أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
38185 97777

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر اللغة والأدب و الشعر - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 05-12-2012, 08:36 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه

تتمــــــّـــــــة

مُثَبِّتِ الأحكامِ بالأصولِ *** معينِ مَنْ يَصْبُو إلى الوصولِ

هذه براعة استهلال واضحة أوضح من الأولى.
قوله: (مثبت الأحكام بالأصول) : أي أنه تعالى ثبت الأحكام بأصولها، وأصول الأحكام أدلتها، وسميت أصولاً؛ لأن الأحكام تُبنى عليها، ولهذا إذا أتى بالمسألة في المغني[(6)] يقول: الأصل في هذا قوله تعالى: .... الآية.
وأدلة الأحكام، سيأتي في النظم أنها أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس الصحيح [(7)].
(الأحكام) : هي ما يثبت بخطاب الشرع من إيجاب أو تحريم أو كراهة أو استحباب أو إباحة.
وأصول الأحكام اثنان يتفرع عنهما اثنان: أما الأولان: فهما الكتاب والسنّة فإنهما أصل الأصول، وعليهما مدار الأحكام الشرعية من عقدية وقولية وفعلية.
وأما الأصلان الآخران الفرعان: فهما الإجماع والقياس الصحيح.
هذه هي الأصول الأربعة التي تنبني عليها أحكام الشريعة المطهّرة: الكتاب، والسنّة، والإجماع، والقياس الصحيح.
بهذه الأصول الأربعة تثبت الأحكام، ولا يبقى لأحد منازعة فيما ثبت. ومن المعلوم أنه يقدّم القرآن ثم السنّة ثم الإجماع ثم القياس، حتى إن العلماء ـ رحمهم الله ـ قالوا: إن أي قياس مخالف للكتاب والسنّة؛ فإنه قياس فاسد مردود على قائله ويسمّى عندهم: فاسد الاعتبار.
وعلم من قوله: (مثبت الأحكام بالأصول) أن ما لا دليل عليه فليس بثابت؛ لأن الدليل بمنزلة البيّنة بل إن الله سمّاه بيّنة. قال تعالى: {{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ}} [الحديد: 25] .
وليس كل شيء له دليل؛ بل من الأشياء ما دليله إيجابي، ومنها ما دليله عدمي؛ فالأدلة قد تكون عدمية فيقال: الدليل عدم الدليل وقد تكون إيجابية فيقال: الدليل قوله تعالى... فإذا قال قائل مثلاً : هذا النوع من البيع حرام، نقول له: أين الدليل؟ لأن الأصل أن البيوع حلال.
وإذا قلنا : هذا النوع من البيع حلال، فطالبنا بالدليل، فإننا نقول: الدليل عدم الدليل أي: ليس هناك دليل يدل على التحريم، والأصل هو الحل.
قوله: (معين من يصبو إلى الوصول) : يصبو بمعنى: يميل، ومنه سِنُّ الصِّبا لأن الغالب أن الصبي سريع الميلان، كلُّ شيء يجذبه، وكلُّ شيء يصرفه، ولهذا سمي سِنُّ الصِّبا ـ بكسر الصاد ـ أما الصَّبا ـ بفتح الصاد ـ فهي الريح الشرقية، ومنه الحديث: «نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدبور» [(8)] .
والدبور: الريح الغربية.
(معين من يصبو إلى الوصول) : أي: أن الله تعالى يعين من يميل إلى الوصول، أي: وصول الحق، فإنه ـ جلّ وعلا ـ يعين كل شخص يطلب الوصول إلى الحق، لكن قد يتخلف المقصود لوجود مانع أو لحكمة أرادها الله - عزّ وجل - بمعنى أن الإنسان قد يبذل جهده، ولكن لا يصل إلى مقصوده لحكمة يريدها الله - عزّ وجل - قد يبتلي الله العبد، فلا يتمكن من الوصول في أول محاولة أو ثاني محاولة حتى يعلم الله عزّ وجل من هو صادق في الطلب، ومن ليس بصادق.
ومن ذلك أن الله - تعالى - يُديل أعداءه أحياناً على أوليائه، لينظر من يصبر ومن لا يصبر {{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}} [محمد: 31].
وإلا فالأصل أن كل إنسان يقصد الوصول إلى الحق بنية صادقة، فإنه لا بد أن يصل إليه. وما أحسن عبارة قالها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في «العقيدة الواسطية»: «من تدبر القرآن طالباً الهدى منه، تبيّن له طريق الحق» [(9)] .
فكل إنسان يصبو إلى الوصول ويستعين بالله - عزّ وجل - مع بذل الجهد فإن الله يعينه ما لم يكن إثماً، أما الإنسان الكسول الذي لا يصبو إلى الوصول، وإنما يريد أن يمضي الأوقات فقط ويقتلها فإن هذا يذهب عليه دهره سدىً، لا يستفيد، لكن الإنسان الذي يعمل بجد، ويريد أن يصل إلى غاية حميدة، فهذا يعان ويصل إلى مقصوده.
ولهذا يجب علينا نحن ـ ونحن نطلب العلم ـ أن يكون لنا هدف نسعى إلى الوصول إليه لا مجرد إمضاء الوقت فقط؛ بل نطلب العلم للوصول إلى الغاية وهي أن أعْلَم، ثم أعمل، ثم أُعَلِّم، ثم أدعو، هذه غايتي، والعامل العابد غايته الوصول إلى الله - عزّ وجل -، إلى مرضاة الله: {{يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً}} [الفتح: 29].
ومن يصلّي ليسقط الفرض فقط، هذا لا شك أنه يجزئ وتبرأ به الذمة، لكن الذي ينبغي أن يصلّي ليَصِلَ إلى غاية، وهي أنه كلما صلّى فريضة ارتقى درجة.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
_________

[6] كتاب «المغني» لابن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله.
[7] انظر: شرح البيت رقم (49 - 50).
[8] أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «نصرت بالصّبا» (988)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب في ريح الصّبا والدبور (900/17)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
[9] انظر: مجموع الفتاوى (3/137).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 05-13-2012, 01:44 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ .

شرح منظومة أصول الفقه

تتمــــــّــــــــة.

3.
ثم الصلاةُ معْ سلامٍ قدْ أُتِمْ *** على الذي أُعْطِي جوامعَ الكَلِمْ.

قوله : (ثم الصلاة مع سلام قد أتم) : ثم بعد حمد لله - عزّ وجل - والثناء عليه ووصفه بما يليق به ـ جلّ وعلا ـ تكون الصلاة على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -.
والترتيب هنا مناسب، لأن حق الله مقدم على حق الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -، فيبدأ أولاً بحق الله ثم بحق الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -.
وهو الموافق للكتاب والسنّة، فإن حق الله - تعالى - يُذْكَر قبل حق رسوله - صلّى الله عليه وسلّم -. ألم تر إلى التشهد في الصلاة يقدم وجوب الثناء على الله - عزّ وجل - وتعظيم الله - عزّ وجل - على السلام على النبي - صلّى الله عليه وسلّم -؛ ولهذا تقول: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» [(10)]، ثم حق النفس ثم حق الصالحين.
وكما درج عليه علماؤنا ـ رحمهم الله ـ، يبدؤون أولاً بالثناء على الله - سبحانه وتعالى - ثم بالصلاة والسلام على الرسول - صلّى الله عليه وسلم -.
(ثم الصلاة مع سلام قد أتم) : جمع بين الصلاة والسلام لأنه أكمل، كما أمر الله - تعالى - فقال: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}} [الأحزاب: 56].
ولو اقتصر على الصلاة وحدها، أو على السلام وحده، لكان ذلك جائزاً غير مكروه على القول الراجح. فإن النبي - عليه الصلاة والسلام - علّم أمته التشهد أول ما علمهم ليس فيه صلاة، كان التشهد: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» [(11)] ليس فيه صلاة حتى قالوا: يا رسول الله، عَلِمنَا كيف نسلّم عليك فكيف نصلّي عليك [(12)] ؟ فعلّمهم.
فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يكره إفراد الصلاة عن السلام، ولا السلام عن الصلاة، ولكن الجمع بينهما أفضل.
(قد أتم) : يحتمل أن الناظم قالها تتميماً للشطر، ويحتمل أن يكون المراد بها أن الله - عزّ وجل - أكد التسليم بالمصدر، فقال: {{وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}} [الأحزاب: 56].
وهذا يدل على أنه ينبغي أن يسلّم تسليماً تاماً، لأن المصدر يفيد التأكيد، كما قالوا في قوله - تعالى - : {{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}} [النساء: 164] أنه يفيد تأكيد الكلام ونفي المجاز، فقولنا: «قد أتم» أي وقع متمماً مكملاً.
(ثم الصلاة) : الصلاة في اللغة: الدعاء، وفي الشرع: التعبد لله بأقوال وأفعال معلومة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم.

