أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
66396 85137

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-19-2014, 10:52 PM
عماد القسنطيني عماد القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي مدارسات فقهية أسبوعية

السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم, إخواني في الله أردت من هذه النافذة الصغيرة في هذا الصرح أن نستفيد ونصحح ما ابتلعناه من أخطاء فقهية بطريقة حيوية يشارك فيها الجميع منابإذن الله, حيث نجعل بإذن الله الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة أصلا نطرح منه كل يوم جمعة جزءا من الباب، وإن كان منا من يرى خلاف قول الصنعاني رحمه الله أو أحد من الإخوة فليكن رده منهجيا مبنيا على أدلة حتى تعم الفائدة بارك الله فيكم والله من وراء القصد
__________________
قال الزهري - عليه رحمة الله - : " كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه ".
(تاريخ الإسلام للذهبي ٨/٢٤٠)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-19-2014, 11:29 PM
عبد الكريم بن أحمد بن السبكي عبد الكريم بن أحمد بن السبكي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2013
الدولة: ورقلة جنوب الجزائر
المشاركات: 1,230
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مبادرة طيبة تشكر عليها ولكن لم أفهم قولك "وإن كان منا من يرى خلاف قول الصنعاني رحمه الله"
__________________
إلامَ الخلفُ بينكمُو إلاما ……وهذه الضجة الكبرى علاما
وفيمَ يكيدُ بعضكمُو لبعض..…وتبدون العداوة والخصاما

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-20-2014, 01:05 AM
عماد القسنطيني عماد القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي

أعتذر أخي الحبيب، فقد وضعت أولا كتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام كأصل ثم غيرته بالموسوعة في آخر المطاف
__________________
قال الزهري - عليه رحمة الله - : " كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه ".
(تاريخ الإسلام للذهبي ٨/٢٤٠)
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-20-2014, 08:59 AM
ابوعبيدالله السلفي ابوعبيدالله السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
الدولة: الجزائر
المشاركات: 624
افتراضي

خطوة جيدة منك أخي الحبيب عماد، ونسأل الله ألا تكون كسابق المواضيع الشبيهة لهذا.
وكي تكون للنقاش ثمرة : (فليكن رده منهجيا مبنيا على أدلة) لا على قول فلان وفلان، قال الله تعالى: ((أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا))
__________________
حدثنا الشيخ عبد المالك رمضاني -حفظه الله- قال:
سمعت شيخنا الألباني -رحمه الله- يقول: "الاجتماع يطرد الشيطان"
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-20-2014, 10:51 PM
عماد القسنطيني عماد القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف حفظه الله :
الطهارة
المياه وأقسامها
القسم الأول: الماء الطَّهور:
وهو الماء الطَّاهر في نفسه، المُطهِّر لغيره، تُرفع به الأحداث والنجاسات.
ويشمل الأنواع الآتية:

1 - ماء المطر:
قال الله سبحانه: {وأَنْزَلْنَا مِنَ السَّماء ماءً طَهُوراً (1)} (2) وقال سبحانه: {ويُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً ليُطَهّرَكمْ به (3)} (4).

2 - ما كان أصله الماء؛ كالثلج والبَرَد:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسكُتُ بين التكبير وبين القراءة إِسكاتة -قال: أحسِبُه قال: هُنَيَّةً- فقلت: بأبي أنت وأمّي يا رسول الله! إِسكاتُك بين التَّكبير والقراءة؛ ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايايَ كما باعَدتَ بين المشرق والمغرب، اللهمَّ نقِّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهمَّ اغْسِلْ خطاياي بالماء والثلج والبرد" (1).

3 - مياه العيون والينابيع (2):
قال الله تعالى: {أَلمْ تَرَ أَنَّ الله أَنْزَلَ منَ السَّماء مَاءً فَسَلَكهُ يَنابيعَ في الأرْضِ} (3).

4 - ماء البحر:
لحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سأل رجل النّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يا رسول الله! إِنَّا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإِنْ توضأنا به عطِشْنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "هو الطَّهورُ ماؤه، الحِلُّ مَيتته" (4).

5 - ماء زمزم:
لِما ثَبَتَ من رواية عليّ -رضي الله عنه-: "أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا
بسَجْل (1) من ماء زمزم، فشَرِب منه وتوضَّأ" (2).

6 - الماء الآجن (3) المتغير بطول المكث (4) أو بمخالطة طاهر لا يمكن صونُه عنه؛ كالطحلب، وورق الشجر، والصابون، والدقيق.
"وكذلك ما يتغيَّر في آنية الأدم (الجلد) والنحاس ونحوه؛ يُعْفَى عن ذلك كلِّه، ولا يخرج به الماء عن إِطلاقه".
"وأيضاً؛ ما تغيَّر بالسمك ونحوه من دوابِّ البحر، لأنه لا يمكن التحرُّز منه" (5).
ويظلُّ كلُّ ذاك طَهوراً ما دام اسم الماء المطلق يتناوله.
ومن الأدلَّة على ذلك:
ما روته أمُّ عطيَّة -رضي الله عنها- قالت: دخل علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين تُوفِّيت ابنته، فقال: "اغْسِلْنَها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك -إِنْ رأيتنَّ- بماءٍ وسِدْر (1)، واجعَلْنَ في الآخرةِ كافوراً (2)، فإذا فرغْتُنَّ؛ فآذِنَّني"، فلما فرغْنا؛ آذنَّاه، فأعطانا حَِقْوه (3)، فقال: "أشعِرْنها (4) إِيَّاه"؛ تعني: إِزاره (5).
وفي حديث أمِّ هانئ: "أنَّ النّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اغتسل وميمونة من إناء واحد؛ في قصعة فيها أثر العجين" (6).
قال ابن حزم -رحمه الله تعالى- (مسألة 147) من "المحلى": "وكلُّ ماءٍ خالَطه شيء طاهر مباح، فظهر فيه لونه وريحُه وطعمُه؛ إِلاَّ أنه لم يُزِلْ عنه اسم الماء؛ فالوضوء به جائز، والغُسل به للجنابة جائز.
برهان ذلك قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} (7)، وهذا ماء، سواء كان الواقع فيه مِسكاً أو عسلاً أو زعفراناً أو غير ذلك".
وأما دليل الوضوء في آنية النحاس والجلد ونحوها:
فلحديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- قال: "أتى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأخرَجْنا له ماءً في تَوْرٍ مِن صُفر (1)، فتوضَّأ، فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مرَّتين مرَّتين، ومسحَ برأسه، فأقبَلَ به وأدْبَرَ، وغَسل رِجليه" (2).
وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "بِتُّ ذات ليلة عند خالتي ميمونة، فقام النّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلِّي متطوِّعاً من الليل، فقام النّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى القربة فتوضأ، فقام فصلَّى، فقُمْتُ لمَّا رأيتُه صنَعَ ذلك، فتوضَّأتُ من القِربة، ثمَّ قُمتُ إِلى شقِّه الأيسر، فأخَذ بيدي من وراء ظهره إِلى الشقِّ الأيمن" (3).
وكذلك حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذا خَرَجَ لحاجته؛ أجيء أنا وغلام معنا إِداوَة (4) من ماء؛ يعني: يستنجي به" (5).

