَبِيَّ -وهو مِن أهل الاستقراءِ التَّامِّ(- في «سِيَرِ أعلامِ النُّبَلَاء» (20/46):
«نسألُ اللهَ العَفْوَ والمغفرةَ لأهلِ التَّوْحِيدِ.
ونبرأُ إلى الله مِن الهوى والبِدع.
ونحبُّ السُّنَّةَ وأهلَها.
ونحبُّ العالمَ على ما فيه مِن الاتِّباع والصِّفات الحميدة.
ولا نحبُّ ما ابْتَدَعَ -فيه- بتأويلٍ سائغٍ؛ وإنَّما العِبرةُ بكثرة المحاسن».
كلام الشيخ الألباني
أما كلام الشيخ الألباني ومنهجه في هذه القواعد فمشهور معروف ومن أراد معرفة ذلك فليستمع للأشرطة الجديدة من سلسلة الهدى والنور التي هي بعنوان الإنصاف وشريط مبالغة ظاهرة من ربيع المدخلي في سيط قطب
كلام الشيخ العثيمين
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في «شرح الواسطية» (2/647) ط/ مكتبة طبرية: «فإذا قلنا: إنه لا يَخْرُجُ من الإيمان؛ فهل نحبه على سبيل الإطلاق، أو نكرهه على سبيل الإطلاق؟ نقول: لا هذا ولا هذا، نحبه بما معه من الإيمان، ونكرهه بما معه من المعاصي».اهـ. وهذا في الدنيا قبل الآخرة بلا شك.
وقال:
وأما الخطأ في العقيدة: فإن كان خطأ مخالفًا لطريق السلف، فهو ضلال بلا شك ولكن لا يحكم على صاحبه بالضلال حتى تقوم عليه الحجة، فإذا قامت عليه الحجة، وأصر على خطئه وضلاله، كان مبتدعًا فيما خالف فيه الحق، وإن كان سلفيًّا فيما سواه، فلا يوصف بأنه مبتدع على وجه الإطلاق، ولا بأنه سلفي على وجه الإطلاق، بل يوصف بأنه سلفي فيما وافق السلف، مبتدع فيما خالفهم، كا قال أهل السنة في الفاسق: إنه مؤمن بما معه من الإيمان، فاسق بما معه من العصيان، فلا يعطي الوصف المطلق ولا ينفى عنه مطلق الوصف، وهذا هو العدل الذي أمر الله به، إلا أن يصل المبتدع إلى حد يخرجه من الملة فإنه لا كرامة له في هذه الحال .
وسئل فضيلة الشيخ: عن الولاء والبراء؟
فأجاب - رحمه الله- بقوله: البراء والولاء لله سبحانه ، أن يتبرأ الإنسان من كل ما تبرأ الله منه ....
وإذا كان مؤمن عنده إيمان وعنده معصية، فنواليه على إيمانه، ونكرهه على معاصيه، وهذا يجري في حياتنا، فقد تأخذ الدواء الكريه الطعم وأنت كاره لطعمه، وأنت مع ذلك راغب فيه لأن فيه شفاء من المرض........
فإن كان في الهجر مصلحة أو زوال مفسدة بحيث يكون رادعاً لغير العاصي عن المعصية أو موجباً لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذٍ جائزاً بل مطلوباً طلباً لازماً أو مرغباً فيه حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها. ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه ....
أما اليوم فإن كثيراً من أهل المعاصي لا يزيدهم الهجر إلاّ مكابرة وتمادياً في معصيتهم ونفوراً وتنفيراً عن أهل العلم والإيمان فلا يكون في هجرهم فائدة لهم ولا لغيرهم.
وعلى هذا فنقول: إن الهجر دواء يستعمل حيث كان فيه الشفاء، وأما إذا لم يكن فيه شفاء أو كان فيه إشفاء وهو الهلاك فلا يستعمل.
فأحوال الهجر ثلاث:
إما أن تترجح مصلحته فيكون مطلوباً.
وإما أن تترجح مفسدته فينهى عنه بلا شك.
وإما أن لا يترجح هذا ولا هذا فالأقرب النهي عنه لعموم قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة".
أما الكفار المرتدون فيجب هجرهم والبعد عنهم وأن لا يجالسوا ولا يواكلوا، إذا قام الإنسان بنصحهم ودعوتهم إلى الرجوع إلى الإسلام فأبوا، وذلك لأن المرتد لا يقر على ردته بل يدعى إلى الرجوع إلى ما خرج منه فإن أبى وجب قتله، وإذا قتل على ردته فإنه لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، وإنما يرمى بثيابه ورجس دمه في حفرة بعيداً عن المقابر الإسلامية في مكان غير مملوك.
وأما الكفار غير المرتدين فلهم حق القرابة إن كانوا من ذوي القربى كما قال تعالى: ]وآت ذا القربى حقه[ وقال في الأبوين الكافرين المشركين: ]وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي[.
كلام الشيخ الفوزان
في «مجلة البحوث الإسلامية» (25/126-127) نُقِل كلامٌ لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- في كتابه«الولاء والبراء في الإسلام»، وذكر فيه أحوال الناس في ذلك، فمنهم من يُحَبُّ محبة خالصة، لا معاداة معها، وهم المؤمنون الخُلَّص، ومنهم من يُبْغَض ويُعَادَى بغضًا ومعاداةً خالصَيْن، لا محبة ولا موالاة معهما، وهم الكفار الخُلِّص، من الكفار والمشركين والمنافقين والمرتدين والملحدين، على اختلاف أجناسهم، والقسم الثالث قال: «من يُحَبُّ من وجه، ويُبْغَضُ من وجه، فيجتمع فيه المحبة والعداوة، وهم عصاة المؤمنين، يُحَبُّون لما فيهم من الإيمان، ويُبْغَضُون لما فيهم من المعصية التي هي دون الكفر والشرك، ومحبتهم تقتضي مناصحتهم، والإنكار عليهم، فلا يجوز السكوت على معاصيهم، بل يُنكر عليهم، ويؤمرون بالمعروف، ويُنْهَوْن عن المنكر، وتقام عليهم الحدود والتعزيرات، حتى يكفوا عن معاصيهم، ويتوبوا من سيئاتهم، لكن لا يُبْغَضُون بغضًا خالصًا، ويُتبرأ منهم، كما تقوله الخوارج في مرتكب الكبيرة، التي هي دون الشرك، ولا يُحَبُّون ولا يُوالَوْن حبًا وموالاة خالصَيْنِ، كما تقوله المرجئة، بل يُعتدل في شأنهم على ما ذكرناه، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة». اهـ.

و قال الشيخ الفوزان
" أقسامُ الناسِ فيما يجبُ في حقِهمْ منْ الولاءِ والبراءِ
الناسُ في الولاءِ والبراءِ على ثلاثةِ أقسامٍ :
القسمُ الأولُ :منْ يُحَبُ محبةً خالصةً لا معادةَ معها وهم المؤمنونَ الخُلَّصُ منْ الأنبياءِ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ.
