أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
15612 102069

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-04-2009, 12:27 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي بين منهجين (13) : ضوابط الامتحان بالأقوال والأعيان .

بين منهجين (13) : ضوابط الامتحان بالأقوال والأعيان .

الامتحان هو الاختبار , كما قال ابن فارس في مجمل اللغة (4\825) : "محن : المحن الاختبار , يقال : محنه وامتحنه" , وبنحوه في المعجم الوسيط (ص\856) : "مَحَنَ فلانا مَحنا : خَبره وجربه , ومُحِن فلان : وقع في محنة فهو ممحون , وامتحن فلانا : اختبره" .
ولقد كثر الكلام بين أوساط السلفيين في السنوات المتأخرة حول مسألة الامتحان بالأقوال والأعيان , وكان خلافهم –غالبا- في الأقوال والأعيان الذين يمتحن بهم , وبما يترتب على ثمرة هذا الامتحان من أقوال وأحكام , وبالتالي مواقف من التقريب والهجر ؛ فأحببت في هذه المقالة أن أسلط الضوء على المشروع والممنوع من الامتحانات التي يترتب عليها تبديع المخالف أو الحكم بسنيته , وإلا فمجالات الامتحان أوسع , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (15\329-330) : "" فإذا أراد الإنسان أن يصاحب المؤمن، أو أراد المؤمن أن يصاحب أحدا وقد ذكر عنه الفجور وقيل إنه تاب منه، أو كان ذلك مقولا عنه سواء كان ذلك القول صدقا أو كذبا: فإنه يمتحنه بما يظهر به بره أو فجوره وصدقه أو كذبه .
وكذلك إذا أراد أن يولي أحدا ولاية امتحنه؛ كما أمر عمر بن عبد العزيز غلامه أن يمتحن ابن أبي موسى لما أعجبه سمته، فقال له: قد علمت مكاني عند أمير المؤمنين فكم تعطيني إذا أشرت عليه بولايتك؟ فبذل له مالا عظيما، فعلم عمر أنه ليس ممن يصلح للولاية .
وكذلك في المعاملات، وكذلك الصبيان والمماليك الذين عرفوا أو قيل عنهم الفجور وأراد الرجل أن يشتريه بأنه يمتحنه، فإن المخنث كالبغي، وتوبته كتوبتها.
ومعرفة أحوال الناس تارة تكون بشهادات الناس، وتارة تكون بالجرح والتعديل، وتارة تكون بالاختبار والامتحان" .
وكلامنا في باب مخصوص من أبواب الامتحان وهو الامتحان الذي يتميز به السني من البدعي ؛ فأقول وبالله التوفيق :

أولا : أصل الامتحان مشروع بدلالة الكتاب والسنة .
أصل الامتحان ثابت في نصوص الشرع , ومن ذلك امتحان النبي (صلى الله عليه وسلم) الجارية بسؤالها [أين الله ؟] , [من أنا؟] ؛ كما في حديث معاوية بن الحكم السلمي حيث قال [كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها , وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون ؛ لكني صككتها صكة ؛ فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي , قلت يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال : ائتني بها ؛ فأتيته بها ؛ فقال لها أين الله ؟ قالت : في السماء , قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله قال ك أعتقها فإنها مؤمنة] .
فهذا الحديث أفاد مشروعية الامتحان بالأقوال بدلالة قوله (صلى الله عليه وسلم) [أين الله؟] , وكذلك أفاد مشروعية الامتحان بالأعيان والشخوص بدلالة قوله (صلى الله عليه وسلم] [من أنا؟] .
قال عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية (ص\48) : "ومما يحقق قول ابن المبارك قول رسول الله للجارية أين الله يمتحن بذلك إيمانها ".
والعبد –كذلك- يمتحن في قبره فيسأله الملكان [من ربك؟ , من نبيك ؟ , ما دينك؟] ؛ بل ويمتحنون كذلك- في عرصات الموقف , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (24\373) : "وأما عرصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون فى البرزخ ؛ فيقال لأحدهم [من ربك وما دينك ومن نبيك] , وقال تعالى {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود} ؛ فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون وقد ثبت في الصحيح من غير وجه عن النبي أنه قال [يتجلى الله لعباده في الموقف إذا قيل ليتبع كل قوم ما كانوا يعبدون فيتبع المشركون آلهتهم وتبقى المؤمنون فيتجلى لهم الرب الحق في غير الصورة التي كانوا يعرفون فينكرونه ثم يتجلى لهم في الصورة التي يعرفون فيسجد له المؤمنون وتبقى ظهور المنافقين كقرون البقر فيريدون أن يسجدوا فلا يستطيعون وذلك قوله {يوم يكشف عن ساق} .... الآية] , والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع" .

ثانيا : الامتحان المشروع لا يصار إليه إلا عند الحاجة إليه .
إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه والمؤمنين من بعده بان يمتحنوا من قدم إليهم مهاجرا من نساء المؤمنين فقال [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ] .
وقد كان امتحان النبي (صلى الله عليه وسلم) لهن لمعرفة صدقهم في إسلامهن وهجرتهن وأنهن ما هاجرن كرها لزوج ولا حبا لدنيا , بل رغبة في الله ورسوله , فالامتحان كان لمعرفة أصل الإيمان , لا لمعرفة رأيهن بالصديق ولا بالفاروق , ولا بغيرهما من الصحابة .
وهذه الآية أفادت أنه يصار إلى الامتحان عند الحاجة , ولهذا لم يكن من السنة امتحان الرجال عند قدومهم مهاجرين بل كان يقبل منهم (صلى الله عليه وسلم) ظواهرهم , ويقرهم على إسلامهم من غير اختبار ولا امتحان , لأن الحاجة من الامتحان منتفية , كما قال الشنقيطي –رحمه الله- في أضواء البيان (8\97) : "ومفهومه أن الرجال المهاجرون لا يمتحنون , وفعلا لم يكن النبي (صلى الله عليه وسلم) يمتحن من هاجر إليه , والسبب في امتحانهن دون الرجال هو ما أشارت إليه هذه الآية في قوله تعالى {فإن علمتموهن مؤمنات}كأن الهجرة وحدها لا تكفي في حقهن بخلاف الرجال فقد شهد الله لهم بصدق إيمانهم بالهجرة" .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (15\328) : "والمؤمن محتاج إلى امتحان من يريد أن يصاحبه ويقارنه بنكاح وغيره قال تعالى : {إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن} الآية" .
وقال بنحوه –أيضا- الشيخ العباد في شرحه على سنن أبي داود (ش\377) جوابا على السؤال التالي : "السؤال: هل يستفاد من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم للجارية: (أين الله؟ ومن أنا؟) جواز اختبار بعض الناس لمعرفة عقيدتهم وكذلك لمعرفة منهجهم بسؤالهم بعض الأسئلة؟.
الجواب: السؤال هناك حصل لمعرفة كونها من أهل الإيمان، فإذا كانت هناك حاجة إلى معاملة إنسان أو إلى مداخلة إنسان فيمكن للإنسان أن يحتاط في التعرف عليه بسؤاله عما يحتاج إلى معرفته".
وبنحو ما تقدم قال الشيخ عبيد الجابري –حفظه الله- في شريط (فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل) : "هل يُنهى عن امتحان الناس على إطلاقه؟ هل يُطلق النهي عن امتحان الناس؟ ؛ فيقال لا يُمتحن أحد! أو في ذالك تفصيل؟ والجواب :
أنه في ذالك تفصيل ؛ فمن أُستُريب في أمره، أو طُلب منه شيء ولم يظهر أعنده أهلية لما يطلب منه، أو لا، فإنه يمتحن. وكذالك من أريد تزكيته، وكان في معزل عن الناس؛ فإنه كذالك يمتحن.
ولا يزال الناس على هذا، بل هم مضطرون إلى قبوله؛ فإن من أريد منه منصب، فإن ولي الأمر يختبره هل عنده أهليه لهذا المنصب، أو لا!. ولا يزال الناس يتساءلون عمن وفد عليهم، يتساءلون عنهم ويسألون الوافد؛ من أين أتى، وإن كان يُظهر علماً فعلى من درس؛ منهم أشياخه. ومن الأدلة التي صحت بها السنة؛ وهو في ما يظهر في من خفي أمره، قصة معاوية ابن الحكم - رضي الله عنه- كانت له جارية ترعى الغنم، فعدى الذئب فاختطف شاةً منها، فلما جاء معاوية أخبرته جاريته الخبر، فلطمها، ثم جاء فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمر- وأظنه تأثر لما صنع، ولامته نفسه- فتغير النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع من صنيعه مع جاريته فقال: يا رسول الله إن عليَّ رقبة، فهل أعتقُها؟ قال: جئني بها- أنظر أمؤمنة، أم لا- فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسألها : [أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا ؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة] , وهذا امتحان واختبار؛ لأن هذه ستكون حرة طليقة، وستكون من الأحرار في الإسلام، فلابد من إقامة شاهدٍ عليها من دينها؛ ولهذا سألها النبي صلى الله عليه وسلم هذا السؤال" .
فالامتحان –شرعا- ليس هو الأصل , وإنما يصار إليه عند الحاجة ويكون بما دلت نصوص الشريعة على اعتباره , وهو الامتحان بما في الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة؛ فإن انتفت الحاجة إليه كان فعله من قبيل البدع ؛ وعلى هذا المعنى تتنزل فتوى الشيخ عبد الله الغنيمان –حفظه الله- جوابا على السؤال التالي : "السؤال : هل يجوز امتحان الناس في عقائدهم؟ .
الجواب : كلا لم نؤمر بذلك ،والله عز وجل أمر رسوله-صلى الله عليه وسلم-أن يأخذ من المنافقين ما ظهر،وأن يعاملهم بالمعاملة الظاهرة،مع أن الله يقول: {تعرفهم بسيماهم}،ومع ذلك يعاملهم بالمعاملة الظاهرة،فكيف إذا كان ظاهر الإنسان أنه مسلم،ثم يعامل بهذه المعاملة السيئة ، وكذلك أهل البدع ، ولا يمتحنون أيضاً فنحن ما كلفنا إلا بالظاهر ،لم نؤمر بالتنقيب عن قلوب الناس ، هذا لا يجوز وامتحان الناس بدعة محرمة لا يجوز أن يمتحنوا ، فيؤخذ منهم الظاهر ، وتوكل سرائرهم إلى الله عز وجل ، وهو الذي يحاسبهم ، ولكن لو عرف شخص بدعة ودعا إليها ، وعلم إنه داعية بدعة ، يحذر من بدعته ، التي يدعوا إليها ، وثمة فرق ين الداعي ، وبين الذي يفعل الشيء ويستتر" .
http://www.saaid.net/leqa/23.htm
ومنه -أيضا- فتوى الشيخ آل الشيخ –حفظه الله- في شرحه على العقيدة الواسطية (ش\16) جوابا على السؤال التالي : "يقول : هل يجوز سؤال الأطفال والعامة بقولهم أين الله؟.
الجواب : هذا مما لا تتحمله العقول ، ليس عقل كل أحد يتحمل هذه الكلمة خاصة في مثل هذا الزمان هذه ليست من كلمات الابتلاء , ولكن تعلم العامة والأطفال صفات الله جل وعلا أما امتحان الناس بهذا السؤال فليس بجيد".

