أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
36915 98954

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 11-30-2013, 02:03 PM
محمد جمعه الراسبي الأثري محمد جمعه الراسبي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 545
Lightbulb

نرجو من بعض الأخو الأفاضل أن يجعلها على صيغة pdf
فانها مهمة جدا،

ونرجو أن لا يطيل فاننا على ابواب اجازة نصف السنة
فأريد أن أقرها على المصلين يوميا بعد صلاة العصر.
__________________
(إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم ، فقد قال الله عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم : (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالي : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)
الفتاوي ج4 ص (186-187)
بوساطة غلاف(التنبيهات..) لشيخنا الحلبي
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 12-05-2013, 03:05 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


أخي الفاضل / محمد جمعه الراسبي الأثري
أضم صوتي إلى صوتك " نرجو من بعض الأخو الأفاضل أن يجعلها على صيغة pdf " .
وجزاك الله خيرا
وزادك ربي من فضله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدرس العشرون

( 8 )


الطاعة : هي امتثال العبد للشرع فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور .

الشرح :

معاني المفردات :

[الطاعة] : " (طوع) الطاء والواو والعين أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على الإصحابِ والانقيادِ. يقال طاعَه يَطُوعه، إذا انقاد معه ومضى لأمره. وأطاعه بمعنى طاعَ له. ويقال لمن وافَقَ غيرَه: قد طاوعه " (معجم مقاييس اللغة :3/337) .

المعنى العام :

إن طاعة الله – تعالى – ورسوله – صلى الله عليه وسلم – هي أصل الإسلام ؛ لأن طاعة الله هي عبادته – سبحانه – بأمره ونهيه الذي شرعه على لسان نبيه – صلى الله عليه وسلم - ، وهي الغاية التي خلق لها العباد ، كما قال – تعالى - : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذريات:56] .

فلفظ الطاعة دل على ركنين :

الركن الأول / عبادة الله بفعل ما أمر به ، وترك ما نهى عنه – محبة وإخلاصاً وصدقاً ، ورغبة ورهبة - ؛ لأنّ الطاعة تقتضي مراقبة المطاع فهي ضدّ النسيان ، وتحقيق هذا الركن يتم بتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله .

الركن الثاني / التقيد بالرسالة المحمدية بأن لا يفعل العبد من الأوامر ولا يترك من النواهي إلا ما جاء عن طريق الحبيب – محمد – صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن حقيقة الطاعة هي موافقة الآمر في مراده الشرعي طوعاً واختياراً .

ومراد الله الشرعي لا يعرف إلا عن طريق رسوله – صلى الله عليه وسلم - ، فتحقيق هذا الركن يتم بتحقيق شهادة أن محمداً رسول الله .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " و " عِبَادَته " تَعَالَى هِيَ طَاعَة أمره ، وَأمره لنا مَا بلغه الرَّسُول عَنهُ ؛ فالكمال فِي كَمَال طَاعَة الله وَرَسُوله بَاطِناً وظاهراً " (جامع الرسائل : 2/182) .

وقال – أيضاً - : " فإن رأس الإسلام شهادة : " أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله " .

فلا بد من إخلاص الدين لله ، حتى لا يكون في القلب تأله لغير الله ، فمتى كان في القلب تأله لغير الله فذاك شرك يقدح في تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله .

ولا بد من الشهادة بأن محمداً رسول الله ، وذلك يتضمن تصديقه في كل ما أخبر ، وطاعته فيما أمر به ، ومن ذلك الإيمان بأنه خاتم النبيين ، وأنه لا نبي بعده فمتى جعل لغيره نصيباً من خصائص الرسالة والنبوة كان في ذلك نصيب من الإيمان بنبي بعده ورسول بعده ، كالمؤمنين بنبوة (مسيلمة)، (والعنسي)، وغيرهما من المتنبئين الكذابين ، كما قال - صلى الله عليه و سلم - : " إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالين كذابين كلهم يزعم أنه رسول الله "(1)