7 - الماء الذي خالَطَتْه النجاسةُ، ولم يتغيَّر طعمه أو لونُه أو ريحهُ:
عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يُقال له: إِنَّه يُستقى لك مِن بئر بُضاعة -وهي بئر يُلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض (6) وعُذَر النَّاس- فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ الماء طهور، لا ينجِّسه شيء" (1).
وفي الحديث: "إِذا بَلَغَ الماء قُلَّتين (2)؛ لم يَحملِ الخَبَث" (3).
قال الشوكاني: "وأمَّا حديث القُلَّتين؛ فغايةُ ما فيه أنَّ ما بلَغَ مقدار القلَّتين؛ لا يحمل الخَبَث، فكان هذا المقدار؛ لا يؤثِّرُ فيه الخبث في غالب الحالات، فإِنْ تغيَّر بعض أوصافه؛ كان نَجِساً بالإِجماع الثابت من طُرُق متعدِّدة.
وأمّا ما كان دون القلَّتين؛ فلم يَقُل الشارع: إِنه يحمل الخَبَث قطعاً وبتّاً، بل مفهوم حديث القلَّتين يدلُّ على أنَّ ما دونهما قد يحمل الخَبَث وقد لا يحمله، فإِذا حَمَلَهُ؛ فلا يكون ذلك إِلا بتغيُّر بعض أوصافه ... " (1).
وقال الزهري: "لا بأس بالماء؛ ما لم يغيِّره طعمٌ أو ريحٌ أو لون" (2).

8 - الماء المستعمَل:
سواء تُوضِّىءَ به أو اغتُسِل ... ونحو ذلك؛ ما لم يُستعمل في إِزالة نجاسة.
وفي ذلك أدلَّة كثيرة؛ منها:
ما قاله عروة عن المِسْوَر وغيره -يصدِّق كل واحد منهما صاحبه-: "وإِذا توضَّأ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كادوا يقتتلون على وَضوئه" (3).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: اغتسل بعض أزواج النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جفنة (4)، فجاء النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليتوضَّأ منها -أو يغتسل- فقالت له: يا رسول الله! إِنِّي كنتُ جُنُباً. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ الماء لا يُجْنِب" (1).
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يُقال له: إِنَّه يُستقى لك مِن بئر بُضاعة -وهي بئر يُلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض (2) وعُذَر النَّاس- فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ الماء طهور، لا ينجِّسه شيء" (3).
وعن الرّبَيِّع بنت مُعَوِّذ -رضي الله عنها- في وصف وضوء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مسحَ برأسه مِن فضْل ماءٍ كان في يده" (4).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لقيني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا جُنُب،
فأخذ بيدي، فمشيتُ معه حتى قعد، فانْسَلَلْتُ فأتيتُ الرحل (5)، فاغتسلتُ،
ثمَّ جئت وهو قاعد، فقال: "أين كنتَ يا أبا هرّ؟ ". فقلتُ له (6)، فقال:
"سبحان الله يا أبا هرّ! إِنَّ المؤمن لا ينجُس" (7).
قال ابن قدامة: " ... ولأنَّه ماء طاهر لاقى محلاًّ طاهراً؛ كالذي غسل به الثوب الطاهر" (1).
وقال أيضاً: "ولأنَّه لو غمس يده في الماء؛ لم ينجِّسْه، ولو مسَّ شيئاً رطباً؛ لم يُنجِّسْهُ" (2).
وعن عمرو بن يحيى عن أبيه؛ قال: "كان عمِّي يكثر من الوضوء. قال لعبد الله بن زيد: أخبِرني كيف رأيتَ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضَّأ؟ فدعا بتورٍ (3) مِن ماء، فكفأ على يديه، فغسَلهما ثلاث مرار، ثم أدخَل يده في التَّور، فمضمض واستنثَر ثلاث مرَّات من غَرفة واحدة، ثمَّ أدخَل يده فاغترف بها، فغسَل وجهه ثلاث مرات، ثمَّ غسَل يديه إِلى المرفقين مرتين مرتين، ثمَّ أخذ بيده ماءً، فمسح رأسه، فأدبرَ به وأقبل، ثمَّ غسل رجليه، فقال: هكذا رأيت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتوضأ" (4).
وفي "صحيح البخاري": "وأمرَ جريرُ بنُ عبد الله أهلَه أن يتوضَّؤوا بفضل سواكِه" (5).
قال الحافظ في "الفتح": "وقد صحَّحه الدارقطني بلفظ: كان يقول لأهله: توضَّؤوا من هذا الذي أدخل فيه سواكي" (1).
وعن أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: "خرج علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالهاجرة، فأُتي بوَضوء، فتوضَّأ، فجعَل النَّاس يأخذون من فضل وَضوئهِ فيتمسَّحون به ... " (2).
قال الحافظ: "وفيه دلالةٌ بيِّنة على طهارة الماء المستعمل".
وعن أنس -رضي الله عنه-: "أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا بإِناء من ماء، فأُتي بقدح رَحْراح (3) فيه شيء من ماء، فوضع أصابعَه فيه"، قال أنس: "فجعلت أنظر إلى الماء ينبُع من بين أصابعه".
قال أنس: "فحزَرْتُ (4) مَن توضَّأ ما بين السبعين إلى الثمانين" (5).
وفي "الفتاوى" (21/ 46) لشيخ الإِسلام: "وسُئِل ... -رحمه الله- عن الماء إِذا غَمَس الرجل يده فيه؛ هل يجوز استعماله أم لا؟ فأجاب: لا ينجس بذلك، بل يجوز استعماله عند جمهور العلماء؛ كمالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وعنه رواية أخرى أنَّه يصير مستعملاً، والله سبحانه وتعالى أعلم".
وقال ابن حزم -رحمه الله- في "المحلَّى" (مسألة 141): "والوضوء بالماء المستعمل جائز، وكذلك الغسل به للجنابة، وسواءٌ وُجد ماءٌ آخر غيره أو لم يوجد، وهو الماء الذي توضَّأ به بعينه لفريضة أو نافلة، أو اغتسل به بعينه لجنابة أو غيرها، وسواء كان المتوضِّىء رجلاً أو امرأة.
برهان ذلك: قول الله تعالى: {وإنْ كُنْتُمْ مَرْضَىِ أو عَلى سَفَرٍ أو جَاءَ أحدٌ مِنْكُم مِنَ الغَائِطِ أو لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدوا مَاءَ فَتَيَمَّموا} (1).
فعمَّ -تعالى- كل ماء، ولم يخصَّه، فلا يحِلُّ لأحد أن يترك الماء في وضوئه وغسله الواجب وهو يجده؛ إِلا ما منعه منه نصٌّ ثابت أو إِجماع متيقَّن مقطوع بصحّته".