وهنا نقول : ما الفائدة من أن نعرف معناها في اللغة ومعناها في الشرع؟.
الفائدة: هي أن الصلاة إذا جاءت في كلام أهل اللغة تحمل على عرفهم، وهو الدعاء، وإذا جاءت في كلام الشرع تحمل على عرف الشرع، وهي: العبادة ذات الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير والمختتمة بالتسليم، ما لم يوجد دليل على أن هذا غير المراد فإن وجد دليل على أن هذا غير مراد فإنها لا تحمل عليه، مثل قوله - تعالى - : {{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}} [التوبة: 103].

الصلاة هنا : الدعاء قطعاً، ودليل ذلك أن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم -فسّرها بفعله، فكان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: «اللهم صلِّ على آل فلان» [(13)]

وصلاة الله على رسوله أصح وأحسن ما قيل فيها ما اعتمده المحققون من العلماء: أنها ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، وهم الملائكة. يذكره بالخير على وجه التكرار.
نحن إذا صلّينا عليه مرة صلّى الله بها علينا عشراً، ولله الحمد.
ولهذا ينبغي أن نكثر من الصلاة على النبي - صلّى الله عليه وسلّم - بقدر المستطاع.

أما السلام، فالسلام اسم مصدر «سَلَّم»، والمصدر من «سَلَّم» «تسليم»، مثل «كلَّم» مصدره «تكليم»، واسم المصدر منه «كلام».
والسلام هو السلامة من الآفات الحسية والمعنوية. والآفات الحسية هي الظاهرة، مثل: آفات في البدن من أمراض أو غيره، وآفات في الأموال، وآفات في المجتمع؛ من جدب، وقحط، وخوف. أما السلامة من الآفات المعنوية فهو أن يسلم الله دين الإنسان مما يوجب الانحراف.
وبالنسبة للرسول - صلّى الله عليه وسلّم - إذا دعونا له بالسلام فالسلام الحسي غير وارد لأنه قد توفي - صلّى الله عليه وسلّم -.
أما السلام المعنوي فإنه وارد، وهو أن يسلم الله شريعته من كل آفة، لأن سلامة شريعته سلامة له لا شك. كذلك يمكن أن نقول: يراد به السلام الحسي أيضاً، وذلك يوم القيامة، كما جاء في الحديث: أن دعاء الرسل عند عبور الصراط: (اللهم سلّم سلّم) [(14)] ، فجمع الناظم في قوله : (ثم الصلاة مع سلام قد أتم) بين زوال المكروه وذلك بالسلام، وبين حصول المقصود وذلك بالصلاة.
قوله : (على الذي أعطيَ جوامع الكلم) : وهو الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - وهذا من خصائصه كما جاء في الحديث الصحيح عنه - صلّى الله عليه وسلّم - أنه «أعطيَ جوامع الكلم» [(15)]، واختصر له الكلام [(16)].
جوامع: جمع جامعة أي: الكلمة الجامعة، والكلم بمعنى : الكلمات.
فالرسول - صلّى الله عليه وسلّم - يقول كلمات يسيرة تتضمن معاني كثيرة. أرأيت قوله - صلّى الله عليه وسلّم ـ : «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» [(17)] كيف كانت هاتان الجملتان تشملان الدين كله، بل تشملان أعمال العباد كلها؟! ثم أرأيت قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» [(18)] كيف يشمل كثيراً من الأحكام الشرعية وتوزن به الأعمال الظاهرة. ولهذا قال أهل العلم: إن قوله - صلّى الله عليه وسلّم -: «إنما الأعمال بالنيات» هذا ميزان الأعمال الباطنة ـ أعمال القلوب ـ وإن قوله - صلّى الله عليه وسلّم - : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ميزان للأعمال الظاهرة.
وبهذا يتم الدين كله، ويتحقق الشرطان الأساسيان وهما الإخلاص لله والمتابعة للرسول - صلَّى الله عليه وسلم -.
ثم أرأيت قوله - صلّى الله عليه وسلّم - لما شُكي إليه أن الإنسان يجد في نفسه شيئاً يحب أن يكون فحمة ولا يتكلم به.
أمر عليه الصلاة والسلام بالاستعاذة من الشيطان الرجيم وأن يقرأ الإنسان: {{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *اللَّهُ الصَمَدُ *لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ *} {اللَّهُ الصَمَدُ *لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ *}} [(19)] [الإخلاص: 1 ـ 4] .
ثم أرأيت قوله - صلّى الله عليه وسلّم -لمن ابتلي بالوسوسة حيث أعطاه كلمتين تحجبان عنه كل وساوس الشيطان، فقال: «لا يزالون يتساءلون من خلق كذا من خلق كذا، من خلق كذا» أي: لا يزال الشيطان يقول للإنسان: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فليستعذ بالله ولينته» [(20)] أي: ليستعذ بالله من شر الشيطان ووساوسه، ولينته أي: ليعرض عنه، والفطرة تدلك أن الخالق هو الله، وبذلك ينقطع ويحسم الشر والوساوس.

هاتان الكلمتان لو أن الفلاسفة والمتكلمين جمعوا عدة ورقات ما اهتدوا إلى ما يدل عليه هذا الكلام المختصر، بل تجد الفلاسفة لمَّا تكلموا على مسألة التسلسل ملؤوا الصفحات كلاماً هراء لا تخرج منه بفائدة.
ثم أرأيت قوله - صلّى الله عليه وسلّم - : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» [(21)] كلام قليل لكن يتضمن معاني كثيرة.

(جوامع الكلم) : وإنما اختير هذا اللفظ في هذه المنظومة لأن هذه المنظومة تشتمل على القواعد والأصول، والقواعد والأصول من جوامع الكلم في الواقع، لأن القاعدة تشتمل على أشياء كثيرة، بألفاظ قليلة.
إذاً فالرسول - صلّى الله عليه وسلّم - أعطيَ جوامع الكلم، ولا ينافي هذا أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أحياناً يسهب في المقال ويقول قولاً موسعاً، وذلك في الحال التي تقتضي ذلك، لأن لكل مقام مقالاً.

