أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
49280 64045

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر القرآن وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-15-2013, 08:26 PM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
Exclamation (( التعقبات الجياد على تفسير السعدي لبعض الآيات )) !!

(( التعقبات الجياد على تفسير السعدي لبعض الآيات ))



الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ وبعد

فهذه بعض التعقبات التي قيدتها عند قراءتي لتفسير العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى قبل سنوات ؛ وقد طلب مني أخونا الشيخ الفاضل علي الحلبي أن أنشرها لتعم الفائدة لجميع القراء ؛ لأن الكتاب متداول بصورة كبيرة في أوساط الناس على مختلف مستوياتهم العلمية .



فأقول وبالله أستعين :





1- ذكر رحمه الله عند تفسير قوله تعالى : ( حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ، قالوا الحق وهو العلي الكبير ) ص679 – أولي النهى للإنتاج الإعلامي - : ( يحتمل أن الضمير في هذا الموضع يعود إلى المشركين ؛ لأنهم مذكورون في اللفظ ، والقاعدة في الضمائر : أن تعود إلى أقرب مذكور ، ويكون المعنى : إذا كان

يوم القيامة ، وفزع عن قلوب المشركين ، أي : زال الفزع ، وسئلوا

حين رجعت إليهم عقولهم ، عن حالهم في الدنيا ، وتكذيبهم للحق الذي

جاءت به الرسل ، أنهم يقرون أن ما هم عليه من الكفر والشرك باطل ، وأن ما قال الله وأخبرت به الرسل هو الحق فبدا لهم ما كانوا يخفون من

قبل وعلموا أن الحق لله ، واعترفوا بذنوبهم ) .





ثم قال بعذلك بقليل : ( وهذا المعنى أظهر ، وهو الذي يدل عليه السياق ، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الملائكة ، وذلك أن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمعته الملائكة ، فصعقوا وخروا لله سجداً ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل ..... ) .



قلت : ما استظهره الشيخ رحمه الله تعالى ليس بوارد ؛ بل هو غير صحيح بلا شك ؛ لأنه قد صح تفسير الآية في ( صحيح البخاري ) – الفتح – 7481 ، 4701 ، 4800 ) ، وفي ( سنن أبي داود ) برقم 3989 ،

وفي ( سنن الترمذي ) برقم 3223 ، وفي ( سنن ابن ماجة ) برقم 194 ، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : ( إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ... ) الحديث .

فالقرآن يفسر بعضه بعضاً ، والحديث يشرح ويبين معاني القرآن ؛ ومادام أنه قد صح عنه عليه الصلاة والسلام تفسير الآية على القول الثاني الذي لم يستظهره السعدي ؛ فإننا نقول كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى في

( تفسيره ) 6/ 502 : ( وقد اختار ابن جرير القول الأول : أن الضمير عائد على الملائكة ؛ وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه ؛ لصحة الأحاديث فيه والآثار .... ) ثم ذكرها رحمه الله تعالى .





2- قال رحمه الله تعالى في قوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) : ( وهن - على الصحيح - : السور السبع الطوال : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، مع التوبة ......



وعلى القول بأن ( الفاتحة ) هي السبع المثاني معناه : أنها سبع آيات .... )



قلت : هذا الأخير هو المعتمد لتفسير رسول الله عليه الصلاة والسلام به معنى ( المثاني ) ؛ فقد : أخرج البخاري في ( صحيحه ) برقم 4474 ، 4647 ، 5006 ، والنسائي ( 2/139 ) ، وابن ماجة ( 3785 ) ، وأحمد في ( المسند ) 3/450 ، 4/ 211 ، وغيرهم

من حديث أبي سعيد بن المعلى مرفوعاً : ( الحمد لله رب العالمين : هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته ) .

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( الفتاوى ) 14/5 : ( وهي فاتحة الكتاب ، وهي السبع المثاني ، والقرآن العظيم .... ) .





3- في قوله تعالى : ( وما فعلته عن أمري ) في سورة الكهف ص484 من تفسيره ذهب الشيخ رحمه الله تعالى إلى ما ذهب إليه الصوفية – وحاشاه أن يكون منهم – في كون الخضر عليه السلام ليس بنبي فقال :

( فإنه لا يدل على أنه – الخضر – نبي ؛ وإنما يدل على الإلهام والتحديث ، كما يكون لغيره من الأنبياء .........) !

وكان قبل ذلك قد قال : ( ومنها أن ذلك العبد الذي لقياه ، ليس نبياً ، بل عبداً صالحاً ؛ لأنه وصفه بالعبودية ، وذكر منّة الله عليه بالرحمة والعلم ، ولم يذكر رسالته ولا نبوته ، ولو كان نبياً لذكر ذلك كما

ذكر غيره ) !



قلت : هذا قول مجانب ٌ للصواب ؛ فالذي عليه السلف الصالح من العلماء أن الخضر عليه السلام نبي ، بل قال بعض أكابر العلماء – كما في ( الإصابة ) لابن حجر ( 2/ 288 ) _ :



( أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً ؛ لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم مقام النبوة في برزخ

فويق الرسول ودون الولي ) !