فمن أوجب طاعة أحد غير رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في كل ما يأمر به ، وأوجب تصديقه في كل ما يخبر به ، وأثبت عصمته ، أو حفظه في كل ما يأمر به ، ويخبر من الدين فقد جعل فيه من المكافأة لرسول الله ، والمضاهأة له في خصائص الرسالة بحسب ذلك سواء جعل ذلك المضاهي لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - بعض الصحابة أو بعض القرابة أو بعض الأئمة والمشايخ أو الأمراء من الملوك وغيرهم "

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

(1) رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة – رضي الله عنه - قال: سمعت رسول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم». رواه مسلم .

ورواه أحمد من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: " إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً كذاباً " (صحيح الجامع، برقم : 3811) .

ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ كذَّابِينَ مِنْهُمْ صاحِبُ الْيَمَامَةِ وَمِنْهُمْ صاحِبُ صَنْعَاءَ العَنْسِيُّ , وَمِنْهُمْ صَاحِبُ حِمْير وَمِنْهُمُ الدَّجال وَهُوَ أعْظَمُهُمْ فِتْنةً " .

قَالَ [يعني: جابراً] : وَقَالَ أَصْحَابِي: قَالَ : " هُمْ قريبٌ مِنْ ثلاثينَ كَذَّاباً " (حسنه الألباني في التعليقات الحسان ، برقم : 6616).


رد مع اقتباس
  #33  
قديم 12-05-2013, 10:39 PM
عمر 1991 عمر 1991 غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
الدولة: القاهرة مصر
المشاركات: 483
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو زيد العتيبي مشاهدة المشاركة


أخي الفاضل / محمد جمعه الراسبي الأثري
أضم صوتي إلى صوتك " نرجو من بعض الأخو الأفاضل أن يجعلها على صيغة pdf " .
وجزاك الله خيرا
وزادك ربي من فضله
الفكرة فعلاً جميلة لكن الأفضل أن يتم ذلك بعد انتهاء هذه السلسلة
لتكون في ملف pdf واحد كأنه كتاب
فالسؤال الآن: ولو بالتقريب وليس تحديداً : هل يمكن إخبارنا كم بقى على هذه السلسلة الكريمة من دروس ؟
أم لا يوجد خطة منهجية تجعل حضرتك تعرف كم بقى عليها من دروس ؟
نحن في الدرس العشرين ، فهل ستنتهي في الدرس الثلاثين أم الثمانين أم أكثر من ذلك ؟
نحن معك أيّما كان العدد لكن من باب العلم بالشئ
لأن الأفضل ألا يتم تحويلها إلى pdf إلا بعد الإنتهاء منها كلها
كما يفعل الأخ صفاء الدين العراقي فبعد أن ينتهي من عرض شرحه على الآجرومية وقطر الندى والورقات في أصول الفقه على شكل مشاركات متتالية في موضوع واحد، يجعل في آخر الموضوع رابط به المشاركات - التي هي عبارة عن درس وراء درس وراء درس - على شكل ملف واحد pdf
وفقك الله إلى إتمامها
والبدء بالمواضيع الأخرى التي طلبتها من حضرتك .
جعلهم الله جميعاً في ميزانك يوم القيامة
وفي ميزان من يقوم بنشرها في المنتديات الأخرى

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 12-06-2013, 02:31 PM
محمد جمعه الراسبي الأثري محمد جمعه الراسبي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 545
Lightbulb

جزاك الله خيرا الأخ أبو زيد
حفظك الله ونفع بك المسلمين
__________________
(إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم ، فقد قال الله عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم : (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالي : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)
الفتاوي ج4 ص (186-187)
بوساطة غلاف(التنبيهات..) لشيخنا الحلبي
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 12-09-2013, 08:12 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


بوركت أخي الفاضل عمر 1991
إن شاء الله لم يبق إلا القليل لأن هذه الدروس كما سبق هي عبارة عن توضيح لتعريف الإسلام :
الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله .
وجملة التعريفات الرئيسية التي اشتمل عليها التعريف عشر تعريفات ونحن في التعريف الثامن .
واسأل الله التمام والقبول .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

وجزاك الله مثله أخي الفاضل
محمد جمعه الراسبي الأثري
وزادك ربي من فضله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

الدرس الحادي والعشرون

بعض المسائل المهمة في توضيح معنى الطاعة :

المسألة الأولى / الطاعة نوعان :

قال الله – تعالى - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[ النساء: 59] .