القسمُ الثانى: منْ يُبغضُ ويُعادَى بُغضاً ومعاداةً خالصيْنِ لا محبةَ ولا موالاةَ معهما
وهم الكفارُ الخُلَّصُ من الكفارِ والمشركينَ والمنافقينَ والمرتدينَ والملحدينَ على اختلافِ أجناسِهمْ .
القسم الثالث : من يُحَبُ من وجهٍ ويُبغَضُ منْ وجهٍ
فتجتمعُ فيه المحبةُ والعداوةُ وهمْ عصاةُ المؤمنينَ . يُحَبونَ لِمَا فيهمْ منْ الإيمانِ ويُبْغَضونَ لما فيهم منْ المعصيةِ التي هي دونَ الكفرِ والشركِ .
ومحبتُهمْ تَقتضي مُناصحَتَهمْ والإنكارَ عليهمْ. فلا يجوزُ السكوتُ على معاصيِهِمْ بلْ يُنكَرُ عليهِمْ . ويُؤمرونَ بالمعروفِ ويُنهونَ عنْ المُنكرِ وتُقامُ عليهم الحدودُ والتعزيراتُ حتى يكفُّوا عنْ معاصيِهم ويتوبوا منْ سيئاتِهمْ .
ولكنْ لا يُبغضونَ بُغضاً خالصاً ويُتبرأُ منْهم كما تقولُه الخوارجُ في مرتكبِ الكبيرةِ التي هي دونَ الشركِ .
ولا يُحبونَ ويُوالوْنَ حُباً وموالاةً خالصيْن كما تقولُه المرجئةُ بل يُعتدلُ في شأنِهم على ما ذكرنا كما هو مذهبُ أهلِ السنةِ والجماعةِ .
والحبُ في اللهِ والبغضُ في اللهِ أوثقُ عُرى الإيمانِ ، والمرءُ مع منْ أَحبَّ يومَ القيامةِ كما في الحديثِ .
وقد تغيرَ الوضعُ وصارَ غالبُ موالاةِ الناسِ ومعاداتهم لأجلِ الدنيا فمنْ كان عنده طمعٌ منْ مطامعِ الدنيا والوْهُ وإنْ كانَ عدواً للهِ ولرسولِهِ ولدينِ المسلمينَ .
ومنْ لمْ يكنْ عنده طمعٌ منْ مطامعِ الدنيا عادوْهُ ولو كانَ ولياً للهِ ولرسولِهِ عند أدنى سببٍ وضايقوه واحتقروه .
وقد قال عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ – رضى اللهُ عنهما -:
( مَنْ أَحَبَ فِي اللهِ وأبغضَ في اللهِ ووالى في اللهِ وعادى في اللهِ فإنما تُنالُ وَلايةُ اللهِ بذلك ، وقدْ صارتْ عامةُ مُؤاخاةُ الناسِ على أمرِ الدُنيا وذلك لا يُجدي على أهلِهِ شَيئاً ) رواه ابن جرير
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ اللَّهَ تعالى قَالَ: ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ) الحديث رواه البخاري .
وأشدُ الناسِ محاربةً للهِ مَنْ عادى أصحابَ رسولِ اللهِ وسبَّهم وتنَقصهمْ
وقد قال رسول الله : (اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضاً ، فمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ ) . أخرجه الترمذيُ وغيرُه
وقد صارتْ معاداةُ الصحابةِ وسبُّهم ديناً وعقيدةً عند بعضِ الطوائفِ الضالةِ .
نعوذُ باللهِ منْ غضبِهِ وأليمِ عقابِهِ، ونسألُهُ العفوَ والعافيةَ، وصلى اللهُ وسلَّمَ وباركَ علي نبيِنا محمدٍ وآلِهِ وصحبِه .
كلام الشيخ مقبل
قال الشيخ مقبل -رحمة الله عليه- في رسالة: «هذه دعوتنا وعقيدتنا» ط/ دار الحديث بدماج (ص20) في الفقرة (27): «الحكومات نحبها بقدر ما فيها من الخير، ونبغضها لمافيها من الشر...».اهـ،
كلام الشيخ فركوس
قال: هذا، والجدير بالتنبيه أنَّ مسألة هجر المبتدع تندرج تحت أصلٍ كبيرٍ وهو «الولاء والبراء» يعادى المبتدع ويُبْغَض بحسب ما معه من البدعة إذا كانت بدعتُه غيرَ مكفِّرةٍ، ويوالى ويُحَبُّ على حسب ما معه من الإيمان والتقوى، ولا يجوز أن يعادى من كلِّ وجهٍ كالكافر، بل يكون محبوبًا من وجهٍ ومبغوضًا من وجهٍ، وضمن هذا المنظور يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «...وإذا اجتمع في الرجل الواحد خيرٌ وشرٌّ، وفجورٌ وطاعةٌ ومعصيةٌ، وسنَّةٌ وبدعةٌ؛ استحقَّ من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحقَّ من المعاداة والعقاب بحَسَب ما فيه من الشرِّ، فيجتمع في الشخص الواحد موجِبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللصِّ الفقير تُقْطَع يده لسرقته ويُعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتَّفق عليه أهل السنَّة والجماعة، وخالفهم الخوارجُ والمعتزلة ومن وافقهم عليه، فلم يجعلوا الناسَ لا مستحقًّا للثواب فقط ولا مستحقًّا للعقاب فقط»(٢٥)، فكان -والحال هذه- الحبُّ والبغض بحسب ظهور آثار المحبَّة والبغض على الجوارح، فيُحَبُّ ويُبْغَض على قدر ما فيه من الخير والشرِّ، وأكَّد ابن أبي العزِّ الحنفي -رحمه الله- هذا المعنى بقوله: «والحبُّ والبغض بحسب ما فيهم من خصال الخير والشرِّ، فإنَّ العبد يجتمع فيه سبب الوَلاية وسبب العداوة، والحبُّ والبغض، فيكون محبوبًا من وجهٍ مبغوضًا من وجهٍ، والحكم للغالب» http://www.ferkous.com/site/rep/M78.php
كلام الشيخ صالح السحيمي
قال الدكتور صالح السحيمي :
المسألة الخامسة: أقسام الناس في الولاء والبراء.
يعني: أحوال الناس من حيث من تجب موالاته مطلقًا، أو تحرم موالاته مطلقًا، أو يُحب من جانب، ويبغض من جانب آخر؛ فالناس في هذا الباب ثلاثة أقسام:
قسمٌ يحبون مطلقًا؛ وهم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، يحبون من كل وجه، والصحابة -رضوان الله عليهم-، ...........
ثانيًا: من يجب بغضه مطلقًا؛ وهم الكُفَّار الخُلَّص؛ .........
