الأسئلة والتمرينات في المواريث والتركات .

[أبو زيد العتيبي]

من الإجابات المميزة ، جواب الأخ أبي عمار وهو قوله : " عددهم; 13 شخصا تقريبا وهم ;

- جميع النساء الوارثات إلا المعتقة ، عددهن 9 .
- من الرجال; الزوج ، الأخ لأم ، والأب والجد في بعض أحوالهما " .

فطريقة جميلة في العد وسهلة :

الوارثات من النساء على التفصيل عدا المعتقة وهن تسع وارثات .
مع أربعة من الرجال : الأب والجد والزوج والأخ لأم .

تنبيه : أبو أويس - سلمه الله - عدهم اثني عشر وارثاً بجعل الوارثات من الإناث ثمانية ، فنقول له وجه الخطأ في عدك أنك عددتهن على التفصيل ويلزم من عدهن تفصيلا أن يفرع الجدة إلى اثنتين : ( أم الأم ) ، ( وأم الأب ) كما سبق بيان ذلك في موضعه .

وأشكر الأخوين : أبا عمار وأبا أويس على مشاركتيهما الطيبتين ، وهذا دليل على الاجتهاد والحرص وبهما يدرك العبد مطلوبه . *

ثالثاً / أسئلة الأخوة :

السؤال الأول / اذا تنازل بعض الورثة من الميراث هل هذا جائز، وكيف يكون تقسيم التركة ؟

والجواب : يجوز لبعض الورثة التنازل عن حقه أو بعضه لمن يحب .

وتقسيمها على نوعين :
1- إذا تنازل كل الورثة عن بعض حقهم ، فنخرج ما تنازلوا عنه أولاً ثم نقسم الباقي بينهم كل حسب ما يستحق من الميراث .
2- إذا تنازل بعضهم ، نقسم التركة كلها بينهم جميعا ، ثم نخرج من نصيب من تنازل القدر الذي تنازل عنه لغيره . فيكون النقص على من تنازل فقط دون غيره .

رابعاً / تمارين الدرس القادم .*

*السؤال الأول / ما هي أحوال العم في المسائل التالية :
- هلكت عن عم .
- هلكت عن زوج وعم .
- هلكت عن زوج وأخت شقيقة وعم .

السؤال الثاني / كم عدد الورثة بالعصبة بالنفس ؟

السؤال الثالث / ما الفرق بين التعصيب في المسألتين التاليتين :
- هلك عن زوجة وأخ شقيق .
- هلك عن زوجة ومعتق .

السؤال الرابع :
قاضي المسلمين انظر بحالي *** وافتني بالصحيح واسمع مقالي
مات زوجي وهمني فقد بعلي *** كيف حال النساء بعد الرجال
صير الله في حشايا جنيناً *** لا حرام بل بوطئ حلال
فلي النصف إن أتيت بأنثى *** ولي الثمن إن يكن من رجال
ولي الكل إن أتيت بميت *** هذه قصتي ففسر سؤالي

السؤال الخامس : ما ميراث كل من :
- هلك عن ابن وبنت .
- هلك عن بنت وأخت شقيقة .



***

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى محبي علم الفرائض
نقدم لكم قناة تيليجرام ( الأسئلة والتمرينات في المواريث والتركات )
تشتمل على دروس تأصيلية وتمرينات تفصيلية في علم المواريث
يشرف عليها / أبو زيد العتيبي – عفا الله عنه –
تابع على الرابط التالي :
http://cutt.us/alasilheltemrenet
والدال على الخير كفاعله
ومن الله التوفيق .

[أبو زيد العتيبي]

الحمد لله على إفضاله والصلاة والسلام على محمد وآله
أما بعد :
فمرحبا بكم أحبتي الكرام

وأسعد الله مساءكم وبارك في أيامي وأيامكم
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علمنا يقربنا منك
اللهم أصلح سريرة قلوبنا ووفقنا لطاعة نبينا واجعلنا هداة مهتدين
يا رب العالمين .

يسعدني هذا المساء أن أكون معكم مستفيدا
من المذاكرة العلمية لهذا اليوم الأربعاء
13 / رجب / 1437 هجرى
الموافق : 20 /4/ 2016

وفي مطلع هذه المذاكرة ألخص أهم عناصرها :

1- نصيحة تربوية في طلب العلم .
2- الموضوع الجديد لهذا اليوم مع جواب تمارين الدرس السابق.
3- إجابة تساؤلات الأخوة الكرام .
4- تمارين الموضوع القادم .

هذه هي أهم العناصر التي سنتناولها اليوم بإذن الله – تعالى – مستمداً منه التوفيق والتسديد لي ولكم .

أولاً / النصيحة التعليمية .

كل علم ليس في القرطاس ضاع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
قال – تعالى - : {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} [طه: 52].

قال القرطبي – رحمه الله - : "هذه الآية ونظائرها مما تقدم ويأتي تدل على تدوين العلوم وكتبها لئلا تنسى. فإن الحفظ قد تعتريه الآفات من الغلط والنسيان. وقد لا يحفظ الإنسان ما يسمع فيقيده لئلا يذهب عنه.

وروينا بالإسناد المتصل عن قتادة أنه قيل له : أنكتب ما نسمع منك ؟ قال : وما يمنعك أن تكتب وقد أخبرك اللطيف الخبير أنه يكتب ؛ فقال : {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} " (الجامع لأحكام القرآن: 11/206).

قال أبو بكر الخطيب : ينبغي أن يكتب الحديث بالسواد ؛ ثم الحبر خاصة دون المداد لأن السواد أصبغ الألوان ، والحبر أبقاها على مر الدهور. وهو آلة ذوي العلم ، وعدة أهل المعرفة.

ذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي قال : رآني الشافعي وأنا في مجلسه وعلى قميصي حبر وأنا أخفيه ؛ فقال لم تخفيه وتستره ؟ إن الحبر على الثوب من المروءة لأن صورته في الأبصار سواد ، وفي البصائر بياض.

