نصيحة رائقة لطلاب العلم للشيخ العلامة الوزير صالح آل الشيخ

[ياسين الشرقاوي]

http://safeshare.tv/w/jfVAZwDgbD

[أبوجابر الأثري]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين الشرقاوي

http://safeshare.tv/w/jfvazwdgbd

بارك الله فيك على هذا النقل ونفع به

[عبد الله الككلي]

وهذا هو التفريغ نقلته من موقع الشيخ على الشبكة .



إذا نظرنا إلى شريحة أخرى من شرائح المجتمع وهم طلبة العلم وأهله ، فنقول إن هذا الزمن ليس زمن راحة ، ليس زمن نوم ، ليس زمن لهو ، إنما هو زمن جهاد ، وهذا مما يعظم الأجر على الناس . وقد أخبرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه في آخر الزمان « إن من ورائكم أيام الصبر » فقال أحد الصحابة وما أيام الصبر يا رسول الله؟ قال : « للعامل فيها أجر خمسين » قال : يا رسول الله منا أو منهم قال « بل منكم » (5) . للعامل المتمسك بالسنة في أيام الصبر أجر خمسين ممن يعملون بمثل عمله .
وهذا لا شك يجعل التبعة عظيمة؛ لأننا نرى اليوم أن الأكثرين معجبو برأيهم ، أصبح الطفل الذي له ثماني سنين وعشر سنين يجادلك في قضايا كبار ، كما قال – عليه الصلاة والسلام – في وصفه لما يحصل في آخر الزمان قال : « وإعجاب كل ذي رأى برأيه » (6) . وقد بدت بوادر إعجاب كل ذي رأي برأيه فأصبح الجاهل يجادل في القضايا ، حتى في الأمور الدينية ، وأصبح الصغير يجادل ، وأصبحت البنت تجادل ،وأصبحت المرأة تجادل فأعجب كل ذي رأي برأيه . وهذا مما يثقل التبعة على أهل العلم وعلى طلبته والمنتسبين له ويكبرها . فإن عليهم دورًا عظيمًا في هذه الأمة .
والزمن اليوم زمن جهاد فعليهم من الدور أن ينشروا العلم الذي منَّ الله به عليهم – جل وعلا – بجعله في نفوسهم ، ينشرونه بالكلمة المسموعة ينشرونه بالكلمة المقروءة ينشرونه بالالتقاء بالناس وأن يفتحوا صدورهم لهم وأن يختلطوا بهم ، نعم كما قال سلمان الفارس لأبي الدرداء وصدق على كلامه رسول الله عليه الصلاة والسلام : « إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ » (7) .
ونرى في كثير من الناس أنهم جعلوا الحق لأنفسهم كثيرًا ، فليس في هذا الزمان مكان ولا زمان للهو ، فالذين يذهبون للهو ويقضون ليالي في قيل وقال ، أو يستمتعون بما يستمتعون به ، وهم من أهل العلم وخاصته أو من طلبة العلم نقول لهم إن الأمة بحاجة إليكم وإن عليكم دورًا لن يقوم به سواكم ، فأنتم حملة للعلم وأنتم محصلوه الذين جاء فيهم الحديث : « يحمل هذا العلم من كل خلف عدُوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » (8) .
فالجاهلون كثير فمن الذين ينفون عن العلم وعن الدين تحريف هؤلاء الجهلة في كل مكان وزمان؟ إنما هم أهل العلم من الذين يحملون هذا العلم فينفون عنه تأويل المبطلين . فعليهم أن يجلسوا للناس في مساجدهم وأن يعلموا الجاهل وألا يحقروا من المعروف شيئًا فإن الكلمة الهادئة تنفع وتسير في الناس مع النية الخالصة . وعليهم في ذلك كله ألا يطلبوا شهرة وألا يطلبوا سُمعة وإنما أن ينجوا كفافًا ، وكما قال صلى الله عليه وسلم : « لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه ، حتى يُسأل عن خمس : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وماله من أين اكتسبه ، وفيما أنفقه ، وماذا عمل فيما علم » (9) . كيف عملت؟ هل بلغت ذلك؟ هل أديته؟
