أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
95517 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-11-2014, 01:59 PM
أم مسعود أم مسعود غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 52
افتراضي التعليق على القواعد الأربع : من السابع لإلى الأخير .

الدرس السابع
الشفاعة :

من وقع في الشرك يقولون نحن نستشفع بهؤلاء , ودليل الشفاعة قوله تعالى : ((وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس : 18] . إذا لماذا يعبدوا هؤلاء ما دام أنهم لا ينفعونهم ولا يضرونهم , أليس هذا نتيجة لخلل في العقل ؟ ! ((وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ )) سموا الشرك شفاعة وهذا من الخداع , فقال الشيخ ردا عليهم :
(( الشفاعة شفاعتان )) :
(( شفاعة منفيـــــة )) : وهي التي استدل بها هؤلاء المشركون وهي (( شفاعة شركية )) وتعريفها : هي التي تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله .
وبعض الناس يقولون الآن لا يوجد شرك في هذه الأمة , ولكن الشرك باقٍ إلى يوم القيامة . والدليل على الشفاعة المنفية قوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) [البقرة : 254] , يقول الله تبارك وتعالى : (( أنفقوا مما رزقناكم )) أي من المال , وأيضاً العلم الشرعي يدخل في هذا الإنفاق , فالنفقة مفهومها عام : المال , والعلم , ومساعدة الناس , ((مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ )) أي يوم القيامة الصداقة تنقلب إلى عداوة إلا ما كان في الله عز وجل , (( ولا شفاعة )) : أي الشفاعة المنفية , ((وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ )) : أي المشركون سموا ظالمون لأنهم صرفوا حق الخالق وجعلوه للمخلوق .
النوع الثاني : (( الشفاعة المثبتـــــــــة )) :
وهي التي تطلب من الله عز وجل . كأن يقول اللهم شَفِّع فيَ نبيك .
والشافع مكرم بالشفاعة : مكرم لأن الله عز وجل أعطاه الشفاعة , مثل الصالحون , الله عز وجل هو الذي يأذن لهم أن يشفعوا لغيرهم .
والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن : أي لابد أن يكون موحدا في قوله وعمله , وبعد الإذن : لابد أن يأذن الله عز وجل له أن يشفع , كما قال الله عز وجل ((مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ )) [البقرة : 255] أي لا أحد يستطيع أن يشفع يوم القيامة إلا أن يأذن الله عز وجل له في الشفاعة .
· هذا الجزء الثاني من المتن يتضمن مسائل :
1 / قولهم : (( هؤلاء شفعاؤنا عند الله ...)) هذا لا ينفعهم لأن الذي ينفعهم هو : التوحيد والعمل الصالح .
وصرف العبادة لغير الله يجعل الإنسان مشركاً ولو أقر بتوحيد الربوبية , لأن توحيد الربوبية وحده لا يُحرِّم الدماء والمال , ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قاتل المشركين وهم مقرون بتوحيد الربوبية وقال كما جاء في الحديث الصحيح :
((عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله))([1]) .
فمن عَبَد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ارزقني أو غيره ... قيل له : هذا هو دين المشركين , بل هم أقروا أن غير الله لايرزق ولا يخلق.
2 / المشركون جهلوا معنى الشفاعة الحقة التي تنفع وما عرفوا معنى الشفاعة الباطلة لذلك خلطوا بينهما لأن الشفاعة الحقة كما سبق لها شروط .
3 / الشفاعة المنفية أنواع : إما أن تكون بغير إذن الله عز وجل , وإما أن تكون شركية .
4/ الشفاعة المثبتة تكون لأهل التوحيد والإخلاص ولا تكون لمن أشرك بالله وتكون بعد إذن الله تعالى كما سبق بيانه , فعن أبي هريرة أنه قال: قيل يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لقد ظننت - يا أبا هريرة - أن لا تسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه ))([2]) .










