أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
10914 102069

العودة   {منتديات كل السلفيين} > ركن الإمام المحدث الألباني -رحمه الله- > فوائد و نوادر الإمام الألباني -رحمه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-17-2013, 02:10 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي ما هو رأي الشيخ الألباني رحمه الله في كتاب حياة الصحابة -و طريق التغيير-

السؤال الأول: ما هو رأي شيخنا حفظه الله تعالى في كتاب حياة الصحابة ؟ وبماذا تنصح قراء هذا الكتاب والمعتنين به والمشتغلين بتداوله؟.
الشيخ : لا إله إلا الله! هذا السؤال يلتقي مع سهرة قريبة جداً قضيناها في قرية مأدبة ، لابد أنكم تعرفونها،واستمرت السهرة إلى بعد نصف الليل، وكان فيها من كل الجماعات أو الأحزاب، فمن حزب التحرير ، ومن حزب -وإن كانوا هم لا يريدون أن يقولوا: حزب، فلنقل ما يحبون- ومن جماعة الإخوان المسلمين ، ومن جماعة التبليغ ، كل هؤلاء كانوا حاضرين في الجلسة، واضطررنا إلى التحدث عن هذه الجماعات وعن بعض هذه الأحزاب، وقلنا كلمة الحق لا نداهن فيها أحداً إن شاء الله: إن هذه الأحزاب أولاً: تخالف مبدءاً إسلامياً مصرحاً به تصريحاً ما بعده تصريح في كتاب الله، ووضح ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكثر من حديث واحد، وحسبنا الآن أن نذكر بقوله تعالى: { وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ * مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [الروم:31-32] .
ومضينا في هذا الموضوع وقلنا: إن هذه الجماعات الموجودة الآن بعض أفرادها إنهم ينطلقون في تكتلهم، وفي تحزبهم، ليس على علم مطلقاً، على أننا لا نحبذ العلم المطلق، وإنما نحض على العلم المقيد بكتاب الله وبسنة رسول الله، وعلى منهج السلف الصالح ، كما جاء في كثير أيضا من الآيات والأحاديث، ولا أريد أن أعيد الجلسة التي كانت هناك، فلا بد أن أخانا أبا أحمد عنده شريط في ذلك.
لكن قدمت يومئذ مثالاً من واقع حياة هذه الجماعة جماعة التبليغ ، وكان بجانبي أحدهم من الذين يدل سَمْتُهم وهيئتهم على التمسك بالسنة، فهو تقدم بعد صلاة المغرب بالكلمة التقليدية التي تسمعونها دائماً وأبداً من المقدم لمن سيلقي الدرس بعد الصلاة، يقول: إنما فلاحنا ونجاحنا باتباع سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو ما يشبه هذا الكلام، فأنا قلت: ما الذي جعل هؤلاء الإخوان الطيبين التبليغيين يحرصون على هذه الكلمة وهي من إنشاء أحدهم، ويعرضون عن السنة؟ وهنا الشاهد، السنة قلت لهم: فتحنا لكم هذه الجلسة بخطبة الحاجة : إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وكان عليه الصلاة والسلام يزيد عليها في كثير من الأحيان: أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. لماذا أعرض جماعة التبليغ عن افتتاح جلساتهم العلمية بمثل هذه السنة المحمدية؟، ذلك لأنهم لا يدرسون السنة، هم جماعة طيبون يرغبون في التقرب إلى الله، ولذلك يخرجون ذلك الخروج المعهود منهم غير المعهود من -سلفنا الصالح- يخرجون، في ظنهم أنهم يحسنون صنعاً، فقلت للشيخ الذي كان بجانبي: لماذا لا تحيون هذه السنة :« ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عملها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيء »، أنا لا أخص جماعة التبليغ بمخالفتهم هذه للسنة، بل هي مخالفة عامة، فكل الأحزاب وكل الجماعات تخالف هذه السنة، لماذا؟ سبق الجواب؛ لأنهم لا يدندنون حول دراسة السنة أولاً؛ لأن هذه الدراسة تعلم الناس وتوقظهم من سباتهم ونومهم العميق، ولذلك فكيف يحيون السنة وهم يجهلونها! من فضائل هذا الخطبة كما شرحت هناك، وأوجز هنا ما استطعت إلى ذلك سبيلاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدم هذه الخطبة التي تعرف عند العلماء جميعاً بخطبة الحاجة، كان يقدمها بين يدي كل كلمة، محاضرة، أو درس، أو موعظة، أو ما شابه ذلك، كان يذكر فيها: « خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ».
ما هو السر في إعراض الجماعات الإسلامية كلها عن هذه الخطبة؟.
أنا أقول: الأمر يعود لشيئين: الشيء الأول: أنه يصدق عليهم قوله تعالى: { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } [الأعراف:187]، لكن لا أستطيع أن أقول: إنه ما طرق سمع أحدهم مطلقاً، ولا قرأ هذا الحديث في كتاب ما، وهو في صحيح مسلم أصح كتاب بعد كتاب الله، و صحيح البخاري موجود هذا الحديث فيه، لا أتصور أن أحداً مطلقاً من هؤلاء لا علم عنده بهذا الحديث، إذاً: ما الذي يصرفهم أو يصدفهم عن التمسك بهذه السنة؟.
أقول: لأنها تخالف منهجهم !.
كيف؟.
هذا الحديث يؤسس قاعدة لا يتبناها إلا الذين ينتسبون إلى السلف الصالح من أمثالنا.
ما هي هذه القاعدة؟.
كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فلا تجد الإخوان المسلمين ، ولا حزب التحرير ، ولا جماعة التبليغ ، وإن كان هناك جماعات أخرى في بلاد أخرى، لا تجد منهم أحداً يدندن حول هذه القاعدة: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ولو أنهم اعتادوا إحياء هذه السنة لاستيقظ جماهيرهم من سباتهم، ولقالوا لهم: كيف تواظبون على هذه الخطبة: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ونحن نسمعكم دائماً تقولون: هناك بدعة حسنة، والرسول يرسخ في أذهان أصحابه هذه القاعدة العظيمة الجليلة، وأمرها كما يقول ابن تيمية رحمه الله في كتابه: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ، رداً على بعض الناس الذين يقولون: إن هذا العموم غير مقصود: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، يزعم بعض المتأخرين أن هذا العموم المصرح به في هذا الحديث هو من العام المخصوص، ثم يأتون ببعض الأشياء من الروايات منها ما يصح ومنها ما لا يصح، يزعمون أن هذه روايات مخصصة لهذا العموم، ومعنى كلامهم: أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : « كل بدعة ضلالة » لا. أي: ليس كل بدعة ضلالة.

