أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
93994 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر القرآن والسنة - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 07-05-2010, 08:19 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

الجمع بين قول الله تعالى في كتابه العزيز (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) و(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) و(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)
يقول السائل قال الله تعالى في كتابه العزيز (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) وقال في موضعٍ آخر (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) وقال (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) فما معنى هذه الآيات؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الآيات كما سمعنا جميعاً ذكر بعضها بالإفراد وبعضها بالتثنية وبعضها بالجمع وقد يفهم الإنسان بادئ ذي بدء أن هناك تعارضاً بين هذه الآيات وأقول إنه لا تعارض في القرآن الكريم أبداً فالقرآن الكريم لا يتعارض بعضه مع بعض ولا يتعارض مع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا وجدت شيئاً متعارضاً فاطلب وجه الجمع بين هذه التي تظن أنها متعارضة فإن اهتديت إلى ذلك فذلك المطلوب وإن لم تهتد إليه فالواجب عليك أن تقول كما يقول الراسخون في العلم (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) واعلم أنه إنما يتوهم التعارض بين القرآن أو بينه وبين ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان قاصراً في العلم أو مقصراً في التدبر وإلا فإن الله يقول (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) وإنما قدمت هذه المقدمة لأجل أن تعم الفائدة أما الجواب على السؤال فنقول إن الإفراد في قوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشرِقِ وَالْمَغرِبِ) يراد به الجنس وما أريد به الجنس فإنه لا ينافي التعدد وأما قوله تعالى (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فإن المراد بالمشرقين ما يكون في الصيف وفي الشتاء يعني آخر مشرق للشمس في أيام الصيف وآخر مشرق للشمس في أيام الشتاء يعني معناه مدار الشمس أو انتقال الشمس من مدار الجدي إلى مدار السرطان تكون في آخر هذا في أيام الصيف وفي آخر هذا في أيام الشتاء هذا أكبر دليل على قدرة الله عز وجل حيث ينقل هذا الجرم العظيم وهذه الشمس العظيمة ينقلها من أقصى الجنوب إلىأقصى الشمال وبالعكس وهذا من تمام قدرة الله عز وجل أن تنتقل من الشمال إلى الجنوب فهذا معنى المشرقين أي مشرقا الصيف والشتاء وأما قوله (الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) بالجمع فقيل إن المراد مشرق الشمس ومغربها كل يوم فإن لها في كل يوم مشرقاً ومغرباً غير المشرق والمغرب في اليوم الذي قبله أو اليوم الذي يليه والله تعالى على كل شيء قدير وقيل المراد بالمشارق والمغارب مشارق الشمس والنجوم والقمر فإنها تختلف فيكون الجمع هنا باعتبار ما في السماء من الشمس والقمر والنجوم وعلى كل حال فالله تعالى رب هذا كله وهو المدبر سبحانه وتعالى والمتصرف فيه كما تقتضي حكمته.
فتاوى نور على الدرب للشيخ العثيمين رحمه الله
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 07-06-2010, 12:30 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

الجَمع بين أحاديث الترغيب في الحرث والزرع وأحاديث ذمِّه


* الحض على استثمار الأرض وزرعها:

7 - عن أنس: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير، أو إنسان أو بهيمة؛ إلا كان له به صدقة ".

8 - وعن جابر مرفوعًا: " ما مِن مسلم يغرس غرسًا؛ إلا كان ما أكل منه له صدقة، وما سرق منه له؛ صدقة، وما أكل السبع منه؛ فهو له صدقة، وما أكلت الطير؛ فهو له صدقة، ولا يرزؤه أحد؛ إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة ".

9 - عن أنس -رضي الله عنه-: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:" إن قامت السَّاعة وفي يدِ أحدِكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقومَ حتى يغرسها؛ فليغرسْها ".