قال الشنقيطي – رحمه الله -
: " والتحقيق في معنى الآية الكريمة أن المراد بأولي الأمر: ما يشمل الأمراء والعلماء؛ لأن العلماء مبلغون عن الله وعن رسوله، والأمراء منفذون، ولا تجوز طاعة أحد منهم إلا فيما أذن الله فيه, لأن ما أمر به أولو الأمر لا يخلو من أحد أمرين:

أحدهما: أن يكون طاعة لله ولرسوله من غير نزاع، وطاعة أولي الأمر في مثل هذا من طاعة الله ورسوله.

والثاني: أن يحصل فيه نزاع هل هو من طاعة الله ورسوله أو لا ؟

وفي هذه الحالة لا تجوز الطاعة العمياء لأولي الأمر ولا التقليد الأعمى كما صرح الله - تعالى - بذلك في نفس الآية .

لأنه تعالى لما قال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء:59]، أتبع ذلك بقوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[النساء:59].

فالآية صريحة في رد كل نزاع إلى الله ورسوله .

والرد إلى الله هو الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، هو الرد إليه في حياته، والرد إلى سنته بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -. "(أضواء البيان / تفسير سورة محمد) .

وقال شيخ الإسلام – رحمه الله - : " فغاية المطاع بِإِذن الله أَن يكون من أولى الْأَمر الَّذين أَمر الله بطاعتهم من الْعلمَاء والأمراء وَمن يدْخل فِي ذَلِك من الْمَشَايِخ والملوك وكل متبوع فَإِن الله - تَعَالَى - أَمر بطاعتهم مَعَ طَاعَة رَسُوله كَمَا قَالَ: { أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم } ، فَلم يقل : ( وَأَطيعُوا أولي الْأَمر ) ؛ ليبين أَن طاعتهم فِيمَا كَانَ طَاعَة للرسول - أَيْضا - إِذْ اندراج الرَّسُول فِي طَاعَة الله أَمر مَعْلُوم فَلم يكن تَكْرِير لفظ الطَّاعَة فِيهِ مُؤذنًا بِالْفرقِ بِخِلَاف مَا لَو قيل أطِيعُوا الرَّسُول وَأَطيعُوا أولى الْأَمر مِنْكُم فَإِنَّهُ قد يُوهم طَاعَة كل مِنْهُمَا على حياله .

وَقد ثَبت عَن النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي الصَّحِيح أَنه قَالَ : " إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف " وَقَالَ : " لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق " ، وَقَالَ : " على الْمَرْء الْمُسلم الطَّاعَة فِيمَا أحب وَكره مَا لم يُؤمر بِمَعْصِيَة فَإِذا أَمر بِمَعْصِيَة فَلَا سمع وَلَا طَاعَة " .

وَلِهَذَا قَالَ - سُبْحَانَهُ - بعد ذَلِك { فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلاً } فَلم يَأْمر عِنْد التَّنَازُع إِلَّا بِالرَّدِّ إِلَى الله وَالرَّسُول دون الرَّد إِلَى أولى الْأَمر وَلِهَذَا كَانَ أولو الْأَمر إِذا اجْتَمعُوا لَا يَجْتَمعُونَ على ضَلَالَة فَإِذا تنازعوا فالرد إِلَى كتاب الله وَسنة رَسُوله لَا إِلَى غير ذَلِك من عَالم أَو أَمِير وَمن يدْخل فِي ذَلِك من الْمَشَايِخ والملوك وَغَيرهم وَلَو كَانَ غير الرَّسُول مَعْصُوما أَو مَحْفُوظًا فِيمَا يَأْمر بِهِ ويخبر بِهِ لَكَانَ مِمَّن يرد إِلَيْهِ مواقع النزاع كَمَا يردهُ الْقَائِلُونَ بِإِمَام مَعْصُوم إِلَيْهِ وكما جرت عَادَة كثير من الأتباع أَن يردوا مَا تنازعوا فِيهِ إِلَى الإِمَام والقدوة الَّذِي يقلدونه

