أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
13281 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-11-2009, 09:33 AM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
افتراضي مـلـف شهـر شعبـان

مـلـف " شهـــر شعبـــان "




شهــــــر تُرفع فيـــه الأعمال ....فكيف نستقبله ؟

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال : " ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425

وها أنا أنصح نفسي وإياكم بالكلمات التالية فكلنا في حاجة لها قبل رفع أعمالنا .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه.

اعلم يا أخي المسلم الكريم أن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، فأنت خطاء، وصاحب هفوات وفلتات، فكم مرة زل بها لسانك، فاغتبت فلاناً، أو شتمته، وكم امتدت يدك إلى علان بغير حق، وكم نظرت عينيك إلى ما يغضب الله، وكم... وكم... وكم.

لذلك أخي الكريم أوجب الله تعالى على عباده التوبة فقال تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31].

وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً } [التحريم:8].

فالتوبة واجبة من كل ذنب، والله تعالى يحب التوابين ويفرح بتوبة العبد إليه فرحاً عظيماً واسمع يا رعاك الله إلى وصف رسول الله فرح الله بتوبة العبد في الحديث الذي رواه أبو حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة » [متفق عليه].

وفي رواية مسلم « لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح. »

الله أكبر ما أعظم هذا الفرح، والله إنه لفرح عظيم، ولا يمكن لأحد أن يتصوره، تخيل نفسك بأرض صحراء، ليس حولك أحد، ولا ماء ولا طعام ولا أناس، وقد ضاع بعيرك وعليه طعامك وشرابك، وأخذت تبحث عنه هنا وهناك، ولكن بدون جدوى، فيئست من الحياة وجلست تحت شجرة تستظل بظلها وأنت تنتظر الموت، فبينما أنت كذلك تفتح عينيك فتجد الناقة أمامك، قد تعلق خطامها بالشجرة، وعليها طعامك وشرابك فأخذت بخطامها وصحت من شدة الفرح قائلاً: ( اللهم أنت عبدي وأنا ربك ) أخطأت من شدة الفرح وإنما أردت أن تقول: ( اللهم أنت ربي وأنا عبدك ).

فهل تصورت يا أخي هذا الفرح، أظنك تقول نعم، فاعلم أن فرح الله بتوبة عبده أكثر وأعظم من فرح هذا الرجل بالحياة بعد الموت.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عظيم كرم الله وعفوه فهو يفرح بتوبة العبد لا لأجل حاجته إلى أعمالنا وتوبتنا فالله غني عنا، ولكن لمحبته سبحانه للكرم والعفو.

فبادر أخي المسلم بالتوبة واعلم أن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء االنهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، كما في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها » .

لذلك كان نبينا صلوات ربي وسلامه عليه كثير التوبة والاستغفار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة » [رواه البخاري]. وفي حديث آخر عند مسلم قال صلى الله عليه وسلم : « يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة » .

واعلم يا أخي الحبيب أنك بالتوبة إلى ربك تتحصل على ثلاث فوائد عظيمة وهي:

الفائدة الأولى: امتثال أمر الله ورسوله، وفي امتثال أمرهما كل الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.

الفائدة الثانية: الاقتداء برسول الله حيث كان يتوب إلى الله في اليوم مائة مرة، وفي الاقتداء بالرسول تأتي محبة الله، يقول الله تعالى: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ } [آل عمران:31].

الفائدة الثالثة: غفران الذنوب وتكفير السيئات واستبدالها بالحسنات، قال الله تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } [الفرقان:68-70]. وبعد أن علمت يا أخي التائب فضل التوبة، وعلمت أن الله يحب التوابين، وعلمت أن نبينا وهو أفضل الناس، وأتقاهم وأخشاهم لله، ومع هذا كان كثير التوبة والاستغفار، فما هو حالك أنت أيها المسكين الضعيف، المقصر المفرط أما آن لك أن تتوب، أما آن لك أن تعود، أما اشتقت لجنة الله، أما اشتقت لمجاورة الحبيب محمد .

واعمل لدار البقا رضوانُ خازنُها

الجارُ أحمدُ والرحمنُ بانيها

أرضٌ لها ذهبٌ والمسكُ

طينتُها والزعفرانُ حشيشٌ نابتٌ فيها

أحمدُ دلالُها والربُ بائعُها

وجبريلُ ينادي في نواحيها

من يشتري الدار بالفردوس يعمرُها

بركعة في ظلام الليل يحييها




واعلم أيا رعاك الله أن للتوبة شروط، لا تقبل التوبة إلا إذا استوفت هذه الشروط، فإذا كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تقلع عن المعصية فوراً.

الشرط الثاني: أن تندم على فعلها.

الشرط الثالث: أن تعزم ألا تعود إليها أبداً.

فإن فقد أحد هذه الشروط لم تقبل التوبة، وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة، هذه الثلاثة..

والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها إن استطاع، فإن كانت مالاً أو نحوه رده إليه، وإن كانت غيبة استحلها منه، وإن لم يستطع أكثر من الدعاء له والتصدق عنه.

واعلم يا أخي التائب، أن النبي قد بين صنفاً من الناس لا يعفو الله عنهم، فالحذر أن تكون منهم والعياذ بالله، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « كل أمتي معافى إلا المجاهرون » .

والمجاهرة أن يفعل الذنب ثم يصبح يحدث الناس، يقول فعلت كذا وكذا والعياذ بالله، فعليك أخي الكريم التوبة، الآن، نعم الآن، وقبل أن يفوت وقت التوبة، فإن للتوبة وقت محدود، لا يقبل الله التوبة بعده أبداً ، قال صلى الله عليه وسلم : « إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر » [أخرجه الترمذي وحسنه الألباني]. والغرغرة أن تصل الروح الحلقوم، وهو عند الاحتضار، قال الله تعالى: { وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ } [النساء:18]. وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه » [مسلم].

فما يدريك يا أخي متى تأتيك منيتك، ومتى تحين وفاتك، لعلك لا تمسي، بل لعلك لا تكمل قراءة هذه الورقات، فالبدار البدار إلى التوبة، جعلني الله وإياك من التوابين.

يا نفس ويحك توبي إلى الله واكتسبي

فعلاً جميلاً لعل الله يرحمني




من قصص التائبين

عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: « كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً، فهل له من توبة؟ فقال: لا فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم - أي حكماً - فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الارض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة » [متفق عليه].

وفي رواية في الصحيح: « فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر، فجعل من أهلها » . وفي رواية في الصحيح: « فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي، وإلى هذه أن تقربي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجدوه إلى هذه أقرب بشبر فغفر له » . وفي رواية: « فنأى بصدره نحوها » .

وعن أبي نجيد عمران ابن الحصين الخزاعي رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى، فقالت: يا رسول الله أصبت حداً فأقمه عليّ، فدعا نبي الله وليها فقال صلى الله عليه وسلم : « أحسن إليها، فإذا وضعت فأتني » ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فشدت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت، ثم صلى عليها فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟ قال صلى الله عليه وسلم : « لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟ » [رواه مسلم].

فيا أخي الشاب:

هل تذكرت هادم اللذات، ومفرق الجماعات ومشتت البنين والبنات؟

هل تذكرت يوماً تكون فيه من أهل القبور؟

هل تذكرت مفارقة الأهل والجيران، والأموال والأصحاب والأوطان؟

هل تذكرت ضيق القبور وظلمتها؟

هل تذكرت وحشتها وكربتها؟

هل تذكرت عذاب القبر وألوانه؟


هل تذكرت حياته وعقاربه وديدانه؟



هل تذكرت ضرب الفاجر بمرزبة من حديد مع الإهانة؟

هل تذكرت سؤال الملكين منكر ونكير؟

هل تذكرت أتوفق للصواب من الجواب، أم يقال لك: لا دريت ولا تليت؟

هل تذكرت نعيم القبر وروحه وريحانه؟

أخي أعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وللصواب إخلاصاً لا رياء. وكان عون بن عبد الله يقول في بكائه وذكر خطيئته: ويح نفسي، بأي شيء لم أعص ربي؟

ويحي ! إنما عصيتُه بنعمته عندي.

ويحي ! من خطيئة ذهبت شهوتُها، وبقيت تبعتُها عندي.

ويحي ! كيف أنسى الموت ولا ينساني؟

ويحي ! إن حُجبت يوم القيامة عن ربي.

ويحي ! كيف أغفل ولا يغفل عني؟

أم كيف تُهنئُي معيشتي واليوم الثقيل ورائي؟ أم كيف لا تطول حسرتي ولا أدري ما يفعل بي؟

أم كيف يشتد حبي لدار ليست بداري؟

أم كيف أجمعُ بها وفي غيرها قراري؟

أم كيف تعظم فيها رغبتي والقليل منها يكفيني؟

أم كيف أوثرها وقد أضرت بمن آثرها قبلي؟

أم كيف لا أبادر بعملي قبل أن يغلق باب توبتي؟

أم كيف يشتد إعجابي بما يزايلني وينقطع عني؟

فيا أيها الشاب: إياك أن تسوف بالتوبة وتتكل على العفو والمغفرة وإياك أن تقول: ما زلت في شبابي وسوف أتوب إذا تقدمت بي السن، فالموت لا يعرف شيخاً ولا شاباً، ولا رجلاً ولا امرأة، ولا غنياً ولا فقيراً، ولا أميراً ولا وزيراً.



قل للمفرط يستعد

ما من ورود الموت بدُ

قد أخلق الدهر الشباب

وما مضى لا يُستردُ

أو ما يخاف أخو المعاصي

من له البطشُ الأشدُ

يوماً يعاين موقفاً

فيه خطوب لا تجد

فإلام يشتغل الفتى

في لهوه والأمر جدُ

أبداً مواعيد الزمان

لأهله تعب وكد

يا من يؤمل أن يقيم

به وحادي الموت يحدو

وتروح داعية المنون

على مؤملها وتغدو

يختال في ثوب النعيم

ودونه قبر ولحد

والعمر يقصرُ كل يوم

ثم في الآمال مدُ




أيقظنا الله وإياكم من هذه الرقدة، وذكرنا الموت وما يأتي بعده، وألهمنا شكره على النعم وحمده، إنه كريم لا يرد عبده.

وقبل أن أختم كلامي معك، كأنني بك تتساءل، ما هو الثمن الذي أرجوه وما هو جزائي إن تبت إلى الله وأنبت؟ فأقول لك والثمن الجنة...؟

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر » . وفي الصحيح من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها » .

وفي صحيح البخاري من حديث سهل بن سعد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها » .

قال ابن القيم: وكيف يقدر دار غرسها الله بيده، وجعلها مقراً لأحبابه، وملأها من رحمته وكرامته ورضوانه.

فإن سألت عن أرضها وتربتها فهي المسك والزعفران.

وإن سألت عن سقفها فهو عرش الرحمن.

وإن سألت عن لاطها فهو المسك الأذفر.

وإن سألت عن حصبائها فهو اللؤلؤ والجوهر.

وإن سألت عن بنائها فلبنة من فضة ولبنة من ذهب.

وإن سألت عن أشجارها فما فيها شجرة إلا وساقها من ذهب وفضة، لا من الحطب والخشب.

وإن سألت عن ثمرها فأمثال القلال، ألين من الزبد وأحلى من العسل.

وإن سألت عن ورقها فأحسن ما يكون من رقائق الحلل.

وإن سألت عن أنهارها، فأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى.

وإن سألت عن طعامهم ففاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون.

وإن سألت عن شرابهم فالتسنيم والزنجبيل والكافور.

وإن سألت عن آنيتهم فآنية الذهب والفضة في صفاء القوارير.

وإن سألت عن سعة أبوابها، فبين المصراعين مسيرة أربعين من الأعوام.

وإن سألت عن ظلها، ففيها شجرة واحدة، يسير الراكب المجد السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها.

وإن سألت عن سعتها، فأدنى أهلها يسير في ملكه وسرره وقصوره وبساتينه مسيرة ألفي عام.

وإن سألت عن خيامها وقبابها، فالخيمة الواحدة من درة مجوفة لها ستون ميلاً من تلك الخيام.

وإن سألت عن لباس أهلها فهو الحرير والذهب.

وإن سألت عن عرائسهم وأزواجهم فهن الكواعب الأتراب، اللاتي جرى في أعضائهن ماء الشباب، فللورد والتفاح ما لبسته الخدود، وللرمان ما تضمنته النهود، وللؤلؤ المنظوم ما حوته الثغور، وللرقة واللطافة ما دارت عليه الخصور، تجري الشمس من محاسن وجهها إذا برزت، ويضيء البرق بين ثناياها إذا ابتسمت.

وإن سألت عن السن فأتراب في أعدل سن الشباب.

وإن سألت عن الحسن فهل رأيت الشمس والقمر؟ فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها، أضاءت الجنة من ضحكتها. إن غنت فيا لذة الأبصار والأسماع، وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة والإمتاع، وإن قبلت فلا شيء أشهى من التقبيل، وإن نولت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل.

فحي على جنات عدن فإنها

منازلك الأولى وفيها المخيم

ولكننا سبي العدو فهل ترى

نعود إلى أوطاننا ونسلم



وفقنا الله وإياكم للتوبة وجعلنا من عباده التوابين إنه سميع مجيب...



أهل السنة والجماعة




============


حـــول شهر شعبان



شعبان هو اسم للشهر ، وقد سمي بذلك لأن العرب كانوا يتشعبون فيه لطلب المياه ، وقيل تشعبهم في الغارات ، وقيل لأنه شَعَب أي ظهر بين شهري رجب ورمضان ، ويجمع على شعبانات وشعابين .

الصيام في شعبان :


عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان " رواه البخاري برقم ( 1833 ) ومسلم برقم ( 1956 ) ، وفي رواية لمسلم برقم ( 1957 ) : " كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا " ، وقد رجح طائفة من العلماء منهم ابن المبارك وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستكمل صيام شعبان ، وإنما كان يصوم أكثره ، ويشهد له ما في صحيح مسلم برقم ( 1954 ) عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : " ما علمته - تعني النبي صلى الله عليه وسلم - صام شهرا كله إلا رمضان " وفي رواية له أيضا برقم ( 1955 ) عنها قالت : " ما رأيته صام شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان " ، وفي الصحيحين عن ابن عباس قال : " ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا غير رمضان " أخرجه البخاري رقم 1971 ومسلم رقم 1157 ، وكان ابن عباس يكره أن يصوم شهرا كاملا غير رمضان ، قال ابن حجر رحمه الله : كان صيامه في شعبان تطوعا أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان .

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ، فقال : " ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425 ، وفي رواية لأبي داود برقم ( 2076 ) قالت : " كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان " . صححه الألباني أنظر صحيح سنن أبي داوُد 2/461

قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .

وقوله " شعبان شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان "

يشير إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان - الشهر الحرام وشهر الصيام - اشتغل الناس بهما عنه ، فصار مغفولا عنه ، وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام ، وليس كذلك .

وفي الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه .

وفيه دليل على استحباب عِمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة ، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشائين بالصلاة ويقولون هي ساعة غفلة ، ومثل هذا استحباب ذكر الله تعالى في السوق لأنه ذكْر في موطن الغفلة بين أهل الغفلة ، وفي إحياء الوقت المغفول عنه بالطاعة فوائد منها :

أن يكون أخفى للعمل وإخفاء النوافل وإسرارها أفضل ، لا سيما الصيام فإنه سرّ بين العبد وربه ، ولهذا قيل إنه ليس فيه رياء ، وكان بعض السلف يصوم سنين عددا لا يعلم به أحد ، فكان يخرج من بيته إلى السوق ومعه رغيفان فيتصدق بهما ويصوم ، فيظن أهله أنه أكلهما ويظن أهل السوق أنه أكل في بيته ، وكان السلف يستحبون لمن صام أن يُظهر ما يخفي به صيامه ، فعن ابن مسعود أنه قال : " إذا أصبحتم صياما فأصبِحوا مدَّهنين " ، وقال قتادة : " يستحب للصائم أن يدَّهِن حتى تذهب عنه غبرة الصيام "

وكذلك فإن العمل الصالح في أوقات الغفلة أشق على النفوس ، ومن أسباب أفضلية الأعمال مشقتها على النفوس لأن العمل إذا كثر المشاركون فيه سهُل ، وإذا كثرت الغفلات شق ذلك على المتيقظين ، وعند مسلم ( رقم 2984 ) من حديث معقل بن يسار : " العبادة في الهرْج كالهجرة إلي " ( أي العبادة في زمن الفتنة ؛ لأن الناس يتبعون أهواءهم فيكون المتمسك يقوم بعمل شاق ) .

وقد اختلف أهل العلم في أسباب كثرة صيامه -صلى الله عليه وسلم - في شعبان على عدة أقوال :

1- أنه كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عمل بنافلة أثبتها وإذا فاتته قضاها .

2- وقيل إن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم لذلك ، وهذا عكس ما ورد عن عائشة أنها تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان لشغلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصوم .

3- وقيل لأنه شهر يغفل الناس عنه : وهذا هو الأرجح لحديث أسامة السالف الذكر والذي فيه : " ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان " رواه النسائي ، أنظر صحيح الترغيب والترهيب ص 425

وكان إذا دخل شعبان وعليه بقية من صيام تطوع لم يصمه قضاه في شعبان حتى يستكمل نوافله بالصوم قبل دخول رمضان - كما كان إذا فاته سنن الصلاة أو قيام الليل قضاه - فكانت عائشة حينئذ تغتنم قضاءه لنوافله فتقضي ما عليها من فرض رمضان حينئذ لفطرها فيه بالحيض وكانت في غيره من الشهور مشتغلة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فيجب التنبه والتنبيه على أن من بقي عليه شيء من رمضان الماضي فيجب عليه صيامه قبل أن يدخل رمضان القادم ولا يجوز التأخير إلى ما بعد رمضان القادم إلا لضرورة ( مثل العذر المستمر بين الرمضانين ) ، ومن قدر على القضاء قبل رمضان ولم يفعل فعليه مع القضاء بعده التوبة وإطعام مسكين عن كل يوم ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد .

وكذلك من فوائد صوم شعبان أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة ، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط .

ولما كان شعبان كالمقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة ، وقال سلمة بن سهيل كان يقال : شهر شعبان شهر القراء ، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال هذا شهر القراء ، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .

الصيام في آخر شعبان

ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : " هل صمت من سرر هذا الشهر شيئا ؟ قال لا ، قال : فإذا أفطرت فصم يومين " وفي رواية البخاري : أظنه يعني رمضان وفي رواية لمسلم : " هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ " أخرجه البخاري 4/200 ومسلم برقم ( 1161 )

وقد اختلف في تفسير السرار ، والمشهور أنه آخر الشهر ، يقال سِرار الشهر بكسر السين وبفتحها وقيل إن الفتح أفصح ، وسمي آخر الشهر سرار لاستسرار القمر فيه ( أي لاختفائه ) ، فإن قال قائل قد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين ، إلا من كان يصوم صوما فليصمه " أخرجه البخاري رقم ( 1983 ) ومسلم برقم ( 1082 ) ، فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع فالجواب : قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث : إن هذا الرجل الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن له عادة بصيامه ، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه . وقيل في المسألة أقوال أخرى ، وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال :

أحدها : أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان ، فهذا محرم .

الثاني : أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك ، فجوّزه الجمهور.

الثالث : أن يصام بنية التطوع المطلق ، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر؛ منهم الحسن - وإن وافق صوما كان يصومه - ورخص فيه مالك ومن وافقه ، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا ..

وبالجملة فحديث أبي هريرة - السالف الذكر - هو المعمول به عند كثير من العلماء ، وأنه يكره التقدم قبل رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة ، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شعبان متصلا بآخره . فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة ( لغير من له عادة سابقة بالصيام ) فالجواب أنّ ذلك لمعانٍ منها :

أحدها : لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه ، كما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى ، حذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم ، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم .

ولهذا نهي عن صيام يوم الشك ،قال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، ويوم الشك : هو اليوم الذي يشك فيه هل هو من رمضان أم لا ؟ وهو الذي أخبر برؤية هلاله من لم يقبل قوله ، وأما يوم الغيم : فمن العلماء من جعله يوم شك ونهى عن صيامه ، وهو قول الأكثرين .

المعنى الثاني : الفصل بين صيام الفرض والنفل ، فإن جنس الفصل بين الفرائض والنوافل مشروع ، ولهذا حرم صيام يوم العيد ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن توصل صلاة مفروضة بصلاة حتى يفصل بينهما بسلام أو كلام ، وخصوصا سنة الفجر قبلها ، فإنه يشرع الفصل بينها وبين الفريضة ، ولهذا يشرع صلاتها بالبيت والاضطجاع بعدها .

ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي وقد أقيمت صلاة الفجر ، فقال له : " آلصُّبح أربعا " رواه البخاري رقم ( 663 ) .

وربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل ؛ لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام ، وهذا خطأ وجهل ممن ظنه . والله تعالى أعلم .

المراجع : لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف : ابن رجب الحنبلي ، والإلمام بشيء من أحكام الصيام : عبد العزيز الراجحي

والله الموفّق
*******************


الاجتماع للطعام مع أهازيج في آخر يوم من شعبان






السؤال : بعض العائلات يجتمعون في أخر ليلة من شعبان ويصنعون أطعمة وبعض كبار السن عندهم أهازيج لهذه المناسبة فما حكم الاجتماع والطعام ؟.







الجواب :عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله :
أنا أرى أنها إلى البدعة أقرب ، وإلى النهي أقرب من الحِلّ ، لأنه يُتَّخذ عيدا ، ولو كان مصادفاً مرة واحدة فإنه لا بأس .

- ما هي الخلاصة ؟

الجواب : أننا ننهى عنه . انتهى ، والله أعلم .



الشيخ محمد بن صالح العثيمين


جمع وترتيب الملف

طالبة علم


يتبع
__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-12-2009, 04:51 PM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
Lightbulb مطوية للنشر شعبان فضائل وأحكام

مطوية للنشر شعبان فضائل وأحكام




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله وحده وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد فهذه رسالة مختصرة في بيان أحكام شعبان وفضائله أردت بيان ذلك والتنبيه عليها والله الموفق للصواب:


لماذا سمي شعبان بهذا الاسم
ذكر الشيخ علم الدين السخاوي في جزء جمعه سماه (المشهور في أسماء الأيام والشهور): شعبان: من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شعابين وشعبانات" – تفسير ابن كثير (4/1655) -
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح (5/743): " سمي شعبان لتشعبهم (قريش) في طلب الماء ،أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام ".


فضل صوم شهر شعبان
- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان قال:"ذلك شهرا يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " رواه النسائي (2356) وحسنه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الترغيب رقم (1022).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان" رواه أبو داود (2431) والنسائي (2349) وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب(1024).
- عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:"ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان " رواه الترمذي (736) وصححه الشيخان الألباني في صحيح الترغيب (1025) والوادعي قي الجامع الصحيح (2/434).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم ،وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر صيام منه في شعبان "رواه البخاري(1969) ومسلم (1156) وأبو داود (2434).
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت :"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله إلا قليلا " رواه مسلم (1156):
قال العلامة ابن باز رحمه الله في تعليقه على رياض الصالحين (3/311): فهذه الأحاديث في فضل صيام شعبان .. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله, وربما صامه إلا قليلاً, فقالت أم سلمة: " كان يصومه كله " فهذا يدل على فضل صيام شعبان تمهيداً لرمضان, يصومه كله, أو يفطر منه قليلاً, لكن لا يصوم بعد النصف, بمعنى أنه لا يبتدئ الصيام بعد النصف, أما أن يصومه كله أو يصوم أكثره أما أن يصوم بعد النصف أو آخره فلا.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : " لا تقدموا رمضان بصيام يومٍ أو يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه " . أما إذا صامه كله أو أكثره فلا بأس , بل هو مستحب كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام ) ا . هـ .


ما هي الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان

اختلف العلماء في الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصوم في شعبان: والصحيح الذي دل عليه حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه المتقدم أن الأعمال ترفع فيه إلى رب العالمين فيحب عليه الصلاة والسلام أن يعرض عمله وهو صائم. – انظر الفتح (5/745) - .


صوم يوم من شعبان يعدل يومين:

عن عمران بن حصين رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أو لآخر:"أصمت من سَرَر شعبان " ، قال :لا ،قال :"فإذا أفطرت فصم يومين " رواه مسلم (1161) .
قال الحافظ ابن حجر:" أشار القرطبي إلى فضيلة الصوم في شعبان وأن صوم يوم يعدل يومين في غيره أخذاً من قوله في الحديث (فصم يومين مكانه) يعني مكان اليوم الذي فوته من صيام شعبان" .- نقلا من نداء الريان في فقه الصوم الدكتور سيد العفاني (2/441-443) -


هل الصيام في شعبان أفضل أم الصيام في الأشهر الحرم :
ذهب الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى كما في لطائف المعارف ص(249) ،أن صيام شعبان أفضل من الأشهر الحرم.


النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان لمن لم تكن له عادة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموه"رواه الترمذي (738) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الترمذي (738) .
- و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين ،إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً فليصمه" رواه البخاري (1914) ومسلم (1082).


تحريم صوم يوم الشك

عن عمار بن ياسر قال: " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود (2334) والترمذي (686) والنسائي (2188) . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي (686).
قال الصنعاني في سبل السلام (3/106): واعلم أن يوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال في ليلة بغيم ساتر أو نحوه فيجوز كونه من رمضان وكونه من شعبان والحديث وما في معناه يدل على تحريم صومه " .


تأخير القضاء في شعبان لعذر:

فعن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان" رواه البخاري (1950) ومسلم (1146) .


إحصاء هلال شعبان لرمضان:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أحصوا هلال شعبان لرمضان".رواه الترمذي (687) وحسنه الألباني رحمه الله تعالى في صحيح الجامع (198).
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أحصوا هلال شعبان لرمضان ولا تخلطوا برمضان ،إلا أن يوافق ذلك صياماً كان يصومه أحدكم ،وصوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غمَّ عليكم فإنها ليست تغمَّي عليكم العدة" رواه الدار قطني (ص230) و البيهقي (4/206) وصححه العلامة الألباني رحمه الله تعالى في الصحيحة (565).
قال الحافظ ابن حجر:"أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء...."- تحفة الأحوذي (3/299)-


زيارة قبر نبي الله هود عليه السلام

اعلم رحمك الله أن زيارة قبر نبي الله هود من البدع المذمومة المحادة لدين الله, المخالفة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, لم يكن لها أصل تُستند إليه لا من الكتاب ولا من السنة ولا نُقل عن أحدٍ من أهل العلم الذين يقتدى بهم وما هي إلا من مخترعات الرعاع, ونزعات أهل الابتداع, وذلك لما اشتملت عليه من المخالفات الشرعية:
1)شدَّ الرحال إليها.
2)قول الزائر للهُجر : وهو الكلام الفاحش الذي أفحشه الشرك بالله.
3)تخصيصها بزمان ولا دليل على التخصيص.
وأحيل القارئ إلى رسالة الشيخ محمد بن عبدالله الإمام حفظه الله "إخبار الوفود بحكم زيارة قبر نبي الله هود".
ورسالة شيخنا عبدالله بن عمر مرعي بن بريك حفظه الله "التحذير من فتنة القبور".
فائدة: قال الاستاد المؤرخ سعيد بن عوض باوزيرفي كتابه (صفحات من تاريخ حضرموت) (ص7): لم يقم دليل تاريخي علمي حتى الآن على موضع قبر النبي هود عليه السلام ويزعم الناس في حضرموت أن القبر الذي يقصده الناس كل عام للزيارة في منتصف شعبان هو قبر هود ويقع في شرق وادي حضرموت من قرب من وادي برهوت).


ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان:

لم يصح في فضل ليلة النصف من شعبان شيء سوى نزول الرب عز وجل وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن .
-قال ابن وضاح في [النهي عن البدع ص(53):] ما جاء في ليلة النصف من شعبان - ثم ساق بسنده – عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: لم أدرك أحدا من مشايخنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان ،ولم ندرك أحدا منهم يذكر حديث مكحول ولا يرى لها فضل على ما سواها من الليالي، قال ابن أبي زيد: والفقهاء لم يكونوا يصنعون ذلك" .
- وعن ابن أبي مليكة قال: قيل له أن زياد النميري يقول: أن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر. فقال ابن أبي مليكة لو سمعته منه وبيدي عصا لضربته بها ،وكان زياد قاضياً. - النهي عن البدع (ص53)-.
-وقال أبو بكر ابن العربي في - عارضة الأحوذي (2/216) - : وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه .
-قال القرطبي رحمه الله تعالى- في تفسيره (16/128) - : وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها ،فلا تلتفتوا إليها".
-قال الحافظ أبو الخطاب في كتابه ما جاء في شهر شعبان كما في - الباعث في إنكار الحوادث (ص33) - :"قال أهل التعديل والجرح ليست في فضيلة النصف من شعبان حديث صحيح ،فتحفظوا عباد الله من مفتر يروي لكم حديث يسوقه في معرض الخير ،فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا صح أنه كذب ،خرج عن المشروعية وكان مستعمله من حزب الشيطان ،لاستعماله حديثاً كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله به من سلطان".
-قال ابن رجب: "وكذلك قيام ليلة النصف لم يثبت فيها شيء عن النبي ولا عن أصحابه .." - لطائف المعارف (ص264)-
-قال الشيخ حماد بن محمد الأنصاري: "لم يثبت في قيامها وصيامها بعينها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه .." - إسعاف الخلان بما ورد في ليلة النصف من شعبان (ص13) .
-وقال رحمه الله في المجموع في ترجمة العلامة المحدث حماد الأنصاري (ص477)- : "ليلة النصف من شعبان لم يأتِ فيها فضل خاص مطلقا, وإنما تدخل في حديث الأيام البيض".
-قال ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى اللجنة الدائمة (3/67) حاشية:"وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها".
وما أحسن ما قاله علي بن إبراهيم رحمه الله تعالى:"وقد جعلها – أي ليلة النصف من شعبان – جهلة أئمة المساجد مع صلاة الرغائب ونحوها شبكة لجمع العوام طلبا لرئاسة التقدُّم ،وملأ بذكرها القصاص مجالسهم ،وكل عن الحق بمعزل" –أنظر إسعاف الخلان بما ورد في ليلة النصف من شعبان-.
وقد عرفت آنفا - أخي القارئ – من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بها بدعة محدثة في الإسلام
وهكذا تخصيصها بشئ من العبادة بدعة منكرة.قاله الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في فتاوى اللجنة الدائمة (3/72) حاشية .
قال الشيخ محمد رشيد رضا (5/758): "إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصاً بهذه الليلة" – نقلاً عن مجموع الفتاوى للعثيمين (20/ 29).


ما صح في ليلة النصف من شعبان:

الثابت في ليلة النصف من شعبان نزول الرب عز وجل وغفرانه لذنوب العباد عدا المشرك والمشاحن.
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في السلسلة الصحيحة المجلد الثالث ( ص135-139) رقم (1144): ما صح في ليلة النصف:
"يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن".
حديث صحيح ،روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضا ،وهم معاذ بن جبل ،وأبو ثعلبة الخشني ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة ،و أبي بكر الصديق وعوف بن مالك ،وعائشة .- ثم ساق كل حديث بطرقه – ثم قال:
"وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب" ا.هـ
قال الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج إصلاح المساجد للقاسمي (ص88) لا يلزم من ثبوت هذا الحديث اتخاذ هذه الليلة موسماً يجتمع الناس فيها, ويفعلون فيها من البدع" ا.هـ
وبناءا على هذا الحديث أوصي نفسي وإخواني المسلمين بالسعي للأخذ بالأسباب الموجبة لهذه المغفرة ألا وهي تجنب الشرك بأنواعه قولا وعملا واعتقادا ، وتطهير القلب من أي شحناء
أو حقد أو بغضاء أو قطيعة أو نحوها من أمراض القلوب اتجاه إخواننا المسلمين والعمل على تحقيق الأخوة الإسلامية بالضوابط الشرعية ،بمقابلة الإساءة بالإحسان والجهل بالحلم والظلم بالعفو والقطيعة بالصلة عسى الله أن يجعلنا جميعا ممن يفوز بهذه المكرمة الإلهية إنه جواد كريم .
وأنبه أنه لا يفهم من ذلك جواز تخصيص هذه الليلة بقيام، و يومها بصيام لعدم ورود الدليل على التخصيص وإن كانت عبادة القيام والصيام مما ندبنا إليه ورغب فيه في كل وقت وحين.
وأخيرا أوصي نفسي وإخواني المسلمين باغتنام أوقات الحياة في طاعة الله تعالى ومرضاته وفق ما شرع عز وجل في كتابه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتجنب الإحداث في الدين وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى وصلى الله على نبينا وآله وصحبه وسلم.
هذا ما أحببنا به النصيحة والتذكير فما كان فيه من صواب فمن الله وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله العظيم .



تم تحريره يوم الاثنين 3 شعبان 1429هـ
الموافق 4 أغسطس 2008 م
جمعها:
أبو نافع الكلالي
بدار الحديث بالشحر
حرسها الله من كل سوء ومكروه


يتبع
__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-12-2009, 07:01 PM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
افتراضي

كلمات يسيرة تتعلق بشهر شعبان

الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فهذه كلمات يسيرة في أمور تتعلق بشهر شعبان.

الأمر الأول: في فضل صيامه.
ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان» البخاري (1969)، ومسلم (1156). وفي البخاري (1970) في رواية: «كان يصوم شعبان كله». وفي مسلم في رواية: «كان يصوم شعبان إلا قليلاً». وروى الإمام أحمد (21753)، والنسائي (2357) من حديث أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: «لم يكن (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) يصوم من الشهر ما يصوم من شعبان»، فقال له: لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عز وجل فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» قال في الفروع (ص 120 ج 3 ط آل ثاني): والإسناد جيد.

الأمر الثاني: في صيام يوم النصف منه.
فقد ذكر ابن رجب - رحمه الله تعالى - في كتاب اللطائف (ص 341 ط دار إحياء الكتب العربية) أن في سنن ابن ماجة (1388) بإسناد ضعيف عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر».
قلت: وهذا الحديث حكم عليه صاحب المنار بالوضع، حيث قال (ص 226 في المجلد الخامس من مجموع فتاويه): والصواب أنه موضوع، فإن في إسناده أبا بكر بن عبد الله بن محمد، المعروف بابن أبي سبرة، قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين: إنه كان يضع الحديث.
وبناء على ذلك فإن صيام يوم النصف من شعبان بخصوصه ليس بسنة، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بأخبار دائرة بين الضعف والوضع باتفاق علماء الحديث، اللهم إلا أن يكون ضعفها مما ينجبر بكثرة الطرق والشواهد، حتى يرتقي الخبر بها إلى درجة الحسن لغيره، فيعمل به إن لم يكن متنه منكراً أو شاذًّا.
وإذا لم يكن صومه سنة كان بدعة، لأن الصوم عبادة فإذا لم تثبت مشروعيته كان بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» أخرجه مسلم (867) من حديث جابر – رضي الله عنه - .

الأمر الثالث: في فضل ليلة النصف منه.
وقد وردت فيه أخبار قال عنها ابن رجب في اللطائف بعد ذكر حديث علي السابق: إنه قد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجها في صحيحه. ومن أمثلتها حديث عائشة - رضي الله عنها - وفيه: "أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب". خرجه الإمام أحمد (26018) والترمذي (739) وابن ماجة (1389)، وذكر الترمذي أن البخاري ضعَّفه، ثم ذكر ابن رجب أحاديث بهذا المعنى وقال: وفي الباب أحاديث أخر فيها ضعف. اهـ
وذكر الشوكاني أن في حديث عائشة المذكور ضعفاً وانقطاعاً.
وذكر الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ حفظه الله تعالى ـ أنه ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وقد حاول بعض المتأخرين أن يصححها لكثرة طرقها ولم يحصل على طائل، فإن الأحاديث الضعيفة إذا قدر أن ينجبر بعضها ببعض فإن أعلى مراتبها أن تصل إلى درجة الحسن لغيره، ولا يمكن أن تصل إلى درجة الصحيح كما هو معلوم من قواعد مصطلح الحديث.

الأمر الرابع: في قيام ليلة النصف من شعبان، وله ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن يصلى فيها ما يصليه في غيرها، مثل أن يكون له عادة في قيام الليل فيفعل في ليلة النصف ما يفعله في غيرها من غير أن يخصها بزيادة، معتقداً أن لذلك مزية فيها على غيرها، فهذا أمر لا بأس به، لأنه لم يحدث في دين الله ما ليس منه.
المرتبة الثانية: أن يصلى في هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان دون غيرها من الليالي، فهذا بدعة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه.
وأما حديث علي ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه ابن ماجة: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها». فقد سبق عن ابن رجب أنه ضعَّفه، وأن محمد رشيد رضا قال: إنه موضوع، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضعيف في الفضائل، فإنه مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة، فإن من شروطه أن لا يكون الضعف شديداً، وهذا الخبر ضعفه شديد، فإن فيه من كان يضع الحديث، كما نقلناه عن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى.
الشرط الثاني: أن يكون وارداً فيما ثبت أصله، وذلك أنه إذا ثبت أصله ووردت فيه أحاديث ضعفها غير شديد كان في ذلك تنشيط للنفس على العمل به، رجاء للثواب المذكور دون القطع به، وهو إن ثبت كان كسباً للعامل، وإن لم يثبت لم يكن قد ضره بشيء لثبوت أصل طلب الفعل. ومن المعلوم أن الأمر بالصلاة ليلة النصف من شعبان لا يتحقق فيه هذا الشرط، إذ ليس لها أصل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره ابن رجب وغيره. قال ابن رجب في اللطائف (ص 541): فكذلك قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه شيء. وقال الشيخ محمد رشيد رضا (ص 857 في المجلد الخامس): إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة اهـ.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: ما ورد في فضل الصلاة في تلك الليله فكله موضوع. اهـ
وغاية ما جاء في هذه الصلاة ما فعله بعض التابعين، كما قال ابن رجب في اللطائف (ص 441) : وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك: فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، وقالوا: ذلك كله بدعة. اهـ
ولا ريب أن ما ذهب إليه علماء الحجاز هو الحق الذي لا ريب فيه، وذلك لأن الله تعالى يقول: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِيناً" [المائدة:3] ولو كانت الصلاة في تلك الليلة من دين الله تعالى لبيَّنها الله تعالى في كتابه، أو بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله أو فعله، فلما لم يكن ذلك علم أنها ليست من دين الله، وما لم يكن منه فهو بدعة، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل بدعة ضلالة».
المرتبة الثالثة: أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة. والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة، قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 15 ط ورثة الشيخ نصيف): وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة.

الأمر الخامس: أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام.
وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى: "حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " [الدخان –6] وهذه الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، كما قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ " وهي في رمضان، لأن الله تعالى أنزل القرآن فيه، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ " [البقرة:185] فمن زعم أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام، فقد خالف ما دل عليه القرآن في هذه الايات.

الأمر السادس: أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين.
وهذا أيضاً لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع التي حذَّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها: «كل بدعة ضلالة».
وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير منها:
المحذور الأول: أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله عز وجل: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ "[المائدة:3]، لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديناً لم يكن من الدين حين نزول الآية، فيكون الدين لم يكمل على مقتضى بدعته.
المحذور الثاني: أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشرائع وحدّ الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون.
المحذور الثالث: أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالى: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ" [الشورى:21].
المحذور الرابع: أن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأول فقد رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى.
المحذور الخامس: أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه.
المحذور السادس: أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله: "وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران:105]، وفيما حذر منه بقوله: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" [الأنعام: 159].
المحذور السابع: أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها.
وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ َ". وقال الله تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاي فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى " [طه:123].
أسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم، وأن يتولانا في الدنيا والاۤخرة إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين.

================


فضل الله على الناس في شعبان


إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد /
عباد الله / قد نزل بنا شهر كريم فيه خير عميم لمن أراد أن يستبق الخيرات ،و لكن كثيرا من الناس عنه غافلون ألا وهو شهر شعبان ,نعم إن كثيرا من الناس يغفل عن هذا الشهر الكريم فقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم بذلك كما جاء ذلك عنه في سنن النسائي و عند البيهقي في شعب الإيمان من حديث أسامة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [شعبان بين رجب و شهر رمضان ، تغفل الناس عنه ،ترفع فيه أعمال العباد ،فأحب ألا يُرفع عملي إلا و أنا صائم ].

وهذا الحديث فيه أن بعض الأوقات التي فيها فضيلة ربما غفل عنها الناس و لم يتفطنوا لها لأنهم يشتغلون بالمشهور ، وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأن ذلك محبوب لله عز وجل ،كما كان طائفة من السلف يحيون ما بين العشاءين بالصلاة و يقولون :هي ساعة غفلة ،ذكر هذا ابن رجب رحمه الله بمعناه في كتابه "لطائف المعارف "،و لذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شهر شعبان ،لأنه كما قال صلى الله عليه و سلم شهر يغفل عنه الناس و لأنه شهر ترفع فيه أعمال العباد ففي الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت :[ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان ،و ما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان ]. ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم أكثر أيام شعبان.




ومن فضائل شهر شعبان فضل عظيم امتن الله به على عباده ألا وهو أن الله تبارك وتعالى يغفر لجميع خلقه في ليلة النصف من شعبان إلا لمشرك أو مُشاحن ،
في سنن ابن ماجة من حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله- صلى الله عليه و سلم- قال:[إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ،فيغفر لجميع خلقه ،إلا لمشرك أو مشاحن ].فيا لها من منحة جسيمة ، و نعمة عظيمة امتن الله بها على عباده ،والمردود فيها جبر الله مصيبته! فإنها مصيبة عظيمة أن يُحرم العبد المغفرة , ولذا ينبغي على كل مسلم اجتناب الذنوب كلها وخاصة هذين الذنبين العظيمين اللذين ذُكرا في الحديث : الشرك بالله و الشحناء , الشرك بالله صاحبه إن مات عليه فهو خالد مخلد في النار و لن تجد له وليا نصيرا ولا شفيعا , قال تعالى:{{ إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار }}
و قال تعالى : {{إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء و من يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا }}.




كل من أشرك في عبادة من العبادات مع الله أحدا آخر سواء كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا أو وليا صالحا ، كل من أشرك في عبادة من العبادات : من طواف أو نذر أو استعانة أو استغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله وغيرها من العبادات فقد حبط عمله ،وإن مات على ذلك فهو خالد مخلد في النار ،نسأل الله العافية ؛
و أما الشحناء و هي حقد المسلم على أخيه بغضا له , لهوى في نفسه ،فهي مانع من المغفرة في أكثر أوقات الرحمة والمغفرة ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا :[تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين و الخميس ,فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا ألا رجلا كانت بينه و بين أخيه شحناء ، فيقول انظروا هذين حتى يصطلحا ] ،و لا شك أيها الإخوة أن سلامة الصدر من أنواع الشحناء كلها من أفضل الأعمال , و أنت أيها المشاحن الحاقد على أخيك المسلم يكفيك حرمان المغفرة في أوقات مغفرة الأوزار و إلا فإن الله سبحانه وتعالى يتوعدك بقوله تعالى :
[ ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ].