قال الألباني -رحمه الله-:
( ولا أدل على الحض على الاستثمار في هذه الأحاديث الكريمة، لا سيَّما الحديث الأخير منها؛ فإنَّ فيه ترغيبًا عظيمًا على اغتنام آخر فرصة من الحياة في سبيل زرع ما يَنتفع به الناس بعد موته، فيجري له أجرُه، وتكتب له صدقتُه إلى يوم القيامة ).


* التكالب على الدنيا يورث الذل:

10 - عن أبي أمامة الباهلي قال: ورأى سكة وشيئًا من آلة الحَرث، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " لا يدخل هذا بيتَ قوم؛ إلا أدخلَه الله الذُّل ".

قال الألباني -رحمه الله-:
وقد وفق العلماء بين هذا الحديث والأحاديث المتقدمة آنفًا بوجهين اثنين:
الأول: أن المراد بالذل ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة من خراج أو عشر، فمن أدخل نفسه في ذلك؛ فقد عرضها للذل.

قال المناوي في "الفيض" :
( ليس هذا ذمًّا للزراعة؛ فإنها محمودة مُثاب عليها؛ لكثرة أكل العوافي منها، إذ لا تَلازم بين ذل الدنيا وحرمان ثواب البعض ).

ولهذا قال ابن التين:
( هذا من إخباره -صلى الله عليه وسلم- بالمغيبات؛ لأن الشَّاهد الآن أن أكثر الظلم إنما هو على أهل الحرث ).

الثاني: أنه محمول على مَن شغلَه الحرث والزرع عن القيام بالواجبات؛ كالحرب ونحوه، وإلى هذا ذهب البخاري، حيث ترجم للحديث بقوله: ( باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع، أو مجاوزة الحد الذي أمر به ).

فإن المعلوم أن الغلو في السعي وراء الكسب يلهي صاحبه عن الواجب، ويحمله على التكالب على الدنيا، والإخلاد إلى الأرض، والإعراض عن الجهاد؛ كما هو مشاهد من الكثيرين من الأغنياء.

ويؤيد هذا الوجه قوله -صلى الله عليه وسلم-:

11 - " إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلًّا لا ينزعه حتى تَرجعوا إلى دينكم ".

فتأمل كيف بيَّن هذا الحديثُ ما أجمِل في حديث أبي أمامة المتقدِّم قبله ؟!

فذكر أن تسليط الذل ليس هو لمجرد الزرع والحرث؛ بل لما اقترن به من الإخلاد إليه، والاشتغال به عن الجهاد في سبيل الله؛ فهذا هو المراد بالحديث، وأما الزرع الذي لم يقترن به شيء من ذلك؛ فهو المراد بالأحاديث المرغبة في الحرث؛ فلا تعارض بينها ولا إشكال.

12 - عن ابن مسعود - رضي الله عنه-: " لا تتخذوا الضَّيعة؛ فترغبوا في الدُّنيا ".

( قال القرطبي: يجمع بينه وبين حديث الباب بحمله على الاستكثار والاشتغال به عن أمر الدين، وحمل حديث الباب على اتخاذها للكفاف أو لنفع المسلمين بها وتحصيل توابعها ).

قلت [أي الألباني]:
ومما يؤيد هذا الجمع اللفظ الثاني من حديث ابن مسعود؛ فإن (التبقر): التكثر والتوسع. والله أعلم...



["السلسلة الصحيحة"، المجلد الأول، القسم الأول، باختصار، من أرشيف مشاركاتي في "شبكة سحاب"].
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 07-10-2010, 06:16 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

