أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
30440 83687

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2017, 06:40 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي بثّ الأمل والطمأنينة عند الفتن والمحن


إن الامتِحان والابتِلاء سُنَّةٌ من سُننِ الله – سبحانه – في هذا الكون، ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ [الملك: 1].
ومُقتضَى من مُقتضَياتِ حكمتِه – عزَّ وجل – في الصِّراعِ بين الحق والباطِل؛ للتمييز بين الصادقين والكاذبين، ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 2، 3].
وهو تمحيصٌ واختبارٌ لقياس مدَى قوةِ ورسُوخِ الإيمان واليقين، وتصفِيةٌ للمُندسِّين في صفوف المؤمنين، ﴿مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران: 179].

ومنهجٌ تربويٌّ يُنقِذُ الله به من كُتِبَ له حظٌّ من الهداية، فيستيقِظَ من غفلَتِه، ويُقبِلَ على ربِّه، ويعودَ إلى دينه.
وفي خِضَمِّ الامتحانات والابتلاءات، قد يعظُم الخَطبُ، ويشتدُّ الكَربُ، ويتأخرُ الفَرَج؛ حتى تُخيِّمَ ظنونُ اليأس والقنُوط، ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ﴾ [البقرة: 214].

وهنا يتحتَّمُ اللَّجَأُ إلى اللهِ وحسنُ الظن به، فعنده من كل ضِيقٍ مخرَجًا، ومن كل هَمٍّ فرَجًا، وهو عند حُسنِ ظنِّ عبادِه المؤمنين، فلا يُخيِّبُ من أحسَنَ الظنَّ به.

إن بثَّ الطُّمأنينة والبُشرَى وبعثَ الأملِ في القلوب ساعةَ القلق منهجٌ قرآنيٌّ، وهَديٌ نبويٌّ.
قال تعالى لمُوسى وهارُون – عليهما السلام – أمامَ طُغيان فرعون: ﴿لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: 46].
وقال يوسفُ – عليه السلام – لأخيه بعدما حلَّ بهم من البلاء: ﴿إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ﴾ [يوسف: 69].
وقال شُعيبٌ لمُوسى – عليه السلام – وقد اؤتُمِرَ على قتله، وخرَجَ خائِفًا يترقَّبُ: ﴿لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص: 25].
وقال نبيُّنا محمدٌ – صلى الله عليه وسلم – لصاحِبِه أبي بكرٍ الصديق – رضي الله تعالى عنه – وهما في الغار: «يا أبا بكرٍ! ما ظنُّك باثنَين الله ثالِثُهما؟! لا تحزَن إن الله معنا».

في غزوةِ بدرٍ، كان عددُ المسلمين ثلاثمائة وبضعةَ عشر، وعددُ المشركين ثلاثةُ أضعافٍ، وكان القَلَقُ يتوجَّسُ جيشًا غير مُستعدٍّ للحرب، ولا كامِلِ العددِ والعُدة، وهو يترقَّبُ قوىً شرِسَة مُتضاعَفَة، قد أخذَت كاملَ عُدَّتها وعَتادها.
وفي هذا الجوِّ وهذه الظروف، تتنزَّلُ الآيات القرآنية؛ لتبُثَّ الطُّمأنينةَ، وتُحيِي الأملَ في نفوس المسلمين، وتُحفِّزَهم وترفع معنوياتِهم، وتحدُوهم إلى المواجهة.

واسمَعُوا لقول الله تعالى مُخاطِبًا رسولَه – صلى الله عليه وسلم -: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [الأنفال: 43، 44].

يقول عبدُ الله بن مسعود – رضي الله تعالى عنه -: “لقد قُلِّلُوا في أعيُنِنا، حتى قُلتُ لرجلٍ إلى جانِبِي: تراهُم سبعين، قال: أراهم مائة”، قال: “فأسَرْنا رجُلاً منهم، فقُلنا: كم كنتُم؟ قال: ألفًا”.