وقال خالد بن زيد : الحبر في ثوب صاحب الحديث مثل الخلوق في ثوب العروس.

وأخذ هذا أبو عبد الله البلوى فقال :

مداد المحابر طيب الرجال ... وطيب النساء من الزعفران
فهذا يليق بأثواب ذا ... وهذا يليق بثوب الحصان

وذكر الماوردي أن عبد الله بن سليمان حكى ؛ رأى على بعض ثيابه أثر صفرة ؛ فأخذ من مداد الدواة وطلاه به ، ثم قال : المداد بنا أحسن من الزعفران ؛ وأنشد :

إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدوي عطر الرجال

قال الخليل بن أحمد – رحمه الله - :" ما كٌتِب قَرَّ، وما حُفظ فَرَّ " .

وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله : " قيدوا العلم بالكتاب " ( السلسلة الصحيحة : 2026 ) .

وبعده تتابعة وصايا الأئمة بتدوين العلم :

- فقال الشعبي : اكتبوا ما سمعتم مني ولو على جدار .
- وعن عامر قال اذا سمعت شيئا فاكتبه ولو على الحائط .
- وقال ابن جريج : قيدوا العلم بالكتاب .
- وعن أبي صالح الفراء قال : سألت ابن المبارك عن كتاب الحديث ، فقال : " لولا الكتاب ما حفظنا " .

فالقلم والقرطاس لطالب العلم المجد .
كالخزانة لصاحب المال ؛ كلما عظمت أمواله كثرت خزائنه .
فلا يختار لحفظ علمه إلا أجود المداد ، وأنفس الأوراق .

الْعِلْمُ صَيْدٌ وَالْكِتَابَةُ قَيْدُهُ *** قَيِّدْ صُيُودَكَ بِالْحِبَالِ الْمُوثِقَةْ
فَمِنَ الْحَمَاقَةِ أَنْ تَصِيدَ غَزَالَةً *** وَتَفُكَّهَا بَيْنَ الْخَلاَئِقِ طَالِقَةْ


****

[أبو زيد العتيبي]

ثانياً / موضوع اليوم مع المذاكرة في أسئلة الدرس الماضي .

الموضوع الحادي عشر : التعصيب .

سنبين ذلك – إن شاء الله – تعالى – في المسائل التالية :

وكما قال الرحبي – رحمه الله - :
وحق أن نشرع في التعصيب *** بكل قول موجز مصيب

والآن مع :

المسألة الأولى / تعريف التعصيب .

1- التعصيب لغة : مصدر، مشتق من العصب بمعنى الشد والتقوية أو الإحاطة .
وعصبة الرجل بنوه وقرابته من الذكور من جهة أبيه .

2- التعصيب اصطلاحاً : هو الإرث بلا تقدير .
والعاصب : هو من يرث بلا تقدير ؛ وذلك – كما بينا – أن الميراث يصل إلى مستحقه بأحد طريقين :

- إما بالفرض ، وهو النصيب المقدر شرعاً .
- وإما بالتعصيب ، وهو النصيب بلا تقدير .

المسألة الثانية / بيان أنواع العصبة :

تنقسم العصبة إلى قسمين رئيسيين :

القسم الأول / عصبة بالنسب .
القسم الثاني / عصبة بالسبب .

وبهذا نعرف الفرق بين ميراث ( الأخ الشقيق) ، و( المعتق ) في : السؤال الثالث / ما الفرق بين التعصيب في المسألتين التاليتين :

- هلك عن زوجة وأخ شقيق .
- هلك عن زوجة ومعتق .

فالأخ الشقيق : عصبة نسب ، والمعتق : عصبة سبب .

المسألة الثالثة : تقسيم آخر للعصبة .

العصبة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.

1- فالعصبة بالنفس ، ولهم جهتان :

الجهة الأولى / جهة النسب : وهم جميع الذكور الوارثين من الأصول والفروع والحواشي إلا الأخ لأم . وعددهم اثنا عشر وارثاً .

الجهة الثانية / جهة السبب : من يرث بالولاء . وهما اثنان : المعتق ، والمعتقة .

تنبيه : الزوجية ليست من جهات العصبة .

وبهذا يتبين لنا جواب السؤال الثاني / كم عدد الورثة بالعصبة بالنفس ؟

فنقول عدد العصبة بالنفس تفصيلا أربعة عشر: الابن وابن الابن وإن نزل، والأب والجد من قبل الأب وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب وأبناؤهما وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا وأبناؤهما وإن نزلا، والمعتق والمعتقة.

تنبيه : يظهر جلياً أن العصبة بالنفس كلهم رجال إلا المعتقة لذلك قال الرحبي – رحمه الله - :

وليس في النساء طراً عصبة *** إلا التي منت بعتق الرقبة

أحكام العصبة بالنفس ثلاثة:

الأول: أن من انفرد منهم حاز جميع المال.
الثاني: أنه يأخذ ما أبقت الفروض.
الثالث: أنه يسقط إذا استغرقت الفروض إلا ثلاثة الابن والأب والجد.

ودليل العصبة بالنفس ما ثبت من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» ( متفق عليه ) .

قال الجعبري - رحمه الله - :

وكل يحوز المال عند انفراده *** بتعصيبة فادر الأصول لتأصلا
ويأخذ ما يبقيه ذو الفرض ثم إن *** حوى المال ذو الفرض يسقط مهملا

وبهذا يتبين لنا جواب السؤال الأول / ما هي أحوال العم في المسائل التالية :

- هلكت عن عم .
- هلكت عن زوج وعم .
- هلكت عن زوج وأخت شقيقة وعم .

فالعم عاصب بالنفس ، وتجري عليه الأحوال الثلاثة الثابتة للعاصب بالنفس .