فكثير من الناس عنده العلم لكنهم يقولون تبليغ واجب على غيرنا ، فهل علماء الأمة عشرة أو إذا كانوا عشرين هل سيقومون بواجب هذه الأمة جميعًا؟ لا لن يستطيعوا ولو قاموا كل يوم في كل ساعة بواجب لن يستطيعوا لأنهم قليل والأمة الآن تكثر وإذا نظرت لتعداد السكان فإنه يزيد في كل سنة يزيد ، وبعد خمس سنوات كم سيكون تعداد الناس مثلًا في بلادنا هذه؟ سيتضاعف وبعد عشر سنين سيتضاعف .
فإذًا الناس في أشد الحاجة وأشد ما يكون إلى أن يكثر أهل العلم ، فلذلك يجب أن تكثر الدروس العلمية وأن تكثر الدورات العلمية ، وأن يكثر بعث العلم في الناس؛ لأن هؤلاء هم القاعدة الذين سينتشرون العلم في الناس . فلنفرض أنه صار عندنا عشرة آلاف طالب علم هل سيكفون؟ لن يكفوا لو صار عندنا عشرون ألفًا من طلبة العلم هل سيكفون؟ سيكفون الأمة في مشارق الأرض ومغاربها ، لن يكفوا .
إذا فالواجب نشر العلم ، وتخريج طلبة للعلم حتى إذا مات هذا الجيل يكون ثَم جيل يحملون هذا العلم وفق كتاب الله وسنة رسوله ووفق سلف هذه الأمة الصالح؛ لأنه لا بد أن تبقى الطائفة المنصورة وهذه الطائفة إنما تبقى بجهد أهلها وجهادهم بعد توفيق الله –جل وعلا . وقد صح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال في هذه الطائفة المنصورة : « لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق منصورين حتى يأتي أمر الله » (10) .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله تعالى – هذه الطائفة منصورة في كل زمان إما نصرة سيف وسنان وإما نصرة بيان (11) ولسان لأن معها القرآن ، والقرآن هو الحق الذي يعلو ولن يعلا عليه ، وبيان الله – جل وعلا – هو الحق المطلق الذي يعلو على جميع أنواع البيان الأخرى كما قال سبحانه وتعالى :﴿ فَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [ سورة الفرقان : الآية 52 ] .
فإذا كان ذلك كذلك فعلينا أن نجاهد ، وهذا شرف عظيم أن نكون من هذه الطائفة المنصورة ، وأخصهم أهل العلم الذين ينشرون العلم ويبينونه .
إذًا على طالب العلم واجب فلا يجوز أن يقول طالب علم ليس على واجب إنما هو على العلماء ، والعلماء لم يقوموا بواجبهم ، بل عليك ما تستطيع ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ . اعرف ضوابط تصرفك وابذل فإنك ستنتج شيئا ، وإنما وقع البلاء من تعلق الواجبات الشرعية بعدد قليل من الناس . فلهؤلاء طاقة ، ومهما بذلوا فإن طاقة محدودة . وقد بذل علماء هذه الأمة الكثير جزاهم الله – جل وعلا – عن المسلمين خير الجزاء ، ولكن على كلٍّ واجب .
فإذا يا طلاب العلم عليكم دور ، ومن العيب بل ومن غير الجائز شرعًا أن نُلقي باللائمة دائمًا على غيرنا ، أولئك ما فعلوا وهذا ما فعل ، وكأننا محللون للناس ، فإذا رأيت الرجل بصيرًا بنقد الآخرين وهو غير عامل في نفسه للإسلام فإنه قد أوتى من جهة الشيطان ومن جهة نفسه ، فلينظر في نفسه فإن المرء كلما كان أكثر بذلًا وأقل نقدًا لإخوانه فإنه على صواب إلا فيما فيه مجال للنصيحة لأن الشيطان يغريك بأن اللائمة على غيرك وأنت قد أديت وأنت لست مطالبا بالواجب .
ويطول الموضوع ، فشرائح المجتمع كثيرة وتفريعاتها وتصنيفاتها كثيرة والمقام يقصر عن ذلك ولا يتسع له .