ثالثا: الامتحان المشروع بالأقوال هو بما كان في الكتاب والسنة أو أجمع عليه السلف .
إن الامتحان المشروع هو بما كان في الكتاب والسنة أو انعقد عليه الإجماع , ومن ذلك امتحان النبي (صلى الله عليه وسلم) الجارية بسؤالها [أين الله] , وامتحان المؤمنين للمؤمنات المهاجرات لمعرفة إيمانهن , وامتحان الناس في قبورهم بسؤالهم عن [الرب , والرسول , والدين] .
ومثال ذلك امتحان سليمان بن طرخان التيمي بالقدر لمن أراد أن يحدثه , كما قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (6\200) : عن مهدي بن هلال قال : (أتيت سليمان فوجدت عنده حماد بن زيد ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل وأصحابنا البصريين فكان لا يحدث أحدا حتى يمتحنه فيقول له الزنى بقدر فإن قال نعم استحلفه أن هذا دينك الذي تدين الله به فإن حلف حدثه خمسة أحاديث) .
ومنه –أيضا- امتحان هشام بن عبيد الله الرازي لمن ادعى توبته من مذهب الجهمية لإطلاقه من الحبس كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5\49) : (وروى أيضا ابن أبى حاتم : أن هشام بن عبيد الله الرازي صاحب محمد بن الحسن قاضي الري حبس رجلا في التجهم فتاب فجيء به إلى هشام ليطلقه ؛ فقال : الحمد لله على التوبة ؛ فامتحنه هشام فقال : أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه ؛ فقال : أشهد أن الله على عرشه ولا أدري ما بائن من خلقه ! , فقال ردوه إلى الحبس فإنه لم يتب) .
ومنه –أيضا- امتحان أبو العباس السراج التلاميذ بذم الكلابية قبل أن يحدثهم , كما قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (14\395) عن أبي سعيد بن أبي بكر قال : (لما وقع من أمر الكلابية ما وقع بنيسابور كان أبو العباس السراج يمتحن أولاد الناس فلا يحدث أولاد الكلابية فأقامني في المجلس مرة ؛ فقال قل : أنا أبرأ إلى الله تعالى من الكلابية ؛ فقلت : إن قلت هذا لا يطعمني أبي الخبز ؛ فضحك وقال دعوا هذا) .