خاب عبد بارز المولى بأسباب المعاصي
ويحه فيما جناه لم يخف يوم القصاص
يوم فيه ترعد الأقدام من شيب النواصي
لي ذنوب في ازدياد وحياة في انتقاصِ
فمتى أعمل ما أعلم لي فيه خلاصي

واعلم يا رعاك الله أن ما يقوم به بعض الناس من تخصيص ليلة النصف من شعبان بالقيام والدعاء ، و تخصيص نهارها بالصيام ، اعلم أن هذا كله ليس من الأمور المشروعة ، بل هو عند أهل السنة من البدع ،داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه و سلم :[و كل بدعة ضلالة ]، أولا / لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم و العبادات مبناها على التوقيف , قال ابن عمر- رضي الله عنه- : [كل بدعة ضلالة و إن رآها الناس حسنة ]، ثانيا / من استحسن مثل هذه البدعة اعتمد على حديث إسناده ضعيف جدا رواه ابن ماجة في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها و صوموا نهارها ]. و هذا الحديث شديد الضعف عند أهل العلم و لا يجوز العمل به بل يعارضه الحديث الصحيح : [إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى رمضان ].

هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب: أبو أحمد الأثري
علي الفضلي.

=======



يتبع





__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-12-2009, 07:53 PM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
افتراضي

[center]بدع شهر شعبان



شهر شعبان



المبحث الأول : بعض الآثار الواردة فيه .
المبحث الثاني : بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان .
المبحث الثالث : بدعة الصلاة الألفية .



المبحث الأول
بعض الآثار الواردة فيه



1. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم ، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان ، وما رايته أكثر صياماً منه في شعبان )) متفق عليه829.


2. عن أبي سلمة أن عائشة -رضي الله عنها-حدثته قالت:((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله )) ، وكان يقول : (( خذوا من العمل ما تطيقون ، فإن الله لا يمل حتى تملوا ، وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دوام عليه وإن قلت ، وكان إذا صلى صلاة دوام عليها )) متفق عليه830 .


3. عن عمران بن حصين- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله – أو سأل رجلاً وعمران يسمع -فقال : (( يا فلان أما صمت من سرر831 هذا الشهر ؟)) . قال : أظنه يعني رمضان ، قال الرجال: لا يا رسول الله . قال : (( فإذا أفطرت فصم يومين )) متفق عليه832 .


4. عن أبي سلمة قال : سمعت عائشة – رضي الله عنها – تقول :
(( كان يكون علي الصوم من رمضان ، فما استطيع أن أقضيه إلا في شعبان )) متفق عليه833 .


5. عن عبد الله بن أبي قيس أنه سمع عائشة تقول : كان أحب الشهور إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان ))834.
6. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ))835 .


7. عن أبي هريرة – رضي الله عنه –عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
((لا يتقدمنَّ أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم )) متفق عليه836 .


8. عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت:((ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان))837


9. عن أسامة بن زيد- رضي الله عنهما- قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال صلى الله عليه وسلم:
(( ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ))838.


10. عن أنس-رضي الله عنه- قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان ؟ قال : (( شعبان لتعظيم رمضان ، قال فأي الصدقة أفضل ؟ قال : الصدقة في رمضان ))839 .


11. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع ، فقال صلى الله عليه وسلم:
(( أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ )) قلت : يا رسول الله ظننت أنك أتيت بعض نسائك ، فقال : (( إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب840 ))841 .


12. عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن ))842.


13. عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إذ كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا ، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له! ألا مسترزق فأرزقه !ألا مبتلى فأعافيه! ألا كذا ألا كذا،حتى يطلع الفجر))843



وقد ورد في فضل شهر شعبان والصلاة فيه أحاديث حكم عليها الحفاظ بأنها موضوعة منها :



قوله صلى الله عليه وسلم :
(( رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي.......)).


وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ((يا علي من صلى مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان، يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و ((قل هو الله أحد )) عشر مرات .


قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا علي ما من عبد يصلي هذه الصلوات إلا قضى عز وجل له كل حاجة طلبها تلك الليلة .......)) الحديث844. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((من صلى ليلة النصف من شعبان ثنتي عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة((قل هو الله أحد)) ثلاثين مرة ، لم يخرج حتى يرى مقعده من الجنة....))845 - والله أعلم .


بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان


روي عن عكرمة -رحمه الله- أنه قال في تفسير قوله تعالى : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}846 : أن هذه الليلة هي ليلة النصف من شعبان ، يبرم فيها أمر السنة ، وينسخ الأحياء من الأموات ، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد ، ولا ينقص منهم أحد847 .
قال ابن كثير-رحمه الله- في تفسير قوله تعالى :{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}848: يقول تعالى مخبراً عن القرآن العظيم أنه أنزله في ليلة مباركة ، وهي ليلة القدر كما قال عز وجل :{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر}849 ، وكان ذلك في شهر رمضان كما قال تبارك وتعالى :{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }850.
وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته851.
ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة852 ، فإن نص القرآن في رمضان853 ا.هـ .


فللعلماء في قوله تعالى :{ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} قولان :


أحدهما : أنها ليلة القدر وهو قول الجمهور .
الثاني : أنها ليلة النصف من شعبان ، قاله عكرمة .
والراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن هذه الليلة المبارك هي ليلة القدر ، لا ليلة النصف من شعبان ، لأن الله سبحانه وتعالى أجملها في قوله :{ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}. وبينها في سورة البقرة بقوله:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } وبقوله تعالى:{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر}854 .
فدعوى أنها ليلة النصف من شعبان لاشك أنها دعوى باطلة ، لمخالفتها النص القرآني الصريح ، ولاشك أن كل ما خالف الحق فهو باطل، والأحاديث التي يوردها بعضهم في أنها من شعبان المخالفة لصريح القرآن لا أساس لها، ولا يصح سند شيء منها كما جزم به العربي وغير واحد من المحققين، فالعجب كل العجب من مسلم يخالف نص القرآن الصريح بلا مستند من كتاب ولا سنة صحيحة855.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( في معرض كلامه عن الأوقات الفاضلة التي قد يحدث فيها ما يعتقد أنه له فضيلة وتوابع ذلك، ما يصير منكراً ينهى عنه : ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان فقد روي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة ، وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة ، وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة .
ومن العلماء من السلف من أهل المدينة وغيرهم من الخلف من أنكر فضلها ، وطعن في الأحاديث الواردة فيها كحديث إن الله يغفر لأكثر من عدد غنم كلب ))، وقال لا فرق بينها وبين غيرها .
لكن الذي عليه أكثر أهل العلم ، أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها ، وعليه يدل نص أحمد، لتعدد الأحاديث الواردة فيها ، وما يصدق ذلك من الآثار السلفية، وقد روي بعض فضائلها في المسانيد والسنن856وإن كان قد وضع فيها أشياء أخر)857ا.هـ
وقال الحافظ ابن رجب : (وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدان ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادات ، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها ، وقد قيل إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية ، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عبّاد أهل البصرة وغيرهم ، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز منهم عطاء وابن أبي مليكة ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن فقهاء أهل المدينة 858، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم ، وقالوا ذلك كله بدعة .


واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين :


أحدهما : أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد ، كان خالد بن معدان ، ولقمان بن عامر ، وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتمون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك ، وقال في قيامها في المساجد : ليس ذلك ببدعة . نقله عنه حرب الكرماني في مسائله .
والثاني : أنه قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم ، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى859 .ا.هـ .


فالحاصل أن جمهور العلماء اتفقوا على كراهة الاجتماع في المساجد ليلة النصف من شعبان للصلاة والدعاء ، فإحياء ليلة النصف من شعبان في المساجد على سبيل المداومة كل سنة ، أو كل فترة بدعة محدثة في الدين.


وأما صلاة الإنسان فيها لخاصة نفسه في بيته ، أو في جماعة خاصة فللعلماء فيه قولان :


الأول :أن ذلك بدعة وهو قول أكثر علماء الحجاز ومنهم عطاء وابن أبي مليكة، ونقل عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم860.
الثاني : أنه لا يكره صلاة الإنسان لنفسه في بيته ، أو في جماعة خاصة ،- في ليلة النصف من شعبان - .


وهو قول الأوزاعي ، واختيار الحافظ ابن رجب ، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية .
والذي يترجح عندي – والله أعلم – ما ذهب إليه أصحاب القول الأول – أن ذلك بدعة - .


ويمكن الجواب عن قول أصحاب الثاني – القول بعدم الكراهة – بعدة وجوه منها :
الوجه الأول : أنه ليس هناك دليل على فضل هذه الليلة ، ولم يثبت- حسب اطلاعي المحدود- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحياها ،ولا عن أحد من أصحابه- رضوان الله عليهم -،ولا عن التابعين- رحمة الله عليهم- عدا من اشتهر عنهم تفضيلها وأحياؤها وهم الثلاثة الذين ذكرهم ابن رجب – ولو فعلوه لاستشهد بفعلهم من فضلها وأحياها ، وإنما هو أمر محدث بعدهم ، فهو أمر مبتدع ، وليس له أصل من الكتاب أو السنة أو الإجماع .


قال أبو شامة : ( وقال الحافظ أبو الخطاب بن دحية – في كتاب ما جاء في شهر شعبان : قال أهل التعديل والتجريح : ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث صحيح )861.ا.هـ .


وذكر ابن رجب ( أن قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام )862.


وقال الشيخ عبد العزيز بن باز : ( وقد ورد في فضلها -ليلة النصف من شعبان- أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وأما ما ورد في فضل الصلاة فيها فكله موضوع كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم)863.ا.هـ.


الوجه الثاني : أن الحافظ ابن رجب وهو الذي نقل تفضيل بعض التابعين لهذه الليلة864 وإحياءهم لها في المساجد ذكر أن مستندهم في ذلك ما بلغهم من آثار إسرائيلية ، ومتى كانت الآثار الإسرائيلية مستنداً ؟!.


وذكر أيضاً أن الناس أخذوا عنهم فضلها وتعظيمها فمتى كان عمل التابعي حجة ؟! .
الوجه الثالث : أن العلماء المعاصرين للقائلين بفضل ليلة النصف من شعبان قد أنكروا عليهم ذلك ، ولو كان للمفضلين دليل لاحتجوا به على المنكرين عليهم ، ولكن لم ينقل عنهم ذلك ، لاسيما وأن من المنكرين عليهم عطاء بن أبي رباح الذي كانت إليه الفتيا في زمانه865 . والذي قال فيه ابن عمر -رضي الله عنهما - : تجمعون لي المسائل وفيكم ابن أبي رباح .


الوجه الرابع : أن قوله صلى الله عليه وسلم : (( إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه ، إلا لمشرك أو مشاحن))866.


ليس فيه دليل على تخصيص ليلة النصف من شعبان بفضل من دون الليالي الأخرى، لأنه ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له))867 . فاطلاعه سبحانه وتعالى على خلقه ، وغفرانه لهم ، ليس متوقف على ليلة معينة في السنة ، أو ليالي معدودة .


الوجه الخامس : أن من اختار القول بأنه لا يكره صلاة الإنسان فيها لخاصة نفسه ، لم يدعم اختياره بالدليل ، ولو كان هناك دليل لذكره ، ومن أنكر ذلك استدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )) وعموم الأحاديث والآثار الدالة على النهي عن البدع والتحذير منها .


قال الشيخ ابن باز-رحمه الله-:( وأما ما اختاره الأوزاعي -رحمه الله- من استحباب قيامها للأفراد ، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول فهو غريب وضعيف،لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعاً لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفرداً أو في جماعة ، وسواء أسره أو أعلنه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) . وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها )868 .ا.هـ .


وقال أيضاً بعد أن ذكر جملة من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم حول ما ورد في ليلة النصف من شعبان:


ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم ، وليس له أصل في الشرع المطهر ، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة – رضي الله عنهم - ، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجل:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}869 .وما جاء في معناها من الآيات ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) وما جاء في معناه من الأحاديث ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( لا تختصموا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن تكون في صوم يصومه أحدكم ))870 فلو كان تخصيص شيء من الليالي بشيء من العبادة جائزا ، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها ، لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس871 بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .


فلما حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي ، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة ، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص ، ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها ، نبه صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث الأمة على قيامها ، وفعل ذلك بنفسه ،كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه))872فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة ولم يكتموه عنهم ، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- ، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأرضاهم ، وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه – رضي الله عنهم – شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب ، ولا في فضل ليلة النصف من شعبان ، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام ، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة بدعة منكرة .... ا.هـ873 .- والله أعلم – وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبيناً محمد وآله وصحبه أجمعين .



الصلاة الألفية المبتدعة في شعبان
أول من أحدثها :
أول من أحدث الصلاة الألفية في ليلة النصف من شعبان رجل يعرف بابن أبي الحمراء من أهل نابلس874، قدم على بيت المقدس سنة 448هـ وكان حسن التلاوة ، فقام فصلى في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان فأحرم خلفه رجل ، ثم انضاف إليهما ثالث ورابع ، فما ختمها إلا وهم في جماعة كثيرة .
ثم جاء في العام القابل فصلى معه خلق كثير، وشاعت في المسجد وانتشرت الصلاة في المسجد الأقصى، وبيوت الناس ومنازلهم، ثم استقرت كأنها سنة875.


صفتها :
هذه الصلاة المبتدعة تسمى بالألفية لقراءة سورة الإخلاص فيها ألف مرة، لأنها مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات .
وقد رويت صفة هذه الصلاة ، والأجر المترتب على أدائها ، من طرق عدة ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات ثم قال : ( هذا حديث لا نشك أنه موضوع ، وجمهور رواته في الطرق الثلاثة مجاهيل وفيهم ضعفاء بمرة ، والحديث محال قطعاً )876 .ا.هـ .