أسئلة القاعدة الأولى :
1 / ما موقف المشركين من توحيد الربوبية ؟
2 / جهال المسلمين يظنون أن :
( أ ) توحيد الربوبية يكفي ( ). ( ب ) توحيد الربوبية لا يكفي ( ) .
3 / هل توحيد الربوبية يحرم الدماء والأموال ؟
5 / ما هو توحيد الربوبية ؟
6 / هل وقع الشرك في الربوبية ؟
7 / ما هو تعريف علماء الكلام للتوحيد والشرك ؟
8 / لماذا قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين ؟
9 / قول الله تعالى في آخر سورة يونس (( أفلا تتقون )) ما معناه ؟

أسئلة القاعدة الثانية :

1 / في أي نوع من أنواع التوحيد أشرك المشركون ؟
2 / بماذا يحتج المشركون على عبادتهم الأولياء ؟
3 / سبب شرك المشركون اتخاذهم شفعاء ووسطاء مع الله تعالى :
( أ ) لقضاء الحوائج ( ) . ( ب ) توحيدهم في الربوبية ( ) .
عبادتهم الأصنام ( ) .
4 / قال تعالى : { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } لماذا سمى الله تعالى المشركون كذبة كفرة ؟
5 / ما الذي أبطل حصول الشفاعة للمشركون ؟
6 / ما هي أنواع الشفاعة وشروطها ؟
7 / بماذا نصف قول المشركون بأن اتخاذ الوسائط والشرك هو الشفاعة ؟


الدرس الثامن

القاعدة الثالثة :
أي من القواعد الأربعة .
قال الشيخ رحمه الله تعالى : القاعدة الثالثة : ( أن النبي ظهر في أناس متفرقين في عباداتهم، منهم من يعبد الملائكة، ومنم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله ، ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: (( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله )) ) :
التعليق : يقول المُصَنِّف رحمه الله : ( إن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ ظهر على أناس متفرقين في عباداتهم ) : بمعنى أن آلهتهم شتى , وقد جاء أن للكعبة في عهد قريش ثلاثمائة وستون (360 ) صنماً , وكان منهم أناس يعبدون الملائكة والصالحين وإلى اليوم بعض الناس يعبدهم , فاليهود منهم من يعبد عزير قيل كان نبيا , والنصارى يعبدون المسيح عيسى بن مريم _ عليه السلام _ , ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار في ذلك الزمان , ومنهم من يعبد الشمس والقمر وقاتلهم رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ جميعا ولم يفرق بينهم , لم يفرق بين من عبد الصنم ومن عبد الملائكة والصالحين ومن عبد الأشجلر والأحجار , لم يفرق بين هذا وهذا .
وكلام الشيخ_ رحمه الله تعالى _ هذا يتضمن مسائل :
1 / أن المشركون شركهم مُتنوِّع أقسام , فالشرك واحد وإن تنوع المعبودون مِنْ قمر , أوشمس , أوشجر , أوحجر , أونبي ... إلخ , قال تعالى : { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة : 5] حنفاء : أي مائلون عن الشرك إلى التوحيد , وقال الله تعال : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [الإسراء : 23] وقال الله تعالى : { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) } (البقرة ) فمن خالف هذه الآيات فقد أشرك سواء كان ذلك الشرك بالأنبياء أو الشمس أو الملائكة أو غير ذلك .
2 / أن من قبح الشرك أن أصحابه لا يجتمعون على شيء واحد , أما الموحدون فمعبودهم واحد , قال تعالى : { أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } (39) [يوسف : 39] فهل يستوي هذا وهذا ؟ !
3 / أن الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قاتل المشركين ولم يفرق بينهم , وقاتلهم الصحابة _ رضي الله تعالى عنهم _ , وفي هذا ردٌ على الذين يفرقون بين الصنم والقمر , وعندما يُسألوا عن عبادة غير الله تعالى يقولون : ( هذا ليس شركاً ؛ لأن هذه الأشياء : القبور والأولياء ليس أصناماً , والشرك هو عبادة الأصنام ) فيُقال لهم : والرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ قاتل المشركين جميعاً وكذلك الصحابة فَهِموا هذا الفهم وهو قتل المشركين كائن من كان معبودهم ؛ لأن الشرك هو عبادة غير الله كائنا من كان .
قال تعالى : { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ }[الأنفال : 39] : وقاتلوهم : الواو واو الجماعة وهي تفيد العموم , حتى لا تكون فتنة : أي شرك , ففي هذه الآية قتالهم جميعاً بلا تفريق بينهم .
فالفتنة : هي الشرك . ومن معانيها : الاختلاف , ومنها المعاصي وانتشارها وفشوها في المسلمين . قال تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ } [البقرة : 217] فالشرك أكبر من القتل , والسبب أن المشركين قالوا للمسلمين لماذا أنتم قاتلتمونا في الشهر الحرام ؟ فالله_ عز وجل _ رد عليهم : أن الشرك أكبر من القتل , وهذا لا يدل على تهوين قتل النفس , بل قال الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _ (( لا يزال المسلم في فُسْحَة من دينه ما لم يُصب دماً )[3] , وكان رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _ إذا بعث سرية[4] لم يبدأ بقتال المشركين حتى يدعوهم إلى الإسلام , وقال لعلي _ رضي الله تعالى عنه _ يوم فتح خيبر : (( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم , ثم ادعهم إلى الإسلام فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم ))[5] .
فكان الرسول عليه الصلاة السلام لا يقاتل المشركين إلا بعد إقامة الحجة عليهم والإرشاد والتوعية , والقتال للمشركين يجب بقدرة الحاكم وأمره وتحت رايته لا لإفراد الناس , وقال تعالى : { انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا } [التوبة : 41] أي جاهدوا المشركين , وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (11) [الصف : 10 ، 11] أي جهاد المشركين .