9 - الماء المسخَّن:
فقد ثبت عن عمر -رضي الله عنه-: "أنَّه كان يسخَّن له الماء في قمقم (2)، فيغتسل به" (3). وثبت عنه أيضاً: "أنَّه كان يغتسل بالحميم" (4)
وأمّا حديث: "لا تغتسلوا بالماء المشمَّس؛ فإِنَّه يورث البَرَص"؛ فإِنَّه لم يثبت (1).
__________________
قال الزهري - عليه رحمة الله - : " كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه ".
(تاريخ الإسلام للذهبي ٨/٢٤٠)
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-20-2014, 10:53 PM
عماد القسنطيني عماد القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي

بانتظار تعليقاتكم إلى الأسبوع المقبل بإذن الله
__________________
قال الزهري - عليه رحمة الله - : " كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه ".
(تاريخ الإسلام للذهبي ٨/٢٤٠)
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-29-2014, 01:27 AM
عماد القسنطيني عماد القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله, قال المِؤلف حفظه الله
القسم الثاني: الماء الطاهر غير المطهِّر:
وهو ما خالَطَه طاهر، فغيَّر اسمه، حتى صار صبغاً أو خَلاً أو ماء وَرْد، أو غَلَب على أجزائه فصيَّره حِبراً، أو طُبِخ فيه فصار مَرَقاً (2)، وهذا الصِّنْف لا يجوز الغسل به ولا الوضوء؛ لأنَّ الطَهارة إِنَّما تجوز بالماء؛ لقوله تعالى: { ... فلم تجدوا ماءً فتيمَّموا} (3). وهذا لا يقع عليه اسم الماء. وعن عطاء: "أنَّه كره الوضوء باللبن والنّبيذ، وقال: إِنَّ التيمُّم أعجب إِليَّ منه" (4).
وعن أبي خَلْدة؛ قال: "سألت أبا العالية عن رجل أصابته جنابة، وليس عنده ماء، وعنده نبيذ؛ أيغتسل به؟ قال: لا" (5).
قال البخاري -رحمه الله- في "صحيحه": "باب: لا يجوز الوضوء بالنّبيذ ولا المسكر، وكرِهه الحسن وأبو العالية" (1).
قال أبو عيسى الترمذي -رحمه الله تعالى (2) -: "وقول من يقول: لا يُتَوَضَّأ بالنَّبيذ: أقرب إلى الكتاب وأشبه؛ لأنَّ الله تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً} (3) ".

القسم الثالث: الماء النَّجس:
وهو ما تغيَّر بمخالطة نَجِس، أو أنْ تُغيِّر النجاسة طعمَه أو لونه أو ريحه. وهذا لا يجوز التطهّر به. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (21/ 30): "الماء إِذا تغيَّر بالنَّجاسات؛ فإِنَّه ينجس بالاتفاق".
وجاء في "سُبُل السلام" (ص 21): "قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنَّ الماء القليل والكثير إِذا وقَعَت فيه نجاسة، فغيَّرت له طعْماً أو لوناً أو ريحاً؛ فهو نجِس".

النجاسات
أولاً: غائط الآدمي، وبوله:
وفي ذلك أدلَّة عديدة؛ منها:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بول الغلام يُنضح، وبول الجارية يُغسل" (1).
ولم أستدلَّ به على تخفيف طهارة بول الغلام -مع إِفادته ذلك- بل على نجاسة البول بعامَّة، والشاهد: "وبول الجارية يُغسل".
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بول الأعرابي: "دعوه، وأهريقوا على بوله ذَنوباً من ماء -أو سَجْلاً من ماء-" (2).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المُعذَّبَيْن في قبرَيهما: "كان أحدهما لا يستتر من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة" (3).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا وطئ أحدُكم بنعليه الأذى؛ فإِنَّ التراب له طَهور" (4).
وفي رواية: "إِذا وَطِئ الأذى بخُفَّيْه؛ فطَهورهما التراب" (5).
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- في خلْع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نعليه في الصلاة-: قال: بينما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلِّي بأصحابه؛ إِذ خَلَعَ نعليه، فوضَعَهُما عن يساره، فلمَّا رأى ذلك القوم؛ ألقَوا نعالَهم، فلمَّا قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاتَه؛ قال: "ما حَمَلَكُم على إِلقائكم نعالكم؟ ". قالوا: رأيناك ألقيْتَ نعليك، فألقينا نعالنا. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّ جبريل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتاني فأخبرني أنَّ فيهما قذراً".
وقال: "إِذا جاء أحدكم إِلى المسجد، فلينْظرْ، فإِنْ رأى في نعليه قذراً أو أذى؛ فليَمْسَحْهُ، ولْيُصَلِّ فيهما" (1).
وممَّا ورد في بول الصغير الذي لم يطعم:
ما روته أم قيس بنت مِحْصَن -رضي الله عنها-: "أنَّها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إِلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأجلسه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجره، فبال على ثوبه، فدعا بماءٍ، فنَضَحَهُ، ولم يغسله" (2).
قال الحافظ في "الفتح" في تفسير: "لم يأكل الطعام": "المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنَّك به والعسل الذي يلعقه للمُداواة وغيره، فكأنَّ المراد أنَّه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال، هذا مقتضى كلام النووي في "شرح مسلم" و "شرح المهذَّب".
وقال ابن التين -كما في "الفتح"-: "يُحتمل أنَّها أرادت أنَّه لم يتقوَّت بالطَّعام، ولم يستغنِ به عن الرَّضاع".
وعن لُبابة بنت الحارث -رضي الله عنها- قالت: كان الحسين بن علي -رضي الله عنهما- في حجر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبال عليه، فقلتُ: اِلبَسْ ثوباً وأعطني إِزاركَ حتى أغسله. قال: "إِنَّما يُغسل من بول الأنثى، وينُضَحُ من بول الذَّكر" (1).
عن أبي السَّمح؛ قال: "كنت أخدم النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان إِذا أراد أن يغتسل؛ قال: "ولِّني قفاك"، فأولِّيه قفاي، فأسترُه به، فأُتي بحَسَن -أو حُسين- فبال على صدره، فجئتُ أغسله، فقال: "يُغسل من بول الجارية، ويُرشُّ من بول الغلام" (2).
وعن عليٍّ -رضي الله عنه- قال: "يُغسل بول الجارية، ويُنضح بول الغلام؛ ما لم يطعم" (3).
وفي رواية: "قال قتادة: هذا ما لم يطعما الطعام، فإِذا طعما؛ غُسلا جميعاً" (4).
قال أبو عيسى الترمذي: "وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والتابعين من بعدهم -مِثل أحمد وإِسحاق-؛ قالوا: يُنضح بول الغلام، ويُغسل بول الجارية، وهذا ما لم يطعما، فإِذا طعما؛ غُسلا جميعاً".

