أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
49167 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-19-2020, 02:20 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 791
افتراضي جامع رثاء علماء اهل السنة والجماعة لشيخنا علي الحلبي -رحمه الله-

كلمة الشيخ عبد المالك رمضاني -حفظه الله-.
قد مات الرجل (الشيخ علي حسن الحلبي رحمه الله) الذي قتلتموه وهو حيّ فما أنتم فاعلون؟



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ حياكم الله جميعا أيها الإخوة الكرام!

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

«يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون» «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا» « يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما»،

أمَّا بعد:

فما أثقل هذه السنة علينا! وما أشدّ آثارها على البشرية! قد أظلمت السماء، واختفى كثير من نجومها، بل طُمست أقمارها.
ذهب الرجال المقتدى بفـــــــعالهم :: والمنكــــــــــرون لكل أمر منكر
وبقيت في خلف يزين بعضهم :: بعضا ليدفع معور عن معور

إنني قائل بما وردت به السنة، معزيا نفسي وإياكم، بل العالم كله: "إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل مسمى".

ما أعظم هذه الكلمة! "إن لله ما أخذ"؛ لأنه هو الذي أعطى، فيأخذ متى شاء، أمانته ردت إليه، ما أصدقها من كلمة نبوية وما أدلها على قول الله تعالى: «الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».

كلمة عظيمة هذه يا إخوان ترددها ألسنتنا ولا تفهم معناها: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وحقيقة نحن لله وهل لنا مع الله شيء "وإنا اليه راجعون" لا مفر ولا مهرب كما قال تعالى: «فأين تذهبون».

من أحسن ما ورد في عهد الصحابة الكرام رضي الله عنهم تفسيرا لهذه الآية أن ولدا لأبي طلحة رضي الله عنه توفي وكان شديد الحب له، توفي وهو لا يدري؛ فسجته امرأته أم سليمٍ -رضي الله عنها- ووضعته في مكانه الذي كان ينام فيه في البيت، فلما جاء أبوه يسأل عن حاله -بعد أن غادر البيت وابنه مريض-؛ قالت: هو أسكن مما كان. ولقد صدقت ولكنه فهمها على غير مرادها.

قالت كلمة حكيمة ما أعظمها من امرأة: قالت: "يا أبا طلحة! أرأيت لو أنّ قوما أعاروا عاريتهم أهل بيتٍ فطلبوا عاريتهم" -أسلفوهم شيئا ثم قالوا: ردوا إلينا عاريتنا؛ أي: ذلك الشيء- "ألهم أن يمنعوهم؟!"، قال: "لا". قالت: "فاحتسب ابنك" الحديث في صحيح مسلم.

ما أعظمها من حكيمة بينت له أن هذا الابن لم يكن لك ملكا إلا بعد أن ملكك الله إياه ثم هو عارية عندك وأمانة رُدّت إلى صاحبها، إلى الله! بهذا تطيب النفوس، ولذلك الدنيا هذه متكدرة بما ينغص العيش فيها؛ حتى لا يركن الناس إليها، وحتى يعلموا أن الرجوع الى الله، إلى الدار الآخرة، التي هي الراحة الكبرى، لمن كان من أهل الإيمان والعمل الصالح في هذه الدنيا، وربنا -عز وجل- قد قال: «ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون»، ومن هذه أو من هذا البلاء بلاء الموت، وما أعظمه! قال تعالى: «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور» وقال تعالى: «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة» لا مهرب ولا مفرّ وقال: «قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين» وأشد الموت على البشرية الموت الذي يموت معه ألوف مؤلفة، ألا وهو موت العلماء، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا، إنما يقبض العلماء". الله عز وجل لا يرفع العلم من صدور أهله وهم أحياء، لكن يقبض أرواح أهلها -أهل العلم- حتى إذا لم يبق عالم؛ أخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا؛ فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلّوا. والحديث متفق عليه.

هذه هي المصيبة، وهذا الذي نخشى أن نكون في طرف منه؛ لما منيت هذه الأمة في هذه الأشهر المتقاربة من موت علماءها الأفذاذ الموحدين، أهل السنة والجماعة، الذين كان لهم قدم صدق في العلم، والدعوة الى الله، ولذلك قال كعب الاحبار: "موت العالم كسر لا يجبر وثلمة لا تسد"، كسر لا يجبر، كيف يجبر كسر الناس؛ إذا مات عالمهم؟! ذهب علمه مع صدره فقبر معه، ويبقى الناس في هرج ومرج، في جهل ذريع.

هذه الكلمة التي أتقدم بها إليكم معاشر الأكارم، هي كلمة وفاءٍ للشيخ علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي -رحمه الله تعالى- ووفاء لشيخه، شيخنا، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-؛ إذ صنع على عينه.

لقد عرفت الشيخ عليا رحمه الله مقابلة له منذ سنة 1404 من الهجرة، ومضطر لأنْ أقول- مع الأسف الناس اليوم قد تعارفوا على التاريخ النصراني- أقول: سنة 1983 ميلادي- بالأردن بلده، وقد أحببناه، كما يحب كل موحد سني أهل التوحيد والسنة؛ لأنا وجدناه على ذلك من أول يوم لقيناه فيه، ثم قوي حبه في قلوبنا لما رأيناه داعيا نشطا في ذلك، ثم كلما مرت الأيام ازدادت استفادة طلبة العلم منه -رحمه الله- وقد أوتي قبولا عجيبا في قلوب طلبة العلم، حتى كان عدد تلامذته في العالم لا يحصون؛ لأنه في الحقيقة هو رحالة، طواف في العالم، داعية الى الله -عز وجل- ومن ذلك اليوم الذي عرفناه فيه إلى يوم وفاته، لم يحل ولم يزل، نحسبه كذلك والله حسيبه، ولا أزكي على الله أحدا.

شهد له علماء كثيرون بالعلم، والدعوة الصحيحة، وهو من أبرز تلاميذ الشيخ الألباني -رحمه الله- بل هو أبرزهم؛ لأنه أقربهم منه منزلة، حتى كان الشيخ يوكل إليه المهام الصعبة؛ ليعطيه الشيخ عليّ خلاصتها؛ أي: خلاصة معطيات المسألة، وعليها يبني الشيخ الألباني حكمه؛ ليجيب أصحابها.

وقد فعل هذا الشيخ الألباني بأن وكل للشيخ عليٍّ بعض المهام، ما كان من فتنة في الجزائر ما يقال عنه: التسعينيات؛ فقد كثر اللغط والكلام عن شيخ تلك الفتنة؛ الشيخ علي بالحاج وقدموا للشيخ الألباني رحمه الله شكاوى كثيرة، منها العاذل العاتب، ومنها المادح، فأوكل الشيخ الألباني بالشيخ علي أن يستمع إلى أشرطة الشيخ علي بالحاج، ويعطيه خلاصتها؛ فأعطاه، وأخبره بأنّ الرجل فارغ من الناحية العلمية، الفتيل الأوحد الذي عنده هو العاطفة الجياشة، وأنّ خطابه خطاب عنيف؛ يا وزير! يا مسؤول! يا رئيس! يا كذا. هذه الخلاصة التي أعطاها الشيخ علي للشيخ الألباني -رحمه الله- وعلى غرارها قال قولته فيما كان في الجزائر، وكان لذلك أثرٌ عميقٌ، على ما سنرى بعد تفصيله في هذه الجلسة، بإذن الله تعالى.

بل لا أعلم أحدا خدم علم الشيخ الألباني مثل الشيخ علي الحلبي -رحمهما الله تعالى- وقد قيل لي أنه دفن بجنب شيخه، لا أعلم أحدا خدم الشيخ الألباني كخدمة الشيخ علي لكتب الشيخ الألباني، سواء كان في التحقيقات، أو غير ذلك، حتى في الردود؛ فقد ابتلي الشيخ الألباني بأعداء كثيرين ما أكثرهم جدا جدا! حتى من المقربين لهذه الدعوة، نصبوا له العداء، وكان بين الفينة والأخرى ينشغل بالرد عليهم مضطرا للبيان العلمي، لكن الله تعالى مما منَّ عليه بالشيخ عليٍّ، أراحه من ذلك، سبحان الله العظيم! كنت ردود الشيخ عليّ موفقة جدًّا، وقويةٌ.