رابعا : الامتحان بما ليس في الكتاب والسنة والإجماع من صنيع أهل البدع .
فلا يمتحن إلا بما أوحاه الله تعالى إلى رسوله –من الأقوال- ؛ فلا يمتحن بكل مسالة شرعية ؛ بل لا يمتحن بكل ما قال بعض أهل العلم أنه يمتحن به إلا أن يكون مما ثبت أن الله تعالى أوحى به إلى رسوله (صلى الله عليه وسلم) , كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (4\145-146) : "إن منهم من عمد إلى كتاب صنفه الشيخ أبو الفرج المقدسي فيما يمتحن به السني من البدعي ؛ فجعل ذلك الكتاب مما أوحاه الله إلى نبيه ليلة المعراج وأمره أن يمتحن به الناس فمن أقر به فهو سني ومن لم يقر به فهو بدعي وزادوا فيه على الشيخ أبي الفرج أشياء لم يقلها هو ولا عاقل . والناس المشهورون قد يقول أحدهم من المسائل والدلائل ما هو حق أو فيه شبهة حق . فإذا أخذ الجهال ذلك فغيروه صار فيه من الضلال ما هو من أعظم الإفك والمحال" .
ومن ذلك صنيع بعض الأغمار في هذه الأزمنة من أخذهم لبعض الآثار الواردة عن السلف في مسألة الامتحان ببعض الأحيان حتى جعلوا ذلك "مما أوحاه الله إلى نبيه ليلة المعراج !!" , ولو أنهم اقتصروا على آثار السلف لهان الخطب , لكنهم جعلوها أصلا فقاسوا عليها من عينوه بأهوائهم مما يصلح لأن يمتحن به المسلمون من الأحكام والأقوال , فمن أجابهم إلى ما يهوون جعلوه سنيا , ومن خالفهم في مطلوبهم جعلوه مبتدعا خلفيا .
بل بلغ الغلو ببعضهم إلى أن يمتحن الخلق بزيارة الشيخ في بيته لو قدم إلى بلدته للحج أو العمرة.
بل بلغ الغلو مدى أوسع حيث اعتبر بعض أهل الجهل أن العباد يمتحنون في قبورهم فيسألون عن جرح المجروحين ؟؟؟.
ومن امتحن العباد بما ليس في الكتاب والسنة , وبما لم يجمع عليه العلماء من الأقوال ؛ فهو مبتدع مشابه للخوارج , كما قال البربهاري في شرح السنة (ص\43) : (قال بعض العلماء منهم أحمد بن حنبل : (الجهمي كافر ليس من أهل القبلة حلال الدم لا يرث ولا يورث لأنه قال : لا جمعة ولا جماعة ولا عيدين ولا صدقة ... , وامتحنوا الناس بشيء لم يتكلم فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا أحد من أصحابه) .
ولهذا قال الإمام البربهاري في شرح السنة (ص\55) : (والمحنة في الإسلام بدعة , وأما اليوم فيمتحن بالسنة) .
فمن امتحن العباد بما ليس في السنة , فهو في البدعة واقع .
وأول من ابتدع امتحان الناس بما ليس في الكتاب والسنة , وبما لم يتكلم به سلف الأمة هم الخوارج فابتدعوا امتحان العباد بأقوالهم وأحكامهم على الناس بالكفر للحكم على الممتحن بأنه موافق لهم على ما هم فيه , ولهذا قال إبراهيم بن ديزيل –رحمه الله- كما في سير أعلام النبلاء (13\189) : (الامتحان دين الخوارج) .
وعلى إثرهم سار ركب المبتدعة في امتحان الخلق بما ليس في الكتاب والسنة من أقوال .
وما زال السلف (رضي الله عنهم) يحاربون هذه البدعة المنكرة ومنهم :
الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله- حيث امتنع عن إجابة من امتحنه بالقول المخترع الذي ليس في الكتاب والسنة كما في الفتاوى الكبرى (6\340) : "قال الإمام أحمد لابن أبي دؤاد الجهمي -الذي كان قاضي القضاة في عهد المعتصم- لما دعا الناس إلى التجهم ، وأن يقولوا القرآن مخلوق ، وأكرههم عليه بالعقوبة ، وأمر بعزل من لم يجبه وقطع رزقه ، إلى غير ذلك مما فعله في محنته المشهورة ، فقال له في مناظرته -لما طلب منه الخليفة أن يوافقه على أن القرآن مخلوق- : (ائتوني بشيء من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أجيبكم به ؛ فقال له ابن أبي دؤاد : وأنت لا تقول إلا بما في كتاب الله أو سنة رسوله ؟ ؛ فقال له : هب أنك تأولت تأويلا فأنت أعلم وما تأولت، فكيف تستجيز أن تكره الناس عليه بالحبس والضرب)".
ومنهم الإمام البخاري –رحمه الله- لما أراد بعض المشغبين امتحانه بمسالة اللفظ بالقران وهي من المسائل الحادثة التي لم يدل عليها نص لا من كتاب ولا من سنة فأعرض –رحمه الله- عن الإجابة بالقول –كما في سير أعلام النبلاء (12\454)- : (القرآن كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة والامتحان بدعة) .
فمن امتحن الناس بما ليس في الكتاب والسنة والإجماع من أقوال فهو على طريقة أهل البدع والأهواء سائر , ولمنهج السلف –في هذه المسألة- مفارق .
ولهذا فقد منع شيخ الإسلام من الامتحان بالانتساب إلى المناهج الإسلامية السنية الصحيحة كالانتساب إلى واحد من المذاهب الأربعة المرضية بين عموم المسلمين –لأنها ليست مما اتفق عليها المسلمون جميعا- ؛ فلا يسوغ لأحد أن يمتحن الناس بهذا الانتساب , فمن باب أولى أنه لا يجوز أن يمتحن الناس بالانتساب على منهج من هو دون أولئك في العلم والفضل والسابقة والخيرية , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (3\415-416) : "وكذلك كان كل من السلف يقولون كل هذه الأهواء في النار ويقول أحدهم ما أبالي أي النعمتين أعظم على أن هداني الله للإسلام أو أن جنبني هذه الأهواء , والله تعالى قد سمانا في القرآن المسلمين المؤمنين عباد الله فلا نعدل عن الأسماء التي سمانا الله بها إلى أسماء أحدثها قوم وسموها هم وآباؤهم ما أنزل الله بها من سلطان .
بل الأسماء التي قد يسوغ التسمي بها مثل انتساب الناس إلى إمام كالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي أو إلى شيخ كالقادري والعدوي ونحوهم أو مثل الانتساب إلى القبائل كالقيسي واليماني وإلى الأمصار كالشامي والعراقي والمصري , فلا يجوز لأحد أن يمتحن الناس بها ولا يوالي بهذه الأسماء ولا يعادي عليها بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان , وأولياء الله الذين هم أولياؤه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون" .
ومثله الامتحان بما لم تتفق عليه كلمة أهل السنة والجماعة –قولا أو عينا- , كما قرر ذلك الشيخ العبيلان –حفظه الله- في معرض جوابه على السؤال الآتي : "السؤال : ما رأيكم في امتحان الناس وإلزام طلبة العلم بقول العلماء في تجريح الأشخاص أو غيرها من القضايا الخلافية بين أهل السنة؟.
الجواب : هذا فيه تفصيل : أما إن كان المتكلم فيه من أئمة البدع والذي لا يختلف أهل السنة فيه فيجب على المسلم أن يعتقد فيه ما اعتقده أهل السنة وإلا خرج عن سبيلهم إن كان عنده علم .
وأما إن كان المتكلم فيه من أهل السنة ووقع في خطأ في العلم يعتقد بعض أهل العلم أنه مخرج له من السنة فهذا لا يلزم من لم يتبين له ذلك أو رأى خلافه أن يقلد فيه غيره .
ومن اعتقد لزوم ذلك لكل مسلم فقد شاق الله ورسوله فإن الحق المطلق والولاء المطلق لا يكون إلا للرسول الله عليه السلام قيل لابن عباس : (انت على ملة علي او عثمان فقال بل أنا على ملة رسول الله عليه السلام) , وهو سبيل للوقوع فيما وقعت فيه اليهود والنصارى قال تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }البقرة113 والله اعلم" .
http://obailan.net/news.php?action=show&id=147

خامسا : الامتحان المشروع بالأعيان يكون بالمشهورين من أئمة السنة المتفق على إمامتهم .ومن هذا القبيل –أيضا- الامتحان بمن ثبت فضله أو ذمه بنصوص الكتاب والسنة أو اتفقت عليه كلمة أهل السنة والجماعة , ومن أمثلة ذلك :
الامتحان بحب الصحابة –لثبوت فضلهم في نصوص الكتاب والسنة والإجماع- .
ومنه كذلك الامتحان بحب الإمام أحمد بن حنبل الذي انعقد الإجماع على إمامته وفضله وتقديمه فهو قد صار إماما للسنة وعلما عليها , واجتمع أهل السنة والجماعة كلهم على القول بمعتقده , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (5\553) : "فلما امتحن الناس بذلك واشتهرت هذه المحنة وثبت الله من ثبته من أئمة السنة وكان الإمام الذي ثبته الله وجعله إماما للسنة حتى صار أهل العلم بعد ظهور المحنة يمتحنون الناس به فمن وافقه كان سنيا وإلا كان بدعيا هو الإمام أحمد بن حنبل".
ولا يخفى أن الموافقة التي عناها شيخ الإسلام هي الموافقة على المعتقد السلفي الصحيح الذي تبناه وثبت عليه ونشره , لا على اختياراته الفقهية ولا على آرائه في الرجال , فكثير من أهل العلم خالفوه في أقواله وأحكامه الفقهية والنقدية .
ومن ذلك قول البربهاري في شرح السنة (ص\52-53) : "إذا رأيت الرجل يحب أبا هريرة وأنس بن مالك وأسيد بن حضير فاعلم أنه صاحب سنة -إن شاء الله- ؛ وإذا رأيت الرجل يحب أيوبا وابن عون ويونس بن عبيد وعبد الله بن ادريس الأودي والشعبي ومالك بن مغول ويزيد بن زريغ ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير وحماد بن زيد وحماد بن سلمة ومالك بن أنس والأوزاعي وزائدة بن قدامة فاعلم أنه صاحب سنة , وإذا رأيت الرجل يحب أحمد بن حنبل والحجاج بن المنهال وأحمد بن نصر وذكرهم بخير وقال قولهم ؛ فاعلم أنه صاحب سنة".
ومنه كذلك قول سفيان الثوري كما في تهذيب الكمال (28\153) : (امتحنوا أهل الموصل بالمعافى فمن ذكره يعني بخير قلت هؤلاء أصحاب سنة وجماعة ومن عابه قلت هؤلاء أصحاب بدع) .
وقال بشر بن الحارث عن احمد بن يونس : (كان سفيان إذا جاءه قوم من أهل الموصل امتحنهم بحب المعافى فإن رآهم كما يظن قربهم وأدناهم وإلا فلا) –المصدر السابق- .
وقال احمد بن يونس كما في تهذيب الكمال (28\153)- : (كان سفيان إذا جاءه قوم من أهل الموصل امتحنهم بحب المعافى فإن رآهم كما يظن قربهم وأدناهم وإلا فلا) .
وقال الإمام أحمد –كما في تذكرة الحفاظ (1\203)- : (إذا رأيت الرجل ينال من حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام) .
قال ابن معين كما في اعتقاد أهل السنة (3\514) : (إذا رأيت الرجل يتكلم في حماد بن سلمة وعكرمة مولى ابن عباس فاتهمه على الإسلام) .
وقال القطان –كما في خلاصة تذهيب تهذيب الكمال (ص\92) : (إذا رأيت الرجل يقع في حماد فاتهمه على الإسلام) .
وأورد الخزرجي عقبه مباشرة قول ابن المبارك : (ما رأيت أشبه بمسالك الأُوَل من حماد) .
وقال عبد الرحمن بن مهدي كما في ما رواه الأكابر (ص\64) : (ابن عون في البصريين إذا رأيت الرجل يحبه فاطمئن إليه , وفي الكوفيين زائدة ومالك بن مغول إذا رأيت كوفيا يحبه فارج خيره , ومن أهل الشام الأوزاعي وأبو إسحاق الفزاري , وأهل الحجاز مالك بن أنس).
وقال ابن مهدي –أيضا- كما في الجرح والتعديل –للرازي- (1\217) : (إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة) .
فهؤلاء الذين قرر الأئمة امتحان الناس بهم ممن اتفقت كلمة أهل العلم على فضلهم وإمامتهم , فمن ذمهم فقد خالف الإجماع فاستحق أن يذم , ، فهم أئمة بالسنة والعلم والإيمان , كما قال محمد بن عبد الرحمن بن مهدي كما في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني (8\254) : (كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزاري فاطمئن إليه كان هؤلاء أئمة في السنة) .
وقال الأسود بن سالم كما في تاريخ بغداد (10\168) : (كان بن المبارك إماما يقتدى به , كان من اثبت الناس في السنة ؛ إذا رأيت رجلا يغمز بن المبارك بشيء فاتهمه على الإسلام).
ولهذا قال الشيخ عبيد الجابري –حفظه الله- في شريط (فقه التعامل مع أهل السنة وأهل الباطل) مبينا فقه هذه الآثار : " الذي عرفناه من سيرة أئمة السلف ، أنهم يمتحنون الناسَ بفضلائهم، وعلمائهم ؛ فإذا وفدت عليهم وافدة من قطر سألوهم عن علمائهم؛فإن أثنوا عليهم خيراً قربوهم وأحبوهم واستبانوا أنهم أهل سنة. وإن أثنوا عليهم شراً أبعدوهم وأبغضوهم ونفروا منهم. وقديماً قالوا:- (امتحنوا أهل المدينة بمالك ، وامتحنوا أهل الشام بالأوزاعي ، وامتحنوا أهل مصر بالليث ابن سعد ، وامتحنوا أهل الموصل بالمُعافى ابن عمران) .
وهؤلاء الذين قرر الأئمة امتحان الناس بهم، هم أئمة بالسنة والعلم والإيمان ؛ فصاحب السنة : لابد أن يحبهم ويجلَّهم ويظهر الثناء عليهم , وصاحب البدعة: لابد أن يظهر الشناعة عليهم".