وَمَعْلُوم أَن عُلَمَاء الطوائف ومقتصديهم لَا يرَوْنَ هَذَا الرَّد وَاجِبا على الْإِطْلَاق لَكِن قد يَفْعَلُونَ ذَلِك لِأَنَّهُ لَا طَرِيق لَهُم إِلَى معرفَة الْحق واتباعه إِلَّا ذَلِك لعجزهم عَمَّا سوى ذَلِك فيكونون معذورين وَقد يَفْعَلُونَ ذَلِك اتبَاعاً لهواهم فِي محبتهم لذَلِك الشَّخْص وبغضهم لنظرائه فيكونون غير معذورين وَلَكِن من اعْتقد من هَؤُلَاءِ فِي متبوعه أَنه مَعْصُوم أَو أَنه مَحْفُوظ عَن الذُّنُوب وَالْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد فَذَلِك مَرْدُود عَلَيْهِ بِلَا نزاع بَين أهل الْعلم وَالْإِيمَان

وَلِهَذَا إِنَّمَا يَقُول ذَلِك غلاة الطوائف الَّذين يغلب عَلَيْهِم اتِّبَاع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس وَقد غلب على أحدهم جَهله وظلمه وكما أَن الغلو فِي غير الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ قدح فِي منصب الرَّسُول وَمَا خصّه الله بِهِ وَهُوَ أحد أُصَلِّي الْإِسْلَام
" (جامع الرسائل : 1/275) .

المسألة الثانية : الطاعة هي الوسيلة الموصلة إلى الله .

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} الآية.

قال الشنقيطي – رحمه الله - : " اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - بإخلاص في ذلك لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله – تعالى -، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة .

وأصل الوسيلة : الطريق التي تقرب إلى الشيء ، وتوصل إليه ، وهي العمل الصالح بإجماع العلماء ، لأنه لا وسيلة إلى الله تعالى إلا باتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا فالآيات المبينة للمراد من الوسيلة كثيرة جداً كقوله – تعالى -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [59/7]، وكقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [3/31]، وقوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [24/54]، إلى غير ذلك من الآيات " (أضواء البيان/تفسير سورة المائدة) .

المسألة الثالثة
/ محبة الله هي أصل الطاعة .

إن الطاعة هي علامة وبرهان يدل على حقيقة تكمن وراءه ، وحقيقة الطاعة هي المحبة . وقد بين الله هذه الحقيقة في قوله – تعالى - : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}[آل عمران:31].

قال الشنقيطي – رحمه الله - : " يؤخذ من هذه الآية الكريمة : أن علامة المحبة الصادقة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هي اتباعه - صلى الله عليه وسلم -، فالذي يخالفه ، ويدعي أنه يحبه فهو كاذب مفتر؛ إذ لو كان محباً له لأطاعه ، ومن المعلوم عند العامة : (أن المحبة تستجلب الطاعة) ، ومنه قول الشاعر:

لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع

. . . وقد أجاد من قال:

قالت: وقد سألت عن حال عاشقها بالله صفه ولا تنقص ولا تزد
فقلت: لو كان رهن الموت من ظمأ وقلت قف عن ورود الماء لم يرد

" (أضواء البيان :4/18) .