فالنبي - صلّى الله عليه وسلّم - من حيث الأصل قد أعطيَ جوامع الكلم، ولكنه أحياناً يسهب لدعاء الحاجة إلى ذلك.
كما نجد في القرآن الكريم الآيات التي نزلت في مكة غالبها الاختصار والجمع، والآيات التي نزلت في المدينة الغالب فيها البسط والاتساع، لأن لكل مقام مقالاً.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
____________

[10] هو قطعة من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -. أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة (797)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة (402/55).
[11] هو قطعة من الحديث السابق.
[12] هو قطعة من حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه -. أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي -صلّى الله عليه وسلّم - (5996)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي - صلّى الله عليه وسلّم - بعد التشهد (406/66).
[13] أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة (1426)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب الدعاء لمن أتى بصدقة (1078/176)، من حديث عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -.
[14] هو قطعة من حديث طويل. أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل السجود (773)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية (182/299)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[15] أخرجه البخاري في كتاب التعبير، باب المفاتيح في اليد (6611)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (523/5)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[16] أخرجها عبد الرزاق في «المصنف» (20062)، ومن طريقه الهروي في «ذم الكلام» (3/96 رقم 591)، والبيهقي في «الشعب» رقم (5202)، من طريق أيوب عن أبي قلابة أن عمر - رضي الله عنه ـ فذكر قصة ـ وفيه: فقال النبي - صلّى الله عليه وسلّم -: «إنما بعثت فاتحاً وخاتماً، وأعطيت جوامع الكَلِم وخواتمه، واختصر لي الحديث اختصاراً، فلا يهلكنكم المتهوكنون».
[17] أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله - صلّى الله عليه وسلّم - : «إنما الأعمال بالنية...» (1907/ 155)، من حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -.
[18] أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة وردّ محدثات الأمور (1718/18)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
والحديث عند البخاري تعليقاً، في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ...
وأصل الحديث متفق عليه، بلفظ آخر عنها وهو: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ».
[19] دمج الشيخ -رحمه الله - بين حديثين: الأول: حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: «يوشك الناس أن يتساءلوا بينهم، حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله عزّ وجل؟ فإذا قالوا ذلك، فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحداً، ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً، وليستعذ بالله من الشيطان». أخرجه أبو داود في كتاب السنّة، باب في الجهمية (4722) وهو صحيح بشواهده وطرقه، وأصله عند البخاري ومسلم.
الثاني : حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلاً أتى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقال : يا رسول الله ! إن أحدنا يجد في نفسه ـ يعرض بالشيء ـ لأن يكون حُمَمَةً أحبّ إليه من أن يتكلم به، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - : «الله أكبر، الحمد لله الذي ردّ كيده إلى الوسوسة». أخرجه أحمد (1/235). وأبو داود في كتاب الأدب، باب في ردّ الوسوسة (51112). وإسناده صحيح على شرط الشيخين. ولهما شواهد وألفاظ غير ما ذكرنا عند البخاري ومسلم.
[20] أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده (3102)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (134/214)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[21] هو قطعة من حديث أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (10)، من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام، وأي أموره أفضل؟ (40/64) نحوه، وأخرج لفظه من حديث جابر - رضي الله عنه - (41/65).


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 05-13-2012, 02:35 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ .

شرح منظومة أصول الفقه

تتمـــــّـــــــة.

ثم بيّن من الذي أعطيَ جوامع الكلم، فقال :

4 ـ محمدِ المبعوثِ رحمةَ الوَرَى *** وخيرِ هادٍ لجميعِ مَنْ دَرَى

قوله: (محمد المبعوث) : (محمد) : هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي صلّى الله عليه وآله وسلّم. و (محمد) : علم من أسماء النبي - صلّى الله عليه وسلّم -، وله أسماء متعددة، منها في القرآن: محمد وأحمد.
قال - تعالى - : {{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ}} [الفتح: 29] {{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ}} [آل عمران: 144] {{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}} [الصف: 6] وسبحان الله ! الذي ألهم عيسى - عليه السلام - أن يقول أحمد بدلاً من محمد، لأن أحمد اسم تفضيل يدل على أنه أحمد الناس لله، وعلى أنه أحق الناس أن يحمد، لأنه يخاطب بني إسرائيل، حتى يعرف بنو إسرائيل فضل النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وقدره قبل أن يبعث ولا يفضلوا عليه أحداً.
(محمَّد) : مُفَعَّل لكثرة محامده - عليه الصلاة والسلام -، فإن محامده تفوق محامد الناس بكثير.
(المبعوث) : أي المرسل، والبعث هو الإرسال.
قال الله - تعالى - : {{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً}} [النحل: 36] والباعث هو الله - عزّ وجل - .
وقوله : (رحمة الورى) : رحمة هنا مفعول من أجله عاملها المبعوث. قال الله - تعالى - : {{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ *}} [الأنبياء: 107]. فهو مبعوث ومرسل لرحمة الخلق أي: ليرحم الله الخلق برسالته.
(الورى) : هم الخلق وقد أُرسل النبي - صلّى الله عليه وسلّم - إلى الإنس والجن عامة إلى يوم القيامة، وكان غيره من الأنبياء يبعث إلى قومه خاصة.
وقوله: (وخير هاد) : هذه صفة لمحمد - صلّى الله عليه وسلّم -، لا شك في هذا، أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - خير الهداة، فهو أهدى الناس سبيلاً، وهو أقوم الناس في الدعوة إلى الله - عزّ وجل - .
و (هاد) : اسم فاعل من الهداية وهي هنا بمعنى الدلالة، وليست بمعنى التوفيق، لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - يدل الخلق إلى الحق، ولا يوفقهم للحق، إذ التوفيق للحق بيد الله - عزّ وجل - ، كما قال - تعالى - : {{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}} [القصص: 56].

والهداية عند أهل العلم قسمان:

1 ـ هداية دلالة وإرشاد، وهذه تكون للرسول - صلّى الله عليه وسلّم - ولغيره، كما هي لله تعالى أيضاً، ومن أمثلتها قوله - تعالى - : {{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ}} [الشورى: 52] وقوله - تعالى - : {{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}} [السجدة: 24] .
2 ـ هداية توفيق، وهذه لا تكون إلا لله، ومن أمثلتها قوله - تعالى - : {{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}} [القصص: 56] .
إذاً (خير هاد) أي: دال.
قوله: (لجميع من درى) : أي: من كان ذا دراية وعلم، فإنه يعرف هداية النبي - صلّى الله عليه وسلّم له -. أما الأعمى الذي أعمى الله قلبه وبصيرته، والعياذ بالله، فهذا لا يدري عن هداية النبي - صلّى الله عليه وسلّم -، بل قد ينكرها.
ولذلك قال الله - تبارك وتعالى - : {{وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ *إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلينَ *كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ *}} [المطففين: 12 ـ 14].
هذا يقول عن القرآن العظيم الذي فيه أعظم الهداية:
إنه أساطير الأولين، فأبطل الله قوله بقوله : {{كَلاَّ}}، فالعلة إنما هي في قلب هذا الرجل حيث {{رَانَ}} على قلبه ما كان يكسب.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-13-2012, 02:48 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه

تتمـــــّـــــــة.

5 ـ
وبعدُ فالعلمُ بحورٌ زاخِرَهْ *** لنْ يبلغَ الكادحُ فيه آخرَهْ

قوله: (وبعد) : أي: بعد ما ذكر من الثناء على الله، والصلاة على نبيه - صلَّى الله عليه وسلم -.
قوله: (فالعلم) : الفاء رابطة لشرط مقدّر أي: مهما يكن من شيء بعد ذلك فالعلم هو الذي يقع بعد.
وقوله: (العلم) يشمل جميع العلوم، علم الشريعة، علم اللغة، علم الهندسة، علم الصنائع.
كلها (بحور زاخرة) أي: واسعة لا يصل الناس إلى غايتها.
قال الله - تعالى - : {{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}} [الإسراء: 85].
ولهذا الآن يترقى العلم في الصناعات ترقياً يَبْهرَ، وبالمقارنة ما بين هذه السنة مثلاً وقبل عشر سنوات نجد الفرق العظيم، وكذلك العلم الشرعي بحور، فرجل ابتدأ طلب العلم يحفظ ـ مثلاً ـ مائة مسألة، ورجل آخر قد بلغ في العلم مبلغاً يعرف ألف مسألة، حسب ما أعطاه الله - عزّ وجل - من العلم والفهم.

ومع ذلك مهما بلغ الإنسان فإنه قاصر، ولن يبلغ آخره، حتى العلماء الجهابذة لا يصلون إلى منتهى العلم أبداً.
فالعالم الذي بلغ من العلم مبلغاً كبيراً قد تأتيه المسألة فيتوقف فيها، كما يوجد في كتب العلماء السابقين، تجده يحكي خلافاً مثلاً من دون ترجيح يعني : أنه متوقف، وإلا كان الواجب عليه أن يرجّح، لأجل أن يبلّغ الناس علمه.
قوله: (لن يبلغ الكادح فيه آخره) : الكادح هو العامل المجد المجتهد في العمل لا يمكن أن يبلغ آخر العلم.
وهذا هو الواقع، وهو الذي يدل عليه قوله - تعالى -: {{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}} [الإسراء: 85] وقول الله - تعالى - : {{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}} [يوسف: 76] حتى يَنْتَهِي إلى عالم الغيب والشهادة جلّ وعلا.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 05-13-2012, 02:57 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه.