سادسا : الامتحان بمن لم تتفق عليه كلمة أهل السنة من صنيع أهل البدعة والفرقة .ويدخل تحت باب الامتحان البدعي , الامتحان بالأشخاص الذين لا نص من كتاب أو سنة أو إجماع معتبر منعقد على حكمهم .
فهذا شيخ الإسلام أنكر على من امتحن بيزيد بن معاوية فقال في مجموع الفتاوى (3\414-415) : "فالواجب الاقتصار في ذلك والإعراض عن ذكر يزيد بن معاوية وامتحان المسلمين به فإن هذا من البدع المخالفة لأهل السنة والجماعة ؛ فإنه بسبب ذلك اعتقد قوم من الجهال أن يزيد بن معاوية من الصحابة , وأنه من أكابر الصالحين وأئمة العدل وهو خطأ بين ... .
وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله مثل أن يقال للرجل : أنت شكيلي أو قرفندي ؛ فإن هذه أسماء باطلة ما أنزل الله بها من سلطان وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في الآثار المعروفة عن سلف الأئمة لا شكيلي ولا قرفندي , والواجب على المسلم إذا سئل عن ذلك أن يقول لا أنا شكيلي ولا قرفندي بل أنا مسلم متبع لكتاب الله وسنة رسوله .
وقد روينا عن معاوية بن أبي سفيان : (أنه سأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ؛ فقال : أنت على ملة علي أو ملة عثمان ؛ فقال : لست على ملة علي ولا على ملة عثمان , بل أنا على ملة رسول الله)" .
وهذا الشيخ محمد بن صالح العثيمين –رحمه الله- ينكر على من يمتحن غيره بالأشخاص من غير المعصومين ويصرح بأن هذا الامتحان من شأن الشعب الضالة التي تريد أن تفرق الناس فيقول كما في فتاوى لقاء الباب المفتوح (ش\149) : "ولا يجوز إطلاقاً أن نعتقد أن أحداً معصوماً من الخطأ في دين الله إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فما بالنا نمتحن الناس الآن ونقول: ما تقول في كذا ؟ ما تقول في الرجل الفلاني ؟ ما تقول في الطائفة الفلانية ؟ أكان الرسول (عليه الصلاة والسلام) يمتحن الناس بهذا ؟ أم كان الصحابة يمتحنون الناس بهذا؟ إن هذا من شأن الشعب الضالة التي تريد أن تفرق الناس".
وهذا الشيخ صالح الفوزان –حفظه الله- ينص على أنه لا يمتحن بالأشخاص بل بالكتاب والسنة وبشخص النبي (صلى الله عليه وسلم) , كما قال –حفظه الله- جوابا عن السؤال التالي : "السؤال: فضيلة الشيخ - وفقكم الله - هناك ظاهرة عند بعض الشباب وهي الامتحان بالأشخاص ، فإن وافقته فأنت من أهل السنة وإن خالفته فأنت مبتدع ، فما النصيحة في ذلك؟.
الجواب : النصيحة أن نقول : من وافق الكتاب والسنة فهو من أهل السنة دون النظر على الأشخاص , إلا محمد (صلى الله عليه وسلم) ؛ فنحن لا نتبع إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} , وأما غيره فمن اتبعه اقتدينا به , ومن خالفه فإننا نخالفه , فالمقتدى هو الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولهذا يقول شيخ الإسلام –رحمه الله- : (من زعم أن شخصا يجب اتباعه غير الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه يستتاب , فإن تاب وإلا قتل) لأنه أثبت أن هناك من يتبع غير الرسول (صلى الله عليه وسلم) , فلا يتبع إلا من اتبع الرسول (صلى الله عليه وسلم).
ولا نمتحن الناس بالأشخاص , وإنما نمتحنهم بالكتاب والسنة واتباع الرسول (صلى الله عليه وسلم) , إذا أرت أن تمتحن بشخص , امتحنه بالرسول (صلى الله عليه وسلم) لأنه هو الذي يجب اتباعه والاقتداء به".
http://www.alfawzan.ws/AlFawzan/sounds/00163-13.ra

وكذلك فإن الشيخ عبد المحسن العباد –حفظه الله- أنكر على من امتحن بالأشخاص بغية تصنيفهم , وذلك في شرحه على سنن أبي داود (ش\517) جوابا منه على السؤال التالي : "السؤال: هل يجوز أن يمتحن الناس بشخص معين، فيقال لأحدهم: ما قولك في فلان، ثم يصنَّف من خلال هذا الجواب؟ .
الجواب: لا يجوز مثل هذا، وهو من تلاعب الشيطان بالناس، فمن الخطأ أن يشغلوا أنفسهم بسؤال الأشخاص عن هذا، ثم بعد ذلك ينابذ ذلك الممتحن أو يقرَّب بناء على الجواب، والواجب على كل إنسان ناصح لنفسه أن يشتغل بطلب العلم، وأن يشغل نفسه بما ينفعه، وألا يشغل نفسه بما يضره ولا ينفعه" .
بل هو –حفظه الله- عد الامتحان بالأشخاص المعاصرين من قبيل البدع المحدثة ؛ فقال في رسالة الحث على الاتباع () : "بدعة امتحان الناس بالأشخاص :
ومن البدع المنكرة ما حدث في هذا الزمان من امتحان بعض من أهل السنَّة بعضاً بأشخاص!!! ، سواء كان الباعث على الامتحان الجفاء في شخص يُمتحن به!، أو كان الباعث عليه الإطراء لشخص آخر!، وإذا كانت نتيجة الامتحان الموافقة لِمَا أراده الممتحِن ظفر بالترحيب والمدح والثناء!، وإلاَّ كان حظّه التجريح والتبديع والهجر والتحذير !!!.
وهذه نقول عن شيخ الإسلام ابن تيمية في أوَّلها التبديع في الامتحان بأشخاص للجفاء فيهم، وفي آخرها التبديع في الامتحان بأشخاص آخرين لإطرائهم، قال -رحمه الله- في مجموع الفتاوى (3/413-414) في كلام له عن يزيد بن معاوية-: (والصواب هو ما عليه الأئمَّة ، من أنَّه لا يُخَصُّ بمحبة ولا يلعن ، ومع هذا فإن كان فاسقاً أو ظالماً فالله يغفر للفاسق والظالم ، لا سيما إذا أتى بحسنات عظيمة، وقد روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) قال: [أوَّل جيش يغزو القسطنطينيَّة مغفورٌ له]، وأول جيش غزاها كان أميرهم يزيد بن معاوية ، وكان معه أبو أيوب الأنصاري فالواجب الاقتصاد في ذلك، والإعراض عن ذكر يزيد بن معاوية وامتحان المسلمين به ؛ فإنَّ هذا من البدع المخالفة لأهل السنَّة والجماعة) .
وقال (3/415) : (وكذلك التفريق بين الأمَّة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله (صلى الله عليه وسلم) ) .
وقال (20\264) : (وليس لأحد أن ينصب للأمَّة شخصاً يدعو إلى طريقته، ويُوالي ويُعادي عليها غير النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) ، ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويُعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمَّة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرِّقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويُعادون) .
وقال (28/15-16) : (فإذا كان المعلم أو الأستاذ قد أمر بهجر شخص أو بإهداره وإسقاطه وإبعاده ونحو ذلك نظر فيه: فإن كان قد فعل ذنباً شرعيًّا عوقب بقدر ذنبه بلا زيادة، وإن لم يكن أذنب ذنباً شرعيًّا لم يجز أن يُعاقب بشيء لأجل غرض المعلم أو غيره.
وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء، بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البرِّ والتقوى، كما قال الله تعالى : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ والعدوان}) .
ولو ساغ امتحان الناس بشخص في هذا الزمان لمعرفة مَن يكون من أهل السنَّة أو غيرهم بهذا الامتحان، لكان الأحقَّ والأولى بذلك شيخ الإسلام ومفتي الدنيا وإمام أهل السنَّة في زمانه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المتوفى في 27 من شهر المحرم عام 1420ه ،- رحمه الله وغفر له وأجزل له المثوبة- ، الذي عرفه الخاصُّ والعام بسعة علمه وكثرة نفعه وصدقه ورِفقه وشفقته وحرصه على هداية الناس وتسديدهم، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً؛ فقد كان ذا منهج فذٍّ في الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، يتَّسم بالرِّفق واللِّين في نصحه وردوده الكثيرة على غيره، منهج سديد يقوِّم أهلَ السنَّة ولا يُقاومهم، وينهض بهم ولا يُناهضهم، ويَسْمو بهم ولا يسِمُهم، منهج يجمع ولا يُفرِّق ، ويلمُّ ولا يمزِّق، ويُسدِّد ولا يبدد، ويُيسِّر ولا يُعسِّر، وما أحوج المشتغلين بالعلم وطلبته إلى سلوك هذا المسلك القويم والمنهج العظيم؛ لِمَا فيه من جلب الخير للمسلمين ودفع الضَّرر عنهم.
والواجب على الأتباع والمتبوعين الذين وقعوا في ذلك الامتحان أن يتخلَّصوا من هذا المسلك الذي فرَّق أهلَ السنَّة وعادى بعضُهم بعضاً بسببه، وذلك بأن يترك الأتباعُ الامتحان وكلَّ ما يترتَّب عليه من بُغض وهجر وتقاطع، وأن يكونوا إخوةً متآلفين متعاونين على البرِّ والتقوى، وأن يتبرَّأ المتبوعون من هذه الطريقة التي توبعوا عليها، ويُعلنوا براءتَهم منها ومِن عمل مَن يقع فيها، وبذلك يسلم الأتباع من هذا البلاء والمتبوعون من تبعة التسبُّب بهذا الامتحان وما يترتَّبُ عليه من أضرار تعود عليهم وعلى غيرهم" .