وهذا المشار إليه ( كما قال قائلهم ) : هو ابن عربي الملحد القائل بوحدة الوجود !!



4- ذكر في تفسير الآية ( فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ) في سورة التوبة ص340 حديثاً ضعيفاً جزم بأنه من قوله عليه الصلاة والسلام : ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) !



قلت : هو ضعيف الإسناد ، والتفصيل في ( السنة ) لابن أبي عاصم بتخريج وتحقيق شيخنا الألباني رحمه الله تعالى برقم ( 15 ) .



5 - ذكر في تفسير قوله تعالى : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني )

ص339 : ( في الخروج ؛ فإني إذا خرجت فرأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهن ، كما قال ذلك : الجد بن قيس ، ومقصود – قبحه الله- الرياء والنفاق بأن مقصودي حسن ؛ فإن في خروجي فتنة وتعرضاً للشر .... ) !



قلت : لم يصح سبب نزول الآية في الجد بن قيس ؛ بل هو من الأحاديث الضعيفة ؛ فإن السند مرسل كما هو في ( تفسير ابن كثير ) 4 / 101- 102 ؛ ولهذا جزم بضعفه الألباني في ( فقه السيرة ) ص426-427 .



6- في تفسير قوله تعالى : ( ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب ) ص713 قال رحمه الله : ( والقينا على كرسيه جسداً : أي شيطاناً قضى الله وقدر أن يجلس على كرسي ملكه ، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان ) .

قلت : هذا باطل ! وفيه مساسٌ بعصمة نبي الله سليمان ؛ فقد روي عن ابن عباس بسند قال عنه ابن كثير رحمه الله : ( قوي ) !

والصواب أنه ضعيف ؛ فإن فيه عنعنة الأعمش ، وهو مدلس .



فالسند ضعيف والمتن باطل ؛ ولهذا قال ابن كثير : ( ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس – إن صح عنه – من أهل الكتاب ، وفيهم من لا يعتقدون نبوة سليمان عليه السلام ، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ؛ ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر نساء سليمان ؛ فإن المشهور أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان ، بل عصمهن الله منه ؛ تشريفاً وتكريماً لنبيه صلى الله عليه وسلم .... ثم قال : وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب ، والله أعلم بالصواب ) ! ( تفسير ابن كثير ) 7/60



قلت : التفسير والتأويل فرع التصحيح ؛ فإذ لم يثبت هذا الأثر فقد كفينا تفسيره وتأويله بحمد الله تعالى .





أما من قال بأن هذا الشيطان جلس على كرسيه أربعين يوماً فهو إسماعيل السدي : أخرجه ابن جرير في ( تفسير ) 23/ 158 موقوفاً عليه بإسناد فيه : أسباط بن نصر وهو ممن يخطيء كثيراً كما هو في ( التقريب ) .



ورواية ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه القصة لا تثبت أيضاً ؛ فابن أبي نجيح يدلس ، وقد عنعنه ! ولو لم يكن مدلساً فهناك احتمال الانقطاع بينه وبين مجاهد كما جزم بعدم سماعه منه يحيى بن القطان .

( جامع التحصيل ) ص265 للعلائي .

وعلى أي حالٍ فالمتن باطل ؛ وليس هو من الأمور التي لا نكذب ولا نصدق فيها بني إسرائيل ؛ بل هذا مما نجزم بكذبه وبطلانه ؛ لما فيه من مساس بعصمة الأنبياء .



7- في تفسير قوله تعالى : ( إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة ) من سورة ص في كتاب السعدي رحمه الله ص 711 قال : ( له تسع وتسعون نعجة : أي زوجة .... ) .

ثم قال رحمه الله ص712 : ( وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام ، لم يذكره الله لعدم الحاجة إلى ذكره ، فالتعرض له من باب التكلف ، وإنما الفائدة ما قصه الله علينا من لطفه به وتوبته وإنابته ... )



قلت : لم ينبه رحمه الله على القصة المشهورة في كتب التفسير من أن ذنب داود كان من النظر أو أن خطيئته كانت من النظر !

لكنها قصة موضوعة مكذوبة ؛ فإن الذي روي في ذلك عند ابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير – بإسناد لا يصح ؛ بل جزم ببطلانه شيخنا الألباني في ( الضعيفة ) برقم 313 لما فيه من مساس بعصمة الأنبياء من كون سليمان حاول أن يعرض زوج امرأة الجندي للقتل ليتزوجها من بعده !!

فكان من الواجب التنبيه على بطلان ذلك في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولو بكلمة منه رحمه الله تبين للقاريء فحش وكذب

تلك القصة !





8- في ص75- طبعة مؤسسة الرسالة – عند تفسير

قوله تعالى : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون ) :



ذكر رحمه الله حديث : ( أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل معلق بالعرش ) !