تتمـــــّـــــــة.

ولكن الناظم استدرك أشياء تقرّب العلم وتجمعه، فقال:

6 ـ لكنَّ في أصولِهِ تَسْهِيلا *** لنَيْلِهِ فاحرصْ تجدْ سبيلا.

يعني : أنه من نعمة الله - عزّ وجل - أن جعل لهذه البحور الزاخرة أصولاً تسهل نيلها، وهذه الأصول هي القواعد والضوابط، وليست هي الأصول المذكورة في أول هذه المقدمة، لأن الأصول المذكورة في أولها هي الأدلة التي يعتمد عليها في فهم الأحكام، أما هنا فالمراد بالأصول القواعد والضوابط التي تجمع شتات العلم.
قوله: (لكن في أصوله) : أي: أصول العلم (تسهيلاً لنيله) ؛ لأن الإنسان إذا عرف الأصل بنى عليه مسائل كثيرة. فالأصول تجمع لك مسائل كثيرة في كلمتين يسيرتين.
نضرب لذلك مثلاً:إذا شك الإنسان في طهارة الماء أو نجاسته، فالأصل الطهارة. فكلما جاءت مسألة مثل هذه، فابن على هذا الأصل.
جاءك رجل يقول: أنا عندي إناء فيه ماء أصفر اللون. تقول له: الماء طاهر، لأن الأصل الطهارة.
وجاءك شخص آخر يقول: وجدت في ثوبي بقعة لا أدري أنجاسة هي أم لا؟ تقول: الأصل الطهارة..
فأنت إذا عرفت الأصول، وهي أن الأصل في الأشياء الطهارة فرّعت عليها مسائل لا يحصيها إلا الله، فعلى طالب العلم أن يستنبط الأصول من كلام أهل العلم.
ومن الأصول وإن كانت ليست أصولاً واسعة، ما تجدونه في كلام الفقهاء من التعليلات. فهي في الحقيقة أصول لأنها موجبات الحكم، فهي أدلة من جهة، وهي أيضاً تشمل مسائل كثيرة.

أرأيتم قول الله - عزّ وجل - : {{قُلْ لاَ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}} [الأنعام: 145] نأخذ من هذا التعليل أن كل رجس حرام، لأن الله علل تحريم هذه الأشياء بأنها رجس. فأخذنا من هذا قاعدة (أن كل نجس حرام).
وليس كل حرام نجساً، فهذا الحرير مثلاً حرام على الرجل وليس بنجس. والمغصوب حرام وليس بنجس.. والسم حرام وليس بنجس.. وهكذا.
إذاً التعليلات التي يعلل بها الفقهاء هي في الحقيقة بمنزلة القواعد.
أنا أذكر في زمن الطلب أني كنت أتتبع شرح ابن دقيق العيد على عمدة الأحكام [(22)]، لأن هذا الشرح من أعظم الشروح في مسألة الرجوع إلى القواعد الأصولية، وإن كان من جهة الأحكام، ومن جهة الكلام على الألفاظ ليس بذاك الواسع، لكنه في الحقيقة من جهة القواعد الأصولية والفقهية يعتبر مرجعاً.
كنت أتتبع هذا الشرح كلما وجدت فيه قاعدة كتبتها واستفدت من ذلك.
كذلك بعض طلبة العلم تتبع الروض المربع شرح زاد المستنقع، وكلما ذكر تعليلاً قيّده، فصار يستفيد من هذا...
المهم أن القواعد مفيدة لطالب العلم، وهناك من طلبة العلم من يهتم بحفظ المسائل فقط دون القواعد، فتجد أن عنده قصوراً عظيماً، إذا جاءته مسألة خارجة عما كان يحفظ توقف، لا يعرف كيف يصرفها، لأنه ليس عنده قاعدة، لكن الذي عنده قاعدة يرد جزئيات المسائل إلى أصولها، وينتفع انتفاعاً كثيراً.
قوله: (لنيله فاحرص تجد سبيلاً) : أي: احرص على هذه الأصول تجد سبيلاً للوصول إلى العلم وإلى إدراك العلوم.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
_________

[22] المسمّى «إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام».
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 05-13-2012, 06:33 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه.

تتمـــــّــــــة

اغْتَنِمِ القواعدَ الأصُولا *** فمَنْ تَفُتْهُ يُحْرَمِ الوصولا.

قوله: (اغتنم) : أي: اطلبها على أنها غنيمة، وعلى أنك أدركتها إدراك المجاهد للغنيمة، وهذا يدل على الحرص على إدراكها من وجه، والحرص على إبقائها من وجه آخر.

قوله: (القواعد الأصولا) : يعني: القواعد الأصولية التي تكون أصلاً، سواء في باب الفقه أو في باب أصول الفقه. والقواعد جمع قاعدة، وهي: ما ينبني عليه غيره، كالأصل للجدار الذي يسمى قاعدته.
(الأصولا) : عطف بيان للقواعد أو نعت، والمعنى: أن القواعد هي الأصول أي: أصول العلم.

لكن قد تجد في هذه المنظومة أشياء ليست من القواعد ولكنها ضوابط، فيقال: الحكم على الأغلب، فغالب ما في هذه المنظومة قواعد، وألحقت بها بعض الضوابط.

وهنا يجب أن نعرف الفرق بين القاعدة وبين الضابط:

القاعدة:
عبارة عن جملة من القول تشمل أنواعاً من العلم.
والضابط: عبارة عن جملة من القول تشمل أفراداً من العلم.
فالضابط: يكون في مسألة واحدة، لكن يضبط أفرادها، مثل أن تقول: يجري الربا في كل مكيل. هذا ضابط، لأنه إنما يجمع أفراداً في شيء معيّن، لكن القاعدة أن تقول: كل أمين فقوله مقبول في التلف.

هذا يشمل أشياء كثيرة من أنواع مختلفة في العلم، فهذا هو الفرق بين القاعدة والضابط، وهنا نقول: اغتنموا قواعد الأصول.

قوله: (فمن تفته يحرم الوصولا) : (تفته) فعل الشرط مجزوم، و (يحرم) جواب الشرط مجزوم أيضاً، لكن حُرِّكَ بالكسر لالتقاء الساكنين.
(من تفته) : أي: هذه القواعد والأصول فلم يدركها (يحرم الوصولا) ، أي: يمنع الوصول إلى المقصود، وهو العلم، وهذه قاعدة عند العلماء، يقولون: «من حرم الأصول حرم الوصول» وصدقوا.

لذلك ينبغي لنا أن نحرص على معرفة القواعد، وعلى معرفة ما تتضمنه، وأن نتباحث فيها، وأن نسأل من هو أعلم منا حتى نحصل على المقصود منها بنّية وإخلاص وحسن أداء، لأن من تفته الأصول يأخذ العلم مسألة مسألة دون أن يكون له أصل يبني عليه، فيختل علمه ويتبدد فكره، وينسى هذه المسائل، أما الأصل فيبني عليه غيره ويتفرع عليه أشياء كثيرة.

والألف في قوله: (الأصولا) وفي قوله: (الوصولا) للإطلاق، أي: لإطلاق الروي، وهذا مستعمل كثيراً في النظم.


يُتبَع -إن شاء الله تعالى
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 05-13-2012, 06:47 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه

تتمــــــّـــــة.

8 ـ
وهاكَ مِنْ هذِي الأصولِ جُمَلا *** أرجو بها عالِي الجنانِ نُزُلا

قوله: (وهاك من هذي الأصول) : هاك: اسم فعل بمعنى خذ، والفرق بين اسم الفعل والفعل أنه إن تغير بإسناده إلى ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة فهو فعل.
وإن لم يتغير فهو اسم فعل، فمثلاً: (هاك) اسم فعل، لأنه لا يتغير إذا خاطبت به الواحد والاثنين والجماعة. وإنما يتغير كاف الخطاب فقط.