يتبع إن شاء الله .

بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس التاسع

المتن : قال الشيخ رحمه الله تعالى : (( ودليل الشمس والقمر قوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [فصلت : 37 ، 38] )) :
هذه الآية دلت على أن من البشر من يعبد الشمس والقمر , ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها ؛ لأن في هذين الوقتين يسجد لها عُبَّادها , لذا جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بباب سد الذرائع والوسائل الموصلة إلى الشرك .
ودليل الملائكة : قوله تعالى : { وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران : 80] :
هذه الآية دلت على أن من البشر من عبد الملائكة والأنبياء ,فالله عز وجل لا يأمر بهذا , ولكن نبه على هذا ؛ لأن من الناس من يفعل ذلك وفي هذا ردٌ على الذين يقولون : أن عبادة الملائكة والصالحين ليس بشرك .
ودليل الأنبياء : قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } [المائدة : 116 ، 117] :
يقول الله تعالى : هل قلت يا عيسى للناس اعبدوني وأمي من دون الله ؟ سبحان الله ! الله عز وجل لا يُحابي أحداً , قال عيسى عليه الصلاة والسلام : سبحانك ! أي أنزهك أن أقول هذا , ثم قال : - وهذا من أدب عيسى عليه الصلاة والسلام - إن كنت قلته فأنت تعلمه ولا أعلم مافي نفسك وأنت تعلم ما في نفسي إنك أنت علام الغيوب .
الآية ردٌ على من يقول عبادة الأنبياء جائزة بل مستحبة وقولهم هذاباطلٌ من وجهين :
1/ الله عز وجل أنكر في القرآن الكريم على كل من عَبَد من دون الله شيئا , وأمر أيضاً بقتالهم كلهم .
2 / النبي صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين عابد صنم أو عابد شمس أو نبي أو ولي أو ملك ... إلخ بل قاتلهم جميعاً , لم يقل مثلاً الذي يعبد الملائكة أتركوه ! .
ودليل الصالحين : قوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } [الإسراء : 57 ، 58] :
هذه الآية فيها دليل الإنكار على من عبد الصالحين , وفي الآية تفسيران :
التفسير الأول : نزلت فيمن يعبد المسيح وأمه وعزيرا , نزلت في هؤلاء الثلاثةفأخبر الله عز وجل أنهم لا يصلحون للعبادة لأنهم بشر محتاجون .
أولئك : راجعة إلى عيسى وأمه وعزير وغيرهم من الصالحين الذين يدخلون فيهذا .
يبتغون : أي هم يعبدون الله بالوسيلة يبتغون إليه الطاعات .
أيهم أقرب : أي يتنافسون في عبادة الله تعالى .
يدعون : راجعة إلى المشركين .. يدعون أولئك الثلاثة .
بل ( عيسى وأمه وعزير ) : يرجون رحمة الله ويخافون عذابه .
فمن كان هذا حاله هل يُعبد من دون الله عز وجل ؟!
التفسير الثاني : نزلت هذه الآية في أناس مشركين كانوا يعبدون الجن , ثم أسلم بعد ذلك أولئك الجن وأصبحوا يعبدون الله عز وجل ويبتغون إليه العبادات , وهؤلاء المشركين عاكفين على عبادة الجن وما علموا بإسلامهم .
· فالآية على تفسيرها الأول والثاني : دالة على عدم جواز عبادة الصالحين لافتقارهم إلى الله تعالى .
· أما لفظ الوسيلة : فهي الطاعة , هذا هو تفسيرها الصحيح ومعناها عند علماء السلف , أما المشركون يفسرونها باتخاذ الواسطة , لذلك هم يقولون : أنتم تنكرون الواسطة وهي ذكرت في القرآن . وذلك لأنهم فسروا معناها بغير تفسيرها الصحيح .