ثانياً: دم الحيض:
وفيه أدلَّة عديدة؛ منها: عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيْش إِلى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله! إِني امرأة أُسْتحاض فلا أطهُر، أفأدَعُ الصلاة؟ فقال: "لا؛ إِنَّما ذلك عِرْق، وليس بالحيضة، فإِذا أقبلتِ الحيضة؛ فدَعي الصلاة، وِإذا أدبرَت؛ فاغْسِلي عنك الدم وصلِّي " (1).
وعن أم قيس بنت مِحْصَن -رضي الله عنها- قالت: سألتُ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن دم الحيض يكون في الثوب؟ قال: "حُكِّيه بضِلْع (2)، واغسليه بماء وسِدْر" (3).
وقد نقل النووي في "شرحه" (3/ 200) الإجماع على نجاسته.

ثالثاً: الودي:
وهو: "البَلَل اللَّزِج الذي يخرج من الذكر بعد البول" (4) مباشرة، وهو لا يوجب الغُسل.

رابعاً: المَذي:
وهو ماءٌ أبيض لَزج رقيق، يخرج بلا دَفْق عند الملاعبة أو تذكُّر الجماع أو إِرادته، وقد لا يحسُّ الإِنسان بخروجه، وهي من النجاسات التي يشقُّ الاحتراز عنها، فخُفِّف تطهيرُه، ولا غُسل على من يصيبه ذلك؛ بل عليه الوضوء، ويغسل ذكَره وخصيتيه قبل ذلك، ويأخذ كفّاً من ماء، وينضح بها ثوبه.
والأدلة على ذلك ما يأتي:
عن عليٍّ -رضي الله عنه- قال: كنت رجلاً مذَّاء، فأمرْت رجلاً أن يسأل النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -لمكان ابنته- فسأل، فقال: "توضأ، واغسل ذَكَرَك" (1).
وفي رواية: "إِذا وَجَدَ أحدُكم ذلك؟ فليَنْضَحْ (2) فرْجَه، وليتوضَّأ وضوءه للصلاة" (3).
وفي رواية: "ليغسل ذكَرَهُ وأنثييه" (4).
وفي رواية: "من المَذْي الوضوء، ومن المَنِيِّ الغُسْل" (5).
قال أبو عيسى الترمذي: "وهو قول عامَّة أهل العلم من أصحاب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
والتابعين ومن بعدهم، وبه يقول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق".
وعن سهل بن حُنيف -رضي الله عنه- قال: "كنتُ ألقَى من المذي شدَّة وعناء، فكنتُ أُكثر منه الغسل، فذكرْتُ ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسألته عنه فقال: "إِنَّما يُجزئك من ذلك الوضوء". فقلت: يا رسول الله! كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفّاً من ماء، فتنضح به ثوبك، حيث ترى أنَّه أصاب منه" (1).
قال الشوكاني -رحمه الله-: "فدلَّ هذا الحديث على أن مجرَّد النَّضح يكفي في رفع نجاسة المذْي، ولا يصحُّ أن يُقال هنا ما قيل في المنِيّ، إِنَّ سبب غسله كونه مستقذراً، لأنَّ مجرَّد النضح لا يزيل عين المذي كما يزيله الغسل، فظهر بهذا أنَّ نضحه واجب، وأنَّه نَجِس خُفِّف تطهيره" (2).

خامساً: الميتة:
وهي ما مات من غير تذكية أو ذبح شرعي.
ودليل نجاستها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا دُبِغَ الإِهاب، فقد طَهُرَ" (3).
قال الصنعاني -رحمه الله- في "سبل السلام" (1/ 52): "وأمّا الميتة؛ فلولا أنَّه وَرَدَ "دباغ الأديم طَهوره" (1) و"أيّما إِهاب دُبغ؛ فقد طهُر" (2)؛ لقُلْنا بطهارتها إِذ الوارد في القرآن تحريم أكْلها لكن حكَمْنا بالنَّجاسة لمَّا قام عليها دليلٌ غير دليل تحريمها".
ويندرج تحتها ما قُطع من البهيمة وهي حيَّة؛ لحديث أبي واقد الليثي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما قُطِعَ من البهيمة وهي حيَّةٌ؛ فهو ميتة" (3).
ويستثنى من ذلك ميتة السمك والجراد؛ فإِنَّها طاهرة حلال أكلها؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أُحِلَّتْ لنا ميتتان ودمان فأمّا الميتتان: فالحوت والجراد وأمّا الدَّمان: فالكبد والطحال" (4).
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البحر: "هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ مَيتتُه" (5).
وجلد الميتة نجس كذلك -كما لا يخفى-؛ للحديث المتقدّم: "إِذا دُبِغَ الإِهاب؛ فقد طَهُر".
وتقدّم في هذا المعنى بعض النصوص غير بعيد.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "تُصدِّق على مولاة لميمونة بشاة، فماتت، فمرَّ بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: "هلاَّ أخذْتم إِهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟. فقالوا: إِنَّها مَيتة. فقال: "إِنَّما حَرُم أكلُها" (1).
فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "طَهُر"؛ يدلُّ على نجاسته قبل الدِّباغة؛ كما هو بيِّن.

سادساً: لحم الخنزير:
قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2).
وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من لَعِبَ بالنَّرْدَشير (3)؛ فكأنَّما صَبَغَ يده في لحم خنزير ودمه" (4).

سابعاً: الكلب:
ومن الأدلة على نجاسته:
قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا شَرِبَ الكلب في إِناء أحدكم؛ فليَغْسِلْهُ سبعاً" (1).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "طَهور (2) إِناء أحدكم إِذا وَلَغَ فيه الكلب: أن يغسله سبع مرات، أولاهنَّ بالتراب" (3).

