أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
56710 75577

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-25-2012, 10:06 PM
فهير الأنصاري فهير الأنصاري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: المملكة العربية السعودية .
المشاركات: 404
افتراضي خطورة غلاة التجريح _ وبعض! _ أوجه الشبه بين غلاة التجريح والروافض !

خطورة غلاة التجريح _ وبعض! _ أوجه الشبه بين غلاة التجريح والروافض !


اشتغل الروافض في أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وجردوهم من كل فضائلهم المحمودة وخصالهم المرموقة ، غاية الطعن في أصل الرسالة النبوية ، والهداية الربانية !
فقد أخرج الخطيب البغدادي _ رحمه الله _ في " الكفاية في علم الرواية " ( 1 / 49 ) عن أبي زرعة الرازي _ رحمه الله _ قوله : " إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ فاعلم : انه زنديق ! وذلك أن الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ عندنا حق ، والقرآن حق ، وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه و سلم _ وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة " .

ويشار في المقام إلى مقدمتين ونتيجة :

أولا : المقدمة الأولى ؛ توجيه النظر إلى مثالب _ يعدونها ! _ قوادح في آحاد وجموع الأصحاب ، وسريان التأثير على جهة البلاغ والتأسيس ، وهذه حجة الكفرة تجاه بعض الأنبياء ، كما قال : (( قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ )) .
وإليه أشار الإمام أبو زرعة الرازي _ رحمه الله _ بقوله : " وانما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه و سلم " .
ثانيا : المقدمة الثانية ؛ بيان العلاقة بين رواية الشرع عن غير المعصوميين ممن تلا المعصوم نبي هذه الأمة محمد بن عبد الله _ صلوات الله عليه وسلامه _ ، واحتمال الخوض بدون دراية فيه على وفق مبادىء الجبلة البشرية الناقصة !
ومن ثم :
ثالثا : بهذه الطليعة الخبيثة يسقط مروي الشرع وحكايته عن آحاد الأصحاب والمجموع _ رضوان الله عليهم _ ويتلمس مبدأ التحصيل عن معصوم من رجالاتهم المزعوميين .
ثم انظر إلى قول أبي زرعة الرازي _ رحمه الله _ في إيراد النتيجة : " وانما يريدون ان يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى " .

*** **** ***** **** ***

ومن المتشابهات _ في جهات _ : أن أهل العلم النظار _ زادهم الله هيبة في صدور الأغمار _ ينقلون هذا الدين ، ويبلغون الرسالة عن رب العالمين ، ويحدثون بكلام سيد المرسلين .
يقول الإمام الشاطبي _ يرحمه الله _ في " الاعتصام " ( 3 / 338 ) : " إذا ثبت أن الحق هو المعتبر دون الرجال فالحق أيضاً لا يعرف دون وسائطهم ، بل بهم يتوصل إليه وهم الأدلاء على طريقه " .

وهذه مواريث يتداولونها مع توالي الأيام والليالي ، ويحملها الخلف عن كل السلف ، وترويها الجماعة في كل طباق الحياة على مختلف الأعصار وتباعد الأمصار ، والوصف من الواصف ، والخبر من المعاين أقرب ، فقد أخرج ابن ماجه في " السنن " برقم : ( 223 ) أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال : " العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا و لا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر " .
يقول إبراهيم الشاطبي _ رحمه الله _ في " الاعتصام " ( 2 / 482 ) : " وقد ثبت في الأصول أن العالم في الناس قائم مقام النبي عليه الصلاة والسلام ، والعلماء ورثة الأنبياء " .


وقد تطرق حذاق الكلام لمسألة قيام العالم مقام إنشاء الأحكام باعتباره شارعا باجتهاده عند جماعة من الأصوليين ، وتقليب نظره في النصوص الشرعية ، والترجيح بين المتعارضات ، ومعرفة مقاصد الشريعة ، والمقدرة على تخريج الفروع وإلحاقها بالأصول الثوابت .
وجود الإمام الشاطبي _ رحمه الله _ كون العالم مشرعا من وجه لقيامه مقام التبليغ من جهة ، والإجتهاد تارة ، حتى قال في " الموافقات " ( 5 / 253 _ 254 ) : " والثالث: أن المفتي شارع من وجه؛ لأن ما يبلغه من الشريعة؛ إما منقول عن صاحبها، وإما مستنبط من المنقول؛ فالأول يكون فيه مبلغًا، والثاني يكون فيه قائما مقامه في إنشاء الأحكام، وإنشاءُ الأحكام إنما هو للشارع ، فإذا كان للمجتهد إنشاء الأحكام بحسب نظره واجتهاده؛ فهو من هذا الوجه شارع، واجب اتباعه،والعمل على وفق ما قاله، وهذه هي الخلافة على التحقيق، بل القسم الذى هو فيه مبلغ لا بد من نظره فيه من جهة فهم المعاني من الألفاظ الشرعية، ومن جهة تحقيق مناطها وتنزيلها على الأحكام، وكلا الأمرين راجع إليه فيها؛ فقد قام مقام الشارع أيضا في هذا المعنى" .

وبيت القصيد : قيام العالم مقام النبي _ عليه الصلاة والسلام _ في الأمة ، من غير عصمة له ، ولا تصويب مطلق ، بل المسألة سجال علمي ، والحق أحق بالإتباع ، وبعض ما ساقه الشاطبي _ آنفا _ ضمن تحريره : فيه نظر لا محل لبيانه !

وعليه : تلقف غلاة التجريح من حيث لا يشعرون _ فيما أحسب ! _ هذا الأصل الرافضي الماسوني في إسقاط رجالات الشريعة الحاملين لها من حيث جاهد هؤلاء في نصرتها ، والذب عنها ، وكم مريدا للخير لم يوفق إليه ، ولم يصبه بفعله مع طلبه بقوله !!
وإليك أيها الألمعي مقالة الإمام محمد بن صالح العثيمين _ رحمه الله _ في " شرح رياض الصالحين " ( 1 / 406 ) : وبتوقير العلماء توقر الشريعة لأنهم حاملوها وبإهانة العلماء تهان الشريعة لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام أعين الناس ذلت الشريعة التي يحملونها ولم يبق لها قيمة عند الناس وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة " .


ولا يتسرع بعض من لا دراية لهم من إخواننا الغلاة ، فما أنا إلا متبع لغراس منهج الشيخ ربيع بن هادي المدخلي _ صوبه الباري إلى الحق الغالي _ حيث صنف رسيلة وجيزة سماها بـــ : " خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة " !!
والحق يقال : هذه رسيلة من جهة الوصف والتعبير مبالغة بحيث أن الشيخ ربيعا فيما يظهر يلحق إخوانه وسدنته قديما بالروافض من الجهة الموافقة في الإطلاق لا الحقيقة ، حيث قال : " فإنَّ من يستقرئُ أحوال الحدادية الجديدة وكتاباتهم ومواقفهم يُدرك أنَّهم يسيرون على منهج فاسد وأصول فاسدة يُشابهون فيها الروافض " ، مع أنه يصرح أن الموافقة في الأصول في نهاية المقال : " فهذا ما تيسَّر ذكره من أصول هذه الطائفة المشابهة لأصول الرافضة وأفعالهم ومنهجهم " وهذه مناكدة !

لعل قلمه لم يسعفه في التعبير من باب إحسان الظن به ، إلا أنه يزعم في صفوف إخوانه وسدنته القدماء روافض في شرحه على " عقيدة السلف " ( 173 ) : " فأنا اعتقد أن فيهم زنادقة وروافض مدسوسين معهم لا هدف لهم إلا تشويه المنهج السلفي والطعن في أئمته " !

بل يفضل أخلاق الروافض عليهم مع الاعتراف بخبثهم الذي هو دون مكر إخوانه ، فيقول في شرحه على " عقيدة السلف " ( 91 ) : " الروافض عندهم شيء من الأخلاق والأدب .. الروافض عندهم كذب وفجور وخبث لكن لا يلحقون هؤلاء _ يقصد : إخوانه _ في الفجور والكذب وقلة الحياء وسوء الأدب وقلة المروءة ، لا تجد طائفة حتى في الكفار لا تجد أسوأ من هذه الطائفة وأقل أدبا ... " .

وهذا أسلوبه في التنفير من مخالفيه ، كعادة أهل البدع في إطلاق الألقاب المنفرة على أهل السنة والجماعة : " الحشوية ، والمجسمة ، والكرامية ، وعلماء السلاطين ، فقهاء الحيض والنفاس " وهكذا إلى ما لا نهاية ، وهذه موافقه من الشيخ ربيع لأسلوب أهل البدع بلا ريب من جهة التنفير عن النظر في مقالات المخالفين والإكتفاء بالإعراض عن استدلالاتهم ، والنظر في محاججته لهم دون إعماله في حجج الخصم ، وهذه سجية ظاهرة أضحت في أسلوبه لمن تابع رودوده الأخيرة وتعامله مع أهل الحجاج من مسدديه ، والله المستعان .

وعندما رأيت هذه الرسيلة على طاولة مكتب شيخنا ربيع بن هادي المدخلي في الطابق الثاني من بيته، وقلبت ورقاتها ونظرت في محتواها ، والله لم يرضها قلبي وجفوت لمضمونها من جهة التعبير والإلحاق _ وإلا فيها ما هو حق ، والحق يقال _ لكون الموافقات هذه يسهل قلبها وتنزيلها تطبيقا على ذات منهج غلاة التجريح من أتباع ربيع وجماعته ، وهذا ما صنعه أتباع الشيخ يحيى الحجوري _ نصره الله _ فانبرى أحد تلاميذه فصنف رسالة قلب فيها أوصاف الحدادية على بعض من يحتضنهم الشيخ ربيع بن هادي تحت كسائه كابن المرعي وأتباعه وغيرهم ، سماها بــ : " صفات الحدادية المرعية في مناقشة علمية ، تعليقات على كتابي : خطورة الحدادية الجديدة ... " .
وقدم لها جمع وأذن بنشرها الشيخ يحيى الحجوري ؛ ومنهم : عبد الكريم الحجوري وقال فيها ( 5 _ 6 ) عن صاحبها وصنيعه : " وبين براءة أهل السنة من هذا اللقب ، وبين من هو أليق بهذا اللقب ، وهو به ألصق " .

وقال صاحبها ( 152 ) : " ونطلب من الشيخ ربيع المدخلي كما يطلب هو من أبي الحسن أن يتواضع هو ومن وافقه على ذلك لله ، فيتوبوا إلى الله عزوجل من هذه الجريمة العظيمة ويعلنوا هذه التوبة على الملأ " .

ومن أعجب ما يثير السخرية العلمية قول الشيخ فيها : " الوجه الأول : التقية الشديدة ؛ فالرافضي يعترف لك بأنَّه جعفري ويعترف ببعض أصوله وعقائده الفاسدة ، وهؤلاء لا يعترفون بأنَّهم حدادية ولا يعترفون بشيءٍ من أصولهم وما ينطوون عليه " .
لا أعراضه للمشابهة في باب التقية تجوزا ، فهو من موارد الناس ، بينما في هذا المسطور المحتوي على شطور أنه جعل عدم الإعتراف بكون الإنسان مبتدعا في ذاته لذاته يجعله كالروافض من جهة المقابلة ، فهل رأيت رافضيا قط يعترف بإقرار أنه على الكفر ، ويصر إلا على وجه الإستكبار ؟!! وهل سارت فرقة في نصرة بدعها إلا لوجود ما يرونه حقا بتقديرهم _ وقد يكون نزرا يسيرا بتقديرنا! _ على أقل التصورات !
والبراءة من التهمة : إعلان الحدادية فساد أصولهم وما ينطون عليه _ على سبيل المثال ! _ وعليه ما قامت بدعة ولا توجهت دعوى ! وهل اعتراف الروافض ببعض أصولهم يكون على وجه الإقرار والقبول أم على وجه الرفض لها ، مما يفضلهم على إخوانه من الحدادية ؟!