فقه حقيقة شجرة المحبة المثمرة للطاعة :

قال ابن القيم – رحمه الله - : " أن تكون محبة الله - تعالى - تتقدم عنده على جميع المحاب ، فإذا تعارض حب الله - تعالى - وحب غيره سبق حب الله - تعالى - حب ما سواه فرتب على ذلك مقتضاه .
ما أسهل هذا بالدعوى ، وما أصعبه بالفعل ، فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان . وما أكثر ما يقدم العبد ما يحبه (هو) ويهواه ، أو (يحبه كبيره) ، (وأميره) ، (وشيخه) ، (وأهله) على ما يحبه الله - تعالى - فهذا لم تتقدم محبة الله - تعالى - في قلبه جميع المحاب ، ولا كانت هي (الملكة المؤمرة عليها) .
وسنة الله - تعالى - فيمن هذا شأنه أن ينكد عليه محابه ، وينغصها عليه ، ولا ينال شيئاً منها إلا بنكد ، وتنغيص جزاء له على إيثار (هواه) ، (وهوى من يعظمه) من الخلق أو يحبه على محبة الله – تعالى - .


وقد قضى الله - تعالى - قضاء لا يرد ، ولا يدفع أن من أحب شيئاً سواه عذب به ولا بد وأن من خاف غيره سلط عليه ، وأن من اشتغل بشيء غيره كان شؤماً عليه ، ومن آثر غيره عليه لم يبارك فيه ، ومن أرضى غيره بسخطه أسخطه عليه ولا بد " (الوابل الصيب ص/15).


رد مع اقتباس
  #36  
قديم 12-11-2013, 02:06 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


الدرس الثاني والعشرون

المسألة الرابعة / تعظيم الله أصل الطاعة .

لقد سبق أن بينا أن الطاعة هي امتثال العبد لشرع الله فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور . وهو ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي ؛ فإن الله تعالى ذم من لا يعظم أمره ونهيه قال - سبحانه وتعالى - : { مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } [نوح : 13].

قال ابن القيم – رحمه الله – في كتابه النافع : " الوابل الصيب : ص/15 " - : " الذي يستقيم به القلب تعظيم الأمر والنهي وهو ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي فإن الله تعالى ذم من لا يعظمه ، ولا يعظم أمره ونهيه قال - سبحانه وتعالى - : { مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } ، قالوا في تفسيرها : ما لكم لا تخافون لله تعالى عظمة . . . إلى أن قال :

إن أول مراتب تعظيم الحق - عز و جل - تعظيم أمره ونهيه ، وذلك لأن المؤمن يعرف ربه - عز و جل - برسالته التي أرسل بها رسوله - صلى الله عليه و سلم - إلى الناس كافة ومقتضاها الانقياد لأمره ونهيه ، وإنما يكون ذلك بتعظيم أمر الله - عز و جل - واتباعه ، وتعظيم نهيه واجتنابه ، فيكون تعظيم المؤمن لأمر الله - تعالى - ونهيه دالاً على تعظيمه لصاحب الأمر والنهي ، ويكون بحسب هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق وصحة العقيدة والبراءة من النفاق الاكبر .

فإن الرجل قد يتعاطى فعل الأمر لنظر الخلق وطلب المنزلة والجاه عندهم ، ويتقي المناهي خشية سقوطه من أعينهم وخشية العقوبات الدنيوية من الحدود التي رتبها الشارع - صلى الله عليه و سلم - على المناهي فهذا ليس فعله وتركه صادراً عن تعظيم الأمر والنهي ولا عن تعظيم الآمر والناهي .

فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها وحدودها والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها والحرص على تحسينها ، وفعلها في أوقاتها والمسارعة إليها عند وجوبها والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها ، كمن يحزن على فوت الجماعة ويعلم أنه [لو] تقبلت منه صلاته منفرداً ؛ فإنه قد فاته سبعة وعشرون ضعفاً .

ولو أن رجلا يعاني البيع والشراء يفوته في صفقة واحدة في بلده من غير سفر ولا مشقة سبعة وعشرون ديناراً لأكل يديه ندماً وأسفاً ، فكيف وكل ضعف مما تضاعف به صلاة الجماعة خير من ألف وألف ألف وما شاء الله – تعالى - .