قلت : لم يثبت بهذا اللفظ ؛ بل بلفظ : ( أرواحهم في جوف طير خضر ،



لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ، ثم تأوي إلى





تلك القناديل .... ) : رواه مسلم برقم ( 1887 ) ، والترمذي



برقم ( 3011) ، وابن ماجة برقم ( 2801 ) ، وغيرهم .





9- ذكر في تفسير قوله تعالى : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ... ) من سورة البقرة حديث : ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) !



وهذا حديث ضعيف بالرغم من شهرته وتداوله على ألسنة الناس ؛ بل وعلى ألسنة كثير من أهل العلم !



وهو حديث معلول كما بينه شيخنا في ( إرواء الغليل ) برقم 2040

فراجعه هناك إن شئت .





10 - ذكر في ص 955 من طبعة الرسالة قصة النمروذ البابلي !



وهي قصة لم تصح مرفوعة أو موقوفة ؛ وغاية ما هنالك آثار عن التابعين بعضها صحيح السند ، وبعضها ضعيف : ذكر ذلك

الطبري في ( تفسيره ) 3 / 24 27 .





11 – ذكر في ص 949 من طبعة الرسالة : أن من أسماء الله الحسنى :

( الهادي ، الرشيد ) .



وذكر قبل ذلك ص948 : ( الواسع ) ، ( المغني ) ،

( المعطي ) ، ( المانع ) ، ( الجواد ) .






قلت : لم يصح الحديث الذي روي في ذلك مرفوعاً ، وقد بين ذلك بالتفصيل الألباني رحمه الله في ( المشكاة ) – التحقيق الثاني – 2/ 429- 430 برقم 2228 .





12 - ذكر رحمه الله تعالى في ص158 – طبعة الرسالة – عند تفسير قوله تعالى : ( سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) حديثاً لا أصل له باللفظ الذي أورده وهو :

( إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع ، له زبيبتان ....

الحديث ) !



بل جزم بصحته !!



قلت : هو في ( صحيح البخاري ) برقم 1403 ، 4565، 4659 6957 بلفظ : ( من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع .... ) ، ورواه مسلم ( 990 ) بلفظ : ( والذي نفسي بيده .... ما من رجل تكون له إبل أو بقر .... ) .



13- ذكر في ص 166 - مؤسسة الرسالة - عند تفسير قوله تعالى

: ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .... ) من سورة النساء حديث المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة في ميراث الجدة فقال : ( لكنه قد ثبت في السنن ، عن المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة

أن النبي الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس ) !!



قلت : هو حديث ضعيف ؛ لأن فيه انقطاعاً وإرسالاً على ما بينه شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في ( الإرواء ) برقم 1680 ، فراجعه هناك إن شئت .

ثم إن هذا الحديث من رواية قبيصة بن ذؤيب ، وليس هو من مسند المغيرة بن شعبة ، ومحمد بن مسلمة !



14 - ذكر في ص201 – الرسالة – عند تفسير قوله تعالى

: ( ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك )

فذكر حديث : ( أن أهل بيت سرقوا في المدينة ، فلما اطلع على سرقتهم خافوا الفضيحة ، وأخذوا سرقتهم فرموها ببيت من هو بريء من ذلك ، واستعان السارق بقومه ....) الحديث .



قلت : رواه ابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير 2/364 – بإسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق ، وهو مدلس .

وشيخ ابن أبي حاتم : صدوق تغير .



15 – أورد في تفسير قوله تعالى : ( ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ) ص258 حديثاً فيه : أسباط بن نصر ، وهو كثير الخطأ كما في ( التقريب ) .

وفيه : أبو سعد الأزدي وهو مقبول عند ابن حجر .





16 – أورد كغيره من المفسرين قصة ثعلبة بن حاطب المكذوبة ( ! )

متناً ، والواهية سنداً عند تفسير قوله تعالى : ( فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه .... ) ص345 .

ولبيان ذلك بالتفصيل انظر مقالي التالي – لزاماً – للدفاع عن صحابي بدري رضي الله عنه :



(( ثعلبة بن حاطب والحديث المفترى ))



قد لا يعلم كثير من الناس براءة الصحابي البدري ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه من الحديث المكذوب الذي أورده - بل تتابع على إيراده - طائفة من أهل العلم - غفر الله لنا ولهم - في سبب نزول قوله تعالى : ( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ؛ فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون ، فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ) سورة التوبة الآيات 75 – 77 0



فقد أورد الحديث ابن كثير رحمه الله في ( التفسير ) 4 / 124 - 125 وساقه من رواية الطبري في ( تفسيره ) 10 / 189 - 190 ، وابن أبي حاتم كلاهما من طريق :

علي بن زيد ، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه ، عن ثعلبة بن حاطب - رضي الله عنه - : ( أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ادع الله أن يرزقني مالاً كثيراً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ويحك يا ثعلبة ! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه 000 ) الحديث بطوله ؛ وفيه أنه عليه الصلاة والسلام دعا له ، فرزق غنماً كثيرة نمت كما ينمو الدود 0000 وأنه لما نزلت فرائض الصدقة أبى ثعلبة أن يعطيها وقال : ما هذه إلا أخت الجزية ( ! )

ثم إن ثعلبة تاب وأراد أن يتصدق ؛ فلم يقبلها منه رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولم يقبلها من بعده أبو بكر رضي الله عنه ، ولم يقبلها عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حتى هلك ثعلبة في خلافة عثمان !

