أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
31562 97777

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 01-15-2013, 06:19 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي



((ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه .))
ورد في فتح الباري لابن رجب:"....فهذا رجل يخشى الله في سره ، ويراقبه في خلوته ، وأفضل الأعمال خشية الله في السر والعلانية ، وخشية الله في السر إنما تصدر عن قوة إيمان ومجاهدة للنفس والهوى، فإن الهوى يدعو في الخلوة إلى المعاصي
وذكر قال بشر بن الحارث: أشد الأعمال ثلاثة: الجود في القلة، والورع في الخلوة، وكلمة الحق عند من يخاف منه ويرجى.

قال المناوي في فيض القدير قال لقمان لابنه: يا بني اتق الله ولا تري الناس أنك تخشاه ليكرموك وقلبك فاجر.

__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 01-20-2013, 10:28 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي



و رأيت أقواماً من المنتسبين إلى العلم أهملوا نظر الحق عز وجل إليهم في الخلوات.

فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات. فكانوا موجودين كالمعدومين، لا حلاوة لرؤيتهم، و لا قلب يحن إلى لقائهم.

فالله الله في مراقبة الحق عز وجل. فإن ميزان عدله تبين فيه الذرة، و جزاؤه مراصد للمخطئ و لو بعد حين.

و ربما ظن أنه العفو و إنما هو إمهال و للذنوب عواقب سيئة.

فالله الله الخلوات الخلوات.

البواطن البواطن. النيات النيات.

فإن عليكم من الله عيناً ناظرة.

و إياكم و الاغترار بحلمه و كرمه، فكم قد استدرج.

و كونوا على مراقبة الخطايا، مجتهدين في محوها.

و ما شيء ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا، و هذا فصل إذا تأمله المعامل لله تعالى نفعه.

و لقد قال بعض المراقبين لله تعالى: قدرت على لذة و ليست بكبيرة.

فنازعتني نفسي إليه، اعتماداً على صغرها، و عظم فضل الله تعالى و كرمه.

فقلت لنفسي: إن غلبت هذه فأنت أنت، و إذا أتيت هذه فمن أنت؟

و ذكرتها حالة أقوام كانوا يفسحون لأنفسهم في مسامحة كيف انطوت أذكارهم، و تمكن الإعراض عنهم.

فارعوت، و رجعت عما همت به، و الله الموفق.

...... فسبحان من أظهر دليل الخلوات على أربابها، حتى أن حبات القلوب تتعلق بأهل الخير،

و تنفر من أهل الشر من غير مطالعة لشيء من أعمال الكل.

صيد الخاطر

__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 01-23-2013, 04:25 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي



قال الله تعالى:{ واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير }

قال الطبري في تفسيره :واعلموا أن الله بما تعملون" من الأعمال، أيها الناس، سرها وعلانيتها، وخفيها وظاهرها، وخيرها وشرها"بصير"، يراه ويعلمه، فلا يخفى عليه شيء، ولا يتغيب عنه منه شيء، فهو يحصي ذلك كله عليكم، حتى يجازيكم بخير ذلك وشره.

و قال تعالى
: {وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير}
قال ابن كثير : رقيب عليكم شهيد على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم، من بر أو بحر ليل أو نهار، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء، وتحت بصره وسعه، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم،
كما قال: (
ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور)
وقال: (
سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار).




__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 01-30-2013, 05:13 PM
ام رملة السطائفية ام رملة السطائفية غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 81
افتراضي

جزاكن الله خير امتعتمونا والله ,اسال الله ان يرفع قدركن في عليين
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 02-28-2013, 04:06 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي



قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد :"....[إذا]انبعث من العبد قوة الحياء فيستحي ربه ان يراه على ما يكره او يسمع منه ما يكره او يخفى في سريرته ما يمقته عليه فتبقى حركاته وأقواله وخواطره موزونة بميزان الشرع غير مهملة ولا مرسله تحت حكم الطبيعة والهوى"
وقال في مدارج السالكين:
"...قال الحسن رحمه الله : ابن آدم لك قول وعمل وعملك أولى بك من قولك ولك سريرة وعلانية وسريرتك أملك بك من علانيتك