ما يظهر أحد في السنوات الأخيرة وهي طويلة جدًّا يردّ على الشيخ الألباني؛ إلا ويتصدى له الشيخ عليّ، ووفق أيما توفيقٍ، فكان هذا سانحا للشيخ الألباني أن يستمر في تحقيقاته العلمية، ومشروعاته الدعوية، وبعض تلامذته جزاهم الله خيرا مشغولون بتنقية طريق الشيخ -جزاهم الله خيرا.

إن للشيخ الألباني طلابا، بل ملايين الطلاب، الذين تتلمذوا على كتبه؛ لأن الشيخ الألباني -رحمه الله- كان ممنوعا من التدريس والتعليم، ففرغه الله تعالى لخير عظيم، ألا وهو التأليف والتحقيق، الذي هو الآن ينهل منه كبير العلم وصغيرها، ما من أحد حتى المفتون الكبار- لا تخلوا مكتباتهم من كتب الشيخ الألباني -رحمه الله- حتى الحاقدون عليه، لكن الذين لازموا مجالس الشيخ هم قلة، والملاحظ أن كل من تخرج على كتب الشيخ، وعلى مجالسه، حقيقة برز من بين أقرانه، ولو طوفتم العالم في المراكز الإسلامية؛ لوجدتم أنَّ أكثر القائمين على هذه المراكز الإسلامية، بالدعوة إلى الله بالتوحيد والسنة، تخرجوا على كتب الشيخ، أو ممن حضر شيئا من مجالسه، وقد تشرف رجال كثير بذلك، لكن الله أظهر رجلين منهم، كانا آية في العلم والدعوة، ودقة البحث، هما: أولهما فقيدنا الشيخ علي الحلبي رحمه الله، وثانيهما صديقه وزميله وخدينه الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان -حفظه الله-

حقيقة هذان الرجلان مفخرة للشيخ الألباني، مفخرة للشيخ الألباني -رحمه الله- كانا على خير عظيم، جهودهما كبيرة جدا، وقد زكاه شيخنا الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر -حفظه الله- في كتابه رفقا أهل السنة بأهل السنة، وكان الشيخ -حفظه الله- كلما بلغته شكوى ضد الشيخ علي الحلبي؛ يطلب مني أن أقرأها عليه، وبعض المشايخ المنتقدين للشيخ علي يرسل إلى الشيخ العباد انتقاداتهم بالتفصيل؛ فكان يطلب مني أن أقرأها كلها، من أولها لآخرها، وهذا من دقة الشيخ العباد ، الشيخ العباد لا يكاد يتكلم في أحد؛ إلا وقد حاول أن يحيط علما بما له وما عليه، طبعا هو يعرف الشيخ علي الحلبي معرفة دقيقة جدا، كلما دخل الشيخ علي المدينة النبوية إلا وزار الشيخ العباد والشيخ يحتفي به دائما، إلى أن توفاه الله، فاطلع الشيخ العباد على كل ما كتب -تقريبا- من المشايخ الذين لهم منزلة، قرأ ذلك وما زاده إلا تمسكا بتزكيته للشيخ عليّ، وأن منتقديه جانبوا الصواب، وما أصابوا فيه من أخطاء للشيخ علي -وهو بشر- لا يعدوا كونها أخطاء بشرية، لا يسلم منها أحد، وكان يتعجب تعجبا شديدا ممن يرميه بالبدعة، كان يتعجب، بل كان يرد على بعض المشايخ، ويكتب لهم، وأحيانا كان يشد اللهجة الشيخ -حفظه الله- عليهم، من ذلك قضية تهمة الشيخ علي الحلبي بالقول بوحدة الأديان، كتب لمن أرسل إليه هذه التهمة، رد عليه الشيخُ، قال: "وأمَّا قولك بأنه يقول بوحدة الأديان؛ فليس بصحيح، فقد قرأت للشيخ علي كلمة يقول فيها هكذا تحت هذا العنوان: وحدة الأديان كفر وأي كفر". فقال له: "يكفيك هذا".

وأن لهذه القضية قصة، ذكرها لي الشيخ علي، قبل أن يتهم، وأنه كان داخلا من المطار فأتاه بعض المباحث في الأردن، قالوا: خلك معنا. فقال لي: ظننتهم سيأخذونني إلى السجن كما أخذوني قبل ذلك، قال: فضحكت وقلت لهم: الأنشودة محفوظة؛ أي: إلى السجن.
وبينما هم في الطريق، قالوا له: اليوم تخطب في مسجد الملك، فتعجب! قال: جئت من سفرٍ، وأنا متعبٌ، وما أدري عن شيء، والقضية كان هناك بعض التفجيرات بعمان، وقويت شوكة التكفيريين، والناس يعرفون من يقوى على الرد على التكفيريين، فانتخبوا الشيخ عليا لذلك. وحق له ذلك فخطب خطبة، وأشاد بعض الإشادة برسالة عمان، التي كتبها الملك نفسه، وهذه الرسالة صارت مقررة رسميا في البلاد كلها، بل حتى تكلموا عنها، بل نوهوا بها، بل وشددوا اللهجة في خمسة وعشرين مؤتمرا رسميا، وأشادوا بها، وقرروها؛ فذكر جملة سطرا واحدا، أو أقلّ من ذلك في خطبته هكذا، وكلها خطبة مرتجلة، ندد بالتكفير، وأفعالهم، وأراد أن يشجع الملك على هذا التوجه لردع التكفيريين، فذكر شيئا مدح فيه هذه الرسالة، أو مدح بعض الشيء فيها.

ومن العجب أن أحد الذين هم الآن انتقدوا الشيخ، وطعنوا فيه طعنا لاذعا؛ أي الشيخ عليا؛ بسبب هذه الرسالة، لما سمع الخطبة كان يسمي الخطبة العصماء، مادحا لها مدحا شديدا جدا حيثما جلس، وإذا به لما جاء انتقاد الشيخ علي في أمواج من الظلمات، ولما كان رائدها بعض من يهابون كلمته؛ صار هذا الرجل يطعن ويقول: كيف يقول بوحدة الأديان! مع أن الرسالة حمالة ومضمونها حمال! والمتكلم بها ملكٌ، ليس متخصصا في علوم الشريعة، فمظنة خطأ لسانه وقلمه واردة جدا، مع أنه ورد في الرسالة نفسها أنه لما دعى طوائف أهل الكتاب وغيره بأن يجتمعوا على كلمة سواء، قال: "فإن انحاز كل إلى دينه فالتمايز العقدي" أي: كل واحد يبقى على عقيدته. هذا في رسالة عمان.

فالعجب أن الانسان إذا كره خصمه؛ اخترع له كل شيء يدينه به، حتى ولو كان ليس ذا قيمة، وليس ذا أثر، ومشى الناس يلوكون هذا الكلام ويرددونه متناسين الخوف من الله، والوقوف بين يديه، والمحاسبة يوم القيامة، متناسين إفلاسهم؛ إذا صاروا يوم الدين يوزعون حسناتهم على الشيخ علي لمثل هذه التهم، التي يأخذونها كابرا عن كابر، تقليدا بحتا محضا.

كان يقول الشيخ العباد- يقول كثيرا: "من لأهل الشام إذا طعنا في تلاميذ الشيخ الألباني"، قال: "ما أعرف هناك من هو قائم بالتوحيد والسنة، ومن هو ظهر لنا ضد المتصوفة، والرافضة، والتكفيريين -وكذا وكذا- سوى تلاميذ الشيخ ناصر"، ولذلك ذكرهم في كتابه المنوه به آنفا، لكن الناس الذين على الجانب الآخر سكارى! ما يرجعون عن غيهم!

ويعلم الله أنني حججت في إحدى السنوات، ولما رمينا الجمرات، رجعنا مع الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وكان معنا الشيخ علي -رحمه الله- فجاء سائل يسأل الشيخ ابن عثيمين؛ فأحاله على الشيخ علي، فقال: اسأل هذا، اسأل هذا.

