الكُنّاشة البيروتية، ( فرائد ملتقطة، وفوائد متنوّعة، من بطون كتب السلف المتفننة )

[أبو معاوية البيروتي]

بيروت مقبرة العلوم! وليس لأهلها همّة إلّا في التجارة!!

كنتُ أمس في زيارة للمحامي المؤرخ عبد اللطيف آل فاخوري ( 9 / 1 / 2015 م )، فأفادني بعبارة قيلت منذ قرابة مئة سنة تلخّص الحالة العلمية في بيروت! جلب لي الأستاذ فاخوري نسخة مصورة عنده من ((اتحاف ذوي العناية ببعض ما لي من المشيخة والرواية)) للسيد محمد العربي العزوزي الفاسي الإدريسي الحسني ( ت 1382 هـ / 1963 م ) أمين الفتوى في الجمهورية اللبنانية، وهذا الكتاب ثَبْتُه، وقد طبعته مطبعة الإنصاف في بيروت سنة ( 1370 هـ / 1950 م )، وقد جاء فيه ( ص 69 ) عند ذكر العزوزي مجيئه لبيروت أثناء الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1919 م ): اجتمعتُ بسيدي محمد أبو طالب الإدريسي الحسني الجزائري ( صهر الأمير عبد القادر الجزائري ) أولاً في المدينة المنورة وثانياً في مدينة بيروت في مسجدها العمري، وسألته عن المشهورين من علماء بيروت، فأجاب بحدّة مغربية: (( بيروت مدينة تجارة لا مدينة علم! اذهب إلى الشام إنْ كُنتَ تريد الاجتماع بالعلماء )). اهـ.

ولم يتفرّد محمد الجزائري برأيه في أنّ بيروت ليست بمدينة علم، فسابقاً نقلتُ في ((الكناشة)) (560) أنّ الشيخ أحمد بن عبد اللطيف البربير الحَسَني ( 1160 – 1226 هـ ) العَلَم الشهير، الذي هاجر من بيروت لعدم صفاء العيش له فيها، صنع في هجو أهلها بيتَين، وهما:

بيروت مقبرة العلوم وحفرة ....... أضحت على أهل العلوم سعيرا
كم عالِم قد مات من ضغطاتها ....... ورأى هنالك منكراً ونكيرا .اهـ.

ونقلتُ أيضاً في ((الكناشة)) (227) أنّ عبد الرحمن بك سامي ( ت 1309 هـ ) ذكر حبُّ أهل بيروت للتجارة وتمكّنهم فيها وشدّة تعلّقهم بها في كتابه (( القول الحق في بيروت ودمشق )) ( ص 25 / ط. 1892 م )، فقال: (( ولأهل بيروت براعة ومهارة في التجارة، ولا يخلو مجلس لهم من ذكر الأمور التجارية )). اهـ.

[سمير المسيلي]

بارك الله فيك أخي و شيخنا أبى معاوية البيروتي وزادك الله علما وحرصا وعملا ودعوة وصبرا
مشكور .

[أبو معاوية البيروتي]

بفضل الله صدر عن دار البشائر الإسلامية / بيروت :
---------------------------------

# كناشة البيروتي ( المجموعة الثانية )
تأليف : مازن بن عبد الرحمن البحصلي

[أبو معاوية البيروتي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير المسيلي

بارك الله فيك أخي و شيخنا أبى معاوية البيروتي وزادك الله علما وحرصا وعملا ودعوة وصبرا
مشكور .