__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 02-28-2013, 06:59 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

أسفرت وأنورت وأشرقت (شمس المنتدى) بعد طول غياب! نسأل الله دوام إشراقها!
بوركت -مشرفتنا الفاضلة- على فوائدك.
واصلي -وصلك الله بهداه-..
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 05-04-2013, 10:00 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

(( ... قال رسول الله -صلى اللهُ عليه وسلم-: "ما كرِه اللهُ منكَ شيئًا فلا تفعلهُ إذا خلوتَ". ["الصحيحة" (1055)]
قال أبو حاتم: الواجب على العاقل الحازم أن يعلم أن للعقل شُعبًا من المأمورات والمزجورات لا بُد له من معرفتها واستعمالها في أوقاتها لمباينة العوام وأوباش الناس بها....
..فأول شُعب العقل: هو لزوم التقوى، وإصلاح السريرة؛ لأن مَن صلح جَوَّانِيُّهُ أصلح اللهُ برَّانيَّه، ومن فسد جوَّانيُّه أفسد الله برَّانيَّه.
ولقد أحسن الذي يقول:
إذا ما خلوتَ الدهر يومًا فلا تقلْ /// خلوتُ ولكن قُل عليّ رقيبُ
ولا تحسبـنَّ اللهَ يغفـل ساعـة /// ولا أن ما يخفـى عليه يغيبُ
ألم تر أن اليـومَ أسرعُ ذاهـب /// وأن غـدًا لناظـره قريـبُ
... قال أبو حاتم: قُطب الطاعات للمرء في الدنيا: هو إصلاح السرائر، وترك إفساد الضمائر.
والواجب على العاقل الاهتمام بإصلاح سريرته، والقيام بحراسة قلبه عند إقباله وإدباره، وحركته وسكونه؛ لأن تكدُّر الأوقات، وتنغُّص اللذات لا يكون إلا عند فساده.
ولو لم يكن لإصلاح السرائر سبب يؤدِّي العاقل إلى استعماله إلا إظهار الله عليه كيفية سريرته خيرًا كان أو شرًّا؛ لكان الواجب عليه قلة الإغضاء على تعاهدها.... )). "روضة العقلاء" (27-28)
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 05-05-2013, 12:39 AM
محبة الرحمان محبة الرحمان غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: المغرب
المشاركات: 71
افتراضي

بارك الله فيكن أخواتي، و جزيتم عنا كل خير.


اللهم أرزقنا خشيتك في السر والعلانية، وحل بيننا وبين معصيتك، وارزقنا العلم النافع والعمل الصالح، اجعل بواطننا خير من ظواهرنا وأصلح ظواهرنا .
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 08-25-2013, 11:31 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

مراقبة الله في السرّ والعلانية .. تزجرك عن الإثم والفواحش والمعصية

* مراقبة العبد لله، هي: علم العبد وتيقنه باطلاع الله عليه في جميع حالاته.

* حرص الإسلام على المراقبة: لقد حرص الإسلام على أن تكون مراقبة العبد لله قوية متمكنة في نفسه ، تحرسه إذا خلا بنفسه ، فلا ينتهك حرمات الله ، ولا يقصر في أداء الطاعات، ومما يدل على مراقبة العبد لربه ما يلي:

1- تقوى الله في السر والعلانية: فتقوى الله هي وصية الله للأولين والآخرين يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} (النساء:131)، والآيات في هذا الباب كثيرة ومعلومة، وهي أيضاً وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لكثير من أصحابه رضوان الله عليهم وعن طريقهم لأمته، ففي الحديث: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي سِرِّ أَمْرِكَ وَعَلَانِيَتِهِ، وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ، وَلَا تَسْأَلَنَّ أَحَدًا شَيْئًا وَإِنْ سَقَطَ سَوْطُكَ، وَلَا تَقْبِضْ أَمَانَةً، وَلَا تَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ» رواه أحمد، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (2544).

2- عدم ارتكاب المحرمات في الخلوة: عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا» ، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» رواه ابن ماجه وصححه الشيخ الألباني.