يقول ابن تيمية ، وهذا الشاهد، وأنا أقرب ذلك بمثل: لا يمكن أن يكون هذا النص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العام المخصوص وهو يكرره دائماً وأبداً على مسامع أصحابه في كل مناسبة يريد أن يتكلم فيها بين أصحابه يقول:« كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار » يستحيل أن يكون هذا من العام المخصوص؛ لأن المفروض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي خوطب بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ } [المائدة:67]، ربك يعصمك من الناس الذين قد يقصدون القضاء عليك فيحولون -لو وصلوا إلى هدفهم- بينك وبين تبليغ الرسالة وتوضيحها وبيانها : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ } [المائدة:67] .
ولابد لي من التذكير بأن تبليغ النبي - صلى الله عليه وسلم - المذكور في هذه الآية : { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة:67].
يكون على وجهين: تبليغ اللفظ، وتبليغ المعنى.
تبليغ اللفظ يعني: اللفظ القرآني كما أنزله الله على قلب محمد عليه السلام، فهو مأمور بتبليغه، هذا هو النوع الأول.
الأمر الثاني الذي أمر بتبليغه، معنى هذه الألفاظ لهذه الآيات الكريمات، وهذا هو المقصود من قوله تبارك وتعالى في الآية الأخرى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [النحل:44]، هذه الآية غير الآية السابقة، الآية السابقة تعني تبليغ اللفظ وتبليغ المعنى؛ أما هذه الآية الأخرى فإنما تعني: تبليغ المعنى بدليل : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ } [النحل:44] أي: القرآن، لماذا؟ { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ } [النحل:44] أي: بيانه عليه الصلاة والسلام، وهذا لا يحتاج الآن إلى تفصيل، ثلاثة أقسام: قوله وفعله وتقريره.
فإذاً: ابن تيمية رحمه الله يقول: استمرار الرسول عليه الصلاة والسلام في تكرار هذه القاعدة: « كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار » على مسامع أصحابه، يستحيل أن يكون من العام المخصوص؛ لأن المفروض عليه ولو مرة واحدة أن يبين -بحكم ما ذكرنا من الآيات- أن هذا النص العام ليس على عمومه وشموله، ولم يفعل ذلك إطلاقاً، بل هو عليه الصلاة والسلام من تمام تبليغه لِمَا أمره الله به كان يؤكد هذه القاعدة العامة فيقول: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد »، إلى آخر ما هنالك من أحاديث أخرى، ولسنا أيضاً في صددها.