وأنتم تعلمون أن الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- لما جاءت فتوى اللجنة الدائمة، لا أقول في تبديع الشيخ علي؛ لأن اللجنة الدائمة ما بدعت الشيخ عليا، ولكن كان هناك ردود كما يقول شيخي الشيخ عبد المحسن العباد، ردود علمية فقط، كل منهم له وجهة، فالذي صرح بشجاعة بعدم قبول ما قالته اللجنة الموقرة -وفقها الله لكل خير- هو الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وكما بقي دفاع الشيخ الألباني، ودفاع الشيخ العباد -رحمهم الله تعالى جميعا الأحياء منهم والأموات- عن الشيخ علي، إلى يومكم هذا ممن بقي منهم على الحياة، وكثير من أهل العلم كثير جدا.

على كل حال أقول: أنا عرفت الشيخ عليا، وألقيت محاضرات معه، وندوات، وجالسته، ومجالسه يشهد لها القريب والبعيد، أنها من أحلى المجالس، سبحان الله! كشيخه، مجالسه علمية محضة، كان الرجل طيب النفس، جيد المذاكرة، حسن التأليف، كان خطيبا مفوها، أحلى المجالس معه عند ذكر المخطوطات وتحقيقاتها، يعني ما يملّ المجلس إذا بدأ يتكلم عن الكتب وتحقيقاتها، ما يمل مجلسه إطلاقا، ينقلك من عفن الدنيا إلى الآخرة رحمه الله تعالى.

وقد كان كثير التأليف؛ لأنه كان سريع الكتابة في إصابة، يكتب على طريقة أهل السنة؛ لأنه يبدو أنه كشيخه، قرَّاءٌ سريع الفهم، وهذا قليل في الناس، أكثر الناس إذا قرأوا؛ رددوا الكلام؛ حتى يفهموه لكن الذي لمسته منه -رحمه الله- كشيخه -رحمه الله- كانوا قرَّائين كثيرا، يقرأون كثيرا، ولذلك ما تفتح مسألة مع الشيخ علي إلا وتجد عنده -كما يقال اليوم بالتعبير العصري- خلفية قوية جدا، حتى النوازل المعاصرة، النوازل المعاصرة ما يكاد يفتح موضوع ويدرس، إلا وكان الشيخ قد استوعبه، وقرأه، ولذلك الرجل في حقيقة أمره موسوعيّ، بعض الناس يسمونه محدث فقط، وهو ليس كذلك، والله لقد وجدته حتى في الفقه قويا جدا، الرجل موسوعي؛ يتكلم في التاريخ، أما الأدب فهذا من الأمور المجمع عليها، الأدب العربي.

ومما ورثه شيخه أو ورثه منه: حسن المناظرة، مع سرعة البديهة؛ لأن الرجل أوتي ذكاء -رحمه الله- ومن عجيب الموافقات أن الله جمع له بين خلق الرفق، والشجاعة، وهما اثنتان قد لا تجتمعان إلا نادرا في الشخص؛ أما رفقه: فما إخاله إلا محل اتفاق عند الناس، رفيق جدا، ورفقه هذا هو الذي ورطه مع جلافة بعض البدو ممن سموا أنفسهم بأهل الجرح والتعديل، هو الذي دفع ثمنه وسموه مميعا، أن الرجل رفيق والرفق عند أهل الشام لا ينكر أصالة، الناس معادن كما تعلمون.

وأما شجاعته فقد بانت أقول إن شجاعته قد بانت -الله المستعان الظلم ظلمات يوم القيامة الله المستعان! الناس يدعون إلى السنة ما يدعون إلا وقد رموهم بالبدعة- بانت شجاعته رحمه الله في صدعه بالحق ضد طوائف كثيرة من المنحرفين عن الكتاب والسنة، وقد يكاد لا يظهر أحد من أهل البدع، بل من أهل النفاق من العلمانيين، بل من الشتامين للدين وللرسول ﷺ إلا ورد عليه -رحمه الله- ردوده كثيرة جدا، كتاباته في الصحف كثيرة جدا، كما قلت لكم: كان سريع الكتابة -رحمه الله- وقد رد على مشايخ عدة من المخالفين للسلف الصالح من هؤلاء المشايخ: سعيد حوى المعروف من كبار رموز الإخوان المسلمين في سوريا، وزاهد الكوثري الماتوريدي الحنفي المتعصب، وسيد قطب، وسفر الحوالي، والحبشي الهرري، الذي له أتباع يسمون بالأحباش، وحبيب الرحمن الأعظمي، وعلي الصابوني، والغماري المغربي الخرافي القبوري.

ورد على كثير من الانحرافات الفكرية والعقدية رد على مسألة فقه الواقع لما ظهرت بقوة برزت وفتنت جبلا كثيرا من الناس، الشباب انساقوا وراء مسألة فقه الواقع، وطعنوا في العلماء، وحسبوا أنفسهم على شيء، خرج رسالة جميلة جدا رد فيها عليهم، ورد على العقلانيين أفراخ المعتزلة -كما سماهم رحمه الله - وله كتاب تحذير العلماء الثقات من المظاهرات واليوم بعض الناس يقولون حزبي أو ثوري أو تكفيري.

وكان من أوائل ما ردّ على داعش في كتاب مطبوع متداول وله كتاب جميل أيضا سماه "الدعوة إلى الله بين التجمع الحزبي والتعاون الشرعي" وله رسالة أيضا "البيعة بين السنة والبدعة عند الجماعات الإسلامية"، ولقد حضرت قديما بالأردن ولا أذكر هذه أول زيارة أو ثانيها؛ لأن الله منَّ علي -بحمد الله- بالرحلة إلى الشيخ الألباني -رحمه الله- في سنوات متعاقبات، واستفدت منه استفادة عظيمة، أسأل الله تعالى أن يعظم أجوره بذلك، ولكل من استفاد من الشيخ وتلاميذه.

أذكر أنه كان لنا موعد معه في أحد المساجد، وإذا بالشيخ ينصب له كمين من الإخوان المسلمين، جاءوا ليضربوه، ورموه بالحجارة، لكن الله سلمه بأعجوبة، واليوم هؤلاء الأفراخ الجدد يتهمونه بالحركية والحزبية!

بانت شجاعته أكثر وأكثر لما كثرت ردوده على طائفتين يهابهما الناس جدا هما:
طوائف التكفير من الدمويين حتى كاد يقال متخصص فيهم رحمه الله. والثانية طائفة الحدادية المتسترة بالسنة النبوية والدفاع عنها، زعموا! ويحمل كل منهما نفسا مشتركا، هو النفس الخارجي في معاملة المخالف، الذين شغلهم الشاغل السعي لتدمير أهل السنة، وإجهاد النفس لتفريقهم باسم احقاق الحق، واتباع السلف في الشدة على أهل البدع، ونسوا أنهم شديدون على أهل السنة، لا على أهل البدع؛ لأنهم يطبقون آثار السلف في الشدَّة على المبتدعة الحقيقيين، يطبقونها على السلفيين في بعض أخطائهم، أما الأولى فيكفيه شرفا أنه تسبب في عملين عظيمين: العمل الأول: غزوه لأوكار الحزبيين سواء كان في بلده أو البلاد المسلمة العربية، أو في آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا، وهلم جرا؛ لأنه كما قلت لكم الرجل طواف رحالة، كما يقال، فقد نفع الله به، هل تعلمون أن المراكز الإسلامية التي كانت في العالم قبل عشرين سنة، أو أكثر كان من المستحيل أن يدخلها داعية سلفي، ولو قيل لك أن تسعة وتسعين في المائة من المراكز التي كانت في أمريكا وأوروبا وغيرها كان يديرها الحزبييون؛ فصدق، ولا تخف، ولكن الله منَّ على الشيخ برفقه أن يدخلها، وأن يحولها إلى مراكز سنية والحمد لله، كثير من هذه المراكز، حتى التي جاءت في نهايتها الآن تطعن عليه وتجرحه، وتقول فيه ما تقول، هؤلاء في حقيقة أمرهم تربو على يديه، وكما قيل فلما اشتد ساعده رماني..
أعلمه الرماية كل يوم :: ولما اشتد ساعده رماني

وهذه في حقيقة أمرها وحدها كافية؛ أن تفتح تلك المراكز المغلقة بالحزبيين، وأصولهم وركائزهم، ليس بالأمر الهين.