ونجِدُ القرآن يُرسِّخُ هذا المنهجَ كذلك بأسلوب آخر في نفس الغزوة، فيبعَث روحَ الأمل في نفوس المسلمين، ويُؤكِّدَ لهم النصرَ ويعِدَهم التمكين، قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾ [الأنفال: 7، 8].

ولقد كانت تربيةُ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – على وِفق هذا المنهج القرآني، فكان إذا همَّ بالمسلمين همٌّ أو غمٌّ، أو توجَّسَ الخوفُ والقلَقُ واليأسُ في نفوسِهم، أخذ يُذْكِي روحَ الأمل، ويبُثُّ الطُّمأنينةَ والثقةَ بالله في نفوسِهم.

لما تحزَّبَ الأحزابُ على رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وتألَّبَ عشرةُ آلاف مُقاتِل، وكانت ظروفُ المسلمين في حالةٍ حرِجَة، فقد هيمَنَ الخوفُ على نفوسِهم، حتى إن أحدَهم لا يستطيعُ أن يخرُجَ لقضاء حاجَته، واشتَدَّ عليهم الجوعُ حتى ربَطُوا الحجَرَ على بطونهم، وكانت تمُرُّ بهم الأيام لا يجِدُون طعامًا، ولا يذوقُون مذاقًا، وأقبَلَ عليهم بردُ الشتاء في هيَجَانه وشدَّته، واهتَبَلَ الغدرُ والخيانةُ والنفاقُ الفرصةَ كعادتهم، للفَتِّ في عضُد المسلمين.

وقد وصَفَ القرآن حالَهم فقال: ﴿إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ [الأحزاب: 10، 11].

وهنا بدأَ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يبعَثُ الأملَ في نفوس أصحابِه، ويُحيِي الثقةَ والطمأنينةَ في قلوبهم، ويعِدُهم النصر والتمكين، ويُبشِّرُهم النصرَ المُبين، فيعِدُهم مفاتيحَ كنوزِ الرومَ وفارسَ وصنعَاء.

عن البراء بن عازبٍ – رضي الله تعالى عنه – قال: لما أمرَنا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – بحفرِ الخندق، عرَضَت لنا في بعضِ الخندقِ صخرةٌ لا تأخُذُ فيها المعاوِل، فاشتكَينا ذلك إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -، فجاء فأخذَ المِعولَ فقال: «بسمِ الله»، فضرَبَ ضربةً فكثَرَ ثُلثَها، وقال: «اللهُ أكبر، أُعطِيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصرُ قصورَها الحُمُرَ الساعة»، ثم ضرَبَ الثانية فقطع الثلث الآخر، فقال: «اللهُ أكبر، أُعطِيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصرُ قصرَ المدائن الأبيض»، ثم ضرَبَ الثالثة فقال: «بسم الله»، فقطع بقية الحجَر، فقال: «اللهُ أكبر، أُعطِيتُ مفاتيح اليمن، والله إني لأبصِر أبوابَ صنعاء من مكاني هذا الساعة، وأخبَرَني جبريلُ أن أمتي ظاهرةٌ عليها، فأبشِروا».

فبشَّرَهم – صلى الله عليه وسلم – بما سيكونُ من فتوحٍ لهذه البُلدان وهم محصُورُون في خندق، يقرُصُهم البردُ والجوع.
فأما المنافقون فقد كان حالُهم يتَّسِمُ بالجُبن والإرجاف وتخذيل المؤمنين، فسَخِرُوا من هذه البِشارَة، وقالوا: يعِدُنا قصورَ كِسرَى وقيصر، وأحدُنا لا يستطيعُ أن يخرُج للغائِطِ، ما وعَدَنا الله ورسوله إلا غرورًا.

وأما المؤمنون فاطمأنُّوا وقالوا: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 22].
فاتقوا اللهَ – عبادَ الله – في نفوسِكم، واحذَرُوا اليأسَ والإرجاف بأمَّتكم؛ فإنه سلاحُ حربٍ ومَكيدةُ عدوٍّ يدُسُّها في صفوفكم. فأبشِرُوا وأملِّوا، وثِقُوا بالله فأنتم الأعلَون، ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصافات: 171- 173].

———————–
عبدالله البعيجان

__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.