أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
55084 104572

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-22-2017, 09:26 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد للشيخ صادق البيضاني - متجدد -

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد

الحلقة (1)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
القاعدة الأولى:

كل شئ في الكون يدل على وجود الخالق الخبير جل وعلا.

سُئل أعرابي من أصحاب الفطر السليمة فقيل له : كيف تعرف ربك ؟

فقال : البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، ليلٌ داج([1])، ونهارٌ ساج([2])، وسماءٌ ذات أبراج([3]) ، أفلا تدل على الصانع الخبير.
لو أن ملحداً لا يؤمن بوجود الله جل وعلا فَكَّرَ في نعمة العقل، والبصر، والسمع ، والأرض ، والسماء ، وكل شئ حوله لَدَلَّهُ ذلك على وحدانية الله ووجوده، وأنه ربُّ كل شئ ومليكه، وأنه الواحد الأحد الذي يدير هذا الكون.

قال ابن المعتز :
فواعجباً كيف يُعصى الإلــــه**ْ أم كيف يَجحدهُ الجاحــــدُ
ولله في كلِّ تحريكـــــــةٍ** وتسكينةٍ أبداً شاهــــــدُ
وفي كلِّ شيئ لهُ آيـــــــةٌ([4])** تـَدُلُّ علـى أنـهُ الـواحـدُ
قال الله تعالى :"إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ ، وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا([5]) وَبَثَّ([6]) فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ([7]) الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ"([8]).
وقال الله تعالى :"" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا، وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ([9]) بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ، وَغَرَابِيبُ([10]) سُودٌ""([11]).

سئل أبو نواس عن وجود الباري جلَّ وعلا ؟ فأنشد قائلاً :
تأمَّلْ في نبات الأرضِ وانْظُرْ** إلى آثارِ ما صنـعَ الملـيكُ
عيونٌ مِنْ لُجِينٍ([12])شاخصات**ٌ بأبصارٍ هي الذهبُ السبيـكُ([13])
على قَصَبِ الزبرجدِ شاهداتٌ*** بأن الله ليـس له شريــكُ ([14]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] مظلم.
[2] ساكن.
[3] الأماكن التي تأتيها النجوم في السماء.
[4] علامة.
[5]بإنبات الزرع فيها بعد أنْ كانت ميتتةً لا زرع فيها.
[6] فرَّق ونشر.
[7] تنويعها.
[8] سورة البقرة الآية رقم : 164.
[9] طرق في الجبال تخالف لونها.
[10] شديدة السواد, وسود بدل من غرابيب.
[11] سورة فاطر الآيتان رقم : 27-28.
[12] فضة.
[13] المذاب.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-24-2017, 06:05 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد


الحلقة (2)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
القاعدة الثانية
كلُّ شئ يُسَبِّحُ ، ويُمَجِّدُ الله جل وعلا

قال تعالى : "تسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ، وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ، وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ([1]) تَسْبِيحَهُمْ ، إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً"([2]).
كل شئ في الوجود يعرف ربه، وخالقه إلا الملاحدة، والزنادقة فإنهم ينكرون ولا يعترفون بخالقهم جل وعلا، بخلاف عروقهم، وأجسامهم، وكافة أعضائهم، والجمادات حولهم، والأشياء بجميع أنواعها، واختلاف أشكالها، سَواءٌ تُرى بالعين المجردة أم لا، فإنها كلها تسبح، وتمجد باريها وموجدها سبحانه.
قال تعالى : "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ([3]) كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"([4]) .
ومن صريح الأدلة أيضاً قوله تعالى : "وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ"([5]).
ومن الأدلة الواردة في السنة :
حديث عبد الله بن مسعود قال : كنا نَعُدُّ الآيات([6]) بركةً ، وأنتم تعدونها تخويفاً ، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر
فَقَلَّ الماء .
فقال : اطلبوا فَضْلَةً من ماء([7]) .
فجاءوا بإناء فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ثم قال :
حيَّ على الطهور المبارك ، والبركةُ من الله .
فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم :"
ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤْكَل"([8]).
وحديث جابر بن عبد الله قال : كان المسجد مسقوفاً على جذوع من نخل ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا خطب يقوم إلى جذع منها ، فلما صُنِعَ له المنبر ، وكان عليه فسمعنا لذلك الِجذع([9]) صوتاً كصوت العِشَار([10])، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فَسَكَنَتْ([11])"([12]).
وفيه دلالة على أن الجمادات تتعظ ولا يكون ذلك إلا فيمن يعرف ربه ويمجده.
وأخرج ابن أبي عاصم والخلال في السنة واللالكائي في اعتقاد أهل السنة وغيرهم عن عاصم بن حميد قال :إن أبا ذر قال : "إني انطلقت ألتمس رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض حوائط المدينة ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ، فأقبل إليه أبو ذر حتى سلم على النبي صلى الله عليه وسلم .
قال أبو ذر : وحصياتٌ موضوعةٌ بين يديه ، فأخذهن في يده ، فَسَبَّحْنَ
في يده ، ثم وضعهن في الأرض ، فَسَكَتْنَ ، ثم أخذهن فوضعهن في يد أبي بكر فَسَبَّحْنَ في يده ، ثم أخذهن فوضعهن في الأرض فَخَرَسْنَ ، ثم أخذهن ، فوضعهن في يد عمر ، فَسَبَّحْنَ في يده ، ثم أخذهن، فوضعهن في الأرض فَخَرَسْنَ ، ثم أخذهن ، فوضعهن في يد عثمان فَسَبَّحْنَ ، ثم أخذهن ، فوضعهن في الأرض فَخَرَسْنَ"([13]).
وأدلة كثيرة في الكتاب والسنة لا يسع هذا المختصر حصرها ، فسبحان الله كيف تَبَلَّدَتْ عُقولُ الملاحدة ، وتَعَطَّلَت أفكارهم ، وانهزمت مشاربهم ، وتعجرفت معالمهم وثقافاتهم ، عن أن يؤمنوا بالخالق وحده، ويتركوا ضلالهم ، وإلحادهم الذي يجرهم إلى جحيم الدنيا والآخرة ، فإن الطبيعةَ التي يقول الملاحدة عنها خالقة للأشياء، هي مخلوقةٌ ، ومُسَيَّرَةٌ ، فكيف يكون لجمادٍ مثلها أنْ يَخْلُقَ وهو مخلوقٌ ضعيفٌ ، وجندي من جنود الله المسبحة الممجدة للواحد الأحد.
"أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ، إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ([14]) ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً"([15]).
________
[1] تفهمون.
[2] سورة الإسراء ، الآية رقم : 44.
[3] تبسط أجنحتها كما تقبضها لكي تحلق وتطير.
[4] سورة النور ، الآية رقم : 41.
[5] سورة البقرة ، الآية رقم : 74.
[6] المعجزات.
[7] زيادة وبقية منه.
[8] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام (3/1312 رقم 3386) .
[9] ساق النخلة.
[10] أنثى الجمل التي قاربت الولادة وكانت في الشهر العاشر, أو التي معها أولادها شبه بصوتها عند فراق أولادها, انظر: عمدة القاري-(6/217).
[11] هدأت وسكتت.
[12] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام (3/1314 رقم 3392) .
[13] أخرجه الطبراني في الأوسط (2/59 رقم 1244) ، (4/245 رقم 4097) ، وكذا في مسند الشاميين (4/247 رقم 3198) ، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (4/806 رقم 1485) ، والخلال في السنة (1/288 رقم 351) وغيرهم ، وهذا حديث حسن لغيره .
[14] الإبل والبقر والغنم.
[15] سورة الفرقان ، الآية رقم 44.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-27-2017, 06:40 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد

الحلقة (3)

بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني
القاعدة الثالثة
المغيبات التي أخبر عنها الشرع لا تُدرك بالعقل، وإنما تُدْرَك بالنقل

لا يمكن للعقل أن يدرك الأمور كلها وخصوصاً الشرعية وبالأخص المغيبات منها كفتنة القبر ونعيمه وجحيمه ، وحوض المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والصراط الذي يمد بين الجنة والنار ، والقنطرة، وما إلى ذلك من المغيبات التي صحت بصرائح الكتاب والسنة الصحيحة .

فلا حيا الله الفلاسفة والمعتزلة والمتكلمين والملاحدة والمتشدقين في عصرنا الحاضر من خفافيش الإعلام المزيف والمسير ومَن نحا نحوهم من منكري هذه الحقائق بحجة أن العقل لا يُثْبِتُ مثل ذلك.

وقد دلت صرائح النقل الشرعية على أن أمر الغيب من خصوصية العالم بكل شئ سبحانه.

قال جل في علاه : وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ([1]).

وقال سبحانه :" قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ ، وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ، وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ، إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ"([2]).

وقال سبحانه : "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ، وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا ، وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"([3]).

وقال سبحانه :" قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السموات وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ، وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ([4]) يُبْعَثُونَ"([5]).وغيرها من الآيات كثير.

ومن الأدلة الواردة في السنة بإيجاز ما يلي :

الأول : حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم أحد ما يكون في غد ، ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام ، ولا تعلم نفس ماذا تكسب غداً ، وما تدري نفس بأي أرض تموت ، وما يدري أحد متى يجيء المطر"([6]).

الثاني : حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : " جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل حين بُني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني ، فجعلت جويريات([7]) لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من أبائي يوم بدر ، إذ قالت إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد.
فقال : دعي هذا ، و قولي بالذي كنت تقولين"([8]).

بمعنى : اتركي ما يتعلق بمدحي الذي فيه الإطراء المنهي عنه مما يتعلق بالغيب ونحوه.

ومعنى " وقولي الذي كنت تقولين" : أي من ذكر المقتولين ونحوهم.

فليت شعري أيها الفلاسفة والمعتزلة ومَن نحا نحوكم متى كان العقل يدرك كل شئ ؟!! ، أَوَمَا أدركت عقولكم أن حججكم واهية ، وشبهكم داحضة ، وأفكاركم حائرة ، ومدارككم خاوية ؟!!

أَوَمَا أدركت عقولكم أنكم بشرٌ لا صفاء في عقولكم ، ولا استقامة في أقلامكم ، ولا حقائق في أحكامكم ؟!!

تالله لا سبيل لهدايتكم إلا أن يشاء الله " َتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً "([9]).
ومِنْ ثَمَّ : " وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ([10]) فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً ، أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ، لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ، وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ"([11]).