والثانية أو العمل الثاني إطفاء نار فتنة الخوارج في الجزائر، كان السبب في ذلك؛ لأنه كان واسطة بين الشيخ الألباني والدولة الجزائرية، تعب الناس في الجزائر سنوات طويلة، أكثر من عشر سنوات إلى خمس عشرة سنة، أو أكثر ما استطاعوا أن يقضوا على فتنة الخوارج، وتضجر الناس وضاقت بهم الأرض بما رحبت حتى سخر الله الشيخ عليا الحلبي -رحمه الله- وكان صلة ربط بين الدولة الجزائرية والشيخ الألباني، وقال الشيخ لألباني كلمته المطولة القوية، بها كانت نهاية الدمويين، الحمد لله.
فيا أهل الجزائر! الوفاء الوفاء! وأنا واحد منكم، الوفاء الوفاء! نكران الجميل خلق غير جميل! من عاش منكم اليوم فبفضل الله، ثم بتسخير هذا الرجل لكم، وإلا لكنا حقيقين بأن نموت جميعا في الجبال.
اتصل في يوم أو سمعت الاتصال من كتيبة -وأظنها تسمى كتيبة الموت- بالشيخ علي وغيره من المشايخ؛ فوفق في الجواب سبحان الله العظيم! رجعت الكتيبة كلها، تراجعت، وسلمت نفسها، واليوم هؤلاء ما يعرفون الجميل لأهله.

وقد ابتلي الشيخ علي -رحمه الله- ابتلاءين شديدين مرين؛ أما التكفيريون فقد وشوا به إلى العلماء؛ لأنهم شعروا بأنه أخطر عنصر على دعوتهم، فلذلك رموه بالإرجاء، بل التجهم، وكتبوا كتابات أرسلوها إلى أهل العلم، وزوروا في بعضها- أقول هذا ولا أريد أن أُفصّل؛ حتى نأتي على هذه الكلمة، إن شاء الله تعالى.

ولو لم يدركوا أن الرجل في تخصصه في هذا الباب خطير عليهم؛ ما فعلوا ذلك، ولقد أصيب الشيخ في ذلك، والله كان ابتلاء عظيما جدا؛ لأن الذين انتقدوا الشيخ انتقادا لاذعا هم ممن يحمل عقيدة الشيخ ودعوته، ولكن هكذا دائما تحصل ويحصل سوء تفاهم، ويحصل أشياء، وصارت هناك ردود كنا نسأل الله أن يغنينا عنها ولكن الله يفعل ما يريد.

لكن للتاريخ أقول ما جرى بينهم أبي بين هؤلاء التكفيريين الدمويين وبين الشيخ علي هو دليل قوي على نزاهته عن أموال الناس، فإن قلت: لماذا؟ سأقول لك: لأن أموال الناس في البلاد التي كان يحارب فيها خصوصا التكفيريين؛ كدول الخليج العربي، هؤلاء التكفيريون من أغنى الناس، استولوا على عقول رجال الأعمال، بل وعلى أرباب الأموال أصحاب البنوك، وكانوا يحلبون منهم في كل وقت أموالا طائلة، وأرباب الأموال ورجال الأعمال كثير منهم عوام، لا يفهمون، فيأتيهم هذا التكفيري ويبكيهم الإسلام، ونحن من أجل الإسلام، ونحن مع فلسطين، ونحن كذا؛ فيعطونه، لو استطاعوا أن يعطونه أفلاذ أكبادهم؛ لأعطوهم. فأقول هذا تذكيرا بمن يتهم الشيخ في ذلك، كل بل أقول كثير، أعرف كثيرا من الدعاة الذين إذا خاطبتهم بلسان الشرع؛ وافقوك في هذه المسائل الدموية التكفيرية، المسائل التي تسمى بالمسائل الجهادية، لكنهم يضعفون أمام المال؛ لأن هؤلاء كانوا يرتبون لهم رواتب شهرية، يصطادونهم بها، فهو كان قادرا على أن يستدر أموالهم ويطأطئ لهم الرأس، ويخبرهم بأنه موافق لكل شيء، لكن سبحان الله الحق أحق أن يتبع.

وأما الطائفة الأخرى فقد ترصدوا له يتصيدون كل شيء للشيخ علي، الخطأ، وشبه الخطأ، بل ويجعلون من الصواب خطأ؛ لأنه لم يمش معهم في إسقاط بعض المشايخ الذين يعتبرهم هو من أهل السنة، وهم يريدون إسقاطهم، ويعتبر هو أن أخطاء هؤلاء المطعون عليهم لا تخرجهم من أهل السنة والجماعة، مسائل هي محل اجتهاد؛ لكنهم لا يقبلون ذلك، وربوا في أنفسهم الحقد، واليوم كما ترون قام سفهاء قومي مع الأسف بالطعن عليه، وهو حتى في قبره الآن، هو دفين مقبل على ربه -عز وجل- قد دخل تحت سؤال ملائكة القبر -رحمه الله تعالى- ووجدنا من الأجلاف الذين قل خوفهم من الآخرة وأخشى أن يدخلوا تحت قوله تعالى: «كلا بل لا يخافون الآخرة» يطعنون عليه، ويأتون ببعض الآثار السلفية الواردة في أمثال ابن أبي دواد وأمثال بشر المريسي يطبقوها في أهل السنة كالشيخ، عجبا عجبا!! الرجل دخل قبره، ولا يزالون يتابعونه، وها هو قد مات وبموته قرت عيون هذه الفرقة الغريبة عن الدعوة السلفية مع الأسف؛ فجعلوا ينهشون عرضه وهو في قبره، فتذكرت لما قيل لعائشة -رضي الله عنها- إن ناسا يتناولون أصحاب رسول الله ﷺحتى أبا بكر وعمر؛ فقالت: "وما تعجبون من هذا، انقطع عنهم العمل؛ فأحب الله ألا يقطع عنهم الأجر!".

يا عقلاء اعقلوا اعقلوا! توزعون حسناتكم للرجل،.... وهو حتى في قبره! اربعوا على أنفسكم، ارجعوا إلى الله، اتقوا الله ربكم، قد مات يا مغتابوه، ويحكم! كيف السبيل إلى التحلل منه ذهب، من منكم يستطيع أن يتحلل منه.

دخل طاوس اليماني رحمه الله على هشام بن عبد الملك الخليفة فقال له يا أمير المؤمنين اتق الله واتق يوم الأذان قال وما يوم الأذان قال قول الله تعالى: «فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين» قال فغشي على الخليفة قال طاوس: "هذا ذل الوصف فقط، فكيف بذل المعاينة إذا عاين الناس ذلك اليوم".
هذه الطائفة الغريبة يا إخوان هي التي أفسدت في الأرض أيما إفساد، ما قولها في اختلاف ابن تيمية -رحمه الله- مع بعض المنسوبين للعلم؛ كابن مخلوف في مصر، الذي كان أشعريا جلدا، صوفيا، وقد وشى بابن تيمية -رحمه الله- إلى السلطان؛ ليستحل دمه، وكان من المفتين آن ذاك. ابن مخلوف هذا لابن تيمية رحمه الله في الفتنة تلك كلمة عظيمة يقول: "وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها، وفي غيرها، وإقامة كل خير، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل، والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه، ولا أعين عليه عدوه قط" تأملوا هذه الصدور من يقدر عليها، قال: "ولا حول ولا قوة إلا بالله! هذه نيتي وعزمي، مع علمي بجميع الأمور، فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين، ولو كنت خارجا لكنت أعلم بماذا أعاونه"؛ لأنه كان في السجن ابن تيمية رحمه الله "لو كنت خارجا لكنت أعلم بماذا أعاونه" هو السبب في إدخاله السجن "لكن هذه مسألة قد فعلوها زورا والله يختار للمسلمين جميعا ما فيه الخيرة في دينهم ودنياهم" هذا في مجموع الفتاوى.