ثامناً: لحم السباع (4):
ومن أدلة نجاستها ما يرويه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "سُئل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الماء وما ينوبه من الدوابِّ والسباع فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا كان الماء قُلَّتين؛ لم يحمل الخَبَث" (5) وفي لفظ: "لم ينجِّسْه شيء" (6).

تاسعاً: لحم الحمار:
عن أنس -رضي الله عنه- قال: "إِنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جاءه جاءٍ، فقال: أُكِلَتِ الحُمُر ثم جاءه جاءٍ فقال: أُكِلَت الحُمر ثم جاءه جاءٍ، فقال: أُفْنِيَتِ الحُمُر فأمَر منادياً فنادى في النَّاس: "إِنَّ الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحُمُر الأهليَّة؛ فإِنَّها رجس". فأُكْفِئت القُدور وإِنَّها لتفور باللحم" (1)

عاشراً: الجَلاَّلة (2):
فقد ثبت في حديث ابن عمر: أنه قال: "نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أكل الجلاَّلة وألبانها" (3).
وقال عبد الله بن أبي أوفى: " ... تحدَّثنا أنّما حرَّمها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ألبته من أجل أنها تأكل العَذِرة" (4).
وثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنَّه كان إِذا أراد أكل الجلاَّلة حبَسها ثلاثاً (5).
قال ابن حزم -رحمه الله- في "المحلَّى" (6): "وألبان الجلاَّلة حرام، وهي الإِبل التي تأكل الجلَّة -وهي العَذِرة- والبقر والغنم كذلك، فإِن مُنعت من أكلها حتى سقط عنها اسم الجلاَّلة؛ فألبانها حلال طاهرة".
وأمّا الدَّجاج؛ فلا حرج في أكله، ولو أكَل الأقذار (1)، وقد ثبت أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكلهُ؛ كما في حديث زَهْدَم؛ قال:
"كنَّا عند أبي موسى الأشعري -وكان بيننا وبين هذا الحيِّ من جَرْم إِخاء - فأُتِي بطعام فيه لحم دجاج، وفي القوم رجُل جالس أحمر، فلم يدْنُ من طعامه، فقال: ادْنُ؛ فقد رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأكل منه. قال: إِنّي رأيته يأكل شيئاً فقذِرته، فحَلَفْتُ أن لا آكله ... (وذكر الحديث) " (2).
والبيض أيضاً يحمل نفس الحكم (3).

حادي عشر: عظام وشَعْر وقَرْن ما يُحكم بنجاسته:
لأنها تتغذَّى بالنجاسة؛ إِلا إِذا قَبِلت الدِّباغ (4)
__________________
قال الزهري - عليه رحمة الله - : " كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه ".
(تاريخ الإسلام للذهبي ٨/٢٤٠)
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 01-19-2015, 10:32 AM
بحيرة خليد بحيرة خليد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 129
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سلمى رشيد مشاهدة المشاركة
بل هو طاهر:
لأن النضح لا يزيل عينه
ولا الامر بالغسل دليل صريح على النجاسة
======
ومن القائلين بطهارة المذي عمر بن الخطاب وسعيد بن المسيب
أخرج مالك في الموطأ في "باب الرخصة في ترك الوضوء من المذي" (1|41): عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد بن المسيب أنه سمعه ورجل يسأله، فقال: إني لأجد البلل وأنا أصلي، أفأنصرف؟
فقال له سعيد: «لو سال على فخذي، ما انصرفت حتى أقضي صلاتي». أي أن سعيد لا يرى المذي نجساً.

وروى عبد الرزاق في مصنفه (1|160):

613 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن ابن المسيب (ثبت فقيه) قال: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا أصلي، فما أبالي ذلك».
وقال سعيد، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «إني لأجد المذي على فخذي ينحدر وأنا على المنبر، ما أبالي ذلك».
614 عن الثوري (ثبت فقيه) عن يحيى بن سعيد (ثبت فقيه) عن سعيد المسيب قال «لو سال على فخذي، ما انصرفت»، (قال يحيى) يعني المذي.

615 عن ابن عيينة (ثبت فقيه) عن ابن عجلان (ثقة فقيه) قال سمعت عبد الرحمن الأعرج (ثبت فقيه) يقول: قال عمر –وهو على المنبر–: «إنه لينحدر شيء مثل الجمان أو مثل الخرزة، فما أباليه».
أي أن سعيد بن المسيب قد اختار لنفسه مذهب عمر في طهارة المذي.
قال بعض العلماء :في سماع ابن المسيب من عمر خلاف بين أهل العلم.
و قد روى مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال :إني لأجد ينحدر مني مثل الخزيزة ،فاذا وجد أحدكم فليغسل ذكره و ليتوضأ و ضوءه للصلاة،يعني :المذي . و هذا اسناد صحيح،و هو أصح من الاسناد السابق.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-20-2015, 10:46 PM
عماد القسنطيني عماد القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 45
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله, قال المؤلف رحمه الله :

ما يجب له الوضوء
1 - الصلاة، سواء كانت فرضاً أو نافلة.
لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (2).
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تُقبل صلاة من أحدث حتى يتوضّأ" (3).