_____
[1] سورة آل عمران الآية رقم : 179.
[2] سورة الأنعام الآية رقم : 50.
[3] سورة الأنعام الآية رقم : 59.
[4] متى.
[5] سورة النمل الآية رقم :65.
[6] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الاستسقاء ، باب لا يدري متى يجيء المطر إلا الله وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس لا يعلمهن إلا الله (1/351 رقم 992) .
[7] بنات صغيرات.
[8] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب النكاح ، باب ضرب الدف في النكاح والوليمة (5/1976 رقم 4852).
[9] سورة النساء الآية رقم : 88.
[10] إضلاله.
[11] سورة المائدة ، الآية رقم : 41.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-29-2017, 01:34 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد
الحلقة (4)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

القاعدة الرابعة
مصدر توحيد الباري ينحصر فيما جاء عن الشرع

لا يُوَحَّدُ الباري حقَّ التوحيد إلا بكتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام بفهم سلف هذه الأمة، وهم الصحابة رضوان الله عليهم، الذين شهدوا الوحي وهو يتنزل على رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفهموه بموجب ما علموه منه واتبعوه ونصروه عقيدةً وشريعةً ومنهاجاً وسلوكاً.

قال الشاطبي في الموافقات (4/79) : " ومن كان بِهذه المثابة حقيقٌ أن يتُخذَ قدوة وتجعل سيرته قبلة"اهــ

وكلُّ مَنْ وحَّد الله بفطرته السليمة، ثم خالط أهل الأهواء والزيغ فلا يُؤْمَنُ على توحيده فإنَّ : "مَنْ جَالَسَ جانس" إلا مَنْ سلَّمه الله, ومعنى جانس : أي أخذ من أخلاق غيره.

لأن المبتدعة بجميع طوائفهم أعداءٌ للتوحيد الخالص، فمصدر التوحيد عندهم العقل والهوى، وأما مصدر توحيد السلف وأتباعهم، فهو الوحي المنزل على رسوله عليه الصلاة والسلام سواء كان قرآناً وسنة.

قال تعالى: " وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ،وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"([1]).

وقال تعالى : "وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ ، وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ([2]) عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ ، فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ، وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ"([3]).

وقال جل شأنه : " قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ"([4]).

قال ابن كثير في تفسيره : وقوله " الذي يؤمن بالله وكلماته" أي يصدق قوله عمله وهو يؤمن بما أنزل إليه من ربه – واتبعوه - أي اسلكوا طريقه واقتفوا أثره - لعلكم تهتدون أي الصراط المستقيم" ([5]).

وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار"([6]).

فتوحيد الباري ينحصر فيما جاء به كتاب الله ، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.

وقد بيَّنَ النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم توحيد الله الخالص وأبطل كل أمور الجاهلية بلسان الشرع القويم سواء كان متعلقاً بالعقيدة أو التوحيد أو المنهج أو الشريعة أو السلوك، فقال : " ألا كلُّ شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع"([7]).

وقد كسر الأصنام والأوثان ، وأبطل المقاصد والوسائل والشفاعات الشركية، ونفى أن يكون لله صاحبة أو ولد ، ونزل عليه القرآن الكريم لعلاج هذه الأمة وربطها بخالقها وحده لا شريك له، قائلاً للثقلين جميعاً :"وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ، أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى ، قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ ، وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ"([8])

فتوحيد الله مُسَطَّرٌ ، وواضحٌ بَيْنٌ ، في كتاب الله ، وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، ومن أعرض عنهما فقد أعرض عن الحياة الحقة "أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا"([9]).

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.
_____

[1] سورة الأنعام ، الآية رقم : 155.
[2] يضلوك. [3] سورة المائدة ، الآية رقم : 49.
[4] سورة الأعراف ، الآية رقم : 15.
[5] ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم ، 2/257.
[6] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الإيمان ، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته (1/134 رقم 153) .
[7] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج ، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/889 رقم 1218) .
[8] سورة الأنعام ، الآية رقم : 19.
[9] سورة الأنعام ، الآية رقم : 122.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10-08-2017, 01:29 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد

الحلقة (5)

بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

القاعدة الخامسة
ما مات رسولنا عليه الصلاة والسلام حتى بين لنا ما يختص بالعقيدة والتوحيد بياناً شافياً كافياً

فهو القائل صلى الله عليه وعلى آله وسلم : " لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء"([1]) .

وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "إنه ليس شيء يقربكم من الجنة ، ويباعدكم من النار ، إلا قد أمرتكم به ، وليس شيء يقربكم من النار ، ويباعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه ، وأن الروح الأمين نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها ، فاتقوا الله ،وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته"([2]).
وفي الصحيحين من حديث جابر يقول النبي عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع :".. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟
قالوا : نشهد أنك قد بلغت ، وأَدّيت ،ونصحت .
فقال : بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء ، وينكتها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ثلاث مرات"([3]).
وأخرج مسلم في صحيحه عن سلمان قال قيل له : " قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة([4]), قال فقال : أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط ، أو بول ، أو أن نستنجي باليمين ، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ، أو أن نستنجي برجيع ، أو بعظم"([5]) .
وعن أبي الدرداء قال : "لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في السماء طائر يطير بجناحيه ، إلا ذكر لنا منه علماً"([6]).
وقال صلى الله عليه وسلم : "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي([7]).
وقال صلى الله عليه وسلم في معرض بيانه للفرقة الناجية : "من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)([8]).
وكل ما سبق مصداقٌ لقوله سبحانه وتعالى : "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ([9]) مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"([10]).
ولقوله تعالى : " قد أنزل الله إليكم ذكراً : رسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ([11])
وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً"([12]).
فما مات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، فمن ابتغ الدين الحق وجده فيما جاء به هذا الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، ومن أعرض عنه فقد أعرض عن سعادة الوحي.
"ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً([13]) ، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، َقالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى"([14]).

وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.

_____ا
[1] أخرجه ابن ماجة في سننه باب اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/4 رقم 5 ) وغيره ، والحديث حسن .
[2] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، ما ذكر عن نبينا (7/79 رقم 34332) وغيره والحديث صحيح لغيره.
[3] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الحج ، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/890 رقم 1218).
[4] التخلي والقعود للحاجة.
[5] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الطهارة ، باب الاستطابة (1/223 رقم 262) .
[6] أخرجه ابن حبان في صحيحه كتاب العلم ، باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها (1/267 رقم 65) وغيره وهو صحيح .
[7] أخرجه الدارقطني في سننه (4/245 رقم 149) بنحوه ، والبيهقي في السنن الكبرى (10/114 رقم 20123، 20124) بنحوه وغيرهما، والحديث حسن .
[8] أخرجه الترمذي في سننه كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة (5/26 رقم 2641) ، والحديث حسن .
[9] انقطاع من إرسال الرسل.
[10] سورة المائدة ، الآية رقم : 19.
[11] من الشرك والمعصية والعقاب إلى الطاعة والثواب.
[12] سورة الطلاق ، الآيتان رقم : 10ـ11.
[13] ضيقة شديدة.
[14] سورة طه الآيتان رقم : 24ـ26.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-18-2017, 02:50 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد

الحلقة (6)

بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

القاعدة السادسة
اليهود والنصارى والمشركون، ومن هو على شاكلتهم معترفون بتوحيد الربوبية ، وأن دعوة رسلهم كانت إلى توحيد الألوهية

وهذه قاعدة مطردة عند أهل السنة والجماعة لم يخالفهم سوى المبتدعة مِمَّنْ يَدَّعِي أن دعوة الرسل كانت إلى توحيد الربوبية ليس غير، لِيُجِيزوا للأمة الاستغاثة بالمقبور والاستعانة بالجن والموتى وجواز التحاكم إلى الطاغوت من أنظمة وضعية وتشريعات شيطانية ونحوها مما يتصادم مع شريعة الاسلام السمحة، ليحققوا من وراء ذلك مآرب ومصالح دنيوية مختلفة، ولمحاربة أهل الحق الذين منعوا ذلك بحجة أن دعوة الرسل كانت إلى توحيد الألوهية – التوحيد الخالص- الذي من أجله بعث الله الرسل ، وأنزلت الكتب ، ووضع توحيد الألوهية فيصلاً بين الكفر والإيمان ، وبهذا التوحيد الصحيح نطقت صرائح الكتاب والسنة :

قال الله تعالى : "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ([1]) ، فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ ، وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ"([2]).

وما من رسول إلا ودعا قومه إلى توحيد الألوهية .
فهذا خليل الله إبراهيم يدعو قومه إلى هذا التوحيد الخالص فيقول الله تعالى على لسانه : "وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ، ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"([3]).

وكذلك نبي الله شعيب :"وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا([4]) فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ"([5]).

وكذا نبي الله صالح : "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ"([6]).

وكذلك صاحب السفينة نبي الله نوح، أرسله الله ليبلغ توحيد الألوهية : "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ ، فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ"([7]).

وجميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام دعوا قومهم إلى عبادة الله وحده قائلين لأقوامهم قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا .

أما توحيد الربوبية فالكل مقرٌ به حتى عدو الله إبليس ألم يقل الله على لسانه : "قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي([8]) إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"([9]) .

وكذا المشركون ومن شاكلهم مقرون بتوحيد الربوبية كما قال تعالى : "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ، وَسَخَّرَ([10]) الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ([11])"([12]).

وقال جل ذكره :"وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا([13]) لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ"([14]).

وقال تعالى : "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ ، لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ، فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ([15])"([16]).

وكذلك اليهود لولا أنهم قالوا عزيرٌ ابن الله ، وكذلك النصارى لولا أنهم قالوا عيسى ابن الله ، فهم مشركون في توحيد الألوهية ومقرون بتوحيد الربوبية.

فإذا كان الأمر كذلك فخلافنا مع الكفرة إنما هو في توحيد الألوهية والذي بوجوده يستلزم تنزيه الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.

وقد نطقت السنة بأن دعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام كانت إلى هذا التوحيد الخالص :

ففي الصحيحين : عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم : بعث معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن، فقال : "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"([17])، ونحو ذلك من الأدلة المتكاثرة في السنة النبوية.

ولكن .. ماذا بعد الحق إلا الضلال ؟؟ نعوذ بالله من الخذلان.
وفق الله الجميع لطاعته، وألهمهم رشدهم.