وهذه القصة نبه على بطلانها ابن حزم في ( المحلى ) 3 / 199 - 200 من جهة متنها ؛ فقال - وما أحسن ما قال ! –



: ( ثعلبة بدري معروف 000 إلى أن قال : فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ً ؛ ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولابد ولا فسحة في ذلك ، وإن كان كافراً ؛ فلا يقر في جزيرة العرب ؛ فسقط هذا الأثر بلا شك ) 0

وأما من جهة السند ؛ فهي ضعيفة جداً - إن لم تكن موضوعة - فمدار القصة على :

علي بن يزيد الألهاني ، وهو منكر الحديث جداً ، كما قال ابن حبان في ( المجروحين ) 2 / 110 ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث 0 ( تهذيب التهذيب ) 3 / 199 - 200 0

وقد كفانا أخونا الشيخ سليم الهلالي الرد في جزء ألفه في القصة ، كما ألف فيها عداب محمود الحمش كتابه ( ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه ) ، وذكرها صاحب ( قصص لا تثبت ).



وقد ذكر عداب الحمش أن النقل عن ابن عباس في سبب نزول الآية ، وكذا عن الحسن البصري كلاهما باطل عنهما ( ص64 – 67 ، 76 ) 0

والخلاصة هي أن القصة لا ريب في وضعها متناً ؛ وشدة ضعفها سنداً ، وقد كتبت في ذلك - بحمد الله تعالى - في زاويتي ( لا تكذب عليه متعمداً ) في جريدة ( المدينة ) ، ثم أثبتها في كتابي بنفس العنوان 0

وقد دفعني إلى هذا البيان والتوضيح المهمين ما يلي : -



أولاً : الدفاع عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام 0

ثانياً : تنبيه المسلمين الغافلين - ومنهم الأخ عداب في كتابه الآنف ذكره !! - إلى أنه لا يجوز إطلاق لفظ :



( الشهيد ) على سيد قطب الغارق في الضلال إلى أذنيه بتكفيره الأمة من قرون مضت !

وبتطاوله على مقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كنبي الله وكليمه موسى عليه السلام بكلام غير لائق في حق المسلم ؛ فكيف بنبي الله موسى !! هذا مع استخفافه بل استهزائه بعثمان الذي تستحي منه الملائكة ! ورميه معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم جميعاً - بالنفاق والغش وشراء الذمم !! نسأل الله العافية من هذا الضلال المبين 0

هذا مع ما له من زلات خطيرة جداً في العقيدة ؛ نبه عليها العلماء الأجلاء ، وعلى رأسهم شيخنا ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في عدة كتب مهمة 0

ثالثاً : تأكيد الحقيقة العلمية القائلة : ( كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر ) صلى الله عليه وآله وسلم ؛ والتي قالها الإمام مالك رحمه الله تعالى ؛ فقد تتابع بعض العلماء على الاستشهاد بقصة ثعلبة ؛ ومنهم : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ؛ فقد ذكر القصة مستدلاً بها في كتابه القيم ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) - بتعليق الفقي - ص348 فقال : ( كما أن ثعلبة لما سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو له بكثرة المال ، ونهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة بعد مرة ؛ فلم ينته ، حتى دعا له ، وكان ذلك سبب شقائه في الدنيا والآخرة ) !!

وهذا لا يقلل بحال من الأحوال من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ؛ فهو البحر لا تكدره الدلاء 0

(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربك إنك رءوف رحيم ) 0



تنبيه : علق عبد الرحمن اللوحيق على قصة ثعلبة ؛ لكنه أشعر القراء أنها ضعيفة - فقط - سنداً ومتناً !!

والصواب أنها موضوعة متناً ضعيفة جداً سنداً .





17 – ذكر رحمه الله في ص351 عند تفسير قوله تعالى

: ( والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين ....).

أنها نزلت في أبي عامر الراهب فذكر القصة مطولة في شأن كفره وتنصره وذهابه إلى قيصر و ....



وهذه القصة بهذا التفصيل لم تثبت سنداً ؛ بل أسانيدها ضعيفة أو مقطوعة كما هو عند الطبري في ( التفسير ) 11/ 24-26



لكن صح عن عائشة رضي الله عنها مختصراً بلفظ : ( أبو عامر الراهب انطلق إلى الشام ، فقال الذين بنوا مسجد الضرار : إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر ) . رواه الطبري بإسناد صحيح

( 11/25 ) .