لا علينا ؛ تعالوا بنا إلى بيت القصيد ، وعين الكتيبة :

صنيع إخواننا من غلاة التجريح في هذه الأوقات من إسقاط رجالات أهل السنة ونقد أعيانهم من القائمين بالدعوة في الساحة الإسلامية والمحررين للمنهج في ميادين بلدانهم ، لهو إسقاط للدعوة من حيث لا يشعرون _ فيما أحسب _ حيث عملوا للإصلاح دون نظر لمقاصد الشريعة ، وتدبر لمجموع حال السلف في مروياتهم وأوضاعهم لا من جهة آحادهم وخصوص أوقاتهم ، والولاء والبراء على المنظومة السنية ، والالتفاف حول زلات العلماء ، وتتبع هفواتهم المتناثرة في بطون الكتب وحواشيها وذيولها دون مراعاة الأطوار العلمية ، وتفاوت القدرات العقلية ، والطاقات الاجتهادية في الإدراك والتمييز ، وتحصيل الحق المنشود ، مما كان أحد العوائق الكبرى في تحصيل مرام غلاة التجريح .

وها أنذا أسوق لك الحجاج الداحضة ، والكلمات الدامغة ، في بيان هذا الأصل الذي اتفق عليه غلاة التجريح مع الروافض والماسونية _ من جهة دون ما سواها ؛ فتأمل ! _ على مقدار ما كتبه الشيخ ربيع بن هادي المدخلي _ أقال الله عثراته _ في رسالته : " خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة " حيث قال : " الوجه السادس : إسقاطهم لعلماء السنة المعاصرين وتنقصهم لهم ورد أحكامهم القائمة على الأدلة والبراهين وخروجهم عليهم وطعنهم فيهم وفي مناهجهم وأصولهم القائمة على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح " .

ونستخلص التالي :

فكرة إسقاط أهل السنة القائمين بالدعوة السلفية في كافة الميادين وتنوع البلدان من أصول الروافض التي بحسب تعبير الشيخ ربيع الهادي (!) من أوجه التشابه بين الروافض والحدادية ، فهذه عقيدة رافضية ماسونية كما قال الشيخ في " مجموع الكتب والرسائل" ( 1 / 481 _ 482 ) : " فبعض الناس الآن يطاردون السلفيين حتى وصلوا إلىالعلماء وسموهم مميّعين! والآن ما بقي في الساحة عالمتقريباً- إلا طعن به وفيه !وهذهطبعاً- هي طريقة الإخوانوطريقة أهل البدع ؛ فإن أهل البدع من أسلحتهم أن يبدأوا بإسقاط العلماء ، بل هي طريقة يهودية ، ماسونية : إذا أردت إسقاط فكرة فأسقط علماءها أوشخصياتها!! فابتعدوا عن هذاالميراث الرديء ، واحترموا العلماء .
ووالله ما يسعى في الكلام فِيَّولا الطعن في ما نحن فيه- إلا لتكون النتيجة إسقاط المنهج ؛ فالذي يكره هذا المنهج يتكلم في علمائه ،الذي يبغض هذا المنهج ويريد إسقاطه ، يسير في هذا الطريق" !! .

نعم ؛ فقد صدق الشيخ في مقاله حتى لا يكاد أن نجد داعية على منهج الأسلاف سلم من تبديع ونحوه ! وياليت غلاة التجريح ينتبهون إلى مشابتهم في هذا الأصل للماسونية والروافض على حسب تعبير ربيع بن هادي !
وكما قيل _ على صورة الاقتباس _ في الكتاب المقدس ( إنجيل لوقا / 23:19 ) : " من فمك ادينك أيها العبد الشرير " .

*** **** ***** **** ***

والإسقاط عند غلاة التجريح يدور حول : التبديع ، والنقد ، وتوجيه التقصير للغير ، وتفضيل النفس في الجهود على الغير .
ومن النماذج على صورة توجيه التقصير للغير مع تفضيل جهود الذات على البقية :
أولا : نسبته لعلماء السعودية التقصير في مطالعة ومعرفة بدع الإخوان ، وانفراده بهذا ، حيث قال في " مجموع الكتب والرسائل " ( 2 / 526 ) : " ونسأل الله أن يطهر هذه البلاد من كتب أهل البدع الملمعة من كتب الإخوان المسلمينفإنه إلى الآن علماء هذه البلد ما أدركوا أن كتب الإخوان المسلمين أخطر من كتب كلأهل البدع لأنهم لم يقرأوها"! .

ثانيا : تفضيله لجهاده ومن وافقه على جهاد وجهود هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية وتفضيل طلابه حيث قال في " مجموع الكتب والرسائل " ( 9 /440 ) عن نفسه وتلاميذه : "ربيع , وزيد بن محمد هادي جاهدا أكثر من كثير منهيئة كبار العلماء , بعض هيئة كبار العلماء يجيئون في طبقة تلاميذ ربيع وزيد " .

ثالثا : تفضيل سلفيته وقوتها _ في الوقت الذي كان فيه ما زال شابا حديث السن ، ومع الإخوان المسلمين !!! _ على الإمام الألباني في ذلك الوقت ، حيث يقول : "ونحن طلاب الشيخ عبد الله القرعاوي عندنا سلفية أقوى من سلفية الألباني، والله الشيخ عبد الله تعلم المنهج السلفي تمامًا حتى ما عرفنا المذاهب أبدًا، ما عرفناإلا كتاب الله وسنة رسول الله ومنهج السلف، فالتقينا بالألباني، وإذا به نحن فيالسلفية أقوى منه، يعلم الله ما قلدناه، الشيخ عبد الله جاء بسلفية هي صحيح السلفية" .

وهذه بعض النماذج من صور الإسقاط على طريقة توجيه التقصير للغير مع تفضيل الذات والاعتداد بها مقابل غيرها ، وغلاة التجربح كانوا متفننين ولا زالوا في شتى صنوف الإسقاط ، ومن أراد أن يطالع رسومهم فليقف _ مأمورا _ على مقال : " (7) -موثقا- طعونات الشيخ ربيعالمدخلي -وكبار أعوانه!- بالسلفيين -علماء ودعاة- " .

وعند التأمل : سنجد أن الروافض يفضلون أنفسهم في مقام دحضهم لحجاج خصومهم من أهل السنة ، وذلك بمديح الله تعالى لأهل البيت في كتابه : ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )) ، مع التفاخر بانتسابهم لسلالة أهل البيت في أحقيتهم لتولي زمام الخلافة ، وهذه لفتة لا تجدها بين الغلاة والروافض إلا مع التدبر !
فستجد أن الشيخ ربيعا يعتبر الرد عليه ونقده طعنا بالسلفية ومحاربة لها ، وقرر ذلك في كثير من المواضع من كتبه مع عدد من مخالفية ، فكلما نقضه أحد إلا وصرخ في وجه أنه لا يريد إلا السلفية ومحاربتها !! وسأقتصر على ما تقوم به الفكرة وتسقيم الخطرة ، حيث يقول في " مجموع الكتب والرسائل " ( 1 / 482 ) : " ووالله ما يسعى في الكلام فِيَّ _ ولا الطعن في ما نحنفيه _ إلا لتكون النتيجة إسقاط المنهج " !!

وحينما رد العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد _ رحمه الله _ في كتابه " المعيار لعلم الشيخ ربيع في علم الحديث " على تحقيق الشيخ ربيع بن هادي المدخلي _ سدده الله _ على كتاب " النكت على ابن الصلاح " ، ثار الشيخ ربيع واعتبره نقضا ومحاربة للسلفية ، فقال في : " مجموع الكتب والرسائل " ( 9 / 549 ) : " كتاب المعيار الذي يتضمن الحرب على المنهج السلفي " ؟!!

وقال الشيخ ربيع المدخلي في مقال (بيان الجهل والخبال/1) رداً على الشيخ الطيباوي : "لما جاءت فتنة علي الحلبي وقف إلى جانبه وكتب عدة مقالات يؤصل فيها على طريقةسادته السابق ذكرهم وتأصيلهم , ويطعن فِيَّ وفي منهجي ظاهراً والهدف -فيما يبدو!- المنهج السلفي ولو كان عنده أدنى رضا واحترام لمنهج السلف وأهله لما تجشم هذه الحركات الظالمة!!".

حتى ذهب الناس _ لهذا ومثله ! _ في عصمة ربيع في المنهج إلى مذاهب ، وقد صرح الشيخ ربيع بن هادي المدخلي _ سدده الله _ بكلمة فاصلة في الباب حيث قال : " أقول : لست معصوماً، لست معصوماً، ولكن –اسمع- : لا أعرف لي خطأ في المنهج ... " .
وللمتدبرين : فالروافض مع تباين مفاهيم العصمة عندهم للأئمة إنما خاضوا فيها لأثبات الأفضلية واستحقاق الأئمة عندهم للإمامة هذا أولا _ (!) _ ولإلزام اتباعهم بكلام الأئمة ثانيا _ ( !! ) _ وإن وقع تفاوت ، وتباين ، ومناكدات بين النظرية والتطبيق عندهم في مباحث العصمة ، وهذا له محله ، بينما بيت القصيد : " استحقاق الإمامة والإلزام " ، وهذا لا يتأتى دون القول بالعصمة في الأئمة ، ونظرية احتمال الخطـأ تدفع الفكرة ، وتدحض هذه العقيدة ، ولشذوذهم لم يكن عندهم ممانعة من التصريح بالعصمة لتتم المؤامرة .
والشيخ ربيع بن هادي المدخلي _ سدده الله _ وإن أبطل كونه معصوما في المنهج ، لكن هل يا ترى المنهج السلفي معصوم في أصله ؟ أو عمومه عنده ؟
وهل يصح تخريج : أن ينفي ربيع عن نفسه العصمة في المنهج ، ويقرر أنه يمثل المنهج والراد عليه ناقض للمنهج السلفي ، ومحارب تقريراته إنما يريد إسقاط المنهج وكسره ، والمنهج معصوم في أصله ، فهل _ يا ترى ! _ هذه النكته في مسألة " الإلزام " و" الأفضلية " عند الشيخ ربيع بالخصوص وغلاة التجريح بالعموم كانت سببا في التصويب والتخريج ، وقبول تقريرات _ الشيخ ! _ دون مراجعة ؟!


*** **** ***** **** ***
قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في رسيلته : " خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة " : " الوجه السابع : تسترهم ببعض علماء السنة مكراً وكيدا مع بغضهم لهم ومخالفتهم في أصولهم ومنهجهم ومواقفهم كما يفعل الروافض في تسترهم بأهل البيت مع مخالفتهم لهم في منهجهم وأصولهم وبغضهم لأكثرهم لماذا يفعلون هذا ؟
- الجواب : ليتمكنوا من إسقاط من يحاربونهم من أهل السنة وليتمكنوا من الطعن فيهم وتشويههم وتشويه أصولهم وليحققوا أهدافهم في تشتيت أهل المنهج السلفي وضرب بعضهم ببعض .. " .

نستخلص التالي :
التستر خلف تزكيات ومواقف بعض أهل العلم على قاعدة : " اعتقد ثم استدل " لتبرير السلوكيات التي يقومون بها من أوجه الشبه الرافضي بحسب تعبير ربيع في خطابه للحدادية ، مع أن الحدادية تخالف أصول من يقفون في ظلالهم !
وهكذا غلاة التجريح في مواقفهم مع العلماء والتسلق على ظهورهم ، والمكث تحت كسائهم ، ومن النماذج المؤكدة لهذا الأصل الثابت في تصرفاتهم : موقفهم من مقالات الشيخ العلامة عبد المحسن العباد _ حفظه الله _ في ثنائه على المبدعين عندهم كالحلبي وغيره ، مع كامل علمه بما يدور حوله ، ورسالته ومحتواها : " رفقا أهل السنة " و " ومرة أخرى .. رفقا أهل السنة " ، والاستناد على تقريراته التي يجابهون فيها إخوانهم ! وغيره كثير من النماذج !