وصنفٌ ثالث: يُحَبُون من وجِهٍ، ويبغضون من وجهٍ آخر؛ وهم المؤمنون الموحدون الذين صدرت منهم بعض المعاصي غير المكفرة؛ فإنهم يُحبون بقدر ما معهم من إيمان، ويُبغضون بما ارتكبوه من عصيان. وهذا أمرٌ واضح؛ فإنَّ من ارتكب شيئًا من الكبائر أو ما دون الكبائر مع ثباته على التوحيد، وعدم استحلاله لتلك الكبائر؛ فإنه يُحَبُّ بقدر إيمانه، ويُبْغَضُ على قدر ما يرتكب. هذه عقيدة السلف الصالح تجاه هؤلاء، يُشفقُ عليهم، ويُحَبون على قدر إيمانهم، ويُبْغَضون بقدر ما يرتكبون.
ونحن بهٰذا الأمر نكون وسطًا بين الخوارج والمرجئة؛ فإن الخوارج كفَّروا مرتكب الكبيرة، وكفَّروا أهل المعاصي وإن كانوا غير مستحلين، واستحلوا دماءهم وأموالهم وأخرجوهم من الإسلام، وقاتلوا وخرجوا على المسلمين بسبب هٰذه العقيدة، وهٰذا هو ما ادعوه عندما خرجوا على عليٍّ -رضي الله عنه- مع أنه لم يرتكب شيئًا مما تصوره.
ولهم أسلافٌ ما زال المسلمون يعيشون مشاكلهم إلى يومنا هذا، ولا أدلَّ على هذا من تلك الفئة الباغية الخارجة المارقة التي تستحل دماء المسلمين في هذه الأيام غير مكترثين بما قرره علماؤنا وبينوه لشبابنا من وجوب سلوك منهج السلف الصالح في هذه القضايا؛ وإنما يأخذون فتاواهم عن مجهولين، وعن أُناسٍ لا ينبغي ولا يجوز أن تؤخذ عنهم الفتاوىٰ، فاعرف عمن تأخذ دينك يا عبد الله!
وعلى النقيض من أولٰئك: المرجئة والإباحيون، الذين يقولون: لا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ كما لا ينفع مع الكفر طاعة، والذين رتبوا على إرجائهم استحلال ما حرَّم الله -جلَّ وعلا-.
والمؤمنون وسطٌ بين هٰؤلاء وأولٰئك؛ فلا يعطون مرتكب الكبيرة كامل الإيمان ولا يسلبونه الإيمان كله؛ كما قال شيخ الإسلام: "لا يُسلب مطلق الإيمان ولا يُنفىٰ عنه الإيمان بالكلية" أو كما قال -رحمه الله تعالى-.
فأهلُ السنة وسطٌ بين هٰؤلاء وأولٰئك يحبون الموحدين بقدر إيمانهم وتوحيدهم، ويكرهون فيهم ما يقارفون من كبائر ومعاصي.
كلام الشيخ محمد بازمول
قال الدكتور محمد بازمول في رسالة الولاء والبراء ص 6
"الناسُ في الولاءِ والبراءِ ثلاثةِ أقسامٍ :
القسمُ الأولُ :من له الموالاة الخالصة من العداوة والبغضاء وهم المؤمنونَ الخُلَّصُ منْ الأنبياءِ والصديقينَ والصالحينَ والشهداءِ وحسن أولئك رفيقا
القسمُ الثانى: من يتبرأمنهم براء خالصا من الموالاة الشرعية لهم
وهم الكفارُ بأنواعهم من مشرك ومنافق وزنديق وملحد ومرتد وغيرهم
القسم الثالث : من له الموالاة من وجهٍ دون وجهٍ وهم أتصحاب المعاصي غير المكفرة من أهل الإسلام فإنهم يحبون لإسلامهم ويبغضون لمعاصيهم بغضا ليس كبغض الكافر فيحبون من وجه ويبغضون من وجه
ومن حبهم : مناصحتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر
ومن معاداتهم : هجرهم وترك أهل الفضل الصلاة عليهم "
كلام الشيخ ابراهيم الرحيلي
عقد فصلا في كتابه موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع بعنوان: موقف أهل السنة من بغض أهل البدع وإظهار عداوتهم، جاء فيه:( الحب في الله والبغض في الله من الأصول العظيمة في الدين التي لا يكمل إيمان المرء إلا بها، ........
وكذلك ينبغي أن يراعى في البغض في الله الضابط الآخر المتقدم في المحبة وهو كونها على وفق ما عليه الشخص من صفات الخير، فإنه ينبغي هنا أيضا أن يكون البغض في الله على وفق ما عليه الشخص من صفات الشر، يزيد البغض بزيادتها وينقص بنقصانها، دون إفراط أو تفريط. وقد أرشد الله تعالى المؤمنين إلى ذلك في كتابه حيث يقول:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)
والعدل هنا عام في كل شيء، ومن ذلك العدل في البغض! فلا ينبغي أن يكون بغضنا للمتلبسين ببعض صغائر البدع أو الذنوب كبغض المقترفين للكبائر منهما، ولا يكون بغضنا لهؤلاء كبغضنا للكفار مثلا، فإن هذا من العدل المأمور به في الدين.....
وتطبيق هذا المنهج يجري على كل المبغَضين في الله ممن هم دون الكفار من أهل البدع من المسلمين وأصحاب المعاصي، أن يبغض كل واحد من هؤلاء على قدر بدعته أو معصيته دونما غلو في ذلك أو تقصير.....
وإذا ما تقر ذلك، فإن أهل البدع لا بد أن يبغضوا في الله لخروجهم من السنة وابتداعهم في الدين، على ما دلت عليه النصوص الشرعية وأقوال الأئمة من وجوب بغضهم وعداوتهم، وعلى ما جرى عليه فعل السلف الصالح من البراءة منهم وإظهار بغضهم وقطع أسباب مودتهم ولو كانوا أقرب المقربين....
المسألة الثانية: في بيان أن البغض لأهل البدع يكون على قدر ما هم عليه من الابتداع والبعد عن السنة وعدم تساويهم في ذلك....
فالمنسوبون للبدعة عند أهل السنة: منهم من هو مجمع على كفره وزندقته، ومنهم من هو معدود من أهل الفسق ببدعته، ومنهم من له بدع صغيرة لا تصل به إلى حد الفسق.
وهؤلاء مع كونهم داخلين في دائرة الابتداع ويشملهم لفظ (أهل البدع) إلا أنه لا ينبغي المساواة بينهم في البغض ولا في غيره من الأحكام، للتفاوت الكبير بينهم. والصحيح أن كل مبتدع يُبغض بحسب بعده عن السنة أو قربه منها، فيزيد بغضه بمقدار بعده وينقص بقدار قربه.
بل إن أهل البدع من المسلمين يحبون لإسلامهم وما فيهم من خصال البر والخير، وإن كانوا مبغَضين لابتداعهم في الدين. فهم محبوبون من وجه ومبغَضون من وجه آخر.