وقال الغزالي في الإحياء : ( وأما صلاة شعبان : فليلة الخامس عشر منه يصلى مائة ركعة ، كل ركعتين بتسليمه ، ويقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة (( قل هو الله أحد)) )877 .ا.هـ .
حكمها :
اتفق جمهور العلماء على أن الصلاة الألفية ليلة النصف من شعبان بدعة .
فألفية النصف من شعبان لم يسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ، ولا استحبها أحد من أئمة الدين الأعلام كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي والليث وغيرهم – رحمة الله عليهم جميعاً –
وكذلك فإن الحديث الوارد فيها موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث878.وأعلم أخي المسلم أن مثل هذه الاحتفالات كالاحتفال بليلة النصف من شعبان ، وليلة الإسراء والمعراج المزعومة ، وليلة الرغائب، يكون فيها من الأمور المبتدعة والمحرمة الشيء الكثير ، والتي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، وقد فصل العلامة ابن الحاج هذه البدع والمحرمات في هذه الاحتفالات فنلخص من كلامه ما يأتي :
1. تكلف النفقات الباهظة ، وهو إسراف يعملونه باسم الدين وهو بريء منه .
2. الحلاوات المحتوية على الصور المحرمة شرعاً .
3. زيادة وقود القناديل وغيرها ، وفي زيادة وقودها إضاعة المال ، لاسيما إذا كان الزيت من الوقف فيكون ذلك جرحاً في حق الناظر، لاسيما إذا كان الواقف لا يذكره ، وإن ذكره لم يعتبر شرعاً، وزيادة الوقود مع ما فيه من إضاعة المال كما تقدم سبب لاجتماع من لا خير فيه، ومن حضر من أرباب المناصب الدينية عالماً بذلك فهو جرحة في حقه إلا أن يتوب ، وأما إن حضر ليغير وهو قادر بشرط فيا حبذا .
4. حضور النساء وما فيه من المفاسد .
5. إتيانهم الجامع واجتماعهم فيه ، وذلك عبادة غير مشروعة .
6. ما يفرشونه من البسط والسجادات وغيرها .
7. أطباق النحاس فيها الكيزان والأباريق وغيرهما ، كأن بيت الله تعالى بيتهم ، والجامع إنما جعل للعبادة ، لا للفراش والرقاد والأكل والشرب .
8. ومن هذه البدع والمحرمات السقاؤون ، وفي ذلك من المفاسد جملة منها :البيع والشراء لأنهم يأخذون الدراهم ، وضرب الطاسات بما يشبه صوت النواقيس ، ورفع الصوت في المسجد وتلويثه ، وتخطي رقاب الناس ، وكلها منكرات .
9. اجتماعهم حلقات ، كل حلقة لها كبير، يقتدون به في الذكر والقراءة وليت ذلك لو كان ذكراً أو قراءة، لكنهم يلعبون في دين الله تعالى فالذاكر منهم في الغالب لا يقول : (لا إله إلا الله ) بل يقول : (لا يلاه يلله ) فيجعلون عوض الهمزة ياء وهي ألف قطع جعلوها وصلاً وإذا قالوا :( سبحان الله ) يمططونها ويرجعونها حتى لا تكاد تفهم ، والقارئ يقرأ القرآن فيزيد فيه ما ليس منه ، وينقص منه ما هو فيه ، بحسب تلك النغمات والترجيعات التي تشبه الغناء والأصوات التي اصطلحوا عليها، على ما قد علم من أحوالهم الذميمة ، وهذا منكر يحف به عدة منكرات .
10. ومن الأمور العظيمة فيها أن القارئ يبتدئ بقراءة القرآن والآخر ينشد الشعر ، أو يريد أن ينشده ، فيسكتون القارئ أو يهمون بذلك ، أو يتركون هذا في شعره وهذا في قراءته ، لأجل تشوف بعضهم لسماع الشعر وتلك النغمات الموضوعة أكثر ، فهذه الأحوال من اللعب في الدين أن لو كانت خارج المسجد منعت ، فكيف بها في المسجد ؟ .
11. حضور الوالدان الصغار وما يتبع من لغطهم وتنجيسهم المسجد .
12. خروج النساء في هذه الليلة-ليلة النصف من شعبان- إلى القبور-مع أن زيارة النساء للقبور محرمة شرعاً- ومع بعضهن الدف يضربن به ، وبعضهن يغنين بحضرة الرجال ورؤيتهم لهن متجاهرين بذلك، لقلة حيائهن ، وقلة من ينكر عليهن .
13. اختلاط النساء بالرجال عند القبور ، وقد رفع النساء جلبان الحياء والوقار عنهن ، فهن كاشفات الوجوه والأطراف .
14. أنهم أعظموا تلك المعاصي بفعلها عند القبور التي هي موضع الخشية والفزع والاعتبار ، والحث على العمل الصالح ، لهذا المصرع العظيم المهول أمره ، فردوا ذلك للنقيض ، وجعلوه موضع فرح ومعاصي كحال المستهزئين .
15. إهانة الأموات من المسلمين وأذيتهم بفعل المنكرات بجانب قبورهم .
16. أن بعضهم يقيمون خشبة عند رأس الميتة أو الميت ، ويكسون ذلك العمود من الثياب ما يليق به عندهم .
فإن كان الميت عالماً أو صالحاً صاروا يشكون له ما نزل بهم ويتوسلون به ، وإن كان من الأهل أو الأقارب صاروا يتحدثون معه ويذكرون له ما حدث لهم بعده ، وإن كان عروساً أو عروسة كسوا كل واحد منهما ما كان يلبسه في حال فرحة ، ويجلسون يتباكون ويبكون ويتأسفون . وكسوتهم لهذه الخشبة تشبه في الظاهر بالنصارى في كسوتهم لأصنامهم ، والصور التي يعظمونها في مواسمهم ، ومن تشبه بقوم فهو منهم .
17. أنهم اتصفوا بسبب ما ذكره بصفة النفاق ، لأن الفارق صفته قصد المعصية وإظهارها في الصورة أنها طاعة .
18. اللغو في المسجد وكثرة الكلام بالباطل وهو منكر شديد .
19. جعل المسجد كأنه دار شرطة لمجيء الوالي والمقدمين والأعوان ، وفرش البسط ، ونصب الكرسي للوالي ليجلس عليه في مكان معلوم ، وتوقد بين يديه المشاعل الكثيرة في صحن الجامع ، ويقع منها بعض الرماد ، وربما وقع الضرب بالعصا والبطح لمن يشتكي في الجامع ، أو تأتيه – الوالي – الخصوم من خارج الجامع وهو فيه ، هذا كله في ليلة النصف من شعبان ، وإذا وقعت هذه الأشياء في الجامع فلابد من رفع الأصوات من الخصوم والجند وغيرهم ، بل اللغط واقع لكثرة الخلق فيه ، فكيف به إذا انضم إلى الشكاوي وأحكام الوالي ؟! .
20. اعتقادهم أن فعل هذه المنكرات والبدع المحرمات إقامة حرمة لتلك الليلة ، ولبيت الله عز وجل ، وأنهم أتوه ليعظموه ، وبعضهم يرى أن ذلك من القرب وهذا أشد879 . وسبق وذكرت أن هذه البدع والمنكرات تختلف باختلاف الزمان والمكان ، فالاحتفالات في الوقت الحاضر تكاد لا تخلو من كثير من هذه المنكرات وإن اختلف الشكل والهيئة .
21. ويضاف إلى هذه البدع أيضا :الدعاء المعروف الذي يطلب فيه من الله تعالى أن يمحو من أم الكتاب شقاوة من كتبه شقياً ...... الخ . ونصه ما يلي : اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول والإنعام ، لا إله إلا أنت ، ظهر اللاجئين ، وجار المستجيرين ، وأمان الخائفين ، اللهم أن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً ، أو مطروداً أو مقتراً عليَّ في الرزق ، فامح اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني ، وطردي وإقتار رزقي ، وأثبتني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات ، فإنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل ، على لسان نبيك المرسل : {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }880 . إلهي بالتجلي الأعظم في ليلة النصف من شهر شعبان المكرم ، التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم أسألك أن تكشف عنا البلاء ما نعلم وما لا نعلم ، وما أنت به أعلم إنك أنت الأعز الأكرم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم ))881.
وهذا الدعاء ليس له أصل صحيح في السنة، كما هو الحال في صلاة النصف من شعبان ، فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ، ولا عن السلف-رضوان الله عليهم أجمعين- أنهم اجتمعوا في المساجد من أجل هذا
الدعاء في تلك الليلة ، ولا تصح نسبة هذا الدعاء إلى بعض الصحابة.882
وربما شرطوا لقبول هذا الدعاء قراءة سورة(يس)،وصلاة ركعتين قبله،يفعلون القراءة والصلاة والدعاء ثلاث مرات ، يصلون المرة الأولى بنية طول العمر ، والثانية بنية دفع البلايا ، والثالثة بنية الاستغناء عن الناس ، واعتقدوا أن هذا العمل من الشعائر الدينية، ومن مزايا ليلة النصف من شعبان وما تختص به، حتى اهتموا به أكثر من اهتمامهم بالواجبات والسنن فتراهم يسارعون إلى المساجد قبيل الغروب من هذه الليلة، وفيهم تاركوا الصلاة ، معتقدين أنه يجبر كل تقصير سابق عليه، وأنه يطيل العمر ويتشاءمون من فوته883 .
فالاجتماع لقراءة هذا الدعاء بالطريقة المتبعة والمعروف عندهم ، وجعل ذلك شعيره من شعائر الدين ، من البدع التي تحدث في ليلة النصف من شعبان .
صحيح أن الدعاء والتضرع إلى الله تعالى مطلوب في كل وقت ومكان ، لكن لا على هذا الوجه المخترع ، فلا يتقرب إلى الله بالبدع ، وإنما يتقرب إليه تعالى بما شرع .
22. ومن البدع المنكرة في الاحتفالات بليلة النصف من شعبان كثيرة الوقيد فالمحدث لهذه البدعة راغب في دين المجوسية ، لأن النار معبودة وأول ما حدث ذلك في زمن البرامكة884، فأدخلوا في دين الإسلام ما يموهون به على الطغام ، وهو جعلهم الإيقاد في شعبان كأنه من سنن الإيمان ، ومقصودهم عبادة النيران ، وإقامة دينهم وهو أخسر الأديان ، حتى إذا صلى المسلمون وركعوا وسجدوا كان ذلك إلى النار التي أوقدوها885 .
فزيادة الوقود فيه تشبه بعبدة النار في الظاهر – وإن لم يعتقدوا ذلك – لأنَّ عبدة النار يوقدونها حتى إذا كانت في قوتها وشعشعتها اجتمعوا إليها بنية عبادتها،ولا شك أن التشبه بأهل الأديان الباطلة منهي عنه886. والله أعلم .
كتاب البدع الحولية لعبدالله التويجري


======


أقوال السلف في صيام شهر شعبان!!



الحمد الله والصلاة والسلام علي رسول الله ..وبعد وهذا كلام السلف في صيام شعبان أريد من الأخوه أن يقراه هذه الفائده العظيمه من كلام العلماء الكبار .. والله الموفق




1- كثرة صيامه صلى الله عليه وسلم في شعبان:



عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان([1]).


قال ابن حجر: "وفي الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان"([2]).


قال ابن رجب: "وأما صيام النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر السنة فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور"([3]).


وقال الصنعاني: "وفيه دليل على أنه يخصُّ شعبان بالصوم أكثر من غيره"([4]).


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان أحبَّ الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبانُ ثم يصله برمضان([5]).


قال السبكي: "أي: كان صوم شعبان أحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من صوم غيره من بقية الشهور التي كان يتطوع فيها بالصيام"([6]).



2- صيام شعبان كله:


عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كله
([7]).


وفي رواية: ولم أره صائماً من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً
([8]).


وقد استُشكل حديث عائشة رضي الله عنها هذا مع حديثها السابق الذي فيه: وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان([9])، وفي رواية قالت: ما علمته صام شهراً كلَّه إلا رمضان([10])، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً كاملاً قط غير رمضان([11]).


وللعلماء في الجمع بين الروايتين أقوال:


القول الأول: تفسير إحدى الروايتين بالأخرى:


روي عن ابن المبارك أنه قال في هذا الحديث: "وهو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كلَّه، ويقال: قام فلان ليلته أجمع، ولعلَّه تعشَّى واشتغل ببعض أمره".


قال الترمذي: "كأن ابن المبارك قد رأى كلا الحديثين متفقين، يقول: إنما معنى هذا الحديث أنه كان يصوم أكثر الشهر"
([12]).


قال القاضي عياض في شرحه لرواية: كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً: "الكلام الثاني تفسير للأول، وعبَّر بالكل عن الغالب والأكثر"([13]).


وصوَّب هذا القولَ الحافظ ابن حجر لدلالة الروايات عليه([14]).


القول الثاني: صيامه كاملاً مرة، وعدم الاستكمال مرة أخرى:


قال القاضي عياض: "وقد قيل: معناه ما استكمل شهراً قط بالصيام إلا رمضان، يعني معيَّناً، وأن ما ورد مما ظاهره استكمال شعبان أي: غير معين وملازم، بل مرة أكمله ومرة لم يكمله، وقد يحتمل هذا قوله: كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً، أي: مرة كذا ومرة كذا، لئلا يتعيَّن بصومه غير رمضان"
([15]).


ومال إلى هذا القول: الطيبي([16]).


القول الثالث: معنى صيامه كل شعبان صيامُه من أوله ووسطه وآخره:


قال القاضي عياض: "وقيل: يعني بصومه كلِّه أي: يصوم في أوله ووسطه وآخره، لا يخصّ شيئاً منه ولا يعمّه بصيامه"([17]).


الترجيح:


والقول الأول هو الصواب، لأنه تفسير للرواية برواية أخرى، وأولى ما تفسَّر به الرواية رواية أخرى، والله أعلم([18]).


قال العلماء: وإنما لم يستكمل غير رمضان لئلا يظنَّ وجوبه([19]).


عن عطاء قال: كنت عند ابن عباس قبل رمضان بيوم أو يومين فقرّب غداءه فقال: (أفطروا أيها الصيام! لا تواصلوا رمضان بشيء وافصلوا)([20]).


قال ابن عبد البر: "استحب ابن عباس وجماعة من السلف رحمهم الله أن يفصلوا بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو أيام، كما كانوا يستحبون أن يفصلوا بين صلاة الفريضة بكلام أو قيام أو مشي أو تقدم أو تأخر من المكان"([21]).


3- الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم الصيام في شعبان:


عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: ((ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم))([22]).


قال ابن رجب في بيان وجه الصيام في شعبان: "وفيه معانٍ، وقد ذكر منها النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشهر الحرام وشهر الصيام، اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظنُّ أن صيام رجب أفضل من صيامه لأنه شهر حرام، وليس كذلك"([23]).