أما المثال:« كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار » مثاله:« كل مسكر خمر، وكل خمر حرام »، لا يمكن أن نقول: ليس كل مسكر خمراً وليس كل خمر حراماً، هذا لا يقوله مسلم؛ لماذا؟، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكرر هذه الكلية على مسامع أصحابه، تحذيراً لهم من أن يشربوا مسكراً، أي مسكر كان، سواء سمي خمراً، أو سمي نبيذاً، أو سمي ويسكاً، أو (شمبانيا) أو أو إلخ، كل هذه الأسماء تدل على مسمىً واحد وهو الخمر في اللغة العربية، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كما سمعتم يقول: « كل مسكر خمر، وكل خمر حرام »، كيف يمكن أن نقول: ليس كل مسكر خمراً؟ ، وبالتالي كيف يمكن أن نقول: ليس كل بدعة ضلالة، وهو يقول في كل منهما: « كل مسكر خمر » « كل بدعة ضلالة »؟ ، هذا هو المثال تأكيداً لما سمعتم آنفاً مما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أن هذه الكلية التي كان النبي يذكرها دائماً في خطبة الحاجة لا يمكن أن تكون مخصصة.
الآن آتيكم بمثال عكسي، أي: لكلية خصصها الرسول عليه الصلاة والسلام؛ حتى تعرفوا أن كلام الرسول عليه الصلاة والسلام جمع فأوعى سمعتم:« كل مسكر خمر » ( كل بدعة ضلالة ) اسمعوا الآن التقييد كيف يكون قال:« كلكم يدخل الجنة إلا من أبى »، دخل استثناء هنا، كان يمكنه أن يقول: كل بدعة ضلالة إلا ما كان موافقاً للعبادة أو للحسنة، أو ما شابه ذلك مما تسمعونه من المؤولين إن لم نقل من المعطلين، فقال عليه الصلاة والسلام:« كلكم يدخل الجنة إلا من أبى »، هل يجوز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: كلكم يدخل الجنة ويسكت وهو في نفسه استثناء؟، لا يمكن هذا، فإذاً: كيف يتصور هؤلاء الذين يقولون: كل بدعة ضلالة، هذا ليس على عمومه، معنى ذلك أنهم ينسبون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً ما كان في باله إطلاقاً، ولو كان ذلك في باله لكان من الواجب عليه ديانة أن يسارع ولو مرة واحدة إلى التصريح بالاستثناء، كما قال في هذه الكلية الأخيرة: « كلكم يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ » معقول أن شخصاً يأبى دخول الجنة؟! معقول وليس معقولاً، وتأملوا معي الحديث، فهو كما يقال في لغة العصر الحاضر: يضع النقاط على الحروف؛ قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال:« من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ».
فإذاً: كل كلية تأتي في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فضلاً عن الآيات القرآنية، ولم يأت مايخصصها، فيجب إبقاؤها على إطلاقها، وبخاصة إذا كانت مثل كلية: « كل بدعة ضلالة » التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكررها على مسامع أصحابه في كل مناسبة.
نعود لماذا لا يحافظ جمهور الدعاة الإسلاميين اليوم على هذه الخطبة المباركة التي سماها العلماء بخطبة الحاجة؟ أي: من أراد أن تقضى حاجته العلمية فليقدم بين يدي العلم خطبة الحاجة النبوية، لماذا يعرضون عنها؟ لأنها تخالف منهجهم، فليس من منهجهم ما نهجه الرسول عليه الصلاة والسلام في هذه الخطبة، خطبة الحاجة، وهي ذم عموم البدعة وذلك في الدين والعبادة.
فلذلك قلنا في تلك الجلسة هناك -كما ذكرنا لكم آنفاً- في المأدبة : لا يكفي أن تتحمس كل جماعة وكل حزب لجماعتها، وتنطلق بدون علم وبدون وعي، فننصح هؤلاء الذين يخرجون، وأولئك الذين لا يخرجون ولكنهم يتكتلون، وأولئك الذين يشتغلون دهرهم بالسياسية، وكثير منهم لا يعرفون أن يحجوا وأن يصلوا وأن يصوموا على السنة، نأمرهم جميعاً بأمر الله ورسوله، أن يتعلموا :{ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } [الزمر:9] كلا! لا يستوون.
فعلى هذا نقول: بالنسبة لهذا السؤال، كتاب حياة الصحابة هو دليل لما نقول نحن، فالذي ألف هذا الكتاب ليس فرداً من أفراد جماعة التبليغ ، بل هو رأس، إن لم يكن من رءوسهم فهو رأس الرءوس، ألف هذا الكتاب، والجماعة ينطلقون على هداه، ولكن هذا الكتاب جمع ما هب ودب، أي: لم يخصص هذا الكتاب لأنْ يذكر فيه ما صح أولاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس ككلام غيره من الناس، ولو كانوا أولياء وصالحين.
ثانياً: ذكر روايات كثيرة عن الصحابة رضي الله عنهم، فيها أيضا من باب أولى إذا كانت الأحاديث التي نسبها إلى الرسول فيها أشياء لا تصح نسبتها إلى الرسول عند أهل العلم بطريق معرفة الحديث، ومعرفة الأسانيد، وتراجم رجال الأسانيد ونحو ذلك، فمن باب أولى أن يذكر في هذا الكتاب روايات كثيرة وكثيرة جداً عن الصحابة من أقوالهم، من أفعالهم، من منهجهم، من سلوكهم، وكثيرٌ منها لا يصح.
ويعجبني في هذه المناسبة قول لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهذا من نفيس كلامه ودقيق منهجه العلمي، حيث قال ما معناه: أن على كل باحث أن يتثبت فيما يرويه عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، كما يتثبت فيما يرويه عن الله ورسوله.
هذه كلمة جماهير العلماء قديماً وليس حديثاً فقط، قديماً وحديثاً قد أخلوا بها، فما تعود إلى كتاب إلا ما ندر جداً جدا، مثل كتاب نيل الأوطار للشوكاني ، هذا من الكتب التي نحن نحض طلاب العلم على الاعتناء بدراسته والاستفادة منه، مع ذلك تجده يحشد فيه أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم بمناسبة الكلام مع الآية أو الحديث، لكنه لا يسلك هذا السبيل وهو سبيل التثبت مما ينسب إلى الصحابة، كما يجب التثبت مما ينسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قلَّ من يفعل هذا! ومن هنا يصيب المجتمع الإسلامي شيء من الانحراف، لماذا؟ وهذه نقطة في الحقيقة مهمة جداً.
نحن قلنا دائماً وأبداً: أن منهجنا كتاب الله وسنة رسول الله، وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح ، لا يكفي اليوم أبداً أن ندعو الناس إلى الكتاب والسنة فقط؛ لأنك لن تجد في كل هذه الجماعات المختلفة حديثاً وقديماً، لن تجد جماعة منهم ولو كانوا من المرجئة أو كانوا من المعتزلة يقولون: نحن لسنا على الكتاب والسنة، كلهم يقولون هكذا، إذاًَ ما الفارق بين هذه الجماعات التي كلها تقول، وهي صادقة فيما تقول، لا نستطيع أن نتهمها، صادقة فيما تقول: نحن على الكتاب والسنة، لكنها غير صادقة في تطبيقهما على ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله تعالى عنهم.