الحال الأولى / يرث جميع المال إذا انفرد كما في الفرع الأول .
الحال الثانية / يرث ما أبقت الفروض ، كما في الفرع الثاني للزوج النصف ، وما بقي للعم تعصيباً .
الحال الثالثة / يسقط إذا استغرقت الفروض التركة ، كما في الفرع الثالث للزوج النصف ، وللأخت الشقيقة النصف ، والعم يسقط .


***

[أبو زيد العتيبي]

هذا الذي سبق هو بالنسبة للعصبة بالنفس إذا كانت الجهة جهة النسب .

ونقول كذلك تثبت هذه الأحوال الثلاثة إذا كانت الجهة جهة السبب ، وهو الولاء .
ويتبين هذا من جواب السؤال الرابع التالي :

وخلاصته : أن الزوجة المعتقة لها ثلاثة أحوال :

الأول / إذا كان معها صاحب فرض :
- ورثت الأنثى النصف ، وورثت الزوجة الثمن والباقي تعصيباً .
- فهنا أخذت ما فضل بعد صاحب الفرض .

الثاني / إذا كان معها عاصب :
- ورثت الزوجة الثمن ، والابن عاصب له الباقي ، وعصبته أقوى من عصبة الولاء فلذلك قدم عليها .
- فهنا سقط تعصيبها .

الثالث / إذا انفردت :
- ورثت الربع فرضاً والباقي تعصيباً .
- فهنا لها كل المال .


القسم الثاني من العصبة .

2- العصبة بالغير : وهم أربعة أصناف:

- البنت فأكثر مع الابن فأكثر.
- وبنت الابن فأكثر مع ابن الابن فأكثر الذي في درجتها سواء كان أخاها أو ابن عمها أو مع ابن الابن الذي أنزل منها إن احتاجت إليه .

ودليل هذين الصنفين قوله – تعالى - : {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } فقوله : {أولادكم} يشمل : الأولاد ، وأولاد الابن .

- والأخت الشقيقة فأكثر مع الأخ الشقيق فأكثر .
- والأخت لأب فأكثر مع الأخ لأب فأكثر.

ودليل هذين الصنفين قوله – تعالى - : {فإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} فقوله : {إخوة} يشمل : الأخوة الأشقاء ، والأخوة من الأب .

ومن هذا القسم يتبين لنا جواب السؤال الخامس الفرع الأول : ما ميراث كل من :
- هلك عن ابن وبنت .

فالميراث بينهما عصبة بالغير للذكر مثل حظ الأنثيين .

القسم الثالث من العصبة .

3- العصبة مع الغير : وهم صنفان:
- الأخت الشقيقة فأكثر .
- والأخت لأب فأكثر .

مع البنت فأكثر أو بنت الابن فأكثر.

كما قال الرحبي – رحمه الله - :

والأخوات إن تكن بنات *** فإنهن معهن معصبات

ودليل العصبة مع الغير ما رواه البخاري من حديث " هُزَيْلَ بْنَ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو مُوسَى عَنْ بِنْتٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ، فَقَالَ: لِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَسَيُتَابِعُنِي، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضِي فِيهَا بِمَا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِلاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَلِابْنَةِ ابْنٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ» فَأَتَيْنَا أَبَا مُوسَى فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لاَ تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الحَبْرُ فِيكُمْ " .

قال الفوزان – حفظه الله - : " ففي هذا الحديث دلالة ظاهرة على أن الأخت مع البنت عصبة تأخذ الباقي بعد فرضها وفرض بنت الابن " التحقيقات المرضية ص/ 111 ) .

ومن هذا القسم يتبين لنا جواب السؤال الخامس الفرع الثاني : ما ميراث كل من :
- هلك عن بنت وأخت شقيقة .
فللبنت النصف ، وللأخت الشقيقة الباقي عصبة مع البنت .

ثالثاً / أسئلة الأخوة :

السؤال الأول / هناك من يقسم املاكه قبل وفاته ولا يكون التقسيم صحيحآ مثلآ يحرم البنات فهل هذا التقسيم صحيحآ ام يبطل بوفاته ويحق للورثة المطالبة بلتركة ؟
والجواب : لا أدري .

السؤال الثاني / رجل توفي دماغيا
ومعة ابنان
وقبل ان تنزع الاجهزة التي قد ركبت فيه في غرفة الانعاش
مات الابن الاول
ثم بعد اسبوع نزعت عنه الاجهزة فمات
فهل يرث الابن الذي مات من ابيه ؟

والجواب : افتى ابن باز رحمه الله أن من مات دماغياً لا يحكم بموته حتى يتوقف قلبه عن النبض [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة(13/366-367)].
فينبني الحكم على هذا الضابط .

رابعاً / تمارين الدرس القادم . *
*السؤال الأول / هلك عن أب ، وأخ .
السؤال الثاني / هلك عن أب ، وجد .
السؤال الثالث / هلك عن أخ شقيق ، وأخ لأب .



****

[أبو زيد العتيبي]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على إفضاله والصلاة والسلام على محمد وآله
أما بعد :

فمرحبا بكم أحبتي الكرام
وأسعد الله مساءكم وبارك في أيامي وأيامكم
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علمنا يقربنا منك
اللهم أصلح سريرة قلوبنا ووفقنا لطاعة نبينا واجعلنا هداة مهتدين
يا رب العالمين .

يسعدني هذا المساء أن أكون معكم مستفيدا
من المذاكرة العلمية لهذا اليوم الأحد
17 / رجب / 1437 هجرى
الموافق : 24 /4/ 2016

وفي مطلع هذه المذاكرة ألخص أهم عناصرها :

1- نصيحة تربوية في طلب العلم .
2- الموضوع الجديد لهذا اليوم مع جواب تمارين الدرس السابق.
3- تمارين الموضوع القادم .

هذه هي أهم العناصر التي سنتناولها اليوم بإذن الله – تعالى – مستمداً منه التوفيق والتسديد لي ولكم .

أولاً / النصيحة التربوية .