وقال _ أيضا _ في رسالته : " خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة " : " الوجه العاشر : التدرج الماكر على طريقة الباطنية وإن كنَّا لا نرى أنَّهم باطنية لكن نرى أنَّهم شابهوهم في التدرُّج والتلوُّن .
فقد كانوا إلى عهد قريب يتظاهرون باحترام مجموعة من العلماء ويرون أن من خالفهم فقد كذب الإسلام وكذب القرآن والسنة ,ونسف الإسلام ويدعون إلى تقليدهم بحماس فلما ظنوا أنهم قد قوي ساعدهم واشتد عودهم أعلنوا عليهم الحرب وسفهوا أقوالهم وجرَّأُوا عليهم الأوغاد , وهكذا يتدرجون في دعوتهم السرية , يبدأون بالتظاهر باحترام الإمام ابن باز إلى ابن تيمية , ثم يندرجون بالأغرار شيئاً فشيئاً إلى أن يعتقدوا أنهم قد أحكموا القبضة عليهم ،يبدأون في إسقاط العلماء بطريقتهم الماكرة واحداً تِلْوَ الآخر إلى أن يصلوا إلى ابن تيمية ثم هم كالروافض إذا خافوا تظاهروا باحترام الصحابة وحبهم والتَّرضِّي عنهم فإذا أَمِنُوا سبُّوا الصحابة وطعنوا فيهم ,وهؤلاء الحدادية يفعلون مثلهم إذا أَمِنُوا طعنوا في العلماء الطَّعن الذي ذكرنا بعضه في بداية هذا المقال " .
نستخلص التالي :
التدرج في الإسقاط ، وهذا أليق _ في الساعة _ بغلاة التجريح الذين يتدرجون مع تداول الأيام في تجريح الدعاة وإبعادهم عن السلفية ، وإخراجهم من باب حصنها ، كما حصل بالترتيب مع المخالفين للشيخ ربيع ، وحديث الساعة الشيخ علي الحلبي ، وإبراهيم الرحيلي ، وعبد الملك رمضاني ، وعبد العزيز الريس ، وكثير غيرهم .
ولكن ثمة سؤال : كلام الشيخ ربيع في رسالته هذه متوجه الى الحدادية في إسقاطهم للعلماء ، مع أن الحدادية لا يراعون المصالح والمفاسد في الإنكار وحال الدعوة ، ويمنعون من التنازل عن الواجبات دون المستحبات ، فهل هذا التدرج ينطبق عليهم كصورة ؟ أم هو أليق _ وأقرب ! _ إلى غلاة التجريح من الحدادية ممن يرى جواز التنازل عن بعض الواجبات ومراعاة المصالح والمفاسد عند الحاجات والضرورات كما هو عنوان مقال للشيخ ربيع _ سدده الله _ ، بخلاف الحدادية !
وأليق بمن يرى سكوت بعض أهل العلم _ أحيانا _ عن أشخاص وأشياء مراعاة لهذا الأصل ؟!
تنبيه : هذه صورة مقاربة لمن هو أحق بالوصف تخريجا على أصوله في المراعاة والتنازل لا في تقرير المسألة ، فلينتبه لذلك .

تذييل :
فإذا علمت هذه الوجوه وأعظمها : " إسقاط كبار أهل السنة " التي اشترك فيها غلاة التجريح مع الروافض والماسونية _ على تعبير ربيع _ مع اختلاف وجهات الإسقاط :
فالروافض غايتهم إبطال الحق ، ودفع الهدي النبوي ، ورفض الرسالة الربانية ، كما صرح أبو زرعة الرازي _ رحمه الله _ ، بينما إخواننا من غلاة التجريح اشتركوا في التبديع والتضليل والإخراج والإسقاط وفاتهم من حيث لا يشعرون _ فيما أحسب ! _ أنهم يفسدون من حيث يريدون الإصلاح ، ويهدمون من جهة إرادة البناء والتعمير ، كما قال الله تعالى : ((وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون , ألا إنهم هم المفسدون )) !
وشرحها شيخ الإسلام _ رحمه الله العلام _ في " مجموع الفتاوى " ( 18 / 163 ) : " وذلك أن صلاح كل شيء أن يكون بحيث يحصل له وبه المقصود الذي يراد منه " .
وهذه الساحة الإسلامية نرى آثار غلاة التجريح فيها ، حيث لا نكاد نسمع الساعة اشتغالهم إلا بأهل السنة والجماعة ، وتصويبهم للسهام على المخالف الأصلي لا يكاد ، والحكم في ذلك للمطالع الناظر في أحوال الأمة وتكالب أهل البدع عليها ، وقد انتبه لهذا الشيخ ربيع بن هادي المدخلي قديما في رسالته : " خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة " حيث قال : " " وهذه الأمور يدلُّ بعضُها فضلاً عن كلِّها على أنَّ هذه الفئة ما أُنشِئت إلاَّ لحرب السنَّة وأهلها مما يُؤكِّدُ هذا أنَّك في هذه الظروف العصيبة والمحنة الكبيرة التي تكالب فيها اليهود والنصارى والفرق الضالة على السنَّة وأهلها تجدُ هذه الفئة في طليعتهم في هذه الحرب الشرسة وأشدهم حرباً ,حيث لا شُغلَ لهم ولا لموقعهم المُخصَّص للفتن إلاَّ حرب أهل السنَّة ومنهجهم وأصولهم ... وهكذا يفعل هؤلاء القوم كرَّات ومرَّات مع أفاضل أهل السنة والحق يمدحونهم لأغراض بيَّتوها في أنفسهم فلما واجهوا أباطيلهم وخالفوهم طعنوا فيهم واحداً تلو الآخر وحاربوهم , وكلما زاد العالم بياناً لباطلهم زادوا طغياناً وكذباً وبهتاً له وفجوراً في حربه إلى تصرفات ومقالات مُسِفَّة يخجل منها كل فرق الضلال " .

وهذا يشبه صنيع الروافض طيلة التاريخ الإسلامي فلا مشاركة لهم بفتح المدن والبلدان ولا نشر الإسلام ، بينما اشتهر عنهم معاونة أهل الكتاب وأهل البدع والضلال على المسلمين ، أو على أقل تقدير الإعراض ومناطحة أهل السنة فحسب .

وإليك هذا النموذج الفاخر :
رائد آل طاهر _ بيض الله وجهه _ كان رافضيا شديد البأس على أمهات المؤمنين تكفيرا وتفسيقا ، فضلا عن بقية أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ثم هداه الله إلى منبع الهدى ، وحوض التقى : أهل السنة والجماعة .
والإنسان بطبيعته مدني بجبلته كما قرره ابن خلدون في " تاريخه " ( 1 / 41 ) : " الانسان مدني بالطبع " .
ومن لوازم المدنية تؤثر الإنسان بما تعود عليه بعد انصرافه عنه ، ولهذا كان الطبع يغلب التطبع تارة ، ولأجله تنقض التوبة بعد الاستقامة ، ويصر العبد على فعله !
كل ذلك : يستمريه العبد بسبب ماضيه ، فقد سمع داعي النجاح : حي على الفلاح ، واكتسى ثوبا طاهرا ، ولا زالت نفسه معلقة بخصال جاهليته الأولى ، حتى ثقل كاهله ، واجترار الوحل يظهر على سلوكياته ، والعلة الباعثة هي مجموع حصيلة السنين الماضية ومآسي الأوضاع المتردية ، فلم يخلع ثوبها ، ويمزق أوصالها ، فبقي عنده مجموعة رواسب تربط ماضيه بحاضره ، ونفسه الخفية بتصرفاته الجلية ، تثيرها _ أعني : رواسبه ! _ وتوقظها موقف عابر ، ولمحة سرت في مخيلته توافق بوجه قياس واقعه !
فإن لم يتخلص العبد من تلكم الرواسب ، ويطهر قلبه من علائقها ، وينزه ظاهره من اجترارها في تصرفاته : ليكونن الخطر الأكبر ، والجرم الأنكى من داخل اسم الانتساب ورسمه ، فيقرر المنهج على تصوراته السابقة ، ويرسم المسلك ويحدد مساره وفق رواسبه المندمجة مع حاضره !

ورحم الله الأمام الرباني ، شيخ الإسلام الثاني ، ابن القيم _ صاحب الروض الداني _ حينما قال في " مدارج السالكين " ( 2 / 370 ) : " ولا يذوق العبد حلاوة الإيمان وطعم الصدق واليقين حتى تخرج الجاهلية كلها من قلبه " .
إذن ؛ يلزم السائر إلى الله تعالى من تصحيح النقلة ، ومعرفة الطريق ، وإلا لتعب كثيرا مع محصول يكاد يكون غير رابح !
وكلنا متهم ، لا يسلم !!

ومن جملة الباب : صاحبنا رائد آل طاهر _ بيض الله وجهه _ حيث صاح به داعية الهدى ، لينتظم في قوافل العائدين التائبين من الشرك والضلال الذي كان يخوض فيهما باسم : التشيع لأهل البيت ، فالرجل كان رافضيا حاذقا يا قوم !
ولا أعيبه _ يشهد الله _ فليتنبه إلى ذلك كل نبيه ، ولا ملامة بعد هذا التنويه .
ولا زال صاحبنا تظهر عليه ملابسات الرواسب التي لا ينفك عنها مدبر بدعة مقبل سنة ، كما قال ابن القيم في " مدارج السالكين " ( 2 / 370 ) : " ودعوى الجاهلية كامنة في النفوس " .

ولهذا الاتصال بين الماضي والحاضر في التصورات ، كان لها تأثيرا وثيقا في الخارج الحقيقي على الأعيان والمسائل والتصرف معها ، مع طرحها وتوجيهها ، والاشتغال بها .
وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ في " درء التعارض " ( 1 / 7 ) اعتراف القاضي ابن العربي المالكي حول الرواسب المذهبية والمنهجية وأثرها على النقلة بين المذاهب ، فقال : " وخالفه القاضي أبو بكر العربي في كثير من تلك الأجوبة وكان يقول : شيخنا أبو حامد دخل في بطون الفلاسفة ثم أراد أن يخرج منهم فما قدر " .

مع أن أبا حامد الغزالي _ رحمه الله _ جنح إلى إبطال مذهب الفلاسفة ، وتركهم ، وبين عوار مذهبهم ، وصرح بذلك في مصنفه الموسوم بـــــ : " تهافت الفلاسفة " .

فدل اعتراف أبي بكر ابن العربي ، مع متابعة شيخ الإسلام له في حكايته : أن الإنسان قد يبقى فيه أدران مذهبه السابق ، فيؤثر من ترسب في كناشته على تقريراته المذهبيه ، مع كونه في الواقع يتبرأ من الانتساب إلى ماضيه !
وهذه حال صاحبنا رائد آل طاهر _ بيض الله وجهه _ حيث أنه لا زال عنده رواسب من جاهليته الأولى ساعة كونه رافضيا ، تظهر سماتها على تصرفاته في ردوده وكثرتها على أهل السنة والجماعة ، فلا يكاد أحد يسلم عنده فلا عذيرة ولا غفيرة !
حتى نصحه أحد أبناء شبكة سحاب قائلا : " فرويدك يا رائد ، رفقا بالمشايخ السلفيين " .


وقد نشر الأخ رائد آل طاهر مقالا في : " شبكة سحاب السلفية " والتمس له العنوان التالي : " هل هذا ظنك بأمهات المؤمنين يا شيخ عبدالمالك رمضاني؟! " .
مع أن أحد إخوانه في : " منتديات الوحيين السلفية " المكنى ؛ بأبي جميل الرحمن طارق ابن أبي سعد الجزائري _ هداه الله _ كتب مقالا قبله بتأريخ : 10 من ذي القعدة ، سنة 1432 هــ ، وسماه بـــ : " الإبهار في الرد على تعدي عبد المالك رمضاني على أمهات المؤمنين الأطهار " ، ولا أدري أهي موافقه بينهما أم أن رائد آل طاهر نقل منه دون أن يشير إليه _ (؟!) _ وفي الوقت نفسه تناول الموضوع علي رضا .

وجوابهم ؛ التالي :
أولا : لقد أخطأ الشيخ عبد الملك رمضاني _ حفظه الله _ ، فاوك فاك واكسر قلمك وتعذر للشيخ ولله ابتهل له المغفرة والهداية ، وذلك يعود إلى حداثة سنه ، حيث لا يزال يافعا لا يدري تصاريف الكلام وسجالات الخطاب كغيره من شباب سنه وهو لا يناهز ( 26 ) سنة !!

فهل من الإنصاف معاملته بخطأ مضى عليه ربع قرن ؟! مع معرفتنا بعد سنه المذكور سلامة عقيدته تجاه أمهات المؤمنيين ، حتى صرح هو بنفسه في كتابه " العجب العجاب " قائلا : " وهذا الخلق قمة في الحياء كما ترى! وليس في هذا تنطع أو غلو ومعاذ الله أن يتجرأ مسلم على مقام أمهاتالمؤمنين،وإنما هي النفس المؤمنة التي نبتت على الفضائل لاتطاوع صاحبها على فعل المباح فكيف بمواقعة الرذائل؟! " .

وهذا كلامه في تعظيم جنبات أمهات المؤمنيين ، فهل من عذيرة يا قوم ؟ والواجب في مثل ذلك ما قاله شيخ الإسلام _ رحمه الله العلام _ في " الجواب الصحيح " ( 4 / 44 ) : " أن يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض ، ويؤخذ كلامه ها هنا ، وها هنا ، ويعرف ما عادته يعنيه ويريده .. " .