فإذا فوت العبد عليه هذا الربح خسر قطعاً .

وكثير من العلماء يقول لا صلاة له وهو بارد القلب فارغ من هذه المصيبة غير مرتاع لها فهذا عدم تعظيم أمر الله تعالى في قلبه .

وكذلك إذا فاته أول الوقت الذي هو رضوان الله - تعالى - ، أو فاته الصف الأول الذي يصلي الله وملائكته على ميامنه ، ولو يعلم العبد فضيلته لجالد عليه ولكانت قرعة .

وكذلك فَوْتُ الجَمْع الكثير الذي تضاعف الصلاة بكثرته وقلته ، وكلما كثر الجمع كان أحبَ إلى الله - عز و جل - ، وكلما بعدت الخطا كانت خطوة تحط خطيئة ، وأخرى ترفع درجة .

وكذلك فوت الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها بين يدي الرب - تبارك وتعالى - الذي هو روحها ولبها فصلاة بلا خشوع ولا حضور كبدن ميت لا روح فيه أفلا يستحي العبد أن يهدي إلى مخلوق مثله عبداً ميتاً أو جاريةً ميتةً ؟

فما ظن هذا العبد أن تقع تلك الهدية ممن قصده بها من ملك أو من أمير أو غيره ؟

فهكذا سواء الصلاة الخالية عن الخشوع والحضور وجمع الهمة على الله - تعالى - فيها بمنزلة هذا العبد ـ أو الأمة ـ الميت الذي يريد إهداءه إلى بعض الملوك ولهذا لا يقبلها الله تعالى منه وإن أسقطت الفرض في أحكام الدنيا ولا يثيبه عليها فإنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها كما في السنن ومسند الإمام أحمد وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن العبد ليصلي الصلاة وما كتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها إلا خمسها حتى بلغ عشرها "
(رواه أبو داود :786 ، وصححه الألباني) .

وقال ابن القيم – رحمه الله - : " وأما علامات تعظيم المناهي :

فالحرص على التباعد عن مظانها ، وأسبابها ، وما يدعو إليها ، ومجانبة كل وسيلة تقرب منها ، كمن يهرب من الأماكن التي فيها الصور التي تقع بها الفتنة خشية الافتتان بها ، وأن يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس ، وأن يجانب الفضول من المباحات خشية الوقوع في المكروهات ، ومجانبة من يجاهر بارتكابها ، ويحسنها ، ويدعو اليها ، ويتهاون بها ، ولا يبالي ما ركب منها ؛ فإن مخالطة مثل هذا داعية إلى سخط الله - تعالى - وغضبه ولا يخالطه إلا من سقط من قلبه تعظيم الله - تعالى - وحرماته .

ومن علامات تعظيم النهي : أن يغضب لله - عز و جل - إذا انتهكت محارمه ، وأن يجد في قلبه حزناً ، وكسرةً إذا عُصِيَ الله - تعالى - في أرضه ، ولم يُطَع بإقامة حدوده وأوامره ، ولم يستطع هو أن يُغيِّر ذلك " (الوابل الصيب :ص/26) .

الفوائد المنتقاة :

1) إن الطاعة : هي امتثال العبد للشرع فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور .

2) إن لفظ الطاعة يدل على ركنين :

الركن الأول / عبادة الله بفعل ما أمر به ، وترك ما نهى عنه – محبة وإخلاصاً وصدقاً ، ورغبة ورهبة .

الركن الثاني / التقيد بالرسالة المحمدية بأن لا يفعل العبد من الأوامر ولا يترك من النواهي إلا ما جاء عن طريق الحبيب – محمد – صلى الله عليه وسلم - .

3) إن الطاعة نوعان : طاعة مطلقة وهي طاعة الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم - .
وطاعة مقيدة بالمعروف ، وهي طاعة أولي الأمر من السلاطين والعلماء
.