سابعا : ليس لمن امتُحِنَ بما ليس في الكتاب والسنة والإجماع أن يجيب من امتحنه .
ليس لمن دعي إلى امتحانه بالانتساب إلى غير منهج النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يجيب من دعاه ولو كان المنهج المدعو إليه حقا , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (20\162) : "فان كانوا في مقام دعوة الناس إلى قولهم والتزامهم به أمكن أن يقال لهم لا يجب على أحد أن يجيب داعيا إلا إلى ما دعا إليه رسول الله ؛ فما لم يثبت أن الرسول دعا الخلق إليه لم يكن على الناس إجابة من دعا إليه ولا له دعوة الناس إلى ذلك ولو قدر أن ذلك المعنى حق".
فمن اوجب على المسؤول أن يجيب , فقد أوجب عليه ما لم يوجبه الله ولا رسوله , وليس لأحد ذلك , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (11\487) : "وقد اتفقت الأئمة على ان الواجب على المسلمين ما أوجبه الله ورسوله وليس لأحد أن يوجب على المسلمين ما لم يوجبه الله ورسوله والكلام الذي ذكره بعضه قد ذكره الله ورسوله فيجب التصديق به وبعضه لم يذكره الله ولا رسوله ولا احد من السلف والأئمة فلا يجب على الناس أن يقولوا ما لم يوجب الله قوله عليهم وقد يقول الرجل كلمة وتكون حقا لكن لا يجب على كل الناس ان يقولوها وليس له أن يوجب على الناس أن يقولوها فكيف إذا كانت الكلمة تتضمن باطلا".
بل يكفي لمن امتحن بما ليس في الكتاب والسنة أن يمتنع عن الجواب , ويقول : ائتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم إلى ذلك وإلا فلسنا نجيبكم الى ما لم يدل عليه الكتاب والسنة , والملزم بخلاف هذا مبتدع منحرف عن سواء السبيل , كما أوضح ذلك شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (20\162-163) بقوله : "ما أبتدع أحد بدعة إلا نزعت حلاوة الحديث من قلبه , ثم إن قوله الذي يعارض به النصوص لابد أن يلبس فيه حقا بباطل بحسب ما يقوله من الألفاظ المجملة المتشابهة ولهذا قال الامام أحمد في أول ما كتبه في الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله مما كتبه في حبسه وقد ذكره الخلال في كتاب السنة والقاضي أو يعلي وأبو الفضل التيميمي وأبو الوفاء ابن عقيل وغير واحد من أصحاب أحمد ولم ينفه أحد منهم عنه والحمد لله .
والمقصود قوله يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فان كانوا في مقام دعوة الناس إلى قولهم والتزامهم به أمكن أن يقال لهم لا يجب على أحد أن يجيب داعيا إلا إلى ما دعا إليه رسول الله فما لم يثبت أن الرسول دعا الخلق إليه لم يكن على الناس اجابة من دعا إليه ولا له دعوة الناس الى ذلك ولو قدر أن ذلك المعنى حق .
وهذه الطريق تكون أصلح إذا لبس ملبس منهم على ولاة الأمور وأدخلوه في بدعهم كما فعلت الجهمية بمن لبسوا عليه من الخلفاء حتى أدخلوه في بدعهم من القول بخلق القرآن وغير ذلك فكان من أحسن مناظرتهم أن يقال إئتونا بكتاب أو سنة حتى نجيبكم الى ذلك وإلا فلسنا نجيبكم الى ما لم يدل عليه الكتاب والسنة , وهذا لأن الناس لا يفصل بينهم النزاع إلا كتاب منزل من السماء وإذا ردوا إلى عقولهم كل واحد منهم عقل , ومن هنا يعرف ضلال من ابتدع طريقا أو اعتقادا زعم أن الايمان لا يتم الا به مع العلم بأن الرسول لم يذكره".

شبه وردها :
ذهب بعض الناس إلى مشروعية الامتحان بمواقف واجتهادات وشخوص بعض المعاصرين من الرجال ممن لم تتفق عليهم الكلمة مستدلا على دعواه هذه بالآثار السلفية المتقدمة ؛ وهي دعوى باطلة , مردودة بأوجه عدة :
الأول : إن الآثار المتقدمة المجيزة للامتحان بالأقوال والرجال إنما هي مضبوطة بما كان محور اتفاق بين أهل السنة والجماعة من الأقوال والأعيان ؛ فإن وجد هذا المناط في المعاصرين من الرجال وأقوالهم ؛ فيمكن أن يقال –عندها- بمشروعية الامتحان بما قد اتفقت عليه كلمة أهل السنة والجماعة من العلماء وأقوالهم , ولهذا قال الشيخ ربيع –حفظه الله- في كتاب (انتقاد عقيدي ومنهجي لكتاب السراج الوهاج) : "وما المانع من اتهام من يطعن في أعلام السنة في هذا العصر كما كان سلفنا يتهمون من يطعن في حماد بن سلمة وحماد بن زيد والأوزاعي وأمثالهم، ما المانع والعلة واحدة " .
وقد مثل الشيخ العباد لهؤلاء الأعلام المعاصرين الذين يمكن أن يقال بمشروعية الامتحان بهم بالشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- حيث قال في رسالة الحث على الاتباع () : " ولو ساغ امتحان الناس بشخص في هذا الزمان لمعرفة مَن يكون من أهل السنَّة أو غيرهم بهذا الامتحان، لكان الأحقَّ والأولى بذلك شيخ الإسلام ومفتي الدنيا وإمام أهل السنَّة في زمانه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المتوفى في 27 من شهر المحرم عام 1420ه ،- رحمه الله وغفر له وأجزل له المثوبة- ، الذي عرفه الخاصُّ والعام بسعة علمه وكثرة نفعه وصدقه ورِفقه وشفقته وحرصه على هداية الناس وتسديدهم، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً؛ فقد كان ذا منهج فذٍّ في الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، يتَّسم بالرِّفق واللِّين في نصحه وردوده الكثيرة على غيره، منهج سديد يقوِّم أهلَ السنَّة ولا يُقاومهم، وينهض بهم ولا يُناهضهم، ويَسْمو بهم ولا يسِمُهم، منهج يجمع ولا يُفرِّق ، ويلمُّ ولا يمزِّق، ويُسدِّد ولا يبدد، ويُيسِّر ولا يُعسِّر، وما أحوج المشتغلين بالعلم وطلبته إلى سلوك هذا المسلك القويم والمنهج العظيم؛ لِمَا فيه من جلب الخير للمسلمين ودفع الضَّرر عنهم".
وأما أن يجعل كل سلفي مظهر للسلفية محور امتحان , وكل اجتهاد وقع من إمام في السلفية محور امتحان ؛ فهذا خروج عن مراد أهل العلم الذين أجازوا الامتحان بالرجال والأقوال , فضلا عن أن يجعل من اختلفت عليه كلمة أهل السنة والجماعة ؛ فمدحه بعضهم وتكلم فيه غيرهم محور امتحان , ويوضحه :

