أشكل علي جواب لأبي حاتم لابنه فهل من مفسر لجوابه ................

[الزيلعي]

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق وأبو قرة موسى بن طارق ، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن الزهري ، عن عروة عن بسرة وزيد بن خالد عن النبي في مس الذكر ، قال أبي : أخشى أن يكون ابن جريج أخذ هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى ؛ لأن أبا جعفر ثنا قال سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول : جاءني ابن جريج يكتب مثل هذا - خفض يده اليسرى ورفع اليمنى مقدار بضعة عشر جزءا - فقال : أروي هذا عنك ؟ قال : نعم .
وقال أيضا : سأل أبي عن حديث رواه حسن الحلواني عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه ، عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير ، عن المهاجر بن عكرمة عن الزهري ، عن عروة عن عائشة عن النبي : ' من مس ذكره فليتوضأ ' .
ورواه شعيب بن إسحاق ، عن هشام ، عن يحيى ، عن عروة ، عن عائشة عن النبي : ' من مس ذكره في الصلاة فليتوضأ ' .


قال أبي : هذا حديث ضعيف لم يسمعه يحيى من الزهري ، وأدخل فيهم رجلا ليس بالمشهور ، ولا أعلم أحدا روى عنه إلا يحيى ، وإنما يرويه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عروة عن مروان ، عن بسرة عن النبي ، ولو أن عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهما أحدا ، وهذا يدل على وهن الحديث .

فاسؤال : فأين ذكر سماع يحيى للزهري في الإسنادين،ومن هو الرجل الذي ليس بمشهور؟ ومن هو الرجل الذي أدخل بين عروة وعائشة؟هذه ثلاث إشكالات.........

[عمر الزهيري]

يا أخانا الزيلعي هذه يجيبها إمام اختلط علم الحديث وعلله بدمه ولحمه :)

[الزيلعي]

لعل الله يفتح على أحدنا يا أخي المبارك وأرجو أن يكون قريبا..............

[عصام هادي]

أخي الفاضل جزاك الله خيرا على مباحثك الشيقة وزادنا الله وإياك تبصرة بهذا العلم الذي مات أهله، وقل متقنه ولا حول ولا قوة إلا بالله
• الرجل غير المشهور هو المهاجر بن عكرمة قال ابن حجر في ترجمة المهاجر في تهذيب التهذيب (10/ 322): (( قلت: قال أبو حاتم في العلل: لا أعلم أحداً روى عن المهاجر بن عكرمة غير يحيى بن أبي كثير والمهاجر ليس بالمشهور )).
• لم يقصد أبو حاتم أن هذا الحديث رواه يحيى عن الزهري، وإنما قصد أن يحيى له رواية في الجملة عن الزهري لكن هذا الحديث لم يسمعه من الزهري بدليل أنه أدخل بينه وبين الزهري رجلاً غير مشهور وهو المهاجر ولو كان يحيى سمعه من الزهري لم يدخل راوياً غير مشهور بينهما.
• قصد أبو حاتم أن من روى هذا الحديث عن عروة عن عائشة واهم ومخطئ إذ لو كان هذا الحديث عند عروة عن عائشة لم يحتج أن ينزل بالإسناد فيرويه عن مروان عن بسرة أي يرويه عن تابعي عن صحابية وهو عنده عن عائشة فهذا معنى قوله: (( لم يدخل بينهما أحداً )).
ووفقنا الله وإياك وسائر إخواننا لطاعته.

[عصام هادي]

وبعد كتابة ما سبق رأيت في علل الدارقطني:
وقال عبد الوهاب الخفاف: عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير، عن الزهري مرسلا، لم يذكر فيه: المهاجر بن عكرمة

[عصام هادي]

وبعد كتابة ما سبق رأيت في علل الدارقطني:
وقال عبد الوهاب الخفاف: عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير، عن الزهري مرسلا، لم يذكر فيه: المهاجر بن عكرمة

[عمر الزهيري]