3- العلم بأن الله يعلم ويسمع ويرى ما يفعله العبد في سرّه وعلانيته: يقول الله عز وجل: {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الشعراء:218-220).
ويقول الله سبحانه: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} (البقرة:235).
ويقول عزّ من قائل: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} (التوبة:78).
ويقول الله عز وجل: {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} (طه:7).
ويقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء} (آل عمران:5).
ويقول عز وجل: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} ( العلق:14).
ويقول الله جل في علاه: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (الزخرف:80).
ويقول سبحانه: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِيكِتَابٍ مُّبِينٍ} ( يونس:61).

4- الاستحياء من الله حق الحياء: فمن استحيا من الله لم يبارزه بالمعصية في الخلوة: فَعَنْ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ الْأَزْدِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: «أُوصِيكَ أَنْ تَسْتَحِيَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا تَسْتَحِي مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ قَوْمِكَ» رواه الطبراني في الكبيروصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (2541).

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ». قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَسْتَحْيِى وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ: « لَيْسَ ذَاكَ وَلَكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ » رواه الترمذي، وحسنه الشيخ الألباني.

* ما يترتب على مراقبة العبد لربه:

1- يستظل بظل العرش: ففي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء: « ... وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ...» متفق عليه.

2- النجاة من عذاب جهنم: ففي الحديث: « ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ: خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالْعَدْلُ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ» وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (3039).

3- قبول الحسنات: كما سبق في حديث ثوبان: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا». ثم قال: «وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا». فهؤلاء لم يقبل منهم حسناتهم بسبب عدم مراقبتهم لله عز وجل.

وإليكم بعض الأمثلة:
1- قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز: وهو في عنفوان الشاب، يمتلئ قوة وشباباً وشهوة، تدعوه امرأة ذات منصب وجمال، وفي حال خلوة بعيداً عن أعين الناس، لا رقيب عليهما من البشر، لا يخاف أحداً، بل وتدعوه هي، فكل شئ مهيأ لم يتصل عليها ولم يعاكسها ولم يواعدها، ولم يتعرض لها في السوق، ولم يسافر لأجلها، بل هي التي تعرضت له، وهيأت له كل الأسباب وخلا له الجو، ومع ذلك كله يقول إني أخاف الله، ما الذي حمله على ذلك وهو في الخلوة ولا يراه مخلوق؟ إنها مراقبة الله تذكّرَ نظر الخالق عليه فترك المعصية من أجله، كما ذكر الله عز وجل في كتابه: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (يوسف:23).

2- الثلاثة الذين سدَّت عليهم الغار: فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، وفي الحديث: «فَقَالَ الآخَرُ:: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي ابْنَةُ عَمٍّ، مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَأَنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ، إِلَّا أَنْ آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَطَلَبْتُهَا حَتَّى قَدَرْتُ، فَأَتَيْتُهَا بِهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهَا، فَأَمْكَنَتْنِي مِنْ نَفْسِهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، فَقَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ المِائَةَ دِينَارٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَتِكَ فَفَرِّجْ عَنَّا، فَفَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَرَجُوا... » متفق عليه.
فما الذي دفعه إلى ترك المعصية؟ أليس لأنه ذُكِّر بالله فتذكَر مراقبة الله له فترك المعصية؟.

3- السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ومنهم الذي دعته امرأة ذات منصب وجمال ليفعل معها الفاحشة، ولكنه قال: إني أخاف الله، ما الذي عصمه من الزنا؟ عصمه تذكره لمراقبة الله له، «... وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ – وفي رواية: دَعَتهُ - امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ...» متفق عليه.

4- قال ابن رجب: "راودَ رجلٌ امرأةً في فلاة ليلاً فأبت، فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب فقالت: فأين مُكَوكِبُها". أي أين الله ألا يرانا، فمنعها هذا العلم بالله اقتراف هذا الذنب والوقوع في هذه الخطيئة.