صَهْ : اسم فعل، لأنك تخاطب الرجل فتقول: صه، وكذا المرأة، وتخاطب الاثنين فتقول: صه، وكذا الجمع.

وهل يُقال: (صهْ) أو (صهٍ)؟.

فيه تفصيل: إن كنت أريد أن يسكتَ مُطلقاً أقول: صهٍ.
وإن كنت أريد أن يسكت عن شيء معين أقول: صَهْ.

(هاك) : الخطاب لكل من يقرأ هذه المنظومة.
(من هذي الأصول جملا) : من للتبعيض، يعني: أننا لم نأت بجميع الأصول، وإنما أتينا منها بجمل.
قوله: (جملا) : جمع جملة، والمراد بذلك الشيء الذي تحصل به الكفاية.
قوله: (أرجو بها) : أي: أسأل الله بهذه الأصول أو بهذه الجمل من الأصول (عالي الجنان) أي: العالي منها، وهي الفردوس، ـ أسأل الله أن يجعلنا من أهلها ـ وأصلها (عالي الجنان) لكنها خففت الياء للوزن، ثم حذفت لفظاً لالتقاء الساكنين.

والجنان : جمع جَنَّة، وهي في الأصل البستان الكثير الأشجار، كما في قوله تعالى: {{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأِحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا *}} [الكهف: 32].
لكنها إذا أريد بها جزاء المؤمنين المتقين فهي دار الخلد التي أعدها الله تعالى لأوليائه المتقين، وفيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، كما قال الله - تعالى - في القرآن: {{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *}} [السجدة: 17] .

وقال - تعالى - في الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»[(23)] .
(نزلا) : أي: منزلاً أو ضيافة.

وهل يمكن للإنسان أن يرجو شيئاً بدون فعل الأسباب التي توصل إليه؟.
الجواب: لا يمكن، لأن الرجاء لا بد له من سبب، ولهذا من رجا شيئاً بدون عمل، فإنه متمنٍ وليس براجٍ.

وروي عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنه قال: «الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنّى على الله الأماني» [(24)] .
وعلى هذا فمن رجا الجنان فليعمل لها، ومن خاف من النار، فليعمل العمل الذي ينجيه من النار. وأما أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأنت معرض غير قائم بأمر الله، ولا مُنتهٍ عما نهى الله، فهذا ليس بصواب، بل هذا أشبه ما يكون بالاستهزاء، كما أن الرجل لو قال: اللهم ارزقني ولداً ولم يتزوج لعدّ ذلك سفهاً، وهذا من الاعتداء في الدعاء.


يُتبَع -إن شاء الله تعالى
_______

ـ[23] أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة (3072)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (2824/2)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
ـ[24] أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (4/124)، والترمذي في كتاب صفة القيامة (2459)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له (4260)، من حديث شدّاد بن أوس - رضي الله عنه -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 05-13-2012, 07:44 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه

تتمــــــّـــــة.

9 ـ
قواعداً مِنْ قولِ أهلِ العلمِ *** وليس لي فيها سِوَى ذا النظمِ

قوله: (قواعداً) : عطف بيان لقوله: (جملا)، وكلمة «قواعد» ممنوعة من الصرف ولكنها صرفت هنا لأجل النظم ولهذا قال ابن مالك - رحمه الله - :

ولاضطرارٍ أو تناسبٍ صُرِفْ *** ذو المنعِ والمصروف قد لا ينصرف. [(25)]

وقال الحريري - رحمه الله - :

وجائز في صنعة الشعر الصَّلف *** أن يصرف الشاعر ما لا ينصرف. [(26)]

ويجوز أن تقول (قواعدُ) يعني: هي قواعدُ على أنها خبر لمبتدأ محذوف.
قوله: (قواعداً من قول أهل العلم) : يعني: أن الناظم تتبع من أقوال أهل العلم ما استطاع، ثم أخذ من هذه الأقوال قواعد ونظمها في هذه الأبيات.

قوله: (وليس لي فيها سوى ذا النظم) : يعني: ما جئت بها من عندي، إنما أتيت بالنظم، والكلام لأهل العلم، فالفضل في هذه القواعد لله - عزّ وجل - ثم لأهل العلم الذين سبقونا، ودائماً يقولون : كم ترك الأول للآخر؟! وفي هذا يقول الشاعر العربي :

ما أُرانا نقول إلا مُعاراً *** أو معاداً من قولنا مكروراً. .[(27)]

وهذا من الإنصاف أن يعترف الإنسان لأهل الفضل بفضلهم، وأنه استعان بأهل العلم في علومهم.
هذا هو خلاصة المقدمة التي تشتمل على هذه الأبيات التسعة.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.

________

ـ[25] ألفية ابن مالك باب ما لا ينصرف.
ـ[26] ملحة الإعراب ـ باب ما لا ينصرف ـ (ص64) ط: دار الصميعي.
ـ[27] انظر: شرح ديوان كعب بن زهير ـ علي فاعور ـ (ص26) ط: دار الكتب العلمية.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 05-14-2012, 07:45 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

شرح منظومة أصول الفقه

تتمــــــّـــــة.

القواعـــــــــد والأصــــــــول

القواعد والأصول
هذا عنوان لما سيذكر بعد من القواعد الفقهية والأصولية. وقد مرّ بنا الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية [(28)].

10 ـ الدينُ جاءَ لسعادةِ البَشَرْ *** ولانتفاءِ الشرِّ عنهم والضَّرَرْ
هذه القاعدة في الشريعة الإسلامية أنها جاءت لسعادة البشر، ولانتفاء الشر عنهم والضرر في الدنيا والآخرة.
وهذان هما الأمران اللذان تدور عليهما شريعة النبي - صلّى الله عليه وسلّم -. تحصيل المصالح كاملة أو وافرة، وتقليل المفاسد أو إعدامها، أي: درء المفاسد وجلب المصالح، وهذه هي القاعدة العامة في دين الله - عزّ وجل ، ودين هذا شأنه جدير بأن يهتم به الإنسان ويعتنقه ويدعو إليه ويؤيده.

لهذا قال الله - عزّ وجل - في كتابه العظيم : {{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ *}} [ص: 29]. وقال - تعالى - : {{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}} [يونس: 26] وقال - تعالى -: {{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً *}} [الكهف: 30] وقال - عزّ وجل - : {{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}} هذا سعادة الدنيا {{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}} [النحل: 97] هذا سعادة الآخرة. والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وفي الحديث عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنه قال: «لا ضرر ولا ضرار» [(29)]. يعني: أنه ليس في دين الإسلام ضرر، وليس فيه أيضاً مضارة، بل هو الدين الكامل الذي بُعِثَ به محمد - صلّى الله عليه وسلّم -. إذ إنه جاء لسعادة البشر، ولانتفاء الشر عنهم والضرر.

وهذه القاعدة أخذ منها العلماء مسائل كثيرة.

منها: ما زعمه بعض الأصوليين من الأصل الخامس وهو: المصالح المرسلة. والحقيقة أن هذا الأصل لا يخرج عن بقية الأصول، لأن هذه المصالح إن شهد الشرع لها بالصحة، فقد ثبتت بالشرع: الكتاب أو السنّة، وإن لم يشهد لها بالصحة فليست مصالح، وإن زعم قائلوها أنها مصالح.

مثال ذلك: لو قال قائل: نحن إذا جعلنا عيداً لمناسبة المعراج ـ معراج النبي - صلّى الله عليه وسلّم ـ كان في ذلك مصلحة، وهي أن المسلمين يتذكرون هذه المناسبة العظيمة، عروج النبي - صلّى الله عليه وسلّم - إلى السماء، وفرض الصلوات الخمس عليه، ومكالمته الرب عزّ وجل. فهذه مناسبة عظيمة ينبغي أن يكون لها في حياتنا دور نتذكرها كل سنة، هكذا يقول بناءً على المصالح المرسلة...
فنقول له: ما ادعيت أنه مصلحة فليس بمصلحة، لأننا نعلم أنه لو كان مصلحة لجاء الدين به، فلما لم يجئ به الدين علم أن دعوى أنه مصلحة ما هي إلا وهم وخيال [(30)].إذاً يُرجع في تحقيق المصالح والمفاسد إلى الشرع، الكتاب والسنّة، لا إلى الذوق، ولا إلى الرأي، ولا إلى الخيال. ونعلم أن ما أمر به فهو مصلحة، وما نهيَ عنه فهو مفسدة.