وهذا من الأصول المقررة عند أهل السنة المتفرع عن مسألة (الإيمان). وهو أن الإيمان إذا ذهب بعضه لا يذهب كله، فيبقى في الشخص موجبات الثواب والعقاب، وموجبات المحبة والبغض، فيثاب ويحب على قدر ما حقق من الإيمان، ويعاقب ويبغض على قدر ما ترك من الإيمان الواجب. وقد خالف أهلَ السنة في هذا كل من جعل الإيمان شيئا واحدا من أهل البدع كالجهمية والمرجئة والخوارج والمعتزلة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور، وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام و الإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا، كاللص فالفقير تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته .
هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه، فلم يجعلوا الناس لا مستحقاً للثواب فقط، ولا مستحقاً للعقاب فقط. وأهل السنة يقولون: إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر من يعذبه، ثم يخرجه منها بشفاعة من يأذن له في الشفاعة بفضل رحمته، كما استفاضت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ).
ويقول ابن أبي العز الحنفي – رحمه الله -: والحب والبغض بحسب ما فيهم من خصال الخير والشر ، فإن العبد يجتمع فيه سبب الولاية وسبب العداوة ، والحب والبغض ، فيكون محبوبا من وجه مبغوضا من وجه ، والحكم للغالب).

جاء في كتاب أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة
أعده نخبة من العلماء الأفاضل وهم الشيخ صالح بن سعد السحيمي والشيخ الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر والشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي ، وقام بمراجعته وصياغته الشيخ الدكتور علي بن ناصر الفقيهي والشيخ الدكتور أحمد بن عطية الغامدي وقدم له الوزير صالح آل الشيخ طبع سنة 2010م
حكم موالاة العصاة والمبتدعين:
إذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور ، وطاعة ومعصية ، وسنة وبدعة ،استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فقد يجتمع في الشخص الواحد موجباب الإكرام والإهانة ، فيجتمع له من هذا وهذا ، كاللص الفقير : تقطع يده لسرقته ، ويعطى من بيت المال ما يكفييه لحاجته ويتصدق عليه . هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة . انتهى ص248

الوجه الثاني
كون المخالفين يستدلُّون بمثل هذا الكلام على قاعدة «الموازنات» السقيمة الباطلة، ويضعون كلام أهل العلم في غير موضعه، فلا يعني هذا أننا نقول في كلام العلماء الذي جعلوه أصلاً من أصول أهل السنة: إنه كلام باطل، مخالف لمنهج السلف، أو أنه يفتح الباب لأهل البدع، فيستدلون به على باطلهم، بل يجب أن نرد على المخالفين، ونبيِّن لهم القيود والضوابط التي تستعمل معها هذه القاعدة، أو تلك القاعدة، فلا يكون استدلالُ مُبْطلٍ على باطله بشيء من القرآن والسنة وكلام السلف، ووضْعُهُ في غير موضعه؛ مسوِّغًا لنا أن نرد الحق، بل نرد على المخالف، وندافع عن الحق،
الوجه الثالث
وأيضًا: هل يقول الشيخ ربيع إن ابن تيمية أخطأ في نسبة هذا الأصل لمنهج السلف، وأنه قد أخطأ في دعواه: أنه لم يخالِفْ في ذلك إلا أهلُ البدع من الخوارج والمعتزلة والمرجئة؟ وابن تيمية ذاك الإمام المعروف بمعرفته المذاهب وأقوال الناس، حتى إنه لَيَعْرِفُ عن المذاهب المخالفة له، ما لا يعرفه المتخصصِّون من أهلها، والشيخ الفوزان -حفظه الله- جعل هذا أيضًا من أصول أهل السنة، وفضيلته معروفٌ بالتحذير من أهل البدع، فهل يقال: إنه متناقض؟! أم يُحمل كلامه هنا على حالة، وهناك على أخرى؟! وهذا هو الذي يقتضيه الإنصاف والبحث العلمي.
ولو سلَّمنا أن ابن تيمية -رحمه الله- أخطأ في ذلك، فهل خطؤه هذا معناه التمييع للدعوة، والدفاع عن أهل البدع، والحرب ضد المنهج السلفي... إلى غير ذلك مما هو معروفٌ من قاموس الشيخ وأذنابه المقلِّدين له ؟!!
فإذا كان ابن تيمية كذلك: فلماذا يُحبه الشيخ ويجله؟! فقد قال «وإن كان الذي قلتَهُ، قد قال به بعض الأئمة الذين نحبهم ونجلهم...».اهـ، وإذا لم يكن كذلك: فلماذا لم يعذر الشيخ -وفقه الله- من خالفه، ومخالفُهُ متدرِّع بهذه الأدلة الشرعيَّة، ومتجلببٌ بهذه الآثار السلفية؟!
الوجه الرابع
طريقة الشيخ -في هذا الموضع- لما كانت مخالفة لمنهج السلف، الذي فيه تفاصيلُ كثيرةٌ في معاملة أهل البدع، فإنَّ الشيخ قد أطلق ولم يفصِّل بل لم يظهرمنه ومن أتباعه إلا الرد على قواعد غيرهم من أهل العلم والطعن في مِؤلفاتهم كما فعلوا مع الشيخ علي الحلبي والشيخ ابراهيم الرحيلي ومؤخرا الشيخ محمد الإمام أما قواعدهم ومنهجهم الذي يسيرون عليه فلماذا لايؤلفون فيه ويبينوا للناس قواعدهم ؟
الوجه الخامس
وهو أن شيخ الإسلام ذكر أن المؤمن يُحَبُّ ويبغض على حسب ما فيه من خير وشر، وجعل هذا من أصول أهل السنة، ولم يخالفهم في ذلك إلا الخوارج والمعتزلة والمرجئة، فهل يدرك الشيخ أن المخالف لهذا، يكون مخالفًا لأهل السنة، موافقًا لأهل البدع؟! وهذا حكم شيخ الإسلام،
الوجه السادس
كلام أبي الحسن لم ينتقده الشيع عبد العزيز آل الشيخ ولا الشيخ العثيمين ولا الشيخ الجبرين
الوجه السادس
التفريق بين أنواع البدع كما أصله الشاطبي
قال: " ومن البدع ما هو من المعاصي التي ليست بكفر أو يختلف فيها هل هي كفر أم لا؟ كبدعة الخوارج والقدرية والمرجئة ومن أشبههم من الفرق الضالة.
ومنها ما هو معصية ويتفق على أنها ليست بكفر، كبدعة التبتل والصيام قائماً في الشمس والخصاء بقصد قطع شهوة الجماع.
ومنها: ما هو مكروه كالاجتماع للدعاء عشية عرفة، وذكر السلاطين في خطبة الجمعة على ما قاله ابن عبد السلام الشافعي وما أشبه ذلك" الإعتصام

الوجه السابع
أنموذج من السلف : الإمام أحمد
هذه بعض المعالم من منهج الإمام أحمد في معاملة أهل البدع
التفريق بين الداعية للبدعة : المخاصم فيها , وبين من لم يكن كذلك –سوى الجهمية-.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13\125) : "فرق أحمد وغيره بين الداعية للبدعة المظهر لها وغيره".