قال: "وفي قوله: ((يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان)) إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقاً، أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوِّتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم"([24]).


والمعنى الثاني المذكور في الحديث هو أن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فكان صلى الله عليه وسلم يحبّ أن يُرفع عمله وهو صائم([25]).


وذكروا لذلك معنى آخر وهو التمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: "وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط"([26]).


4- سبب إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان دون المحرم:


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد المفروضة صلاة الليل))([27]).


استشكل العلماء إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان مع تصريحه بأن أفضل الصيام بعد رمضان صيام المحرم.


أجاب النووي عن ذلك فقال: "لعله لم يعلم فضلَ المحرم إلا في آخر الحياة قبل التمكن من صومه، أو لعله كان يعرض فيه أعذار تمنع من إكثار الصوم فيه كسفر ومرض وغيرهما"([28]).



منقول
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ


]) أخرجه البخاري في الصيام، باب: صوم شعبان (1969)، ومسلم في الصيام (1156).


([2]) فتح الباري (4/253).


([3]) لطائف المعارف (ص247).


([4]) سبل السلام (2/342).


([5]) أخرجه أحمد في المسند (6/188)، وأبو داود في الصوم، باب في صوم شعبان (2431)، والنسائي في الصيام، باب: صوم النبي صلى الله عليه وسلم (2350)، وقال الحاكم (1/599): "صحيح على شرط الشيخين"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2124).


([6]) المنهل العذب المورود (10/188).


([7]) أخرجه البخاري في الصوم، باب: صوم شعبان (1970).


([8]) هذه الرواية عند مسلم في الصيام (1156).


([9]) أخرجه البخاري في الصوم، باب: صوم شعبان (1969)، ومسلم في الصيام (1156).


([10]) هذه إحدى روايات مسلم: كتاب الصيام (1156).


([11]) أخرجه البخاري في الصوم، باب: ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم إفطاره (1971)، ومسلم في الصيام (1157).


([12]) جامع الترمذي (3/436 ـ تحفة الأحوذي ـ).


([13]) إكمال المعلم (4/120).


([14]) انظر: فتح الباري (4/252).


([15]) إكمال المعلم (4/120)، وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي (8/37) وفتح الباري (4/252).


([16]) انظر: شرح المشكاة (4/176).


([17]) إكمال المعلم (4/120).


([18]) انظر: فتح الباري (4/252).


([19]) شرح صحيح مسلم (8/37).


([20]) رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/158).


([21]) الاستذكار (10/328).


([22]) أخرجه أحمد في المسند (5/201)، النسائي في كتاب الصيام، باب: صوم النبي صلى الله عليه وسلم (2357)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1022).


([23]) لطائف المعارف (ص250-251).


([24]) لطائف المعارف (ص251).


([25]) هذا الكلام مأخوذ من تتمة الحديث، ولم يذكر ابن رجب هذا المعنى في لطائف المعارف.


([26]) لطائف المعارف (ص252).


([27]) أخرجه مسلم في الصيام (1163).


([28]) شرح صحيح مسلم (8/37).


أبو هريرة البركي




=======



شعبان بين السُنــة والبدعــة


* سبب تسميته بـ شعبان قال بن حجر - رحمه الله - : سمّي شعبان لتشغيلهم في طلب المياه أو الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام وقيل غير ذلك . أهـ ( الفتح 4/251 )

* ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فاحب أن يرفع عملي وأنا صائم )).
__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-13-2009, 07:45 AM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
افتراضي

بحث في حكم التّعبّد ليلة النّصف من شعبان عند بن باز و بن عثيمين رحمهما اللّه تعالى


السؤال الثاني من الفتوى رقم (11029)
س2: هل القيام للعبادة في ليلة العيد، والقيام بنصف شعبان، هل هذان القيامان واجب أم بدعة في الدين، أم سنة أم مستحب؛ لأني رأيت حديثاً - الذي يتكلم عن هذين القيامين- وقال: (من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه في يوم تموت القلوب).


ج2: قيام ليلة العيد وليلة النصف من شعبان ليس بمشروع، وتخصيصهما بشيء من العبادات ليس سنة، بل بدعة . والحديث الذي ذكرت: «من أحيا ليلة العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه في يوم تموت القلوب»(20) ، ذكره السيوطي في الجامع الصغير ولفظه: «من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قلبه يوم تموت القلوب» وقد رواه الطبراني، ورمز السيوطي إلى ضعفه، ونقل صاحب فيض القدير عن ابن حجر قال: حديث مضطرب الإسناد، وفيه عمر بن هارون، ضعيف، وقد خولف في صحابيه، وفي رفعه، وقد رواه الحسن بن سفيان عن عبادة أيضاً وفيه بشر بن رافع متهم بالوضع.


ومن ذلك يظهر لك أن الحديث ضعيف على أحسن أحواله فلا يحتج به .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز




إقامة الاحتفالات
السؤال الأول من الفتوى رقم (1002)
س1: ماهو الرأي في الاحتفالات البهيجة التي يقيمها المسلمون في ترينيداد بمناسبة الزواج والانتقال إلى دار جديدة، وأعياد الميلاد الفردية وغيرها من المناسبات السارة، والتي يتلون خلالها القرآن الكريم، وينشدون أناشيد المديح في الرسول الكريم r، ثم يختمون الحفل بالوقوف احتراماً وتقديراً للرسول الكريم r ؟


ج1: أولاً: نهى النبي r عن نكاح السر، وأمر بإعلان النكاح، والاحتفال بمناسبة الزواج والانتقال بالعروس إلى دار زوجها من إعلان النكاح؛ فكان مشروعاً إلا إذا كان فيه غناء منكر أو اختلاط نساء برجال، أو ما أشبه ذلك من المحرمات.
ثانياً: الأعياد في الإسلام ثلاثة: يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، ويوم الجمعة. أما أعياد الميلاد الفردية وغيرها مما يجتمع فيه من المناسبات السارة؛ كأول يوم من السنة الهجرية، والميلادية، وكيوم نصف شعبان، أو ليلة النصف منه، ويوم مولد النبي r، ويوم تولى زعيمٌ الملك أو رئاسة جمهورية مثلا؛ فهذه وأمثالها لم تكن في عهد النبي r، ولا في عهد خلفائه الراشدين، ولا في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي r بالخير، فهي من البدع المحدثة، التي سرت إلى المسلمين من غيرهم، وفتنوا بها، وصاروا يحتفلون فيها كاحتفالهم بالأعياد الإسلامية أو أكثر، وقد يحدث في بعض هذه الاحتفالات غلو في الأشخاص، وإسراف في الأموال، واختلاط نساء برجال، ومضاهات لأهل الكفر فيما هو عادة لهم في احتفالهم بما يسمى عندهم أعياد، وقد قال النبي r: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»، وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وهذا ظاهر فيما إذا كان الاحتفال لتعظيم من احتفل من أجله، أو لرجاء بركته، أو المثوبة من القيام كمولد النبي r، ومولد الحسين، ومولد البدوي، وغيرهم، وكتعظيم ما احتفل به من الأيام والليالي، ورجاء المثوبة من الاحتفال به، والبركة من ذلك، كالاحتفال بليلة النصف من شعبان، أو يومها، وليلة الإسراء والمعراج، ونحو ذلك. فإن الاحتفال بما ذكر وأمثاله ضرب من الزلفى، والتقرب وقصد المثوبة، أما مالم يقصد به التبرك ولا المثوبة: كالاحتفال بميلاد الأولاد، وأول السنة الهجرية، أو الميلادية، وبيوم تولي الزعماء لمناصبهم - فهو وإن كان من بدع العادات، إلا أن فيه مضاهات للكفار في أعيادهم، وذريعة إلى أنواع أخرى من الاحتفالات المحرمة، التي ظهر فيهامعنى التعظيم والتقرب لغير الله، فكانت ممنوعة؛ سداً للذريعة، وبعداً عن مشابهة الكفار في أعيادهم واحتفالاتهم، وقد قال r: «من تشبه بقوم فهو منهم»(43) .



ثالثاً: تلاوة القرآن من خير القربات والأعمال الصالحات، لكن جعلها ختاماً لاحتفالات مبتدعة لا يجوز؛ لأن فيه مهانة له بوضعه في غير موضعه، وأما إنشاد الأناشيد في مديح النبي r فحسن إلا إذا تضمنت غلواً فيه، فلا يجوز؛ لقوله r: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، وإنما أنا عبد، فقولوا: عبدالله ورسوله»(44)، وقال r: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو»(45) ، كما لا يجوز أن يخصوا ذلك بيوم يتخذ موسماً وعيداً.


رابعاً: اختتام الاحتفال بالقيام احتراماً لرسول الله r، وتقديراً له اختتام سيء لا يرضاه الله ولا رسوله، ولا تقره الشريعة بل هو من البدع المحرمة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبدالله بن منيع، عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، إبراهيم بن محمد آل الشيخ




الرسالة الثالثة


حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد نبي التوبة والرحمة.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا الآية من سورة المائدة، وقال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ الآية من سورة الشورى وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبة الجمعة: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن الله سبحانه وتعالى قد أكمل لهذه الأمة دينها، وأتم عليها نعمته، ولم يتوف نبيه عليه الصلاة والسلام إلا بعدما بلغ البلاغ المبين، وبين للأمة كل ما شرعه الله لها من أقوال وأعمال،
وأوضح صلى الله عليه وسلم أن كل ما يحدثه الناس بعده وينسبونه إلى دين الإسلام من أقوال أو أعمال، فكله بدعة مردود على من أحدثه، ولو حسن قصده، وقد عرف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمر، وهكذا علماء الإسلام بعدهم، فأنكروا البدع وحذروا منها، كما ذكر ذلك كل من صنف في تعظيم السنة وإنكار البدعة كابن وضاح ، والطرطوشي، وأبي شامة وغيرهم.
ومن البدع التي أحدثها بعض الناس: بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وتخصيص يومها بالصيام، وليس على ذلك دليل يجوز الاعتماد عليه، وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، أما ما ورد في فضل الصلاة فيها، فكله موضوع، كما نبه على ذلك كثير من أهل العلم، وسيأتي ذكر بعض كلامهم إن شاء الله وورد فيها أيضا آثار عن بعض السلف من أهل الشام وغيرهم، والذي أجمع عليه جمهور العلماء أن الاحتفال بها بدعة، وأن الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع، وممن نبه على ذلك الحافظ ابن رجب، في كتابه: (لطائف المعارف) وغيره، والأحاديث الضعيفة إنما يعمل بها في العبادات التي قد ثبت أصلها بأدلة صحيحة، أما الاحتفال بليلة النصف من شعبان، فليس له أصل صحيح حتى يستأنس له بالأحاديث الضعيفة.
وقد ذكر هذه القاعدة الجليلة الإمام: أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. وأنا أنقل لك: أيها القارئ، ما قاله بعض أهل العلم في هذه المسألة، حتى تكون على بينة في ذلك، وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الواجب: رد ما تنازع فيه الناس من المسائل إلى كتاب الله- عز وجل، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما حكما به أو أحدهما فهو الشرع الواجب الاتباع، وما خالفهما وجب اطراحه، وما لم يرد فيهما من العبادات فهو بدعة لا يجوز فعله، فضلا عن الدعوة إليه وتحبيذه، كما قال سبحانه في سورة النساء يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ وقال تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ الآية من سورة الشورى، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ، الآية من سورة آل عمران، وقال عز وجل: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهي نص في وجوب رد مسائل الخلاف إلى الكتاب والسنة، ووجوب الرضى بحكمهما، وأن ذلك هو مقتضى الإيمان، وخير للعباد في العاجل والآجل، وأحسن تأويلا: أي عاقبة.
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله- في كتابه: (لطائف المعارف) في هذه المسألة- بعد كلام سبق- ما نصه: (وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام؛ كخالد بن معدان، ومكحول، ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنه بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان، اختلف الناس في ذلك فمنهم من قبله منهم، ووافقهم على تعظيمها، منهم طائفة من عباد أهل البصرة وغيرهم، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، منهم: عطاء، وابن أبي مليكة، ونقله عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن فقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم، وقالوا: ذلك كله بدعة واختلف علماء أهل الشام في صفة إحيائها على قولين:
أحدهما: أنه يستحب إحياؤها جماعة في المساجد. كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم، ويتبخرون ويتكحلون، ويقومون في المسجد ليلتهم تلك، ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك، وقال في قيامها في المساجد جماعة: ليس ذلك ببدعة، نقله حرب الكرماني في مسائله.
والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، إلى أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان: من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه (في رواية) لم يستحب قيامها جماعة لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، واستحبها (في رواية)، لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف، لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام)
انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في ليلة النصف من شعبان، وأما ما اختاره الأوزاعي رحمه الله من استحباب قيامها للأفراد، [واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول، فهو غريب وضعيف


لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعا، لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفردا أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه. لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها،
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله في كتابه: (الحوادث والبدع) ما نصه: (وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على ما سواها).
وقيل لابن أبي مليكة : إن زيادا النميري يقول:
(إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر)، فقال: (لو سمعته وبيدي عصا لضربته) وكان زياد قاصا، انتهى المقصود
وقال العلامة:الشوكاني رحمه الله في: (الفوائد المجموعة) ما نصه: (حديث: يا علي من صلى مائة ركعة ليلة النصف من شعبان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد عشر مرات قضى الله له كل حاجة إلخ وهو موضوع، وفي ألفاظه المصرحة بما يناله فاعلها من الثواب ما لا يمتري إنسان له تمييز في وضعه، ورجاله مجهولون، وقد روي من طريق ثانية وثالثة كلها موضوعة ورواتها مجاهيل، وقال في: (المختصر): حديث صلاة نصف شعبان باطل، ولابن حبان من حديث علي : (إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها)، ضعيف وقال في: (اللآلئ): مائة ركعة في نصف شعبان بالإخلاص عشر مرات مع طول فضله، للديلمي وغيره موضوع، وجمهور رواته في الطرق الثلاث مجاهيل ضعفاء قال: واثنتا عشرة ركعة بالإخلاص ثلاثين مرة موضوع وأربع عشرة ركعة موضوع.
وقد اغتر بهذا الحديث جماعة من الفقهاء كصاحب (الإحياء) وغيره وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه الليلة- أعني: ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة، ولا ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه صلى الله عليه وسلم إلى البقيع، ونزول الرب ليلة النصف إلي سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم بني كلب، فإن الكلام إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة هذا فيه ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها، لا ينافي كون هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه) انتهى المقصود.