ومن الإنصاف : أحد أبناء شبكة سحاب تناول رئدا بالرد وقال : " فيجب على الشيخ عبد المالك حفظه الله و رعاه أن يستغفر الله و يتوب إليه من هذا القول الباطل و هذا ظننا به ، فما عرفناه الا مدافعا عن أصحاب و أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

ثانيا : قام جماعة من إخواننا في شبكة سحاب باستنكار قول الشيخ عبد الملك رمضاني _ حفظه الله _ وتأنيب الأخ على صنيعه ، شكر الله لهم ، فأجابهم المذكور بقوله : " فبحثتُ كثيراً لأجد رداً للشيخ عبدالمالك أو رجوعاً عن هذه الأخطاء فلم أجد مع الأسف " .

قلت : جوابك من وجهين ، على التوالي :

الوجه الأول : ياليت الأخ المذكور _ بيض الله وجهه _ أوضح الموقف ، والتمس العذيرة ، وسأل الله للشيخ الغفيرة الذي كان يذب عن السلفية في وقت كونه رافضيا ، وعرفه الناس بالسلفية ، وشهد له الكبار ، وما زال رئدا في دينه الهلامي الرافضي ، والحمد الله الذي أنجاه منه ، والله يرفع عنه رواسبه .

فالتماس العذيرة : بأن الشيخ عبد الملك رمضاني _ حفظه الله _ تنكب الصواب في التعبير وطريقة العرض ، مع كونه في أصوله لا يقدح في أمهات المؤمنيين ، ومراده في تجويز المعصية حتى ولو كانت كبيرة ، وفي مراد التجويز وقوع المعصية يوافق كلامه كلام الإمام محمد ناصر الدين الألباني _ رحمه الله _ حيث قال في " السلسلة الصحيحة " ( 6 / 27 / القسم الأول ) : " و لكنه سبحانه صان السيدة عائشة رضي الله عنها وسائر أمهات المؤمنين من ذلك كما عرف ذلك من تاريخ حياتهن ، و نزول التبرئة بخصوص السيدة عائشة رضي الله عنها ، و إن كان وقوع ذلك ممكنا من الناحية النظرية لعدم وجود نص باستحالة ذلك منهن ، و لهذا كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم في القصة موقف المتريث المترقب نزول الوحي القاطع للشك في ذلك الذي ينبئ عنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الترجمة : " إنما أنت من بنات آدم ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله .. " ، و لذلك قال الحافظ في صدد بيان ما في الحديث من الفوائد : " و فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي . نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به " . يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع ببراءة عائشة رضي الله عنها إلا بعد نزول الوحي . ففيه إشعار قوي بأن الأمر في حد نفسه ممكن الوقوع ، و هو ما يدندن حوله كل حوادث القصة و كلام الشراح عليها " .

فما هو ظنك _ يا ترى ! _ يا أخ رائد : بنظر رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ تجاه زوجته الطاهرة حينما وقف موقف المتريث _ على تعبير الألباني _ ولم يقطع ببرئتها إلا بعد نزول الوحي ؟!

ولا " زال الحمل على السلامة عند الاحتمال شعار العارفين والصالحين والمتقين " كما قال ابن الوزير اليماني في " العواصم والقواصم " ( 5 /14 ) فهل أراد الشيخ عبد الملك رمضاني حقيقة الطعن بأمهات المؤمنيين ؟!
ألست بقادر على التمس أي عذر في الباب للشيخ عبد الملك رمضاني _ ( ؟! ) _ وقد قال شيخ الإسلام _ رحمه الله العلام _ في " مجموع الفتاوى " ( 31 / 114 ) : " ومن أعظم التقصير نسبة الغلط إلى متكلم مع إمكان تصحيح كلامه وجريانه على أحسن أساليب كلام الناس ثم يعتبر أحد الموضعين المتعارضين بالغلط دون الآخر " .

والمماثلة الواردة في كلام عبد الملك رمضاني لا تقتضي المشتباهة من كل وجه ، ومراده تجويز حصول الميول ، لا مماثلة أمهات المؤمنيين بتلك الساقطة من كل الوجوه ، إن دريت تصاريف الكلام .

يقول ابن قيم الجوزية _ رحمه الله _ في " إعلام الموقعين " ( 3 / 54 _ 55 ) : " فإياك أن تهمل قصد المتكلم ونيته وعرفه فتجنى عليه وعلى الشريعة وتنسب إليها ما هي بريئة منه وتلزم الحالف والمقر والناذر والعاقد ما لم يلزمه الله ورسوله به ففقيه النفس يقول ما أردت ونصف الفقيه يقول ما قلت فاللغو في الأقوال نظير الخطأ والنسيان في الافعال وقد رفع الله المؤاخذة بهذا وهذا كما قال المؤمنون ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا او اخطأنا فقال ربهم تبارك وتعالى قد فعلت " .


الوجه الثاني : قد علم أن الشيخ عبد الملك رمضاني _ حفظه الله _ وقع الغلط ، وتنكب التعبير ، وما أحسن التمثيل والقياس في المقام ، ولكن لابد من التنويه _ لكل نبيه _ أنه قاله قبل أكثر نت ربع قرن من ساعتنا هذه ، ولا زال ابن 26 سنة ، فكان الواجب على المعترض _ مع ما سبق _ أن لا يظن بالشيخ القدح بأمهات المؤمنيين ، خاصة مع تداول الأيام ، وتغيير الأوضاع ، وتبدل الأحوال ، وذلك : بالتنبيه على إمكان عدم إرادة الشيخ لمفهوم منثوره ، وتجويز تراجعه إن سدده الإخوة بالنصائح ، فمن ذا الذي لا يتغير ؟!
وبين تراث الأسلاف ما يدعم الفكرة ، ويحسن العمل بها : فقد أسند الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " ( 3 / 417 ) ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 13 / 139 ) عن أبي مزاحم موسى بن عبيد الله قال سأل عمي أبو علي عبد الرحمن بن يحيى أحمد بن حنبل عن بن المؤذن فقال :كان مع ابن أبي داود وفي ناحيته ولا أعرف رأيه اليوم " .

واعلم _ يرعاك الله _ : أن صنيع رائد ليس بالغريب ، فما زالت بعض رواسب الراوفض عنده ، تظهر على أفعاله في إسقاط أهل السنة بتتع هفواتهم ، وخاصة فيما يتعلق بالصحابة وأمهات المؤمنيين ، وقد قال محمد بن علي الشوكاني _ رحمه الله _ في : " أدب الطلب ومنتهى الأرب " ( 64 ) : " وقد جرت قاعدة أهل البدع في سابق الدهر ولاحقه بأنهم يفرحون بصدور الكلمة الواحدة عن عالم من العلماء ويبالغون في إشهارها وإذاعتها فيما بينهم ويجعلونها حجة لبدعتهم ويضربون بها وجه من أنكر عليهم كما تجده في كتب الروافض من الروايات لكلمات وقعت من علماء الإسلام فيما يتعلق بما شجر بين الصحابة وفي المناقب والمثالب فإنهم يطيرون عند ذلك فرحا ويجعلونه من أعظم الذخائر والغنائم " .

فإنك امرىء فيك رافضية _ نزهك الله منها _ ،كما قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي في رسيلته : " خطورة الحدادية الجديدة وأوجه الشبه بينها وبين الرافضة " : " وإن كانت هذه الفئة تتحلَّى بمشابهة الروافض فيما ذكرناه من أوجه الشبه فإنَّا ومن منطلق الإنصاف لا نقول بأنَّهم روافض ولكن ما نقوله فمن باب قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : ( إنَّك امرئٌ فيك جاهلية ) وإن كان من قال فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هذا القول قد تاب فوراً وأناب إلى الله تعالى , فليتَ هؤلاء يتوبون إلى الله من هذه الخصال الذميمة " .

وأخيرا : غفر الله للشيخ عبد الملك رمضاني على ما سبق ، وتذكر الحال والمآل أيها المعترض ! فقد كنت رافضيا وصيرك الله سنيا ، وأوصيك أن تتخلص من رواسب الروافض العالقة بك ، فإن الروافض _ وكنت معهم _ طعنوا في الصحابة الذين هم نقلة الدين ، وأنت تطعن بالعلماء _ بعضهم ! _ الذين هم نقلة الدين !




هدانا الله سبل السلام .
والسلام ..

وكتب : فهير بن عبد الله بن شاكر الأنصاري .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-25-2012, 11:06 PM
أبو عبد العزيز الأثري أبو عبد العزيز الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 2,568
افتراضي

جزاك الله خير
مقال مفيد
وحفظ الله الشيخ الفاضل عبد المالك رمضاني السلفي رغم أنف كل حاقد
__________________
قال الله سبحانه تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

قال الشيخ ربيع بن هادي سدده الله :
( الحدادية لهم أصل خبيث وهو أنهم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريء منه ويعلن براءته منه، فإنهم يصرون على الاستمرار على رمي ذلك المظلوم بما ألصقوه به، فهم بهذا الأصل الخبيث يفوقون الخوارج )

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-25-2012, 11:26 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

أحسنت أحسن الله إليك رد جميل قوي , بينت فيه من هو أولى بمشابهة الروافض ,
وبينت تطاول ذلك الغمر , ودخوله في أمر أكبر منه .. ولا شك ولا ريب أن هذه طريقة الشيخ ربيع الذي يجرئ
السفهاء على العلماء !
عجبا يحاكمون شيخا سلفيا فاضلا بكلمة مضى عليها ربع قرن , بل يقولون أنهم لم يجدوا براءة منها , وهل
يتذكر مثل الشيخ عبد المالك هذه الكلمة ؟!
وهل يتذكر أحدنا ما تكلم به قبل عام فضلا عن خمسة وعشرين عاما ؟!
أما كان يجدر بهم أن يرسلوها إليه قبل نشرها والطعن فيه بها , أم أن هذه مجرد شماعة لإسقاطه
كما فعلوا بغيره من المشايخ ؛ فما من شيخ إلا واتهموه بالطعن في الصحابة , مع أن للشيخ
ربيع كلمات في الصحابة ـ غير التي تراجع عنها ـ لم يتب منها ولم يطالبوه بالتوبة منها لو كانت الغيرة على
الصحابة هي محركهم !!
إن ما يحاك للشيخ عبد المالك هو نفسه ما يحاك لشيخنا الحلبي , وهو نفسه ما حيك للمأربي والعيد شريفي وغيرهما , فهم خالفوا أحكام الشيخ ربيع الجائرة فما استطاع تبديعهم بهذا ـ وإن كان هذا هو السبب الحقيقي عنده ـ فلجؤوا إلى البحث عن هفوات وزلا ليسقطوهم , وهذا كله بإيعاز من الشيخ ربيع نفسه , فقد سمعت له مكالمة هاتفية مع فواز الجزائري , يحثه فيها على جمع أخطاء الشيخ العيد والتفتيش عنها وعرضها على العلماء ليسقطوه , ويوصيه ألا يخبر أحدا !!!!
فالله المستعان .
أمتعتنا أيها الأنصاري النبيل زادك الله توفيقا .
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 01-26-2012, 01:05 AM
حامد بن حسين بدر حامد بن حسين بدر غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 1,115
افتراضي

اقتباس:
صنيع إخواننا من غلاة التجريح في هذه الأوقات من إسقاط رجالات أهل السنة ونقد أعيانهم من القائمين بالدعوة في الساحة الإسلامية والمحررين للمنهج في ميادين بلدانهم ، لهو إسقاط للدعوة من حيث لا يشعرون _ فيما أحسب _ حيث عملوا للإصلاح دون نظر لمقاصد الشريعة ، وتدبر لمجموع حال السلف في مروياتهم وأوضاعهم لا من جهة آحادهم وخصوص أوقاتهم ، والولاء والبراء على المنظومة السنية ، والالتفاف حول زلات العلماء ، وتتبع هفواتهم المتناثرة في بطون الكتب وحواشيها وذيولها دون مراعاة الأطوار العلمية ، وتفاوت القدرات العقلية ، والطاقات الاجتهادية في الإدراك والتمييز ، وتحصيل الحق المنشود ، مما كان أحد العوائق الكبرى في تحصيل مرام غلاة التجريح .
جزاك الله خيراً...