5- الراعي مع عمر: قال عبد الله بن دينار خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى مكة فانحدر بنا راع من الجبل، فقال له عمر ممتحنًا له: يا راعي بعني شاة من هذه الغنم. فقال الراعي: إنني مملوك. فقال عمر: قل لسيدك أكلها الذئب (يريد أن يختبره). فقال الراعي: فأين الله؟ فبكى عمر ثم غدا مع المملوك فاشتراه من مولاه وأعتقه، وقال له: أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة، وأرجو أن تعتقك في الآخرة.

6- بائعة اللبن: في إحدى الليالي خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعه خادمه "أسلم"، ومشيا في طرقات المدينة يتعسسان ويطمئنان على أحوال الناس.
وبعد مدة شعرا بالتعب من كثرة المشي، فوقفا يستريحان بجوار أحد البيوت، فسمعا صوت امرأة عجوز داخل هذا البيت تأمر ابنتها أن تخلط اللبن بالماء، قبل أن تبيعه للناس، فرفضت الابنة أن تغش اللبن بالماء، وقالت لأمها: إن أمير المؤمنين نهى أن يُخلط اللبن بالماء، وأرسل مناديًا ليخبر الناس بذلك.
فألحت الأم في طلبها، وقالت لابنتها: أين عمر الآن؟! إنه لا يرانا. فقالت الابنة المؤمنة الأمينة: إذا كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا، وهل نطيع أمير المؤمنين أمام الناس ونعصيه في السر؟! فسعد أمير المؤمنين بما سمعه من هذه الفتاة، وأعجب بإيمانها وأمانتها.
وفي الصباح سأل عنها، فعلم أنها أم عمارة بنت سفيان بن عبد الله الثقفي، وعرف أنها غير متزوجة، فزوّجها لابنه عاصم، وبارك الله لهما، فكان من ذريتهما الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.

وأنشد بعضهم:
وإِذَا خَلَوْتَ بِريَبَةٍ فِي ظُلْمَةٍ ... وَالنَفْسُ دَاعِيَةٌ إِلى الطُغْيَانِ
فاسْتَحْيْ مِنْ نَظَرِ الإلَه وَقُلْ لَهَا ... إِنَّ الَّذِي خَلَقَ الظَّلاَمَ يَرَانِي

وأنشد آخر:
إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ ... خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيْبُ
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ يَغْفَلُ سَاعَةً ... وَلا أَنَّ مَا يَخْفَى عَلَيْهِ يَغِيْبُ

أيها الأخوة الكرام هذا ما أردت بيانه باختصار

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد خير الأنام، وعلى آله وصحبه الكرام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الجمع في دار القرار.
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 09-06-2013, 08:39 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

رجوتُك يا ربِّي لِسدِّ مَفاقِري***وسَتْرِ هَنَاتي يومَ تُبلى السرائرُ
فكُن لرجائي يا إلهي مُحَقِّقاً***إذا غَيَّبَتْني في ثَرَاها المقابرُ

o قال الإمام ابن القيِّم–رحمه الله- في «التبيان في أقسام القرآن»-مفسِّراً-:
«﴿تُبلى﴾أي: تُختَبَر.
وقال مقاتل: تظهر ،وتبدو .
وبَلَوْتَ الشيء؛ إذا: اختبرتَه؛ ليظهرَ لك باطنُه وما خفي منه.
و﴿السرائر﴾: جمع: (سَريرة)، وهي: سرائر الله التي بينه وبين عبده -في ظاهره وباطنه لله-.
فالإيمانُ مِن السرائر، وشرائعُه من السرائر ؛ فتُختَبَر -ذلك اليومَ- حتى يظهرَ خيرُها مِن شرها، ومؤدِّيها مِن مضيِّعها، وما كان لله ممّا لم يكن له:
قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- (يُبدي الله -يومَ القيامة- كلَّ سرٍّ ، فيكون زَيناً في الوجوه، وشَيْناً فيها).
والمعنى: تُختَبَر السرائر بإظهارها، وإظهارِ مقتضياتها -مِن الثواب والعقاب، والحمد والذمّ-.
وفي التعبيرِ عن الأعمال بالسرِّ لطيفةٌ ؛ وهو :أن الأعمال نتائجُ السرائر الباطنة:
* فمَن كانت سريرتُه صالحةً: كان عمله صالحاً، فتبدو سريرتُه على وجهه: نوراً وإشراقاً وحياءً.
* ومَن كانت سريرتُه فاسدةً :كان عملُه تابعاً لسريرته؛ لا اعتبارَ بصورته، فتبدو سريرتُه على وجهه: سَواداً، وظُلمةً، وشَيْناً.
وإنْ كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنّما هو عملُه- لا سريرتُه-؛ فيومَ القيامة تبدو عليه سريرتُه، ويكونُ الحكم والظهور لها».