آمين،
وفيكم بارك أخي سمير

[أبو معاوية البيروتي]

بيروت مقبرة العلوم ( تابع )

ألّف الأديب عمر بن عبد الرحمن الفاخوري البيروتي (1314 - 1365 هـ / 1896 - 1946 م) وهو في الثامنة عشر من العمر كتابه ((كيف ينهض العرب))، وطبعته المكتبة الأهلية في بيروت في شهر تشرين الأول سنة 1913 م، فنقل الواشون لوالي بيروت العثماني بأن الكتاب المذكور فيه استهانة بالرابطة العثمانية ودعوة لإحلال الرابطة العربية مكانها، فقامت قيامة الوالي وطلب اتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة المؤلف ومعاقبته ومصادرة الكتاب، وانتشر الخبر بسرعة، فهرع قريبُ المؤلف محمد فاخوري – وكان عضواً في مجلس الإدارة وصديقاً للوالي – إلى تهدئة الوالي متعهّداً له بإتلاف كافة نسخ الكتاب، وأحضر عمر فاخوري إلى الوالي ليتثبّت من صغر سنّه وحسن نيته، وتوجه محمد فاخوري إلى منزل والد عمر وقام مع بعض أفراد عائلته بنقل نسخ الكتاب على عربة لإغراقها في البئر، فتمكّن عمر فاخوري خفيةً أن ينقذ بعض النسخ ويخفيها في دكان والده بسوق العطارين بين علب التوابل والبهارات.

بقي الصندوق مخبئاً لا يعلم به أحد حتى بداية الحرب العالمية الأولى حيث اكتُشِفَ صدفة، قال عمر فاخوري في ((مذكراته)) : قال والدي: قلت لابني وجيه: اذهب وانظر إذا كان في المخزن صندوق؟ بعد قليل أخي يقول: (( ها صندوق ))، وكان فرحاً، وإذا به صندوق يحوي نسخ كتاب ((كيف ينهض العرب))! ثم قال أخي: لتمنّيت والله أن يكون بدلاً من كل نسخة أوقية قرفى مقدار متليك (عملة عثمانية صغيرة) خيرٌ وأبقى!! اهـ.
(فانظروا كيف تمنى وجود سلع للبيع بدلاً من كتب!)

[أبو معاوية البيروتي]

قاضي يبيع السماوات والكرة الأرضية معها !!

ترجم المحبي في (( خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر )) لأحمد بن روح الله بن سيدي ناصر الدين بن غياث الدين بن سراج الدين الأنصاري الجابري الرومي ( ت 1008 هـ )، وقال: قاضي القضاة ( كره أهل العلم هذا اللقب! انظر ((الكناشة)) (47) ) بالشام ومصر وأدرنة وقسطنطينية وولي قضاء العسكرين، اشتغل ودأب وأخذ العلوم عن جماعة كثيرة من أجلهم المولي محمد شاه وكان معيداً له ولازم منه، وبرع وتفوق، وكان علامة في المعقولات متبحراً في فنونها، وألَّف مؤلفات تدل على فضله ...
وكان القاضي أحمد الأنصاري الرومي موصوفاً بالتهاون فيما يتعلق بأمور القضاء، حتى أنه كان لا يتأمل الحجّة التي تُعْرَض عليه للإمضاء، بل كان يمضيها تقليداً للكاتب ثقةً به وتغافلاً عن التثبت لا سيّما في أمور الشرع،
وصدر من ذلك أن بعض أعدائه أدخل عليه حجة فيها بيع السموات، وتحديدها بكرة الأرض، فعَلَّم عليها!!
واشتهر أمرها بين موالي الروم وما بالى بذلك.
============
* أشار إليها المؤرخ عبد اللطيف الفاخوري في كتابه ((تاريخ القضاء الشرعي في بيروت))، ونقلتُها بنصِّها من ((خلاصة الأثر)).

