الانتساب إلى السلفية..تزكية واجبة شرعية

[علي بن محمد أبو هنية]

الانتِسابُ إِلى السَّلَفِيَّة..تَزكِيَةٌ واجِبَةٌ شَرعِيَّة

بقلم: علي أبو هنيّة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "لا عيب على من أظهر مذهب السلف, وانتسب إليه, واعتزى إليه, بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق, فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقًّا". "مجموع الفتاوى" (4/149).
هذه عبارة من العبارات الشائعات, وكلمة من الكلمات الذائعات, لهذا العلم الإمام, وذاك الجبل الهمام, الملقّب بحق: (شيخ الإسلام)..
عبارة مذ فتحنا أعيننا على الدعوة السلفية ورأينا صفاءها, وعرفنا منهجها وأحببنا مشايخها وعلماءها, ونحن نسمعها تتردد على ألسنتهم, ويتناقلونها في كتبهم ومصنفاتهم, ويقررها السلفيون في دروسهم ومحاضراتهم, دون أدنى نكير, أو أقلِّ تحذير, فهي عندهم بمثابة الحق الصراح, وأسهل من شرب الماء القُراح..
وكم تعجبت -قبل يومين- حينما سمعت الشيخ ياسين الأسطل الغزّي -سدده الله ووفقه لهداه- ينكر هذه النسبة أشد إنكار, ويدَّعي خلافها أمام النُّظَّار, في برنامج تلفزيوني على قناة فلسطين, كان معدًّا -أصلاً- لدفع الشبهات عن الدعوة (السلفية)! وتبرئة ساحتها من الدعاوى التكفيريّة والجهاديّة! فإذا به يتصدّى لنقض ما قد بُنِيَ عليه الكلام, وأُعِدَّ من أجله البرنامج عند وسائل الإعلام, وضيَّع الشيخ على ذلك شيئاً من وقت البرنامج الذي عدَّه من أغلى دقائق العمر -على حدِّ تعبيره-! حين قال: "أنا أنكر التسمِّي بالسلفي والسلفية, لأننا جميعاً مسلمون ويكفينا هذا"!!
وقد كان الأولى بالشيخ -سدده الله- وهو الملقّب بلقب: رئيس المجلس العلمي للدعوة (السلفية)! بفلسطين -ولست أدري ما الفرق عنده بين هذه وتلك؟!- أن يترك اجتهاده الشخصيَّ هذا جانباً حينها -إن كان له فيه حق بهذه الطريقة-, ويصبَّ جام غضبه على من يطعن في دعوتنا, ويتَّهمها التهم الباطلة, ويدعي عليها الدعاوى العاطلة, لا أن ينقضَّ على من يدافع عنها, ويعتبر منها!!
والعجيب أن الشيخ في الوقت الذي أنكر فيه هذه النسبة الشريفة, والرتبة العالية المنيفة, كان يفخر بكونه ممن درس على علماء الدعوة السلفية وأئمتها -وحُقَّ له بهذا الفخر-: كـ(الشيخ ابن باز, والشيخ الألباني, والشيخ ابن عثيمين) -رحمهم الله أجمعين-!! والذين ما فتؤوا يقرِّرون هذه النسبة, ويؤكِّدون هذه النِّحلة..
فليت شعري! وليتني أدري!!
كيف يلتقيان؟!
وأنى يتفقان؟!
وهل يستويان عند العقلاء؟!
التتلمذ على هؤلاء الأجلاء, ومخالفتهم على حد سواء؟!
فهذا شيخ شيوخنا الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- يقول: "إن كلمة السلف معروفة في لغة العرب وفي لغة الشرع؛وما يهمنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية:
فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في مرض موته للسيدة فاطمة -رضي الله عنها-: "فاتقي الله واصبري، ونِعْم السلف أنا لك".
ويكثر استعمال العلماء لكلمة السلف، وهذاأكثر من أن يعد ويحصى، وحسبنا مثالاً واحداً وهو ما يحتجون به في محاربة البدع:

وكلُّ خير في اتباع من سلف *** وكلُّ شرٍّ في ابتداع منخلف

ولكن هناك من مدَّعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول: "لا يجوز للمسلم أن يقول: أنا سلفي" وكأنه يقول: "لا يجوز أن يقول المسلم: أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك".
لا شك أن مثل هذا الإنكار -لو كان يعنيه- يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي -صلى الله عليه وسلم-كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه -صلى الله عليه وسلم-: "خيرالناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق...
وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح، فإنه ينتسب إلى العصمة ـ على وجه العموم ـ وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه أصحابه.
فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه...
ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول: أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح، وهي أن تقول -باختصار-: (أنا سلفي)".اهـ[مجلةالأصالة العدد التاسع ص 86 ـ90].
وسُئل شيخ الإسلام عبد العزيز بن باز -رحمه الله- هذا السؤال:
ما تقول فيمن تسمّى بالسلفي والأثري هل هي تزكية؟
فأجاب -رحمه الله- بقوله: "إذا كان صادقاً أنه أثري أو سلفي لا بأس، مثل ما كان السلف يقولون: فلان سلفي، فلان أثري، تزكية لا بد منهاتزكـيـة واجـبـة".اهـ من محاضرة بعنوان (حق المسلم).
وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى-: "فأهل السنة والجماعة هم السلف معتقداً حتى المتأخر إلى يوم القيامة إذا كان على طريق النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فإنه سلفي".اهـ"شرح العقيدة الواسطية" (1/45).
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة رقم (1361) (1/165): سؤال: ما هي السلفية وما رأيكم فيها؟
الجواب: السلفية نسبة إلى السلف, والسلف هم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأئمة الهدى من أهل القرون الثلاثة الأولى -رضي الله عنهم- الذين شهد لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالخير في قوله: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته". رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري ومسلم، والسلفيون جمع سلفي نسبة إلى السلف، وقد تقدم معناه وهم الذين ساروا على منهاج السلف من اتباع الكتاب والسنة والدعوة إليهما والعمل بهما فكانوا بذلك أهل السنة والجماعة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: عضو: عبد الله بن قعود. عضو: عبد الله بن غديان. نائب رئيس اللجنة: عبد الرزاق عفيفي. الرئيس: عبد العزيز بن باز.
فلست أدري هل هؤلاء هم المشايخ والعلماء الذين ادّعى الشيخ التتلمذ عليهم, والدراسة عندهم, والتلقي عنهم؟! أم غيرهم؟!
وها قد عرفت كلامهم وأقوالهم, فهل سنسمع من الشيخ ردًّا عليهم, أم إنه سيكتفي بمخالفتهم دون أدنى بيِّنة, أو حجة متعيِّنة..
وحاله هذا يذكرني تماماً بفعل محمد شقرة الذي ألف في بداية أمره كتاب: (هي السلفية), ثم كرَّ على معتقده هذا بالنقض بعد موت شيخنا الألباني -رحمه الله-, مبطلاً هذه النسبة الكريمة, مسفِّهاً المنسبين إليها, ناصراً العادين عليها..
فما قولكم؟! دام فضلكم..
ولست في هذه العجالة بصدد استيعاب كلام أهل العلم في تقرير هذه المسألة الواضحة, فقد أشبعها الكُتَّاب بحثاً وتقريراً, وأرواها الباحثون كَتْباً وتحريراً, وأُلَّفت فيها المؤلفات, وأُفردت لها المصنفات, وإنما أردت بيان تناقض الشيخ -سلمه الله- في انتسابه لمشايخ السلفية, والتصاقه بدعوتنا الأبيّة, وفي الوقت ذاته إنكاره التسمي بها, والانتساب لها!
وأزيدكم من الشعر بيتاً:
فقد قال السمعاني -رحمه الله-: "السَّلَفي -بفتح السين واللام وفي آخرها الفاء-: هذه النسبة إلى السلف وانتحال مذاهبهم على ما سمعت منهم"."الأنساب" (3/273).
وقال الإمام الذهبي -رحمه الله-: "السَّلَفي -بفتحتين- وهو من كان على مذهب السلف". "سير أعلام النبلاء" (21 / 6).
ومما لم يوفَّق الشيخ في طرحه في ذلكم اللقاء أيضاً, ولم نحبَّه منه بتاتاً كُلاً ولا بعضاً؛ إيراده بعض الأقوال المفرطة, ونبزه بعض إخوانه السلفيين بالتلمذة على الكتب والأشرطة! وأخشى أن يكون هذا بداية تقسيم جديد للسلفية, فيصبح عندنا:
سلفية كتب, وسلفية اشرطة, وسلفية مشايخ!!
وهذا الصنيع قسيم تقسيم السلفية سابقاً إلى: سلفية علمية, وسلفية جهادية, وسلفية تَقليديَّة! وسلفية رَسميَّة! و..و..
سواء بسواء..
فتأملوا أيها العقلاء!
وأقول: ليس حال من ابتدأ حياته العلمية على الكتب والأشرطة وانتهى مآله بلزوم المشايخ وملازمة العلماء, شرًّا من حال من ابتدأ الطلب مع هؤلاء المشايخ والعلماء, ثم تنكَّب طريقهم, وأظهر مخالفتهم, ونأى بنفسه عنهم, وظنَّ نفسه ندًّا لهم, ناقضاً أصولهم..
ونقول: العبرة بمن صدق لا بمن سبق..
فـ"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ".