فعلاً، أنهم عصابة -في الواقع- ، كفانا اللهُ وأهلَ السنة شرورهم...
وأسلم طريقة -لهؤلاء- (الحَجْر) ....
قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله- : - فالحجر لاستصلاح الأديان أولى من الحجر لاستصلاح الأبدان - لمن بسط اللهُ يده لإعمال هذه الوقاية ...
__________________
قال العلامة صالح آل الشيخ: " لو كان الفقه مراجعة الكتب لسهل الأمر من قديم، لكن الفقه ملكة تكون بطول ملازمة العلم، بطول ملازمة الفقه"
وقال: "ممكن أن تورد ما شئت من الأقوال، الموجودة في بطون الكتب، لكن الكلام في فقهها، وكيف تصوب الصواب وترد الخطأ"
"واعلم أن التبديع والتفسيق والتكفير حكم شرعي يقوم به الراسخون من أهل العلم والفتوى ، وتنزيله على الأعيان ليس لآحاد من عرف السنة ، إذ لا بد فيه من تحقق الشروط وانتفاء الموانع، حتى لا يصبح الأمر خبط عشواء ،والله المستعان"
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-26-2012, 01:43 PM
كشيدة جلالي كشيدة جلالي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: الجزائر. ولاية بسكرة. مدينة أولاد جلال وطن المحبة
المشاركات: 412
افتراضي الاستنباط المحكم

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوالأشبال الجنيدي الأثري مشاهدة المشاركة
أحسنت أحسن الله إليك رد جميل قوي , بينت فيه من هو أولى بمشابهة الروافض ,
وبينت تطاول ذلك الغمر , ودخوله في أمر أكبر منه .. ولا شك ولا ريب أن هذه طريقة الشيخ ربيع الذي يجرئ
السفهاء على العلماء !
عجبا يحاكمون شيخا سلفيا فاضلا بكلمة مضى عليها ربع قرن , بل يقولون أنهم لم يجدوا براءة منها , وهل
يتذكر مثل الشيخ عبد المالك هذه الكلمة ؟!
وهل يتذكر أحدنا ما تكلم به قبل عام فضلا عن خمسة وعشرين عاما ؟!
أما كان يجدر بهم أن يرسلوها إليه قبل نشرها والطعن فيه بها , أم أن هذه مجرد شماعة لإسقاطه
كما فعلوا بغيره من المشايخ ؛ فما من شيخ إلا واتهموه بالطعن في الصحابة , مع أن للشيخ
ربيع كلمات في الصحابة ـ غير التي تراجع عنها ـ لم يتب منها ولم يطالبوه بالتوبة منها لو كانت الغيرة على
الصحابة هي محركهم !!
إن ما يحاك للشيخ عبد المالك هو نفسه ما يحاك لشيخنا الحلبي , وهو نفسه ما حيك للمأربي والعيد شريفي وغيرهما , فهم خالفوا أحكام الشيخ ربيع الجائرة فما استطاع تبديعهم بهذا ـ وإن كان هذا هو السبب الحقيقي عنده ـ فلجؤوا إلى البحث عن هفوات وزلا ليسقطوهم , وهذا كله بإيعاز من الشيخ ربيع نفسه , فقد سمعت له مكالمة هاتفية مع فواز الجزائري , يحثه فيها على جمع أخطاء الشيخ العيد والتفتيش عنها وعرضها على العلماء ليسقطوه , ويوصيه ألا يخبر أحدا !!!!
فالله المستعان .
أمتعتنا أيها الأنصاري النبيل زادك الله توفيقا .
بارك الله فيك واحسن الله اليك ونسال الله لك التوفيق.
لله درك يا عمر, قد اثلجتا صدورنا, حفظك الله ورعاك.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-26-2012, 02:14 PM
رضوان بن غلاب أبوسارية رضوان بن غلاب أبوسارية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر.العاصمة.الأبيار
المشاركات: 2,896
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله

اقتباس:
ولكن ثمة سؤال : كلام الشيخ ربيع في رسالته هذه متوجه الى الحدادية في إسقاطهم للعلماء ، مع أن الحدادية لا يراعون المصالح والمفاسد في الإنكار وحال الدعوة ، ويمنعون من التنازل عن الواجبات دون المستحبات ، فهل هذا التدرج ينطبق عليهم كصورة ؟ أم هو أليق _ وأقرب ! _ إلى غلاة التجريح من الحدادية ممن يرى جواز التنازل عن بعض الواجبات ومراعاة المصالح والمفاسد عند الحاجات والضرورات كما هو عنوان مقال للشيخ ربيع _ سدده الله _ ، بخلاف الحدادية !
وأليق بمن يرى سكوت بعض أهل العلم _ أحيانا _ عن أشخاص وأشياء مراعاة لهذا الأصل ؟!
تنبيه : هذه صورة مقاربة لمن هو أحق بالوصف تخريجا على أصوله في المراعاة والتنازل لا في تقرير المسألة ، فلينتبه لذلك .
لقد رضعوا من نفس الثدي ، ثدي الغلو وقد نمت منه عقولهم وتغذت به قلوبهم وبه تكون عشهم الحزبي فأن لهم أن يترفقوا بأهل السنة أو تدخل إلى قلوبهم الرحمة !!
جزاك الله خيرا أستاذ على مقالك الرائع فمن أحسن مقالا ممن عرفهم و تقيء حليبهم ..


أخوك أبوسارية
__________________
((وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ))
عن إبراهيم النخعي قوله هذه الأهواء المختلفة والتباغض فهو الإِغراء ..
قال قتادة إن القوم لما تركوا كتاب الله وعصوا رسله وضيّعوا فرائضه وعطّلوا حدوده ألقى بينهم العدواة والبغضاء إلى يوم القيامة بأعمالهم أعمال السوء ولو أخذ القوم كتاب الله وأمره ما افترقوا.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 01-26-2012, 03:40 PM
وليد الإطرابلسي وليد الإطرابلسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2011
الدولة: ليبيا
المشاركات: 431
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوالأشبال الجنيدي الأثري مشاهدة المشاركة
أحسنت أحسن الله إليك رد جميل قوي , بينت فيه من هو أولى بمشابهة الروافض ,
وبينت تطاول ذلك الغمر , ودخوله في أمر أكبر منه .. ولا شك ولا ريب أن هذه طريقة الشيخ ربيع الذي يجرئ
السفهاء على العلماء !
عجبا يحاكمون شيخا سلفيا فاضلا بكلمة مضى عليها ربع قرن , بل يقولون أنهم لم يجدوا براءة منها , وهل
يتذكر مثل الشيخ عبد المالك هذه الكلمة ؟!
وهل يتذكر أحدنا ما تكلم به قبل عام فضلا عن خمسة وعشرين عاما ؟!
أما كان يجدر بهم أن يرسلوها إليه قبل نشرها والطعن فيه بها , أم أن هذه مجرد شماعة لإسقاطه
كما فعلوا بغيره من المشايخ ؛ فما من شيخ إلا واتهموه بالطعن في الصحابة , مع أن للشيخ
ربيع كلمات في الصحابة ـ غير التي تراجع عنها ـ لم يتب منها ولم يطالبوه بالتوبة منها لو كانت الغيرة على
الصحابة هي محركهم !!
إن ما يحاك للشيخ عبد المالك هو نفسه ما يحاك لشيخنا الحلبي , وهو نفسه ما حيك للمأربي والعيد شريفي وغيرهما , فهم خالفوا أحكام الشيخ ربيع الجائرة فما استطاع تبديعهم بهذا ـ وإن كان هذا هو السبب الحقيقي عنده ـ فلجؤوا إلى البحث عن هفوات وزلا ليسقطوهم , وهذا كله بإيعاز من الشيخ ربيع نفسه , فقد سمعت له مكالمة هاتفية مع فواز الجزائري , يحثه فيها على جمع أخطاء الشيخ العيد والتفتيش عنها وعرضها على العلماء ليسقطوه , ويوصيه ألا يخبر أحدا !!!!
فالله المستعان .
أمتعتنا أيها الأنصاري النبيل زادك الله توفيقا .
لا فُضّ فوك ولا شَلَّت يمينُك , بارك الله فيك .
__________________
ضحكتُ فقالوا : ألا تحتشـم :: :: بكيتُ فقالوا : ألا تبتسـم
بسمتُ فقالوا : يرائــى بها :: :: عبستُ فقالوا : بدا ما كتم
سكتُ فقالوا : كليل اللسان :: :: نطقتُ فقالوا : كثير الكلم
حَلُمتُ فقالوا : صنيعُ الجبان :: :: ولو كان مقتـدراً لانتقـم
يقولــون شــــــذَّ إذا قلتُ : لا :: :: وإمّـــــعة حين وافقتهم
فـأيـقنـتُ أنّـــيَ مـهما أُرِد :: :: رضـى الناس لابد مِنْ أنْ أُذم
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-27-2012, 11:59 PM
أبو عبد العزيز الأثري أبو عبد العزيز الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 2,568
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوالأشبال الجنيدي الأثري مشاهدة المشاركة
أحسنت أحسن الله إليك رد جميل قوي , بينت فيه من هو أولى بمشابهة الروافض ,
وبينت تطاول ذلك الغمر , ودخوله في أمر أكبر منه .. ولا شك ولا ريب أن هذه طريقة الشيخ ربيع الذي يجرئ
السفهاء على العلماء !
عجبا يحاكمون شيخا سلفيا فاضلا بكلمة مضى عليها ربع قرن , بل يقولون أنهم لم يجدوا براءة منها , وهل
يتذكر مثل الشيخ عبد المالك هذه الكلمة ؟!
وهل يتذكر أحدنا ما تكلم به قبل عام فضلا عن خمسة وعشرين عاما ؟!
أما كان يجدر بهم أن يرسلوها إليه قبل نشرها والطعن فيه بها , أم أن هذه مجرد شماعة لإسقاطه
كما فعلوا بغيره من المشايخ ؛ فما من شيخ إلا واتهموه بالطعن في الصحابة , مع أن للشيخ
ربيع كلمات في الصحابة ـ غير التي تراجع عنها ـ لم يتب منها ولم يطالبوه بالتوبة منها لو كانت الغيرة على
الصحابة هي محركهم !!
إن ما يحاك للشيخ عبد المالك هو نفسه ما يحاك لشيخنا الحلبي , وهو نفسه ما حيك للمأربي والعيد شريفي وغيرهما , فهم خالفوا أحكام الشيخ ربيع الجائرة فما استطاع تبديعهم بهذا ـ وإن كان هذا هو السبب الحقيقي عنده ـ فلجؤوا إلى البحث عن هفوات وزلا ليسقطوهم , وهذا كله بإيعاز من الشيخ ربيع نفسه , فقد سمعت له مكالمة هاتفية مع فواز الجزائري , يحثه فيها على جمع أخطاء الشيخ العيد والتفتيش عنها وعرضها على العلماء ليسقطوه , ويوصيه ألا يخبر أحدا !!!!
فالله المستعان .
أمتعتنا أيها الأنصاري النبيل زادك الله توفيقا .
أمتعتنا أيها الأنصاري النبيل زادك الله توفيقا
__________________
قال الله سبحانه تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

قال الشيخ ربيع بن هادي سدده الله :
( الحدادية لهم أصل خبيث وهو أنهم إذا ألصقوا بإنسان قولاً هو بريء منه ويعلن براءته منه، فإنهم يصرون على الاستمرار على رمي ذلك المظلوم بما ألصقوه به، فهم بهذا الأصل الخبيث يفوقون الخوارج )

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-01-2012, 02:36 AM
القرشي القرشي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 8
افتراضي الرَّدُّ على المخالفِ بينَ الغلاةِ والجفاةِ