الأخلاق الفاضلة بريد الحق

اعلموا - سلمكم الله – أن الأخلاق الفاضلة بريد الحق إلى القلوب الغافلة .

وما نقلت العلوم إلى القلوب بمثل الأخلاق الحسنة فهي مراكب فاضلة شريفة بها يسمو محمولها ويزداد بهاءا وزينة ، كما قال سُفْيَان الثَّوْرِي – رحمه الله - : «زَيِّنُوا الْحَدِيثَ بَأَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَزَيَّنُوا بِالْحَدِيثِ» .

فعلى طالب العلم أن يتعاهد أخلاقه كما يتعاهد محفوظاته . بل عليه أن يتعلم الأخلاق الحسنة والهدي الفاضل كما يتعلم العلم ، قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْهَدْيَ كَمَا يَتَعَلَّمُونَ الْعِلْمَ» .

وليجعل الطالب الأخلاق الحسنة أسس وأركان بنائه العلمي ، فخباء العلم بلا أوتاد الأخلاق لا يصمد عند زلازل المحن .

ولهذا حرص علماؤنا على العناية بأخلاق طلابهم فهذا مالك بن أنس – رحمه الله – يوصي : «إِنَّ حَقًّا عَلَى مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ وَخَشْيَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَّبِعًا لِأَثَرِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُ» .

بل إن حاجة طالب العلم إلى الأدب والخلق أكثر من حاجته إلى المعلومات ، فعَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِلَى أَدَبٍ حَسَنٍ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى خَمْسِينَ حَدِيثًا» .

وعن عِيسَى بْنَ حَمَّادِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ اللَّيْثَ، يَقُولُ: - وَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فَرَأَى مِنْهُمْ شَيْئًا - فَقَالَ: «أَنْتُمْ إِلَى يَسِيرٍ مِنَ الْأَدَبِ أَحْوَجُ مِنْكُمْ إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الْعِلْمِ» .

ومن أجمل ما مثل به أفتقار العلم إلى الأدب ما قاله أَبَو زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِي – رحمه الله -: " عِلْمٌ بِلَا أَدَبٍ كَنَارٍ بِلَا حَطَبٍ، وَأَدَبٌ بِلَا عِلْمٍ كَرُوحٍ بِلَا جِسْمٍ " .

فشبه الأدب بوقود النار التي لا دوام لها دونه ، ومتى قطع عنها خبت وانطفئت .

وقد كان من دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم - : " وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ " رواه مسلم .

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأعمال .


***

[أبو زيد العتيبي]

ثانياً / الموضوع الثاني عشر : ترتيب العصبات – .

اعلموا – أيها الأخوة الكرام – أن هذه المسألة من أهم مسائل المواريث .

وهي حقيقة الفقه بمراد النبي – صلى الله عليه وسلم – من قوله :
" فما بقي فلأولى رجل ذكر " .

فبمعرفة جهات العصوبة ومن يقدم منهم على غيره يعرف من هو ( أولى رجل ) ؟
الذي أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – بتقديمه من العصبات .

فهذه المسألة حقيقتها : إذا اجتمع عاصبان فأكثر ، كيف يتم توريثهم ؟

وللجواب عن هذا السؤال نبين مسألتين :

المسألة الأولى / جهات العصوبة .

اعلم – وفقك الله – أن جهات العصوبة – خمس :

- بناء على القول الراجح دليلاً من جعل الجد أباً ؛ فلا يرث الأخوة مع الجد .
- وهو مذهب أبي حنيفة واختيار المحققين من أهل العلم .

وهذه الجهات وترتيبها التالي :

بنوة أبوة أخوة *** عمومة وذو الولاء التتمة

الجهة الأولى / البنوة ، وتشمل :

- الأبناء .
- وأبناء الأبناء وإن نزلوا بمحض الذكور .
- والبنات أو بنات الابن مع ذكر معصب لهن .

الجهة الثانية / الأبوة ، وتشمل :

- الأب .
- أب الأب وإن علا بمحض الذكور .

الجهة الثالثة / الأخوة ، وتشمل :

- الأخ الشقيق ، والأخ لأب .
- ابن الأخ الشقيق ، وابن الأخ لأب وإن نزلوا بمحض الذكور .
- الأخوات الشقيقات ، والأخوات لأب إذا كن عصبة بالغير أو مع الغير .

الجهة الرابعة / العمومة ، وتشمل :

- العم الشقيق ، والعم لأب وإن عليا بمحض الذكور.
- ابن العم الشقيق ، وابن العم لأب وإن نزلا بمحض الذكور .

الجهة الخامسة / الولاء ، ويشمل :

- المعتق والمعتقة .
- عصبتهما المتعصبون بأنفسهم .

المسألة الثانية / ترتيب العصبات .

اعلم – سلمك الله – أن ترتيب العصبات يبنى على معرفة : ( جهات العصوبة ، ودرجاتها ، وقوتها ) .

- فأما جهات العصوبة فهي الخمس التي سبق بيانها .
- وأما درجتها فالمراد بها : قرب العصبة أو بعده من الميت في نفس الجهة .

مثال : الأب ، والجد من جهة واحدة هي الأبوة ، إلا أن الأب أقرب درجة من الجد .
وكذلك : الأخ ، وابن الأخ من جهة واحدة وهي الأخوة ، إلا أن الأخ أقرب درجة من ابن الأخ .
وهكذا في بقية .

- وأما القوة فالمراد بها : قوة اتصال العصبة بالميت ممن هو معه في نفس الجهة والدرجة .

تنبيه : القوة لا تكون إلا في جهة الأخوة ، والعمومة .

ومثال ذلك : الأخ الشقيق ، والأخ لأب : من جهة واحدة وهي الأخوة ، وفي درجة واحدة من الميت إلا أن الأخ الشقيق أقوى من الأخ لأب لأنه يتصل بالميت بقرابتين .