جاء في ذيل طبقات الحنابلة: لما عاد الملك الناصر إلى السلطنة وتمكن وأهلك المظفر -الذي كان ممن سجن ابن تيمية رحمه الله- قال: "واشتدت موجدة السلطان على القضاء، ودخلة المظفر" بمعنى أن السلطان هذا كان ضد المظفر اشتد غضبه على القضاة الذين كانوا يداخلون المظفر وطبعا هم الذين حكموا على ابن تيمية بما حكموا به قال: "وعزل بعضهم"، بادر هذا السلطان بإحضار الشيخ إلى القاهرة مكرما، في شوال، سنة تسع وسبعمائة، وأكرمه السلطان إكراما زائدا، وقام إليه، وتلقاه في مجلس حفل، فيه قضاة المصريين، والشاميين، والفقهاء، وأعيان الدولة، وزاد في إكرامه عليهم، وبقي يساره، ويستشيره سويعة، وأثنا عليه بحضورهم ثناء كثيرا، وأصلح بينه وبينهم، ويقال: أنه شاوره في أمرهم به في حق القضاة؛ فصرفه عن ذلك" السلطان شاور ابن تيمية في عقوبة هؤلاء القضاة الذين بقوا والذين تسلطوا عليه بسجنه، وما إلى ذلك؛ فصرف ابن تيمية السلطان عنهم، حتى لا يعاقبهم، وأثنى عليهم، قال: "وأن ابن مخلوف كان يقول ما رأينا أفتى من ابن تيمية" تعرف ايش معنى أفتى؟ من الفتوة؛ أي ما رأينا أكثر رجولة من ابن تيمية.. "سعينا في دمه، فلما قدر علينا؛ عفا عنا"، قال: "واجتمع بالسلطان مرة ثانية بعد أشهر، وسكن الشيخ بالقاهرة، والناس يترددون إليه، والأمراء، والجند، وطائفة من الفقهاء، ومنهم من يعتذر إليه، ويتنصل مما وقع".

وقد تكلم ابن القيم -رحمه الله تعالى- في كتابه مدارج السالكين، عن العفو ومراتبه، ثم قال: "ما رأيت أحدا قط أجمع لهذه الخصال من ابن تيمية -قدس الله روحه- وكان بعض أصحابه الأكابر يقول: وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه" تأملوا! "وددت أني لأصحابي" أعامل أصحابي كما كان يعامل ابن تيمية خصومه، قال: "وما رأيته يدعو على أحد منهم قطّ، وكان يدعو لهم، وجئت يوما مبشرا له بموت أكبر أعداءه، وأشدهم عداوة له، وأذى له؛ فنهرني، وتنكر لي واسترجع"؛ يعني: نهر تلميذه ابن القيم، وقال إنا لله وإنا إليه راجعون، "ثم قام من فوره إلى بيت أهله فعزاهم وقال: إني لكم مكانه" مات أبوكم أنا لكم، "قال إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة؛ إلا وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام؛ فسروا به، ودعوا له، فعظموا هذه الحال منه، رحمه الله ورضي عنه" هذا كلام ابن القيم رحمه الله تعالى.

وهذا ذكرني بدعاء الشيخ علي الحلبي لما أُخبر بأنّ الشيخ محمد بن هادي أجرى عملية، وتعلمون ما كان بينهما، مع ذلك دعا له، وحمد الله أنه خرج معافا من عمليته، مع أنهم والله ما قصروا في خذلانه، ورميه بكل صغيرة وكبيرة، رأينا كثيرا من الشباب يرددون هذا، والشيخ يعفو عنهم، ويسامحهم، ولكن الله كما قلت لكم يفعل ما يريد.

هذه حقيقة الأمر وخلاصة ما أذكره عن الشيخ، أنا ما أردت أن يكون العنوان: "الشيخ علي الحلبي كما عرفته"؛ لأن هذا سيأخذ منا وقتا طويلا جدا، أتكلم عن كتبه وتحقيقاته الفذة القوية جدا، وعن محاضراته، وعن المراكز التي حضرها، وعن الكتب التي شرحها، وما أكثرها! كتب التوحيد، كتب السنة ... كتب السنة تكفيه تحقيقاته لها، ونشره لها، مضى زمن كاد لا يعرف من المحققين سواه، ونزر قليل من أهل العلم، تفرغوا لذلك.

فالشأن شأن عظيم يا إخوان، والرجل أفضى إلى ما قدم، ونحن شهود الله في أرضه، نتكلم بما شهدناه، والقلوب لا يعلمها إلا الله، ولكن نحب التوحيد، ونحب أهله، ونحب السنة، ونحب دعاتها، ولو ظهر لنا شيء مما ينقض التوحيد والسنة؛ لكنا أول من يدفع في نحر أصحابها، ونفرق بين التبديع والتخطئة؛ أما التخطئة فلا أحد منا يسلم من الخطأ، وكل منا يقوم مع أخيه ناصحا له، رادًّا عليه، حتى ولو تعالت الأصوات، لكن يبقى ما بيننا، الولاء الذي بيننا على العقيدة، وهذه أمور الآن يراد تحريفها مع الأسف، والخروج عن أصولها، فرحمة الله عليه، لقد قدم ما قدم، وترك شيئا كثيرا، وكثير من شباب الدعوة اليوم هم في حقيقة الأمر يرجعون إلى ما تفضل به عليهم وما تكرم من تعليمهم.

فالشأن شأن عظيم نسأل الله تعالى أن يجزل له المثوبة ونقول كما قيل: كان رحمه الله يحسن وفادة طلبة العلم؛ فاللهم استقبله بأحسن وفادة، وارزقه الحسنى وزيادة، اللهم اغفر لأبي الحارث، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه. رحمه الله تعالى ورحم جميع علماء المسلمين أسأل الله تعالى أن يربط على قلوب أهله ومحبيه بالصبر والإيمان، ويعظم لهم الأجور، وأن يجعل ذلك كله في ميزان حسناته وحسناتهم.

والنصيحة لطلبة العلم: أن يستمروا في الطلب، فانظروا إلى هذا الشيخ منذ أن عرفناه وهو شاب يافع، وهو مع الدعوة ومع السنة، انظروا كيف توفاه الله، ما عرفناه مات على بدعة، أو غير ذلك، نسأل الله تعالى أن يربط على قلوبنا، وأن يخلف لنا خيرا، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-19-2020, 09:53 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

رحم الله شيخنا الحبيب و رفع درجته .
نسأل الله تعالى أن يبارك في الشيخ عبد المالك و يحفظه.
و جزاك الله خيرا أبا العباس .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-19-2020, 10:08 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 791
افتراضي

‏بلغني قبل قليل وفاة اخي وصديقي القديم الشيخ‎علي الحلبي رحمه الله
أسأل الله ان يغفر لنا وله ويتجاوز عنا وعنه
إنا لله وإنا اليه راجعون
اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خير منها وأصلح من بقي من إخواننا وأجمع شملنا ووحد صفنا ووفقنا لكل خير
((الدكتور سليم الهلالي))
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-19-2020, 10:09 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 791
افتراضي

رثاء الشيخ أكرم زيادة للشيخ علي الحلبي.