2 - الطّواف بالبيت.
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الطّواف بالبيت صلاة؛ إلا أنَّ الله أباح فيه الكلام" (4).
الأمور التي يستحبُّ لها الوضوء
1 - عند ذكر الله عزّ وجلّ.
عن المهاجر بن قنفذ -رضي الله عنه-: أنَّه أتى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يبول، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه حتى توضّأ، ثمَّ اعتذرَ إِليه فقال: "إِنِّي كرهْتُ أن أذكر الله إلا على طُهر (أو قال: على طهارة) " (1).
وعن أبي الجهيْم -رضي الله عنه- قال: "أقبل النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نحو بئر جمل، فلقيه رجل، فسلَّم عليه، فلم يردَّ عليه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثمَّ ردَّ عليه السّلام" (2).
ويندرج الدعاء تحت الذِّكْر، لا سيّما وقد ورد فيه نصٌّ خاصٌّ:
ففي حديث أبي موسى -رضي الله عنه- قال: "لمّا فرغ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حنين؛ بعث أبا عامرٍ على جيش إِلى أوطاس، فلقي دريد بن الصِّمَّة، فقُتل دريد، وهزم الله أصحابه.
قال أبو موسى: وبعثَني مع أبي عامر، فرُميَ أبو عامر في ركبته، رماه جُشَميٌّ بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إِليه، فقلت: يا عمِّ! من رماك؟ فأشار إِلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الذي رماني، فقصدت له، فلحقْتُهُ، فلمَّا رآني؛ ولّى، فاتَّبعْتُه وجعلْت أقول له: ألا تستحي؟! ألا تثبت؟! فكفَّ، فاختلفنا ضربتين بالسيف، فقتلتُه، ثمَّ قلت لأبي عامر: قتَل الله صاحبك.
قال: فانزع هذا السهم. فنزعته، فنزا منه الماء (1).
قال: يا ابن أخي! أقرِئ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السلام، وقل له: استغفِر لي. واستخلفني أبو عامر على الناس، فمكث يسيراً ثمَّ مات.
فرجعتُ، فدخلتُ على النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بيته على سرير مُرمَل (2)، وعليه فراش قد أثّر رِمال السرير بظهره وجَنْبَيْه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر، وقال: قل له: استغفِر لي. فدعا بماء فتوضّأ، ثمَّ رفع يديه فقال: "اللهمّ اغفر لعبيدٍ أبي عامر".
ورأيت بياض إِبطيه، ثمَّ قال: "اللهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس". فقلت: ولي فاستغفر. فقال: "اللهمّ اغفر لعبد الله بن قيس ذنبَه، وأدخلْه يوم القيامة مُدْخَلاً كريماً".
قال أبو بردة: إِحداهما لأبي عامر، والأخرى لأبي موسى" (3).
قال الحافظ: "يُستفاد منه استحباب التّطهير لإِرادة الدعاء، ورفْع اليدين في الدعاء؛ خلافاً لمن خصَّ ذلك بالاستسقاء".

2 - عند كلِّ صلاة.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لولا أن أشقّ على أمّتي؛ لأمَرْتهم عند كلِّ صلاة بوُضوء، ومع كلِّ وُضوء بسواك" (1).
وعن عبد الله بن عبد الله بن عمر؛ قال: "قلت: أرأيت توضؤ ابن عمر لكلّ صلاة طاهراً وغير طاهر؟ عمَّ ذاك؟ فقال: حدَّثَتنيه أسماء بنت زيد بن الخطَّاب: أنَّ عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر حدّثها: أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بالوضوء لكلّ صلاة طاهراً وغير طاهر، فلمّا شقَّ ذلك عليه؛ أمَر بالسواك لكل صلاة، فكان ابن عمر يرى أنَّ به قوَّة، فكان لا يدَع الوضوء لكلّ صلاة" (2).

3 - الوضوء عند كلّ حدث.
لحديث بريدة بن الحصيب؛ قال: "أصبح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوماً، فدعا بلالاً، فقال: "يا بلال! بما سبقْتني إِلى الجنّة؟! إِنِّي دخلْتُ البارحة الجنّة، فسمعت خشخشتك أمامي".
فقال بلال: يا رسول الله! ما أذّنْتُ قطّ إلاّ صلّيت ركعتين، ولا أصابني حدث قطّ إلا توضّأت عنده، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لهذا" (3).

4 - الوضوء (4) مِن حَمْل الميت:
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من غسَّلَ ميتاً؛ فليغتسل، ومن حمله؛ فليتوضّأ" (1).

5 - الوضوء للجُنب إِذا نام دون اغتسال (2):
وفيه أحاديث منها:
عن أبي سلمة؛ قال: سألْتُ عائشة: أكان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يرقد وهو جُنب؟ قالت: "نعم، ويتوضّأ" (3).
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما-: أنَّ عمر سألَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيرقد أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: "نعم؛ إِذا توضّأ أحدُكم؛ فليرقد وهو جُنُب" (4).

6 - الوضوء للجُنب إِذا أراد الأكل.
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذا كان جُنُباً، فأراد أن يأكل أو ينام؛ توضّأ وضوءه للصّلاة" (5).
- المعاودة للجماع.
عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إذا أتى أحدُكم أهله، ثمَّ أراد أن يعود؛ فليتوضّأ" (1).

8 - الوضوء من القيء.
لحديث مَعدان بن أبي طلحة عن أبي الدّرداء: "أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاء، فأفطر، فتوضّأ"، فلقيتُ (2) ثوبان في مسجد دمشق، فذكرْتُ له، فقال (3): صدق (4)، أنا صببتُ له وضوءه (5).

9 - الوضوء من أكل ما مسّته النار.
وقد دلَّ على وجوب الوضوء:
ما روته عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "توضؤوا ممّا مسّت النَّار" (6).
وأيضاً حديث عبد الله بن إِبراهيم بن قارظ: "أنَّه وجد أبا هريرة يتوضّأ على المسجد، فقال: إِنَّما أتوضّأ من أثوار أقط أكلتها؛ لأنّي سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "توضّؤوا ممّا مسَّت النَّار" (1). ثمَّ أورد أهل العلم ما ينسخ هذا (2)؛ كما فى حديث عمر بن أميّة: أنَّ أباه عمرو بن أميّة أخبره: "أنَّه رأى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحتزُّ (3) من كتف شاة في يده، فدُعي إِلى الصلاة، فألقاها والسكّين التي يحتزّ بها، ثمَّ قام فصلّى ولم يتوضّأ" (4).
وعن جابر قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ترْك الوضوء ممّا غيّرت النّار" (5).

10 - عند النوم.
لحديث البراء بن عازب -رحمه الله- قال: قال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِذا أتيت مضجعك؛ فتوضّأ وضُوءك للصّلاة، ثمَّ اضطجعْ على شقِّكَ الأيمن، ثمَّ قُلْ: اللهمَّ أسلمتُ وجهي إِليك، وفوَّضْت أمري إِليك، وألجأتُ ظهري إِليك؛ رغبةً ورهبةً إِليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إِليك، اللهمّ آمنت بكتابك الذي أنزَلْتَ، وبنبيِّك الذي أرسلتَ، فإِنْ مُتَّ من ليلتك؛ فأنت على الفطرة، واجعلهُنّ آخر ما تتكلّمُ به" قال: فردَّدْتها على النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلمَّا بَلَغْتُ: "اللهمَّ آمنتُ بكتابك الذي أنزلْتَ"، قلتُ: "ورسولك" قال: "لا؛ ونبيِّكَ الذي أرسلتَ" (1)، وقال النووي في "شرحه" (17/ 32) باستحبابه.