الجمع بين قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « كل بدعة ضلالة » , و قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ".
فالجواب عن ذلك من وجهين :
الوجه الأول: أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يعارض كلام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأي كلام، لا بكلام أبي بكر الذي هو أفضل الأمة بعد نبيها، ولا بكلام عمر الذي هو ثاني هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام عثمان الذي هو ثالث هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام علي الذي هو رابع هذه الأمة بعد نبيها، ولا بكلام أحد غيرهم لأن الله تعالى يقول: { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } قال الإمام أحمد رحمه الله: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك". ا.هـ. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقولون: قال أبو بكر وعمر !".
الوجه الثاني : أننا نعلم علم اليقين أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشد الناس تعظيما لكلام الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان مشهورا بالوقوف على حدود الله تعالى حتى كان يوصف بأنه كان وقافا عند كلام الله تعالى. وما قصة المرأة التي عارضته -إن صحت القصة- في تحديد المهور بمجهولة عند الكثير حيث عارضته بقوله تعالى: { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا } . فانتهى عمر عما أراد من تحديد المهور. لكن هذه القصة في صحتها نظر. لكن المراد بيان أن عمر كان وقافا عند حدود الله تعالى لا يتعداها، فلا يليق بعمر رضي الله عنه وهو من هو أن يخالف كلام سيد البشر محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن يقول عن بدعة:"نعمت البدعة" وتكون هذه البدعة هي التي أرادها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: « كل بدعة ضلالة » بل لا بد أن تنزل البدعة التي قال عنها عمر: إنها "نعمت البدعة" على بدعة لا تكون داخلة تحت مراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: « كل بدعة ضلالة » فعمر رضي الله عنه يشير بقوله: "نعمت البدعة هذه" إلى جمع الناس على إمام واحد بعد أن كانوا متفرقين، وكان أصل قيام رمضان من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها « أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام في الناس ثلاث ليال وتأخر عنهم في الليلة الرابعة وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها » . فقيام الليل في رمضان جماعة من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وسماها عمر رضي الله عنه بدعة باعتبار أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما ترك القيام صار الناس متفرقين يقوم الرجل لنفسه، ويقوم الرجل ومعه الرجل، والرجل ومعه الرجلان، والرهط والنفر في المسجد، فرأى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه برأيه السديد الصائب أن يجمع الناس على إمام واحد، فكان هذا الفعل بالنسبة لتفرق الناس من قبل بدعة، فهي بدعة اعتبارية إضافية، وليست بدعة مطلقة إنشائية أنشأها عمر رضي الله عنه؛ لأن هذه السنة كانت موجودة في عهد الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي سنة، لكنها تركت منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام حتى أعادها عمر رضي الله عنه، وبهذا التقعيد لا يمكن أبدا أن يجد أهل البدع من قول عمر هذا منفذا لما استحسنوه من بدعهم.
من كتاب مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين -رحمه الله - / باب العقيدة أخذته من رسالة بعنوان : الإبداع في بيان كمال الشرع وخطر الابتداع.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 07-12-2010, 11:08 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

الجمع بين قوله: "القضاة ثلاثة ..." وبين قوله: "وإذا أخطأ ..."


[سئل العلامة ابن باز -رحمه الله-]
كيف نوفق بين الحديثين التاليين: قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: " القُضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأمَّا الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجَار فهو في النار، ورجل قَضى للناس على جهل فهو في النار " [1] رواه أبو داود، وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومعناه: (المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد)؛ وفقوا بين الحديثين؟ [2]


[الجواب]
ليس بينهما -بحمد الله- تعارض، بل المعنى واضح.

فالحديث الأول فيمن قضى للناس على جهل ليس عنده علم لشرع الله يقضي به بين الناس فهو متوعَّد بالنار؛ لقوله على الله بغير علم.

وهكذا الذي يعلم الحق ولكن يجور مِن أجل الهوى لمحبته لشخص أو لرشوة أو ما أشبه ذلك فيجور في الحكم؛ فهذان في النار، لأن الأول ليس عنده علم يقضي به فهو جاهل فليس له القضاء، أما الثاني فقد تعمد الجور والظلم فهو في النار.

أما الأول فقد عرف الحق وقضى به فهو في الجنة.