آه يا أبا الحارث!!
ما كنت أظن أو أتوقع أن أبكيك يوما بكل هذا الدمع الساخن..
لأنني كنت دائما أتوقع أن أسبقك إلى الدار الأخرى قبل الدار الآخرة..
أيام جمعتنا قبل الإصابة في آخر ندواتنا في نصرة نبينا محمدا صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين..
(إنا كفيناك المستهزئين)
سبقتك في الحضور، وحضرت بعدي، ألقيت مداخلتي قبلك بربع ساعة، وكانت مداخلتك مسك الختام بعدي بربع ساعة من الدكتور بلال قدوم...
نزلنا الدرج سوية مع تباعد وحذر، ودخلت أنت الحمام، وغادرت أنا قبلك بدقائق لدخول الحظر حيز التنفيذ...
يومان بعد الندوة، ودعوة من مركزنا لتسجيل مقاطع لنصرة نبينا، واعتذرت لمرضي
وجاءت دعواتكم جميعا لي بالأجر والشفاء، ومنها دعوتك التي أظنها أصابت مني شفاء وأرجو أن تصيبني بأجرها..
اتصل بي شامل الإندونيسي يطلب مني سد مسدك في برنامج فتوى على الهوى لتلفزيون الإيمان في سورابايا فأعتذرت لمرضي
ولأعلم بعد قليل بمرضك ودخولك المشفى
أعلمت الإخوة بمرضي وطلبت دعاءهم
تواترت أخبار مجموعتنا بتحسن حالتك، وعناية إخواننا بك فاستبشرت خيرا
أصبحت مستبشرا خيرا، ولكن ما أن حان وقت الظهر حتى صدمت بصاعقة الخبر
استرجعت
حوقلت
ترحمت
دعوت
كتبت
وأنا بين المصدق والمكذب
وبين الواعي وفاقد الوعي
وحل وقت العصر
مضطرب الضغط
مرتفع السكر
ضيق التنفس والنفس
وأخذت جرعة إنسولين مضاعفة عشر مرات من غير وعي مني
وانهارت قواي
وسارع أولادي الطبيب والممرض والمخبري رضي الله عنهم وأرضاهم
وبدأ العلاج الفوري على مدار الدقيقة والساعة وبالتعاون مع غيرهم من أخصائيين زملاءهم عبر الاتصالات جزاهم الله جميعا خيرا
وكنا في خطر، فصرنا في أخطار
وكثرت رسائل التعزية والمواساة
وكل رسالة تدر الدمع
وكل اتصال يثير البكاء والنشيج
ولعل من رحمة الله أن جاء ذلك كله مع تواجد أبنائي معي لعلاج ذاك الخطأ الخطير
وكانوا يردون على بعض الرسائل والاتصالات على مدى ثمان وأربعين ساعة كنت أشعر بعلاجهم النفسي فيها أكثر من العلاج الدوائي
وبعد تقلص الخطر ولله الحمد
وبعد جهود الخيرين من إخواننا؛ عليان الغويري، وداود البكري، وعمه الفاضل، وهيثم أبو عمر المصري..
بدأت بأصابع ترجف، وبدن يهتز بالرد على بعض رسائل إخواننا من جميع أنحاء العالم، من إندونيسيا والهند وباكستان وماليزيا شرقا، إلى أمريكا وكندا والكاريبي غربا، ومن شمال أوروبا إلى جنوب خط الاستواء في أفريقيا جنوبا، يواسون ويعزون...
أربعون سنة وزيادة مرت على صحبتنا وصداقتنا وتعاوننا في خدمة ديننا، والدعوة إلى ربنا، وسنة نبينا في الحضر والسفر، حججنا معا صحبة شيخنا رحمه الله سنة ظ،ظ¤ظ،ظ*، واعتمرنا معا مرات ومرات مع إخواننا أهل فلسطين، وجمعتنا عشرات الرحلات من مشارق إندونيسيا إلى مغارب كندا وأمريكا...
عشرات الدورات..
عشرات الندوات
عشرات المحاضرات
مئات اللقاءات هنا وهناك في أرجاء مملكتنا الحبيبة
يكمل بعضنا بعضا، ويقوم بعضنا بعضا، ولربما جمعتنا الغرفة الواحدة في بعض أسفارنا فكنت أتعلم وأستفيد منك الكثير
والليلة _ وعلى ضعف ووهن _ أكتب بعض ما يجول في صدري، يسبقه دمعي، وأستغفر ربي لي ولك
وإن كنت منذ عرفتك قبل أكثر من أربعين سنة سباقا للخير دوما، وقد سبقتني إلى الجنة إن شاء الله ولا أزكيك على الله...
فإني لأرجو أن تستقبلني في الجنات كما كنت تستقبلني في الدنيا بالترحاب وفسح المكان لي بقربك في الندوات واللقاءات والمحاضرات يوم يجمعنا ربنا إخوانا على سرر متقابلين، وقد نزغ من قلوبنا الغل في جنات النعيم..
آه يا أبا الحارث!!
كم كنت تملأ دنيانا أملا؟!
دنيا والدتي التي كانت بمثابة والدتك رحمها الله
حين اعتقلتُ في أرض الكنانة الحبيبة سنة ظ¢ظ*ظ،ظ*، بغير جرم ولا سوء مني، ولكن ظلما وعدونا كمئات الألوف إن لم يكن الملايين مثلي
كنت كل يوم تطمئنها..
وكل يوم تتواصل مع عديد من المسؤولين للعمل على تسريع الإفراج عني
وتكللت مساعيك بالنجاح في الإفراج عني
وفي يوم إفراجي الأول لم تكد تفارقني، تذهب وتعود، ولا يخفى عظيم فرحك واستبشارك
كنت _ ولا زلت رغم رحيلك _ أكبر مني في قدرك، وإن كنت قد وُلدت قبلك، ولكنني لم أتقدم عليك يومآ، ولم تُقدم أنت نفسك عليَّ يومآ، ولكنك كنت وستبقى المقدم
طلب مني الأستاذ علي أبو هنية أن أكتب له شيئا عنك قبل سنين،
وقرأت تغريدته في عزمه على الكتابة
وهناك سنكتب بعض ما يليق بك
وأظن أن هذه الزفرات ستريح رئتي المتعبة
وسلام عليك يوم ولدت
ويوم مت
ويوم تبعث حيا
وإني لأرجو الله العلي القدير أن يجعلني وإياك في مقعد صدق عند مليك مقتدر
الشيخ أكرم زيادة حفظه الله تعالى
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-21-2020, 11:01 PM
أبومالك المقطري أبومالك المقطري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: اليمن ـ تعز .
المشاركات: 213
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
*(تعزية)*
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فقد فُجِعَ الكثير من أبناء العالَم الإسلامي بالأمس بموت عددٍ من دعاةِ السُّنَّة، وممن أعرفه جيّدًامن هؤلاء: *الشيخ أبو الحارث علي بن حسن الحلبي* -رحمه الله- ذاك الرجل الذي عاش على منهج السلف الصالح، ومنذ عرفته من أكثر من ثلاثين عامًا، أعرفه بالجدِّ في الطلب، ولزوم غرز السلف الصالح في أكثر ما يتكلم به ويُصنِّفه، *وقد عرفته ملازمًا لعلَّامة العصر -شيخنا محمد ناصر الدين الألباني، رحمه الله- ملازمة الظلِّ للجسد في كثير من أحواله*، وعرفته ناهلاً من عِلْمِه وعلوم علماء السُّنة الأحياء والأموات، لا يكاد يَرْوَى من معينهم، ولا يملُّ من السير على منوالهم.
فلله دَرُّه، وعلى الله أجره، فكم ألّف وصنّف، ورحل وناظر، ودافع وقاوم، وذبّ ودرأ عن الحق وطريقه، ولا أزكي على الله أحدا.
وأنا وهو وغيرنا بَشَرٌ نُخْطئ ونُصيب، ونعلم ونجهل، ويُؤْخَذُ من كلامنا ويُردُّ علينا، ونقتدي ولا نبتدي، ويلزمنا أن نَتَّبِعَ ولا نبتدع، والموفّق من وفّقه الله وسدّده.
*فلله درُّك يا أبا الحارث، لقد تركت وراءك في الشام ثَغْرًا كبيرًا، والله أعلم متى يُسَدُّ، لكن دين الله محفوظ*، ولقد فقدنا بموتك الصوت الذي هو كزئير الليوث، والوجه الباسم، والدرر التي تتناثر من ثناياك، والاستحضار السريع الدقيق لخفيّ المعلومات، فلا تكادُ تُسألُ عن كتابٍ أو مؤلَّف إلا وأتيت منه وعنه بعلم أو خبر، ولا تكاد تُسأل عن داعية معاصر، أو طالب علم في بلده إلا وذكرت شيئًا من خفيّ جوانبه، وأما مناظراتُك وقوّتُك في الطرح ضِدّ المخالفين من التكفيريين أو الغلاة المسرفين في تبديع أهل العلم المثمرين؛ فَحَدِّثْ ولا حرج.
فيا لهول المصيبة، وما أشدَّ هذا البلاء برحيلك، *فقد كنتَ الألبانيَّ الصغير بيننا، بل كم سمعناك في الأشرطة وشيخُنا الألبانيُّ -رحمه الله- يسألُكَ عن كثيرٍ مما أراد أن يستثبتَ فيه، سواء كان كتابًا أو كاتبًا، أو مقالة أو قائلا، فتجيبه بما فيه نفعٌ للحاضر والمستمع.*
ويا سبحان الله، كم كان شيخنا الألباني يقول: *أخونا وصاحبنا أبو الحارث*، فكنتَ حقًّا صاحبه حسًّا ومعنًى، وقد بلغني أنك دُفِنْتَ بجواره، فرحمكما الله، وملأ قبريكما وقبور علماء الإسلام بالروح والريحان.
وعزاؤنا أنك فارقت الدنيا وأنت على دَرْبِ شيخِك ومشايخك وأئمتك تسير، ولغرزهم تلزم، وأما الموت فــ: *{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْت}* ولعلَّ الله ختم لك بالشهادة بسبب هذا الوباء الذي مَسَّك، ولقيتَ به ربَّك، فالمطعون شهيد، *وقد ألحق بعض علمائنا هذا الوباء: "كورونا" بالطاعون.*
وفي النهاية، فالعين دامعة، والقلب حزين، والمصاب فيك جَلَل، لكن لا نقول إلا ما يُرضي الرب سبحانه، وإنَّا على فراقك يا أبا الحارث لمحزونون، فأسأل الله العليَّ القدير أن يُبْدِلَك دارًا خيرًا من دارك، وأهْلًا خيرًا من أهلك، وأن يُكْرِم نُزلك، ويُوسِّع مُدْخَلَك، ويُؤانِس وحشتك، ويُثَبِّتك عند السؤال، وأن يفتح لك في قبرك بابًا إلى الجنة، ويمدُّ لك فيه مدّ بصرك، وأن يبعثك آمنًا يوم القيامة، وأن يرزقنا بعدك الثبات على الهدى لا الهوى حتى الممات، وأن يدفع عن المسلمين حيثما كانوا هذا الوباء، ويرفع عنهم هذا البلاء، وأن يبارك في ذريتك من بعدك، ويجعلهم خَيْرَ خَلَفٍ لخيرِ سَلَفٍ، وأن يقيهم وذرياتنا فتن المحيا والممات.
كما أُسَجِّل تعزياتي ودعواتي هذه للشيخ: *داعي الإسلام الشهَّال اللبناني*، الذي كانت معرفتي به قليلة، لكنَّ ثناء كثير من أهل العلم وطلابه عليه ثناء عاطر، وكذلك أسجِّل دعواتي بالرحمة والمغفرة ورفعة الدرجات *للشيخ عبدالرحمن السحيم*، وعزائي لأهله ومحبيه ولمنسوبي وزارة الشؤون الإسلامية بالرياض، وكذلك أعزِّي نفسي بفراقهم وغيرهم من موتى المسلمين.
اللهم ألهمنا رشدنا، وبارك لنا في أيامنا وأحوالنا، واختم لنا بخاتمة الحسنى، وعافنا واعف عنا، وارحمنا وارحم بنا، واغفر لي ولوالديّ وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
كتبه/ *أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني*
رئيس رابطة أهل الحديث باليمن
ومدير دار الحديث بمأرب
وحرر بتاريخ يوم الاثنين
1/ربيع الآخر/1442هـ
الموافق 16 / 11 / 2020 م
__________________
[SIZE="6"]موقع فضيلة الشيخ المحدث أبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني ـ حفظه الله تعالى ـ