من هنا نقول: لابد من معرفة ما كان عليه السلف لنستعين به على فهم الكتاب والسنة، فإذا جاءتنا رواية عن بعض الصحابة وهي غير صحيحة، وأخذنا بها على أساس أنها بيان للكتاب والسنة، انحرفنا كما لو أخذنا بحديث ضعيف أو موضوع، لهذا ابن تيمية يقول: يجب التثبت فيما نرويه عن الصحابة كما نتثبت فيما نرويه عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - .
هذا الكتاب كتاب حياة الصحابة خالف هذا النهج العلمي، فهو جمع ما هب ودب، وأنا أضرب لكم مثلاً مجملاً: هو ينقل مثلاً حديثاً عن كتاب مجمع الزوائد ، يقول: رواه أحمد و الطبراني ، وقال في مجمع الزوائد : رجاله ثقات.
الذين يتداولون هذا الكتاب عندما يقرءون: قال في مجمع الزوائد : رجاله ثقات، ما الذي يفهمون منه؟ كما يقولون عندنا في بعض الأعراف في سوريا : (خش حديث) ما دام رجاله ثقات صار حديثاً ثابتاً، لا.
عند أهل العلم أي حديث يقول فيه أحد المحدثين: رجاله ثقات، فليس يعني هذا المحدث أنه حديث صحيح.
بل أي حديث يقول فيه مؤلف الكتاب: رجاله رجال الصحيح فلا يعني أنه صحيح؛ وهذا أشد إيهاماً لصحة الحديث من قوله الأول، فإذا قال: رجاله ثقات، قد يتوهم بعض الناس أنه صحيح، لكن الإيهام بالتعبير الثاني: رجاله رجال الصحيح، أكثر، مع ذلك لا هذا ولا هذا في علم الحديث يعني صحة الحديث.
إذاً: كان ينبغي على مؤلف هذا الكتاب أن يختار، لا نقول: أن يصحح كل هذه الروايات ويدقق القول فيها؛ لأنه في الحقيقة -أنا أعتقد- أنه لو أراد رجل عالم متثبت أن يصحح وأن يضعف وأن يؤلف كتاباً مثل كتاب الصحابة لأخذ منه سنين عديدة؛ لأن الحديث الواحد التحقيق فيه قد يأخذ منه ساعات، بل قد يأخذ منه يوماً وأياماً، وهذا نحن نعرفه بالتجربة، فإذاً لو أراد أن يؤلف مثل هذا الكتاب وعلى هذه الطريقة كان يأخذ منه عمره أو بعض عمره على الأقل، لكن كنا نرجو منه أن يختار ما صح عنده بأقرب طريق، بدون أن يخصص الكلام في كل حديث من هذه الأحاديث.
إذاً هذا هو الجواب عن كتاب حياة الصحابة ، أنه لا ينبغي الاعتماد عليه إلا بشيء من التحفظ كأكثر الكتب.