أما حديث الاجتهاد الذي رواه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- وما جاء في معناه وهو في "الصحيحين": عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر "؛ فهذا في العالم الذي يعرف الأحكام الشرعية وليس بجاهل، ولكن قد تخفى عليه بعض الأمور وتشتبه عليه بعض الأشياء فيجتهد ويتحرى الحق وينظر في الأدلة الشرعية من القرآن والسنة ويتحرى الحكم الشرعي لكنه لم يصبه، فهذا له أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب [وخطؤه] مغفور؛ لأنه عالم عارف بالقضاء، ولكن في بعض المسائل قد يغلط بعد الاجتهاد والتحري والنيَّة الصالحة، فهذا يعطَى أجر الاجتهاد ويفوته أجر الصواب.

الثاني: اجتهد طلب الحق واعتنى بالأدلة الشرعية وليس له قصد سيئ بل هو مجتهد طالب للحق فوفق له واهتدى إليه وحكم بالحق؛ فهذا له أجران: أجر الإصابة وأجر الاجتهاد.

وبهذا يُعلم أنه ليس بين الحديثين تعارض -والحمد لله-.







________________________

[1] أخرجه أبو داود برقم 3102 (كتاب الأقضية)، باب في القاضي يخطئ.
[2] سؤال أجاب عنه سماحته في تاريخ 28/5/1412هـ.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، المجلد الثالث والعشرون.
نقلاً من موقع العلامة ابن باز -رحمه الله-
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 07-22-2010, 08:52 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

في الجمع بين أحاديث
صوم معظم شعبان والنهي عن صوم النصف الثاني منه

السـؤال:

ما الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وآله وسلم من صوم شعبان، وكيف يدفع التعارض مع ما جاء من النهي في صوم النصف الثاني من شهر شعبان؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثرَ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ»(١)، وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: «كَانَ لاَ يَصُوم فِي السَنَةِ شَهْرًا تامًّا إِلاَّ شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(٢).

ويُحمَل صيام الشهر كُلِّه على معظمه؛ لأنَّ «الأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الكُلِّ»، وإن كان اللفظ مجازًا قليلَ الاستعمال والأصلُ الحقيقة، إلاَّ أنَّ الصارف عنها إلى المعنى المجازي هو ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَآله وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»(٣). وعنها رضي الله عنها قالت: «وَلاَ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ مُنْذُ قَدِمَ المدينَةَ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٤)، ويؤيِّده حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٥).

والحكمة في إكثاره صَلَّى الله عليه وآله وسلم من صوم شعبان؛ لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى وكان النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم يحب أن يُرفع عمله وهو صائم، كما ثبت من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله: لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(٦).

ولا يُمنع أن تكون أيام التطوُّع التي اشتغل عن صيامها لسفرٍ أو لعارضٍ أو لمانعٍ اجتمعت عليه فيقضي صومَها في شعبان رجاءَ رفع عمله وهو صائم، وقد يجد الصائم في شعبان -بعد اعتياده- حلاوةَ الصيام ولذَّتَه فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط وتكون النفس قد ارتاضت على طاعة الرحمن(٧).

هذا، وينتفي التعارض بالجمع بين الأحاديث الدالَّة على مشروعية صوم معظم شعبان واستحبابه وما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا حَتَى يَكُونَ رَمَضَان»(٨)، وكذلك النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومين في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْم»(٩).

فيُدفع التعارض بما ورد من الاستثناء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بقوله: «إِلاَّ أَنْ يَكونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَه فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْم»، أي: إلاَّ أن يوافق صومًا معتادًا(١٠)، كمن اعتاد صوم التطوُّع: كصوم الاثنين والخميس، أو صيامِ داود: يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو صومِ ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وعليه فإنَّ النهي يحمل على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده(١١)، أي: من صيام التطوع.

ويُلحق بهذا المعنى: القضاءُ والكفارة والنذر سواء كان مطلقًا أو مقيَّدًا إلحاقًا أولويًّا لوجوبها؛ ذلك لأنَّ الأدلة قطعية على وجوب القضاء والكفارة والوفاء بالنذر، وقد تقرَّر-أصوليًا- أنَّ القطعي لا يُبطِلُ الظني ولا يعارضه(١٢).