وقال الحافظ العراقي : (حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب عليه، وقال الإمام النووي في كتاب: (المجموع): (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب: (قوت القلوب)، و(إحياء علوم الدين)، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما، فإنه غالط في ذلك) .


وقد صنف الشيخ الإمام: أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا نفيسا في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جدا، ولو ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كلام في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل فيما ذكرنا كفاية ومقنعا لطالب الحق.


ومما تقدم من الآيات والأحاديث وكلام أهل العلم، يتضح لطالب الحق أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان بالصلاة أو غيرها، وتخصيص يومها بالصيام بدعة منكرة عند أكثر أهل العلم، وليس له أصل في الشرع المطهر، بل هو مما حدث في الإسلام بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم، ويكفي طالب الحق في هذا الباب وغيره قول الله عز وجعل: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وما جاء في معناها من الآيات، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وما جاء في معناه من الأحاديث، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يومها بالصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم فلو كان تخصيص شيء من الليالي، بشيء من العبادة جائزا، لكانت ليلة الجمعة أولى من غيرها. لأن يومها هو خير يوم طلعت عليه الشمس، بنص الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تخصيصها بقيام من بين الليالي، دل ذلك على أن غيرها من الليالي من باب أولى، لا يجوز تخصيص شيء منها بشيء من العبادة، إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص.
ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم علي أنه قال: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب أو ليلة الإسراء والمعراج يشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة، لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إليه، أو فعله بنفسه، ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة رضي الله عنهم إلى الأمة، ولم يكتموه عنهم، وهم خير الناس، وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهم، وقد عرفت آنفا من كلام العلماء أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في ليلة النصف من شعبان، فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصها بشيء من العبادة، بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب، التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها، للأدلة السابقة، هذا لو علمت، فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف، وقول من قال: أنها ليلة سبع وعشرين من رجب، قول باطل لا أساس له في الأحاديث الصحيحة، ولقد أحسن من قال:
وخير الأمور السالفات على الهدى
وشر الأمور المحدثات البدائع
والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين للتمسك بالسنة والثبات عليها، والحذر مما خالفها، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



عبدالعزيز بن عبد اللّه بن باز
وقال الشّيخ عبدالعزيز بن عبد اللّه بن باز رحمه اللّه في موضع آخر:
"وهكذا سائر البدع ، كلها من القوادح في العقيدة ، لكنها دون الكفر ، إن لم يصاحبها كفر . فهذه البدع مثل : بدعة الموالد ، والبناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، ومثل صلاة الرغائب هذه كلها بدع ، والاحتفال بليلة الإسراء والمعراج التي يحددونها بسبع وعشرين من رجب ، هذه بدعة ليس لها أصل ، وبعض الناس يحتفل بليلة النصف من شعبان ويعمل فيها أعمالا يتقرب بها ، وربما أحيا ليلها أو صام نهارها يزعم أن هذا قربة ، فهذا لا أصل له ، والأحاديث فيه غير صحيحة ، بل هو من البدع "
هذا مقطع من محاضرة ألقيت في شهر صفر عام 1403 هـ في الجامع الكبير بمدينة الرياض ، وصدرت في كتاب بنفس العنوان
وسئـل فضيلة الشيخ محمّد بن صالح بن عثيمين رحمه اللّه تعالى ـ: عن حكـم إظهار الفرح والسرور بعيد الفطر وعيد الأضحى، وبليلة السابع والعشرين من رجب، وليلة النصف من شعبان، ويوم عاشوراء؟
فأجاب فضيلته بقوله: أما إظهار الفرح والسرور في أيام العيد عيد الفطر، أو عيد الأضحى فإنه لا بأس به إذا كان في الحدود الشرعية، ومن ذلك أن يأتي الناس بالأكل والشرب وما أشبه هذا وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر لله عز وجل» يعني بذلك الثلاثة الأيام التي بعد عيد الأضحى المبارك وكذلك في العيد، فالناس يضحون ويأكلون من ضحاياهم ويتمتعون بنعم الله عليهم، وكذلك في عيد الفطر لا بأس بإظهار الفرح والسرور ما لم يتجاوز الحد الشرعي.


أما إظهار الفرح في ليلة السابع والعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، أو في يوم عاشوراء، فإنه لا أصل له وينهى عنه ولا يحضر الإنسان إذا دعي إليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة». فأما ليلة السابع والعشرين من رجب فإن الناس يدعون أنها ليلة المعراج التي عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم فيها إلى الله ـ عز وجل ـ وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية، وكل شيء لم يثبت فهو باطل، والمبني على الباطل باطل، ثم على تقدير ثبوت أن ليلة المعراج ليلة السابع والعشرين من رجب، فإنه لا يجوز لنا أن نحدث فيها شيئاً من شعائر الأعياد أو شيئاً من العبادات؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه فإذا كان لم يثبت عمن عرج به، ولم يثبت عن أصحابه الذين هم أولى الناس به، وهم أشد الناس حرصاً على سنته وشريعته، فكيف يجوز لنا أن نحدث ما لم يكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، في تعظيمها شيء ولا في إحيائها، وإنما أحياها بعض التابعين بالصلاة والذكر لا بالأكل والفرح وإظهار شعائر الأعياد.
وأما يوم عاشوراء فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه فقال: «يكفر السنة الماضية»، يعني التي قبله، وليس في هذا اليوم شيء من شعائر الأعياد وكما أنه ليس فيه شيء من شعائر الأعياد فليس فيه شيء من شعائر الأحزان أيضاً، فإظهار الحزن أو الفرح في هذا اليوم كلاهما خلاف السنة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، في هذا اليوم إلا صيامه، مع أنه عليه الصلاة والسلام، أمر أن نصوم يوماً قبله أو يوماً بعده حتى نخالف اليهود الذين كانوا يصومونه وحده.
وقال رحمه اللّه في موضع آخر:
"في فضل ليلة النصف منه، وقد وردت فيه أخبار قال عنها ابن رجب في اللطائف بعد ذكر حديث علي السابق: إنه قد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجها في صحيحه. ومن أمثلتها حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ وفيه: أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب، خرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، وذكر الترمذي أن البخاري ضعفه، ثم ذكر ابن رجب أحاديث بهذا المعنى وقال: وفي الباب أحاديث أخر فيها ضعف. اهـ
وذكر الشوكاني أن في حديث عائشة المذكور ضعفاً وانقطاعاً.
وذكر الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ حفظه الله تعالى ـ أنه ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وقد حاول بعض المتأخرين أن يصححها لكثرة طرقها ولم يحصل على طائل، فإن الأحاديث الضعيفة إذا قدر أن ينجبر بعضها ببعض فإن أعلى مراتبها أن تصل إلى درجة الحسن لغيره، ولا يمكن أن تصل إلى درجة الصحيح كما هو معلوم من قواعد مصطلح الحديث"
مقطع من كلمة حول شهر شعبان ألقاها الشّيخ في 21/8/1403هـ.
وقال الشّيخ عبد العزيز بن باز:
"والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد كتبت في ذلك كتابة مطولة بعض الطول ، وفي بدع أخرى كبدع الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، وليلة النصف من شعبان ، وقد طبعت كلها في كتيب بعنوان ( التحذير من البدع ) وهو يوزع من دار الإفتاء ومن وزارة الشئون الإسلامية ، وهو موجود في كتابي بعنوان ( مجموع فتاوى ومقالات ) في المجلد الأول صـ 227 فمن أحب أن يراجع ذلك فليفعل . ونسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لمعرفة الحق واتباعه وأن يعيذنا جميعا من البدع والمنكرات ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه"
مقطع من إجابته على أسئلة موجهة من المجلة العربية في 29/5/1417هـ
وقال الشّيخ بن عثيمين:
" • • النوع الثالث: ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء فهذا قد يحدث فيه ما يعتقد أن له فضيلة كما أحدث بعض أهل الأهواء فيه التعطش والتحزن والتجمع .. وأحدث بعض الناس فيه أشياء مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها مثل فضل الاغتسال فيه.. وقد روي في التوسع به على العيال آثار معروفة .. والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة فإن هؤلاء أعدو يوم عاشوراء مأتماً فوضع أولئك آثاراً تقتضي التوسع فيه وكلاهما باطل.
301- وهؤلاء فيهم بدع وضلال وأولئك فيهم بدع وضلال وإن كانت الشيعة أكثر كذباً وأسوأ حالاً.
302- ومن هذا الباب ليلة النصف من شعبان روي في فضلها أحاديث ومن السلف من يخصها بالقيام ومن العلماء من السلف وغيرهم من أنكر فضلها وطعن في الأحاديث الواردة فيها، لكن الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم على تفضيلها. فأما صوم يوم النصف مفرداً فلا أصل له، بل إفراده مكروه وكذلك اتخاذه موسماً تصنع فيهالأطعمة. وما أحدث ليلة النصف من الاجتماع للصلاة الألفية فإن هذا الاجتماع مكروه لم يشرع"
مقطع من درس يوم الاثنين الموافق للثامن والعشرين
من شهر الله المحرم سنة 1400 أربعمائة وألف

=====

ولقد صحّح الشّيخ الألباني رحمه اللّه حديث "يطلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن"في الجزأ الثّالث الصّفحة135 من سلسلته الصّحيحة

====

وفي رواية أخرى"يطلع الله إلى عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه"
قال الألباني رحمه اللّه صحيح لغيره
صحيح الترغيب و التّرهيب-الجزأالثّالث

====

وسئل الشّيخ مقبل رحمه اللّه ما نصّه:"هل يجوز حضور احتفالاتهم، مثل أعياد الميلاد وغيرها؟
الجواب: لا يجوز، يقول الله تعالى: {والّذين لا يشهدون الزّور60}، بل المسلمون أنفسهم إذا أقاموا مولدًا أو احتفلوا بليلة سبعة وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، أو بعيد الهجرة، أو بعيد الثورة، أو بعيد الأم، أو عيد الشجرة، وغيرها من الأعياد الجاهلية فكل هذه لا يجوز حضورها.
السؤال42 من تحفة المجيب على أسئلة الحاضر و الغريب



======

وسئل الشّيخ صالح الفوزان حفظه اللّه ما نصّه:
"هل ورد نص قرآني أو حديث نبوي يفيد قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهاره‏؟‏ وإذا كان ذلك واردًا هل هناك كيفية معينة لقيام ليلة النصف من شعبان‏؟"‏
فأجاب حفظه اللّه:"إنه لم يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بخصوص ليلة النصف من شعبان ولا صيام اليوم الخامس عشر من شعبان، لم يثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دليل يعتمد عليه، فليلة النصف من شعبان كغيرها من الليالي، من كان له عادة القيام والتهجد من الليل فإنه يقوم فيها كما يقوم في غيرها، من غير أن يكون لها ميزة، لأن تخصيص وقت بعبادة من العبادات لابد له من دليل صحيح، فإذا لم يكن هناك دليل صحيح، فتخصيص بعض الأوقات بنوع من العبادة يكون بدعة، وكل بدعة ضلالة‏.‏
وكذلك لم يرد في صيام اليوم الخامس عشر من شعبان أو يوم النصف من شعبان، لم يثبت دليل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقتضي مشروعية صيام ذلك اليوم، ومادام أنه لم يثبت فيه شيء بخصوصه، فتخصيصه بالصيام بدعة؛ لأن البدعة هي ما لم يكن له دليل من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مما يزعم فاعله أنه يتقرب فيه إلى الله عز وجل، لأن العبادات توقيفية، لابد فيها من دليل من الشارع‏.‏
أما ما ورد من الأحاديث في هذا الموضوع فكلها ضعيفة، كما نص على ذلك أهل العلم، فلا يثبت بها تأسيس عبادة، لا بقيام تلك الليلة، ولا بصيام ذلك اليوم، لكن من كان من عادته أنه يصوم الأيام البيض، فإنه يصومها في شعبان كما يصومها في غيره، أو من كان من عادته أنه يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وصادف ذلك النصف من شعبان فإنه لا حرج عليه أن يصوم على عادته، لا على أنه خاص بهذا اليوم، وكذلك من كان يصوم من شعبان صيامًا كثيرًا كما كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصوم ويكثر الصيام من هذا الشهر ‏(5)، لكنه لم يخص هذا اليوم، الذي هو الخامس عشر، لم يخصه بصيام فإنما يدخل تبعًا‏.‏
الحاصل أنه لم يثبت بخصوص ليلة النصف من شعبان دليل يقتضي إحياءها بالقيام، ولم يثبت كذلك في يوم الخامس عشر من شعبان دليل يقتضي تخصيصه بالصيام، فما يفعله بعض الناس خصوصًا العوام في هذه الليلة أو في هذا اليوم هذا كله بدعة يجب النهي عنه، والتحذير منه، وفي العبادات الثابتة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الصلوات والصيام، ما يغني عن هذا المحدثات، والله تعالى أعلم‏."
الجامع في البدع-الجزأ الثّاني من فتاوى الشّيخ



====

وقال شيخ الإسلام رحمه اللّه تعالى:
"وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل وكان في السلف من يصلي فيها لكن الاجتماع فيها لإحيائها في المساجد بدعة"الفتاوى الكبرى-الجزأ4-الصّفحة428



=====
وقال رحمه اللّه في موضع آخرعن ليلة النّصف من شعبان:" إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف فهو حسن وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة كالإجتماع على مائة ركعة بقراءة ألف قل هو الله أحد الاخلاص 1 دائما فهذه بدعة لم يستحبها أحد من الأئمة و الله أعلم"
الفتاوى الكبرى-الجزءالأوّل-الصّفحة174


=====


من أحكام صيام شهر شعبان للعلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


قال الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:  كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ, وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ, وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم اِسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ, وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ
الشرح:
أولا عائشة رضي الله عنها وغيرها من أمهات المؤمنين عندهن من العلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ما ليس عند غيرهن ولهذا كان النفر الثلاثة الذين سألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم في السر إنما سألوا زوجاته لأنهن أعلم وهذا من فوائد تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحفظن من أعماله في السر ما لا يحفظه غيرهن
تقول {كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ }

يعني يصوم ويكثر الصوم وعلى العكس من ذلك وهذا غير الصيام المعتاد الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يعتاده
لماذا يموه؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إمام الأمة وقائد الأمة تعتريه أشغال وأحوال يكون فيها بعض العبادات أفضل من بعض فيراعي النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل
ولهذا نحن نجزم أنه ما خرج مع كل جنازة ولا صام كل يوم ولا يوما وأفطر يوما
وهكذا ينبغي للإنسان لأن يكون سائسا لنفسه ، إذا رأى فيها إقبالا على عمل ما وهو عمل صالح يفعل ما لم يشغله عن فريضة
ومنه أخذ العلماء تلك القاعدة المشهورة : وهو ما قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل ، كل ذلك باعتبار المصالح .
لكن التبادل إنما هو في أعمال التطوع فقد يكون هذا الشخص يصوم ونقول إن الصوم لك أفطر وهذا الشخص يفطر ونقول إن الفطر لك أفضل
حتى قال العلماء لو أن طالب العلم إذا صام حصل له كسل وتعب ولم يجد نشاطه في طلب العلم ، قالوا الأفضل أن يفطر لأن طلب العلم افضل من الصوم
وكذلك أيضا لو الإنسان رأى أنه تعب أو مل من الصلاة فنقول له نم فالنوم أفضل .
قولها { وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان } :
إذا الرسول عليه الصلاة والسلام لا يصوم الشهر المحرم مع أنه قال لما سئل أي الصيام أفضل قال شهر الله المحرم وهو عليه الصلاة والسلام وإن صام في محرم لا يستكمله قطعا .
قالت ( وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان )
وظاهر كلامها حتى في محرم قيل لأن هذا الشهر شهر يغفل فيه الناس بين رجب ورمضان فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون فيه متعبدا وقيل بل لأن شعبان في مقدمة يدي رمضان
وقيل من أجل أن يمرض نفسه على الصوم ليتقبل رمضان
وتعدد العلل مما يزيد الحكم قوة
فوائد الحديث

1-أن عمل النبي صلى الله عليه وسلم بحسب المصالح يؤخذ من قوله ( كان يصوم حتى نقول لايفطر ويفطر حتى نقول لايصوم )


2-أنه ينبغي للإنسان أن يسوس نفسه في العمل الصالح ويروضها على العمل ويتبع ما هو أنسب .
فإن قلت كيف نجمع بين هذا الحديث وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم : أحب العمل عند الله أدومه وإن قل ؟ فالجواب : يقال لا تعارض لأننا نقول اترك العمل هكذا بل نقول اتركه لعمل آخر ، لمصلحة أو لعذر
قال النبي عليه الصلاة و السلام : "من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما " ، كأنما فعله .

3-فيه دليل على فضيلة الصوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر منه حتى يقال إنه لا يفطر ومن فضيلته أن للصوم تطوعا مقيدا وتطوعا مطلقا.

4-أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهرا كاملا قط إلا رمضان .
هل يؤخذ منه أن تحريم الزوجة ليس بظهار ؟ لا يمكن أخذ ذلك من الحديث وجه ذلك أن من خصال كفارة الظهار صوم شهرين متتابعين .
على كل حال يؤخذ من هذا الحديث أنه لا ينبغي للإنسان أن يصوم في التطوع شهرا كاملا ، يؤخذ من كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ن وفعل النبي صلى الله عليه وسلم سنة وتركه سنة ، طيب لو أنه صام يوما وأفطر يوما مدى الدهر هذا أفضل الصيام .

5-مشروعية إكثار الصوم في شعبان يؤخذ من قوله {وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ }

هل يؤخذ منه بيان ضعف الحديث الذي رواه أبو هريرة " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ؟ نعم . كيف ذلك ؟ ما دام أنه يكثر الصيام في شعبان دل على أنه ضعيف وفيه مناقشة
على كل حال نقول كما قال ابن القيم وجماعة من أهل العلم إن الشهر المحرم أفضل الشهور في الصيام المطلق ، وشهر شعبان صوم مقيد
قلنا قد يؤخذ من هذا الحديث ضعف الحديث الذي رواه أبو هريرة " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا "
وجهه :قولها { ما رأيته في شهر أكر منه صياما في شعبان}

ولكن هذا فيه مناقشة :
لأنه قد يقال هو يكثر الصوم في شعبان إذا صام خمسة عشر يوما منه وكان لا يصوم في الشهور الأخرى إلا عشرة أيام مثلا فإنه يصدق أن يقال : ما رأيته في شهر أكر منه صياما في شعبان
ولكن لفظ الحديث اللفظ الثاني " كان يصومه كله " وفي لفظ " كان يصومه إلا قليلا "
وهذا يتبين به الدلالة على ضعف الحديث المذكور كما إن الإمام أحمد أعله بحديث " لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين.

انتهى كلامه رحمه الله


المصدر : من شرح الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله لكتاب بلوغ المرام كتاب الصيام باب صوم التطوع وما نهي عن صومه .الشريط الثامن.

__________________



إلى الغافلين عن فضل ليلة النصف من شعبان !

أحببت تذكير الغافلين عن ليلة النصف من شعبان ؛ إذ ورد في فضلها حديث صححه شيخنا المحدث الألباني عالم هذا العصر في الحديث النبوي بشهادة الكبار ومنهم العلامة ابن باز رحمهما الله تعالى ؛ وذلك حتى يصفي أهل الحسد والحقد قلوبهم من الغل والشحناء والبغضاء على إخوانهم المسلمين ؛ كيما يشملهم ربهم سبحانه وتعالى بالمغفرة في هذه الليلة ؛ كما أنبه الواقعين في الشرك الأصغر والأكبر والخفي أن يتوبوا إلى ربهم حتى تشملهم المغفرة كذلك .

قال شيخنا درة الزمان الألباني رحمه الله تعالى :

- " يطلع الله تبارك و تعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه

إلا لمشرك أو مشاحن " .


قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 3 / 135 :


حديث صحيح ، روي عن جماعة من الصحابة من طرق مختلفة يشد بعضها بعضا و هم معاذ

ابن جبل و أبو ثعلبة الخشني و عبد الله بن عمرو و أبي موسى الأشعري و أبي هريرة

و أبي بكر الصديق و عوف ابن مالك و عائشة .

1 - أما حديث معاذ فيرويه مكحول عن مالك بن يخامر عنه مرفوعا به . أخرجه ابن

أبي عاصم في " السنة " رقم ( 512 - بتحقيقي ) حدثنا هشام بن خالد حدثنا أبو

خليد عتبة بن حماد عن الأوزاعي و ابن ثوبان ( عن أبيه ) عن مكحول به . و من هذا

الوجه أخرجه ابن حبان ( 1980 ) و أبو الحسن القزويني في " الأمالي " ( 4 / 2 )

و أبو محمد الجوهري في " المجلس السابع " ( 3 / 2 ) و محمد بن سليمان الربعي في

" جزء من حديثه " ( 217 / 1 و 218 / 1 ) و أبو القاسم الحسيني في " الأمالي "

( ق 12 / 1 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 288 / 2 ) و ابن عساكر في "

التاريخ " ( 15 / 302 / 2 ) و الحافظ عبد الغني المقدسي في " الثالث و التسعين

من تخريجه " ( ق 44 / 2 ) و ابن المحب في " صفات رب العالمين " ( 7 / 2 و 129 /

2 ) و قال : " قال الذهبي : مكحول لم يلق مالك بن يخامر " .

قلت : و لولا ذلك لكان الإسناد حسنا ، فإن رجاله موثوقون ، و قال الهيثمي في

" مجمع الزوائد " ( 8 / 65 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "

و رجالهما ثقات " .

2 - و أما حديث أبي ثعلبة فيرويه الأحوص بن حكيم عن مهاصر بن حبيب عنه . أخرجه

ابن أبي عاصم ( ق 42 - 43 ) و محمد بن عثمان بن أبي شيبة في " العرش " ( 118 /

2 ) و أبو القاسم الأزجي في " حديثه " ( 67 / 1 ) و اللالكائي في " السنة " ( 1

/ 99 - 100 ) و كذا الطبراني كما في " المجمع " و قال : " و الأحوص بن حكيم

ضعيف " . و ذكر المنذري في " الترغيب " ( 3 / 283 ) أن الطبراني و البيهقي أيضا

أخرجه عن مكحول عن أبي ثعلبة ، و قال البيهقي : " و هو بين مكحول و أبي ثعلبة

مرسل جيد " .

3 - و أما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه ابن لهيعة حدثنا حيي بن عبد الله عن

أبي عبد الرحمن الحبلي عنه . أخرجه أحمد ( رقم 6642 ) .

قلت : و هذا إسناد لا بأس به في المتابعات و الشواهد ، قال الهيثمي : " و ابن

لهيعة لين الحديث و بقية رجاله وثقوا " . و قال الحافظ المنذري : ( 3 / 283 )

" و إسناده لين " .

قلت : لكن تابعه رشدين بن سعد بن حيي به . أخرجه ابن حيويه في " حديثه " . ( 3

/ 10 / 1 ) فالحديث حسن .

4 - و أما حديث أبي موسى فيرويه ابن لهيعة أيضا عن الزبير بن سليم عن الضحاك بن

عبد الرحمن عن أبيه قال : سمعت أبا موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه .

أخرجه ابن ماجه ( 1390 ) و ابن أبي عاصم اللالكائي .

قلت : و هذا إسناد ضعيف من أجل ابن لهيعة . و عبد الرحمن و هو ابن عرزب والد

الضحاك مجهول . و أسقطه ابن ماجه في رواية له عن ابن لهيعة .

5 - و أما حديث أبي هريرة فيرويه هشام بن عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي صالح

عنه مرفوعا بلفظ : " إذا كان ليلة النصف من شعبان يغفر الله لعباده إلا لمشرك

أو مشاحن " . أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 245 - زوائده ) . قال الهيثمي :

" و هشام بن عبد الرحمن لم أعرفه ، و بقية رجاله ثقات " .

6 - و أما حديث أبي بكر الصديق فيرويه عبد الملك بن عبد الملك عن مصعب بن أبي

ذئب عن القاسم بن محمد عن أبيه أو عمه عنه . أخرجه البزار أيضا و ابن خزيمة في

" التوحيد " ( ص 90 ) و ابن أبي عاصم و اللالكائي في " السنة " ( 1 / 99 / 1 )

و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 2 ) و البيهقي كما في " الترغيب " ( 3 /

283 ) و قال : " لا بأس بإسناده " ! و قال الهيثمي : " و عبد الملك بن عبد

الملك ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " و لم يضعفه . و بقية رجاله

ثقات " ! كذا قالا ، و عبد الملك هذا قال البخاري : " في حديثه نظر " . يريد

هذا الحديث كما في " الميزان " .

7 - و أما حديث عوف ابن مالك فيرويه ابن لهيعة عن عبد الرحمن ابن أنعم عن عبادة

ابن نسي عن كثير بن مرة عنه . أخرجه أبو محمد الجوهري في " المجلس السابع "

و البزار في " مسنده " ( ص 245 ) و قال : " إسناده ضعيف " .

قلت : و علته عبد الرحمن هذا و به أعله الهيثمي فقال : " و ثقة أحمد بن صالح

و ضعفه جمهور الأئمة ، و ابن لهيعة لين و بقية رجاله ثقات " .

قلت : و خالفه مكحول فرواه عن كثير بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا .

رواه البيهقي و قال : " هذا مرسل جيد " . كما قال المنذري . أخرجه اللالكائي

( 1 / 102 / 1 ) عن عطاء بن يسار و مكحول و الفضل بن فضالة بأسانيد مختلفة عنهم

موقوفا عليهم و مثل ذلك في حكم المرفوع لأنه لا يقال بمجرد الرأي . و قد قال

الحافظ ابن رجب في " لطائف المعارف " ( ص 143 ) : " و في فضل ليلة نصف شعبان

أحاديث متعددة و قد اختلف فيها ، فضعفها الأكثرون و صحح ابن حبان بعضها و خرجه

في " صحيحه " و من أمثلها حديث عائشة قالت : فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ...

" الحديث .

8 - و أما حديث عائشة فيرويه حجاج عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عنه مرفوعا بلفظ

: " إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ، فيغفر لأكثر

من عدد شعر غنم كلب " . أخرجه الترمذي ( 1 / 143 ) و ابن ماجه ( 1389 )

و اللالكائي ( 1 / 101 / 2 ) و أحمد ( 6 / 238 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من

المسند " ( 194 / 1 - مصورة المكتب ) و فيه قصة عائشة في فقدها النبي صلى الله

عليه وسلم ذات ليلة . و رجاله ثقات لكن حجاج و هو ابن أرطأة مدلس و قد عنعنه ،

و قال الترمذي " و سمعت محمد ( يعني البخاري ) : يضعف هذا الحديث " .

و جملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب و الصحة تثبت بأقل منها

عددا ما دامت سالمة من الضعف الشديد كما هو الشأن في هذا الحديث ، فما نقله

الشيخ القاسمي رحمه الله تعالى في " إصلاح المساجد " ( ص 107 ) عن أهل التعديل

و التجريح أنه ليس في فضل ليلة النصف من شعبان حديث صحيح ، فليس مما ينبغي

الاعتماد عليه ، و لئن كان أحد منهم أطلق مثل هذا القول فإنما أوتي من قبل

التسرع و عدم وسع الجهد لتتبع الطرق على هذا النحو الذي بين يديك . و الله

تعالى هو الموفق .

الشيخ علي رضا



جمع وإعداد طالبة علم
ونحسبها كذلك ولا نزكيها على الله





__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07-20-2009, 08:04 PM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
افتراضي

الرفع للمناسبة
__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-29-2009, 09:32 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

جزاك الله خيرا أختي طالبة علم ونفع بك وبارك فيك على هذه الدرر القيمة وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتك
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-31-2009, 10:54 AM
طالبة علم طالبة علم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 513
افتراضي

وجزاكِ أختنا المباركة أم سلمة وبارك فيكِ ولكِ وعليكِ

وأسأل الله ألا يحرمني أجر الدلالة على الخير

إنه ولي ذلك والقادر عليه .

شكرا لكِ أخيتي .
__________________
وما أنا إلا ناقلة للخير والشكر موصول لمن أنقل عنه من باب الدلالة على الخير


To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-12-2010, 10:53 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

جزاك الله خيرًا أختي طالبة علم وبارك في هذا الجمع، وجعله في موازين حسناتك.

وأضيف لهذا الملف الموضوع التالي:

[ تفريغ ] خطبة فضائل شهر شعبان وما يتعلق به من أحكام - علي الحلبي ( بي دي إف)
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 07-14-2010, 09:46 AM
قيود من حرير قيود من حرير غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 2
افتراضي

جزاكم الله خيرا ، وجعله في ميزان حسناتكم ،أثلجتم صدري .

وبارك الله جهودكم .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.