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
الرَّدُّ على المخالفِ بينَ الغلاةِ والجفاةِ
أ.النميري بن محمد الصبار
الحمدُ للهِ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى رَسولِ اللهِ وعَلى آلهِ وصَحبهِ ومَنْ وَالاهُ ، أَمَّا بَعدُ :
فإِنَّ (الرَّدَّ على المخالفِ) يُعدُّ واجباً مِنْ واجباتِ الإسلامِ الكِبارِ على أهلِ العلمِ المتأهلينَ فيه ، وَبه يُحفظُ الدِّينُ منْ عَادياتِ التبديلِ فيهِ ، وغَوائلِ التحريفِ عليهِ ، و لَهُ في ميزانِ الشريعةِ الغرَّاءِ شأنٌ عظيمٌ ، وقدْرٌ كبيرٌ ؛ وفي ذلكَ يقولُ الإمامُ ابنُ قيم الجوزية-رحمه اللهُ- :
((القلمُ الثَّاني عشر : القلمُ الجامعُ ، وهو قلمُ الرَّدِّ على المبطلينَ ، ورفعِ سُنَّةِ المحِقَّينَ ، وكشفِ أباطيلِ المبطلينَ -على اختلافِ أنواعِها وأجناسِها- ، وبيانِ تناقضِهم ، وتهافتِهم ، وخُروجِهم عنِ الحقِّ ، ودُخولهم في الباطلِ .
وهَذَا القلمُ -في الأقلامِ- نظيرُ الملوكِ في الأنامِ .
وأصحابُهُ أهلُ الحُجَّةِ الناصرونُ لما جاءتْ بهِ الرُّسلُ ، المحاربونَ لأعدائِهم .
وهُم الدَّاعونَ إلى اللهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ ، المجادلونَ لمنْ خَرجَ عنْ سبيلِه بأنواعِ الجدالِ .
وَأَصحابُ هذا القلمِ حَرْبٌ لكُلِّ مُبطلٍ ، وعَدُوٌّ لكُلِّ مُخالفٍ للرُّسلِ ؛ فَهم في شأنٍ وغيرهم منْ أصحابِ الأقلامِ في شأنٍ)) [1].
لكنَّ هذا الواجبَ ؛ كغيرهِ منَ الواجباتِ الشرعيةِ ، جنحَ به النَّاسُ : إمَّا إلى جانبِ الغلوِ أو إلى جانبِ الجفاءِ ، وقليلٌ مِمَّنْ رَحمَ اللهُ هم المتمسِّكونَ بالوسطِ والاعتدالِ في هذا الواجبِ وفي غيرهِ .
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ اللهُ- في بيانِ هذه الحقيقةِ- :
((قَدْ يَبْغِي بَعْضُ الْمُسْتَنَّةِ إمَّا عَلَى بَعْضِهِمْ ، وَإِمَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ ، وَهُوَ الْإِسْرَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِمْ : { رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا } .
وَبِإِزَاءِ هَذَا الْعُدْوَانِ تَقْصِيرُ آخَرِينَ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ الْحَقِّ ، أَوْ فِيمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ كُلِّهَا .
فَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مَا أَمَرَ اللهُ بِأَمْرِ إلَّا اعْتَرَضَ الشَّيْطَانُ فِيهِ بِأَمْرَيْنِ - لَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا ظَفَرَ - غُلُوٍّ أَوْ تَقْصِير...ٍ وَفَاعِلُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَزِيَادَةٍ مَنْهِيٍّ عَنْهَا بِإِزَائِهِ تَارِكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَبَعْضِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَاَللهُ يَهْدِينَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللهِ)) [2].
و في عالمنا اليوم تَشهدُ السَّاحةُ العلميةُ الدَّعويةُ-وللأسفِ الشَّديدِ- هرجاً ومرجاً في الموقفِ منْ هذا الواجبِ الشَّرعيِّ ؛ ولذلكَ كانَ منَ الأهميةِ بمكانٍ أنْ يُسلَّطَ الضَّوءُ على مَوضوعِ (الرَّدِّ على المخالفِ) : تأصيلاً له ، وبياناً لأهميتهِ ، وكشفاً لموقفِ الغلاةِ والجفاةِ منهُ ، مع إبرازِ الموقفِ الشرعيِّ الصحيحِ منهُ .
فموضوعُ الحديثِ إذاً ، سَيدورُ-بعونِ اللهِ وتسديدهِ- حول أربعةِ محاورَ ، هي على وجهِ الإجمالِ :
المحورُ الأوَّلُ : أهميةُ الرَّدِّ على المخالفِ ، والتأصيلُ الشَّرعيُّ لَهُ .
المحورُ الثاني : موقفُ الغلاةِ مِنَ الرَّدِّ على المخالفِ .
المحورُ الثَّالثُ : موقفُ الجفاةِ من الرَّدِّ على المخالفِ .
المحورُ الرَّابعُ : بيانُ الموقفِ الشَّرعيِّ الصحيحِ منَ الرَّدِّ على المخالفِ .
أمَّا تفصيلُ كُلِّ محورٍ ؛ فهو على النَّحوِ الآتي :
المحورُ الأوَّلُ : أهميةُ الرَّدِّ على المخالفِ ، والتأصيلُ الشَّرعيُّ لَهُ :
يُعتبرُ (الرَّدُّ على المخالفِ) شعاراً مِنْ شعائرِ الملَّةِ الإسلاميةِ ، وواجباً فريداً منْ واجباتِها الشَّرعيةِ ، وهو مِنَ السُّننِ الجاريةِ عبر امتدادِ الزَّمنِ في الحياةِ الإسلاميةِ ؛ ذَبًّا عنْ كُلِّيَّاتِ الإسلامِ ومقاصدهِ العظامِ ، وصوناً عَنْ حرماتهِ وميادينهِ الجسامِ ؛ ليبقى الإسلامُ صافياً نقِيًّا يتلألأُ ؛ كما كانَ على منهاجِ النُّبوةِ .
ومَنْ تأَمَّلَ نصوصَ الوحيينِ الشَّريفينِ ، وجَدَهَا زاخرةً بِما يَدُلُّ على هذا الواجبِ دلالةً قطعيةً ، ويُقرِّرهُ تقريراً جازماً ، ومِنْ ذلكَ على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ ما يلي :
1-ما جاءَ في القرآنِ العظيمِ :
قال تعالى : {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }[البقرة : 111] ، وقال سبحانه : {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ }[الأنبياء : 24] ، وقال جلَّ وعلا : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ }[المائدة : 18] ، وقال عَزَّ مِنْ قائلٍ : {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }[آل عمران : 59] .
2-ما جاءَ في السُّنَّةِ الصَّحيحةِ :
عَنْ أَنَسٍ-رَضِيَ اللهُ عنهُ- أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ »[3].
وفي يومِ حنينٍ رَدَّ النَّبيُّ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على ذلكَ الرُّجلِ الَّذِي قالَ لَهُ : وَاللهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ ؛ فقالَ لَهُ-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ اللهُ وَرَسُولُهُ رَحِمَ اللهُ مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ»[4] .
ورَدَّ النَّبيُّ-صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- على الثلاثةِ الرَّهطِ الَّذينَ جاءوا إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَتهِ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ...؛ فقالَ لَهم-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : « وَاللهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»[5].
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ اللهُ- :
((وَلِهَذَا يَتَغَيَّرُ الدِّينُ بِالتَّبْدِيلِ تَارَةً وَبِالنَّسْخِ أُخْرَى ، وَهَذَا الدِّينُ لَا يُنْسَخُ أَبَدًا لَكِنْ يَكُونُ فِيهِ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْكَذِبِ وَالْكِتْمَانِ مَا يُلَبَّسُ بِهِ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُقِيمَ اللهُ فِيهِ مَنْ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ خَلَفًا عَنْ الرُّسُلِ ، فَيَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ فَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ وَيُبْطِلُ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . فَالْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَثَارَةُ مِنْ الْعِلْمِ الْمَأْثُورَةُ عَنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ يَمِيزُ اللهُ بِهَا الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ وَيَحْكُمُ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ))[6].
ويقولُ-أيضاً-رحمهُ اللهُ- :
((وَإِذَا كَانَ النُّصْحُ وَاجِبًا فِي الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ : مِثْلَ نَقَلَةِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَغْلَطُونَ أَوْ يَكْذِبُونَ كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : سَأَلْتُ مَالِكًا وَالثَّوْرِيَّ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ - أَظُنُّهُ - وَالْأَوْزَاعِي عَنْ الرَّجُلِ يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ أَوْ لَا يَحْفَظُ ؟ فَقَالُوا : بَيِّنْ أَمْرَهُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : إِنَّهُ يَثْقُلُ عَلَيَّ أَنْ أَقُولَ فُلَانٌ كَذَا وَفُلَانٌ كَذَا . فَقَالَ: إذَا سَكَتَّ أَنْتَ وَسَكَتُّ أَنَا فَمَتَى يَعْرِفُ الْجَاهِلُ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ.
وَمِثْلُ أَئِمَّةِ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ الْعِبَادَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ فَإِنَّ بَيَانَ حَالِهِمْ وَتَحْذِيرَ الْأُمَّةِ مِنْهُمْ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَعْتَكِفُ أَحَبُّ إلَيْك أَوْ يَتَكَلَّمُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ ؟ فَقَالَ : إذَا قَامَ وَصَلَّى وَاعْتَكَفَ فَإِنَّمَا هُوَ لِنَفْسِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ فَإِنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ هَذَا أَفْضَلُ . فَبَيَّنَ أَنَّ نَفْعَ هَذَا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ في سَبِيلِ اللهِ ؛ إذْ تَطْهِيرُ سَبِيلِ اللهِ وَدِينِهِ وَمِنْهَاجِهِ وَشِرْعَتِهِ وَدَفْعِ بَغْيِ هَؤُلَاءِ وَعُدْوَانِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْلَا مَنْ يُقِيمُهُ اللهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ هَؤُلَاءِ لَفَسَدَ الدِّينُ وَكَانَ فَسَادُهُ أَعْظَمَ مِنْ فَسَادِ اسْتِيلَاءِ الْعَدُوِّ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ إذَا اسْتَوْلَوْا لَمْ يُفْسِدُوا الْقُلُوبَ وَمَا فِيهَا مِنْ الدِّينِ إلَّا تَبَعًا وَأَمَّا أُولَئِكَ فَهُمْ يُفْسِدُونَ الْقُلُوبَ ابْتِدَاءً)) [7].

