أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
29485 | 142611 |
#1
|
|||
|
|||
من إنصاف شيخ الإسلام مع المخالف
قال ابن تيمية رحمه الله:
ومن أهل البدع من يكون فيه إيمان باطنًا وظاهرًا؛ لكن فيه جهل وظلم حتى أخطأ ما أخطأ من السنة؛ فهذا ليس بكافر ولا منافق، ثم قد يكون منه عدوان وظلم يكون به فاسقًا أو عاصيًا، وقد يكون مخطئًا متأولًا مغفورًا له خطؤه، وقد يكون مع ذلك معه من الإيمان والتقوى ما يكون معه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه. المجموع [3/353]:
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#2
|
|||
|
|||
وقال ابنُ تيميةَ في" منهاج السنة":
فأهل السُّنةِ يستعملون معهم -أي المخالفين- العدلَ والإنصافَ، ولا يظلمونهم؛ فإن الظلمَ حرامٌ مطلقاً.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#3
|
|||
|
|||
كان شيخ الإسلام، رحمه الله، إذا تكلم في الأقوال المنحرفةِ والباطلةِ أتى عليها من أُصولِها فيَنسِفها نسفا، ولا يدعُ فيها شبهةً إلا رد عليها ردا وافرا فلا يدَعُ لأصحابها حجةً.
وأما إذا تكلم في الأشخاص والأعيان والأتباع؛ فإنه كان يعذرُ الجاهلَ والمتأوِّلَ والمجتهدَ المخطئَ والمقلدَ؛ لأن ظهورَ الحقِّ يختلفُ باختلاف الأزمنةِ والأمكنةِ، ويختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم وظروفهم، ولإن الحق لا يظهر ظهورا جليا لكل أحد؛ لاختلاف مدارك العقول والفهوم. وكان يذكر بأن هذا منهجُ السلف في التعامل مع المخالف. قال، رحمه الله، في كتابه " بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية": أكثرُ الطالبين للعلم والدينِ ليس لهم قصدٌ من غيرِ الحقِّ المبينِ؛ لكنْ كثرت في هذا البابِ الشُّبَهُ والمقالاتُ، واستولت على القلوبِ أنواعُ الضلالات، حتى صار القولُ الذي لا يَشك مَن أُوتيَ العلمَ والإيمانَ أنه مخالفٌ للقرآن والبرهان؛ بل لا يَشُك في أنه كُفْرٌ بما جاء به الرسولُ من ربِّ العالمين؛ قد جهله كثيرٌ من أعيانِ الفضلاءِ، فظنُّوا أنَّه من مَحضِ العلم والإيمان؛ بل لا يشكون في أنه مقتضى صريحِ العقل والعيان، ولا يظنون أنه مخالفٌ لقواطع البرهان؛ ولهذا كنت أقول لأكابرهم: لو وافقتكم على ما تقولونه لكنتُ كافرًا؛ لعلمي بأنَّ هذا كفرٌ مبين، وأنتم لا تَكفُرون؛ لأنكم من أهل الجهل بحقائق الدين؛ ولهذا كان السلف والأئمة يُكفِّرون الجهميةَ في الإطلاق والتعميم، وأما المعيَّن منهم فقد يَدْعون له، ويستغفرون له؛ لكونه غيرَ عالمٍ بالصراط المستقيم. وقد يكون العلمُ والإيمان ظاهرًا لقومٍ دون آخرين، وفي بعض الأمكنة والأزمنةِ دون بعضٍ، بحسب ظهور دين المرسلين.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#4
|
|||
|
|||
كان هَمُّ شيخِ الإسلام إظهارَ الحقِّ لا منازعةَ الخلقِ، وردَّ القولِ الباطلِ لا مخاصمةَ القائلِ.
يقول، رحمه الله، في "الرد على الإخنائي": وهذا الموضع يغلَطُ فيه هذا المعترضٌ وأمثالُه، ليس الغلطُ فيه من خصائصِه، ونحن نعدِل فيه ونقصدُ قولَ الحقِّ والعدلَ فيه، كما أمر الله تعالى؛ فإنه أمر بالقسط على أعدائنا الكفار، فقال سبحانه وتعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى}. فكيف بإخواننا المسلمين؟ والمسلمون إخوةٌ، والله يغفرُ له ويسدّدُه ويوفقُه وسائرَ إخواننا المسلمين.
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#5
|
|||
|
|||
وقال، رحمه الله:
ليس كلُّ مخطئٍ ولا مبتدعٍ ولا جاهلٍ ولا ضالٍّ يكون كافرا، بل ولا فاسقًا، بل ولا عاصيًا، لا سيما في مثل مسألة القرآن، وقد غلط فيها خلقٌ من أئمة الطوائفِ المعروفين عند الناس بالعلم والدين، وغالبُهم يقصدُ وجهًا من الحق فيَتَّبعُه، ويعزُبُ عنه وجهٌ آخرُ لا يُحققه، فيبقى عارفًا ببعض الحق، جاهلًا ببعضِه. [المجموع: 12/180]
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
#6
|
|||
|
|||
من أَخلاقِ شيخِ الإسلام مع خصومِه، والتي لا تكادُ تسمعُ بها إلا في القَصَصِ والروايات.
يقول تلميذُه ابنُ القيم: وجئتُ يوماً مُبشراً له بموت أكبرِ أعدائه، وأشدِّهم عداوةً وأذىً له، فنَهَرني وتنَكَّر لي واسترجع. ثم قام من فورِه إلى بيتِ أَهلِه فعزّاهم، وقال: إني لكم مكانَه، ولا يكون لكم أمرٌ تحتاجون فيه إلى مساعدةٍ إلا وساعدتكم فيه. ونحوَ هذا من الكلام. فسُرُّوا به ودعَوْا له وعظًّموا هذه الحالَ منه. فرحمه الله ورضي عنه. [مدارج السالكين]
__________________
. (یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|