هجر المبتدع منوط بالقدرة والمصلحة – معا- , تبعا لاختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (28\210) : "في مسائل إسحاق بن منصور - وذكره الخلال في كتاب السنة في باب مجانبة من قال : القرآن مخلوق ؛ عن إسحاق أنه قال لأبي عبد الله : (من قال : القرآن مخلوق ؟ قال : ألحق به كل بلية , قلت : فيظهر العداوة لهم أم يداريهم ؟ قال : أهل خراسان لا يقوون بهم).
ليس كل من هجره الإمام أحمد كان مستحقا للهجر العام شرعا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في المسودة في أصول الفقه (ص\237-239) : "وكلام أحمد يفرق بين أنواع البدع , ويفرق بين الحاجة إلى الرواية عنهم وعدمها , كما يفرق بين الداعي والساكت , مع أن نهيه لا يقتضى كون روايتهم ليست بحجة لما ذكرته من أن العلة الهجران , ولهذا نهى عن السماع من جماعة في زمنه ممن أجاب في المحنة , وأجمع المسلمون على الاحتجاج بهم , وهو في نفسه قد روى عن بعضهم لأنه كان قد سمع منهم قبل الابتداع , ولم يطعن في صدقهم وأمانتهم , ولا أنكر الاحتجاج بروايتهم , وكذلك الخلال ترك الرواية عن أقوام لنهي المروذى , وروى عنهم بعد موته , وذلك أن العلة استحقاق الهجر عند التارك واستحقاق الهجر يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص , كما ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة على من أمر أصحابه بالصلاة عليه , وكذلك لما قدم عليه أبو سفيان بن الحارث وابن أبى أمية أعرض عنهما , ولم يأمر بقية أصحابه بالإعراض عنهما , بل كانوا يكلمونهما , والثلاثة الذين خلفوا لما أمر المسلمين بهجرهم لم يأمرهم بفراق أزواجهم إلا بعد ذلك , وهذا باب واسع ... ,وليس كل من لم يأخذ عنه هو نهى غيره عنه , ولا منع كون روايته حجة".
اعتبار الإمام أحمد في الهجر تحقيقه لمقاصده .
يرى الإمام أحمد –رحمه الله- أن هجر البدع مشروع لتحقيق جملة مقاصد منها :
المقصد الأول : ترك الذنوب والبدع المهجورة وأصحابها .
المقصد الثاني : عقوبة فاعل هذه المعاصي ونكاله .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (10\177) : "الهجرة مقصودها أحد شيئين : إما ترك الذنوب المهجورة وأصحابها , وإما عقوبة فاعلها ونكاله .... , ومن هذا الباب هجر الإمام أحمد للذين أجابوا في المحنة قبل القيد ولمن تاب بعد الإجابة ولمن فعل بدعة ما ؛ مع أن فيهم أئمة في الحديث والفقه والتصوف والعبادة ؛ فإن هجره لهم والمسلمين معه لا يمنع معرفة قدر فضلهم كما أن الثلاثة الذين خلفوا لما أمر النبي المسلمين بهجرهم لم يمنع ذلك ما كان لهم من السوابق ؛ حتى قد قيل : أن اثنين منهما شهدا بدرا , وقد قال الله لأهل بدر [اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم] , وأحدهم كعب بن مالك -شاعر النبي , وأحد أهل العقبة-.
فهذا أصل عظيم : أن عقوبة الدنيا المشروعة من الهجران إلى القتل لا يمنع أن يكون المعاقب عدلا أو رجلا صالحا" .
المقصد الثالث : زجر المبتدع لينكف ضرر بدعته عن المسلمين , كما قال ابن القيم –رحمه الله- في الطرق الحكمية (ص\253) : "وإنما منع الأئمة كالإمام أحمد بن حنبل وأمثاله قبول رواية الداعي المعلن ببدعته , وشهادته والصلاة خلفه ؛ هجرا له وزجرا ؛ لينكف ضرر بدعته عن المسلمين ؛ ففي قبول شهادته وروايته , والصلاة خلفه , واستقضائه وتنضيد أحكامه : رضى ببدعته , وإقرار له عليها وتعريض لقبولها منه"
وقال –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (28\205-207) مبينا اعتبار أحمد لهذه المقاصد شيخ الإسلام ابن تيمية : "….وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع كما كثر القدر في البصرة والتنجيم بخراسان والتشيع بالكوفة وبين ما ليس كذلك ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم , وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه" .
انظر تفصيل هذه المعالم وغيرها في بحث معالم الإمام أحمد من سلسلة بين منهجين للشيخ أبي العباس

فتاوى العلماء حول مسألة هجر المبتدع
الشيخ الألباني رحمه الله :
قال -رحمه الله- في سلسلة الهدى والنور (ش\666) في مسألة هجر المخالفين , مبينا أنها منوطة بالراجح من المصالح والمفاسد : "وهذا له صلة بمبدأ المقاطعة المعروفة في الإسلام أو الهجر لله ، كثيرا ما نُسأل فلان صاحبنا وصديقنا، ولكن ما يصلي يشرب دخان نقاطعه؟؟ أقول له أنا لا يقاطعه لأن مقاطعته لا تفيده بالعكس تسره وبتخلِّيه في ضلاله، لذلك فالمقاطعة وسيلة شرعية وهو تأديب المهاجر والمقاطع، فإذا كانت المقاطعة لا تؤدبه بل تزيده ضلالا على ضلال حينئذ لا ترد المقاطعة لذلك نحن اليوم لا ينبغي أن نتشبث بالوسائل التي كان يتعاطاها السلف أنهم ينطلقون من موقف القوة والمنعة« ثم تحدث عن قلة الصالحين في هذا الزمان وقال:» فلو نحن فتحنا باب المقاطعة والهجر والتبديع لازم أنعيش في الجبال وإنما نحن واجبنا اليوم : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}" .
وقال –أيضا- في نفس الشريط : "ينبغي هنا استعمال الحكمة، الفئة القوية هل إذا قاطعت الفئة المنحرفة عن الجماعة يعود الكلام السابق: هل ذلك ينفع الطائفة المتمسكة بالحق أم يضرها هذا من جهتهم ، ثم هل ينفع المُقَاطَعِين والمهجورين من الطائفة المنصورة أو يضرهم، يعني لا ينبغي أن نأخذ هذا الأمر بالحماس والعاطفة وإنما بالروية والحكمة والأناة ... وآخر الدواء الكي ... وأنا بصورة عامة لا أنصح اليوم باستعمال علاج المقاطعة أبدا لأنه يضر أكثر مما ينفع، وأكبر دليل الفتنة القائمة الآن في الحجاز" .
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
أ -سئل :
يقول : بأنه حصل بيني وبين أخي مناظرة ومناصحة، وبعدها تقاطعنا بسبب أني نهيته عن فعل منكر، فهل يعتبر هذا هجر؛ لأنني سمعت حديثا بمعناه: لا يهجر المسلم أخاه ثلاثا ؟ أفيدوني بارك الله فيكم.