4) إن الطاعة هي الوسيلة الموصلة إلى الله – تعالى - ، وهي العمل الصالح بالإجماع .

5) أصل الطاعة محبة الله – تعالى - ، وهي علامة للمحبة الصحيحة الصادقة .

6) تعظيم الله – تعالى – أصل القيام بالطاعة ومنه تعظيم أمره ونهيه .

7) من علامة التعظيم للأوامر : رعاية أوقاتها وحدودها والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها والحرص على تحسينها ، وفعلها في أوقاتها والمسارعة إليها عند وجوبها والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها .

8) ومن علامات تعظيم النهي : : فالحرص على التباعد عن مظانها ، وأسبابها ، وما يدعو إليها ، ومجانبة كل وسيلة تقرب منها ، وأن يغضب لله - عز و جل - إذا انتهكت محارمه ، وأن يجد في قلبه حزناً ، وكسرةً إذا عُصِيَ الله - تعالى - في أرضه ، ولم يُطَع بإقامة حدوده وأوامره ، ولم يستطع هو أن يُغيِّر ذلك .



رد مع اقتباس
  #37  
قديم 01-13-2014, 03:53 AM
محمد جمعه الراسبي الأثري محمد جمعه الراسبي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 545
Exclamation

جزاك الله خيراً شيخنا أبا زيد ونفع بك
انها سلسلة مفيدة جدا وتنفع للمبتدئين
فاستمر .. وفقك الله لمرضاته
__________________
(إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم ، فقد قال الله عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم : (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالي : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)
الفتاوي ج4 ص (186-187)
بوساطة غلاف(التنبيهات..) لشيخنا الحلبي
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 02-23-2014, 10:39 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


وجزاك الله مثله
أخي الحبيب المبارك بإذن الله
محمد جمعه الراسبي الأثري
وزادك ربي حرصا على الخير



رد مع اقتباس
  #39  
قديم 02-24-2014, 07:16 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,603
افتراضي


الدرس الثالث والعشرون

( 9 )


البراءة : هي ترك الشرك وأسبابه واعتقاد بطلانه وإظهار العداوة والبغضاء له ولأهله .

الشرح :

معاني المفردات :

[ البراءة ] في اللغة : من برأ ، ومعناه : " التباعُد مِن الشيء ومُزايَلَتُه " ( معجم مقاييس اللغة : 1/225 ) . والمقصود به – هنا - مزايلة الشرك ومجانبته والتباعد عنه .

[ ترك ] في اللغة : " التَّرْكُ وَدْعُك الشيء " ( لسان العرب : 10/405 ) . و" الترك التخلية عن الشيء " ( معجم مقاييس اللغة : 1/317 ) .

والمراد أن التبري من الشرك يحصل أولاً بتركه وعدم ملابسته بالقول والعمل والاعتقاد .

[ أسبابه ] أي : أسباب الشرك . وهي جمع سبب ، وهو لغة : " الحبل وهو ما يتوصل به إلى الاستعلاء ثم استعير لكلّ شيء يتوصل به إلى أمر من الأمور " ( المصباح المنير : 1/262 ) .

فلا يتم التبري من الشرك حتى تجتنب كل أسبابه المفضية إليه .

[ اعتقاد ] الاعتقاد مأخوذ من عقد ، وهو " يدلُّ على شَدٍّ وشِدّةِ وُثوق " ( معجم مقاييس اللغة : 4/67 ) . فكل من " عَقَدَ قَلْبَه على شَيْء : لم يَنزِع عنه " ( كتاب العين : 1/140 ) .

[ بطلان ] " بَطَلَ الشّيء يَبْطُلُ بُطْلاً أي : ذهب باطلاً " ( كتاب العين : 7/431 ) . وحقيقته : " ذَهاب الشيء وقِلَّة مُكثه ولُبْثه " ( معجم مقاييس اللغة : 1/244 ) . فهو " ذهب ضيَاعاً وخُسْراً " ( لسان العرب : 11/56 ) .