مسألة في الوضوء لمسِّ المصحف:
اختلف العلماء في مسِّ المصحف من قِبل المحْدث والجُنُب، وذهبَ الجمهور إِلى منْع ذلك (2)، واستدلُّوا بحديث: "لا يمسُّ القرآن إلا طاهر" (3).
جاء في "نيل الأوطار" (1/ 259): "والحديث يدلُّ على أنَّه لا يجوز مسُّ المصحف إلا لمن كان طاهراً، ولكنَّ الطَّاهر يُطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة.
ويدلُّ لإِطلاقه على الأوَّل: قول الله تعالى: {إِنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ} (4).
وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي هريرة -رحمه الله-: "المؤمن لا ينجُس" (5).
وعلى الثاني: {وإِنْ كنْتمْ جُنُباً فاطهَّروا} (6).
وعلى الثالث: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المسح على الخفَّين: "دعْهما؛ فإِنّي أدخلتُهما طاهرتين".
وعلى الرابع: الإجماع على الشيء الذى ليس عليه نجاسة حسِّيَّة ولا حُكميَّة يسمى طاهراً، وقد ورَد إِطلاق ذلك في كثير.
فمن أجاز حَمْل المشرك على جميع معانيه؛ حمَله عليه هنا، والمسألة مدونة في الأصول، وفيها مذاهب.
والذي يترجَّح أن المشترك مُجملٌ فيها، فلا يُعْمَل به حتى يُبيَّن ...
وقال: "استدلَّ المانعون للجُنُب بقوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُون} (1)، وهو لا يتمُّ إلا بعْد جعْل الضمير راجعاً إِلى القرآن، والظاهر رجوعُه إِلى الكتاب، وهو اللوح المحفوظ؛ لأنَّه الأقرب، والمطهَّرون الملائكة، ولو سَلِمَ عدم الظُّهور؛ فلا أقلَّ من الاحتمال، فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجَّه الرجوع إِلى البراءة الأصليَّة، ولو سَلِم رجوعه إِلى القرآن على التَّعيين؛ لكانت دلالته على المطلوب -وهو منع الجُنُب من مسِّه- غير مسلَّمة؛ لأنَّ الطاهر من ليس بنجس، والمؤمن ليس بنجس دائماً؛ لحديث "المؤمن لا ينجس"، وهو متَّفق عليه (2)؛ فلا يصحُّ حمل المطهَّر على من ليس بجُنب أو حائض أو محدَث أو متنجِّس بنجاسة عينيَّة، بل حمْلُه على من ليس بمشرك؛ كما في قوله تعالى: {إِنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ} (3)، لهذا الحديث، والحديث للنهي عن السفر بالقرآن إِلى أرض العدو، ولو سلِم صِدْق اسم الطَّاهر على من ليس بمحدث حدثاً أكبر أو أصغر؛ فقد عَرَفْتَ أنَّ الراجح كون المشترك مجملاً في معانيه، فلا يعيَّن حتى يبيَّن، وقد دلَّ الدليل ها هنا أنَّ المراد به غيره لحديث: "المؤمن لا ينجس"، ولو سَلِم عدم وجود دليل يمنع من إِرادته؛ لكان تعيينه لمحلِّ النِّزاع ترجيحاً بلا مرجِّح، وتعيينه لجميعها استعمالاً للمشترك في جميع معانيه، وفيه الخلاف، ولو سَلِم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه؛ لما صحَّ؛ لوجود المانع، وهو حديث: "المؤمن لا ينجس".
واستدلُّوا بحديث الباب (1)، وأُجيب بأنَّه غير صالح للاحتجاج؛ لأنَّه من صحيفة غير مسموعة، وفي رجال إِسناده خلاف شديد، ولو سَلِم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر، وقد عرفْتَه.
قال السيد العلامة محمد بن إِبراهيم الوزير: إِنَّ إِطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر؛ لا يصحُّ لا حقيقةً ولا مجازاً ولا لغةً، صرَّح بذلك في جواب سؤال، وردَّ عليه، فإِن ثبت هذا؛ فالمؤمن طاهر دائماً؛ فلا يتناوله الحديث، سواء كان جُنُباً أو حائضاً أو محدثاً أو على بدنه نجاسة.
فإِن قلت: إِذا تمَّ ما تريد من حمْل الطاهر على من ليس بمشرك؛ فما جوابك فيما ثبت في المتَّفق عليه من حديث ابن عباس أنَّه - صلى الله عليه وآله وسلَّم - كتب الى هرقل عظيم الروم: أسلِم تسلم، وأسلِم يؤتك الله أجرك مرَّتين، فإِنْ تولَّيت فإِنَّ عليك إِثم الأريسيين، و {يا أَهْلَ الكتابِ تعالوْا إِلى كَلِمَةٍ} إِلى قوله: {مُسْلِمونَ}، مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب، ووقوع اللمس منهم له معلوم.
قلت: اجعله خاصّاً بمثل الآية والآيتين؛ فإِنَّه يجوز تمكين المشرك من مسِّ المقدار لمصلحة؛ كدعائه إِلى الإِسلام، ويمكن أن يُجاب عن ذلك بأنَّه قد صدر باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه؛ ككُتُب التفسير؛ فلا تخصَّص به الآية والحديث.
إِذا تقرَّر لك هذا؛ عرفتَ انتهاض الدَّليل على منع من عدا المشرك.
وقد عرفت الخلاف في الجُنُب.
وأما المحدث حدثاً أصغر؛ فذهب ابن عباس والشعبي والضَّحَّاك؛ وزيد ابن علي والمؤيَّد بالله والهادوية وقاضي القضاة وداود إِلى أنَّه يجوز له مسُّ المصحف، وقال القاسم وأكثر الفقهاء والإِمام يحيى: لا يجوز، واستدلُّوا بما سَلَف، وقد سَلَف ما فيه" اهـ.
وأمَّا القراءة له بدون مسٍّ؛ فهي جائزة اتِّفاقاً، وقد ذَكر ابن أبي شيبة -رحمه الله- في "مصنّفه" آثاراً كثيرة في ذلك (1).
قال ابن حزم -رحمه الله- في "المحلَّى" (1/ 107): "وأمَّا مسُّ المصحف؛ فإِنَّ الآثار التي احتج بها من لم يُجزْ للجنب مسَّه، فإِنَّه لا يصحُّ منها شيء (1)؛ لأنَّها مُرسلة، وإمَّا صحيفة لا تُسْنَد، وإِمَّا عن مجهول، وإمَّا عن ضعيف، وقد تقصَّيناها في غير هذا المكان".
ثمَّ ذكر رسالة النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى هِرَقل عظيم الروم (2) وما حَوَتْه من الذِّكر ولفظ الجلالة، وتضمُّنها لآية من القرآن الكريم.