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.



الجزائر في: 20 رجب 1430هـ

الموافق ﻟ: 12 يوليو 2009م

************************************************** ****

١- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صوم شعبان: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٢- أخرجه أبو داود كتاب «الصوم»، باب فيمن يصل شعبان برمضان: (2/521)، والترمذي كتاب «الصوم»، باب وصال شعبان برمضان: (736)، وأحمد: (6/311)، من حديث أم سلمة رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «صحيح أبي داود»: (2336).

٣- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب صوم شعبان: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٤- أخرجه مسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1156)، والنسائي كتاب «الصيام»: (2349)، من حديث عائشة رضي الله عنها.

٥- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره: (1/471)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/513) رقم: (1157)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

٦- أخرجه النسائي كتاب «الصيام»، باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم: (2357)، وأحمد: (5/201)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه. والحديث حسّنه الألباني في «الإرواء»: (4/103).

٧- انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب: (135).

٨- أخرجه أبو داود كتاب «الصوم»، باب في كراهية ذلك: (2/521)، والترمذي كتاب «الصوم»، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان: (738)، وابن ماجه كتاب «الصيام»، باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صوما فوافقه: (1651)، وأحمد: (2/442)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع»: (397).

٩- أخرجه البخاري كتاب «الصوم»، باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم ولا يومين: (1/457)، ومسلم كتاب «الصيام»: (1/483)، رقم: (1082)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

١٠- انظر: «المجموع» للنووي: (6/400).

١١- انظر: «فتح الباري» لابن حجر: (4/215)، و«سبل السلام» للصنعاني: (2/349).

١٢- انظر عدم تعارض القطعي مع الظني في: «شرح الممتع» للشيرازي: (2/950-951)، «الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي: (1/215)، «المنهاج» للباجي: (120)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي: (421).

من الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ : محمد علي فركوس -حفظه الله تعالى-
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 07-28-2010, 11:55 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

الجمع بين {فاسْعَوا إلى ذِكرِ الله}، وبين " إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ؛ فلا تأتوهَا تَسعَونَ ... "


(( قال [الله -عز وجل-] في "الجمعة": {فاسْعَوا إلى ذِكرِ الله} ...
وقد ثبت في "الصحيح": عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " إذا أُقيمتِ الصَّلاةُ؛ فلا تأتوهَا تَسعَونَ، وائتوها تَمشون، وعليكم بالسَّكينةِ، فما أدركتُم فصَلُّوا، وما فاتكم فأتِموا ".
فلم ينهَ عن السعي إلى الصلاة -فإن الله أمر بالسَّعي إليها-؛ بل نهاهم أن يأتوا إليها يسعون؛ فنهاهم عن الإتيان المتَّصفِ بسعيِ صاحبه، والإتيان فِعل البدن، وسعيُه عدْو البدن، وهو منهيٌّ عنه.
وأما السعي المأمور به في الآية؛ فهو الذهاب إليها على وجه الاهتمام بها والتفرغ لها عن الأعمال الشاغلة -من بيع وغيره-، والإقبال بالقلب على السعي إليها )).

[نقلاً من: " التبيان في أقسام القرآن "، لابن القيم، ص19].
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 08-02-2010, 11:45 AM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