المحورُ الثاني : مَوقفُ الغلاةِ مِنَ الرَّدِّ على المخالفِ :
يتمثَّلُ موقفُ الغلاةِ مِنَ الرَّدِّ على المخالفِ في مظاهرَ سلوكيةٍ وممارساتٍ عمليةٍ ، لعلَّ أهَمَّها :
1-التَّسرُّعُ في الرَّدِّ على المخالفِ دونَ مراعاةٍ للضَّوابطِ العلميةِ والشُّروطِ الشَّرعيةِ.
2-عَقْدُ مجالسِ الجرحِ والتَّعديلِ مِنْ جهةِ بعضِ الأفرادِ ؛ دُونَ أهلِيَّةٍ ولا مُسوِّغٍ شرعيٍّ ؛ وكأنَّ أحدَهم يَحسَبُ نفسَهُ (أحمدَ بنَ حنبلٍ) أو (يحيى بنَ معينٍ)-رحمهما اللهُ- .
3-أنْ يكونَ الباعثُ على الرَّدِّ هو الحسدَ والتَّشفِّيَ ، أو حُبَّ الظهورِ والشُّهرةَ والرِّياءَ ، وليسَ هُوَ الإخلاصَ وأنْ تكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا .
4-البعدُ التَّامُّ عنْ معالمِ الحكمةِ وأُسسها ، والتَّجافِيُ عَنِ النَّظرِ في قضيةِ المصالحِ والمفاسدِ .
5-الظُّلمُ والبغيُ والعدوانُ ، وذلكَ بمجاوزةِ الحدِّ الشَّرعيِّ في الرَّدِّ على المخالفِ، وهذا له صورٌ وأشكالٌ ، منها :
-الرَّدُّ عليه دونَ استثباتٍ ولا استبيانٍ .
-التَّقوُّلُ عليه بكلامٍ لَمْ يَقُلْهُ .
-إسقاطُ المخالفِ وتجريحُهُ في المسائلِ الاجتهاديةِ التي يَسوغُ فيها الخلافُ بينَ أهلِ السُّنَّةِ ، والتي ينبغي أنْ يَعذُرَ المرءُ فيها أخاهُ .
وقد ثبتَ عن الإمامِ أحمدَ-رحمهُ اللهُ- أَنَّهُ قالَ : ((إِخراجُ النَّاسِ مِنَ السُّنَّةِ شَديدٌ))[8].
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ اللهُ- :
((وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ مُتَّفِقِينَ عَلَى تَبْدِيعِ مَنْ خَالَفَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُصُولِ ؛ بِخِلَافِ مَنْ نَازَعَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ فِي تَوَاتُرِ السُّنَنِ عَنْهُ : كَالتَّنَازُعِ بَيْنَهُمْ فِي الْحُكْمِ بِشَاهِدِ وَيَمِينٍ وَفِي الْقُسَامَةِ وَالْقُرْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ هَذَا الْمَبْلَغَ)) [9] .
ويقولُ-أيضاً-رحمهُ اللهُ- في شأنِ أهلِ التَّوحيدِ-:
((وإنْ حَصلَ بينهم تنازعٌ في شيءٍ مِمَّا يَسوغُ فيه الاجتهادُ ، لم يُوجِبْ ذَلكَ تَفَرُّقاً ولا اختلافاً، بلْ هم يَعلمونَ أنَّ المصيبَ منهم له أجرانِ، وأنَّ المجتهدَ المخطئَ له أجرٌ على اجتهادهِ، وخطؤهٌ مغفورٌ له)) [10] .
وقالَ الحافظُ الذَّهبيُّ-رحمهُ اللهُ- :
((وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ)) [11] .
6-عَقْدُ الولاءِ والبراءِ في مجالِ(الرَّدِّ على المخالفِ) على قولِ واحدٍ مِنْ أهل العلمِ ، أَوْ طُلابهِ ؛ فإذا خالفَ هذا القولَ أَحدٌ مِنَ النَّاسِ ضَلَّلَهُ أولئكَ الغلاةُ ، أو بَدَّعوهُ، وشَهَّروا به في الآفاقِ ، واستباحوا عِرضَهُ بأسوءِ العباراتِ وأقذعِ الكلماتِ ، ولو كانَتْ مخالفتُهُ هذه مستندةً على قولٍ آخرَ لبعضِ أهلِ العلمِ الثِّقاتِ ، ولا ريبَ أنَّ هذا المسلكَ المشينَ هو عينُ الحزبيةِ الذَّميمةِ والطائفية المقيتةِ والعصبيةِ البغيضةِ .
يَقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ اللهُ ورفعَ قدرهُ في المهديينَ- في كلمةٍ تأصيليةٍ منهجيةٍ ماتعةٍ تُكتبُ بماءِ الذهبِ على صُحفٍ منْ نورٍ- :
((فَأَئِمَّةُ الدِّينِ هُمْ عَلَى مِنْهَاجِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، وَالصَّحَابَةُ كَانُوا مُؤْتَلِفِينَ مُتَّفِقِينَ وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي بَعْضِ فُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فِي الطَّهَارَةِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَرَائِضِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِجْمَاعُهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ . وَمَنْ تَعَصَّبَ لِوَاحِدِ بِعَيْنِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ دُونَ الْبَاقِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَعَصَّبَ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ دُونَ الْبَاقِينَ ؛ كالرافضي الَّذِي يَتَعَصَّبُ لِعَلِيٍّ دُونَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ ، وَكَالْخَارِجِيِّ الَّذِي يَقْدَحُ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ فَهَذِهِ طُرُقُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ مَذْمُومُونَ خَارِجُونَ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَالْمِنْهَاجِ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَمَنْ تَعَصَّبَ لِوَاحِدِ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِعَيْنِهِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ هَؤُلَاءِ سَوَاءٌ تَعَصَّبَ لِمَالِكٍ أَوْ الشَّافِعِيِّ أَوْ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ أَحْمَد أَوْ غَيْرِهِمْ . ثُمَّ غَايَةُ الْمُتَعَصِّبِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِقَدْرِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَبِقَدْرِ الْآخَرِينَ فَيَكُونُ جَاهِلًا ظَالِمًا وَاَللهُ يَأْمُرُ بِالْعِلْمِ وَالْعَدْلِ وَيَنْهَى عَنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ . قَالَ تَعَالَى : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا }... وَهَذَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ أَتْبَعُ النَّاسِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَعْلَمُهُمْ بِقَوْلِهِ وَهُمَا قَدْ خَالَفَاهُ فِي مَسَائِلَ لَا تَكَادُ تُحْصَى لِمَا تَبَيَّنَ لَهُمَا مِنْ السُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا اتِّبَاعُهُ وَهُمَا مَعَ ذَلِكَ مُعَظِّمَانِ لِإِمَامِهِمَا . لَا يُقَالُ فِيهِمَا مُذَبْذَبَانِ : بَلْ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ الْقَوْلَ ثُمَّ تَتَبَيَّنُ لَهُ الْحُجَّةُ فِي خِلَافِهِ فَيَقُولُ بِهَا وَلَا يُقَالُ لَهُ مُذَبْذَبٌ ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَزَالُ يَطْلُبُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ . فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا كَانَ خَافِيًا عَلَيْهِ اتَّبَعَهُ وَلَيْسَ هَذَا مُذَبْذَبًا ؛ بَلْ هَذَا مُهْتَدٍ زَادَهُ اللهُ هُدًى . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } . فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ مُوَالَاةُ الْمُؤْمِنِينَ وَعُلَمَاءِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَقْصِدَ الْحَقَّ وَيَتَّبِعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ وَيَعْلَمَ أَنَّ مَنْ اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَمَنْ اجْتَهَدَ مِنْهُمْ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ لِاجْتِهَادِهِ وَخَطَؤُهُ مَغْفُورٌ لَهُ...
وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَتَّخِذَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ شِعَارًا يُوجِبُ اتِّبَاعَهُ وَيَنْهَى عَنْ غَيْرِهِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ)) [12].
7-التنقيبُ عَنِ الأخطاءِ ، والتصيُّدُ للهفواتِ ، والفرحُ بالزَّلاتِ ، والدُّخولُ في المقاصدِ والنِّيَّاتِ ، وتحميلُ الكلامِ أسوءَ الاحتمالاتِ .
يقول الإمامُ ابنُ قيم الجوزية-رحمهُ اللهُ- :
((ومِنَ النَّاسِ مَنْ طَبْعهُ طبعُ خِنزيرٍ ، يَمُرُّ بالطيباتِ فلا يَلْوي عليها ، فَإِذا قامَ الإنسانْ عنْ رَجيعهِ قَمَّهُ ، وهَكَذا كثيرٌ منَ النَّاسِ يَسمعُ مِنكَ ، ويَرى منَ المحاسنِ أضعافَ أضعافِ المساوىء ؛ فَلا يحفظُها ، وَلا يَنْقُلُها ، ولا تُناسِبُه ؛ فَإذا رَأى سَقطةً ، أَوْ كَلمةً عوراءَ : وَجَدَ بُغيتَهُ وما يُناسِبُها ، فَجَعلها فَاكهتَهُ ونُقْلَهُ)) [13] . وقد كانَ لهذا الموقفِ السَّلبيِّ الَّذي اتَّخذهُ الغلاةُ منهجاً لهم في(الرَّدِّ على المخالفِ) آثارٌ سيئةٌ وعواقبُ وخيمةٌ ، منها :
1-صَرْفُ طَاقاتِ الشبابِ وأوقاتِهم عَنْ طلبِ العلمِ والرُّسوخِ فيهِ ، وعَنِ والدَّعوةِ إلى اللهِ والبناءِ الذَّاتي على منهاج النبوةِ ، وإهدارُ هذه النِّعمِ الجليلةِ ، العظيمةِ القدرِ في أمورٍ ليسوا لها أهلاً .
2-إشعالُ نارِ الفتنِ بينَ أهلِ العلمِ وطلابهِ ؛ نتيجةً لكثرةِ القيلِ والقالِ ، ومجاوزةِ الحدِّ الشَّرعيِّ في نَشْرِ الكلامِ ونَقْلهِ .
3-تمزيقُ لُحمةِ أهلِ السُّنةِ ، وتشتيتُ الصَّفِّ السلفيِّ القائمِ على منهاجِ النبوةِ .
4-بروزُ ظاهرةِ التعالمِ ، وشيوعُ حُبِّ الظُّهورِ الَّذي منْ شأنهِ أن يَقصمَ الظُّهورَ .
5-انفصامُ عُرى الإخوةِ الإسلاميةِ ، وتقطُّعُ أوصالِ المحبةِ الإيمانيةِ .
6-انحسارُ مَدِّ أهلِ السُّنةِ ، واستقواءُ أهلِ الزَّيغِ والضَّلالِ بعضهم ببعضٍ .


المحورُ الثَّالثُ : موقفُ الجفاةِ من الرَّدِّ على المخالفِ :
أَمَّا مَوقفُ الجفاةِ مِنَ (الرَّدِّ على المخالفِ) ، فهو على عكسِ موقفِ الغلاةِ تماماً ؛ إذْ إِنَّهم أسقطوا هذا الواجبَ العظيمَ ، وضربوا بهِ عرضَ الحائطِ ؛ بدعوى الحفاظِ على وحدةِ المسلمينَ وعدمِ تفريقِ الصَّفِّ ؛ فسكتوا عَنِ الرَّدِّ على أهلِ الزَّيغِ والضَّلالِ ، وأَلجموا ألسِنتَهم عَنْ بيانِ فَسادِهم والتَّحذيرِ مِنْ مناهِجهم ؛ كما هُوَ حَالُ كثيرٍ مِنْ الحركاتِ الحزبيةِ البعيدةِ عَنْ منهاجِ النُّبوةِ ، و هذا مِنْ تزيينِ الشيطانِ لهم ، وتلاعبهِ بعقولهم .
يقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ اللهُ- في شأنِ أهلِ الزَّيغِ والضَّلالِ والذَّابينَ عنهم- :
((وَيَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ ، أَوْ ذَبَّ عَنْهُمْ ، أَوْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ ، أَوْ عَظَّمَ كُتُبَهُمْ ، أَوْ عُرِفَ بِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ ، أَوْ كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِمْ ، أَوْ أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُمْ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ ، أَوْ مَنْ قَالَ : إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ ؛ بَلْ تَجِبُ عُقُوبَةُ كُلّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ ، وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ ؛ فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْسَدُوا الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ عَلَى خَلْقٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ ، وَهُمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ، وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ؛ فَضَرَرُهُمْ فِي الدِّينِ : أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ مَنْ يُفْسِدُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ دُنْيَاهُمْ وَيَتْرُكُ دِينَهُمْ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَكَالتَّتَارِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ الْأَمْوَالَ وَيُبْقُونَ لَهُمْ دِينَهُمْ)) [14].
و قَدْ تَولَّدَ عنْ هذا الموقفِ السَّلبيِّ الَّذي اتَّخذه الجفاةُ منهجاً لهم في(الرَّدِّ على المخالفِ) جُملةٌ منَ الآثارِ الشَّنيعةِ ، منها :
1-شُيوعُ الأقوالِ الباطلةِ والأهواءِ المزريةِ .
2-اندراسُ معالمِ الدِّينِ ، وانطماسُ حقائقهِ وأُصولهِ .
3-إفسادُ الأرضِ بسببِ فُشُوِّ الشَّركِ والبدعِ والمنكراتِ .
4-تَصَدُّعُ البناءِ الدَّاخليِّ للأُمَّةِ ؛ ومِنْ ثَمَّ تكونُ الأُمَّةُ خانعةً ذليلةً ، ولقمةً سائغةً لأعدائها .
5-انقلابُ الموازينِ ، واضطرابُ المفاهيمِ ، وتَشَوُّهُ التَّصوُّراتِ .
6-نُزولُ العقوباتِ الإلهيةِ ؛ لأَنَّ في السُّكوتِ عَنِ الرَّدِّ على المخالفِ تعطيلاً لشعيرةِ النُّصحِ والأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عَنِ المنكرِ ؛ مِمَّا كانَ سبباً في عقوبةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ لبني إسرائيلَ ، وَذلكَ بِلعنِهم في كتبِ اللهِ المنزلةِ : التَّوراة والإنجيل والزَّبورِ، وطردهم عَنْ رحمةِ اللهِ عَزَّ وجلَّ ؛ كما قالَ تعالى :{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ*كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }[المائدة : 78-79] .