والمقصود : أن من أركان التبري توطين القلب وإيقانه باضمحلال الشرك وفساده وضياع الأعمال المبنية عليه وعدم نفعها والانتفاع منها لا في الدنيا ولا في الآخرة .

[ إظهار ] أي : إبراز الشيء وإعلانه ، مأخوذ من ظهر وهو " يدلُّ على قوّةٍ وبروز " ( معجم مقاييس اللغة : 3/369 ) .

[ العداوة ] كل ما دل على المنافاة وعدم الالتئام والمحبة بين اثنين بالقلب والبدن .

[ البغضاء ] مأخوذ من البغض و " البُغْضُ بالضَّمِّ : ضِدُّ الحُبِّ " ( تاج العروس :18/247 ) .

وعند اجتماع العداوة والبغضاء كما في قوله { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ } يكون المعنى : " البغض بالقلوب ، وزوال مودتها ، والعداوة بالأبدان " ( تيسير الكريم الرحمن : ص/ 854 ) .

والمقصود أن الواجب إبراز العداوة والبغضاء باللسان والجوارح للشرك ، وللشياطين التي دعت إليه ، ولكل من رضي به من المعبودين من دون الله ، أو العابدين لغير الله .

المعنى العام :

مقدمة :

لقد سبق أن بينا أن الأساس الثالث الذي ينبني عليه تعريف الإسلام هو : البراءة من الشرك وأهله .

وهذا الركن من تمام معنى الإسلام ومن لوازمه الواجبة وهو يمثل جانب التروك اللازمة لصحة الإسلام وحقيقته تجنب مفسدات الإسلام ونواقضه .

فإن الإسلام يقوم على أصلين عظيمين :

الأصل الأول / الكفر بالطاغوت . وهذا الأصل يمثل جانب : البراءة من الشرك وأهله .

والأصل الثاني / الإيمان بالله – تعالى - . وهذا الأصل يمثل جانب : الاستسلام لله بالتوحيد : ( الإيمان بالله ) ، والانقياد له بالطاعة : ( الإيمان بالرسالة ) .

وهذان الأصلان هما حقيقة شهادة ( أن لا إله إلا الله ) ؛ فلا إله : تعني الكفر بالطاغوت ، وإلا الله : تعني الإيمان بالله ، وبذلك يحقق العبد الإسلام المرضي عند الله – تعالى – ويتمسك بالإسلام الصحيح المتضمن : الإيمان والقرآن ، وهو حقيقة العروة الوثقى .

وقد دل على ذلك قوله – تعالى - : { فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } قال ابن كثير – رحمه الله – : " أي : من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله ، ووحد الله فعبده وحده وشهد أن لا إله إلا هو { فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى } أي : فقد ثبت في أمره واستقام على الطريقة المثلى والصراط المستقيم " ( تفسير القرآن العظيم : 1/ 683 ) .

فالكفر بالطاغوت هو التبري من الشرك والآلهة التي تعبد من دون الله وممن عبدها ، كما قال – تعالى – عن خليله إبراهيم – عليه السلام - : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } [الزخرف : 26 - 27] .

وقد وعد الله – تعالى – بالجنة من فعل ذلك فقال : {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} [الزمر:17].

وعن أَبي عبدِ الله طارِق بن أشَيْم - رضي الله عنه -، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول : " مَنْ قالَ لاَ إلهَ إلاَّ الله ، وَكَفَرَ بما يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ ، حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله - تَعَالَى – " ( رواه مسلم ) .


( يتبع – إن شاء الله - ) .



رد مع اقتباس
  #40  
قديم 03-01-2014, 10:31 AM
محمد جمعه الراسبي الأثري محمد جمعه الراسبي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 545
Lightbulb

جزاك الله خير الجزاء
__________________
(إن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد ، والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم ، فقد قال الله عز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم : (ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالي : (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)
الفتاوي ج4 ص (186-187)
بوساطة غلاف(التنبيهات..) لشيخنا الحلبي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.