الجمع بين قول النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " « إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ..... » وبين قول الله تعالى - : { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } ؟
( 201 ) وسئل فضيلته : عن قول النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " « إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها » أو كما قال ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وهل يعارض هذا الحديث قول الله تعالى - : { إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } ؟
فأجاب :حفظه الله تعالى -بقوله :هذا الحديث حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -يخبر فيه النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ؛ لقرب أجله وموته ثم يسبق عليه الكتاب الأول الذي كتب أنه من أهل النار ، فيعمل بعمل أهل النار - والعياذ بالله - فيدخلها ، وهذا فيما يبدو للناس ويظهر كما جاء في الحديث الصحيح: « إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار » . - نسأل الله العافية - وكذلك الأمر بالنسبة للثاني يعمل الإنسان بعمل أهل النار ، فيمُنُّ الله تعالى عليه بالتوبة والرجوع إلى الله عند قرب أجله ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها.
والآية التي ذكرها السائل لا تعارض الحديث لأن الله -تعالى - قال: { أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا } ومن أحسن العمل في قلبه وظاهره فإن الله - تعالى -لا يضيع أجره ، لكن الأول الذي عمل بعمل أهل الجنة فسبق عليه الكتاب ، كان يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس فيسبق عليه الكتاب، وعلى هذا يكون عمله ليس حسنًا وحينئذ لا يعارض الآية الكريمة . والله الموفق
من كتاب :مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 08-02-2010, 02:02 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

أحسنتِ النقل أختي أم أويس! بارك الله فيك.
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 08-03-2010, 06:50 PM
أم أويس السلفية أم أويس السلفية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 356
افتراضي

وفيك بارك الله أختي أم زيد
معنى هاتين الآيتين وهل بينهما تعارض الآية الأولى من سورة السجدة يقول الله تعالى (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) والآية الثانية من سورة المعارج إذ يقول الله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)؟
يقول السائل أرجو إيضاح معنى هاتين الآيتين وهل بينهما تعارض الآية الأولى من سورة السجدة يقول الله تعالى (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) والآية الثانية من سورة المعارج إذ يقول الله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
فائدة : قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أبين أنه ليس في كتاب الله ولا في ما صح عن رسول صلى الله عليه وسلم تعارض أبداً وإنما يكون التعارض فيما يبدو للإنسان ويظهر له إما لقصور في فهمه أو لنقص في علمه وإلا فكتاب الله وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم ليس فيهما تعارض إطلاقاً قال الله تعالى (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) فإذا بدا لك أيها الأخ شيء من التعارض بين آيتين من كتاب الله أو حديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بين آية وحديث فأعد النظر مرة بعد أخرى فسيتبين لك الحق ووجه الجمع فإن عجزت عن ذلك فاعلم أنه إما لقصور فهمك أو لنقص علمك ولا تتهم كتاب الله عز وجل و ما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم بتعارض وتناقض أبدا .
وبعد هذه المقدمة أقول إن الآيتين اللتين أوردهما السائل في سؤاله وهما قوله تعالى في سورة السجدة (يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وقوله في سورة المعارج (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) الجمع بينهما أن آية السجدة في الدنيا فإنه سبحانه وتعالى يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار هذا اليوم الذي يعرج إليه الأمر مقداره ألف سنة مما نعد لكنه يكون في يوم واحد ولو كان بحسب ما نعد من السنين لكان عن ألف سنة وقد قال بعض أهل العلم إن هذا يشير إلى ما جاء به الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام (أن بين السماء الدنيا والأرض خمسمائة سنة) فإذا نزل من السماء ثم عرج من الأرض فهذا ألف سنة وأما الآية التي في سورة المعارج فإن ذلك يوم القيامة كما قال تعالى (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) فقوله (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ) هذه لقوله (الْمَعَارِجِ) وقوله (في يوم) ليس متعلقاً بقوله تعالى (الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) لكنه متعلق بما قبل ذلك وقوله (بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) فيكون هذا العذاب الذي يقع للكافرين في هذا اليوم الذي مقداره خمسين ألف سنة وهو قوله (لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) مِنْ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ) هي جملة معترضة وبهذا تكون آية المعارج في يوم القيامة وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة في قصة مانع الزكاة (أنه يحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) فتبين بهذا أنه ليس بين الآيتين شيء من التعارض لاختلاف محلهما والله أعلم.
من: فتاوى نور على الدرب / لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
__________________
أم أويس السلفية : زوجة أبو أويس السليماني -حفظه الله ونفع به-
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.