[أبو معاوية البيروتي]

تصويبات أرسلها إليَّ أخي أبو صاعد المصري حفظه الله

الحمد لله رب العالمين،
هذه تصويبات لبعض المواطن في المجموعة الأولى من ((كناشة البيروتي)) أرسلها إليَّ أخي أبو صاعد المصري، جزاه الله خيراً:

ص 141 / فقرة 218
لم يسمعه الشيخ = لم يسمّه الشيخ

ص 205 / فقرة 284
أبو طاهر المقدسي = ابن طاهر المقدسي

ص 279 / فقرة 399
عبد الرحمن بن بطة الحافظ = عبد الرحمن بن منده الحافظ

ص 291 / فقرة 416 و ص 318 / فقرة 458
رواه ابن الجعد في ((مسنده)) = رواه البغوي في ((الجعديات))

ص 315 / فقرة 454
رواها ابن أبي خيثمة في كتاب العلم = رواها أبو خيثمة في كتاب العلم

ص 382 / فقرة 559
أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ( 206 – 314 هـ ) = ( 206 – 305 هـ )

ص 510 / فقرة 737
وابن يونس المصري هو أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد =
الصواب أنّ المعنيّ في الفقرة هو ابنه علي أبو الحسن المتوفى 399 هـ .

انتهى.

[أبو معاوية البيروتي]

قيمة شهادة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله

تم تعيين الشيخ أحمد بن محمد الأمين المحضري الجكني الإبراهيمي ( 1344 - 1434 هـ ) مدرِّساً في معهد الحرم المكي في رمضان 1389 هـ.

قال الشيخ عبدالله بن حميد ( ت 1402 هـ ) حين سأله الشيخ أحمد الجكني عن وجود وظيفة في معهد الحرم: (( هل عندك شهادة نظامية؟ ))

فأجابه الشيخ أحمد: (( أنا تعليمي تقليدي )). وأخبره أنه من طلاب الشيخ محمد الأمين.

فقال ابن حميد: (( لا نريد غير هذه الشهادة! ))

وقال الشيخ عبد العزيز السبيل ( ت 1402 هـ) : (( لقد جاءنا بشهادة لا تساويها أي شهادة دكتوراة )) أو (( هي أفضل من أي شهادة دكتوراة )).

* نقلتها من ((اتحاف ذوي البصائر بتراجم العلماء الأفارقة الأكابر)) ( ص 74 – 75 / ط. مؤسسة الضحى – بيروت ).

فائدة أخرى:

قال الشيخ أحمد الجكني: لولا فضل الله عليَّ بتعييني مدرساً في معهد الحرم لتبخرت كثير من معلوماتي؛ لأنه لا شيء أضر على طالب العلم من العمل الوظيفي!
==============
الكناشة البيروتية ( المجموعة الثالثة )

[أبو معاوية البيروتي]

الشاعر أبو حيّة النُّميري كان من أجبن العرب، وهاكم خبره المشهور مع كلب!

كان أبو حيَّة الهيثم بن الرَّبيع النُّميريّ شاعراً، وكان أجبنَ العرب وأكذبهم، فمن جُبنه خبره مع الكلب الَّذي دخل بيته وهو خبر معروف.
قال جارٌ له: كان له سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق، وكان يسميه لعاب المنيّة!! قال: فأشرفتُ عليه ليلة، وقد انتضاه، وهو واقفٌ على باب بيتٍ في داره، وهو يقول إيهاً أيها المغترّ بنا، والمجترئ علينا، بئس " والله " ما اخترت لنفسك، خيرٌ قليلٌ، وسيفٌ صقيلٌ، لعاب المنية الذي سمعت به، مشهورةٌ ضربته، لا تخاف نبوته، اخرج بالعفو عنك، لا أدخل بالعقوبة عليك، إني " ولله " إنْ أدع قيساً تملإ الفضاء خيلاً ورجلاً، يا سبحان الله، ما أكثرها وأطيبها! ثم فتح الباب، فإذا كلبٌ قد خرج عليه، فقال:
الحمد لله الذي مسخك كلباً، وكفاني منك حرباً!!

* ذكر القصة ابن قتيبة الدينوري ( ت 276 هـ ) في ((الشعر والشعراء)).

[بوعدنان عبدالرحمن العقيلي]