طريقة ترتيب العصبات :

اعلم – وفقك الله – أن للعصبات حالين :

الأولى / أن يتساوى العصبات في الجهة والدرجة والقوة ففي هذه الحال يشتركون في المال الذي لهم .

الثانية / أن يحصل اختلاف في واحد من الثلاث : الجهة والدرجة والقوة .

وفي هذا الحال يكون ترتيبهم بحسب التالي :

1- يقدم في التعصيب الأسبق جهة . فإن كانوا في الجهة سواء :
2- قدم الأقرب درجة . فإن كانوا في درجة واحدة :
3- قدم الأقوى قرابة .


كما قال الجعبري – رحمه الله - :

فبالجهة التقديم ثم بقربه *** وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا

وإليك أخي الكريم بعض الأمثلة لتطبيق القاعدة

ذكرها ابن عثيمين - رحمه الله - في الصورة الآتية :




***

[أبو زيد العتيبي]

مناقشة التمارين السابقة :

أحبتي الكرام

لو تأملنا في السؤال الأول / هلك عن أب ، وأخ .

فهنا : ( الأب ) ، ( والأخ ) كلاهما عاصب .

وقاعد العصبات ( فلأولى رجل ذكر ) .

ومعرفة الأولوية تكون بمعرفة : الجهة والدرجة والقوة .

وهنا : ( الأب ) من جهة الأبوة . ( والأخ ) من جهة الأخوة

والقاعدة : تقديم الأسبق جهة

( وجهة الأبوة ) أسبق من ( جهة الأخوة ) .

فيحجب الأخ بالأب لأنه أسبق جهة ، ويكون الميراث للأب وحده ؛ لأنه " أولى رجل ذكر " .

تنبيه : وأما جواب الأخ أبي أويس – وفقه الله – وفيه : " لأن الأب اعلى درجة منه واقوى عصبة واولى رجل ذكر " .

عليه مؤاخذة وهي الخلط في المصطلحات :

- فالأب مع الأخ يقال له أسبق جهة .

- ولا يقال : أعلى درجة ؛ والخلل في أمرين :

الأول : لا يقال في الدرجة ( أعلى ) ولكن يقال : أقرب .

الثاني : ( الدرجة ) تطلق على المتساويين في الجهة ، والأب والأخ جهاتهم مختلفة .

- ولا يقال : أقوى عصبة – من جهة الاصطلاح - ؛ لأن القوة تطلق على الأقوى قرابة ممن اتحدت جهته ودرجته معه ، وهي لا تكون إلا في الأخوة والعمومة .

- ولذلك كان جواب الأخ أبي أويس الثالث " لان عصبة الاخ الشقيق اقوى من عصبة الاخ لأب " صواباً ؛ لأن التعبير بالقوة – هنا – هو المناسب .

وكذلك يظهر خطأ الأخ الفاضل أبي عمار – زاده ربي توفيقاً – لما قال : " أصل المسألة من ستة
للأب السدس وهو واحد

والأخ عاصب وله الباقي خمسة "

فالأخ محجوب بالأب لأنه أسبق منه جهة .

وتأملوا – سلمكم الله - السؤال الثاني / هلك عن أب ، وجد .

فهنا : ( الأب ) ، ( والجد ) كلاهما عاصب .

وهما أي : ( الأب ) ، ( والجد ) من جهة واحدة وهي : الأبوة إلا أنها مختلفان في الدرجة .

والقاعدة : تقديم الأقرب درجة فيمن كانا في جهة واحدة .

ودرجة اتصال ( الأب ) بالميت أقرب من درجة اتصال ( الجد ) به .

فيحجب الجد بالأب لأنه أقرب درجة ، ويكون الميراث للأب وحده ؛ لأنه " أولى رجل ذكر " .

وتأملوا – رعاكم الله - السؤال الثالث / هلك عن أخ شقيق ، وأخ لأب .

فهنا : ( الأخ الشقيق ) ، ( والأخ لأب ) كلاهما عاصب .

وهما أي : ( الأخ الشقيق ) ، ( والأخ لأب ) كلاهما من جهة واحدة وهي : الأخوة ، وفي درجة واحدة من القرب إلا أنهما مختلفان في القوة .


والقاعدة : تقديم الأقوى فيمن اتحدا في الجهة والدرجة .

( والأخ الشقيق ) أقوى من ( الأخ لأب ) لأنه يدلي إلى الميت بقرابتين : من الأب ومن الأم .

فيحجب الأخ لأب بالأخ الشقيق لأنه أقوى منه قرابة ، ويكون الميراث للأخ الشقيق وحده ؛ لأنه " أولى رجل ذكر " .

وفي الختام أشكر الأخوة الفضلاء على مشاركاتهم وحسن تتبعهم للمسائل
وأسأل الله تعالى أن يجعلها مذاكرة مباركة نافعة للجميع مقربة إلى طاعة الله تعالى وإلى رضاه .


ثالثاً / تمارين المذاكرة القادمة .

السؤال الأول / هلك عن : أخت شقيقة ، وأخ لأب .
السؤال الثاني / هلك عن : بنت ، وأخت شقيقة ، وأخ لأب .
السؤال الثالث / هلك عن : بنتين ، وأخت لأب ، وابن أخ شقيق .
السؤال الرابع / - لغزاً - : هلك عن ثلاثة أخوة أشقاء ؛ حاز الصغير ثلثي التركة ، واشترك الأكبران في الثلث الباقي ؟

وقد نظمها بعضهم :

ثلاثة أخوة لأب وأم *** وكلهم إلى خير فقير
فحاز الأكبران هناك ثلثا *** وباقي المال أحرزه الصغير

السؤال الخامس / هلك عن : زوج ، وأم ، وأخ لأم ، وأخت شقيقة ، وأخت لأب ، وأخ لأب .
السؤال السادس / هلك عن : زوج ، وأب ، وأم ، وبنت ، وبنت ابن ، وابن ابن .