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
[SIZE="6"][COLOR="DarkRed"][/COLOR][/SIZE][/SIZE]
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-23-2020, 09:24 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


قال الشيخ مشهور حفظه الله:

"السلفية هي دين الله
وكلنا بحاجة إليها، وهي ليست بحاجة لأحد
والله جل في علاه الذي أنشأ الشيخ عليًّا وربَّاه وعلَّمه وهيَّئه لأن يحمل الدعوة
فإنه سبحانه وتعالى قادر على أن ينشأ من يحملها أيضا
وهذا أكبر عزاء لنا

أحسن الله عزاءنا وعزاءكم في فضيلة الشيخ
وأسأل الله أن يجمعنا وإياكم معه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين"

***

وأقول متمماً

وليس بعد الشهد حلوى

لكني مستلهم من كلمة شيخنا الحبيب الشيخ مشهور متعنا الله به علما وسمتا

أقول:
كم من داع قال (وأخلف لي خيرا منها)

ألا ترجوا أن تكون الخلف الذي سيجعله الله لهذه الأمة استجابة لدعائها
في حال ذلها وانكسارها وظهور فقرها وحاجتها.

كلنا نريد ذلك!

لكن هذا المطلب العزيز لا ينال بالتمني!!

فعليك أولا:

بإخلاص النية؛ فلا تطلب ذلك للشهرة والصيت، وإنما تطلبه جهادا في سبيل إعلاء كلمة الله.

ثم تجمع الهمة على بلوغ هذه الكرامة مع استشعار فقرك وضعفك دون اغترار بتحصيل ولا لقب.

ثم الصدق التام بالأخذ بالأسباب المعينة على ذلك والتشبه بطرائق الواصلين من العلماء الربانيين
والسير بحزم على سننهم في العلم والتعليم والدعوة ومفتاح ذلك.

1- حفظ الوقت والبخل به.
2- تنظيم أعمالك وتحديد مشاريعك العلمية والدعوية وترتيبها على فقه الأولويات.

مع ملازمة الدعاء والتضرع أن يستعملك الله في طاعته وخاصة عند قولك (اهدنا الصراط المستقيم).

جد الجد وانقضى اللعب
فالبصائر مستيقظة
فحذار أن تدب إليها سِنة النسيان
فنرجع نغط في نوم الغفلة
حتى يتعالى الشخير
فيوقظ نائما أو ويزعج مستيقظا.


فالبدار البدار فلا زلت في الميدان.
ولا زال الطريق أمامك والفوز لمن جد.

والطريق يقطع بالنيات
فلا يصدنك عمر فني أكثره ولا شباب مضى أطيبه.

وحسبك التوبة وصدق العمل.

انهضوا ياكرام
وأحيوا ألفا من علي الحلبي
بسمته وخلقه وعلمه ودعوته

إذا أعجبتك خلال امرئ
فكنه يكن منك ما يعجبك

فليس على الجود والمكرمات
إذا جئتها حاجب يحجبك

والله الناصر المعين


وكتبه
حمد أبو زيد العتيبي
غفر الله له

https://t.me/abozydotabi


****

__________________
قناة (المكتبة الورقية) على التليجرام
تضم عددا من الرسائل الدعوية والتعليمية على صيغة (pdf)
كتبها الفقير إلى عفو ربه
حمد أبو زيد العتيبي
على الرابط التالي:

https://t.me/Rasaelpdf
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-23-2020, 11:40 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 791
افتراضي