______
[1] الطاغوت : كل ما عبد من دون الله، ومن الطاغوت من دعا الناس إلى التحاكم إلى الأنظمة الوضعية المنافية للدين أو فرضها على الناس، وكذا من دعا إلى رأيه وحكمه المنافي للشرع، ويدخل في ذلك السحرة والعرافون والمنجمون، وكذا دعاة الضلال والفجور الذين يحرفون الدين ويجيزون لأتباعهم ما لم يأذن به الله أو يتصادم مع شرع الله.
[2] سورة النحل، الآية رقم : 36.
[3] سورة العنكبوت ، الآية رقم : 16.
[4] تتمادوا.
[5] سورة العنكبوت ، الآية رقم : 36.
[6] سورة النمل، الآية رقم : 45.
[7] سورة المؤمنون، الآية رقم : 23.
[8] أمهلني وآخرني.
[9] سورة الحجر، الآية رقم : 36.
[10] كلف وحمل على العمل بغير أجرة.
[11] فكيف ينصرفون بعد ذلك عن الحق إلى الضلال.
[12] سورة العنكبوت ، الآية رقم : 61.
[13] بإنبات الزرع فيها.
[14] سورة العنكبوت ، الآية رقم : 63.
[15] فكيف ينصرفون بعد ذلك عن الحق إلى الضلال.
[16] سورة الزخرف، الآية رقم :87.
[17] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الزكاة ، باب وجوب الزكاة وقول الله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } (2/505 رقم 1331) ، ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان ، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/50 رقم 19).
**
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10-18-2017, 02:57 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد

الحلقة (7)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

القاعدة السابعة
كل مولود يولد على فطرة الإسلام لا يخرج عن كونه مسلماً إلا باستجابته دعوة غير المسلمين

وبهذا نطق الشرع الشريف ففي الصحيحين عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟"
ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّه([1]) الَّتِي فَطَرَ([2]) النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ([3])".
قال البخاري في صحيحه : الفطرة الإسلام([4]).
قال ابن حجر في الفتح : وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام .
قال ابن عبد البر : وهو المعروف عند عامة السلف ، وأجمع أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى : فطرة الله التي فطر الناس عليها الإسلام ، واحتجوا بقول أبي هريرة في آخر حديث الباب " اقرؤا إن شيئتم:
"فطرة الله التي فطر الناس عليها"([5]).
وبحديث عياض بن حمار عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن
ربه : "إني خلقت عبادي حنفاء([6]) كلهم ، فاجتالتهم([7]) الشياطين عن دينهم" الحديث([8]).
وقد رواه غيره فزاد فيه : "حنفاء مسلمين"([9]).
ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى : فطرة الله لأنها إضافة مدح ، وقد أمر نبيه بلزومها ، فَعُلِمَ أنها الإسلام .
وقال ابن جرير قوله : "فأقم وجهك للدين" أي سدد لطاعته ، "حنيفاً" أي
مستقيماً ، "فطرة الله" أي صبغة الله([10]).
قلت : ومعنى صبغة الله دينه الذي فطر الناس عليه وقد شبهه بالصبغة في الثوب ، فهو من التشبيه البليغ عند علماء البلاغة لظهور أثره على صاحبه .
قلت : فعلم بهذا أن مصير الطفل الذي يموت بين أهله الجنة لأنه مازال على الإسلام والدين والفطرة ، وما عَمِلَه من أعمال الكفر تقليداً لوالديه لا يؤاخذ به حتى يبلغ.
قال النووي : وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة، ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم حين رآه النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ، وحوله أولاد الناس؛ قالوا: يا رسول الله وأولاد المشركين؟
قال:" وأولاد المشركين "رواه البخاري في صحيحه.
ومنها قوله تعالى : "َومَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً" ([11]).
ولا على المولود التكليف ويلزمه قول الرسول حتى يبلغ ، وهذا متفق عليه، والله أعلم([12]).
قال الحافظ في الفتح عن الإمام البخاري : كان متوقفاً في ذلك ، وقد جزم بعد هذا في تفسير سورة الروم بما يدل على اختيار القول الصائر إلى أنهم في الجنة كما سيأتي تحريره ، وقد رتب أيضاً أحاديث هذا الباب ترتيباً يشير إلى المذهب المختار فإنه صدَّره بالحديث الدال على التوقف ثم ثنى بالحديث المرجح لكونهم في الجنة ثم ثلث بالحديث المصرح بذلك فإن قوله في سياقه : "وَأَمَّا الصِّبْيَان حوله فأولاد الناس" ، قد أخرجه في التعبير بلفظ : "وأما الولدان الذين حوله فكل مولود يولد على الفطرة.
فقال بعض المسلمين : وأولاد المشركين ؟
فقال : وأولاد المشركين"([13]).
ويؤيده ما رواه أبو يعلى من حديث أنس مرفوعا:" سألت ربي اللأهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم فأعطانيهم "، وإسناده : حسن([14]).
وورد تفسير اللأهين بأنهم الأطفال من حديث ابن عباس مرفوعا أخرجه البزار([15]).
وروى أحمد من طريق خنساء بنت معاوية بن صريم عن عمتها قالت : قلت : يا رسول الله من في الجنة ؟
قال :" النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة " إسناده حسن([16])، انتهى كلام الحافظ([17]).
وأما ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس قال: " كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض, فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه , فقال له: أسلم , فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطع أبا القاسم , فأسلم , فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد الله الذى أنقذه من النار "، فجوابه أن هذا الغلام قد شبَّ بمعنى بلغ، فإن الغلام في العربية يطلق على الصبي الصغير حتى يشب، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام : " الحمد الله الذى أنقذه من النار "، فلو كان دون ذلك ولم يسلم ما استحق النار، لأنه دون البلوغ لما تقدم من الأدلة السابقة، والله أعلى وأعلم، وأعز وأكرم.
_____
[1] خلقة الله وصبغته والطبع الذي يكون الإنسان أول ما يخرج إلى هذه الحياة عليه وهو دين الإسلام.
[2] طبع وخلق.
[3] العدل.
[4] صحيح البخاري (4/1791).
[5] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب القدر ، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (4/2047 رقم 2658)، والآية رقم :30 من سورة الروم، وأصل الحديث في الصحيحين.
[6] محبين للتوحيد مائلين عن الشرك.
[7] ساقتهم فذهبت بهم واستخفتهم.
[8] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار (4/2197 رقم 2865) .
[9] أخرجه الطبراني في الكبير (17/358 رقم 987) وزيادة حنفاء مسلمين ذكرها في الكبير (17/363 رقم 997).
[10] ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري (3/248).
[11] سورة الإسراء ، الآية رقم : 15.
[12] النووي ، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج(16/208).
[13] سبق تخريجه.
[14] أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (7/138 رقم 4101) ، (6/267 رقم 3570) ، (6/316 رقم 3636) ، وغيره وهو حسن.
[15] لم أجد لفظ البزار في النسخة التي بحوزتي.
[16] لكن أخرجه أبو داود في سننه كتاب الجهاد ، باب في فضل الشهادة (3/15 رقم 2521) ، وأحمد في مسنده ، حديث رجال من الأنصار رضي الله عنهم (5/58 رقم 20602 ، 20604) ، وهو حسن.
[17] ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري (3/246).
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10-21-2017, 05:40 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