الوجه الثاني : ليس الحب والبغض , والمدح والذم على درجة واحدة ؛ بل لا بد من النظر إلى نوع كل منهما ودوافعه ؛ فكم من مبتدع يحب يثني على أهل السنة دافعه في الثناء العاطفة , أو الموفقة في بعض اختياراته ؛ فهل يقال فيه أنه سلفي أثري ؛ وكم من إمام سني وقع في ذم بعض أعلام السنة ؛ فهل يقال فيه أن مبتدع خلفي , ومن أمثلة ذلك ما حكاه ابن عبد البر في كتابه الفذ جامع بيان العلم (2\1094-1115) ومن كلامه نقتصر على الأمثلة الآتية :
عن مغيرة عن حماد أنه ذكر أهل الحجاز فقال : (قد سألتهم فلم يكن عندهم شيء والله لصبيانكم أعلم منهم بل صبيان صبانكم) .
عن ابن شهاب إنه قيل له : (تركت المدينة ولزمت شغبا وإداما وتركت العلماء بالمدينة يتامى , فقال أفسدها علينا العبدان ربيعة وأبو الزناد) .
قال حماد : (لقيت عطاء وطاوسا ومجاهدا فصبيانكم اعلم منهم بل صبيان صبيانكم) .
وعن ابن أبي ذؤيب عن الزهري قال : (ما رأيت قوما انقض لعرى الإسلام من أهل مكة ولا رأيت قوما أشبه بالنصارى من السبائية) .
عن ابن شوذب قال : (كان الضحاك بن مزاحم يكره المسلك فقيل له أن أصحاب رسول الله () كانوا يتطيبون به قال نحن اعلم منهم) .
عن أيوب قال : (قدم علينا عكرمة فلم يزل يحدثني حتى صرت بالمربد ثم قال أيحسن حسنكم مثل هذا .
قال أبو عمر : وقد علم الناس أن الحسن البصري يحسن أشياء لا يحسنها عكرمة وإن كان عكرمة مقدما عندهم في تفسير القرآن والسير) .
وعن الحسن بن علي (أنه سئل عن قول الله جل وعز {وشاهد ومشهود} , فأجاب فيها فقيل له أن ابن عمر وابن الزبير قالا كذا وكذا خلاف قوله فقال كذبا) .
وكذلك كان كلام مالك في محمد بن اسحاق لشيء بلغه عنه تكلم به في نسبه وعلمه , قال أبو عمر والكلام ما رويناه من وجوه عن عبد الله بن ادريس : (أنه قام قدم علينا محمد بن اسحاق فذكرنا له شيئا عن مالك فقال هاتوا علم مالك فإنا بيطاره قال ابن ادريس فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لمالك بن أنس فقال ذلك دجال الدجاجلة ونحن أخرجناه من المدينة) .
وعن أحمد بن صالح قال : (سألت عبد الله بن وهب عن عبد الله بن يزيد بن سمعان فقال ثقة فقلت أن مالكا يقول فيه كذاب فقال لا يقبل قول بعضهم في بعض) .
على بن خشرم قال : (سمعت الفضل بن موسى يقول دخلت مع أبي حنيفة على الأعمش نعوده فقال أبو حنيفة يا أبا محمد لولا التثقيل عليك الزدت في عيادتك أو قال لعدتك أكثر مما أعودك فقال له الأعمش والله إنك علي لثقيل وأنت في بيتك فكيف إذا دخلت علي قال الفضل فما خرجنا من عنده قال أبو حنيفة أن الأعمش لم يصم رمضان قط ولم يغتسل من جنابة فقلت للفضل ما يعني بذلك قال كان الأعمش يرى الماء من الماء ويتسحر على حديث حذيفة) .
ابن وهب قال مالك وذكر عنده أهل العراق فقال : (انزلوهم منكم منزلة أهل الكتاب لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا {آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد} الآية).
جبير بن دينار قال : (سمعت يحيى بن أبي كثير قال لا يزال أهل البصرة بشر ما أبقي الله فيهم قتادة) .
قال وسمعت قتادة يقول : (متى كان العلم في السماكين يعرض بيحيى بن أبي كثير كان أهل بيته سماكين) .
سلمة بن سليمان يقول : (قلت لابن المبارك وضعت من رأي أبي حنيفة ولم تضع من رأي مالك قال لم أره علما) .
زهير بن اسحاق السلولي إمام مسجد بني سلول قال : (ذكر سعيد بن أبي عروبة عند سليمان التيمي فقال سليمان والله ما كنت أجيز شهادة سعيد ولا شهادة معلمه يعني قتادة قال الأصمعي من أجل القدر) .
وقد كان ابن معين عفا الله عنه يطلق في أعراض الثقاة الأئمة لسانه بأشياء أنكرت عليه منها قوله عبد الملك بن مروان أبخر الفم وكان رجل سوء .
ومنها قوله كان أبو عثمان النهدي شرطيا .
ومنها قوله في الزهري إنه ولى الخراج لبعض بني أمية وإنه فقد مرة مالا فاتهم به غلاما له فضربه فمات من ضربه وذكر كلاما خشنا في قتله على ذلك غلامه تركت ذكره لأنه لا يليق بمثله .
ومنها قوله في الأوزاعي إنه من الجند ولا كرامة , وقال حديث الأوزاعي من الزهري ويحيى بن أبي كثير ليس يثبت , ومنها قوله في طاوس أنه كان شيعيا .
ومما نقم على ابن معين وعيب به أيضا قوله في الشافعي أنه ليس بثقة , وقيل لأحمد بن حنبل : (أن يحيى بن معين يتكلم في الشافعي فقال أحمد ومن أين يعرف يحيى الشافعي هو لا يعرف الشافعي ولا يقول ما يقول الشافعي أو نحو هذا ومن جهل شيئا عاداه) .
وقد صح عن ابن معين من طرق أنه كان يتكلم في الشافعي على ما قدمت لك حتى نهاه أحمد بن حنبل وقال له لم ترى عيناك قط مثل الشافعي .
وقد تكلم ابن أبي دؤيب في مالك بن أنس بكلام فيه جفاء وخشونة كرهت ذكره وهو مشهور عنه قاله إنكارا منه لقول مالك في حديث البيعين بالخيار .
وكان ابراهيم بن سعد يتكلم فيه ويدعوا عليه , وتكلم في مالك أيضا فيما ذكره الساحي في كتاب العلل عبد العزيز بن أبي سلمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وابن اسحاق وابن أبي يحيى وابن أبي الزناد وعابوا أشياء من مذهبه وتكلم فيه غيرهم لتركه الرواية عن سعد بن ابراهيم وروايته عن داود بن الحصين وثور بن زيد".
فهذه أمثلة من صنيع أعلام السنة تجاه بعضهم البعض ؛ لكنها لم تكن كافية بإخراج القادح عن دائرة السنة والجماعة , إلى دائرة الفرقة والضلالة , يوضحه :