[الدكتور أبو سهيل الحلبي]

جزاك الله خيرا شيخ علي على هذه المقالات الطيبة المفيدة المناسبة في وقتها

[زكريا أبوشيخه]

جزاك الله خيرا شيخ أبو هنية
وأسأل الله ان يوفقك وان يجعلك داعيا إلى الله على بصيرة
وأن يجعلك مفتاح خير مغلاق شر
وأن يرزقك الإخلاص والقبول آمين.

[أبوالأشبال الجنيدي الأثري]

ذب الله عن وجهك النار أبا عبد الله ,
وزادك توفيقا .

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي بن محمد أبو هنية

ليس حال من ابتدأ حياته العلمية على الكتب والأشرطة وانتهى مآله بلزوم المشايخ وملازمة العلماء, شرًّا من حال من ابتدأ الطلب مع هؤلاء المشايخ والعلماء, ثم تنكَّب طريقهم, وأظهر مخالفتهم, ونأى بنفسه عنهم, وظنَّ نفسه ندًّا لهم, ناقضاً أصولهم..

ونقول: العبرة بمن صدق لا بمن سبق..
فـ"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ".

بوركتم أخي أبا عبد الله على هذا المقال وما جاء فيه من بيان حال...

[أسامة بن عبد الله الطيبي]

بوركت أخي علي أبو هنية على هذا التوضيح
فقد جاء في وقته
أما الأسطل -هذا- فقد يكون ما ناقشته فيه أصغر مثالبه وأقل معايبه -والعياذ بالله-
أسأل الله له الهداية والبعد عن الاعتداد بالنفس والتفرد

[أبو عبد الله إياد الشريف]

جزاك ربي خيرا شيخنا أبو عبد الله

أسأل الله تعالى أن يبارك بكم

[محمد خليل محمد جمهور]

حفظكم الله ورعاكم .
كلام لا بد منه.
أجدت وأفدت.

[جهاد حلس]

كنت حريصاً على مشاهدة تلك الحلقة ، حين أخبرت بها وليتني لم أشاهدها !
فصاحبنا هذا ضايقني كثيراً وتمنيت حينها أن يخرس ، فلست أدري مع أي الطرفين كان !
فقد خلط و خبط و غلب عليه الهوى و العصبية لرأيه و وهواه
حتى أن الناس في الحي عندنا تعجبوا من كلامه !
وليت أمره يقتصر على هذا فحسب
و لهذا و أمثاله يقول الإمام الذهبي :أرحنا منك فبعد قليل ينكشف البهرج و ينكب الزغل و لا يحيق المكر السيء إلا بأهله
أسأل الله له الهداية والصواب ....

[محمد زين العابدين]

وبعد:

جزاك الله خيراً أبا هنية، فحول هذا نـُــدنـــدِن، بوركت