الجواب "........ ومتى أصر على المعصية الظاهرة أو البدعة الظاهرة استحق أن يهجر، وشرع هجره حتى يتوب إلى الله من ذلك، إلا إذا كان هجره يزيد الشر، ويترتب عليه مفاسد أكثر فإنه لا يهجر حينئذٍ دفعاً للمضرة الكبرى والشر الأكبر، على حسب قاعدة الشريعة في ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما، وفي تحصيل أعلى المصلحتين ولو بفوات الدنيا منهما، والحاصل أنه مقام عظيم، يتفاوت فيه الناس، فمتى كان الهجر أصلح للعاصي والمبتدع هجر المدة التي يبقى فيها مصراً على المعصية والبدعة، فإذا تاب وأعلن رجوعه سلم عليه إخوانه المسلمون، ومتى كان الهجر يزيد الشر ويزيد الفتنة ويترتب عليه شر أكثر من معصيته وبدعته على المسلمين أو سيزداد شره وبلاؤه فإنه حينئذٍ لا يهجر، ولكن ينصح ويوجه دائماً، لعله يرجع إلى الصواب، ويبين له خطؤه ويظهر له من إخوانه كراهة لعمله والاستنكار لعمله، حتى يرجع عن ذلك مع العناية بما يردع شره ويقلل شره ويسبب سلامة الناس منه.
ب -وسئل :
"متى تشرع مقاطعة المبتدع؟ ومتى يشرع البغض في الله؟ وهل تشرع المقاطعة في هذا العصر؟
الجواب :
المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان والشرع والتجرد من الهوى , فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم فإن هجره حق , وأقل أحواله أن يكون سنة , وهكذا هجر من أعلن المعاصي وأظهرها أقل أحواله أنه سنة أما إن كان عدم الهجر أصلح لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم يؤثر فيهم ويزيدهم هدى فلا يعجل في الهجر , ولكن يبغضهم في الله كما يبغض الكافر والعصاة , لكن يكون بغضه للكفار أشد مع دعوتهم إلى الله سبحانه والحرص على هدايتهم عملا بجميع الأدلة الشرعية; ويبغض المبتدع على قدر بدعته إن كانت غير مكفرة والعاصي على قدر معصيته , ويحبه في الله على قدر إسلامه وإيمانه , وبذلك يعلم أن الهجر فيه تفصيل , وقد قال ابن عبد القوي في نظمه المقنع ما نصه :
هجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وآكد
وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفهر مربد
والخلاصة : أن الأرجح والأولى النظر إلى المصلحة الشرعية في ذلك , لأنه (صلى الله عليه وسلم) هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية , فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم , ولم يهجر عبد الله بن أبي ابن سلول وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية دعت إلى ذلك .فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر والمبتدع والعاصي في الله سبحانه ومحبة المسلم في الله عز وجل , وعليه أن يراعي المصلحة العامة في ذلك , فإن اقتضت الهجر هجر , وإن اقتضت المصلحة الشرعية الاستمرار في دعوتهم إلى الله عز وجل وعدم هجرهم فعل ذلك مراعاة لهديه (صلى الله عليه وسلم)". مجموع الفتاوى والمقالات (10\423-424)
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
قال في شرح كلام الشيخ بكر أبي زيد "والأمر في هجر المبتدع ينبني على مراعاة المصالح وتكثيرها ودفع المفاسد وتقليلها، وعلى هذا تتنزل المشروعية من عدمها، كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مواضعوالمبتدعة إنما يكثرون ويظهرون، إذا قل العلم، وفشا الجهل. وفيهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:"فإن هذا الصنف يكثرون ويظهرون إذا كثرت الجاهلية وأهلها، ولم يكن هناك من أهل العلم بالنبوة والمتابعة لها من يظهر أنوارها الماحية لظلمة الضلال، ويكشف ما في خلافها من الإفك والشرك والمحال" أ هـ
إذن عاد الشيخ إلى ما ذكرنا وهو أن ينظر إلى المصالح فإذا رأينا أن من المصلحة ألا نهجره ولكن نبين له الحق_ لا نداهنه_ ونبقيه على بدعته ونقول :أنت على بدعتك ونحن على سنتنا إذا رأينا المصلحة في هذا فترك الهجر أوالى وإن رأينا من المصلحة الهجر بان يكون أهل السنة أقوياء وأولئك ضعفاء مهزومين فالهجر أولى......(شرح الحلية ص102 )
وقال
... فإذا كان في الهجر من فعل معصية لترك واجب أو فعل محرم فائدة فإنه يهجر حتى تتحقق الفائدة ، وأما من كان هجره لا يفيد شيئاً بل لا يزيد الأمر إلا شدة وإلا بعداً عن أهل الخير فلا يهجر ، لأن الشرع جاء بالمصالح وليس بالمفاسد ، فإذا علمنا أننا لو هجرنا هذا العاصي لم يزدد إلا شراً وكراهة لنا وكراهة ما معنا من الخير ، فإننا لا نهجره ، نسلم عليه ونرد عليه السلام لأنه وإن عصى الله ، والمؤمن لا يهجر فوق ثلاث ، هذا هو الحكم فيما يتعلق بالهجر ، وفي النهاية يسوءني أن أحد المسلمين اليوم يمر بعضهم ببعض لا يسلم أحدهم على الآخر ، يتلاقيان يضرب كتف أحدهما كتف الآخر لا يسلم عليه وكأنما مر بجيفة أو يهودي أو نصراني ، مع أنهم أخوه ، ومع هذا إذا سلم عليه ماذا يستفيد ؟ عشر حسنات نقداً ، إيمان ، محبة ، ألفة ، دخول الجنة .قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) فبين أن إفشاء السلام من أسباب المحبة من الإيمان والإيمان سبب لدخول الجنة ، ويؤسفنا جداً أن نرى مسلمين يلتقي بعضهم ببعض ولا يسلم ، بل ربما كانا أخوين زميلين في الدراسة ، سواء في دراسة المسجد أو في دراسة الكلية أو المعهد أو المدارس الأخرى ، لا يسلم بعضهم على بعض إذاً ما فائدة العلم ؟ ما فائدة طلب العلم ؟إذا لم يتربَّ طالب العلم بالتربية الحسنة التي دل عليها الكتاب والسنة ، وكان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فما الفائدة من التعليم فهو والجاهل سواء ، إن لم يكن الجاهل خيراً منه ، ولهذا احثكم على إفشاء السلام لفوائدة العظيمة ، وهو لايضر ، لأنه عمل اللسان ، واللسان لو يعمل من الصباح إلى الغروب ما كلَّ ولا ملَّ فنسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق والعصمة والتوبة إنه على كل شئ قدير . [ شرح رياض الصالحين (4/219-220) ]
سئل الشيخ –رحمه الله-:
"كيف يتعامل الإنسان الملتزم بالسنة مع صاحب البدعة؟ وهل يجوز هجره؟ .