الوجه الثالث : إن ذات المدح أو القدح , الحب أو البغض لأهل السنة ليس هو –بذاته- موجبا لأن يكون المادح المحب سنيا , ولا لأن يكون القادح المبغض مبتدعا , لكنه علامة على ذلك ؛ وقد تقوى هذه العلامة أو تضعف بحسب ما يقترن معها .
فمن جرح أعلام السنة لقيامهم بالسنة فهذا علامة على أنه من أهل البدعة والضلالة .
ومن مدح أعلام البدعة لقيامهم بها ؛ فهذا علامة على ابتداعه .
ومن مدح أهل السنة لقيامهم بالسنة فهذا علامة على سنيته وسيره على طريقتهم .
ومن قدح أهل البدعة لقيامهم بالبدعة ؛ فهذا علامة على سنيته وأثريته .
وأما من تكلم في أعلام السنة بناء على اجتهادات علمية لا على أهواء ومآرب بدعية ؛ فهذا لا تعلق للآثار المتقدمة به , ولله در الإمام الذهبي حيث علق في سير أعلام النبلاء (5\18) على قول الإمام ابن معين أنه قال: (إذا رأيت إنسانا يقع في عكرمة، وفي حماد: فاتهمه على الإسلام) ؛ قائلا : "هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيف -في وزنهما-، أما من نقل ما قيل في جرحهما، وتعديلهما -على الإنصاف؛ فقد أصاب".
ويوضحه أن عكرمة قد تكلم فيه طائفة كبيرة من العلماء ومنهم سعيد بن المسيب ؛ فعن أيوب قال : (سأل رجل سعيد بن المسيب عن رجل نذر نذرا لا ينبغي له من المعاصي ؛ فأمره أن يوفي له بنذره ؛ فسأل الرجل عكرمة ؛ فأمره أن يكفر عن يمينه ولا يوفى بنذره ؛ فرجع الرجل إلى سعيد بن المسيب ؛ فأخبره بقول عكرمة ؛ فقال ابن المسيب : لينتهين عكرمة أو ليوجعن الأمراء ظهره ؛ فرجع الرجل إلى عكرمة ؛ فأخبره ؛ فقال عكرمة : أما إذ بلغتني فبلغه : أما هو فقد ضربت الأمراء ظهره وأوقفوه في تبان من شعر , وسله عن نذرك أطاعه هو لله أم معصية ؟ ؛ فإن قال : هو طاعة ؛ فقد كذب على الله , لأنه لا تكون معصية الله طاعة , وإن قال : هو معصية ؛ فقد أمرك بمعصية الله .
قال المروزي : فلهذا كان بين سعيد بن المسيب وبين عكرمة ما كان , حتى قال فيه ما حكى عنه : إنه قال لغلامه يرد لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس) .
فهل سعيد بن المسيب متهم على الإسلام .
وهذا يحيى بن معين يتكلم في الأوزاعي وقال فيه (إنه من الجند ولا كرامة) ؛ فأين نذهب بقول
ابن مهدي كما في الجرح والتعديل –للرازي- (1\217) : (إذا رأيت الشامي يحب الأوزاعي وأبا إسحاق الفزاري فهو صاحب سنة) .
وهذا محمد بن إسحاق يستخف بعلم الإمام مالك فيما رواه عنه عبد الله بن ادريس : (أنه قام قدم علينا محمد بن اسحاق فذكرنا له شيئا عن مالك فقال هاتوا علم مالك فإنا بيطاره ؛ قال ابن ادريس فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لمالك بن أنس فقال ذلك دجال الدجاجلة ونحن أخرجناه من المدينة) .
وهذا الأعمش قال : (ذكر ابراهيم النخعي عند الشعبي فقال : ذاك الأعور الذي يستفتيني بالليل ويجلس يفتي الناس بالنهار , قال : فذكرت ذلك لإبراهيم فقال ذاك الكذاب لم يسمع من مسروق شيئا) .
فأين نذهب بعد هذا بقول البربهاري في شرح السنة (ص\52-53) : "وإذا رأيت الرجل يحب أيوبا وابن عون ويونس بن عبيد وعبد الله بن ادريس الأودي والشعبي ومالك بن مغول ويزيد بن زريغ ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير وحماد بن زيد وحماد بن سلمة ومالك بن أنس والأوزاعي وزائدة بن قدامة فاعلم أنه صاحب سنة".

الوجه الرابع : إن الآثار المتقدمة في الامتحان بالأعيان السنيّة ليست على إطلاقها ؛ بل هي -في نفسها- مقيدة بامتحان الرجل ببلديّه الذي هو مشهور عنده وعند غيره من بلدييه ؛ دون امتحان الرجل بمن كان مجهولا عنده ؛ فتأمل قول أبو زرعة الرازي كما في طبقات الحنابلة (1\200) : "إذا رأيت الكوفي يطعن على سفيان الثوري وزائدة فلا تشك أنه رافضي , وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول والأوزاعي فلا تشك أنه ناصبي , وإذا رأيت الخراساني يطعن على عبد الله بن المبارك فلا تشك أنه مرجىء .
وأعلم : أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض احمد بن حنبل لأن مامنهم أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا برء له).
وقال عبد الرحمن بن مهدي كما في تاريخ مدينة دمشق (36\57) : (إذا رأيت البصري يذكر أيوب ويونس وابن عون وسليمان التيمي فاطمئن إليه , وإذا رأيت الكوفي يذكر سفيان الثوري وزائدة ومالك بن المغول وأبا الأحوص فاطمئن اليه , وإذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر وسعيد بن عبد العزيز فاطمئن إليه.
قال أبو بكر بن أبي عتاب : وإذا رأيت البغدادي يذكر أحمد بن حنبل فاطمئن اليه) .
وقال نعيم بن حماد كما يف سير أعلام النبلاء الذهبي (11\381) : (إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد، فاتهمه في دينه، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق، فاتهمه، وإذا رأيت البصري يتكلم في وهب بن جرير، فاتهمه في دينه) .
وقال بن مهدي كما في تهذيب التهذيب (6\266) : (إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد فاطمأن إليه) . وقال محمد بن عبد الرحمن بن مهدي كما في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني (8\254) : (كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة , إذا رأيت الشامي يذكر الأوزاعي والفزاري فاطمئن إليه كان هؤلاء أئمة في السنة) .
وقال أبو حاتم الراوي كما في تهذيب التهذيب (11\250) : ( إذا رأيت البغدادي يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة وإذا رأيته يبغض بن معين فاعلم أنه كذاب) .
وقال أبو عبد الله بن بطة كما في تاريخ بغداد (12\66) : (إذا رأيت البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار وأبا محمد البربهاري فاعلم انه صاحب سنة) .
وقال عبد الرحمن بن مهدي كما في التاريخ الكبير (7\314) : (إذا رأيت الكوفي يذكر مالك بن مغول فاطمئن إليه) .
وقال ابن المهدي كما في الاعتصام (2\133) : (إذا رأيت الحجازي يحب مالك بن أنس فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيت أحداً يتناوله فاعلم أنه على خلاف) .
وقال نعيم بن حماد كما في سير أعلام النبلاء (11\370) : (إذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه، فاتهمه في دينه).
وقال أبو عبد الله بن بطة كما في طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (2\55) : (إذا رأيت العكبري يحب أبا حفص بن رجاء فاعلم أنه صاحب سنة) .
وتقييد هؤلاء الأعلام بموقف المسلمين من بلديِّهم دون من لم يكن كذلك ؛ إنما يدل على امتحانهم بالمشهورين المعروفين بالسنة عندهم ؛ فطعنهم فيهم علامة على ابتداعهم ؛ ولهذا كان عبد الله بن الحكم -فيما نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (20\333)- يقول لابنه محمد‏:‏ (يا بني الزم هذا الرجل[يعني الشافعي] فإنه صاحب حجج ، فما بينك وبين أن تقول ‏:‏ قال ابن القاسم ؛ فيضحك منك إلا أن تخرج من مصر .‏
قال محمد‏:‏ فلما صرت إلى العراق جلست إلى حلقة فيها ابن أبي داود ، فقلت‏ :‏ قال ابن القاسم فقال‏ :‏ ومن ابن القاسم‏؟‏ فقلت‏:‏ رجل مفت يقول من مصر إلى أقصى الغرب , وأظنه قال‏: قلت‏:‏ رحم الله أبي)‏ .‏
فتأمل كيف أن عبد الرحمن بن القاسم الإمام عالم الديار المصرية ومفتيها كان مجهولا عند البغداديين .
ولهذا لم يكن في هجر أهل نيسابور وبخاصة محمد بن يحيى الذهلي وطعنهم في الإمام البخاري ما أوجب أن يلحقوا بأهل البدع والأهواء ؛ فهو لم يكن معروفا عندهم حقيقة ما يقول ويعتقد , وإن كان اسمه معروفا مشهورا ؛ فليس كل من كان معروفا باسمه ؛ يكون معروفا حقيقة ما يعتقده ويتبناه , والامتحان إنما يكون على القول الحق لا على شهرة اسم من يتبناه إلا أن يكون علما عليه بإظهاره له –كما هو حال من تقدم- ؛ فتنبه ولا تخلط .

