أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
96453 89571

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-03-2018, 02:19 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
Lightbulb الطرق التعليمية ببلاد العرب والإسلام بقلم الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله تعالى

الطرق التعليمية ببلاد العرب والإسلام

من تراث أعلام الدعوة السلفية بمصر
المقالات السلفية


لفضيلة الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله تعالى

دار سبيل المؤمنين للنشر والتوزيع (ص16-ص21)

تتمة المقال في مجلة المنهل – ذو الحجة 1383ه -


س : هل لكم رأي في الطرق التعليمية التي تتخذها وزارات المعارف بالبلاد العربية والعالم الإسلامي لتربية النشء الإسلامي ؟

ج : لما كنت أتولى تحرير مجلة (الأزهر) في السنوات الست الأولى لقيام النظام الجمهوري في مصر ، سنحت لي فرص متعددة تعرضت فيها لهذا الموضوع العظيم الذي كان ينبغي لحكماء هذه الأمة في جميع أنحاء العالم الإسلامي أن يدرسوه دراسة واسعة ودقيقة ، وأن ينتهوا فيه إلى نتائج قطعية وحاسمة ، ولكن الذي يقف في طريقهم الآن عقبتان :

الأولى : أن الأسس التي تقوم عليها أنظمة وزارات المعارف في جميع أوطاننا كانت مرسومة لها من أيام الاحتلالات الأجنبية .
الثانية : أن الأيدي التي تسلمت هذه الأنظمة بعد ذلك هي تعلمت بها ولا تكاد تعرف غيرها .

و قد حدث بلا ريب كثير من التعديل والإصلاح في السنين الأخيرة ، لكنه في الغالب يتناول الأشكال أكثر مما يتناول الحقائق ، و هو في العرض لا في الجوهر ، و محاولة تغلغله إلى الحقائق و الجوهر في منتهى الصعوبة ؛ لأن الأسس مرسومة بعناية وإتقان للحالة الحاضرة .

هذا الموضوع لا يستوفي القلم بمقال في مجلة ، أو بإجابة في حديث ، فأكتفي هنا بعرض بعض الحقائق التي تحتاج إلى شباب يؤمن بها ، ويطيل التفكير فيها ، ويجعل أمانيه الكبرى الدعوة ليحققها .

بين التربية والتعليم


فأول ذلك أن التربية شيء والتعليم شيء آخر.
و التربية أقسام ؛ منها تربية العقل للإيمان بالحقائق ، و منها تربية النفس عمليا لتهذيب النشء بمبادئ تليق بالجيل المسلم حامل أرفع المواريث في رسالة إنسانية واسعة الأغراض بعيدة الأهداف .
و منها التربية الدينية التي تشمل التمرس بشعب الإيمان الإسلامي واعتياد العبادات المفروضة والتأدب بالآداب السليمة ، ثم التربية البدنية التي تعين على تكوين الشباب المسلم القوي الذي يهتف في نشيد :

إنما الإسلام في الصحرا امتهد ... ليجيء كل مسلم أسد

ووزارات معارفنا لا أعلم أنها تعني من أنواع التربية إلا بالتربية البدنية
و بطريقة إفرنجية ، وألمع القائمين بها والمشرفين عليها هم الذين يذهبون إلى أوروبا وأمريكا ليتعلموها . وقد عاد أحدهم من هناك فأخبرني بأنه لقي قسيسا أثنى له على الإسلام لأن فيه أسماء الله سبحانه التي تبلغ تسعا وتسعين اسما ذات معان سامية ، و ذكر لي عددها باللغة الإنكليزية كما سمعها القسيس .

فقلت له يا أخي إنها أسماء الله الحسنى وأهديت له (المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى) لأبي حامد الغزالي ، وأرشدته إلى نظمها في نونية ابن القيم ، فتعجب وقال : إنهم في مدارسنا لم يكونوا يذكرون لنا شيئا منذلك حتى سمعته من هذا القسيس .