والغاية من ترك المحظورات هي السعادة ولهذا قال: (جاء لسعادة البشر) اللام للتعليل والسعادة ضد الشقاء، والبشر: الإنسان لأن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - أُرسِلَ إلى الناس كافة.

فهل يخرج من ذلك الجن لأن الجن ليسوا بشراً، بدليل قوله تعالى: {{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا}} [الفرقان: 54] والجن لم يخلقوا من الماء وإنما خلقوا من النار؟.

فالجواب: أن الجن لم يبعث إليهم رسول على وجه التكليف بالرسالة إليهم، وإنما كانوا يأخذون من بعض الشرائع ما يأخذون، كما يدل على ذلك قوله تعالى عن الجن: {{إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ}} [الأحقاف: 30]. فإن هذا يدل على أنهم كانوا يتعبدون بشريعة موسى، لكن موسى - عليه السلام - لم يرسل إليهم. والدليل على أنه لم يرسل إليهم قوله - صلّى الله عليه وسلّم - : «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» [(31)]، والجن ليسوا من قومه.
وكلمة البشر لا تُخْرج الجن بالنسبة لرسالة محمد - صلّى الله عليه وسلّم -، لأن رسالته جاءت لسعادتهم أيضاً. ولهذا فإن القول الصحيح: أن صالحي الجن يدخلون الجنة.
وقد دل على ذلك عدة أدلة منها: قوله تعالى في نساء أهل الجنة: {{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ}} [الرحمن: 56].
ومنها: عموم قوله - تعالى - : {{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ *}} [الرحمن: 46] مع أن الخطاب في السورة كلها للجن والإنس.

وقد اختلف العلماء في الجن هل منهم رسول أو نبي أو لا؟ فقال بعضهم: إن فيهم ذلك. والأظهر أن الجن ليس فيهم رسول بدليل قوله تعالى: {{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}} [الحديد: 26] ، والجن ليسوا من ذرية نوح ولا إبراهيم.
وأما قوله تعالى: {{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}} [الأنعام: 130] فالخطاب للمجموع لا باعتبار الجميع، واستدل بعضهم بقوله تعالى: {{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ}} [يوسف: 109] لأن الجن يسمون رجالاً؛ قال تعالى: {{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ}} [الجن: 6] .
ولكن هذا الدليل ليس بواضح، وأصرح ما في المسألة أن الله جعل النبوة في ذرية نوح وإبراهيم عليهما السلام.

وهل تكليف الجن كتكليف الإنس؟.

الجواب: قال بعضهم: نعم، لأن رسالة محمد صلّى الله عليه وسلّم لا تختلف، الأمر واحد، والنهي واحد، فما كلف به الجن كالذي كلف به الإنس.
ومنهم من قال: لهم شريعة خاصة تناسب حالهم، لأن الإنس لهم شرائع خاصة تناسب أحوالهم، فالمريض يصلّي قائماً فإن عجز فقاعداً، والفقير لا زكاة عليه، ومن لا يستطيع الوصول إلى مكة لكبر لا حج عليه، ومن لا يستطيع الصوم فلا صوم عليه، وإذا كان الشرع فاوت بين البشر في التكليف لاختلاف أحوالهم، فاختلاف التكليف بين الجن والإنس من باب أولى.
وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنهم لا يساوون الإنس في الحقيقة، فكذلك لا يساوونهم في التكليف [(32)].
وهذا القول بالنسبة للحكمة والتعليل واضح، ولكنه يصطدم بأن أدلة الكتاب والسنّة عامة، ولا نعلم أن الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - كان يجتمع بهم كل حين يعلمهم الشرائع الخاصة بهم، فالأسلم أن نقول: الله أعلم، هم مكلفون ولا شك، وملزمون بشريعة محمد - صلّى الله عليه وسلّم -. أما كيف يؤمرون وينهون فنفوض علم ذلك إلى الله.
إذاً شرع محمد- صلّى الله عليه وسلّم - جاء لسعادة الجن كما أنه جاء لسعادة البشر، ولا يُستثنى من ذلك أحد. وفي سورة الجن ما يدل على أن منهم الصالحين ومنهم دون ذلك، وأن منهم المسلمين ومنهم القاسطين.
قوله: (ولانتفاء) يعني وجاء أيضاً لانتفاء (الشر عنهم والضرر) : الشر ضد الخير، والضرر ضد النفع.
هذه قاعدة مستقلة، وهي انتفاء الضرر في الشريعة الإسلامية (الضرر في الشريعة الإسلامية مدفوع ومرفوع).
المدفوع: يكون قبل نزوله.
والمرفوع: يكون بعد نزوله.
فالشرع لا يمكن أن يقرّ ضرراً، بل ينفي الضرر مهما كان. قال النبي - صلّى الله عليه وسلّم - : «لا ضرر ولا ضرار» [(33)].
وقال - صلّى الله عليه وسلّم - : «من ضار ضار الله به» [(34)]. إذاً لا ضرر في الإسلام.

ويتفرّع من هذه القاعدة فروع كثيرة، منها مثلاً:

ـ لو كان لك جار وصار يؤذيك بصوت الأغاني والمزامير والمعازف، أو كان يؤذيك بالطرق، أو كان قرب جدارك شجرة يضرك بسقيها، فهل لك الحق في مطالبته برفع ذلك؟.

الجواب: نعم، لك الحق في مطالبته برفع ذلك، لأنه لا ضرر، حتى إن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يمنعنّ جار جاره أن يغرز خشبة» أو قال: «خشبه في جداره» [(35)] . ولهذا نقول: إن الجار لا يجوز أن يتعدى على جاره بأذية ولا بضرر.

ـ ومن انتفاء الشر والضرر ما يكون أدنى من ذلك؛ فإذا أكل الإنسان بصلاً أو ثُوماً فإنه لا يُمَكَّن من دخول المساجد دفعاً لأذيته. وهذه الأذية ربما تحدث ضرراً، كما لو كانت الرائحة الكريهة قوية، فإن الذين يُصلّون سوف تشوش عليهم هذه الرائحة، حتى إن بعض الناس إذا صف إلى جنبه من أكل الثوم أو البصل قطع صلاته، وذهب إلى الجانب الثاني.
إذاً يُمنع من أراد دخول المساجد وفيه رائحة البصل أو الثوم، حتى إنه في عهد النبي - صلّى الله عليه وسلّم - كانوا يخرجونه من المسجد إلى البقيع [( 36)]

والدخان معروف أنه حرام، ومعروف أنه ضار وخانق لكثير من الناس، وأراد أحدهم أن يشربه في هذا المكان، فإن الشرع ينهاه عن ذلك ويمنعه، ولنا الحق في أن نمنعه ولو بالقوة إذا كنا نستطيع ذلك، إلا إذا كان المكان له فإننا نغادره، لأن في شربه ضرراً دينياً وبدنياً، دينياً لأنه سيوقعنا في معصية، لأن حاضر المعصية كالعاصي، كما قال تعالى: {{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَىءُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}} [النساء: 140] .
والضرر البدني ظاهر، كثير من الناس ينخنق من الدخان انخناقاً شديداً ويتضرر.
ـ إلقاء ما يؤذي في الطرقات، من شوك أو مسامير أو زجاج أو قشور موز أو غيره حرام حتى إن العلماء - رحمهم الله قالوا - : لو وضع قشور بطيخ أو موز أو ما أشبه ذلك، ثم عثر به إنسان فتلف فعليه ضمانه، أي: تجب عليه الدِّية كاملة والكفّارة، وإذا عثر به حيوان كالبعير مثلاً وانكسر، فعليه ضمان هذا البعير، لأن الضرر ممنوع شرعاً.
ـ لو أن شخصاً بنى إلى جنبك بيتاً، وجعل له فرجات يكشفن بيتك، فهذا ضرر، لأنه سيمنعك من كمال الاستمتاع بالبيت، لا تستطيع أن تخرج النساء إلى الفناء، ولا يستطيع الإنسان أن يعمل أشياء في بيته، مما لا يحب أن يطّلع عليها الناس، فيمنع من هذه الفرجات إلا أن يجعل حائلاً يمنع من المشارفة (أي: الاطلاع على جاره).