o وقال –رحمه الله- في «إغاثة اللهفان»-معلِّقاً-:

«فَمَا ظَنُّ مَنِ انْطَوَتْ سَرِيرَتُهُ عَلَى الْبِدْعَةِ وَالْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ لِلْآرَاءِ بِرَبِّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾}!؟
وَمَا عُذْرُ مَنْ نَبَذَ كِتَابَ اللَّهِ ، وَسُنَّةَ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءَ ظَهْرِهِ -فِي يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ -فِيهِ - الظَّالِمِينَ الْمَعَاذِرُ!؟

أَفَيُظَنُّ الْمُعْرِضُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَنْجُوَ –غَدًا- بِآرَاءِ الرِّجَالِ؟!

أَوْ يَتَخَلَّصَ مِنْ مُطَالَبَةِ اللَّهِ –تَعَالَى- لَهُ بِكَثْرَةِ الْبُحُوثِ وَالْجِدَالِ! أَوْ ضُرُوبِ الْأَقْيِسَةِ وَتَنَوُّعِ الْأَشْكَالِ!؟

أَوْ بِالشَّطَحَاتِ وَالْإِشَارَاتِ وَأَنْوَاعِ الْخَيَالِ؟!

هَيْهَاتَ –وَاللَّهِ-...

لَقَدْ ظَنَّ أَكْذَبَ الظَّنِّ ! وَمَنَّتْهُ نَفْسُهُ أَبْيَنَ الْمُحَالِ!!

وَإِنَّمَا ضُمِنَتِ النَّجَاةُ لِمَنْ حَكَّمَ هُدَى اللَّهُ -تَعَالَى -عَلَى غَيْرِهِ، وَتَزَوَّدَ التَّقْوَى، وَأْتَمَّ بِالدَّلِيلِ ،وَسَلَكَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ،وَاسْتَمْسَكَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الَّتِي ﴿لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ﴾».


o وقال-رحمه الله-في«مدارج السالكين»-مُستخلِصاً-:

«زَرْعُ النِّفَاقِ يَنْبُتُ عَلَى سَاقِيَتَيْنِ: سَاقِيَةِ الْكَذِبِ، وَسَاقِيَةِ الرِّيَاءِ.
وَمَخْرَجُهُمَا مِنْ عَيْنَيْنِ: عَيْنِ ضِعْفِ الْبَصِيرَةِ، وَعَيْنِ ضَعْفِ الْعَزِيمَةِ.

فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْأَرْكَانُ الْأَرْبَعُ: اسْتَحْكَمَ نَبَاتُ النِّفَاقِ وَبُنْيَانُهُ!!

وَلَكِنَّهُ بِمَدَارِجِ السُّيُولِ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ!

فَإِذَا شَاهَدُوا سَيْلَ الْحَقَائِقِ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾، وَكُشِفَ الْمَسْتُورُ، وَ﴿بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾: تَبَيَّنَ –حِينَئِذٍ- لِمَنْ كَانَتْ بِضَاعَتُهُ النِّفَاقَ-: أَنَّ حَوَاصِلَهُ الَّتِي حَصَّلَهَا كَانَتْ كَالسَّرَابِ:﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾».


فـ

...بَصِّرنا-اللهمّ - بعيوبنا..واغفر لنا ذنوبَنا...





اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم سلمة السلفية مشاهدة المشاركة
ولعلّ أم سلمة تأتيك بالمزيد!!

ليت هندًا أنجزتنا ما تَعدْ /// وشَفَتْ أنفسنا مما تَجِدْ
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا /// ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد!
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:23 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.