و من العجيب أن مدارس الفرير والجزويت وسائر الكاثوليك ، وكذلك مدارس البروتستانت من إنكليزية وألمانية وأمريكية ومدارس الأرثوذوكس ، ومدارس الأليانس والإسرائيلي ، كل هذه المدارس وغيرها من مدارس الملل تعنى بالتربية على طريقتها بأكثر مما تعنى بالتعليم ، وأما نحن فلا معنى للتربية إلا التربية البدنية بأسلوب أجنبي ممسوخ ، و مع ذلك فإننا نسمع الكثيرين منهم يشكون من التقصير فيه .

التعليم و العلم العالي


أما التعليم فمن أكبر أخطائنا أننا لا نميز فيه بين العلم العالمي والثقافة القومية والملية.
و قد نبهت كثيرا في مجلة الأزهر على أن هنالك علما عالميا اشترك في تكوينه من ألوف السنين علماء مختلف الأمم ، وهو العلم الرياضي والعلم الطبيعي ، وكان لأسلافنا نصيب كبير فيه ، بل إن اسم علم الجبر اسم عربي محض لا تعرفه الأمم كلها إلا بهذا الإسم العربي ؛ لأنه كان في زمان حضارتنا الإسلامية علما عربيا ، وكذلك الطب والكيمياء وفلك السماء وغير ذلك من العلوم التي كنا أهلها ، ثم شارك فيها غيرنا وتقدموا بها حتى وصلوا إلى تحطيم الذرة والطيران في الأجواء ، بتعاون الأمم المشتغلة بمعارف الكون ، فكانت هذه العلوم عالمية نستطيع أن نساهم في تقدمها إذا وضعنا أيدينا في أيدي العاملين بها ، ودخلنا إليها من أبوابها ، واستعملنا مواهبنا الممتازة بطلب العلم للعلم لا لأجل أكل العيش وحسب .

هذا هو العلم العالمي ، مما نتعلمه في مدارسنا بمقياس ضيق وبطرق مستقيمة أو ملتوية .

و الثقافة


و هناك قسم آخر مما نتعلم – في الأصل نتعلق – في مدارسنا وهو الثقافة وغير ذلك .
و العلم العالمي مشترك بين الأمم ، وأما الثقافة فلكل أمة ثقافتها ، فهنالك : الثقافة اللاتينية والثقافة السكسونية والثقافة العربية الإسلامية ، بل إن الإنكليز والأمريكيين وهما أبناء لغة واحدة – تعتبر كل واحدة منهما أن ثقافة الآخر تفترق – إلى حد قريب أو بعيد – عن ثقافة الآخر .

و منه يتبين لك أن من الغش دعوى مؤلف (مستقبل الثقافة في مصر) : [ أن المسلم العربي ينبغي له أن يأخذ من الغرب كل ما عنده من علوم وثقافة وحضارة ، خيرها وشرها ، حلوها ومرها ، وما يحب منها و ما يكره ، وما يحمد منها و ما يعاب] لا ولا كرامة ؛ إن هناك ما يجوز أن نأخذه ، وإن هناك ما يجب أن ندعه ، إن من الأشياء أشياء لا يجوز أن نأخذها إلاّ من صميم كياننا ومن خالص تراثنا وصريح سننا .

لما انتهت الحرب العالمية الثانية كان الإنكليز قد ملوا قيادة حزب المحافظين ، وتعاون تشرشل مع حزب العمال ؛ إرضاء للرأي العام البريطاني ، و طمع حزب العمال إذا تجددت الإنتخابات أن يكسبوا الأغلبية ، وأن تحرر المملكة من سيطرة تشرشل بعد الإنتهاء من حاجتها إليه ، فطالب (أتلي) وزملاؤه من حزب العمال المستر تشرشل بأن يجري انتخابات جديدة ، فجعل تشرشل يماطل ، ثم اقترح أن يعمل استفتاء بدلا من الإنتخابات ، أتدري بماذا أجابه (أتلي) في كتاب ملون اشتهر عند جميع المهتمين بهذه الأمور ؟ لقد أجابه بقوله : [إن الإستفتاء سنة غير بريطانية] ، يعني أنها طريقة أمريكية لم يسبق للإنكليز الإلتجاء إليها فأفحم تشرشل ولم يكابر في هذه الحجة .