قواعدُ وأصول العقيدة والتوحيد

الحلقة (8)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

القاعدة الثامنة
مشركو العرب في القديم والحديث يعبدون الله إلا أنهم يشركون في عبادته غيْرَه بحجة طلب القربى أو الشفاعة

ودليل ذلك قوله تعالى : "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ، إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ"([1]).
ودليل الشفاعة قوله تعالى :" ويَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ، وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ"([2]).
فالمشركون في العصر القديم ما وحَّدُوا الأصنام وأفردوها بالعبادة، وإنما كانوا يعبدون الله سبحانه وتعالى مع الشرك الأكبر، فهذه الأصنام والأوثان التي عُبِدت في زمانهم من دون الله إنما اتخذوها من أجل أن يتقربوا بها إلى الله سبحانه وتعالى لا من أجل أنها هي التي خلقتهم، بل لكونها عبارة عن صورٍ لصالحين في العهد القديم ، فلما صُوِّرتْ هذه الصُور على هيئة أصنام عبدوها من دون الله من أجل أن يستغيثوا بها لتُقَربهم إلى الله سبحانه وتعالى ، وأيضاً أنهم كانوا يتوسلون بها من أجل طلب الشفاعة كما قال
تعالى : "وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ".
وبماذا يعللون ؟؟
الجواب : بقولهم " هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ"([3]).
حيث جعلوا هؤلاء كوسائط وقربى يتقربون بصورهم كأصنام إلى الله.
فلو أن رجلاً مسلماً في عصرنا الحديث استغاث بمن مات من الصالحين أو تبرك بالأضرحة والأتربة من باب أن هذه الأعمال تقربه إلى الله بحجة صلاح الميت وقربه من الله لحكمنا عليه بأنه قد وقع فيما وقع فيه المشركون قديماً لأن الجميع عبد الله ولكن جعلوا بينهم وبين الله واسطة بحجة أنها تنفعهم وتشفع لهم عند ربهم.
هذه جاهلية المشركين التي أنكرها الله في كتابه الكريم بقوله تعالى :" قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ"([4]).
ولو أدرك عقلاء التصوف خطر ما هم فيه وخصوصاً أصحاب الطريقة النقشبندية والرفاعية ، وعقلوا ذلك جيداً ، وكثيرٌ منهم يعقل - لولا المصالح الدنيوية والهوى- لأدركوا أنهم يأتون بأفعال المشركين أصحاب القرون الغابرة.
فهذا أحد مشايخهم يقول : إنه رأى في منامه سيدنا الخضر فقال له :
تعال أعلمك الطريقة الوحيدة التي ستوصلك إلى الجنة وبغيرها لا تنجو
من عذاب النار فعلمه المذهب الصوفي بالطريقة النقشبندية!!
وذاك يذبح للقبر.
وآخر يطوف حوله ويقول : لبيك اللهم لبيك.
وآخر يتمسح به لعله أن يرفع ما به من ضر ... وهلم جراً، ومثل المتصوفة الرافضة وبعض الطوائف التي تجعل قبور مشايخهم وساداتهم في مقام العبودية كما تفعل المتصوفة.
فيا سبحان الله كيف غفلت قلوبهم، أو كيف أغفلوها عن قول الحق المألوه جل شأنه : "قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي([5]) وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"([6]).
___
[1] سورة الزمر ، الآية رقم :3.
[2] سورة يونس الآية رقم :18.
[3] سورة يونس ، الآية رقم :18.
[4] سورة الرعد ، الآية رقم: 16.
[5] ذبحي.
[6] سورة الأنعام ، الآية رقم : 162 ، 163.
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-17-2017, 07:22 AM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي

القاعدة التاسعة
المشركون الأولون يُشْرِكُون في الرخاء، ويُخْلِصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم في الرخاء والشدة

( ضمن قواعد وأصول العقيدة والتوحيد )
الحلقة (9)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

ولا يعارض في ذلك إلا رجلٌ من رجلين :
إما جاهل فَيُعْذر حتى يعلم، وتقام عليه الحجة، وتدفع عنه الشبهة، أو مكابر فشأنه شأن المعرضين عن الحق.
وهذه القاعدة من القواعد والأصول التي احتج بها بعض العلماء على مشركي زمانهم، وحُقَّ لكل موحدٍ أن يحتج بها اليوم على المماثلين في المنهج، وإن اختلفت الأزمنة وتغيرت العادات، طالما والمنهج واحد.
فالشرك في القديم مختلف تماماً عن الشرك في الحديث ، فإن الشرك في القديم إنما كان عند الرخاء، وأما في العصر الحديث فإن الشرك في الرخاء والشدة.
تأتي المناسبات ، والأعياد ، والأفراح ، والصحة ، والمواسم وكلها من الرخاء، وإذا بالناس ممن أصابه وحل الشرك يذبح الذبائح، ويقرب القربات ، وينذر النذر للموتى من دون الله، فلا ينوي بذلك أنها لله بنية الصدقة على فلان المخلوق الضعيف، وإنما للميت أو القبر أو المقام كما هو اليوم حال عموم المتصوفة والرافضة، وتأتي أوقات الشدة فيصاب الرجل بالبلاء في نفسه ، أو أهله ، أو ولده ، أو ماله فيستغيث بالميت الفلاني قائلاً : يا ابن علوان أغثني ، يا سيدة زينب أنا في جوارك فلا ترديني ، يا جيلاني رضاك عني ونحوها من ألفاظ الشرك.
وهذا بخلاف المشركين في القرون الغابرة ، فإن الله يحدثنا عنهم في غير ما آية، ويبين لنا بياناً شافياً أنهم عند الشدائد لا يدعون سوى الله جل وعلا ، وأن شركهم إنما كان في الرخاء ليس غير ومن ذلك :
قوله تعالى : "هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ([1]) وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ([2])، وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ([3]) وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ، وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ([4]) دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ([5])، لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِين، فَلَمَّا َنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ([6]) فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا([7]) ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم([8]) بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"([9]).
وقوله تعالى : "فإذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ([10]) دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ"([11]).
وقوله تعالى : "وَإِذَا غَشِيَهُم([12]) مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ([13]) بِآيَاتِنَا إِلا كُلُّ خَتَّارٍ([14]) كَفُورٍ"([15]).
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ثم أخبر تعالى أنه : "هو الذي يسيركم في البر والبحر" أي يحفظكم ، ويكلؤكم بحراسته "حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها" أي بسرعة سيرهم أي رافقين ، فبينما هم كذلك إذ "جاءتها" أي تلك السفن "ريح عاصف" أي شديدة،
"وجاءهم الموج من كل مكان" أي اغتلم البحر عليهم "وظنوا أنهم أحيط
بهم" أي هلكوا "دعوا الله مخلصين له الدين" أي لا يدعون معه صنماً ولا وثناً بل يفردونه بالدعاء، والابتهال كقوله تعالى : "وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ، فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإنسان كَفُوراً"([16]).
وقال ههنا : "دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه" أي هذه الحال "لنكونن من الشاكرين" أي لا نشرك بك أحداً ، ولنفردنك بالعبادة هناك كما أفردناك بالدعاء ههنا.
قال الله تعالى : "فلما أنجاهم" أي من تلك الورطة "إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق" أي كأن لم يكن من ذلك شيء كأن لم يدعنا إلى ضر مسه، ثم قال تعالى : "يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم" أي إنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم، ولا تضرون به أحداً غيركم كما جاء في الحديث : "ما من ذنب أجدر([17]) أن يعجل الله عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الآخرة من البغي([18]) وقطيعة الرحم"([19])ـ([20]). اهـ
______
[1] السفينة.
[2] لينة.
[3] شديدة.
[4] اعتقدوا أنهم يموتون معذبين بالغرق وبهلاك حاجاتهم.
[5] لا يشركون به.
[6] يتجاوزون حدودهم فيما يبغون أو أنهم يفسدون في الأرض.
[7] ظلمكم ستعاقبون به ونفعه دنيوي مذموم.
[8] نخبركم.
[9] سورة يونس ، الآية رقم : 22ـ23.
[10] السفينة.
[11] سورة العنكبوت ، الآية رقم: 65.
[12] علاهم وارتفع عليهم كالجبال والسحاب في تظليلهم وتتابعه عليهم.
[13] ينكر حججنا.
[14] غدّار.
[15] سورة لقمان ، الآية رقم: 32.
[16 سورة الإسراء، الآية رقم: 67 .
[17 أحق.
[18] الظلم.
[19] أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الأدب ، باب في النهي عن البغي (4/276 رقم 4902) ، والترمذي في سننه كتاب صفة القيامة والرقاق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باب 57 (4/664 رقم 2511) ، وابن ماجة في سننه، كتاب الزهد، باب البغي (2/1408 رقم 4211)، والحديث حسن.
[20] ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم(2/47 ، 414 ، 583) و (4/180).
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-19-2018, 03:54 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي ملل الكفر واحدة، وإن اختلفت أديانهم