يتبع إن شاء الله .

الدرس العاشر

المتن : قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : (( ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى : (( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى )) (19) [النجم : 19]
قوله دليل الأشجار والأحجار , يعني أن هناك من عبد الأشجار والأحجار , بعض الناس يقول الآن لا يوجد شرك إنما الشرك كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , وذكر الشيخ الدليل من القرآن الكريم , ( أفرأيتم ) : استفهام إنكاري , وهذا الأسلوب يأتي للتوبيخ أنك توبخ الْمُخَاطب , وهناك استفهام عادي , أما الاستفهام الإنكاري ففيه تقريع وتوبيخ ولوم , و(اللَّات) صنم كان في الطائف وهذا الصنم كان لثقيف وما ولاه من القبائل , وثقيف هي القبيلة التي قال عنها النبي عليه الصلاة و السلام قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يخرج من ثقيف كذاب ومبير ))[6] قال الترمذي رحمه الله : يقال «الكذاب» المختار بن أبي عبيد الثقفي، والمبير أي الظالم وهو الحجاج بن يوسف الثقفي , وهذا من علامات النبوة لأنه وقع , والحجاج اشتهر ظلمه وسفك الدماء وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يعيشون في ولاية الحجاج ولم يخرجوا عليه , وفي هذا درس عظيم وفيه ردٌّ على يخرج على ولاة الأمور من غير توفر شروط الخروج وهي شروط دقيقة قال عنها العلماء " (( لم تنطبق على مرِّ التاريخ )) , قال شيخ الإسلام ابن تيمية _ رحمه الله _ (( وقل من خرج على إمام ذي سلطان إلا كان ما تولد على فعله من الشر أعظم مما تولد من الخير ))[7] .
إذاً من قال الحكام الظلمة هل يجوز الخروج عليهم ؟ هذا السؤال أجاب عليه النبي صلى الله عليه وسلم : جاء عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ ؤرضي الله تعالى عنه قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ))[8] .
ومما جاء عن السلف الصالح في النهي عن الخروج والمظاهرات : جاء بعض التابعين إلى الحسن البصري رحمه الله تعالى قالوا : ألا ترى ما فعل الحجاج ؟ قال اصبروا ؛ الحجاج عقوبة الله عليكم أتريدون أن تغيروا عقوبة الله بسيوفكم ؟
لهذا يقول العلماء : كيفما تكونوا يولى عليكم , قال ابن القيم رحمه الله تعالى : (( الحكام صور لأعمالنا ؛ فنحن لا نرقى بأن يولي الله علينا مثل عمر بن عبد العزيز فكيف بأبي بكر وعمر ؟ )) ., وقال الله تعالى : (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) (96) [الأعراف : 96] , قال العلماء : القرى هي المدن .