الجواب :
البدع تنقسم إلى قسمين :
بدع مكفرة ، وبدع دون ذلك وفي كلا القسمين يجب علينا نحن أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام ومعهم البدع المكفرة وما دونها إلى الحق؛ ببيان الحق دون أن نهاجم ما هم عليه إلا بعد أن نعرف منهم الاستكبار عن قبول الحق لأن الله - تعالى - قال للنبي ، (صلى الله عليه وسلم) : {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم} فندعو أولاً هؤلاء إلى الحق ببيان الحق وإيضاحه بأدلته ، والحق مقبول لدى كل ذي فطرة سليمة ، فإذا وجد العناد والاستكبار فإننا نبين باطلهم ، على أن بيان باطلهم في غير مجادلتهم أمر واجب.
أما هجرهم فهذا يترتب على البدعة ، فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجره .
وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره ؛ إن كان في هجره مصلحة فعلناه ، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه ، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي ، (صلى الله عليه وسلم) ، [لا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث] فكل مؤمن وإن كان فاسقاً فإنه يحرم هجره مالم يكن في الهجر مصلحة ، فإذا كان في الهجر مصلحة هجرناه ، لأن الهجر حينئذ دواء ، أما إذا لم يكن فيه مصلحة أو كان فيه زيادة في المعصية والعتو، فإن ما لا مصلحة فيه تركه هو المصلحة .
فإن قال قائل : يرد على ذلك أن النبي ، (صلى الله عليه وسلم) ، هجر كعب بن مالك وصاحبيه الذين تخلفوا عن غزوة تبوك؟.
فالجواب : أن هذا حصل من النبي، (صلى الله عليه وسلم) ، وأمر الصحابة بهجرهم لأن في هجرهم فائدة عظيمة ، فقد ازدادوا تمسكاً بما هم عليه حتى إن كعب بن مالك - رضي الله عنه- جاءه كتاب من ملك غسان يقول : فيه بأنه سمع أن صاحبك - يعني الرسول، (صلى الله عليه وسلم) - قد جفاك وأنك لست بدار هوان ولا مذلة فالحق بنا نواسك . فقام كعب مع ما هو عليه من الضيق والشدة وأخذ الكتاب وذهب به وأحرقه في التنور . فهؤلاء حصل في هجرهم مصلحة عظيمة ، ثم النتيجة التي لا يعادلها نتيجة أن الله أنزل فيهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة قال- تعالى - : {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم . وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم}".
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رقم (2\293-294)
الشيخ عبيد الجابري
قال : "الهجر هجران :
هجرٌ عام على مستوى القطر: فهذا لا يملكه إلا مَن هم مُطاعون في الأمَّة، أئمَّة أهل علم وفضل، مشهودٌ لهم بذلك عند الخاصَّة والعامَّة، فهم الذين يملكون الدَّعوة إلى هجر فلان من النَّاس؛ فإنَّهم إذا حذَّروا منه: كلمتهم فصل، ولله الحمد أدركنا أربعة؛ وهم: سماحة الإمام الأثري الشَّيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، سماحة الإمام العلَّامة الفقيه المجتهد الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-، الشَّيخ الألباني الإمام الألباني -رحمه الله- الثَّالث، والرَّابع هو علَّامة اليمن شيخكم -رحمه الله رحمةً واسعة-، ورحم إخوانه وحفظنا وإيَّاكم بعدهم بالإسلام والسُّنَّة ، فإنَّ هؤلاء في أقطارهم مُطاعون، لهم كلمة الفصل، أمَّا خواص.. أما أفراط طلَّاب العلم؛ فليس لهم مِن ذلك ما لهؤلاء الأربعة، ولا يُنكر هذا إلا مُكابِر.
الثَّاني: الهجر الوَقائي: وهذا في حقِّ كل فردٍ في خويصة نفسه، فإنَّه لك إذا خشيتَ ضرر إنسان على سلوكك أوعلى دينك فإنَّه لك أن تهجره؛ فلا تجالسه، ولا تزوره، ولا تستجيره، ولا تحضر دروسه.
نعود إلى الهجر العام؛ أقول: قدَّمتُ لكم أنَّه موكولٌ إلى مَن؟ إلى أهل العلم، الَّذين هم قدوة، وهم محلُّ ثقة، فإنَّ هؤلاء إذا رأوا موجِباً هجروه في أنفسهم، وحذَّروا منه، وما دامت القضيَّة موكولة إلى نظر هؤلاء؛ فإنَّا نتَّبعهم، نتَّبعهم ... .
فأهل السنة : إذا قويت شوكتهم، واشتدت عزيمتهم، ورجحت كفتهم؛ فإنهم يذلِّون أهل البدع، ويمقتونهم، ويهينونهم، وينبذونهم.
وإذا كانت الكِّفَّة الرَّاجحة لغيرهم، وضعُفت شوكتهم، وضعُف سلطانهم، وكان عوامُّ النَّاس مع هؤلاء؛ فإنَّهم يتخذون جانب ماذا؟ المُداراة، والسِّياسة الحسنة، لأنَّ همَّهم ما هو؟ همُّهم هداية النَّاس" . شريط (أهمية العلم)
الشيخ محمد علي فركوس
انظر المقال الشهري ضوابط هجر المبتدع فقد ضبط مسألة الهجر بعدة ضوابط خلافا لكلام الشيخ ربيع ولاأدري لماذا لايردون عليه ؟
الشيخ عبد المالك رمضاني
سئل : نريد منكم توضيحًا حول مسألة هجر المبتدع ، وهل أنكم تقولون بهجره مطلقًا ، أو أن هناك تفصيلاً عندكم ؟
الجواب : " :الهجر - أي هجر المبتدع - بل وأدمى من المبتدع هجر العاصي ، من دين الله عزَّ وجلَّ ، لأنه الذي نزل فيه قوله تعالى ) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ( ، [التوبة : 118] ، فهذه الآية نزلت في الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد ، لما كان التخلف عن الجهاد غير سائغ ، فلما تخلفوا ، اللهُ عزَّ وجلَّ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر أصحابه بأن يهجروهم ، فجاء المنافقون واعتذروا باعتذارات باردة كاذبة ، وأما هؤلاء الثلاثة ، فكانوا صادقين ، واعترفوا للنبي صلى الله عليه وسلم بأنهم تخلفوا عن الجهاد بلا عذر ، بل كانوا أقوى ما يكونون ، فتخلفوا عن غير عذر ، مع ذلك لما نزلت توبتهم ، كان ما كان من أجل صدقهم ، الشاهد من هذا قال القرطبي - رحمه الله – : ” إذا جاز أن يُهجر العاصي ، فمن باب أولى أن يهجر المبتدع ، لأن المبتدع شر من العاصي ” هذا من حيث التشريع الهجر ، وفي السيرة النبوية شيءٌ كثير لا داعي لذكره حتى نأتي على السؤال
إن شاء الله .