إذا كان حزب العمال البريطاني – المفروض أنه ليس محافظا كالمحافظين – يحرص على السنن البريطانية ، وينوه بها ، ويعمل على حمايتها ‘ فكم من رجالات وزارات المعارف في العالم الإسلامي والعربي يعلمون أن للمسلمين والعرب سننا أصيلة جديرة بالإحترام والإتباع ؟ و كم منهم من يحرص على تثقيف النشء الإسلامي العربي بهذه السنن ، وتربيتهم على احترامها و المحافظة عليها ، والتصدي لحمايتها ؟

المعضلة الكبرى أن مدارسنا لا تعلمنا ما نحن ؟ و من نحن ؟ وأين نحن من غيرنا ؟
وليس في مدارسنا إلا النادر ممن يعلم أن التربية غير التعليم ، وأن العلم العالمي المشترك بين الأمم في تكوينه وفي الأخذ به ، غير الثقافة القومية والملية التي تمتاز كل أمة بنصيبها منها ، والتي يعد تجاهلها هزيمة ، وفرضها من أمة على أمة استعمارا عقليا واحتلالا روحيا .


الانحلال الخلقي


س : حيث بقيتم طيلة السنين الماضية تحاربون الانحلال والانحطاط الخلقي ، وكامن لما قمتم به مع غيركم من جهاد كبير بهذا الشأن الأثر القوي في تصحيح بعض الأوضاع فما هي نصيحتكم للكاتب المسلم الناشئ بهذا الخصوص ؟

ج : الناشئ المسلم الممتاز – ولا سيما إذا تهيأت له الأسباب ليكون كاتبا أو شاعرا أو مدرسا – ينبغي له أن يؤمن برسالة سامية في الحياة يتحرى الأنس بها والاطمئنان لصحتها وحاجة أمته إلى تحقيقها ثم يزداد إيمانا مع توغله في المعرفة واتساعه في الخبرة والتفكير وزيادة اتصاله بالناس .

ورسالة المسلم الممتاز هي معيار قيمته في حياته وبعد موته، فكلما كانت هذه الرسالة أسمى وأنفع كان هو أعلى مكانة، وأعظم قدرا .

والناشئ الذي لا رسالة له في الحياة رجل تافه لا قيمة لحياته ولا أثر له يتركه من بعده.
وأول ما يحتاج إليه في تكوين رسالته أن يعرف معدن قوميته ، وسنن ملته ، و ما تحتاج إليه أمته من خير ، فيجعل ذلك من عناصر رسالته ، وأن يعلم أنها امتداد للرسالة العظمى التي بعث الله بها كل رسل الله ، والتي حملها من بعده إلى الإنسانية أصحابه الكملة ، والتابعون لهم بإحسان فيدأب على رد القطيع الإسلامي الشارد إلى القافلة التي تمضي بها إلى أدوار التاريخ نحو الهدف ، وكلما غفل الغافلون عن الهدف الأول الذي سارت القافلة نحوه من عهد العمرين جعل من رسالته تنبيه الغافلين لهدفهم الأصيل .
هذه الرسالة هي الإبرة المغناطيسية لكل سفينه إسلامية تجري في بحر الحياة ، وهي كوكب الهدى لكل قافلة عربية تسري في ظلمات الفيافي تحت أجنحة الليالي .

و كلما كثر حملة هذه الرسالة الموحدة كان ذلك ضمانا لأمن الطريق بين أوله في زمن العمرين ، و بين هدفه الأقصى الذي تتم عنده السعادة بمرضاة الله ، و الفلاح الذي يؤذن به المؤذن من كل مسجد للإسلام في بقاع الأرض .





__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.