تنبيه : هذه التمارين من أدق مسائل باب التعصيب ، وهي متممات للباب .
مع رجائي لكم التوفيق والسداد .


***

[أبو زيد العتيبي]

الحمد لله على إفضاله والصلاة والسلام على محمد وآله
أما بعد :

فمرحبا بكم أحبتي الكرام
وأسعد الله مساءكم وبارك في أيامي وأيامكم
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علمنا يقربنا منك
اللهم أصلح سريرة قلوبنا ووفقنا لطاعة نبينا واجعلنا هداة مهتدين
يا رب العالمين .

يسعدني هذا المساء أن أكون معكم مستفيدا
من المذاكرة العلمية لهذا اليوم الأثنين
18 / رجب / 1437 هجرى
الموافق : 25 /4/ 2016

*وفي مطلع هذه المذاكرة ألخص أهم عناصرها :

1- نصيحة تربوية في طلب العلم .
2- المذاكرة في تمارين الدرس السابق .
3- الموضوع الجديد لهذا اليوم .
4- تمارين الموضوع القادم .

هذه هي أهم العناصر التي سنتناولها اليوم بإذن الله – تعالى – مستمداً منه التوفيق والتسديد لي ولكم .

أولاً / النصيحة التربوية .

الْعِلْمُ خزَانَةٌ مِفْتَاحُهَا الْمَسْأَلَةُ

اعلم – أخي الفاضل – أن من نجابة طالب العلم حسن عنايته بالمسألة من جهة :

1- السؤال النافع .
2- والجواب السديد .

إذ حقيقة العلم إدراك جملة من المسائل ، والمسائل مجموع مسألة .

والمسألة مضمون : سؤال ، وجواب .

فتحقيق السؤال النافع ، والجواب السديد تحقيق للعلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: " وَمِنْ الْمَعْلُومِ : أَنَّ الِاعْتِرَاضَ وَالْقَدْحَ لَيْسَ بِعِلْمِ وَلَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِ صَاحِبِهِ : أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامِّيِّ وَإِنَّمَا الْعِلْمُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ " (مجموع الفتاوى:4/28).

فعناية الطالب ( بالسؤال النافع ) طالباً ( الجواب السديد ) دليل على :

- استمراره في الطلب .
- وحرصه على التعلم .
- وتوقد ذهنه .
- واتساع مداركه .

فالسؤال مفتاح العلم ، كما قال ابْنُ شِهَابٍ: «الْعِلْمُ خزَانَةٌ مِفْتَاحُهَا الْمَسْأَلَةُ» .

وقد أمر الله – تعالى – بأخذ العلم عن طريق السؤال ، فقال : { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] .

وكذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بذلك كما في قوله : " فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ " ( صحيح أبي داود : 364 ) .

فطلب العلم : ( بالسؤال النافع ) من المناقب والفضائل ، كما قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ " ( رواه مسلم ) . أرادت : يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ أي : يسألن عنه .

وقد كَانَ الْخَلِيلُ يَقُولُ: «الْعُلُومُ أَقْفَالٌ وَالسُّؤَالَاتُ مَفَاتِيحُهَا» .

وَسَلِ الْفَقِيهَ تَكُنْ فَقِيهًا مِثْلَهُ ... مَنْ يَتَتَبَّعْ فِي عِلْمٍ بِفِقْهٍ يَمْهَرُ
وَتَدَبَّرِ الَّذِي تَعْنِي بِهِ ... لَا خَيْرَ فِي عِلْمٍ بِغَيْرِ تَدَبُّرِ.

ومن هنا أدرك العلماء أن العلم ينال ( بالسؤال النافع ) فانصرفت هممهم إليه :

- فقد سُئِلَ الْأَصْمَعِيُّ بِمَ نِلْتَ مَا نِلْتَ؟ قَالَ: «بِكَثْرَةِ سُؤَالِي وَتَلَقُّفِي الْحِكْمَةَ الشَّرُودَ» .

- وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَلَا خَبِّرُونِي أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا ... سَأَلْتُ وَمَنْ يَسْأَلْ عَنِ الْعِلْمِ يَعْلَمِ
سُؤَالُ امْرِئٍ لَمْ يَعْقِلِ الْعِلْمَ صَدْرُهُ ... وَمَا السَّائِلُ الْوَاعِي الْأَحَادِيثَ كَالْعَمِ.

ومن دقة نظر عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: « وَلَا تَجْزَعْ بِتَفْرِيعِ السُّؤَالِ؛ فَإِنَّهُ يُنَبِّهُكَ عَلَى عِلْمِ مَا لَمْ تَعْلَمْ» .

والأشد من هذا أن ترك مذاكرة العلم بالسؤالات يؤول إلى نسيان العلم وذهابه ، فعن عَلِي بْن حَوْشَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَكْحُولًا يَقُولُ: " قَدِمْتُ دِمَشْقَ وَمَا أَنَا بِشَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ أَعْلَمُ مِنِّي بِكَذَا لِبَابٍ - ذَكَرَهُ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ -، قَالَ: فَأَمْسَكَ أَهْلُهَا عَنْ مَسْأَلَتِي حَتَّى ذَهَبَ " .

إِذَا كُنْتَ لَا تَدْرِي وَلَمْ تَكُ بِالَّذِي ... يُسَائِلُ مَنْ يَدْرِي فَكَيْفَ إِذًا تَدْرِي؟

وفقني الله وإياكم إلى هداه .


***

[أبو زيد العتيبي]

ثانياً / المذاكرة في تمارين الدرس السابق .

اعلموا – رحمكم الله – أن هذه التمارين خاتمة لباب التعصيب ، وفي اتقانها يستولي الطالب على مهمات الباب وأصوله .

فأرعني - تكرماً - نظرك وقلبك حتى نستفيد من جواب التمرينات التالية .

تأمل معي – وفقك الله – :

السؤال الأول / هلك عن : أخت شقيقة ، وأخ لأب .
وجوابه : أن ( الأخت الشقيقة ) لها النصف فرضاً .
( والأخ لأب ) عصبة " أولى رجل ذكر " له الباقي .