وبناء على ذلك قال العلماء - رحمهم الله - : يلزمُ الأعلى سُتْرةٌ تمنع مُشَارَفة الأسفل، حتى وإن لم يكن إلى جنبه، ما دام مشرفاً عليه، وحتى لو فرض أن النظام لا يمنع ذلك، فإن الشرع يمنعه.
ولا يحل لأحد أن يستعمل النظام ضد أحد فيما يخالف الشريعة، فكل نظام يخالف الشريعة، فهو نظام باطل. قال الله تعالى: {{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}} [المائدة: 50] .
وكما أن الضرر مرفوع ومدفوع فيما بين الناس، فهو أيضاً مدفوع ومرفوع فيما يتعلق بحق الرب عزّ وجل.
ـ لو أن الإنسان تضرر من استعمال الماء في الطهارة، نقول له: تيمّم، وجوباً وليس رخصة، لأن الضرر ممنوع شرعاً. قال الله تعالى: {{وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}} [النساء: 29] وهذه الآية استدل بها عمرو بن العاص - رضي الله عنه - حين تيمّم من الجنابة ولم يغتسل، لأن الليلة كانت باردة وخاف على نفسه، واستدل بهذه الآية، وأخبر النبي - صلّى الله عليه وسلّم - بذلك فضحك إقراراً [(37)] له على ذلك.
ـ لو قال قائل: أنا إذا سجدت تضررت لأنني أجريت عملية جراحية في عيني، فماذا نقول له؟.

الجواب: نقول له: لا تسجد، يجب أن تومي إيماء، لأن الضرر منتفٍ شرعاً.
هذا أصل من أصول الإسلام؛ أنه جاء لجلب المصالح ودفع المضار، وأنه (جاء لسعادة البشر، ولانتفاء الشر عنهم والضرر) .
__________

[28] انظر ذلك في بداية الشرح ص27.
ـ[29] أخرجه أحمد (1/313)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (2341)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -. وفيه جابر الجعفي والجمهور على ضعفه.
وللحديث طرق وشواهد كثيرة لكنها كلها لا تخلو من ضعف، لكن بمجموعها يتقوى الحديث كما قال النووي في «الأربعين» (ص23)، وأقرّه على ذلك الحافظ ابن رجب - رحمهما الله تعالى -.
قال أبو عمرو بن الصلاح كما في «جامع العلوم والحكم» (ص266): «مجموعها يقوّي الحديث ويحسّنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به».
ـ[30] وسيأتي الكلام أيضاً على المصالح المرسلة بإذن الله في شرح البيت التاسع والعشرين.
ـ[31] أخرجه البخاري في كتاب التيمم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة (521/3)، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
إلاّ أن مسلماً قال: «... وبعثت إلى كل أحمر وأسود».
ـ[32] الاختيارات الفقهية ـ البعلي ـ (ص106)، ط: دار العاصمة.
ـ[33] سبق تخريجه ص50.
ـ[34] أخرجه أحمد (3/453) وأبو داود في كتاب الأقضية، باب من القضاء (3635)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الخيانة والغش (1940)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (2342)، من حديث أبي صرمة - رضي الله عنه -.
ـ[35] أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب لا يمنع جاره أن يغرز خشبة في جداره (2331)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب غرز الخشب في جدار الجار (1609/136)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
ـ[36] أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوها (567/78)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولفظه: «أن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة.. قال: ثم إنكم أيها الناس، تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين، هذا البصل والثوم، لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد، أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلها فليمتها طبخاً».
ـ[37] قصة صلاة عمرو بن العاص رضي الله عنه إماماً وهو جنب بعد أن تيمّم. أخرجها أحمد (4/203 ـ 204)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب إذا خاف الجنب البرد وتيمم (334)، وصحّحه الحاكم والذهبي.
والحديث ذكره البخاري تعليقاً في كتاب التيمّم، باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو خاف العطش تيمّم. وقال الحافظ: «إسناده قوي».


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 05-14-2012, 10:58 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي شرح منظومة أصول الفقه لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ.

شرح منظومة أصول الفقه

تتمـــــّـــــــة.

11 ـ
فكلُّ أمرٍ نافعٍ قد شَرَعَهْ *** وكلُّ ما يَضُرُّنَا قد مَنَعَهْ

جميع ما شرعه الله - عزّ وجل - على لسان نبيه - صلّى الله عليه وسلّم - نافع، لكن منه ما يظهر نفعه ويأتي بيّناً لكل أحد، ومنه ما لا يظهر نفعه للخلق إلا بعد حين، لكن في النهاية يظهر أنه نافع.
والمراد بـ (شرعه) هنا أنه أَذِنَ فيه، فإن كان عبادة فهو مطلوب، وإن كان غير عبادة فهو مباح، فكل شيء فيه نفع فإن الشرع قد شرعه، إن كان عبادة فليتعبّد الإنسان به، وإن لم يكن عبادة فيتمتع به حيث أباحه الله عزّ وجل. قال - عزّ وجل - في وصف النبي - صلّى الله عليه وسلّم - : {{وَيُحِلُّ لَهُمُ الطِّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}} [الأعراف: 157] .
فالأكل والشرب والنكاح والبيع والشراء والإجارة والوقف والرهن، كل هذه نافعة، قد شرعها الله عزّ وجل قال الله - تعالى - : {{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ *}} [الملك: 15]، والصلاة والزكاة والصوم والحج والبر والصلة والصدق والأمانة، وما أشبه ذلك هذا أيضاً قد شرعه الله، لأن كل هذه الأشياء نافعة، الإيثار والتعاون على البر والتقوى، وإغاثة الملهوف وفك الأسرى وغير هذا كله نافع قد شرعه الله.

فإن قال قائل: يرد على هذه القاعدة أن الربا نافع، والقمار نافع، يربح الإنسان في الربا وفي القمار مرابح كثيرة. فما الجواب؟.

الجواب أن نقول: إن ما يحصل به من النفع، يحصل به أضعاف أضعافه من الضرر الدنيوي ومن الضرر الأخروي، فقد توعّد الله بالنار على أكل الربا. وأما الضرر الدنيوي فإن المأخوذ منه الربا يتضرر، لأنه ظُلِمَ.
وفي القمار كذلك: ربما يكون الإنسان غنياً كبيراً، ثم يكون فقيراً مهيناً، في ساعة واحدة، وهذا ضرر عظيم، وقد بيّن الله ذلك في قوله تعالى: {{وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}} [البقرة: 219] .
ـ وعلى هذا فركوب الطائرات ليس حراماً، وإن لم تكن على عهد النبي - صلّى الله عليه وسلّم - وأصحابه، لأنه نافع. وقد وجد جنسه على عهد الرسول - صلّى الله عليه وسلّم - وهي السفن البحرية، فالطائرات سفن جوية، وهذه سفن بحرية.
ـ لو قال قائل: الرافعات والآلات والمعدات الثقيلة وغيرها هذه ليست جائزة، لأنها لم تكن معروفة في عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم -، كانوا في عهد النبي - صلّى الله عليه وسلّم - يدوسون الحبّ على الحمير والإبل وما أشبه ذلك، والآن بهذه المكائن فماذا نقول؟
نقول: إن هذه من الأمور النافعة، والأمور النافعة قد شرعها الله - عزّ وجل -، طلباً إن كانت عبادة، وإباحةً إن كانت غير عبادة.