18 - ذكر في ص 829 عند تفسير قوله تعالى : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) من سورة الرحمن فقال : ( وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة ، فما مر بقوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) إلا قالوا : ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب ، فلك الحمد ) .



قلت : هذا الحديث روي من طريقين ذكرهما الحافظ ابن كثير في ( تفسيره ) 7/ 463 فهو حسن بمجموعهما ؛ وكأنه لذلك حسنه شيخنا في ( صحيح الترمذي ) برقم3291 .



هذا ما تيسر لي تعقبه على هذا التفسير القيم للعلامة السعدي رحمه الله تعالى ؛ وأسأل الله تعالى أن يتقبل عملي هذا ويجعله خالصاً لوجهه ، ولا يجعل لأحد فيه نصيباً ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .



وكتب / علي رضا بن عبد الله بن علي رضا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-24-2013, 07:30 PM
ابو عبد الله المالكي ابو عبد الله المالكي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 733
افتراضي

أخي الفاضل نجم الدّين.
التعقيب الثّالث
قال العلاّمة الأمين الشنقيطي-رحمه الله- في الأضواء :"...والعلماء مختلفون في الخضر : هل هو نبي ، أو رسول ، أو ولي ، كما قال الراجز :

واختلفت في خضر أهل العقول قيل نبي أو ولي أو رسول
وقيل ملك ، ولكنه يفهم من بعض الآيات أن هذه الرحمة المذكورة هنا رحمة نبوة ، وأن هذا العلم اللدني علم وحي ، مع العلم بأن في الاستدلال بها على ذلك مناقشات معروفة عند العلماء..."إنتهى كلام العلاّمة المفسّر الأمين -رحمه الله-
فكيف يُتعقَّب على الشيخ العلاّمة السعدي في مسألة (إجتهادية) ؟ و كيف يُنسب القول الذي اختاره العلاّمة السّعدي إلى (الصوفية)؟


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-24-2013, 07:34 PM
ابو عبد الله المالكي ابو عبد الله المالكي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 733
افتراضي

إلاّ أن يكون الخلاف فيه ضعيفا!
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-25-2013, 01:58 AM
طاهر نجم الدين المحسي طاهر نجم الدين المحسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: السعودية- مكة المكرمة
المشاركات: 3,029
افتراضي