والنكتة في هذا السؤال : أن بعضهم قد يخطئ فيجعل الأخت الشقيقة عصبة بالغير مع الأخ لأب ، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين .

ووجه الخطأ : أن الأخت الشقيقة أقوى قرابة من الأخ لأب فلا تتبعه في التعصيب .

وبذلك أجاب ابن عابدين الحنفي – رحمه الله – وقال : " وعليه الإجماع " .

ثم قال – مضيفاً فائدة أخرى - : " ولا يعصب الأخت لأب أخ شقيق بل يحجبها لأنه أقوى منها إجماعاً .

فلتحفظ هذه المسألة الثانية فإنه قل من صرح بها ، وإن فهمت من كلامهم وقد أخطأ فيها بعضهم .
ونظمها العلامة التمرتاسي في منظومته المسماة تحفة الأقران ، فقال :

ولا ترث أخت له من الأب *** مع صنوه الشقيق فاحفظ تصب

وعند النظر في : السؤال الثاني / هلك عن : بنت ، وأخت شقيقة ، وأخ لأب .

وقبل بيان النكتة في السؤال : أبارك للأخوين الفاضلين في دقة الجواب .

ثم أقول : اعلموا - سلمكم الله – أن موضع الدقة في السؤال قد يُتوهم أن الأخت الشقيقة لها النصف فرضاً .

وهذا خطأ ؛ لأن الأخوات مع البنات عصبات .

وهذه القاعدة قد يغفل عنها طالب العلم لذلك أوردنا السؤال حتى ينتبه لها .

وعليه فالجواب :
- البنت لها النصف فرضاً .
- والأخت الشقيقة عصبة مع الغير ، لها الباقي تعصيباً .

كما قال الرحبي :

والأخوات إن تكن بنات *** فإنهن معهن معصبات

- والأخ لأب محجوب بالأخت الشقيقة ؛ لأنها عصبتها أقوى منه قرابة .

كما قال الجعبري :

فبالجهة التقديم ثم بقربه *** وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا

*وأما السؤال الثالث / هلك عن : بنتين ، وأخت لأب ، وابن أخ شقيق .

ففيه نكتة لطيفة ، فقد يتوهم أحدهم فيظن أن ( الشقيق ) دائما مقدم حتى لو تأخر درجة وفي هذه الحال يجعل ( ابن الأخ الشقيق ) عاصب ويحجب ( الأخت لأب ) .

وهذا خطأ

والصواب أن :
- البنتان لهما الثلثان فرضاً .
- والأخت لأب عصبة مع الغير ، لها الباقي تعصيباً .

لقاعدة : الأخوات مع البنات عصبات .

- وابن الأخ الشقيق محجوب بالأخت لأب لأن عصبتها أقرب درجة منه .

وأما السؤال الرابع / - لغزاً - : هلك عن ثلاثة أخوة أشقاء ؛ حاز الصغير ثلثي التركة ، واشترك الأكبران في الثلث الباقي ؟

وقد نظمها بعضهم :

ثلاثة أخوة لأب وأم *** وكلهم إلى خير فقير
فحاز الأكبران هناك ثلثا *** وباقي المال أحرزه الصغير

فالجواب : أن المتوفاة هي زوجة ابن عمها الصغير .

- فهو يرث النصف فرضاً .
- وثلاثتهم يشتركون تعصيباً في النصف الباقي لكل واحد سدساً .
- فيكون للصغير نصف فرضاً وسدس تعصيباً فيصبح نصيبه ثلثين .
- وللأخوين الأكبرين سدسان أي ثلث التركة .

والنكتة في هذا السؤال :
أنه قد يجتمع في الوارث جهتان :

( جهة فرض ) ، ( وجهة تعصيب ) فيرث أولا بالفرض ثم يرث بالتعصيب .

وأجاب بعضهم عن هذا اللغز – شعراً – فقال :

ثلاثة أخوة لأب وأم *** تزوج بنت عمهم الصغير
له من إرثها نصف بفرض *** وسدس بالعصوبة يا خبير
وللأخوين بالتعصيب ثلث *** لكل منهما سدس يصير

وتأمل معي – وفقك الله - السؤال الخامس / هلك عن : زوج ، وأم ، وأخ لأم ، وأخت شقيقة ، وأخت لأب ، وأخ لأب .

فهو من المسائل المشهورة في الفرائض وتعرف ( بالأخ المشؤوم ) .

وجوابها التالي :
- الزوج له النصف فرضاً .
- والأم لها السدس فرضاً .
- والأخ لأم له السدس فرضاً .
- والأخت الشقيقة لها النصف فرضاً .
- والأخ لأب والأخت لأب عصبة لهم الباقي .

وهذه المسألة يستغرق فيها أهل الفروض نصيبهم بل هي عائلة . ولا يبقى شيئ للعصبة .

والنكتة في السؤال : أن التعصيب قد يكون سبب حرمان لبعض الورثة

فالأخت لأب لو لم يكن معها الأخ لأب فإنها ترث السدس تكملة الثلثين مع الأخت الشقيقة ، فلما كان معها الأخ لأب حول ميراثها من الفرض إلى التعصيب ، ولما استغرق أهل الفروض التركة لم يبق لها شيء .

وأما السؤال السادس / هلك عن : زوج ، وأب ، وأم ، وبنت ، وبنت ابن ، وابن ابن .
فهو – أيضاً - من المسائل المشهورة في الفرائض وتعرف ( بالقريب المشؤوم ) .

وجوابها التالي :
- الزوج له الربع فرضاً .
- والأب له السدس فرضاً .
- والأم لها السدس فرضاً .
- والبنت لها النصف فرضاً .
- وبنت الابن وابن الابن عصبة لهم الباقي .