المحورُ الرَّابعُ : بيانُ الموقفِ الشَّرعيِّ الصحيحِ منَ الرَّدِّ على المخالفِ :
يَصبو المسلمُ النَّاصحُ لنفسهِ ، أَنْ يَكونَ على جادةِ الصَّوابِ في هذا الواجبِ ؛ ولا يُمكنُ ألبتَّةَ أنْ يكونَ لهُ ذلكَ ؛ حَتَّى يَتخلَّصَ منْ مسلكِ الغلاةِ والجفاةِ كليهما ، ولَنْ يتحقَّقَ هذا أبداً إلا بأنْ يَتَّخذَ موقفاً شرعياً صحيحاً مِنَ (الرَّدِّ على المخالفِ)؛ وذلكَ بالتزامِ مجموعةٍ مِنَ الشُّروطِ والآدابِ[15]. التي لا محيصَ عنها ، وهي فيما يلي:
1-إخلاصُ النِّيةِ للهِ عَزَّ وجلَّ ؛ بأنْ يكونَ باعثُ الرَّدِّ على المخالفِ هو (إعلاءَ كلمةِ الله) ، والذَّبَّ عَنْ دينهِ ، وإرادةَ وجههِ سبحانه ، وما أعدَّه مِنَ الأجرِ والثوابِ في الآخرةِ .
ومنَ المعلومِ أَنَّ الإخلاصَ شرطٌ عامٌّ في كُلِّ الأعمالِ الصالحةِ ؛ كما قال تعالى : {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}[البينة : 5] .
2-المتابعةُ لهديِ الشَّريعةِ ؛ بأنْ يُدفعَ الباطلُ بالحقِّ ، وليسَ بالباطلِ ؛ كما هو هديُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في الرَّدِّ على المخالفِ ؛ كما مَرَّ معنا في محور التأصيل للرَّدِّ على المخالفِ .
3-الأَهْلِيَّةُ ؛ وذلكَ بأنْ يَكُونَ الرَّادُّ على المخالفِ مِنْ أهلِ العلمِ الأقوياءِ ، المتمسكينَ بـِ ( منهاجِ النُّبوةِ) ، القائمينَ بالحقِّ والرَّدِّ على الباطلِ بالحججِ والبَيِّناتِ والأدلةِ القاطعاتِ ، و ينبغي لَهُ أيضاً أَنْ تكونَ له قدمٌ راسخةٌ في (فقه المصالح والمفاسد) ، وفي النَّظرِ إلى عواقبِ الأمورِ والمآلاتِ .
فَمَنْ لَمْ يَكنْ كذلكَ ؛ فليسَ أهلاً للرَّدِّ ، وإِنَّما هو أهلٌ للذَّمِّ ؛ كما قال تعالى : {هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }[آل عمران : 66] .
وقالَ سبحانه :{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[الأعراف : 33] .
يقولُ الحافظُ الذَّهبيُّ-رَحِمهُ اللهُ- :
((الصَّدعُ بِالْحَقِّ عَظِيْمٌ، يَحْتَاجُ إِلَى قُوَّةٍ وَإِخْلاَصٍ، فَالمُخْلِصُ بِلاَ قُوَّةٍ يَعجِزُ عَنِ القِيَامِ بِهِ، وَالقَوِيُّ بِلاَ إِخلاَصٍ يُخْذَلُ، فَمَنْ قَامَ بِهِمَا كَامِلاً، فَهُوَ صِدِّيْقٌ)) [16] .
ويقولُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية-رحمهُ اللهُ- :
((وَقدْ يَنهونَ عنِ المجادلةِ والمناظرةِ إذا كَانَ المناظرُ ضعيفَ العلمِ بالحجةِ ، وجوابِ الشُّبهةِ ؛ فَيُخافُ عَليهِ أَنْ يُفسدهَ ذلكَ المضِلُّ ؛ كَما يُنْهى الضعيفُ في المقاتلةِ أَنْ يُقاتِلَ عِلْجاً قَوِيًّا مِنْ عُلوجِ الكفارِ ؛ فَإِنَّ ذَلكَ يَضُرُّهُ ، ويَضُرُّ المسلمينَ بلا منفعةٍ)) [17] .
4-تحقيقُ العدلُ ؛ فالعدلُ نظامٌ شاملٌ يَستوعبُ جميعَ ميادينِ الحياةِ وأبوابِ الدِّينِ؛ كما قال تعالى : {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[النحل : 90] .
وقالَ سبحانَهُ :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ }[النساء : 135] .
وقالَ جَلَّ وعلا:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}[الحديد : 25] .
وَيَكونُ العَدلُ بالتَّثبُّتِ مِنْ كلامِ المخالفِ ، والتَّبيُّنِ مِنْ مخالفتهِ ، وعدمِ تحميلِ كلامهِ ما لا يحتملُ ، و الحذرِ مِنَ التَّقوُّلِ عليه بما لا يَقُلْ .
5-التزامُ الرَّدِّ بالتي هِيَ أحسنُ ، وهذا هو الأصلُ ؛ كما قال تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ }[النحل : 125] .
وقدْ يُصارُ إلى غيرِ هذا الأصلِ مِنَ الرَّدِّ بالتقريعِ والقسوةِ وذكْرِ اسمِ المخالفِ تعييناً ، إذا دَعتِ الضَّرورةُ لذلكَ ، وهذا إذا كانَ المخالفُ مِنْ أهل الكذبِ والعنادِ والتَّلبيسِ والإرجافِ ؛ كما هو شأنُ المنافقينَ والزَّائغينَ عَنِ الحقِّ .
يَقولُ الإمامُ الشَّاطبيُّ-رحمهُ اللهُ- في شأنِ تعيينِ أهلِ الزَّيغِ بأسمائِهم والتَّشهيرِ بهم- :
((حَيْثُ تَكُونُ الْفِرْقَةُ تَدْعُو إِلَى ضَلَالَتِهَا وَتَزْيِينِهَا فِي قُلُوبِ الْعَوَامِّ ، وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ، فَإِنَّ ضَرَرَ هَؤُلَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَضَرَرِ إِبْلِيسَ، وَهُمْ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، فَلَابُدَّ مِنَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالَةِ، وَنِسْبَتُهُمْ إِلَى الْفِرَقِ إِذَا قَامَتْ لَهُ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْهُمْ ؛ كَمَا اشْتُهِرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِ. فَرَوَى عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى قَتَادَةَ فَذَكَرَ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ فَوَقَعَ فِيهِ وَنَالَ مِنْهُ ؛ فَقُلْتُ: أَبَا الْخَطَّابِ: أَلَا أَرَى الْعُلَمَاءَ يَقَعُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ فَقَالَ: يَا أَحْوَلُ أَوَلَا تَدْرِي أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ابْتَدَعَ بِدَعَةً فَيَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُذْكَرَ حَتَّى تُحْذَرَ؟ ، فَجِئْتُ مِنْ عِنْدِ قَتَادَةَ ، وَأَنَا مُغْتَمٌّ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ قَتَادَةَ فِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَمَا رَأَيْتُ مَنْ نُسُكِهِ وَهَدْيِهِ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي نِصْفَ النَّهَارِ ، وَإِذَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ ، وَهُوَ يَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ ؛ فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللهِ! تَحُكُّ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ؟ قَالَ إِنِّي سَأُعِيدُهَا. قَالَ: فَتَرَكْتُهُ حَتَّى حَكَّهَا. فَقُلْتُ لَهُ: أَعِدْهَا. فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ.
فَمِثْلُ هَؤُلَاءِ لَابُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ وَالتَّشْرِيدِ بِهِمْ، لِأَنَّ مَا يَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ ضَرَرِهِمْ إِذَا تُرِكُوا، أَعْظَمُ مِنَ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِذِكْرِهِمْ وَالتَّنْفِيرِ عَنْهُمْ)) [18].
فالملتزمُونَ بهذه الشروطِ والآدابِ هم أهلُ الحقِّ في هذا البابِ ، وهم الذين أثنى عليهم اللهُ بقولهِ جلَّ و علا : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ...}[البقرة : 143] .
يقولُ الإمامُ ابن قيم الجوزية-رحمهُ اللهُ- :
((وهَدَى اللهُ الأمةَ الوسطَ لما اختلفوا فيهِ منَ الحقِّ بإذنهِ ...وهَذا بَيِّنٌ بحمدِ اللهِ عندَ أهلِ العلم والإيمانِ ، مُستقِرٌّ في فطرِهم ، ثابتٌ في قلوبِهم ، يشهدونَ انحرافَ المنحرفينَ في الطَّرفينِ ، وهُم لا إلى هؤلاءِ ، ولا إلى هؤلاءِ ، بلْ هُم إلى اللهِ تعالى ورسولِه مُتحَيِّزونَ ، وإلى محضِ سُنتهِ مُنتسبونَ .
يَدينونَ دِينَ الحقِّ أَنَّى تَوجَّهتْ رَكائبهُ ، ويَستقِرُّون مَعه حيثُ استقرَّتْ مَضارِبُه .
لا تَستفزُّهم بَدَواتِ آراءِ المختلفينَ ، ولا تُزلزِلهم شُبهاتُ المبطلينَ ؛ فَهُم الحكَّامُ على أربابِ المقالاتِ ، والمميِّزونَ لما فيها منَ الحقِّ والشبهاتِ .
يَردُّون على كُلِّ بَاطلهِ ، ويُوافقونَه فيما معهُ في الحقِّ ؛ فهم في الحقِّ سِلْمُه ، وفي الباطلِ حَرْبُه .
لا يميلونَ مَع طائفةٍ على طائفةٍ ، ولا يجحدونَ حَقَّها لما قَالَتْهُ مِنْ باطلٍ سِواهُ .
بلْ هُم مُمتثلونَ قولَ اللهِ تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }[المائدة : 8] .
فإذا كَانَ قد نَهى عبادَه أَنْ يَحملَهم بُغضُهم لأعدائِه أَن لا يَعدلوا عليهم -مَعْ ظُهورِ عَداوتِهم ، ومخالفتِهم ، وتكذيبِهم للهِ ورسولهِ- ؛ فكيفَ يَسوغُ لمنْ يَدَّعِي الإيمانَ أَنْ يَحمِلَهُ بُغضهُ لطائفةٍ مُنتسبةٍ إلى الرَّسولِ تُصيبُ وتُخطيءُ على أنْ لا يَعدلَ فيهم ، بلْ يُجرِّدُ لهم العداوةَ وأنواعَ الأذَى؟!
ولَعلَّه لا يَدري أَنَّهم أولى باللهِ ورسولهِ ، وما جاءَ بهِ-منه- عِلماً ، وعملاً ، ودعوةً إلى اللهِ على بصيرةٍ ، وصَبْراً منْ قومهم على الأذى في اللهِ ،وإقامةً لحجةِ اللهِ ، ومعذرةً لمنْ خَالفَهم بالجهلِ!
لا كَمنْ نَصبَ مقالةً صادرة عَنْ آراءِ الرِّجالِ ، فَدَعا إليها ، وعاقبَ عليها ، وعادَى مَنْ خَالفَها بالعصبيةِ وحميةِ الجاهِليَّةِ)) [19] .
واللهَ أَسألُ أنْ يَهدينا وإخواننا المسلمينَ إلى المسلكِ الحقِّ الوسطِ ، وأنْ يُعيذنا منْ مسلك الغلاة والجفاة ؛ إنه جوادٌ كريمٌ ، وهو نعمَ المولى ونعمَ النَّصيرُ .
----------------------------------------------
(1)-"التبيان لأقسام القرآن" : (ص/210) لابن القيم .
(2)-"مجموع الفتاوى " : (14/483).
(3)- إسناده صحيحٌ. أخرجه أبوداود في:"سننه": (2/13/ح2504).
(4)- أخرجه البخاري في:"صحيحه": (3/1148، رقم2981)، و مسلم في:"صحيحه": (3/109/ح2494) من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-.
(5)- أخرجه البخاري في:"صحيحه": (5/1949، رقم4776) من حديث أنسٍ-رضي الله عنه-.
(6)-"مجموع الفتاوى " : (11/435).
(7)-"مجموع الفتاوى " : (28/232).
(8)-إسناده صحيح.أخرجه الخلال في:"السُّنَّةِ": (2/373، رقم513).
(9)-"مجموع الفتاوى " : (4/425).
(10)-"اقتضاء الصراط المستقيم" : (1/457) .
(11)-"سير أعلام النبلاء" : (27/38) .
(12)-"مجموع الفتاوى " : (22/252).
(13)-"مدارج السالكين" : (1/403) .
(14)-"مجموع الفتاوى " : (2/132).
(15)-انظر :"الردود" : (ص/55-70) للعلامة بكر أبو زيد-رحمه الله- .
(16)-"سير أعلام النبلاء" : (21/278) .
(17)-"درء التعارض " : (3/374).
(18)-"الاعتصام " : (2/731).
(19)-"بدائع الفوائد " : (2/649-650).















رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-06-2012, 01:36 AM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

اجمعوا أخطاءه ولا تخبر أحدا ...
سريّة وهنا مكمن خطرالسريّة.. سمعناها كما سمعتها أبا الأشبال ...
اجمعوا له أخطاءه ..
واليوم وقت جمع اخطاء الرمضاني والرحيلي ...
منهج التفتيش والتجييش ...ثم النتيجة :
يطعن في الصحابة
يطعن في العلماء=الشيخ ربيع فقط.
يدافع عن أهل البدع ...
الشيخ عبد المالك أكبر منهم بكثير والله!
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:32 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.