وأنا أضع الآن بين أيديكم قاعدة لكي لا تحرموا الاستفادة من مثل هذا الكتاب، فأقول: كلما رأيتم حديثاً معزواً -أولاً- لأحد الصحيحين في هذا الكتاب أو في غيره يقول: رواه البخاري ومسلم ، رواه البخاري ، رواه مسلم ، فعضوا عليه بالنواجذ هذا أولاً.
ثانياً: إذا رأيتموه نقل عن أحد المحدثين أنه قال: هذا حديث إسناده صحيح، أو قال: إسناده حسن، أيضاً تمسكوا به، وما سوى ذلك فعرجوا عنه ولا تعرجوا عليه.
السائل: هل القاعدة على هذا الكتاب أو على العموم ؟.
الشيخ: كل الكتب.
أشرطة مفرّغة -سلسلة الهدى و النور -524: ( 00:13:40 ).
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-17-2013, 04:17 PM
سعيد الحسباني سعيد الحسباني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الإمارات العربية المتحدة
المشاركات: 361
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
قال تَعَالَى:
" نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ"
[الحجر:50,49]
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-19-2013, 05:54 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد الحسباني مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
و جزاك الله خيرا أخي سعيد .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-19-2013, 06:15 PM
عبدالملك الحسني عبدالملك الحسني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 395
افتراضي