ـ ولو قال قائل: مكبر الصوت الذي يستعمل في الجمعة والمحاضرات وغيرها هل هو حرام، لأنه لم يكن على عهد النبي - صلّى الله عليه وسلّم -؟.

نقول: لا، ليس حراماً لأنه نافع، وكل نافع فقد شرعه الله، وربما نقول: إن له أصلاً في الشرع، فإن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - في غزوة ثقيف أمر العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - أن ينادي: يا أصحاب السمرة، يا أهل سورة البقرة [(38)]، لأنه كان جهوري الصوت، وكذلك في صلاته - صلّى الله عليه وسلّم - بالناس وهو مريض، حيث كان أبو بكر - رضي الله عنه -يبلّغ عنه [(39)]، فهذا أصل لاستعمال مكبر الصوت، وكذلك أمر أبا طلحة - رضي الله عنه - عام خيبر أن ينادي: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس [(40)].
إذاً له أصل، إما بجنسه، أو بالعموم، أما العموم فإن كل أمر نافع فإن الدين لا يعارضه، بل يشرعه للناس، إباحةً في غير العبادات، وطلباً في العبادات.
قوله: (وكل ما يضرنا قد منعه) : أي: كل ما يضر قد منعه الله - عزّ وجل -، والضرر قد يكون معلوماً حاضراً، وقد يكون متوقعاً في العاقبة.
أرأيت لو أن إنساناً أخذ مائة درهم بمائة وعشرة إلى أجل فهذا محرّم، لكن قد يقول بعض الناس: ما الذي يحرمه؛ هذا ليس فيه ضرر، ينتفع الآخذ بالثمن الحاضر، وينتفع المعطي بزيادة الثمن المؤجل، فلكل واحد منهما منفعة؟
قلنا: نعم، هذا لأول وهلة، ولكن عند التحقيق وعند التأمل يتبيّن أنه ضرر عظيم، لأن هذا يؤدي في النهاية إلى قلب الديون، وأكل الربا أضعافاً مضاعفة، فإن الإنسان إذا عرف أنه تجوز الزيادة في مقابل الأجل في بيع دراهم بدراهم، قال: إذاً كلما امتد الأجل يجب الزيادة، وحينئذ يكون ممن يأكل الربا أضعافاً مضاعفة، وهذا هو الذي نهى الله عنه وبيّن أنه ظلم، فقال تعالى: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً}} [آل عمران: 130] وقال: {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ *}} [البقرة: 278 ـ 279] .

فإن قال قائل: أنا سأقتصر على هذه الزيادة ولا أزيدها بزيادة الأجل أو التأخير.
قلنا: لئن ثبت هذا لك، فإنه لا يثبت لغيرك، إذ ليس كل إنسان يكون على جانب من الورع، ولهذا سدّ الله عزّ وجل الباب نهائياً لئلا يتمادى الناس في أكل الربا وظلم المعسرين.
فكل شيء ضار فإنه ممنوع شرعاً، ويعبّر بعض العلماء عن هذه القاعدة فيقول: الضرر منتفٍ شرعاً، ولكن قولنا: ممنوع شرعاً، أحسن من منتفٍ شرعاً، لأن الضرر أمر واقع، والواقع لا يكون منتفياً.
فإذا قلنا: ممنوع شرعاً، صار، وإن كان واقعاً حساً، فهو ممنوع شرعاً.
لكن في أي شيء يكون الضرر؟
الجواب: يكون الضرر في الدين والعقل، والبدن، والمال، ويكون على الأفراد، والمجتمع، وكل ضار فهو ممنوع.
ودليل ذلك قوله - تعالى - : {{وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}} [النساء: 29] وقوله تعالى: {{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}} [النساء: 43] فهنا منع الله الطهارة بالماء للمريض خوفاً من الضرر.
وفي الحديث عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «لا ضرر ولا ضرار» [(41)] فكل ضار فإنه ممنوع شرعاً أيّاً كان نوع الضرر.

فإن قال قائل: إذا كان الشيء ضاراً، ولا بد من ارتكابه لدفع ضرر أكبر منه، فهل ينقض هذه القاعدة؟
الجواب: لا ينقض القاعدة؛ لأننا إذا اتقينا الأضَرَّ بالمُضِرِّ، فقد منعنا الضرر الزائد، وسلمت القاعدة بالفرق بين الضار والأضر.
فمثلاً: الميتة ضارة إذا أُكلت لا شك، فإذا اضطر الإنسان إليها جاز أكلها، فكيف يجوز أكل الميتة مع أننا نقول الضار ممنوع؟.

الجواب: نقول: جاز أكلها لدفع ضرر أكبر وهو الموت، فإنه إذا لم يأكل مات.
لو قال لنا قائل: هل يمكن أن نستدل بهذه القاعدة (وكل ما يضرنا قد منعه) التي سبق ذكر أدلتها على أن الدخان حرام؟
الجواب: نعم، لأن الدخان ثبت طبّاً ثبوتاً لا شك فيه أنه ضار. فحينئذ يكون حراماً، لأن كل ضار قد منعه الشرع.
إذا كان الضرر نسبيّاً بمعنى: أن هذا الشيء ضار لشخص غير ضار لآخر كالتمر مثلاً، يضر المصاب بمرض السكر، ولا يضر الآخر الذي لم يصب به، فهل نمنع الأول دون الثاني؟
الجواب: نعم، نمنع الأول دون الثاني، ونقول للأول: أنت ممنوع منه شرعاً لأن كل ضار فإن الشرع قد منع منه.
فإذا قال: كيف تمنعونني ولا تمنعون الآخر؟
نقول: لأنه بالنسبة لك ضار، وبالنسبة للآخر غير ضار.
فإن قال قائل: إذا كان الشيء ضاراً، لكن يمكن أن يُتَّقَى ضرره بمكافح آخر، فهل تجيزون الضار حينئذ؛ مثل أن يقول قائل: إنه سيشرب الدخان، لكن يستعمل أشياء تكون ضد ما يتوقع من الدخان من الضرر، فهل يبقى التحريم والمنع أو لا؟
نقول: يبقى التحريم والمنع لأسباب:
السبب الأول: أن هذا المكافح قد لا يؤثر، فلا يمنع ضرر ما كان ضاراً، إما لضعفه، أو لقوة الضار بحيث لا يقوى ذاك على مقاومته.
السبب الثاني: أن مثل هذا كمثل شخص قال: إنه سيلطخ يده في النجاسة ثم يغسلها، إذاً ما الفائدة في أن نرتكب ضرراً محققاً، ثم نحاول أن نكافحه؟!
السبب الثالث: أن فيه إضاعةً للمال الأول الذي حصل به الضرر، وللمال الثاني الذي يكافح به الضرر. وهذا من الضرر، لأن إضاعة المال من الضرر المالي، وكل ما يضر فإن الشرع قد منعه.

إذاً هذه القاعدة تعتبر قاعدة مطردةً، سواء كان الضرر نسبياً أو كلياً. فهو ممنوع شرعاً، ويبقى النظر في مناط الضرر، فليس هو ما يقيسه الإنسان بعقله القاصر، بل كل ما منعه الشرع فإنه ضار، وكل ما أمر به فهو نافع.
فعليك بما أمر الله به، وعليك أن تتجنّب كل ما نهى الله عنه، لأن كلَّ مشروعٍ نافعٌ، وكلُّ ممنوعٍ ضارٌّ.


يُتبع -إن شاء الله - تعالى -.
__________

ـ[38] أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين (1775/76)، إلا أنه لم يذكر جملة: «يا أهل سورة البقرة»، وذكرها أحمد (1/207) وسنده صحيح على شرط الشيخين.
ـ[39] أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من أسمع الناس تكبيرة الإمام (680)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر (418/96)، من حديث عائشة - رضي الله عنها - نحوه.
ـ[40] أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب لحوم الحمر الإنسية (5208)، ومسلم في كتاب الصيد والذبائح، باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية (1940/35)، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
تنبيه: اسم المنادي لم يذكر عند البخاري وإنما تفرد به مسلم.
ـ[41] سبق تخريجه ص50.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.