ثمَّ قال: "فإِن قالوا: إِنِّما بعَث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى هِرَقل آية واحدة! قيل لهم: ولم يمنع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غيرها، وأنتم أهل قياس، فإِن لم تقيسوا على الآية ما هو أكثر منها؛ فلا تقيسوا على هذه الآية غيرها".
ثمَّ ذكر ردّه على من يحتجُّ بقوله تعالى: {لا يَمَسّه إِلاَّ المُطَهَّرونَ} (3)؛ بأنَّه خبر وليس أمراً، وأنَّنا رأينا المصحف يمسُّه الطَّاهر وغير الطَّاهر، فنعلم أنَّ الله -عزّ وجلّ- لم يعْنِ المصحف، وإنما عنى كتاباً آخر، وأورد بعض أقوال السَّلف أنَّهم الملائكة الذين في السَّماء.
قلت: ومحور الخلاف وأقواه -فيما رأيت- منصبٌّ على فهم حديث: "لا يمسّ القرآن إِلاَّ طاهر"، وقد جاء من طُرق عدَّة ضعيفة، لكن ضعْفها يسير، وبذلك يثبت الحديث بمجموع الطُّرق؛ كما ذعر شيخنا في "الإِرواء" (122).
بَيْد أنَّ الحديث جاء بلفظ: "وأنت طاهر"، من طريق عثمان بن أبي العاص؛ كما في "الكبير" للطبراني، وفيه من لا يُعْرَف، وابن أبي داود في "المصاحف"، وفيه انقطاع، بل في إِسنادهما كليهما إِسماعيل بن رافع، وهو ضعيف الحفظ؛ كما قال الحافظ -رحمه الله- وبيَّنه شيخنا -حفظه الله- في "الإِرواء".
أمَّا رواية عمرو بن حزم؛ فقد جاءت بلفظ: "ألاَّ تمسَّ القرآن إِلاَّ على طُهر"؛ كما في "سنن الدارقطنيّ" (1/ 121) (رقم 110) و (رقم 4) أيضاً من طريق عبد الرزاق بيْدَ أنَّها وردت فْي "المصنَّف" بلفظ: "لا يمسّ"، فيخشى التصحيف بما جاء في الدَّارقطني والبيهقيّ برقم (1/ 87).
قلتُ: فالمسألة تحتاج إِلى تتبُّع واستقصاء، فإِن ثبت لفظ: "وأنت طاهر ... " وما في معناه (1)؛ كان تحريم مسِّ القرآن واضحاً بيِّناً للمحدث والجُنُب والحائض.
وجاء في "الإِرواء": "قال إسحاق المروزي في "مسائل الإِمام أحمد" (ص5): قلت (يعني: لأحمد): هل يقرأ الرجل على غير وضوء؟ قال: نعم، ولكن لا يقرأ في المُصحف ما لم يتوضّأ. قال إِسحاق: كما قال؛ لما صحَّ قول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يمسّ القرآن إلا طاهر"، وكذلك فعَل أصحاب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والتابعون".
ثمَّ قال -حفظه الله-: "وممَّا صحَّ في ذلك عن الصحابة ما رواه مصعب ابن سعد بن أبي وقَّاص: أنَّه قال: كنتُ أمسِك المصحف على سعد بن أبي وقَّاص، فاحتَكَكْتُ، فقال سعدٌ: لعلَّك مسَسْتَ ذكَرَكَ؟ قال: فقلتُ: نعم. فقال: قم فتوضّأ. فقمتُ فتوضَّأتُ ثمَّ رجعتُ، رواه مالك (1/ 42) (رقم 59)، وعنه البيهقيّ، وسنده صحيح".
ولم يترجَّح لديَّ شيءٌ في هذا، وإِنَّما أنصحُ بالوضوء لمسِّ القرآن ما وجدَ المرء لذلك سبيلاً، وأسأل الله تعالى أن يلهمنا الحقَّ والصَّواب والرَّشاد، وأن يعافينا من الهوى والتعصُّب والضلال.
وأمّا القراءة بلا مسٍّ؛ فجوازه بيِّنٌ قويٌّ، ومن الأدلَّة على ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر الله على كلِّ أحيانه" (1).
قال شيخنا في "الصحيحة" (406):" ... نعم؛ الأفضل أن يقرأ على طهارة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ردَّ السلام عَقِب التيمُّم: "إِنِّي كرهت أن أذكر الله إِلاَّ على طهارة"، أخرجه أبو داود وغيره، وهو مَخرَّج في "صحيح أبي داود" (23) ".
__________________
قال الزهري - عليه رحمة الله - : " كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحب إلينا من علمه ".
(تاريخ الإسلام للذهبي ٨/٢٤٠)
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-21-2015, 09:10 AM
أبوعبدالرحمن الأعظمي أبوعبدالرحمن الأعظمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: سورية
المشاركات: 290
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عماد القسنطيني مشاهدة المشاركة
ولم يترجَّح لديَّ شيءٌ في هذا، وإِنَّما أنصحُ بالوضوء لمسِّ القرآن ما وجدَ المرء لذلك سبيلاً، وأسأل الله تعالى أن يلهمنا الحقَّ والصَّواب والرَّشاد، وأن يعافينا من الهوى والتعصُّب والضلال.
وأمّا القراءة بلا مسٍّ؛ فجوازه بيِّنٌ قويٌّ، ومن الأدلَّة على ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها-: "كان النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكر الله على كلِّ أحيانه" (1).
قال شيخنا في "الصحيحة" (406):" ... نعم؛ الأفضل أن يقرأ على طهارة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين ردَّ السلام عَقِب التيمُّم: "إِنِّي كرهت أن أذكر الله إِلاَّ على طهارة"، أخرجه أبو داود وغيره، وهو مَخرَّج في "صحيح أبي داود" (23) ".
ألا يمكن أن يقال: إذا كانت العلة _مثلاً_ هي تعظيم كلام الباري _جل في علاه_؛ فهذا ينبغي أن يكون في حال القراءة بلا مس ، وفي حال القراءة بالمس.
فهل العلة هي المس أم القراءة .
فإن كانت القراءة فقد ثبت جوازها.، فعندها لا فرق بين القراءة بمس المصحف أو بدون ذلك.
وإن كان المس فقد ثبت الأحاديث الصحاح التي تفيد طهارة عين المؤمن . والله أعلم.
__________________
قال الإمام الألباني _رحمه الله_:

طالب العلم يكفيه دليل .
وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل .
الجاهل يتعلم .
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .

وقال شيخنا علي الحلبي_حفظه الله_تعالى_ورعاه_:
سلامة المنهج أهمّ بكثير من العلم.
ولأن يعيش المرء جاهلاً خير له من أن علمه على خلاف السنة والعقيدة الصحيحة
.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:26 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.