بارك الله فيك أبا أويس على النقل...
ورحم الله الألباني ما أدقه وأصبره....
وعلى المخالف ماأحلمه.....
__________________
« إذا نفرت النفوس : عميت القلوب ، وخمدت الخواطر ، وانسدت أبواب الفوائد »
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-19-2013, 07:18 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي


جزاكم الله خيراً مشرفنا الغالي
نقل رائع رائق وفير العلم..
يظهر جلياً الفوائد الحديثية والعقدية بل والأصولية أيضاً
اقتباس:
ولابد لي من التذكير بأن تبليغ النبي - صلى الله عليه وسلم - المذكور في هذه الآية : { بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة:67].
يكون على وجهين: تبليغ اللفظ، وتبليغ المعنى.
تبليغ اللفظ يعني: اللفظ القرآني كما أنزله الله على قلب محمد عليه السلام، فهو مأمور بتبليغه، هذا هو النوع الأول.
الأمر الثاني الذي أمر بتبليغه، معنى هذه الألفاظ لهذه الآيات الكريمات، وهذا هو المقصود من قوله تبارك وتعالى في الآية الأخرى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } [النحل:44]، هذه الآية غير الآية السابقة، الآية السابقة تعني تبليغ اللفظ وتبليغ المعنى؛ أما هذه الآية الأخرى فإنما تعني: تبليغ المعنى بدليل : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ } [النحل:44] أي: القرآن، لماذا؟ { لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ } [النحل:44] أي: بيانه عليه الصلاة والسلام..
هذه فائدة تُفيد في مسألة إقامة الحجة؛ هل يكفي فيها مجرد تبليغ اللفظ من غير اشتراط الفهم للمعنى أم لا؟!!
والفوائد كثيرة ما شاء الله..
رحم الله الألباني وأسكنة فسيح الجنان وألحقنا به في الصالحين

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-20-2013, 01:13 AM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

صدق من قال فيه إمام الدّنيا في هذا العصر ..
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-20-2013, 02:39 AM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالملك الحسني مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك أبا أويس على النقل...
ورحم الله الألباني ما أدقه وأصبره....
وعلى المخالف ماأحلمه.....
و فيك بارك الله أخي الحسني و جزاك الله خيرا على اهتمامك و مرورك.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومسلم مشاهدة المشاركة

جزاكم الله خيراً مشرفنا الغالي
نقل رائع رائق وفير العلم..
يظهر جلياً الفوائد الحديثية والعقدية بل والأصولية أيضاً
هذه فائدة تُفيد في مسألة إقامة الحجة؛ هل يكفي فيها مجرد تبليغ اللفظ من غير اشتراط الفهم للمعنى أم لا؟!!
والفوائد كثيرة ما شاء الله..
رحم الله الألباني وأسكنة فسيح الجنان وألحقنا به في الصالحين

و جزاك الله خيرا أخي العزيز أبو مسلم و زادك الله نباهة و فقها.
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمربن محمدالبومرداسي مشاهدة المشاركة
صدق من قال فيه إمام الدّنيا في هذا العصر ..
بارك الله فيك أخي عمر و أشكر لك مرورك و اهتمامك ، زادك الله نشاطا.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-20-2013, 04:29 PM
عبد الله مختار بدري عبد الله مختار بدري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
المشاركات: 202
افتراضي

فلا بد أن أخانا أبا أحمد عنده شريط في ذلك

أي شريط يقصد الشيخ رحمه الله تعالى
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 05-31-2013, 11:21 PM
أبو أويس السليماني أبو أويس السليماني غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,750
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الله مختار بدري مشاهدة المشاركة
فلا بد أن أخانا أبا أحمد عنده شريط في ذلك

أي شريط يقصد الشيخ رحمه الله تعالى
يقصد شريطا -له رحمه الله- من تسجيل أبي ليلى الأثري في الجماعت الدعوية .
.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.