الوجه الخامس : إن ما كان ظنيا محتملا لأوجه , لم يسغ الامتحان به , ولا الإلزام بإجابة واحدة وإنكار غيرها مع احتمالها لها , فضلا عن معاملة المخالف معاملة الواقع في المنكرات , وبسط هذا الوجه قد تقدم في مقالنا بين منهجين (3) : الإلزام بأحكام الرجال المختلف فيهم جرحا وتعديلا , وهو على الرابط :
http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=7947

وأخيرا : فانصح من باب تكميل مادة المقال العلمية بلزوم النظر في (الحلقة الثانية) من مقال لأخ الشيخ (مختار طيباوي) المعنون (تصحيح أخطاء بازمول والانتصار للفاضل المقبول) , وهي على الرابط :
http://kulalsalafiyeen.com/vb/showth...ED%C8%C7%E6%ED


__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-04-2009, 02:21 PM
الامين محمد الامين محمد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: ليبيا - حرسها الله من الاحزاب والفرق الضالة
المشاركات: 403
افتراضي السلام عليكم ياشيخ عماد

هلا اخرجتم هذه السلسلة المنهجية فى كتاب حتى يسهل علينا ربطها ببعض
__________________
«وَكَثِيرٌ مِنْ مُجْتَهِدِي السَّلَفِ وَالْخَلَفِ قَدْ قَالُوا وَفَعَلُوا مَا هُوَ بِدْعَةٌ! - وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ بِدْعَةٌ!.
إمَّا لِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ ظَنُّوهَا صَحِيحَةً! وَإِمَّا لِآيَاتِ فَهِمُوا مِنْهَا مَا لَمْ يُرَدْ مِنْهَا! وَإِمَّا لِرَأْيٍ رَأَوْهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ نُصُوصٌ لَمْ تَبْلُغْهُمْ! وَإِذَا اتَّقَى الرَّجُلُ رَبَّهُ مَا اسْتَطَاعَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ :{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}».
ابْنُ تَيْمِيَة
"الفَتَاوَىَ 19/ 190 - 191"
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-04-2009, 04:02 PM
راشد بن عبيد بن إسماعيل راشد بن عبيد بن إسماعيل غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 165
افتراضي

بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-05-2009, 06:36 PM
مصطفى بن حسين السلفي مصطفى بن حسين السلفي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: مــصــر المحروسة
المشاركات: 48
افتراضي

بارك الله فيكم
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-06-2009, 04:42 PM
جاسم العنزي جاسم العنزي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: العراق الجريح
المشاركات: 193
افتراضي

احسنت يا ابا العباس وبورك فيك
اخوكم ابو عمر جاسم العنزي العراقي
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-08-2011, 08:53 PM
ابو الزهراء الشاوي ابو الزهراء الشاوي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: الجزائر
المشاركات: 660
افتراضي

قال تعالى : "أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"
"
__________________


عن أَمِيرِ المُؤمِنِينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:(إِنَّما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لكُلِّ امْرِىءٍ ما نَوَى، فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ ورَسُولِهِ، ومَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيا يُصِيبُها أو امْرأةٍ يَنْكِحُها فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) متفق عليه



عبد الحق بن حسين لكحل

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-15-2012, 06:01 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي

وقفت على مقال الشيخ ربيع المدخلي الجديد (ما حكم الإسلام في امتحان أهل الأهواء وغيرهم) ؛ فوجدته
قد أتعب نفسه في نقل آثار السلف المثبتة لمشروعية الامتحان , على عادته في نقل المطلقات من أقوال العلماء ؛ من غير التفات إلى ضبط أهل العلم لتلك الإطلاقات وتقييدها , وهو ما صنعته في المقال أعلاه ؛ فاقتضى المقام التذكير به , والله الموفق .
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-15-2012, 06:18 PM
أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 1,939
افتراضي

اقتباس:
وقد مثل الشيخ العباد لهؤلاء الأعلام المعاصرين الذين يمكن أن يقال بمشروعية الامتحان بهم بالشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- حيث قال في رسالة الحث على الاتباع () : " ولو ساغ امتحان الناس بشخص في هذا الزمان لمعرفة مَن يكون من أهل السنَّة أو غيرهم بهذا الامتحان، لكان الأحقَّ والأولى بذلك شيخ الإسلام ومفتي الدنيا وإمام أهل السنَّة في زمانه شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المتوفى في 27 من شهر المحرم عام 1420ه ،- رحمه الله وغفر له وأجزل له المثوبة- ، الذي عرفه الخاصُّ والعام بسعة علمه وكثرة نفعه وصدقه ورِفقه وشفقته وحرصه على هداية الناس وتسديدهم، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً؛ فقد كان ذا منهج فذٍّ في الدعوة إلى الله وتعليم الناس الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، يتَّسم بالرِّفق واللِّين في نصحه وردوده الكثيرة على غيره، منهج سديد يقوِّم أهلَ السنَّة ولا يُقاومهم، وينهض بهم ولا يُناهضهم، ويَسْمو بهم ولا يسِمُهم، منهج يجمع ولا يُفرِّق ، ويلمُّ ولا يمزِّق، ويُسدِّد ولا يبدد، ويُيسِّر ولا يُعسِّر، وما أحوج المشتغلين بالعلم وطلبته إلى سلوك هذا المسلك القويم والمنهج العظيم؛ لِمَا فيه من جلب الخير للمسلمين ودفع الضَّرر عنهم".
قال الذكي أبو أنس طارق الطليب مباشرة تحت موضوع الشيخ ربيع :
سؤال :
هل لنا أن نقول: أن إذا رأيت الرجل يحب ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله وغيرهما من أهل العلم فاعلم أنه صاحب سنة، وإذا رأيت الرجل يحب التيجاني والقادياني وغيرهم من أهل الضلال فاعلم أنه صاحب هوى وبدعة؟
الجواب :
نعم، يجوز أن نقول هذا، فحب أهل الإيمان إيمان ودين، وحب أهل البدع وأهل الكفر والنفاق طغيان ونفاق، وهذه قاعدة عامة، ولهذا يقول النبي: (حب الأنصار إيمان، وبغض الأنصار كفر ونفاق)، والمقصود بالأنصار أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك الأنصار بعد الصحابة، كل من نصر دين الإسلام ودعا إلى الإسلام ونشر دين الإسلام فحبه من الإيمان وبغضه من الكفر والنفاق، وكل من أحب أهل البدع وأهل الفسوق فيدل على النفاق في قلبه.
منقول من شرح الشيخ العلامة عبد العزيز الراجحي - حفظه الله تعالى ، على شرح السّنّة للإمام البربهاري - رحمه الله -
__________________
قال الشيخ ربيع:
وكان من أقوم الدعاة إلى الله بهذه الصفات الشيخ بن باز -رحمه الله- وهو مشهور بذلك والشيخ عبد الله القرعاوي - رحمه الله- فلقد كان حكيماً رفيقاً لا يواجه الناس بسوء ولا فحش ولقد انتشرت دعوته بهذه الحكمة من اليمن إلى مكة ونجران في زمن قصير وقضى بعد عون الله بدعوته الحكيمة على كثير من مظاهر الجهل والشرك والبدع ، وكان من أبعد الناس عن الشدة والتنفير وكان يشبهه في أخلاقه : الحلم والحكمة والأناة والرفق تلميذه النجيب الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- فقد ساعد في نشر الدعوة السلفية شيخه القرعاوي رحمه الله بهذه الأخلاق وبالعلم الذي بثه وكانا لا يسبان بل ولا يهجران أحداً حسب علمي ويأتيهم الجاهل والفاسق والزيدي والصوفي فيتعاملان معهم بالعلم والحلم والرفق والحكمة الأمور التي تجعل هذه الأصناف تقبل الحق وتعتنق الدعوة السلفية الخالصة .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-15-2012, 07:35 PM
أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- أبوعبدالرحمن-راجي عفوربه- غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 1,939
افتراضي

اقتباس:
قال الشيخ جمال بن فريحان الحارثي حفظه الله ان ربيع هادي يحيى ابن معين هذا العصر واعرف الناس بالرجال بالدليل والبرهان الشيخ ربيع هادي
قلت : الحمد لله الذي أنطقك بها، فالناس يمتحنون بأحمد بن حنبل (العلامة عبدالمحسن العباد البدر)
__________________
قال الشيخ ربيع:
وكان من أقوم الدعاة إلى الله بهذه الصفات الشيخ بن باز -رحمه الله- وهو مشهور بذلك والشيخ عبد الله القرعاوي - رحمه الله- فلقد كان حكيماً رفيقاً لا يواجه الناس بسوء ولا فحش ولقد انتشرت دعوته بهذه الحكمة من اليمن إلى مكة ونجران في زمن قصير وقضى بعد عون الله بدعوته الحكيمة على كثير من مظاهر الجهل والشرك والبدع ، وكان من أبعد الناس عن الشدة والتنفير وكان يشبهه في أخلاقه : الحلم والحكمة والأناة والرفق تلميذه النجيب الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- فقد ساعد في نشر الدعوة السلفية شيخه القرعاوي رحمه الله بهذه الأخلاق وبالعلم الذي بثه وكانا لا يسبان بل ولا يهجران أحداً حسب علمي ويأتيهم الجاهل والفاسق والزيدي والصوفي فيتعاملان معهم بالعلم والحلم والرفق والحكمة الأمور التي تجعل هذه الأصناف تقبل الحق وتعتنق الدعوة السلفية الخالصة .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 07-15-2012, 09:11 PM
سالم الليبي سالم الليبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
الدولة: ليبيا
المشاركات: 299
افتراضي

جاك الله خيرا يأبى العباس
__________________
لما عفوت ولم أحقد على أحد…أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته…لأدفع الشر عنى بالتحيات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه…كأنه قد ملأ قلبي محبات
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.