رثاء الشيخ ابراهيم الرحيلي.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد .
فالشيخ علي بن حسن الحلبي رحمه الله من إخواننا المعروفين لدي بسلامة المعتقد والمنهج وتربطني به علاقة أخوية فلا يكاد يأتي المدينة مع فراغي وفراغه إلا ويزورني . وكنت أتبادل معه ومن يحضرنا من طلاب العلم الحديث في مسائل الشرع في أبواب الاعتقاد والمنهج والعبادة فلمست منه كما لمس غيري سعة إطلاعه وجودة فهمه وحسن تحريره وتحقيقه لمسائل الدين مع شدة حرصه على اتباع السنة وحبه لها ولأهلها . هذا مع تواضع جم وحسن أدب ولطيف مجالسة مع شيء من الطرفة التي تحببه لجليسه ولاتزريه . ولست أزعم له ولا لغيره من أهل العلم ولا لنفسي من قبل وبعد السلامة من الخطأ وشيء من الزلل تقتضيه الطبيعة البشرية وسنة الله الكونية في هذه الخليقة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون )
ولكن بحسبه أنه يقبل النصح رجاع للصواب إذا نبه إليه وقد ناصحته مرارا في مسائل وفي مواقف فأذعن لما أبديت من النصح فيما أعتقد أنه الحق وأتبع ذلك بالشكر على النصيحة وجميل الثناء.
فرحمه الله رحمة واسعة وجزاه على ماقدم في نشرالعلم تأليفا وتدريسا
وتوجيها أعظم ماجزى به علماء الأمة الصادقين إن ربي لسميع الدعاء .
كتبه / إبراهيم بن عامر الرحيلي
عشيةيوم الإثنين ظ¨/ ظ¤/ ظ،ظ¤ظ¤ظ¢هـ
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11-25-2020, 05:03 PM
شرف الدين الأثري شرف الدين الأثري غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 33
افتراضي رثاء الشيخ أبي خالد وليد سيف نصر

فجعنا اليوم بخبر وفاة أخينا الشيخ الفاضل *علي الحلبي* رحمه الله بأثر مرض كورونا..

فوقع هذا الخبر علينا كالصاعقة لا لأنه مات فكلنا سنموت ولكن موت عالم مثله وهو أسد من أسود السنة وناصر لها ولأهلها وهو مع ذلك بالمرصاد لأهل البدع والأهواء
فكانت ثلمة عظيمة في الأمة

🔸وصدق الحسن حيث قال:
موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما طرد الليل والنهار

🔸وقال أيوب السختياني
إنه لبلغني موت الرجل من أهل السنة فكأنما يسقط عضو من أعضائي
قلت: فكيف بعالم كبير من علماء السنة!

فإني لم أر منافحا عن شيخنا وإمام الدنيا الألباني مثله،
وكان واسع الاطلاع شديد الوطأة والبأس على الخرافيين والحزبيين والمنحرفين قوي الحجة والبيان
مع اللطف والحنكة والصبر
وفيه صفات كثيرة المقام لا يتسع لذكرها
فإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا
وإنا على فراقك يا حلبي لمحزونون
فنسأل الله أن يجمعنا وإياه وإخواننا وشيخنا مع "النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا"

اللهم اغفر لأبي الحارث وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين. اللهم افسح له في قبره ونور له فيه
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-28-2020, 12:22 AM
أبو عبد الرحمن الرباطي الأثري أبو عبد الرحمن الرباطي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 656
افتراضي

هذه مرثية عادل رفوش المغربي، في الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى أقولها في رثاء الشيخ علي حسن الحلبي رحمه الله و أسكنه الهردوس الإعلى لما لحياتيهما من تشابه :

مَاءُ الحَيَاةِ بِذِي الدُّنْيَا وَإِنْ عَذُبَا == أَخُو السَّرَابِ فَلاَ يَغْرُرْكَ مَنْ شَرِبَا

فَمَا تَطِيبُ كُؤُوسٌ مِنْ مُعَتَّقَةٍ == مَا دَامَ كَأْسُ المَنَايَا صَاحِ مُقْتَرِبَا

فَاعْمَلْ لِتَلْقَى الذِّي تَسْرُرْكَ طَلْعَتُهُ == وَقَدِّمَنْ صَالِحَ الأَعْمَالِ وَالقُرَبَا

فَلَيْسَ يُذْكَرُ بَعْدَ اللَّحْدِ مِنْ نَشَبٍ == إِلاَّ بِصَالِحَةٍ تَسْتَصْلِحُ النَّشَبَا

طُوبَى لِعَبْدٍ أَتَى الدُّنْيَا عَلَى وَجَلٍ == كَمَا أَتَى نَاصِرُ الدِّينِ الَّذِي ذَهَبَا

(طُوبَى لِعَلَم فَارقَ الدُّنْيَا وفتنتها == كَمَا عَاشَ نَاصِرُ الدِّينِ الَّذِي ذَهَبَا)

مَضَى إِلَى اللهِ وَاسْتَوْفَى الّذِي كُتِبَا == وَمَا تَلَوَّنَ بِالدُّنْيَا وَمَا اضْطَرَبَا

وَمَا تَلَوَّثَ فِي أَدْرَانِهَا رَغَبَا == وَمَا تَرَدَّدَ فِي حَقٍّ بِهَا رَهَبَا

بَلْ كَانَ حَيْثُ ثَوَى كَالبَدْرِ مُكْتَمِلاَ == يَعْلُو سَمَاءَ العُلاَ فِي عِزَّةٍ وَإِبَا

مَضَى إِلَى اللهِ يَا لَلْحُزْنِ مِنْ خَبَرٍ == لَوْ أَنَّهُ كَذِبٌ قَدْ أَمْدَحُ الكَذِبَا

أَوْ أَنَّهُ مِنْ كَرَى الأَضْغَاثِ صَاعِقَةٌ == لأَهْجُرَنَّ فِرَاشَ النَّوْمِ وَالأُهُبَا

وَأُعْطِيَنَّ بِتَكْذِيبٍ لَهُ مُهَجَا == وَأَبْذُلَنَّ عَلَيْهِ الوَرْقَ وَالذَّهَبَا

لَكِنَّهُ الصِّدْقُ حَمْداً لِلإِلَهِ عَلَى == مَا أَمْسَكَ الدَّهْرَ مِنْ نُعْمَى وَمَا وَهَبَا

صِدْقٌ يُبَدِّدُ آمَالاً وَيَبْعَثُ مِنْ == أَصْدَائِهِ أَخْوَفَ الآلاَمِ وَالشَّجَبَا

صِدْقٌ أَحَرُّ مِنَ الرَّمْضَا عَلَى كَبِدِي == أَبْقَى الفُؤَادَ عَلِيلاً هَيِّناً وَصِبَا

أَلْوَى بِصَبْرِيَ حَتَّى خِفْتُ مِنْ جَزَعٍِ == وَأَسْبَلَ الدَّمْعَ مُنْهَلاًّ وَمُنْسَكِبَا

وَلَسْتُ وَحْدِيَ أَرْثِيهِ وَأَنْدُبُهُ == فَلَسْتُ إِلاَّ فَتًى فِي عَالَمٍ نَدَبَا

تَبْكِيه أَعْلاَمُ حَقٍّ كَانَ يَحْمِلُهَا == شَرْقاً وَغَرْباً بِأَيْدٍ تَقْهَرُ الأَلَبَا

فَمَا تَرَى بَلَداً إِلاَّ لَهُ أَثَرٌ == فِيهِ وَمُتَّخِذٌ فِي بَعْثِهِ سَبَبَا

فَسَلْ دِمَشْقَ وَسَلْ عَمَّانَ سَلْ حَرَمًا == وَالهِنْدَ وَالمغْرِبَ الأَقْصَى وَسَلْ حَلَبَا

تَجِدْ مَرَاثِيَ فِي الجُدْرَانِ بَاكِيَةً == كَأَنَّ دَمْعَتَهَا قَدْ فَارَقَتْ صَبَبَا

تَبْكِيهِ حُزْناً وَإِجْمَاعاً تَقُولُ لَنَا == أَكْرِمْ بِهِ عَلَماً وَعَالِماً وَأَبَا

سَلْ عَنْهُ طُلاَّبَهُ الأَفْذَاذَ فِي دُوَلٍ == شَتَّى تَجِدْ عَبَرَاتٍ تَسْبِقُ الذَّرِبَا

وَمَا لِنَاظِرَةٍ كَانَتْ تَقَرُّ بِهِ == إلا أَلِيَّتُهَا أنْ تهْجُرَ الطَّرَبَا

إيهٍ تحِقُّ لها الشَّكْوَى فَقَدْ فَقَدَتْ == بِفَقْدِهِ العِلْمَ والإحْسَانَ والأَدَبَا


() زيادة

وإنا لله وإنا إليه راجعون
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.