أما الهجر وهل هو حكم كما يُقال اليوم جامد ؟ كلما ابتدع مبتدع هجر ؟
الجواب : لا ، ذكر هذا بن تيمية - رحمه الله – بجلاء وتجدون تفاصيل كلامه منقولة في كتاب ” موقف أهل السنة والجماعة من أصحاب البدع والأهواء ، أو من أهل البدع والأهواء ” للشيخ الدكتور إبراهيم الرحيلي - - وهو كتاب نفيس ، وبابه هنا باب عظيم ، فأرجوا الرجوع إليه ، بل لا أعرف من العلماء الذين درسنا عليهم أحدًا خالف في أن هجر المبتدع منوط بالمصلحة والمفسدة ، فلذلك نحن على دربهم نسير ، كل ما عرفت من أهل العلم يقولون الهجر هجر المبتدع كهجر العاصي منوط بالمصلحة والمفسدة ، فإذا غلبت المفسدة المصلحة عومل بالهجر ، وإذا كان العكس ترك الهجر ، والذي عليه كل من عرفناه من أهل العلم في هذا العصر ، طبعًا تطبيقًا على واقع العصر اليوم أن هجر المبتدع اليوم ينبغي أن يضيق ، ينبغي أن يضيق ، وذلك لضعف أهل السنة ضعف شوكتهم في أكثر بقاع الأرض ، فهجرهم المبتدعة في هذا العصر يساوي هجرهم لأنفسهم ، أهل السنة اليوم مهجورون ، منبوذون ، مشردون ، مطرودون ، فإذا جلسوا يهجرون أهل البدع ، سيبقون أشد هجرًا وتشريدًا فما يحصل القرض ، لأن القرض من الهجر أولاً : أن يرتدع المبتدع فيرجع .
ثانيًا : أن نعصم أنفسنا من بدعتهم ، كونك تهجر اليوم المبتدع فيرجع ؛ هذا بعيد ، لأنه يجد كهوفًا مثله يأوي إليها ، فالمجتمعات تَعُجُّ من أهل البدع مع الأسف ، وكونك تحفظ نفسك من بدعته ، لا يحتاج إلى هجره هجرًا كاملاً ؛ بل يكفيك في ذلك الهجر الوقائي ، وهو أن لا تجعله صاحبًا لك ، ولا خليلاً ، ولا خديمًا ، ولا ولا … الخ ، ولكن لا بأس إذا لقيته أن تسلم عليه ، فضلاً عن رد السلام عليه ؛ بل أنا أنصح بأن يكون حالك كذلك ، لن تكون أغير من أبي الدرداء الذي ذكر عنه البخاري في صحيحه أنه كان يقول : ” إنا لنكشر في وجوه قوم ، وإن قلوبنا لتلعنهم ” ، نكشر أي – نبتسم - معنى القلوب لا تحبهم تأملوا ؛ بل أكثر من ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين حديث عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجل قادم قال : ( بأس أخو العشيرة ) ، أنتقده ، لكن لما وصل إليه ، هش وبش له ، ورحب به ، فاستغربت عائشة ، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يا عائشة متى عهدتيني فحاشًا ، إن شر الناس من تركه الناس ابتغاء فحشه ) ، فالنبي ماذا فعل مع هذا الرجل ، حذر منه ، مع ذلك لم يبين له ذلك ، ولم يأمر بهجرة ، لكن حذر منه ؛ بل لما جاء داراه أستعمل معه المداراة التي هي غير المداهنة .
إذاً لن نكون أغير على الحق من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وإنما القضية قضية مصلحة ومفسدة ، لو ذهب الرسول يهجر هذا الرجل ، وأمر بهجره وهو صاحب عشيرة ، صاحب قبيلة ، مسموع الكلمة ، لذهب هنالك يشوش على النبي صلى الله عليه وسلم على دعوته حتى لا تصل إلى قبيلته ، وهو مسموع الكلمة ، ولذلك صرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحاديث الصحيحة أنه قال : ( إنا لنداري سيد القوم ) ، سيد قوم يدارى ، وذلك هذه قوة شوكته في مجتمعه .
إذًا الخلاصة ، إذا كان أهل السنة أقوياء ، وجب عليهم أن يهجروا أهل البدع ، وأن يشردوهم ، وأن ينكلوا بهم ، وأن يصيبوهم بكل ما يمكن أن يصاب به عدوّ ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( المرء على دين من يخالل ) ، لأن مخالطة أهل البدع ، تنقل العدوى ، عدوى ما أُصيبوا به إلى المجتمع ، ولكن يمكن أن لا نخالطهم مع عدم هجرهم إذا كُنا ضعفاء ، أما مع القوة فكما سمعتم .
هذا خلاصة ، وأنصح إخواننا أن لا يكونوا ، أن لا يشتدوا وهم يظنون أنهم ينتصرون للسنة ، وهم ينتصرون لأنفسهم ، لما يدخلون في جدال مع بعض أهل البدع ، فيخرجون مبغضينهم أشد البغض أشد مما كانوا ، والكثير منهم لا ينضبطون بهذه الضوابط ، هجر أحمد ، وهجر إسحاق بن رهاويه ، وهجر الصحابة … الخ ، لكن هذا عند قوة السنة في المجتمع ، وعند حصول المصلحة ، وتحقيق الحكمة التي من أجلها شرع الهجر ، أما عندما يخفى ذلك ، فيجب إخفاء الهجر إلى أجل ما . والله تعالى أعلم
انظر المقال التاسع من مقالات المشرفين - الوجه الآخر لموقف الشيخ ربيع المدخلي من أهل الأهواء والبدع : اضطراب أم تلاعب ؟!!!
تنبيه :
الشيخ ربيع لم يبين هل أجمع السلف على مشروعية الهجر أم على وجوب الهجر ؟ وهل هو الهجر الذي قصده السلف أم هو الهجر الذي فهمه الشيخ ربيع ونسبه للسلف ؟
لأن هناك فرقا بين المشروعية والوجوب كما هو معلوم ، والله أعلم
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-30-2014, 08:02 PM
محب العباد والفوزان محب العباد والفوزان غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
المشاركات: 947
افتراضي

لقد سبقك بها عكاشة على هذا الرابط :
http://kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=37976
(ابتسامة)
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-01-2014, 12:40 AM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,046
افتراضي

مقال جميل و جمعٌ طيّب ...
أبا عبد الرحمن ..إنما هو متمم و مطرّز لما طرزته قبلُ..
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-01-2014, 08:08 AM
صلاح الدين الكردي صلاح الدين الكردي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: كردستان العراق
المشاركات: 749
افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك مقال رائع

__________________
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ»
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-01-2023, 04:36 PM
مروان السلفي الجزائري مروان السلفي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: سيدي بلعباس -الجزائر -
المشاركات: 1,790
افتراضي

جزاك الله خيرا .


يرفع لينتفع به المغرر بهم من أتباع الشيخ ربيع المدخلي الذي خالف إجماع الأمة و وقع في البدعة بلا منازع .
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:01 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.