لقاعدة العاشرة
ملل الكفر واحدة، وإن اختلفت أديانهم، ويلزم دعوتهم إلى الإسلام فإن أبوا دفعوا الجزية فإن أبوا فالسيف، وهذا في ظل قوة المسلمين ومنعتهم

( ضمن قواعد وأصول العقيدة والتوحيد )
الحلقة (10)
بقلم الدكتور : صادق بن محمد البيضاني

هذا ما دعت إليه شريعة محمد عليه الصلاة والسلام لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَّر أميراً على جيش ، أو سرية ، أوصاه في خاصته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين خيراً .
ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا مَنْ كفر بالله ، اغزوا ، ولا تغلوا([1]) ، ولا تغدروا([2]) ، ولا تمثلوا([3]) ، ولا تقتلوا وليداً([4]) ، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم:
1. ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا([5]) أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة ، والفيء([6]) شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.
2. فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم.
3. فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه([7]) فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم أن تخفروا ذممكم([8]) وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله.
وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا "([9]).
وأخرج الشيخان عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم ، وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله"([10]).
والسنة بهذا الحديث تفسر قوله تعالى : "قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ، وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ([11]) وَهُمْ صَاغِرُونَ"([12]).
قال الحافظ في الفتح : وقال أبو عبيد : ثبتت الجزية على اليهود
والنصارى بالكتاب وعلى المجوس بالسنة([13]) اهـ.
قلت : فالآية على ظاهرها والحديث النبوي زادها شرحاً وحكماً إضافياً لم يكن في الآية.
ولذا فالجزية تؤخذ من كل كافر لم يسلم على أصح الأقوال، ولكون من فرَّقَ بين ملل الكفر لم يَسْلَمْ من اعتراض، والأدلة في هذا الباب قوية صريحة، وأيضاً أن الآية السابقة تحمل على الحديث السابق فيقال : قاتلوا من أبى الإسلام وامتنع عن دفع الجزية حتى يدفع الجزية إن أبى الإسلام بدليل الغاية في قوله جل ذكره : "حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".
قال القرطبي في تفسيره : لما حرم الله على الكفار أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم بما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها قال الله عز وجل : "وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً([14])"([15]) الآية على ما تقدم ، ثم أحل في هذه الآية الجزية، وكانت لم تؤخذ قبل ذلك فجعلها عوضاً مما منعهم من موافاة المشركين بتجارتهم، فقال الله عز وجل : "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ، ولا باليوم الآخر" الآية.
فأمر سبحانه وتعالى بمقاتلة جميع الكفار لإصفاقهم على هذا الوصف، وخص أهل الكتاب بالذكر إكراماً لكتابهم، ولكونهم عالمين بالتوحيد، والرسل، والشرائع، والملل، وخصوصاً ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، وملته، وأمته.
فلما أنكروه تأكدت عليهم الحجة، وعظمت منهم الجريمة فنبه على محلهم، ثم جعل للقتال غاية، وهي إعطاء الجزية بدلاً من القتل وهو الصحيح.
قال ابن العربي : سمعت أبا الوفاء علي بن عقيل في مجلس النَّظْر يتلوها، ويحتج بها، فقال : "قاتلوا" وذلك أَمْرٌ بالعقوبة ، ثم قال : "الذين لا يؤمنون"، وذلك بيان للذنب الذي أوجب العقوبة .
وقوله : "ولا باليوم الآخر" تأكيد للذنب في جانب الاعتقاد.

ثم قال : "ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله" زيادة للذنب في مخالفة الأعمال، ثم قال : "ولا يدينون دين الحق" إشارة إلى تأكيد المعصية بالانحراف، والمعاندة، والأنفة عن الاستسلام، ثم قال : "من الذين أوتوا الكتاب" تأكيد للحجة لأنهم كانوا يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، ثم قال : "حتى يعطوا الجزية عن يد" فبين الغاية التي تمتد وعين البدل الذي ترتفع به الثانية([16]).

_______
[1] لا تخونوا في الغنائم.
[2] تنقضوا العهود و تُأمِّنوا ثم تقتلوا من تُأمِّنوه.
[3] تقطعوا الأطراف ونحوها.
[4] صبياً لا يقاتل.
[5] رفضوا.
[6] ما يكون بغير حرب.
[7] الذمة : العهد بالحفظ والكلاءة.
[8] تنقضوا عهدكم بالحفظ لهم.
[9] أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجهاد، باب تأمير الأمراء على البعوث ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها (3/1357 رقم 1731).
[10] أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الإيمان ، باب { فإن تابو وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } (1/17 رقم 25)، ومسلم في صحيحه كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام (1/52 ، 53 رقم 21 ، 22).
[11] قهر لهم وغلبة وهم ذليلون حقيرون مهانون.
[12] سورة التوبة ، الآية رقم : 29.
[13] ابن حجر العسقلاني ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، مرجع سابق، 6/260.
[14 فقرًا.
[15] سورة التوبة ، الآية رقم : 28.
[16] العلامة محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني، دار الشعب القاهرة، 1372هـ ، (8/110).
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.