بارك الله فيك أخانا الفاضل ...
أنقل لك فتوى الإمام الألباني رحمه الله في الخضر عليه السلام :
[214] باب فتوى الشيخ في النُصُب المزعوم للخضر
الذي كان موجوداً في جزيرة فيلكا وعلى دعوى المبتدعة
وعَبدَةِ القبور في حياة الخضر
[قال الإمام]:
إن الحمد الله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات العمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد، أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد فقد رغب مني بعض الأساتذة الفضلاء، أن أكتب كلمة موجزة حول الخضر عليه الصلاة والسلام، والأثر المنسوب إليه في جزيرة (فيلكا) في (الكويت)، بمناسبة طبع الكتاب الذي ألفه في ذلك الأخ الفاضل أحمد بن عبد العزيز الحصين، وفتاوى السادة العلماء التي ألحقها به، نفع الله بها المسلمين آمين. وبناء عليه فقد رأيت أن أدير الكلام في ذلك حول مسألتين اثنتين:
الأولى: التبرك بأثره المزعوم في الكويت وغيرها من البلاد الإسلامية، وقصد التقرب إلى الله تعالى بزيارته والتعبد بالصلاة والدعاء لديه.
والأخرى: النظر في قول من رجح أن الخضر عليه الصلاة والسلام ليس نبياً.
والله تعالى أسأل أن يلهمني التوفيق في القول والعمل فأقول:
1 - اعلم أيها القارئ الكريم أنه إذا كان الراجح بل الصحيح من أقوال العلماء أن الخضر عليه الصلاة والسلام قد مات في جملة من خلا من الرسل والأنبياء {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} فليس من الممكن عادة، أو فمن البعيد جداً، أن يظل مقام من مقاماته عليه السلام معروفًا حتى اليوم، وقد مضى عليه آلاف السنين، ولذلك صرح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من المحققين أنه لا يعرف قبر نبي من الأنبياء على التعيين واليقين، إلا قبر نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، هذا مع حرص أتباعهم من اليهود والنصارى على اتخاذ قبورهم مساجد كما أشارت الآية الكريمة إلى شيء من ذلك: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}، وكما أخبرنا بذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في أحاديث كثيرة متواترة وأنهم لعنوا بسبب ذلك (1)، فإذا كان الأمر كذلك في قبورهم التي كانت ظاهرة على الأرض بل مرفوعة البنيان، ومع ذلك لم يبق لها أثر تعرف به، فأولى ثم أولى أن يضيع مقام من مقاماته التي قام فيه الخضر وصلى، والذي ليس عليه دليل مادي متوارث خلفاً عن سلف مثلا, ولئن فرض أنه ظل مقامه معروفاً، فذلك مما يمكن التسليم به إلى ما قبل الإسلام وظهوره، وأما بعد ذلك، وتمكين الله تبارك وتعالى له في الأرض، وقضاؤه على كل آثار الشرك والوثنية، مما هو في قدرته، وتحت سلطانه، فلو كان مقام الخضر المزعوم في الجزيرة (فيلكا) أو غيره موجوداً أو مقصوداً للتبرك به كما هو الواقع اليوم لقضى عليه المسلمون الأولون وقطعوا دابره، منعاً لافتتان الناس به والتعبد لديه.
ألا ترى أن شجرة الرضوان التي بويع تحتها النبي عليه الصلاة والسلام، من أصحابه الكرام، قد عميت على الصحابة أنفسهم ثم على الذين جاؤوا من بعدهم، حتى صار مكانها نسيا منسياً، كما جاء في صحيح البخاري، وغيره مما هو مفصل في موضع آخر (2)، وما ذلك إلا سداً للذريعة، وقطعاً لدابر الفتنة، ولا سيما بالنسبة للذين يأتون من بعدهم، ممن لا معرفة لديهم بالكتاب والسنة، وأصول الشريعة
وقواعدها المحكمة، وقد قيل إن عمر رضي الله عنه هو الذي قطعها، وفي ذلك نظر ذكرته في غير هذا الزمان (1).
وأيضا فلو ادعى مدع مكابر، أن مقام (فيلكا) أو غيره من المقامات المنسوبة للخضر في غيرها من البلاد الإسلامية كمسجد دمشق، وحلب وغيرها أنه هو مقام الخضر عليه السلام حقيقة وأنه بقي معروفاً حتى اليوم، فليس ذلك بالذي يبرر قصده للصلاة فيه، والتعبد لله عنده، بله طلبه لشيء من البدع والشركيات التي وصف المؤلف حفظه الله بعضها مما يقع لديه، لأن ذلك القصد ليس من سنة المسلمين الأولين، بل هو من سنن اليهود المغضوب عليهم، والنصارى الضالين، وقد ثبت عن عمر بن الخطاب أن ذلك كان من أسباب هلاكهم، فقد رأى في حجة له في خلافته الراشدة أناساً يبتدرون مكاناً يقصدونه للصلاة والعبادة فقال: ما هذا؟ فقالوا:
مسجد صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فهم يقصدون الصلاة فيه، فقال رضي الله عنه: هكذا هلك أهل الكتاب، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من عرضت له منكم فيها الصلاة فليصل، ومن لم يعرض له منكم فيها الصلاة فلا يصل (2).
وهذا من فقه عمر رضي الله عنه وحكمته، وقد يخفى ذلك على كثير من الخاصة فضلا عن غيرهم، وبيانه: أنه إذا كان من المعلوم عند الفقهاء أنه يجب التزام السنة في أفعال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعبادته الظاهرة، وأنه لا يجوز بوجه من الوجوه قصد مخالفته في هذه السنة ن فأولى ثم أولى أن لا يجوز قصد مخالفته في نيته التي نواها فيها، لأنه مخالف للأدلة الكثيرة الموجبة للاقتداء به - صلى الله عليه وآله وسلم - (1).