يتبع إن شاء الله


تكملة الدرس الحادي عشر

(اللَّات) كما سبق صنم في الطائف لثقيف كما هو معلوم وما والاه من القبائل القريبة منها ويتفاخرون بها , وفي اللَّات قراءتان :
الأولى : اللاتَ : وبهذه القراءة صنم في الطائف .
الثانية : اللاتَّ : وبهذه القراءة رجل صالح كان يَلُتُّ السويق للحجاج فلما مات عكفوا على قبره .
(والعُزَّى) : شجرات من السلم وهو شجر القرض في وادي نخلة بين مكة والطائف و وفيها شياطين تكلم الناس وذلك من مكر الشياطين , وكانت هذه الشجيرات تعبدها قريش وأهل مكة ومن حولهم من القرى .
(ومناة) : هي صخرة بين مكة والمدينة وكانت للأوس والخزرج وخزاعة .
فهذه الأصنام الثلاثة أكبر أصنام العرب .
قوله : (( أفرأيتم )) : أي هل أغنتكم من دوني أو نفعتكم من دوني أو نصرتكم في بدر وأحد أو غيرها ؟ فالله عز وجل يخاطب عقول هؤلاء المشركين , فالإنسان عندما يُخاطَب يفكر .
وعندما جاء الإسلام قضى الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه الأصنام فلم تنفع نفسها , إذاً هذا يُبين سفاهة عقول من عبد غير الله ؛ لأن هذه الأصنام ضعيفة ولم تستطع أن تدافع عن نفسها فهي لا تنفع ولا تضر .
قال الشيخ رحمه الله تعالى : (( عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال : (( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنوا إسرائيل لموسى اجعل لنا آلها كما لهم آلهة قال أنكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم ))[9] , هذا الحديث ساقه الشيخ رحمه الله تعالى تقريرا لما سبق , ( فاللات ومناة) ساقها لمن يعبد الأحجار ( والعزى ) ساقها لمن يعبد يعبد الأشجار , وفي حديث أبي واقد الليثي هذا دليل على بطلان عبادة الأشجار من السنة النبوية .
(حنين ) : من أواخر غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد فتح مكة وكانت في الطائف .
(حدثاء عهد بكفر ) : أي جديدون في الإسلام , وعندما مروا بالمشركين وجدوا لهؤلاء المشركين سدرة وهي شجرة النبق .
(يعكفون عندها ) : أي يلزموها لزوم عبادة , والعكوف نوع من أنواع العبادة .
(وينوطون بها أسلحتهم ) : أي يعقلوا سيوفهم بهذه السدرة لتحصيل البركة حتى ينتصروا في الحرب كما يفهمون .
فهذه الأمور موجودة الآن (( التبـرك )) مثلاً كأن يأخذ الأب قلم ابنه أيام الامتحان إلى الشيخ حتى يبركه له الشيخ لكي ينجح في الامتحان وغيرها ..
( ذات أنواط ) : هو اسم الشجرة : يعني ذات تعاليق , يعلقون بها الأسلحة كما سبق للتبرك , فلما مروا بسدرة أخرى قالوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم : اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط , فقال لهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : الله أكبر إنها السنن ... )) الحديث , وهذا استنكار .
وفي هذا الحديث فوائد :
أولا : خطر الجهل بالتوحيد فمن جهله قد يقع في الشرك , لذلك الإنسان يحرص على طلب العلم وخصوصاً علم التوحيد والشرك .
ثانياً : فيه خطورة التشبه بالمشركين فالصحابة رضي الله تعالى عنهم كاد طلب التشبه بالمشركين أن يوقعهم في الشرك , وجاء في الحديث : (( من تشبه بقوم فهو منهم ))[10] .
ثالثاً : فيه أن التبرك بالشجر والحجر شرك إذا كان يعتقد بأن النفع حاصل من الحجر والشجر أو من الشيخ ؛ لأنه طلب البركة من غير الله تعالى , لذلك على الإنسان أن يطلب البركة من الله , ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما نبع الماء من بين أصابعه للصحابة رضي الله تعالى عنهم : (( هيا على الطهور المبارك والبركة من الله ))[11] .