وهذه المسألة يستغرق فيها أهل الفروض نصيبهم بل هي عائلة . ولا يبقى شيئ للعصبة .

والنكتة في السؤال : أن التعصيب قد يكون سبب حرمان لبعض الورثة

(فبنت الابن) لو لم يكون معها (ابن الابن) فإنها ترث السدس تكملة الثلثين مع البنت ، فلما كان معها (ابن ابن) حول ميراثها من الفرض إلى التعصيب ، ولما استغرق أهل الفروض التركة لم يبق لها شيء .


***

[أبو زيد العتيبي]

ثالثاً / الموضوع الثالث عشر : معنى الحجب وأنواعه .

تنبيه : في بيان أهمية الموضوع .

قال بعض العلماء : من لا يعرف باب الحجب لا يحل له أن يفتي في الفرائض .

وقد أحسن القائل :
أقول ذا الباب عظيم الفائدة ***فجد فيه تحتوي مقاصده
من لم يفز فيه بسر غامض *** يحرم أن يفتي في الفرائض

والآن نشرع في المقصود ببيان :

المسألة الأولى / ما هو الحجب .

1- الحجب لغة : المنع .

إذا حجب الحجاب باب خليفة **** فليس على باب المهيمن حاجب

2- الحجب اصطلاحاً : منع من قام به سب الإرث من إرثه كله أو من أوفر حظيه .

كما قال صاحب الألفية :

الحجب منع من يقم به سبب *** من إرثه أو بعض ما له وجب

فالمقصود بباب الحجب : منع بعض الورثة من إرثهم :

- إما بالكلية ، فلا يرث شيئاً .
- وإما بمنعه من أوفر حظيه من الميراث ، فيرث النصيب الأقل .

وحتى تتضح الصورة أكثر لابد من بيان :

المسألة الثانية / أنواع الحجب .

وعليه نقول الحجب نوعان - وهذا التقسيم من جهة العموم - :

1- حجب أوصاف : وهو منع من قام به أحد موانع الميراث ( القتل ، والرق ، واختلاف الدين ) من الميراث .

وله حكمان مهمان :

- أولاً / أنه يأتي على جميع الورثة .

فمثلا : اختلاف الدين لو وجد في أي وارث فإنه يمنع به من الميراث .

- ثانياً / أن المحجوب بالوصف وجوده كعدمه .

فلا يؤثر على باقي الورثة مطلقاً .

قال الجعبري :

ومن كان محجوباً بوصف فلا تكن *** به حاجباً أصلاً أتاك ممثلا
بميت له ابن كافر ثم لابنه *** من المسلمين ابن وعم من البلا
فلابن ابنه كل التراث وعمه *** له من تراث الميت دمع تهطلا

2- حجب أشخاص – وهو المقصود في هذا الباب - .

وحقيقته : منع الوارث لوجود شخص من كامل نصيبه أو من أوفر حظيه ، وهو نوعان :

- حجب حرمان .
- وحجب نقصان .

كما قال صاحب الألفية :

فهو على قسمين حجب حرمان *** وأوفر الحظين حجب نقصان

أولاً / حجب الحرمان : هو أن لا يرث المحجوب مع الحاجب شيئاً .

وضابطه : أنه يدخل على كل الورثة إلا من أدلى إلى الميت بلا واسطة ، وهم ستة :
- الولدان .
- والأبوان .
- والزوجان .

مثاله : هلك عن ابن وأخ .
فإن ( الأخ ) محجوب ( بالابن ) حجب حرمان فلا شيء له من الميراث .

ثانياً / حجب النقصان : هو أن يرث المحجوب مع الحاجب نصيباً أقل .

وهو يدخل على كل الورثة بلا استثناء .

مثاله : هلك عن ابن وبنت وعم .

فإن ( البنت ) عصبة بأخيها للذكر مثل حظ الأنثيين ، فلها ( الثلث ) ولو لم يكن معها لكان لها النصف .
( والابن ) عصبة للذكر مثل حظ الأنثيين ، فله ( الثلثان ) ولو لم تكن معه لكان له كامل التركة .

فتأمل كل واحد من ( البنت ، والابن ) حجب الآخر حجب نقصان عن أوفر حظيه .

تنبيه : حجب النقصان يكون بأحد طريقين :

الأول / الانتقال ، وله صور منها : انتقال صاحب الفرض إلى فرض أقل منه .

مثل : انتقال الزوجة من الربع إلى الثمن .

الثاني / الازدحام ، وله صور منها : ازدحام أهل الفرض الواحد فيه .

مثل : اشتراك أربع زوجات في فرضهن .

تنبيه : المحجوب بالشخص حرماناً قد يحجب غيره نقصاناً .
مثل : العدد من الأخوة يحجبون الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس . ويحجبهم الأب حجب حرمان .

قال الجعبري :

وإن كان في الوُرَّاثِ حاجبُ حاجبٍ *** حوى ما حواه فاعتبر صافياً خلا
كالأخوةِ صدوا الأُمَّ عن نصفِ ثلثها *** وأحرزه من دون كل أبٌ علا

مخطط أنواع الحجب


*رابعاً / تمارين الموضوع القادم .*

السؤال الأول / إلى كم قسم يمكن أن نقسم الورثة ، من جهة :
- كون الوارث يُحجب أو لا يُحجب .
- وكونه : يَحجب غيره أو لا يَحجُبه .

السؤال الثاني / هلك عن أب ، وأم ، وجد : ( أب الأب ) ، وجدة : ( أم الأم ) .

السؤال الثالث / فيه ثلاثة فروع .
- هلك عن ابن ، وبنت ابن ، وابن ابن .
- هلك عن : بنت ، وابن ابن .
- هلك عن : بنتين ، وبنت ابن ، وعم .

السؤال الرابع / فيه فروع .
- هلك عن : جد ، وأخ شقيق ، وأخت شقيقة ، وأخ لأم .
- هلك عن : جدة ، وبنت ، وأخ لأم ، وأخ شقيق .


***