فإذا كان من المعلوم مثلا أنه كان يصلي صلاة الضحى بنية التطوع، فلا يجوز لأحد أن يخالفه فيها فيصليها بنية الفرض، والعكس بالعكس تماماً، فكذلك ما نحن فيه: إذا صلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في مكانٍ ما، ولم يظهر لنا أنه كان قاصداً له متقرباً إلى الله بقصده إياه وإنما وقع له ذلك اتفاقًا، فلا شك حينئذ أن الذي يقصد ذلك المكان بالصلاة فيه متقرباً إلى الله بقصده إياه- أنه يكون مخالفاً لسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من جهة أنه قصد مالم يقصد، ونوى مالم ينو عليه الصلاة والسلام، ومن كان كذلك، فهو مبتدع مردودة عليه بدعته، لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (2)، ولا ريب أن قصد مخالفة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سواء كانت في أفعاله أو نواياه من أعظم أسباب الفتنة والهلاك، كما هو صريح قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فاحفظ هذا البيان لفقه عمر المذكور يساعدك في كثير من المسائل التي هي من مواطن النزاع، تكن مهتدياً بإذن الله تعالى، فإنه على ذلك جرى السلف الصالح رضي الله عنهم، ولذلك لم يكن لهذه المقامات المزورة عندهم ذكر، بل ولا كانوا يقصدون المقامات التي صلى فيها الرسول نفسه - صلى الله عليه وآله وسلم -، بله مقام غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، على ندرة المقامات الثابتة نسبتها إليهم.
فهذا جبل الطور مثلا، وهو الجبل الذي قام عليه نبي الله موسى لمنا جاة ربه عليه [وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا] ومع ذلك فلا يجوز قصده للصلاة فيه والدعاء عنده، وغير ذلك من العبادات، ولذلك لم يكن السلف يقصدونه، وتوارث الخلف ذلك عن السلف فهو لا يقصد-فيما أعلم-حتى اليوم، بل ثبت النهي عنه من بعض الصحابة رضي الله عنهم حينما توهم أحدهم جواز قصده، فقد قال قزعة بن يحيى البصري:
«سألت ابن عمر رضي الله عنه: آتي الطور؟ فقال: دع الطور ولا تأته [أما علمت أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -] قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» (1)؟
وهذا الحديث الذي استدل ابن عمر رضي الله عنه، هو حديث مرفوع، قد صح عن جمع من الصحابة مرفوعاً (2) ومنهم أبو بصرة الفباري (3)، وفي بعض الطرق الصحيحة عنه أنه أنكر أيضاً إتيان الطور (4).
فإذا كان هذا شأن هذا المقام الحق ومقامات الرسول التي كان صلى فيها كما سبق، وهي لا يفعل فيها إلا الصلاة ونحوها من العبادات فماذا يقال عن مقام جزيرة «فيلكا» وغيره من المقامات المزورة المضللة، وهي بؤرة للفساد، والشركيات والوثنيات؟ لا شك أنها بالنهي عنها أولى، وباستئصال شأفتها أحرى ولكن يجب أن يتولى ذلك في هذا الزمان ولاة الأمور والحكام الذين يحكمون بما أنزل الله من كانوا وأينما كانوا، فهم المسؤولون عن استمرار هذه البدع والشركيات وبقائها بين ظهراني المسلمين أكثر من العلماء، فإذا لم يُدعم هؤلاء من أولئك ذهبت أصواتهم وجهودهم أدراج الرياح كما هو المشاهد اليوم، وقديماً قيل: «إن الله ليزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن»، وأسوتهم في ذلك-إن فعلوا-رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي هدم مسجد الضرار وحرقه على أهله كما جاء في تفاسير القرآن الكريم ن عند قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} الآية، فقد استدل بها العلماء على النهي عن الصلاة فيمن بني المساجد مباهاة أو لغرض سوى ابتغاء وجه الله عز وجل، فهذه المقامات أولى بالهدم والحرق لأنها لا تقصد إلا لوجه الشيطان نسأل الله السلامة من أوليائه!
2 - لقد أشار المؤلف الفاضل في أول كتابه إلى اختلاف العلماء في نبوة الخضر عليه الصلاة والسلام فقال «والراجح من أقوالهم أنه ليس نبياً».
ولما كان هذا القول مرجوحاً عند العلماء المحققين، فقد رأيت أن أذكر شيئاً من أقوالهم وأدلتهم، تنبيهاً وتذكيراً، فأقول:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في أول رسالته «الزهر النضر»:
«باب ما ورد في كونه نبياً، قال الله تعالى في خبره عن موسى حكاية
عنه: {وما فعلته عن أمري}، وهذه ظاهرة أنه فعله بأمر من الله، والأصل
عدم الوساطة، ويحتمل أن يكون بوساطة نبي آخر لم يذكره، وهو بعيد، ولا سبيل إلى القول بأنه إلهام، لأن ذلك لا يكون من غير نبي وحياً حتى يعمل به ما
عمل؛ من قتل النفس، وتعريض الأنفس للغرق. فإن قلنا: إنه نبي، فلا إنكار
في ذلك.
وأيضاً، كيف يكون غير النبي أعلم من النبي، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح (1): «أن الله تعالى قال لموسى: بلى عبدنا خضر»؟!.
وأيضا فكيف يكون النبي تابعاً لغير نبي؟! وقال الثعلبي: هو نبي في جميع الأقوال.
وكان بعض أكابر العلماء يقول: أول عقدة تحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً، لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي! كما قال قائلهم (2):
مقام النبوة في برزخ ... فويق الرسول ودون الولي
قلت: وهناك آية أخرى تدل على نبوته عليه الصلاة والسلام، وهي قوله تعالى في: {آتيناه رحمة من عندنا}، فقد ذكر العلامة الآلوسي في تفسيرها ثلاثة أقوال، أشار إلى تضعيفها كلها، ثم قال:
«والجمهور على أنها الوحي والنبوة، وقد أطلقت على ذلك في مواضع من القرآن، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم عن ابن عباس، ... والمنصور ما عليه الجمهور، وشواهده من الآيات والأخبار كثيرة، وبمجموعها يكاد يحصل اليقين» (3).
قلت: ولقد صدق رحمه الله تعالى، فإن المتأمل في قصته مع موسى عليهما الصلاة والسلام يجد أن الخضر كان مظهراً على الغيب وليس ذلك لأحد من الأولياء، بدليل قوله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحداً إلا من ارتضى من رسول}، وذلك ظاهر في مواطن عدة من القصة، أذكر ما تيسر منها:
1 - قوله لموسى عندما طلب منه الصحبة {إنك لن تستطيع معي صبرا} فهذا الجزم منه عليه السلام لدليل واضح على أنه كان على علم بذلك، ولم يكن من باب الظن والتخرص منه، حاشاه، ويؤيده زيادة جاءت في بعض طرق الحديث عقب هذه الآية بلفظ:
«وكان رجلاً يعلم علم الغيب، قد علم ذلك» (1).
2 - ومثله قوله في تأويله قتل الغلام:
«وأما الغلام فطبع يوم طبع كافراً، وكان أبواه قد عطفا عليه، فلو أنه أدرك، أرهقهما طغياناً وكفراً, فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً».
زاد في رواية: «ووقع أبوه على أمه فعلقت فولدت منه خيراً منه زكاة وأقرب رحماً» (2).
وإخباره عليه السلام أن الغلام طبع كافراً، وأن أباه وقع على أمه فحملت وولدت خيراً منه، لهو من الأمور الغيبية المحضة التي لا مجال للاطلاع عليها
إلا من طريق النبوة والوحي، فذلك من أقوى الأدلة على أنه كان نبياً، إن لم
يكن رسولا.
3 - ومن ذلك قول - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لما لقي موسى الخضر عليهما السلام، جاء طير، فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى: تدري ما يقول هذا الطير؟ قال: وما يقول؟ قال: يقول:
ما علمك وعلم موسى في علم الله إلا كما أخذا منقاري من الماء» (1).
فهذا صريح في أن الخضر، قد علم منطق الطير، وهو من الغيب الذي لا يعلمه البشر، فهو في هذا على نحو النبي سليمان عليه الصلاة والسلام الذي حكى الله عنه في القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} (النمل: 16).
وخلاصة القول في هذه المسألة أن الأدلة المتقدمة إذا تأملها المسلم ووعاها بقلبه، تيقن أن الصواب القول بنبوة الخضر كما ذهب إليه جمهور العلماء ولذلك فعل ما فعل من العجائب التي لم يصبر لها موسى عليه الصلاة والسلام، وهو كليم الله تعالى، وبه نستطيع أن نحل تلك العقدة من الزندقة التي أشار إليها الحافظ ابن حجر فيما سبق، ونحوها مما يعتقده كثير من الصوفية من الاعتقاد بالظاهر والباطن، والحقيقة والشريعة التي أفسد عقيدة كثير من الخاصة فضلاً عن العامة، فاعتقدوا الصلاح بل الولاية في كثير من الفساق الذين لا يصلون ولا يشهدون جماعات المسلمين ولا أعيادهم بدعوى الظاهر، وأنهم في الباطن من كبار أولياء الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، وما قصة شيخ الإسلام ابن تيمية مع البطائحية الذين كانوا يتظاهرون في دمشق بالولاية والكرامة في زمانه حتى نصره الله عليهم، وقضى على باطنهم وباطلهم عن القارئ يعيد.
{إِنَّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} (ق: 37).
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
دمشق 9 ربيع الأول سنة 1394
محمد ناصر الدين الألباني
"حياة الألباني" (1/ 420 - 429).
_________
(1) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي والسيوطي وهو مخرج في «الصحيحة» (2467) [منه].
_________
(1) الدر المنثور (4/ 231). [منه].
(2) أخرجه مسلم، والزيادة لعبد الله بن أحمد (5/ 118 - 119). [منه].
_________
(1) (*) أخرجه الشيخان، وهو في كتابي «مختصر صحيح البخاري» برقم (57)، وفي لفظ لهما «هو أعلم منك»، وهو في «المختصر» برقم (112) يسر الله إتمام طبعه، بمنه وكرمه وقد تم طبع المجلد الأول منه يسر الله تعالى طبع الأجزاء التالية. [منه]
(2) قلت: هو ابن عربي صاحب «الفصوص» و «الفتوحات المكية» [منه]
(3) روح المعاني (5/ 92 - 93). [منه]
_________
(1) أنظر «تحذير الساجد» (ص 338 - 339)، و «أحكام الجنائز» (ص 226). [منه]
(2) قد خرجت أحاديثهم في «أحكام الجنائز» (224 - 226)، و «إرواء الغليل» (452)، «والروض النضير» (713). [منه]
(3) كذا وهو خطأ مطبعي صوابه: الغفاري. [أبوحفص]
(4) وهو مخرج في «تحذير الساجد» (ص 139 - 140) وغيره. [منه]
_________
(1) انظر مقدمة رسالتي «الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام». [منه].
(2) أخرجه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في كتابي «تخريج الحلال والحرام» رقم 5. [منه].
_________
(1) انظر كتابي: «تحذير الساجد» (ص137 - 139) [منه].
(2) انظر: المصدر السابق (136) [منه].
_________
(1) راجع كتابي «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد». [منه]
(2) انظر كتابي: «تحذير الساجد» (ص137 - 139) [منه].
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 05-11-2013, 12:12 AM
محمد مداح الجزائري محمد مداح الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,028
افتراضي

بارك الله فيكم.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:36 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.