يتبع إن شاء الله

الدرس الثاني عشر

القاعدة الرابعة :
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :
( أنّ مشركي زماننا أغلظ شركًا من الأوّلين، لأنّ الأوّلين يُشركون في الرخاء ويُخلصون في الشدّة، ومشركوا زماننا شركهم دائم؛ في الرخاء والشدّة. والدليل قوله تعالى: ?فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ?[العنكبوت:65].) .
هذه القاعدة الأخيرة : عاش الشيخ رحمه الله تعالى في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري وقال هذا في زمانه : ( مشركوا زماننا أغلظ شركاً من الأولين ) مثل أبي جهل وأبي لهب وغيرهم , والسبب أنّ الأوائل يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة عندما يأتيهم الضيق والكرب والخوف يوحِّدوا الله تعالى , أما الآن فمن وقع في الشرك : يُشركون في الرخاء والشدة فيقول : يا ست نفيسة يا ست زينب يا البدوي .. إلخ في حال الشدة وحال الرخاء والله المستعان .
والدليل على أن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة قوله تعالى : (( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ )) (65) [العنكبوت : 65] : إذا ركبوا في السفن وجاءتهم الرياح وهاجت الأمواج وجاءتهم الشدة دعوا الله وحده ثم لما ينجيهم الله عز وجل إلى البر يرجعون إلى الشرك .
وفي هذه القاعدة ثلاث فوائد :
الأولى : غلظ شرك أهل هذا الزمان فهو في الرخاء والشدة ؛ ولأنه صار حتى في الربوبية , فمن الصوفية من يعتقد أن الشيخ يخلق الولد .
ثانياً : الشرك في هذا الزمان دائم لضعف العقول وغلبة الجهل , فواجب طلبة العلم أن ينشروا العلم والتوحيد في الناس ويحذروهم من الشرك .
ثالثاً : أن الشرك في هذا الزمن أغلظ من جهة أخرى ؛ فالأولون يعبدون أناساً صالحين , أما في هذا الزمن يعبدون من لا يصلي ولا يصوم ولا يُنزهون أنفسهم أن يقعوا في جريمة الزنا واللواط لزعمهم أن مشايخهم ليس عليهم تكاليف والعياذ بالله .
والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم , تم بحمد الله التعليق المختصر على القواعد الأربعة .
و إن شاء الله تعالى يليه شرح الأصول الثلاثة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله تعالى _ .


([1]) صحيح البخاري (1 / 17)


([2]) صحيح البخاري (1 / 49)


[3] عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا )) رواه البخاري ـ حسب ترقيم فتح الباري - (9 / 2) ح 6862 .

[4] قطعة من الجيش .

[5] عن سَهْلٌ بن سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ : (( لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَبَاتَ النَّاسُ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَى فَغَدَوْا كُلُّهُمْ يَرْجُوهُ فَقَالَ أَيْنَ عَلِيٌّ فَقِيلَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ فَبَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ فَقَالَ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ )) رواه البخاري ـ حسب ترقيم فتح الباري - (4 / 73) ح 3009 .


[6] سنن الترمذي (5 / 729) ح 3944 وقال الشيخ الألباني : صحيح .


[7](( منهاج السنة النبوية )) (4 / 313) .

[8]صحيح مسلم (6 / 20) .


[9] سنن الترمذي (4 / 475) ح 2180 , وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح , وقال الشيخ الألباني : صحيح .

[10] سنن أبي داود (2 / 441) ح 4031 , وقال الشيخ الألباني : حسن صحيح .


[11] صحيح البخاري (4 / 235) ح 3579.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:21 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.