جزاك الله خيراً شيخ عصام

[بن يوسف]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده
قبل الإجابة على هذا السؤال يجب على السائل أن يعلم أن المسائل الواردة في كتاب ''العلل'' لابن أبي حاتم فيما يخص الأحاديث التي يسأل عنها والده و أبا زرعة الرازي إنما تكون الإجابة فيها على قدر السؤال و بعبارة أخرى : أن الجواب غالبا لا يتعدى الإسناد المسؤول عنه بحيث لا يتطرق أبو حاتم أو أبو زرعة لتتبع طرق الحديث و استقصاء رواياته و استحضار شواهده بله الإشارة إلى المسائل الفقهية الخلافية و ترجيح أحد طرفي الاختلاف فيها على غرار كتاب الدارقطني الذي يعرف المطلع فيه أنه يفعل ذلك في كثير من المرات و كلاهما لا يهتم بالمسائل الفقهية و تلك طبيعة كتابيهما لأنهما خصصا لبيان العلل الواردة في الأحاديث
و هو ما فعله أبو حاتم عند جوابه على الإشكال الذي أورده ابنه فأجاب بمقتضى السؤال لأن هذا الحديث قد روي من طرق متعددة و كثيرة عن جمع من الصحابة و لهذا نجد الترمذي بعد أن روى حديث بسرة قال : ''و في الباب عن أم حبيبة و أببي أيوب و أبي هريرة و أروى ابنة أنيس و عائشة و جابر و زيد بن خالد و عبد الله بن عمرو''
قلت : و عبد الله بن عباس و طلق بن علي بن المنذر و عبد الله بن عمر و غيرهم في هذا المعنى
فإذا علمت هذا فاعلم أن الكلام في هذه المسألة إنما يختص بسماع بعض الرواة عن بعض و رواية أحاديث مخصوصة فيما بينهم اشترك فيها من ذكر و لا يشمل النقد جميع مروياتهم التي على هذه الصيغة من الرواية و ذلك أن إنكار أبي حاتم لرواية عروة عن عائشة لهذا الحديث مثلا إنما هو مقتصر على هذه الطريق فقط لأن من أمعن النظر في كتب الرجال يعلم أن عروة بن الزبير من المكثرين عن عائشة كيف لا و هي خالته و لم يذكر أحد أنه لم يرو عنها حتى أبا حاتم نفسه لم يذكر ذلك في ''المراسيل''
فإنكاره لسماعه منها إنما ينصرف لهذا الحديث فقط و لذلك قال :
''و لو أن عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهم أحدا''
أي أنه لو سمع منها هذا الحديث لكان يرويه عنها مباشرة و يستغني بذلك عن روايته عن مروان عن بسرة كما هو معروف و مشهور عنه في رواية هذا الحديث لأن هذه هي الرواية المشهورة المعروفة عنه و هكذا رواه الزهري من طريقه و قد خالف جماعة من أهل العلم فجعلوه من رواية هشام عن عروة عن بسرة باسقاط مروان –و هو ابن الحكم بن أبي العاص- و ليس هذا محل بحث هذا الاختلاف لأن هذا الحديث خصيصا يحتاج إلى تأليف مستقل لتحرير طرقه عن جميع من رواه من الصحابة رضوان الله عليهم
ثم قال أبو حاتم : ''و هذا يدل على وهن الحديث''
أي على وهن هذه الطريق التي جاء فيها عن عروة عن عائشة لأنه اقتصر على روايته عن مروان عن بسرة مع وجود علو الإسناد لو صحت تلك الطريق التي جاء فيها عن عروة عن عائشة
أما قوله : ''لم يدخل بينهم أحدا''
يريد و الله أعلم لو صح له حديثه عن عائشة لم يكن ليدخل بينه و بين النبي صلى الله عليه و سلم غيرها كما فعل فيما اشتهر عنه من روايته عن مروان عن بسرة و هذا إن لم يكن فيه إلا النزول لكان كافيا في تصويب كلام أبي حاتم
و هو ما يجاب به على تساؤل الأخ الكريم : ''من هو الرجل الذي أدخل بين عروة و عائشة''
أما قوله : ''فأين ذكر سماع يحيى للزهري في الإسنادين''
فهذا من جنس ما مر قبل فإن أبا حاتم قد أشار أن الصواب من حديث يحيى هو روايته له عن عروة عن عائشة و لا يعني أنه صحيح عنده بل و لا حتى عند غيره و لم يعل أبو حاتم الحديث بمن هو دون يحيى لأن الظاهر من ترجمة يحيى بن أبي كثير و إن كان من رجال الصحيح أنه قد فعل في أحاديث أبي سلام كما ذكره ابن أبي حاتم في ''المراسيل'' و قد أخرج صحيفة عن أبي سلام فلما سئل : ''سمعت من أبي سلام'' قال : ''لا'' فقال : ''فمن رجل سمعه من أبي سلام'' فقال : ''لا''
فلهذا السبب و لأن هذا الحديث لا يعرف عن عروة إلا من حديث بسرة لا من حديث عائشة و لأن يحيى و الزهري قرينان و لأنه لم يسمع من عروة فقد قال أبو حاتم نفسه : ''أراه يدخل بينه و بينه رجل أو رجلان و لا يذكر سماع و لا رؤية'' –لهذه الأسباب- قال أبو حاتم لم يسمعه يحيى من الزهري لأن الحديث حديث الزهري في كثير من طرقه بل أغلبها عن عروة
فالجواب على سؤال السائل : ''أين ذكر سماع يحيى للزهري'' هو أن أبا حاتم لا ينفي هذه الصورة من السماع التي قد تتبادر إلى الذهن و إنما ينفي كونه قد أخذ هذا الحديث عن الزهري أو من طريقه و لذلك أدخل رجلا مجهولا في الإسناد و هو ''المهاجر بن عكرمة''
أما قول أبي حاتم : ''لا أعلم أحدا روى عنه إلا يحيى'' فد ذكر المزي في الرواة عنه زيادة على يحيى كذلك : ''جابر بن يزيد الجعفي و أبو قزعة سويد بن حجير الباهلي''
كتبت هذا ثم تريثت في نشره إلى أن رأيت رد الأخ عصام فجزاه الله خيرا لكني آثرت وضعه هنا للفائدة
و الله أعلم

[الزيلعي]

جزاكم الله عني كل خير وبخاصة الشيخ (عصام) عصمه الله من كل مكروه.